انتشر استخدام الإنترنت انتشارَ النّار في الهشيم، واستطاعت هذه الوسيلة الاعلاميّةٌ أن تُحققَ انتشارا لم تتمكّن من تحقيقهِ أيُّ وسيلةٍ إعلاميّةٍ أُخرى، حيثُ بلغ عددُ روّادها عام ألفينِ وأربعةٍ (2004) ما يُقاربُ مليارَ زائرٍ؛ فما تأثيرُ ذلك على الأسرةِ العربيّة ومَن فيها من أطفالٍ؟
3
الإنترنتُّ أداةٌ متطورة تُقدّمُ المساعدةَ في مواجهةِ المشكلاتِ الإجتماعيّة والإقتصاديّةِ والتّعليميّةِ والتّربويّةِ، وهي وسيلةٌ تُقدّم خدماتها للمربّين وتساعدُ الطّلاب على تطوير إمكاناتهم وتفجير طاقاتهم الإبداعيّة، وقد ساهمت في تطوير المجتمعاتِ وعملَت على تبادُل الخبراتِ والمهاراتِ والمعرفةِ بينَ النّاسِ، وقلّصت المسافات فجعلت النّائيَ دانيًا والممتنع مُتاحًا.
4
برهن العلماء المختصّون أنّ الأطفال في استطاعتهم أن يستخدموا الإنترنتَّ في سنّ الثالثة، وأنّه في سنّ الرابعة يمكن الدّخول إلى الشّبكة العنكبوتيّة ، وأنّ الألعاب التّقليديّة لم تعُد تأسرُ ألبابهم وتجذبُهُم، ولذلك فالبديلُ هو هذه الشّبكة العملاقةُ الّتي تستميلُ الطّفل إليها، فيتفاعلُ معَ موجوداتها بمحبّةٍ وشغفٍ، فيُمضي الطّفلُ أمامها السّاعاتِ الطّويلةَ، وهذا ما يُعرّضه لخطر الإدمان والهَوَس الإنترنتّيِّ بصورة لا شعورية.
6
إنّ غُرَفَ الدردشة تُستخدم – مع الأسف – للتعارف بين الناس ابتغاء الثرثرة وإضاعة الوقت والتّحدّث عن مشكلاتهم المختلفة، وعقد اللقاءات الغراميّة التي قد تبلغ حدّ الزّواج الفاشل. ونتيجة لذلك، قد يسيرُ الصغارُ والشّبّانُ تجاه هواية الإدمانِ الشّبكيّ الّذي يتمثّلُ في عدم القدرة على الاستغناء عن الدّخولِ إلى شبكة الإنترنت، وفي حالة عدم توافر الانترنت فإنّ ذلك يؤدّي بهم إلى ظهور أعراض الانسحاب والقلق والتوتر.
9
أكّدت دراساتٌ في العالم العربيّ أنّ تسعين في المئة (90%) من متصفّحي الإنترنت يلعبون ويتسلّون، ويُعزى هذا إلى كون غالبيتهم من الأطفال والمراهقين َ والشّبّان، وذلك أنّ لديهم وقتا للّهو والتّسليةِ أكثرَ مما لدى شرائح المجتمع الأخرى، وبخاصّةٍ في ظلّ غيابِ البرامجِ والتّخطيطاتِ المتميّزة التي تُحفّز وتُنمّي قدراتهم العقليّة وتفجّرُ طاقاتهم الإبداعيّة الخلّاقة، وفي ظلّ الغثّ من الصُّحُفِ والمجلّاتِ والقنواتِ التّلفازيّة الهابطةِ.
10
لذلك، لا بُدَّ لنا من أن نغرس في نفوس أبنائنا أنّ الإنترنتَّ مَرفَقٌ خِدمِيٌّ نستخدمُهُ ليُقدّم لنا المساعدةَ في حلِّ مشكلاتنا، وأن نعملَ على تكوينِ وعيٍ أنترنتّيٍّ عندَ فلذّات أكبادنا، واستخدامهِ للاستكشاف والبحث العلميّ الّذي يفيدُ الذّات والمجتمعَ. وكذلك لا بُدّ من تقرّب الآباء إلى أبنائهم للتعرّف على مشكلاتهم وزيادةِ مساحةِ الحوارِ في إطارٍ من الاحترام والمتبادَل.
13
Published: May 20, 2017
Latest Revision: May 20, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-317282
Copyright © 2017