المقدمة:
الحمد لله الذي وهبني عقلا مفكرا و لسانا ناطقا أعبر به ما يدور بخاطري تجاه هذا الكتاب الشيق والمفيد الذي تحدثت فيه عن أمور تتعلق بديننا الإسلامي.
وسأتناول في هذا الكتاب عن تعريف القرآن الكريم وأسماء الله ومعلومات عنه.
وأخيرا و ليس اخرا اتمنى أن يعجبكم كتابي.
2
تعريف القرآن الكريم:
القرآن الكريم هو كلام الله المعجز أنزله على رسولنا الكريم محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- عن طريق الوحي جبريل -عليه السلام- بلسان عربي ليخرج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الهداية وهو الكتاب الذي يتعبد به المسلمين بقرائته وحفظه وتدبره والقرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي تحدى بها الله العرب أجمعين على أن يأتوا بمثله أو بعشرِ سورٍ أو بآيةٍ واحدة فقط فعجزوا على الرغم من تمتعهم بدرجة من الفصاحة والبلاغة.
5
أسماء الله الحسنى:
سمّى الله سبحانه وتعالى نفسه بـ 99 اسماً، تدلّ على صفاته العظيمة جلّ وعلا، ودلّت على أنّه لا يشبهه أحد، ولكلّ اسم منها معنى يدلّ على عظمة الخالق وكماله، ومن يحصي أسماء الله الحسنى ويدرك معانيها جيّداً سيدخل الجنة بوعدٍ من الله ورسوله، ومن فوائد معرفة أسماء الله الحسنى إدراك عظمته والإقدام على عبادته طمعاً بنيل الثواب والابتعاد عن الشرك به، والصبر على المخاوف والابتلاء ثقةً برحمة الله، والاطمئنان على الرزق والصحّة وجميع شؤون الحياة.
7
معلومات عن القرآن الكريم:
*- في القرآن الكريم 114 سورة وأكثر من ستة آلاف آية كل ذلك في ثلاثين جزءً ينقسم كل منها إلى حزبين وبذلك يضم القرآن الكريم 60 حزب.
*- عدد النقاط في القرآن الكريم 1015030 نقطة تقريباً أما حروفه فيبلغ عددها 323670 تكون بمجموعها 77934 كلمة قرآنية.
*- سور القرآن الكريم “87” منها مكية و “27” منها مدنية.
*- كل السور تبدأ بالبسملة سوى سورة “التوبة” المباركة وسورة “النمل” المباركة فيها بسملتين.
*- ستة سور من القرآن الكريم تحمل أسماء ستة أنبياء وهي سورة: يونس- هود- يوسف- إبراهيم- محمد- نوح.
*- أطول السور سورة البقرة ب” 286″ آية وأقصرها سورة الكوثر ب”3″ آية.
8
سور القرآن الكريم:
*- عدد أجزاء القران الكريم ثلاثون جزءاً.
*- عدد سور القران الكريم 114 سورة. عدد آيات القران الكريم 6236 آية.
*- أطول سورة في القرآن الكريم هي سورة البقرة.
*- أقصر سورة في القرآن الكريم سورة الكوثر.
*- نزل القرآن الكريم في ثلاث وعشرين سنة.
*- عدد القراءات الصحيحة للقرآن الكريم هي عشر قراءات.
*- السورة التي ذُكرت البسملة فيها مرتان هي سورة النمل.
*- يوجد في القرآن الكريم خمس عشرة سجدة.
عدد سور القران الكريم:
عدد سور القران الكريم هي 114 سورة، حيث تقسم إلى سور مكية وهي التي نزلت على سيدنا محمد عليه السلام في مكة المكرمة قبل هجرته إلى المدينة المنورة، ويبلغ عددها اثنتين وثمانين سورة. وسور مدينة وهي التي نزلت على الرسول عليه السلام في المدينة المنورة بعد الهجرة وهي عشرون سورة، أما السور التي اخُتلف عليها إن كانت مدنية أو مكية فهي اثنتا عشرة سورة وهي: الفاتحة، والمطففين، والرعد، والرحمن، والصف، والزلزلة، والإخلاص، والناس، والفلق، والتغابن، والقدر، والبينة.
فضائل سور القران الكريم:
-) سورة الفاتحة: وهي تمنع غضب الله.
-) سورة تبارك: وهي المنجية من عذاب القبر والمانعة.
-) سورة الكوثر: فهي تمنع الخصومة.
-) سورة البقرة: البركة، ونافعة لفك السحر، وطاردة للشيطان.
-) سورة الفلق: مانعة للحسد والعين.
-) سورة الناس: تمنع الوسواس.
-) سورة الواقعة: من قرأها في ليلة لم تصبه فاقة أبداً.
9
معنى النبي والرَّسول:
معنى النبيّ:
-) لكلمة النبيّ معنيان: لغويّ، واصطلاحيّ، وبيانهما فيما يأتي:
*- النبيّ لُغةً: من الإنباء، وتعني الإخبار. والنّبيء: تعني الذي أخبر عن الله وأنبأ عنه.
*- النبيّ اصطلاحاً: هو كلّ من جاءه الوحي مُرسَلاً من الله -سبحانه وتعالى- بأن يأتيه مَلَك من الملائكة، ويكون في العادة مُؤيَّداً بشيءٍ من الكرامات المخالِفة للطّبيعة والعادات.
معنى الرسول:
-) لغويّ، واصطلاحيّ، وبيانهما فيما يأتي:
*-الرَّسُول لُغةً: جمعها رُسْل، وتُجمَع على رُسُل، وهو: المبعوث؛ أي الشّخص الذي يحمل الرَّسائل، أو ينقُلها شفويّاً، وتكون وظيفته إيصال رسالة من طرفٍ مُرسِلٍ إلى مُرسَلٍ إليه.
*- الرّسول اصطلاحاً: هو رجلٌ من البشر، بعثه الله تعالى إلى جماعةٍ معيّنةٍ أو فئةٍ من الناس لتبليغ أحكامه، وقد خُتِمَ الرُّسل بسيدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام.
10
الصلوات الخمس:
تُعتبر الصلاة من الأركان الإسلامية الخمس التي يقوم عليها الدين الإسلاميّ، وأحد الطرق التي سخرها الله تعالى لعباده المسلمين من أجل عبادته وطاعته ودخول الجنة، وفرض الله تعالى على المسلمين خمس صلوات واجبة على كل مسلم بالغ عاقل تأديتها في وقتها دون تكاسل أو تقصير، إلا من أحل الله تعالى له ترك الصلاة كالقاصر والمجنون والنساء في فترة الحيض أو النفاس، وغيرها من صلوات السنة والتي حرص المسلمون على أدائها تمثلاً بسنة الرسول الكريم – محمد عليه الصلاة والسلام –
12
الصلوات الخمسة بالترتيب هي ما يأتي:
1- صلاة الفجر:
وهي الصلاة الأولى المفروضة على المسلمين حسب أوقات الصلاة الخمس الموزعة خلال اليوم، وهي أقصر صلاة في الصلوات الخمس، حيث يبلغ عدد ركعات صلاة الفجر ركعتين مفروضتين على كل مسلم بالغ عاقل، بالإضافة إلى ركعتين سنة قبل ركعتي الفرض بعد دخول وقت صلاة الفجر، ويكون وقتها من ظهور البياض في الأفق حتى بروز الشمس.
2- صلاة الظهر:
وهي الصلاة الثانية في الترتيب الزمني، وتعتبر أطول صلاة ما بين الصلوات الخمس المفروضة، حيث يبلغ عدد ركعاتها أربع ركعات فرض، بالإضافة إلى أربع ركعات سنة، بحيث توزع ركعات السنة الأربعة إلى ركعتين سنة قبلية وأربع ركعات الفرض وركعتين سنة بعد الانتهاء من الفرض، ويكون وقتها من تحرك الشمس من منتصف السماء نحو الجهة الغربية وحتى وصول طول ظل الشيء إلى نفس طوله.
3- صلاة العصر:
وهي الصلاة الثالثة المفروضة، كما تُعرف بكونها الصلاة الوسطى لأنها تتوسط الصلوات الخمس، وهي الصلاة الوحيدة التي لا تُصلى أي من ركعات السنة قبلها أو بعدها، حيث تقتصر صلاة العصر على أربع ركعات فرض فقط، ويكون وقتها من بدء تحول طول الظل إلى نفس طول الشيء الخارج منه وحتى اصفرار الشمس.
4- صلاة المغرب:
وهي الصلاة الرابعة المفروضة، وتتكون من ثلاث ركعات فرض وهي الصلاة الوحيدة الفرض التي تأتي بعدد فردي، كما تأتي بعد ركعات الفرض الثلاث ركعتا سنة، ويكون وقتها من غروب الشمس حتى اختفاء الشفق الأحمر من السماء.
5- صلاة العشاء:
وهي الصلاة الخامسة والأخيرة المفروضة على المسلمين بحسب الترتيب الزمني، أما ما يُصلى بعدها من قيام الليل فيكون بحكم النوافل، وتتكون صلاة العشاء من أربع ركعات فرض، والتي يأتي بعدها ركعتا سنة، وبعد الانتهاء منها يمكن للمصلي البدء بصلاة الوتر أو قيام الليل وليس قبل ذلك، ويكون وقت صلاة العشاء من انتهاء الحمرة ففي السماء حتى منتصف الليل.
13
14
أركان الإسلام الخمسة:
للإسلام خمسة أركان تُعدُ بحق أركاناً وأُسساً وقواعدَ يقوم عليها المنهج الإسلاميّ القويم، وقد ذكَرَها المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام- في الحديث النبوي الشريف الذي يرويه الصحابيّ الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: سمعت رسول الله يقول: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزّكاةِ ، والحجِّ، وصومِ رمضان)
والأركان الخمسة بالتّفصيل هي كما يأتي:
الشهادتان – إقامة الصلاة – إيتاء الزكاة – الصيام – والحج
15
أركان الإيمان:
أركان الإيمان هي الأسس والرّكائز الأساسيّة التي يقوم عليها بناء المجتمع الإيمانيّ والعقيدة الإيمانيّة الصّحيحة عند المسلم، حيث تتعلّق تلك الأركان باعتقادات المُؤمن، بناءً على ما ورد من أخبار صادقة بخصوصها، وقد اتُّفق في بعض تلك الأركان مع باقي الشرائع السماويّة، حيث جاء الرّسل جميعاً بأهمّ ركنٍ من تلك الأركان، وهو توحيد الله وتنزيهه عن الشّريك والمثيل، وعليه قامت دعوتهم لأقوامهم حيث دعوهم للإيمان بها، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ).
وإيمان المؤمن لا يكون صحيحاً أو كاملاً إلا في حال اعتقد اعتقاداً جازماً لا يدخله أيّ شكّ بجميع هذه الأركان، فإن اعتقد بعدم ثبوت أحدها فإنّ في إيمانه لُبس وخلل يجب عليه تصحيحه قبل الوقوع في المحضور، وقد جاء ذكر تلك الأركان في مواضع كثيرة في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الصّحيحة، ومن ذلك ما رواه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من قصة مجيء جبريل بهيئة بشر إلى مجلس النبيّ وسؤاله بعض الأسئلة عن حقيقة الإيمان والإسلام والإحسان، حيث قال أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه وأرضاه-: (بينما نحن عند رسول الله عليه الصّلاة والسّلام ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثّياب شديد سواد الشّعر، لا يُرَى عليه أثر السّفر، ولا يعرفه منّا أحد، حتى جلس إلى النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فاسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفّيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، وتُقيم الصّلاة، وتُؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت. قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتُؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك. قال: فأخبرني عن السّاعة، قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السّائل. قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: أن تلد الأَمَة رَبَّتها، وأن ترى الحُفاة العُراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان. قال: ثم انطلق، فلبثت مليّاً. ثم قال لي: يا عمر: أتدري من السّائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنّه جبريل أتاكم يُعلّمكم دينكم).
17
قصص الإنسان في القرآن الكريم:
قصة صاحب الجنتين:
وردت قصةُ صاحب الجنتين في القرآن الكريم في سورة الكهف، قال تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا*كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا)وهذه القصة تُقدِّم لمن يقرأها وجهتي نظر مختلفتين لمظاهر الحياة، وما فيها من رزق يتفاوت بين الناس، بين الغنى والفقر لحكمة ربانيّة عظيمة، فالقصة تتكلّم بواقعيّة عن وجهة نظر إنسان مؤمن فقير، ولكنّه متوكّلٌ على الله، مؤمنٌ بالله حقّ الإيمان؛ لأنّه يعلمُ يقيناً أنّ الحياةَ الدنيا لا تساوي شيئاً لو قُورنت بالآخرة، وما أعدّهُ الله تعالى للمؤمنين في الجنات، والرجل الآخر هو صاحب الجنتين الذي فتنته أملاكهُ فظنّ أن هذا النعيم الدنيوي نعيمٌ دائمٌ؛ وهو رجلٌ كافرٌ بأنعم الله، رزقهُ اللهُ جنتين وبستانين عظيمينِ جميلينِ، وكانت تلك الجنتانِ مزروعتين بالأعناب وتحيط بهما أشجار من النخيل.
ولكنَ هذا الرجل بجهله وكفره فُتن بهذه النعمة العظيمة، وفُتِن بهاتين الجنتين وما تُنتجانهِ من شتّى أنواع الثمار والفواكه، حيث أمرَ اللهُ الجنتين بأن تُنتجا لذلك الرجل صاحب الجنتين شتّى أنواع الثمار فاستجابت الجنتانُ لأمرِ الله، فأنتجتا ثماراً يانعةً ناضجةً، تسرُّ الناظرين، والأصل أن يكون موقف صاحب الجنتين الشكر لله على هذه النَعم العظيمة الجزيلة، ولكنّه بدل ذلك تجاوز وغفل وكفر بالنعمة، وأخذ يتكبّرُ على الرجل الفقير(وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا )، لم يؤمن، ولم يشكر الله على النعمة، لم يتصدّق، ولم يقُم بما يجبُ عليه، بل كفر ومنع وتكبّر، ونسب الخيرَ والنعمة لنفسهِ، بدل أن ينسبها للمُنعِمِ المتَفَضِّل سبحانه وتعالى، وظنَّ أن هذهِ النعمةُ لن تَزول بل ادّعى أنّه إن رجع إلى الله فسيجد أفضل من هذه الجنات لا إيماناً بالله بل تعنّتاً وتكبّراً، فهو يظنُ نفسه صاحب المكانة العالية، وله الوجاهةُ والأفضليةُ على ذلكَ الرجل الفقير ومن في مثل وضعه، (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا*وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ (خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا)
ويأتي ردُّ الرجل المؤمن الثابت على الإيمان، المتمسك بالميزان الإيماني الصحيح ولم تخدعهُ الحياةُ الدنيا وزُخرُفها، فَيردُ على كُفر وتكبّر وتعنّت صاحب الجنتين، بحوارٍ هادئ هادف، يُذكّر صاحب الجنتين بأصلِ خلقته من ضعفٍ ومن مادةٍ ضعيفةٍ فيقول له: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)ويتابع أنّه ثابتٌ على الإيمان بالرب المُنعِم المتفضّل سبحانه وتعالى، وأنّ الأصلَ أن يرتبطَ قلبُ العبدِ بالله في الغنى والفقر وفي كل الأحوال، وأن الصحيح إذا دخل الإنسانُ أملاكاً لهُ أن يقول: ما شاء الله، وأن ينسب القوة والملك والنعمة لله سبحانهُ فيقول: لا قوة إلا بالله (لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا*وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا))، ويتابعُ الرجلُ المؤمنُ حوارهُ بكل ثقة وإيمان عظيمينِ ثابتينِ راسخَينِ.
فيقول المؤمنُ لصاحب الجنتين إن كنتَ تراني فيما يظهرُ لكَ من علمكَ القاصر المتعلق بالظاهرِ، أنك أغنى مني مالاً وأكثر عدداً وقوةً ومنعةً، فإن الله سبحانه وتعالى قادرٌ أن يعطيني خيراً من جنتك، وأخذ يحذّره من غضب الله تبارك وتعالى فإن عاقبة الكفر والبغي والاغترار بالنعمةِ عاقبةٌ وخيمةٌ، فالله سبحانه وتعالى قادرٌ على أن يهلك جنتيك ويدمرهما؛ بسبب اغتراركَ وبغيك وظلمك وكفرك (فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا*أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا)
ثم يأتي عقابُ الله سبحانه وتعالى لذلك الكافر المعاند الذي اغترّ بالدنيا، واغترّ بجنتيه، فقاده غروره وكفره إلى أن غضب الله عليه، فاستحق العقاب من الله العظيم، جبّار السموات والأرض، فأرسل الله سبحانه وتعالى على جنتي ذلك الرجل صاعقةً دمّرت الجنتين، وأهلكتهما، وأتلفت ما فيهما من ثمار، فندم صاحب الجنتين على ما قدّم، وأدرك أنه استحقَ زوال هذه النعمة العظيمة الجليلة؛ بسبب كفرهِ وعنادهِ وغروره (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا*وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا).نعم ندمَ صاحبُ الجنتين على شركه بالله، وندم على كفرهِ بالنعمةِ، ولكنّ ندمهُ جاء بعد هلاك جنتيه وخسارته لما أنعم اللهُ عليه، وعلمَ وقتها أنه لا عظيمَ ولا ناصرَ إلا الله، ولا يستحقُّ العبادةَ إلا الله، وأنّ النعمة يجبُ أن تُقابلَ بشُكر الله عليها، وأدرك أنهُ أخطأ أكبر الخطأ حينما منعَ الصدقةَ، وحرم الفقراءَ والمساكين من حقهم في هذهِ النعمة.
18
19
Published: Feb 14, 2018
Latest Revision: Jul 12, 2018
Ourboox Unique Identifier: OB-431158
Copyright © 2018