.تصادف هذه السنة ذكرى المولد النبويّ الشريف والميلاد المجيد، سنة مميزة يفوح فيها عطر ذكرى طيّبة من النبيّين محمّد وعيسى عليهما أفضل الصلاة وأتمّ التسليم

نستمع معًا لأنشودة دينيّة

خير خلق الله

ثمّ نكمل..

هو سيّدنا محمّد بن عبد الله، وُلِدَ في مكّة المكرّمة، يوم الاثنين، في الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل 571م (عام الفيل)

أمّه السيّدة آمنة بنت وهب، ووالده عبد الله بن عبد المطلب من بني هاشم من قبيلة قريش.

وُلِدَ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) يتيماً، حيث توفّي أبوه في المدينة وأمّه حامل به.

حاضنته هي أمّ أيمن (بركة الحبشيّة)

أوّل من أرضعته كانت ثويبة، جارية عمّه أبي لهب، ثمّ جاءت حليمة السعديّة من بادية بني سعد، فأخذته معها للرضاعة، مكث عندها حتّى سنّ الرابعة، وأعادته بعد حادثة شقّ الصدر، فعاش عند أمّه حتّى سنّ السادسة، حيث توفّيت أمّه بالأبواء بعد زيارة للمدينة في طريقها إلى مكّة.

ثمّ كَفِلَهُ جدّه عبد المطّلب حتى أصبح عمره ثماني سنوات، وبعد أن توفي جدّه، عاش في كفالة عمّه أبي طالب، الذي كان يحبّه حبًّا جمًّا.

 عيسى

عليه السلام

هو سيّدنا المسيح عيسى بن مريم، عليه السلام، وُلد بمعجزة عندما جاء الملاك جبريل عليه السلام وبشّر أمّه الصدّيقة، السيّدة مريم ابنة عمران، بولادته من غير أب،

وسيدنا المسيح هو آخر أنبياء بني إسرائيل.

وقد ذكر الله عزّ وجلّ قصّة سيّدنا عيسى في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى في سورة آل عمران:

” إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ” (آل عمران/45)

وقد شاء الله عزّ وجلّ أن يخرق بولادة سيّدنا عيسى قاعدة التناسل الطبيعيّ، فبشّرت الملائكة السيّدة مريم بكلمة من الله، اسمه المسيح عيسى بن مريم، فكانت ولادته معجزة.

وهي بذلك آية من آيات الله تذكّرنا بخلق آدم عليه السلام من تراب، ثمّ قال له “كن فيكون”!

وقد قال عن نفسه عندما تكلّم في المهد:

    “وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا” (سورة مريم – 33)

مولد الرحمة

محمّد 

صلّى الله عليه وسلّم

   (كثيرة هي البركات التي دلّت على تميّزه (صلّى الله عليه وسلّم)، وكثيرة هي الإرهاصات (أَمرٌ خارق للعادة يظهره الله على يد نبيّ قبل بعثته ، يكون من مُقَدِّمات النُّبُوَّة التي دلّت على نبوّته منذ ولادته، حيث رأت السيّدة آمنة أنّ نورًا يخرج منها يضيء قصور بصرى والشام.

وسمعت من يحدّثها قائلًا: ” إنّك حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقع الأرض فقولي أعيذه بالواحد من شرّ كلّ حاسد ثمّ سمّه محمّدًا”

وفي اللحظة التي وُلد فيها رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، انطفأت النار في معابد الفُرس، وقد يعبدون النار من دون الله!

وجفّت بحيرة ساوة المقدّسة، وهُدّمت أربع عشرة شرفة من قصر كسرى

وخرّت كثير من الأصنام وسقطت من أماكنها!

ولمّا كانت الليلة التي وُلد فيها النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، قال يهوديّ كان يسكن مكّة للتجارة: “ولد الليلة نبيّ هذه الأمّة الآخرة، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات!”

قصّة الراهب بحيرا

 وهذا هو أيضًا رجل من دين آخر يشهد للنبيّ (صلّى الله عليه وسلّم بنبوّته قبل أن يُبعث)، هو الراهب بحيرا، الذي رأى الرسول مع عمّه أبي طالب عندما كان ابن اثنتي عشرة سنة، حيث كان برفقة عمّه في رحلة إلى الشام، وفي الطريق توقفوا للاستراحة قريبًا من دير للنصارى، وهناك لفت نظر الراهب بحيرا الغمامة التي تظلّل القافلة التي فيها رسول الله، فنزل بحيرا الراهب من صومعته وجعل يلحظ رسول الله لحظًا شديدًا حتّى رأى خاتم النبوّة بين كتفيه..

فسأل أبا طالب: ” ما هذا الغلام منك؟”

فأجابه أبو طالب: “هو ابني!!”

فقال الراهب: ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيًّا!!”

قال: “هو ابن أخي”

فقال الراهب: “فارجع به إلى بلده، واحذر عليه فإنه سيكون لابن أخيك هذا شأن عظيم”

ميلاد السلام…

عيسى

عليه السلام

 كانت ولادة سيّدنا عيسى عليه السلام هي المعجزة بحدّ ذاتها، حيث وُلد المسيح على غير ولادة البشر، وقد بيّن القرآن الكريم قصّة ولادته، فقد قال الله تعالى في القرآن:

 “واذكُر فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا”

(سورة مريم: 16-23)

استمع لتلاوة عطرة للآيات من سورة مريم

واستسلمت السيّدة مريم عليها السلام لقضاء الله، فنفخ الملاك جبريل عليه السلام في جيب درعها، فحملت بابنها عيسى الذي بشّرت به، وعندما وضعته ساق الله لها الماء والطعام.

قال تعالى:

“فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا* وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا* فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا”

(سورة مريم: 24-26)

ثمّ رجعت السيّدة مريم إلى قومها تحمل ولدها، عيسى عليه لاسلام، فلمّا رأوها أعظمو أمرها، واستنكروه.. فلم تجبهم! وإنما أشارت إلى المولود ليخبرهم، فكانت معجزة .

كلامه في المهد، فأجابهم:

“فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا”

(سورة مريم: 29 – 33)

الأخوّة بين الرسالات

قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):

“أنا دعوةُ أبي إبراهيمَ وبُشرَى عيسَى ورأَتْ أُمِّي كأنَّهُ خرجَ مِنها نورٌ أضاءت له قصورُ الشامِّ”

 وقال (صلّى الله عليه وسلّم):

“أنا أولى الناسِ بعيسى، الأنبياءُ أبناءُ عَلَّاتٍ، وليس بيني وبين عيسى نبيٌّ“

بَشَّر نَبيُّ اللهِ عيسى عليه السَّلامُ بنُبُوَّةِ نَبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال كما أخبَرَ اللهُ تعالى في كِتابِه العَزيزِ: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (الصف: 6)؛ ولذلك فالنَّبيُّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) أَوْلَى النَّاسِ بعيسى؛ لأنَّه بَشَّرَ به، ولأنَّه لم يَكُنْ بَينَهم نَبِيٌّ، والأنبياءُ عمومًا مِثلُ أولادِ عَلَّاتٍ، يَعنِي: أنَّهم أُخَوةٌ لِأبٍ واحدٍ من أُمَّهاتٍ

مُختلفةٍ، والمعنى: أنَّ شَرائعَهم مُتَّفقةٌ من حيثُ الأُصولُ، وإنِ اختَلَفت مِن حيثُ الفُروعِ حَسَبَ الزَّمنِ والأحوال.

للإثراء…

النجاشي – ملك الحبشة النصراني- والمهاجرين

أخلاق  الأنبياء

..وكما أنّ هنالك أخوّة بين الرسالات هناك أيضًا أخوّة تجمع الأنبياء، فتجمعهم رسالة واحدة، ودعوة واحدة، وأخلاق واحدة

بعض الأخلاق التي يتحلّى بها الأنبياء:

1)التواضع والرحمة

كان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويركب الحمارـ ويجيب دعوة العبد،.

ومن رحمته (صلّى الله عليه سلّم) بالصبيان، أنّه كان يمسح رؤوسهم ويقبّلهم، ويحملهم على عاتقه ويُدخل السرور إلى قلوبهم.

وكذا كان سيّدنا عيسى (عليه السلام)، يُحبّ والدته ويخدمها بكلّ تواضع، قال تعالى:

“وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا “

(سورة مريم:32)

 “وكان يحبّ ويبارك الأطفال ويقول: “دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأنّ لمثل هؤلاء ملكوت السماوات فوضع يديه عليهم ومضى

(متّى 14:19-15)

2)حُسْنُ الخُلُق

“لم يكن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فاحشًا ولا متفحّشًا، ولا صخّابًا في الأسواق ولا يجزي بالسيّئة السيّئة، ولكن يعفو ويصفح” وكذالك كان سيّدنا المسيح بن مريم عليه السلام، حيث لم يكن جبّارًا عصيّا، بل كان رحيمًا عطوفًا ليّنا، كما جاء في الآية السابقة،

3) الرفق واللين والتسامح

قال تعالى في كتابه العزيز:

“فبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”

(سورة آل عمران: 159)

وفي الحديث:

“ما ضرب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بيده شيئًا قط! إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا ضرب خادمًا ولا امرأة”

 وعن عيسى عليه السلام:

 “من لطمك على خدك الأيمن ، فأعرض له الآخر”

(متّى5: 37-41)