بَيْنَما كانَتْ الدَّجاجَةُ قَرْقَرْ تَنْبِشُ وَتُفَتِّشُ وَجَدَتْ حَبات قَمْحٍ أعْجِبَت بِمَنْظَرِها الذَّهَبِيِّ، أَخَذَتْ على عاتِقِها زَرْعَها، حَصْدَها، طَحْنَها وَخَبْزَها، وَهكَذا سَتَحْصُلُ عَلى وَجْبَةٍ لِنَهارٍ كامِلٍ.
2
وَبَيْنَما كانَت تَشُق طَريقَها إلى الحَقْلِ القَريبِ، صادَفَت بَطوط يَتَأَرْجَحُ وَقَدْ أَخَذَ الكَسَلُ مِنْهُ كُلَّ مَأْخَذ. اقْتَرَحَت عَليهِ أَنْ يُساعِدَها في المَهَمَّة المُلْقاةِ على عاِتِقها. أَبى وَاسْتَمَر يَتَأَرْجَحُ.
4
لًمْ يَثْنِ عَزْمَها تَكاسُل بَطوط وَعَنْ المُضِيِّ قُدُماً لِتَحْقيقِ ما تَصبو إليْهِ. قابلتِ الدَّجاجَةُ قَرْقَرْ في طَريقِها الكَلْبَ داني حَيْثُ كان مُنْهَمِكَاً في حَفْرِ حُفْرَةٍ يَضَعُ فيها عَظْمَتَهُ لِأَيام الشَّداِئدِ. طَلَبَت مِنْهُ المُساعَدَةَ، تَظاهَرَ أَنَّ لَيْسَ لَدَيْهِ مُتَّسَع مِنَ الوَقْتِ.
6
لَمْ تُبالِ بِما أَبْداهُ الكَلْبُ داني بَلْ اسْتَمَرَت في سَبيلِها وَقَد اسْتَقَرَّ رَأْيُها. مَرَّت بِأَبْناءِ بَطوط يَلْعَبونَ وَيَمْرَحون، تَوَجَّهَت إلَيْهِم طَلَباً لِلْمُساعَدَة، لكِنَّهُم اسْتَمَروا باللعِب.
8
حَفَرَت قَرْقَر حُفَراً صَغيرَةً وَزَرَعَت حَبات القَمْحِ وَدَثَرَتْها بالتُراب. هَطَلَ المَطَرُ فَرَواها وَبَعْدَ فَتْرَةٍ بَزَغَت نَباتات يانِعاتٍ وَأَخَذَت سيقانُها تَشُدُ وَتَقْوى. وَما زال بَطوط يَسْتَريحُ تَحْتَ الشَّمسِ وأًبْناءهُ يَلْهونَ والكَلبُ داني مَعَ عَظْمَتِهِ مَشْغول.
10
اقْتَرَبَ الصَّيْفُ، ارْتَفَعَت حَرارَةُ الجَوِّ، اصْفَرَّت سَنابِلُ القَمْحِ، سَمُنَتْ حَباتُ القَمْحِ وَأصْبَحَتْ جاهِزَةً لِلحَصادِ، أَخَذَتْ قَرْقَرْ المِنْجَلَ وَبَدَأَتْ تَحْصُدُ سَنابِلَ القَمْحِ سُنْبُلةً سُنْبُلة لِوَحدِها.
12
جَمَعَت الدَّجاجةُ كُلَّ ما حَصَدَتْهُ مِنْ سَنابِل القَمْحِ لِدّرْسِها وَجَمْعِ حَباتِ القَمْح صافِيَة بِدون القَش لِتَتَمَكَنَ مِنْ طَحْنِها. كَما في المَراتِ السابِقَةِ، عَوَّلَت قَرْقَرْ على مُعاوَنَتِهِم لها ولكِن لا مِنْ مُجيب.
14
تَكَلَمَت الدّجاجَةُ إلى أَبْناءِ بَطوط بِلُطْفٍ هذِهِ المَرة، ولكن لَم يُثْمِر هذا أيْضا، بلْ لَمْ يُعيروها اهتِماماً وانصَرَفوا يَلْهونَ معَ الكَلْب داني وَلَم يَهْتَموا بما تقوله كَثيراً، حينها تَراءَتْ لها فِكْرَة!!!
16
عَلى أَثَرِها استَقَلَّت سَيارَتَها وَبِرَغْبَةٍ قَوِيَةٍ تَوَجَهَت إلى مِطْحَنَةِ وادي التُّفاح لِطَحْنِها، آمِلةً هذهِ المَرَّةَ أَنْ يَكونَ كُلَّ شَيءٍ قَدْ تَمَّ بِدونِ مُساعَدَتِهم لِأنَّها قَدْ سَئِمَتْ سوءَ مُعامَلَتِهم لَها.
18
إنَّ كُلَّ ما كانَتْ قَرْقَرْ بِحاجَةٍ إِلَيْهِ قَدْ أَنْجَزَتْهُ لِوَحْدِها، وَمَعَ كُلِّ هذا عادَت وَنَظَرَت لِبَطوط عَسى أَنْ يَقومَ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِهِ بِمُبادَرَةٍ يُسْهمُ مِنْ خِلالِها بِعَمَلٍ ما، لكِنَّها مَرَّت بِهِ مرَّ الكِرام.
20
نَظَرَتْ إلى أولادِ بَطوط وَأَدْرَكَتْ أَنَّهُم ما زالوا يَجْهَلونَ أَنَّ الحَياةَ لَنْ توهِبَ لَهُم بِغَيرِ التَّضْحِيَة، العَمَلِ وِالُمثابَرة. وإنْ نَهَجوا نَهْجَ أبيهم سيكونُ مُستقبلهم شاقا قاسيا مضنيا…
22
في نِهايَةِ المَطافِ وَصَلَتْ قَرْقَرْ إِلى البَيْتِ، أَحْضَرَت ماء، مِلْح وَخَميرة، خَلَطَت الماءَ بِالطَحينِ وَرَشَقَت رَشْقَةَ مَلْحٍ وَخَميرة عَليْها. وَبَعدَ فَتْرَةٍ حَصَلَت على عَجينَة الخُبْز، وَضَعَتْها في مَكانٍ بارِدٍ حتى تَخْمَرَ.
24
وَضَعَت العَجينَةُ في التَّنورِ وانتظرتْ بِضْعَ دَقائقَ. وَما إنْ فاحَتْ رائحَةُ الخُبز الطازجَ حَتى أَخْرَجَتْهُ مِنَ التَّنور وَوَضَعَتْهُ عَلى الشّباك حَتى يَبْرُدَ قليلاً.
26
تَناثَرَت رائحةُ الخُبز الطازج الزّّكي كأَوْراقِ الخريفِ في أرجاء المَعمورة. وَما إنْ شَمَّ كُلٌّ من بَطوط وأَبْناءَهُ وَالكلبَ داني الرائِحَة حَتى فَتَحَت شَهيَتَهُم وَهَرَعوا يَتَراكضونَ.
28
يا تُرى ماذا تَتَوَقَعُ يا عَزيزي القارِئ سَيَكونُ رَدُّ فعل الدَّجاجَةِ قَرْقَرْ؟
30
قصة الدجاجة وحبات القمح (فيديو)
32
Published: Dec 9, 2015
Latest Revision: Jan 9, 2016
Ourboox Unique Identifier: OB-84944
Copyright © 2015
0503228333