كان مساء و كان صباح و اشرقت الشمس زاهيه بقرصها الارجواني تتلألأ كالجواهر في تاج اميره رائعة الجمال
حين استفاق ساري قائلًا : صباح الخير يا امي
صباح النور يا حبيبي و قرة عيني , هيا قم و اغسل وجهك و تناول فطورك
أ تعلمي يا امي الجو ربيعي و مشمس و صاف علي ان اخرج برحلع اتجاه تله صغيره باطراف البلده لاتنزه و اروح عن نفسي
فكره ممتازه يا بني
جهز ساري زاده و ماء ليستعين به في الطريق و يمم شمالًا حاملَا
عصاه على كتفه ماشيًا بين الاشجار و الازهار و مستمتعًا بمنظر
الطيور الحائمه فوقه في السماء و زقزقة العصافير الجميله, ميممًا
نحو شجره رأها في اعلى التله متجهًا صعودًا نحوها و قال مقكرًا
في ذهنه علي اجذ قسطًا من الراحه و ان اتناول بعض الطعام و
قيلوله تحتها
ثم كان له ما اراد و عندما صحى من نومه كانت الشمس قد قاربت
على المغيب ثم نظر على الارض فراى ثمرة خضراء تكسوها الاشواك
ترى ما نوع هذه الثمره و ما طعمها و ما شكل بذورها . ثم
قسمها الى قسمين فإذا بها بذرتان اسودًا و ابيضًا فتذوقها فإذا هي مره كالعلقم
قال علي اخذ واحده و ازرعها و كذا فعل و كان مساء و كان صباح و
كبرت الشجره في الساحه الخلفيه للمنزل و رعاها ساري سقايه و
عنايه حتى اصبحت باسقه افنانها تعانق السماء و كانت لها ثمار
خضراء شاكه بذورها سوداء و بيضاء مخططه و طعمها مر
معلقم كما تذوقها و رآها اول مره فاخذ منها بذره و سأل
امه بذور ما هذه يا امي . انها بذور خروع يا ولدي
و تستعمل في علاج الآلام المعده . حسنَا علي
ان اعطي منها للعلاج لوجه الله تعالى و
استظل بظلها كل يوم , وكذا فعل
و كان مساء و كان صباح و استفاق ساري ميممًا شطر مدرسته
مودعًا شجرته الجميله الخضراء الباسقة الافنان
و ظهر ذاك اليوم المشؤوم عاد ساري من المدرسه عله يلقى بعض
الظل و الراحه تحت خروعته العزيزه و اذا بجمهور ضخم م جبله
عاليه قرب البيت
ترى ماذا حدث سأل مهرولًا نحو والديه الذين كانا يقفان كغيرهما
مع الواقفين فأخذه والده جانبًا و الحزن باد في عينيه قائلًا : يا ولدي
الدنيا تتطور و تتقدم و قد نخسر في بعض الاحيان ما نحبه جراء
ذالك التطور يا ولدي لقد امرت البلديه بشق شارع خلف منزلنا و
للأسف الشديد ستكون الخروعه في وسطه مما سيضطرون لقطعها
ثم فجأه جاء ذاك الضجيج يكسر الصمت مدويًا انه صوت المنشار
يفترس جذع شجرته العزيزه الغاليه فصرخ ساري صرخه دوت لها
أركان الفضاء الواسع ثم هرول فزعًا صارخًا شجرتي العزيزه لا
تقطعوها و اذ بالشجره تهوي قاتلة محطمة جسد ساري الغض الندي
فساد الصراخ مات الولد مات الولد توقفت قرقعة المناشير و ضجيج
الآلات المفترسه و ساد الهرج و المرج بين الناس و هاجت الام
المكلوم تبحث عن ابنها الذي اختفى تحت الاغصان فوجدته و قد
كسا جسده الابيض الغض دمًا احمرًا قانيًا روى الارض
ولدي حبيبي فلذة كبدي و روحي ضمته الى صدرها الحنون و
الدموع تنهمر من عينيها غاسله وجه طفلها المنير و صراخها قطع
حبل الصمت الذي ساد في المكان
ثم رفعت الايادي ذاك الجثمان الغض الندي الناصع و نقل الى البيت
و سجي ثم شيع بجنازه مهيبه تكسو جثمانه اغصان شجرته
الخضراء و دفن في مقبرة المدينه الى رحمة الله تعالى
و كان مساء حالك الظلمه حزينًا قاتمًا فكان مساء و كان صباح و اذ بشجرة خروع
قد زرعتها الام المكلوم و قد بسقت اغصانها تعانق السماء و تدعو
لساري ذاك الذي ضحى بروحه لأجل شجرته العزيزه بالرحمه من
الله تعالى و ان يدخله فسيح جناته و كان مساء و كان صباح و
انتهت فاجعه تحت شجرة الخروع
Published: May 3, 2017
Latest Revision: May 12, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-301802
Copyright © 2017