كان يا ما كان في قديم الزمان وفي سالف العصر والأوان لحتى كان
كان هناك رجل عجوز يعيش وحيداً في هذه الحياة، لم يكن متزوجاً، وبالتالي لم يكن لديه أولاد، كان هذا الرجل العجوز يحب تشكيل الأشياء والأشكال من الخشب، وفي يوم من الأيام وهو يجلس وحيداً على شرفته؛ خطرت على باله فكرة جميلة وهي أن ينحت طفلاً صغيراً من الخشب ليؤنسه في وحدته، وعندما انتهى أطلق على الطفل اسم بينوكيو.
2
بينوكيو كان لعبة خشبيةً متقنة الصنع، حتى إذا لمحته من بعيد اعتقدت أنه طفل حقيقي، خاصة بعدما ألبس الرجل العجوز بينوكيو ملابس طفل حقيقية.
وفي يوم مشمس جميل كان الرجل العجوز -لنطلق عليه اسم العم مصلح- كان يجلس كعادته متأملاً الطبيعة، وكان يضع بينوكيو بجانبه على كرسي آخر، فجأة تحرك بينوكيو وقال للعم مصلح: “شكراً لأنك صنعتني يا عم مصلح”، خاف العم مصلح من الذي يسمعه، واعتقد بأنه يحلم.
فدخل إلى المنزل وشرب كوباً من الماء، وعاد، فوجد بينوكيو يجلس في مكانه! عندها عرف العم مصلح أنه لم يكن يحلم، وفرح فرحاً شديداً وكأن الله لبى له دعوته في أن يكون له رفقة في آخر عمره، وقال العم مصلح لبينوكيو: “يجب أن أعلمك الكثير الكثير من الأمور التي عليك معرفتها، سأرسلك إلى المدرسة”.
ولأن العم مصلح كان رجلاً فقيراً، لم يكن لديه المال الكافي ليشتري لبينوكيو كتباً للمدرسة، ولذا قام ببيع معطفه وأعطى النقود لبينوكيو وطلب منه أن يشتري الكتب التي يحتاجها في المدرسة.
4
لم يكن يعرف بينوكيو قيمة التعلم، وقيمة المدرسة، لذلك وهو في طريقة إلى المدرسة من أجل التعرف عليها وشراء الكتب اللازمة ليبدأ دراسته، لمح من بعيد خيمة، قام بالاقتراب رويداً رويداً ونظر داخلها، وجد أن هناك عرضاً للدمى الخشبية على المسرح، فقرر أن يدخل، ولكن طلب منه أحد الواقفين على الباب أن يشتري تذكرةً من أجل الدخول.
اشترى بينوكيو بالمال الذي بحوزته تذكرةً من أجل أن يشاهد مسرح الدمى، وفي منتصف العرض المسرحي، فرح بينوكيو بما يشاهده من عرض مسرحي جميل، فذهب مسرعاً إلى عتبة المسرح، وقام بالقفز عند الدمى الخشبية، وعمل فوضى فوق المسرح، وبدأ الناس يغادرون المسرح غاضبين من الفوضى التي افتعلها بينوكيو من غير قصد.
6
وفي هذه الأثناء، قدم صاحب المسرح غاضباً مسرعاً إلى بينوكيو ، ووبخ بينوكيو بشدة وقرر أن يحبسه في قفص من خشب، وكان هناك رجل طيب شاهد ما قام به صاحب المسرح، وطلب منه أن يحرر بينوكيو من حبسه مقابل أن يدفع له مبلغاً من المال، وعندها شكر بينوكيو الرجل الطيب، خاف من إخبار الرجل القصة الحقيقية، فكذب عليه وأخبره قصةً أخرى.
وعندها حدث شيء عجيب وغريب، طال أنف بينوكيو كثيراً لأنه قال قصة كاذبة للرجل الطيب، ضحك الرجل الطيب وقال لبيبنوكيو: “لا تكذب مجدداً حتى لا يطول أنفك، أخبرني القصة الحقيقية حتى يعود أنفك إلى طوله الأصلي”، فأخبر بينوكيو كل قصته مع العم مصلح للرجل الطيب.
8
حزن الرجل الطيب على العم مصلح، لأنه باع معطفه من أجل أن يشتري بينوكيو كتباً، وقرر أن يعطي بينوكيو مالاً من أجل أن يشتري للعم مصلح معطفاً جديداً، وعندما كان بينوكيو في طريقه إلى المنزل، قابل ذئباً ماكراً، أوقفه في منتصف الطريق، ولأنه لمح مع بينوكيو قطعاً ذهبية، قرر أن يضحك عليه ليسرق المال.
قال الذئب الماكر لبينوكيو: “في حال أردت أن يصبح لديك مزيد من القطع الذهبية، قم بدفن القطع الذهبية هنا ونم بجانبها ستجد غداً صباحاً شجرة صغيرة مليئة بالقطع الذهبية”، ولأنه بينوكيو خبرته قليلة بالحياة، فهو لا يعرف شيئاً فعلياً لأنه دمية خشبية وليس إنسان حقيقي، صدق الذئب الماكر وقام بدفن القطع الذهبية تحت الأرض ونام بجانبها.
وفي الصباح عندما استيقظ وجد أن المال الذي دفنه غير موجود، واكتشف أن الذئب كذب عليه وسرق منه المال، حزن بينوكيو حزناً شديداً لأنه في هذه الحال لن يستطيع أن يشتري معطفاً جديداً للعم مصلح.
وعندما وصل إلى المنزل، فرح العم مصلح كثيراً لأن بينوكيو بخير، وطلب منه أن يخبره بما حدث معه ولماذا لم يعد إلى المنزل أمس، عندها خاف بينوكيو من سرد الحقيقة للعم مصلح، فكذب عليه، وطال أنفه، مجدداً كذب كذبة بسبب خوفه من قول الحقيقة، ولكن العم مصلح يعرف بينوكيو جيداً.
قال العم مصلح له: “لماذا تكذب يا بينوكيو؟ الكذب حباله قصيرة، لا تكذب مجدداً حتى لا يطول أنفك، كلما كذبت سيزداد طوله”، اعتذر بينوكيو من العم مصلح وقال له الحقيقة كاملةً، وعندها عاد طول أنفه كما كان، ولم يغضب العم مصلح عندما عرف الحقيقة، حتى لا يخاف طفله الخشبي من قول الحقيقة مجدداً.
10
ولكن العم مصلح طلب من بينوكيو أن يعمل معه في متجره البسيط حتى يستطيع أن يتدبر أمرهما، وفعلاً مرت الأيام، وعمل بينوكيو مع العم مصلح في متجره، وأدخله العم مصلح إلى المدرسة حتى يتعلم، وتمنى بينوكيو من أعماق قلبه التحول إلى طفل حقيقي، وفي يوم من الأيام خرجت له جنية جميلة جداً وأخبرته أنها ستحقق له حلمه ولكن ستبقي على أمر واحد.
فقالت الجنية لبينوكيو: “سأحولك إلى طفل حقيقي، ولكن كلما كذبت سيطول أنفك، وإذا صححت الكذبة سيعود أنفك إلى طوله الطبيعي”، وبالفعل تحققت أمنيته وتحول بينوكيو إلى طفل حقيقي، ولكن كلما كذب سيطول أنفه إلى أن يعترف بالحقيقة.
ومرت الأيام وبقي بينوكيو يساعد العم مصلح في عمله ويدرس جيداً ويجتهد، وأصبحت هوايته المفضلة عمل الأشكال من الخشب كما يفعل العم مصلح، وعاشاً مع بعضهما بعضاً بسعادة وهناء.
12
13
Published: Feb 9, 2017
Latest Revision: Feb 28, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-242973
Copyright © 2017