العصور الوسطى Middle Ages، هي فترة تاريخية تمتد من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر الميلادي. بدأت العصور الوسطى في أعقاب سقوط الإمبراطورية الرومانية في عام 476 وامتدت حتى العصر الحديث المبكر. تتراوح العصور الوسطي من نهاية الإمبراطورية الرومانية الغربية حوالي القرن الخامس حتي قيام الدول الملكية وبداية الكشوفات الجغرافية الاوروبية وعودة النزعه الإنسانية وحركة الإصلاح الديني البروتوستانتي بداية من عام 1517. هذة الأحداث هي التي أدت الي دخول أوروبا في مرحلة بداية الحداثة التي تلتها مرحله الثوره الصناعية.
2
تاريخ أوروبا في العصور الوسطى:
تقع مرحلة العصور الوسطى ما بين القرن الخامس الميلادي وحتى القرن الحادي عشر الميلادي، وكانت أوروبا قبل هذه المرحلة التاريخيّة جزءاً من الإمبراطوريّة الرومانيّة، وقد أطلق المؤرّخون على مرحلة العصور الوسطى بالعصر المظلم، حيث كان مستوى التعليم والثقافة في غاية الانحطاط، وكانت كثيراً من المعتقدات تعتمد على الأساطير والروايات الخياليّة والخرافات، وبدأت العصور الوسطى من سقوط الإمبراطوريّة الرومانية العظيمة، ولا توجد تواريخ محددة عن نهاية الإمبراطوريّة الرومانيّة التي كانت أكبر قوةٍ على سطح الأرض، واتسعت أراضيها من الشرق إلى أقصى الغرب.
3
غزوات البرابرة والقبائل:
أول القبائل التي تجرّأت على الإمبراطوريّة الرومانية بعد أن ظهر ضعفها وانتشر الفساد فيها هم القبائل الجرمانيّة، والذين أُطلق عليهم اسم ” البرابرة” فاحتلوا الأجزاء الشماليّة منها، كما سيطر القوط على إسبانيا وإيطاليا، والسكسون على بريطانيا، الفرانكيون على فرنسا وقسمت أراضي الإمبراطوريّة إلى إقطاعيّاتٍ كترة من تاريخ أوروبا الغربية تقع مابين العصور القديمة والعصور الحديثة. قبل العصور الوسطى كانت أوروبا الغربية جزءًا من الإمبراطورية الرومانية. أما بعد انتهاء العصور الوسطى، فقد اشتملت أوروبا الغربية على ماعرف بالإمبراطورية الرومانية المقدسة، ومملكتي إنجلترا وفرنسا وعلى عدد من الدول الصغرى. وقد عرفت العصور الوسطى أيضًا باسم فترة القرون الوسطى
. وتدعى العصور الوسطى أحيانًا خطأ باسم العصور المظلمة
امتدت العصور المظلمة في الفترة من حوالي القرن الخامس الميلادي إلى القرن الحادي عشر الميلادي؛ حيث كان مستوى التعليم والثقافة خلالها في غاية الانحطاط، وكانت المعلومات الوثائقية حول تاريخ هذه الفترة قليلة ومتأثرة بالخرافات والأساطير.
ويمتد تاريخ العصور الوسطى من سقوط الإمبراطورية الرومانية حتى القرن السادس عشر الميلادي. ولايعطي المؤرخون، في الوقت الحاضر، تواريخ محددة عن نهاية الإمبراطورية الرومانية؛ لأن نهايتها كانت تدريجية وخلال فترة امتدت عدة مئات من السنين. وترى هذه المقالة أن القرن الخامس الميلادي هو بمثابة بداية لتاريخ العصور الوسطى. حيث كانت الإمبراطورية الرومانية، في ذلك الوقت، ضعيفة جدًا، لدرجة أن القبائل الجرمانية كانت قادرة على فتحها. واتحد أسلوب الجرمان في الحياة مع أسلوب الرومان في الحياة، تدريجيـًا، وشكلا الحضارة التي نطلق عليها اسم حضارة العصر الوسيط
بيرةٍ من الأراضي كانت تسمّى بالضِياع.
5
6
العصر الإقطاعي:
تمّ تمزيق جسم الإمبراطوريّة الرومانية إلى ممالك وضِياع يمتلكها الحاكم والأغنياء وأصحاب النفوذ يعمل بهذه الضياع فلاحون بأجورٍ زهيدةٍ وأحياناً بالسخرة، وبعدها ظهر في أوروبا نظام اقتصاديّ اجتماعيّ جديد وهو النظام الإقطاعيّ، فانقسم المجتمع الأوروبي إلى ثلاث طبقات رجال الدين، وطبقة مُلاك الأراضي، وأخيراً طبقة الفلاحين والعمّال، مارس ملّاك الأراضي أسوأ أشكال الظلم والتسلّط على الفلاحين والعمال،
اهتمّ الباحثون بدراسة النظام الإقطاعيّ الذي أصبح نظاماً سياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً انتشر في فترة
العصور الوسطى، واختلف عن الأنظمة التي ظهرت قبله في العصور القديمة، وظهر هذا النظام تحديداً في قارة أوروبا الغربيّة، ولكنه يعود إلى أصولٍ قديمة ذات جذور رومانيّة وجرمانيّة، فظهرت بداياته في الفترة الزمنيّة بين القرنين الثامن والتاسع للميلاد، ومن ثمّ امتد من القرن العاشر إلى القرن السادس عشر للميلاد؛ حتى تراجع وانتهى نتيجةً للتقدم التجاريّ والصناعيّ
امتلك النظام الإقطاعيّ طبيعتين، وهما الطبيعة الاقتصاديّة والطبيعة السياسيّة، واختلفتا عن بعضهما من فترة العصور القديمة وصولاً إلى فترة العصور الحديثة؛ حيث كانت الطبيعة الاقتصاديّة المُتعلقة بالمُلكيّة في العصر الرومانيّ والعصر الحديث تعتمد على وجود علاقاتٍ حقوقيّة؛ بمعنى أن لكلِّ قطعة أرضٍ مالك خاص بها، فكانت المُلكيّة المُطلقة للأراضيّ تُعدّ من الحالات الطبيعيّة، وفي فترة العصور الوسطى كانت الأرض تعتمد على عدّة أنواع من الحقوق؛ حيث إنّ أساس المُلكيّة يفقد المعنى القانونيّ الخاص فيه، أمّا من حيث الطبيعة السياسيّة فكانت الفكرة الرئيسيّة هي سيادة الدولة أثناء العصر الرومانيّ والعصر الحديث؛ حيث تُنفّذ الدولة مهامها وسلطاتها باستخدام الرؤساء والموظفين، وعند تطبيق النظام الإقطاعيّ لم يعدّ للدولة أي تأثير؛ ممّا أدّى إلى انقسام سلطاتها بين مجموعة من الأشخاص، وانتقلت لهم هذه السلطات نتيجةً لانهيار وتراجع الدولة، ويُستنتج من ذلك أنّ النظام الإقطاعيّ ظهر بسبب المُلكيّة المُجزّأة في الطبيعة الاقتصاديّة، والسيادة المُجزّأة في الطبيعة السياسيّة.
7
مرحلة سيطرة الكنيسة:
استمرّ عصر الإقطاع إلى فتراتٍ طويلةٍ إلّا أن بروز أهميّة الكنيسة بدأ يزداد مع مرحلة تنصير البرابرة، فأخذت قوة الكنيسة في الازدياد، خاصةً وأنّ الأوروبيين أصبحوا لا يدينون بالولاء لحاكمٍ واحدٍ، كما بدأت مساوئ النظام الإقطاعيّ تتزايد، أخذ السكان يتحدّون تحت ظل الكنيسة، وكان رجال الدين من القساوسة، وغيرهم ينشطون في نشر الديانة المسيحيّة في أرجاء أوروبا، فامتلكت الكنيسة الأراضي وجمعت الضرائب، وأنشأت المدارس الدينيّة والمستشفيات والأديرة.
استطاع الفرانكيون الذين سيطروا على فرنسا توحيد أوروبا مرةً أخرى، وكان من أشهر ملوكهم شارلمان الذي حمى الكنيسة من أعدائها وحسّن التعليم فأسس مدرسةٍ في قصره وأحضر المعلمين من أنحاء أوروبا، فبنوا المدارس وترجموا المخطوطات القديمة، إلا أن هذه الدولة لم تدم طويلاً بسبب الخلافات على الحكم بين أبناء شارلمان.
9
10
عادت أوروبا إلى عصر الإقطاع، وظهرت طبقة الفرسان التي أقامها الإقطاعيون لحماية مصالحهم وتحصيل أموالهم، ومع بروز مساوئ النظام الإقطاعي أكثر وأكثر، أخذ الناس يلجؤون إلى الكنيسة لتخلّصهم من ظلم أصحاب الأراضي، وأصبحت الكنيسة القوة الوحيدة التي تربط أجزاء أوروبا، وكان البابا يمثل أكبر سلطةٍ، إذ يمتلك السلطة الدينية والدنيوية، عاشت أوروبا في ظلّ القوانين الدينيّة التي تفرضها الكنيسة ومارس القساوسة السلطة على الشعب، إلّا أن انتشار الفساد في الكنائس والأديرة قد مهّد لحالات تمردٍ على تعاليم البابا، خاصةً بعد ظهور الحركة الإنسانيّة التي تدعو إلى احترام الإنسان، وظهر بعض المصلحين الذين دعوا إلى إصلاح الكنيسة الكاثوليكيّة، وظهرت ترجمات للإنجيل باللغات المحلية، وتعرّف الناس على أصل الديانة المسيحيّة، وعاشت أوروربا في هذه المرحلة حروباً دينيةً طويلةً، أدت إلى بزوغ عصر النهضة في ربوع أوروبا، بعد أن تقلّصت صلاحية رجال الدين، وأصبح عملهم يختصّ بالأمور الدينية فقط.
11
الغزوات الجرمانية:
جاءت الشعوب الجرمانية من إسكندينافيا الواقعة في أوروبا الشمالية. وبدأت هذه الشعوب تتحرك نحو وسط أوروبا في حوالي سنة 1000ق. م. وفي حوالي القرن الثالث الميلادي احتل الجرمان أقاليم في حوضي نهري الراين والدانوب على طول الحدود الشمالية والشمالية الشرقية للإمبراطورية الرومانية. وتبنّى بعض الجرمان حضارة جيرانهم الرومان. كما تاجروا مع التجار الرومان، وتعلموا زراعة الأرض، واعتنقوا النصرانية ديانة لهم.ولكن معظم الجرمان كانوا شعبًا فظًا وجاهلاً. وأطلق عليهم الرومان اسم الهمجيون (البرابرة) (أناس غير متحضرين). وعاش الجرمان على شكل قبائل يحكم كل منها زعيم. وقامت قوانينهم القليلة على أساس العادات والخرافات القبلية. كان مظهر رجال القبيلة يتسم بالعنف، حيث كانوا ضخام الجسم ويلبسون جلود الحيوانات أو الكتان الخشن. وكانوا يقاتلون بالرماح والتروس، وكانوا محاربين شجعانـًا. عاش الجرمان، بصورة أساسية، على الصيد وعلى نمط متخلف للزراعة. وعبدوا آلهة الإسكندينافيين كأودين وثور، وكانت قلة قليلة منهم تستطيع القراءة أو الكتابة. بدأت القبائل الجرمانية، خلال القرن الخامس الميلادي، بمهاجمة الأراضي الرومانية، حيث كانت الإمبراطورية الرومانية آنذاك قد فقدت الكثير من قوتها الكبيرة، ولم يكن بمقدور جيوشها الدفاع عن حدودها الطويلة. فقد هاجم القوط الغربيون أسبانيا، في حوالي سنة 416م. وبدأ الأنجلز والجوت والسكسون في الاستيطان في بريطانيا نحو سنة 450م. وأسس الفرانكيون (الفرنجة) مملكة لهم في بلاد الغال (فرنسا الحالية) في ثمانينيات القرن الخامس الميلادي. وهاجم القوط الشرقيون إيطاليا في سنة 489م
13
أوروبا البربرية:
قسمت الغزوات البربرية الإمبراطورية الرومانية الهائلة إلى ممالك متعددة، كان البرابرة لايدينون بالولاء إلا لزعماء قبائلهم أو لأسرهم. واحتفظت كل قبيلة بقوانينها وتقاليدها الخاصة. وترتب على ذلك اختفاء الحكومات الرومانية القوية، المركزية منها والمحلية.دمّرت الغزوات البربرية أيضًا معظم التجارة الأوروبية التي كان قد وضع أساسها الرومان. قلة من الناس هي التي استخدمت تلك الشبكة العظيمة من الطرق المعبدة بالحجارة التي كانت قد شجعت التجارة والاتصالات بين المدن المزدهرة في الإمبراطورية الرومانية. ولولا التجارة لأُبطِل استخدام النقد نهائيـًا. وقد اضطر معظم الناس إلى كسب قوتهم من الزراعة. وقسمت معظم أوروبا الغربية، في حوالي القرن التاسع الميلادي، إلى إقطاعيات كبيرة من الأرض كانت تسمّى الضياع. وحكم هذه الضياع قلة قليلة من ملاك الأرض الأثرياء، أطلق عليهم اسم ملاك الأرض أو السادة. ولكن معظم الشعب كان من الفلاحين الفقراء الذين عملوا في الأرض. وكانت كل قرية في ضيعة من الضياع تنتج كل شيء يحتاجه الناس تقريبًا. وكان يطلق على هذا النظام، في الحصول على قوت العيش مما تنتجه الأرض، اسم نظام الإقطاع الأوروبي. .
15
الإمبراطورية الكارولنجية:
وحدت هذه الإمبراطورية في أواخر القرن الثامن الميلادي، معظم أوروبا الغربية تحت سلطان حاكم واحد. وكان الكارولنجيون أسرة من ملوك الفرانكيين (الفرنجة) حكمت منذ أواسط القرن الثامن الميلادي حتى سنة 987م. وكان أعظم حكام الفرنجة أهمية هم شارل مارتل وابنه ببين وشارلمان بن ببين.وحَّد شارل مارتل مملكة الفرانكيين في أوائل القرن الثامن الميلادي، وذلك عندما استولى على أراض كانت في قبضة سادة فرانكيين أقوياء. كما وطد ببين القصير سيطرة الكارولنجيـين على المملكة الفرانكية. وفي سنة 768 م أصبح شارلمان حاكمـًا على المملكة. وفتح شارلمان معظم أوروبا الغربية، ووحد أوروبا لأول مرة منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية. واعتمد الحكام الفرانكيين، في إقامة إمبراطوريتهم، على مساعدة النبلاء الموالين لهم، والذين كان يطلق عليهم اسم المقطعين التابعين. وكان النبيل يصبح مقطعًا تابعًا عندما يتعهد بالولاء للملك، ويقطع وعدًا على نفسه بالقيام على خدمته. وكان الملك يصبح بالتالي سيدًا على تابعه. وقد شغل معظم الأتباع مناصب مهمة في جيش الملك، وخدموا فرسانًا. كما كان لدى عدد كبير منهم فرسانهم الذين كانوا قد تعهدوا، بدورهم، بتقديم خدماتهم إلى الملك أيضًا. وصلت العصور الوسطى المبكرة إلى أوجها خلال العهد الطويل لشارلمان. فقد عمل شارلمان على حماية الكنيسة من أعدائها، والحفاظ على وحدة الشعب الأوروبي في ظل الكنيسة. ومع أن شارلمان لم يتعلم الكتابة إطلاقًا إلا أنه أسهم، دون شك، في تحسين التعليم. فقد أسس مدرسة في قصره، في عاصمته آخن. وحشد فيها معلمين من أنحاء أوروبا كافة. ولقد نظم هؤلاء المعلمون المدارس والمكتبات، ونسخوا المخطوطات القديمة. وقد أدت هذه النشاطات إلى ظهور اهتمام جديد بالتعليم دعي باسم النهضة الكارولنجية. لم تستمر إمبراطورية شارلمان والنهضة التعليمية طويلاً بعد موته. حيث قاتل أحفاده الثلاثة بعضهم بعضـًا من أجل اللقب الإمبراطوري. وقسمت المعاهدة، التي وقعت في مدينة فردان سنة 843 م الإمبراطورية إلى ثلاثة أقسام، بحيث نال كل حفيد قسمـًا منها. وسرعان ما هاجم المسلمون والمجر والفايكنج الإمبراطورية المجزأة. وفي أواخر القرن التاسع الميلادي لم يعد للإمبراطورية الكارولنجية وجود.
17
التجارة والاقتصاد:
الهجرات والغزوات في القرنَي الرابع والخامس عطّلت شبكات التجارة في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط. توقّفت السلع الأفريقية التي يتم استيرادها إلى أوروبا، اختفت في البداية من الداخل وبحلول القرن السابع لم توجد إلا في عدد قليل من المدن مثل روما أو نابولي. وبنهاية القرن السابع، وتحت تأثير الفتوحات الإسلامية، لم يعد للمنتجات الأفريقية أي أثر في أوروبا الغربية. وكان استبدال البضاعة من التجارة مع المنتجات المحلية اتجاهاً في جميع أنحاء الأراضي الرومانية القديمة التي وقعت في العصور الوسطى المبكرة. وهذا كان ملاحظاً خاصة في الأراضي التي لا تُحاذي البحر الأبيض المتوسط، مثل شمال الغال أو بريطانيا. السلع غير المحلية التي تظهر في السجل الآثاري هي عادة ما تكون السلع الفاخرة. أما في الشمال الأوروبي؛ كانت شبكات التجارة محلية فقط، وكانت البضائع المنقولة إجمالا يسيرة، مع قليل من الفخار أو المنتجات المعقدة الأخرى. وحول البحر الأبيض المتوسط، ظل الفخار سائدًا، ويبدو أنه كان يُتاجَر به عبر شبكات متوسطة المدى، ولا يُنتَج محليا فقط.
كانت الولايات الجرمانية المختلفة في الغرب تستخدم عملات تحاكي تلك العملات الرومانية الموجودة والأشكال البيزنطية. وظلّت تُصَك من الذهب حتى نهاية القرن السابع، عندما استُبدِلت بعملات من الفضة. كانت العملة الإفرنجية الفضية الأساسية تسمى الدينار أو دينير، بينما كانت تسمى العملة الأنجلو سكسونية بنس. من هذه المناطق، انتشر الدينير أو البنس إلى باقي أوروبا خلال الفترة ما بين 700 إلى 1000، عملات النحاس والبرونز لم تكن مستعملة بعد، ولا حتى الذهب فيما عدا جنوب أوروبا.
الكنسية والرهبنة
18
20
Published: Dec 16, 2017
Latest Revision: Dec 16, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-395162
Copyright © 2017