تلّة الزهور
لا أحد يحب أيام الأحد، حيث أول يوم في الأسبوع يبدأ وتبدأ معه كل الأعمال.
وفي تلّة الزهور ايضا، يكره الجميع صباحات ايام الأحد. يبقى الأطفال في المنزل. تخاف الكلاب من أن تنبح. ولا تصيح الديوك.تختبئ خفافيش الفواكه بين الأشجار. يجب أن أعرف. اسمي مالك وأنا أعيش في تلة الزهور.
يوم الأحد هو اليوم الذي يأتي فيه التنين مَليح إلى الحيّ. هناك الكثير من القصص المروّية عن التنانين وكيف أنها تدمّر قرية بأكملها في نفخة نارية واحدة. وإذا قام بالعطس بالخطأ يمكنه أن يشعل غابة بأكملها. وحتى عندما يكون التنين يتنفس بغير النار، فإنه ربما يُغمى عليك من سوء رائحته إذا كنت بالقرب منه. وربما يقوم التنين بسحبك إلى الغابة، ولن يسمع عنك أحد مجددا. هكذا تقول الحكايات.
انا لا اعتقد ان مليح هو تنين شرير. على حد معرفتي، لم يقم ولا مرة بحرق منزل او تحويل بقرة إلى لحم مشوي. ورغم ذلك، فيتعيّن عليّ أن أبقى في المنزل كل أحد، اليوم الذي يزورنا فيه مَليح.
الشخص الوحيد الذي يترك بيته ايام الأحد هو بليغ. والسبب هو ان بليغ يملك دكان الحاجيات الخاص بالتنانين. في هذا الحانوت، تستطيع ان تجد كل أنواع الطعام التي يحتاجها التنين من أجل تحسين رائحة نفسه: فلفل حار، خردل حاد، ثوم، سمك تونا معتّق، والجبنة الايطالية. وأعواد ثقاب بالطبع.
أخبار سيئة من لمَليح
في يوم الأحد وصل مَليح إلى حانوت الحاجيات الخاص بالتنانين في نفس وقته المعتاد.
“صباح الخير استاذ بليغ” قال التنين مَليح: “لقد أتيت من أجل طلبي الأسبوعي المعتاد”.
“لدّي ما أخبرك به يا مَليح” رد بليغ بصوت ضعيف: “لقد قررت أن أغلق هذا الدكان وسأحوّله لمحل بيع البوظة انطلاقا من يوم الغد، وسأسمّيه قصر البوظة”.
كان مَليح حزين جدا لدرجة انه كان على وشك البكاء.
“لماذا عليك ان تغلق الدكان؟” أراد أن يعرف القصة.
“في الأيام الخوالي كان هناك الكثير من التنانين في الغابة القريبة من هذه البلدة” قال بليغ.
“وكل يوم كانت تأتي التنانين إلى هذا الحانوت. لكنها مؤخرا بدأت بالتوجه للحانوت الذي يقع في الجنوب. كلها باستثنائك يا صديقي. أنت التنين الوحيد المتبقي في البلدة. وأنت لست زبوني المفضل فقط، لكنك ايضا زبوني الوحيد ايضا.”
كان مَليح مستاء جدا، ولكن ما الذي يستطيع فعله؟ إحراق الدكان بناره لن يكون مفيدا. لذا أخذ بعض الثوم وعاد الى الغابة.
في اليوم التالي، قام بليغ بإقامة حفلة افتتاح ضخمة لقصر البوظة الجديد في الحيّ. وحصل كل طفل على بالون وفرشاة أسنان مجانية (هذا لأن بليغ يعرف جيدا أن تنظيف الأسنان بعد أكل الحلويات أمر مهم جدا).
ولعدة أسابيع بقي مَليح في الغابة. لم يعد يزور البلدة كل يوم أحد من أجل التسوّق. وهكذا تحولت أيام الأحد لأيام عادية في حيّ الزهور.
أنا ومَليح نتقابل
وفي ظُهر أحد ايام الأحد المعتادة، حدث ما حدث عندما كنت في طريقي من قصر البوظة. ظهر التنين مَليح في وسط الشارع الرئيسي. هرب الجميع. الجميع باستثنائي. لقد أردت دائما ان اتعرف عليه. لقد حذرني والدي دائما من الغرباء وانه يجب علي ان ابتعد عنهم. لكن مَليح لم يكن غريبا. لقد كان الجميع يعرفه في البلدة.
سلّمتُ عليه قائلا: “مرحبا، من دواعي سروري ان ألتقي بك”. كنتُ مؤدبا جدا (اعتقد انها فكرة جيدة عندما تقابل تنين للمرة الأولى).
رد عليّ مَليح: “اهلا بك، من دواعي سروري ايضا، انه يوم جميل أليس كذلك؟”
أجبته: “اهلا بك مجددا في حيّ الزهور”.
ردّ مَليح: “ارجوك أخبرني، لماذا قام بليغ بإغلاق الحانوت؟ ما هي البوظة؟”
شرحت له ما هي البوظة، وكيف يتم لعقها من صاروخ مصنوع من البسكويت، والأطعمة المتنوعة الموجودة وكم هي لذيذة، خصوصا في ايام الصيف الحارة.
اقترح مَليح: “لم لا نذهب اذا لتجربتها ونزور بليغ؟ تستطيع الصعود على ظهري”.
لقد كنت سعيد وانا أطير من فوق البلدة. لقد كان الناس أسفلنا متفاجئين كثيرا من رؤيتنا.
وعندما وصلنا الى قصر البوظة، كان بليغ سعيد جدا برؤية زبونه القديم. وقد سمح لنا أن نجرب كل الأطعمة الموجودة في الحانوت، بما في ذلك الخلطة الخاصة بالدكان وهي عبارة عن موز، زبدة الفول السوداني، التوت الحامض والنعناع.
مَليح يعشق البوظة
يوم الثلاثاء قام مليح بزيارة دكان بليغ من جديد، وأكل برميل من بوظة الشمام. وأخذ ثلاثة من اصدقائي على ظهره طائرا بهم فوق البلدة. يوم الاربعاء أكل مَليح برميلا كاملا من بوظة الموز. كان ظهره مغطى بسبعة عشر ولد كان قد طار بهم فوق البلدة. كان الأطفال يقفون بصبر، منتظرين مليح ليأخذهم بجولة.
ويوم الخميس قام بليغ بوضع لافتة كُتب عليها: “اركب على ظهر التنين مَليح بالمجان عندما تشتري اي نوع بوظة”. كان كل اطفال البلدة يصطفون لشراء البوظة ثم انتظار دورهم للذهاب في جولة فوق ظهر التنين مليح. وقد كان مَليح سعيد جدا. أحبه الأطفال كثيرا. وبعد كل جولة، كان بليغ يعطي مليح نصف برميل من البوظة.
بحلول يوم السبت كان الخبر قد انتشر. بدأ الأطفال من البلدات المجاورة بالقدوم الى بلدتنا والتعرف على أول تنين يشاهدونه في حياتهم. كما تمت دعوة بليغ للتحدث على الإذاعة. وأصبحت صورة مليح وبليغ في أول صفحات الجرائد المحلية.
يُعتبر مليح تنيناً مشهورا اليوم. وأصبحت تلّة الزهر مقصدا سياحيا. إذا كان يعرف والداك بلدتنا، فاطلب منهم ان يأخذوك لزيارة قصر البوظة، لتجرب بوظة لذيذة وتذهب في جولة مذهلة في الهواء على ظهر التنين مليح. وربما تراني هناك ايضا، لا تنس أن تلقي التحيات عندها!
Published: Aug 31, 2017
Latest Revision: Oct 1, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-363930
Copyright © 2017