by DOAA ABO NAB
Copyright © 2020
كان يامكان شاب وسيم جداً يُدعى “حسن” وفي رحلتهِ الطويلة من بلدته لبلدةٍ بعيدة، إذ به يعثرُ على امرأةٍ عجوزٍ تبكي بكاءً شديداً كان قد عثر عليها في طريقه، وعلى الفور ذهب إليها الشاب حسن وسألها عن سبب بُكائها.
فأجابته المرأة العجوز بأنّها تحتاجُ يد العون والمساعدة ولم تجد من يُساعدها، فقال لها حسن : “وما الذي يُمكنني أن أُقدّمهُ لكي يا سيدتي ؟” فقالت له : “هل ترى تلك الشجرة الكبيرة هناك؟” فقال حسن لها : “نعم أراها !”.
فقالت له تلك العجوز: “هذه هي الشجرة التي ستُغيّر حياتك ، كُلُّ ما عليك فعله هو أن تتسلّقها وستجدُ في والقلوة فجوة أمامك داخل تلك المساحة ، وداخل تلك الشقة ، وداخل تلك الشقة” إليها باستغرابٍ وهو يقولُ لها: “ثُمّ ماذا
فأكملت العجوز كلامها قائلةً : “في تلك الغرف الثلاث، ستجدُ صندوقاً في كُلّ واحدة، عليه كلبٌ بلونٍ مُختلف، الكلب الاول أبيض والثاني أسود اللون والأخير أزرق، ولا تُعِر تلك الكلاب اي اهتمام لأنّهم حُرّاس الصناديق، وكل ما عليك فعلهُ هو حمل الكلب من على الصندوق وانزاله بلطف وأخذ ما تريده ثم إرجاعه بنفس الطريقة”.
وهنا سأل حسن المرأة العجوز عمّا بداخل تلك الصناديق، فأجابته العجوز : “في تلك الصناديق خيراتٌ كثيرة أيُّها الشاب، فالأول يحوي الذهب الخالص، والثاني به الفضة البرّاقة، وأما الصندوق الثالث فهو مليء بالمال، ولك أيُّها الشاب حُرية الإختيار من بين تلك الخيرات ما تريد”.
فأخبرها حسن قائلاً : “وانتي ! ألا تريدن شيئاً من هناك ؟” فقالت له : “نعم، إنّ كُلّ ما أريده هو صندوق زجاجي شفاف صغير في مثل حجم قبضة اليد، ستجدهُ بجوار أحد تلك الصناديق، وأمّا الذهب المال فلا أريدُ منه شيء
وانطلق حسن يتسلّق تلك الشجرة بمهارة حتّى تمكّن من الوصول لقمّتها حيثُ عثر على السلم والفجوة التي أخبرته بها العجوز، ونزل مع السلم حتّى وصل إلى ذلك القصر كما أخبرته المرأةُ العجوز تماماً، وقام بكُلّ ما أخبرته به وأخذ ما استطاع حملهُ من الذهب والمال، كما أنّه وجد ذلك الصندوق الزجاجي وحملهُ معه.
وما أن صعد السُلّم ووصل إلى قمّة الشجرة، حتّى أخبرته المرأة العجوز – والتي كانت تنظره بفارغ الصبر – أن يُلقي بالصندوق إليها، فخاف حسن على الصندوق من أن يُكسر لأنّه مصنوع من الزجاج الشفاف الضعيف، وطلب منها أن تنتظرهُ لحين ينزل من على الشجرة.
وحينما سمعت المرأة حسن وهو يخبرها بأن تنظر لحين ينزل، حتّى ثار غضبها وانطلقت في سبّه ولعنه، وقامت بقذفه بالحجارة، حتّى أقسم حسن بأنّه لن يُعطيه إليها وظلّ في أعلى الشجرة حتّى أصاب اليأسُ المرأة ورحلت بعدها، وبعدها انطلق حسن ناحية المدينة بماله الكثير..
وهناك اشترى الشاب قصر كبير وحديقة عملاقة، وصار من اغنى رجال المدينة وأصبح ذا نفوذ، واكتسب العديد من الأصدقاء والذين كانوا يأتون إليه كُلّ ليلة ويشربون ويأكلون سويّاً ويبيتون عنده في بعض الليالي، واستمر الأمرُ هكذا حتّى أفلس صديقنا حسن وذهب كُلّ ماله، وانقطع عن الأصدقاء كما تعلمون، وأصابته الوحدة والإكتئاب
وذات ليلةٍ ووسط هذا الإكتئاب، نظر صديقنا حسن إلى الصندوق الزجاجي الشفاف، وقال في نفسه : “فلأفتح ذلك الصندوق، ولكن لماذا قد افعل ذلك وما هو إلّا مجرد صندوق شفاف لا يحتوي على شيء” ومن شدّة غضبة قام برمي الصندوق أرضاً..
ويتفاجئ حسن من خروج الكلب الابيض أمامه وهو يقول له : “تحت أمرك ياسيدي ! ماذا تريد مني ؟”
انبهر حسن من هول ما رأى وأدرك على الفور سبب رغبة المرأة العجوز في ذلك الصندوق بالذات، فأمر حسن الكلب الأبيض بأن يُحضر صندوق الذهب الذي كان يجلس عليه في الشجرة، وقد كان..فلم تمض سوى ثوانٍ حتّى أصبح الصندوق أمامه، وعادت ثروة حسن كما كانت وأكثر بكثير من السابق.
وما أن زادت ثروة حسن كثيراً حتّى اشترى قصراً كان بجوار قصر الخليفة آنذاك، كما أنّ للخليفة بنتاً جميلة أحبّها حسن وهي أيضاً بادلته الحب، وكان كُلّ ليلةٍ يُرسل أحد الكلاب إلى غرفتها ليقوم بإحضارها ليسهرا سويّاً حتّى بزوغ الفجر، وثم يُعيدها الكلب بنفس الطريقة التي أتت بها.
ولكن أحست زوجة الأب بالأمر، وأخبرت زوجها الخليفة على الفور، إلّا أنّه لم يُصدّق كلامها وقال : “ما الذي تقولينه أيتها المجنونة، يستحيل أن تُقدم ابنتي على فعل شيءٍ يُغضبُني منها” فقالت له زوجته : “سأُثبتُ لك صحّة كلامي ياسيدي” وعلى الفور أرسلت الزوجة إحدى خادماتها لتقوم بربط كيس مثقوب به بعض الحبوب بخمار الأميرة الصغيرة حتّى يتعقّبا مسارها.
وما حدث في تلك الليلة هو أن جاء الكلب كالعادة ليأخذ الأميرة الصغيرة لقصر الشاطر حسن، فركبت الأميرة على ظهره والحَب يتناثر طوال الطريق، وفي صباح تلك الليلة أمرت زوجة الأمير بالشرطة على الفور بتعقّب الحب حتّى وجدوه ينتهي عند قصر حسن..
وعلى الفور ألقت الشرطة القبض عليه وذهبوا به للحاكم، فقالت زوجة الأب : “يتوجّبُ عليك يامولاي أن تقتلهما معاً ليصيرا عبرةً للجميع”..فنظر الحاكم إليها بغضب وهو يقول : “سوف يتم محاكمتهم أولاً، ثم بعد ذلك نقتله أمام الناس”.
والآن أصبح الشاطر حسن وحده في السجن وأخذ بالتفكير ليجد حلّاً قبل أن تُقطع عُنُقه، وعلى الفور قام بنداء حارس الزنزانة وأخبره بأنّه يُريد أن يُعطيه خاتمه الباهظ بشرط أن يذهب إلى قصره ليُحضر الصندوق الزجاجي، ووصف حسن للحارس الطريق تماماً، وبالفعل لم تمض ساعات حتّى عاد الحارس ومعه الصندوق، وأخذ الخاتم الذي وُعد به وسعد كثيراً، وعادت الفرحة للشاطر حسن مرةً أُخرى.
وبعد أن حصل حسن على الصندوق، أصبح يخرج من الزنزانة لقصره ليلاً ويعود إليها مرةً أُخرى مع أول شعاع شمس وذلك بواسطة كلابه السحرية..وأخيراً جائت اللحظة المنشودة واجتمع الكثيرُ من الناس في ساحةٍ كبيرة أمام قصر الخليفة من أجل تنفيذ الحكم على الشاطر حسن، وكان الخليفة يجلس وبجواره زوجته، وبعد انتهت تلك المحاكمة الجائرة، وقبل تنفيذ حكم الإعدام ضرب الشاطر حسن صندوقه بالأرض
فخرج له على الفور الثلاث كلاب دُفعةً واحدة، وتجمعوا بجواره في مشهدٍ أصاب كل الحضور بالذعر والخوف، ثم أمر الشاطر حسن كُلّ كلبٍ بأن يقف في مكانٍ قد حدّده..فالكلب الأبيض يقف بجوار زوجة الخليفة والأسود بجوار الخليفة والأزرق بجوار السيّاف، ثم بنظرةٍ سريعة للخليفة قال حسن : “إن شئت أيها الأمير جعلتها مجزرة حقيقية”.
فارتعب الخليفة وقال : “ما الذي تُريده بالضبط أيُّها الشاب” فردّ الشاطر عليه قائلاً : “رغم أن محاكمتك لي لم تكن عادلة، وإنّما هي لإرضاء زوجتك الشريرة فقط، إلّا إنّي أُريدُ أن أتزوّج الاميرة على سُنّة الله ورسوله، فماذا أنت بقائل؟” فردّ الخليفة قائلاً : “وهل الأميرة مُوافقة”..وعلى الفور أرسلوا إليها ليأخذوا برأيها، فوافقت وتزوّج الشاطر حسن أخيراً الأميرة وعاشا بسعادة وهناء
Published: Oct 21, 2020
Latest Revision: Oct 21, 2020
Ourboox Unique Identifier: OB-920524
Copyright © 2020