لحظات غيّرت التاريخ
يبحث بعض النّاس في عصرنا الحاليّ عن وسائلَ للترفيه والتسلية، لكي يقتللوا بها أوقاتهم. ولا يدرون أن حياة الإنسان تقاس بهذا الوقت، وأن الثانية من عمر الوقت قد تنجز عملًا يفيد البشريّة مدى الحياة. ولعل أمير الشعراء أحمد شوقي كان من طليعة الشعراء الّذين قاسوا عمر الإنسان بالثّواني والدّقائق، إذ قال:
دقّات قلب المرء قائلة له*** إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها*** فالذكر للإنسان عمر ثاني
إن عمر الإنسان يقاس بمدى ما يقدمه من خير وعلم ينفعان البشرية. وقد ضرب العلماءُ أروع الأمثلة في كيفيةِ الإفادة من وقت الفراغ، بالتّفكير والتأمل والمراجعة والمحاسبة. إن التفكير والتّأمل يمهدان الطريق أمام الإنسان للوصول إلى دقائقَ المعرفة وأخبار الكون، وماهيّة النظام فيه.
إنّه النّظام الدقيق ذاته الذي استرعى انتباه العالم الأشهر ” اسحاق نيوتن” عندما سأل نفسه سؤالًا، وكان في وقت فراغِه، وفي حالة تأمل وتفكّر وبحث: لماذا سقطت التّفاحة فوق رأسي؟ ولماذا تسقط على الأرض بشكلٍ عاموديّ؟ ولماذا لا تنحرف ذات اليمين أو ذات الشّمال؟ ولماذا لا ترتف للأعلى؟
من خلال تلكالأسئلة وصل إلى نظرية الجاذبية الأرضية، التي أتاحت تطبيقاتها للإنسان أن يتخطى حاجز الفضاء، مستكشفًا الأرضَ والقمر َ والكواكب والمجرات التي تسبح في الفضاء الخارجي، وحركة انتقال المركبات والطّائرات والسفن وغيرها. كلّ ذلك جاء من تأملٍ بسيط لكنه عميق ومن لحظة تفكّرٍ صادقٍ، استغل فيها صاحبها وقت فراغه فأفاد البشرية، وخلّد ذكره في سجّل العلماء النابهين.
إننا بعد هذا يجمل بنا أن نسأل أنفسنا دومًا: كيف نستغل أوقات فراغنا في ما ينفع ويفيد ؟ لا بدّ لنا ان نؤمن بحقيقةٍ مؤدّاها: إنّ قليلًا من الزّمن يخصَّص كلَّ يومٍ لتنفيذ شيءٍ معينٍ قد يغيّر مجرى الحياة، ويجعلها أفضل ممّا نظن وأرقى ممّا نتخيّل.
Published: May 17, 2017
Latest Revision: May 17, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-314297
Copyright © 2017