الاسم: مريانا زيادنة
رقم الهوية: 205899362
التخصص : لغة عربية-سنة ثالثة
مساق: أدب محلي
مع الدكتورة : كوثر جابر
هي ، أنا والخريف
لسلمان ناطور
سلمان ناطور (1949-2016) هو كاتب وروائي فلسطيني من عرب 48، ولد في دالية الكرمل جنوب مدينة حيفا عام 1949.[1] أنهى دراسته الثانوية في بلدته ثم واصل دراسته الجامعية في القدس ثم في حيفا. درس الفلسفة العامة وعمل في الصحافة منذ العام 1968 وحتى 1990 حيث حرر الملحق الثقافي في جريدة الاتحاد الحيفاوية ومجلة الجديد الثقافية.
حاضر في مواضيع الثقافة الفلسطينية، وحرّر مجلة «قضايا إسرائيل» التي تصدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية في رام الله.
آخر إصدارات الكاتب الفلسطيني، ابن دالية الكرمل، سلمان ناطور، هي رواية “هي، أنا والخريف” (2011)، وقد صدرت عن دار راية للنشر / فلسطين العام 1948، بمائتين وتسع وخمسين صفحة.
سلمان ناطور ابن الطّائفة المعروفيّة الدّرزيّة التي تعرّضت لسلب الهويّة، وتعاني منذ عقود لهجمة شرسة من قبل الاحتلال الاسرائيليّ على هويّتها العربيّة، نهجًا لسياسة فرّق تسد. فلا عجب أن نرى الكاتب الذي عانى من هذا الاعتداء، يؤكّد على أهمّيّة الهويّة والذّاكرة والتّرابط والصّمود، فلم يكتفِ بما أصدر من كتب تعبّر عن أرائه، بل لم يتوان عن السّفر في أنحاء الوطن للمشاركة في النّدوات واللقاءات، وتشجيع كلّ فعل ثقافيّ أو مبادرة تنطلق. لتلتقيه يوما في حيفا ويوما في النّاصرة ويوما في رام الله، وآخر في القدس وغيرها من مدن وقرى الوطن، بحيث امتلأ برنامجه أحيانا لمدّة شهر وأكثر بالتّنقّل اليوميّ في أنحاء الوطن.
رواية الأديب سلمان ناطور
بقلم سلمان ناطور
هي، انا والخريف
صدرت في هذه الايام طبعة النشر والتوزيع في العالم العربي، وتقع في 256 صفحة تزين غلافها لوحة السيراميك “امرأتان” للفنانة ندى ناطور.
يذكر ان هذه الرواية تروي حكاية امرأتين، واحدة في الثمانين من عمرها (زينات/ كهرمان)والثانية في الستين (جميلة حسن)، هي رواية عن بؤس امرأتين ولكنها عن بؤس العقل العربي المصاب بالخرافة والمحكوم بالغيب، وقد كتبت عشية خريف العرب في بداية 2011، لكنها تبشر بربيع حقيقي سيأتي لاحقا.
وضع الناشر على الغلاف مقتبسا من صفحات الرواية النهائية، حين وقفت جميلة حسن عند أنقاض بيت زينات الذي هدمته الجرافات وصرخت في وجوه الناس الذين رقصوا فرحا لرؤية الغبار المتطاير:
” زينات حركت أصابع قدمها قبل أن آتي الى هنا. ستنهض من جديد مثل عنقاء الرماد، وستأتي الى هذا الميدان كالريح وستصرخ في وجوههم: لماذا هدمتم البيت؟ أنا لم أمت، أنا كنت في غيبوبة وأفقت، وأنتم متى تفيقون من غيبوبتكم؟ أنا تحررت من خرافتي، وأنتم متى تتحررون؟ ارقصوا في هذا الميدان عندما تتحررون من حكامكم، لا عندما يموت الضعفاء. ستأتيكم زينات، فماذا ستقول لها يا سيادة الرئيس؟ ستأتي وتقف هنا أمام الناس وتخاطبهم بلغتهم لا بلغتها المبهمة. ستأتيكم كالعاصفة وتحني قاماتكم، وتبني بيتها من جديد. أنت تعرف أنها لم تعد كهرمان من الشيشان. هي أنا، وأنا انتصرت على الخريف، وتقمّصت روح التينة التي قطعتها جّرافتك، وكانت تموت وتولد من جديد، تموت وتولد من جديد”.
ناطور، سلمان، لجمعة ٣١ أيار (مايو)٢٠١٣
العلاقات بين العرب واليهود وأبعادها :
في روايته “هي، أنا والخريف” يقدم الروائي سلمان ناطور فهماً جديداً للمسألة الفلسطينية، ولعلاقة العرب باليهود، فيمسك مجموعة من الخيوط السردية، متفاوتة الطول، ويدخلها في نسيج واحد، هو نسيج الحياة الفلسطينية المأخوذ من الواقع المعيشي داخل حدود الوطن، وليثير عبر صفحات روايته أسئلة صعبة عن مصير الإنسان الفلسطيني في الدولة اليهودية، ويقدم سيرورة مثيرة للعلاقات بين الفلسطينيين أنفسهم بشكل خاص وبينهم وبين العرب بشكل عام. أما البعد الإنساني في الرواية فيظهر من خلال شخصيات الرواية وقدرة الكاتب على الدخول إلى عالم المرأة وبالذات بواسطة عرض العلاقات المثيرة بين بطلتي الرواية “كهرمان” و “جميلة”، حيث يروي السارد حكاية كهرمان، فيما تروي جميلة حكايتها وحكاية كهرمان أيضاً.
وفي الحكاية تقع كهرمان الشيشانية ضحية اعتداء البواب عليها جنسياً، وهي لا تزال طفلة، فتنزوي عن الآخرين، ويظن الناس أن جندياً ضربها، ويروّج البعض، ومن ضمنهم أبواب هذه الشائعة من دون أن يبحثوا عن الحقيقة الضائعة. وأما جميلة، فهي ضحية الحكايات أيضاً، هي ضحية قصيدة كتبتها فطلقها زوجها. ولكونها امرأة في مجتمع ذكوري لم تواجه الآخرين، بل لجأت إلى الصمت، وهكذا دفعت، مثل كهرمان، ثمناً باهظاً لعدم دفاعها عن نفسها. وبذلك تساوت المرأتان في أن كلتاهما ضحية. وفي هذا يتساءل الروائي: “كيف يمكن تحقيق وجود إنساني للمرأة بين الخيال والواقع وبين الضعف والقوة؟”.
زينات حركت أصابع قدمها قبل أن آتي الى هنا. ستنهض من جديد مثل عنقاء الرماد، وستأتي الى هذا الميدان كالريح وستصرخ في وجوههم: لماذا هدمتم البيت؟ أنا لم أمت، أنا كنت في غيبوبة وأفقت، وأنتم تفيقون من غيبوبتكم؟ أنا تحررت من خرافتي، وأنتم متى تتحررون؟ ارقصوا في هذا الميدان عندما تتحررون من حكامكم، لا عندما يموت الضعفاء. ستأتيكم زينات، فماذا ستقول لها يا سيادة الرئيس؟ ستأتي وتقف هنا أمام الناس وتخاطبهم بلغتهم لا بلغتها المبهمة. ستأتيكم كالعاصفة وتحنى قاماتكم، وتبني بيتها من جديد. أنت تعرف أنها لم تعد كهرمان من الشيشان. هي أنا، وأنا انتصرت على الخريف، وتقمّصت روح التينة التي قطعتها جّرافتك، وكانت تموت وتولد من جديد، تموت وتولد من جديد.
هي ، أنا والخريف
سيميائية العنوان :
يحمل غلاف الرواية، اسم المؤلف في الأعلى، يليه عنوان الرواية، يحمل العنوان ضمير “أنا” وهو يشير إلى السارد، أما ضمير “هي” فيشير إلى “جميلة” بطلة الرواية، ويحمل الخريف في دلالته بعداً رمزياً يحمل في معناه القوة المناهضة للحياة والبقاء .
والخريف هو خريف العمر ، فترة ما بعد الشباب ، وهو عمر زينات وجميلة .
من هي الـ”هي”، من هي الأنا وماذا يعني دال الخريف؟
تقع الرواية في فصلين، الأول يتكون من ستة عشر مقطعاً ويقع في 132 صفحة، والثاني يتكون من اثني عشر مقطعاً ويقع في مائة وخمس عشرة صفحة. ويفتتح الفصل الأول بحوار دال بين أنا السارد للفصل الأول وجميلة الساردة والشخصية المحورية للفصل الثاني. يتحدث أنا السارد عن الناس الصغار الذين يبحثون عن المواقع الكبيرة ليكبروا من خلالها، فيم تتحدث جميلة عن المناضلين ـ والسارد منهم ـ الذين أرادوا أن يحرروا العالم فلم ينظروا إلى المواقع الصغيرة ولم يروا الأطفال والنساء ولم يتأملوا زهرة. وماذا كانت النتيجة: أنهم انهزموا.
وهذا الافتتاح يحيلنا إلى سلمان وكتّاب اليسار الذين دفعوا سنوات عمرهم يناضلون من أجل قضية كبيرة انعكست في أدبهم، وبالتالي لم يلتفتوا إلى الأطفال والنساء والطبيعة. وتأتي رواية سلمان هذه لتلتفت إلى ما لم يكن التفت إليه، وهي بذلك تغاير نتاجه السابق أكثره، إن لم يكن كله.
خصائص الرواية:
تأتي الرواية على الصراع القائم بين الخرافة والاعتقاد بالغيبيات وبين العقل، أراد المؤلف من خلالها إبراز سيطرة الخرافة أحيانا على العقل العربي، وتحكمها في اعتقادات الناس. امتازت الرواية، بلغة أدبية راقية، وتسلسل أحداث مشوق يعكس مدى براعة الكاتب في أسلوب السرد، وفي المراوحة في ضمائر السرد والزمن معاً.
هل اكتشف سلمان، مؤخراً، رموزه، ولهذا كتب “هي، أنا والخريف”؟ من المؤكد أن الرواية لا رمز فيها، فهي تأتي على شخصية عادية. لماذا كتب إذن الرواية؟ ألأنه ما عاد نشيطاً سياسياً .
سيتحول سلمان إلى كاتب تأسره الحكاية أكثر مما يأسره مضمونها. الكتابة ليست لتغيير العالم، بل هناك جانب آخر وظيفي لها هو المنفعة، وهكذا لم يعد همه ماذا أحكي، بل كيف أحكي ما أريد حكيه، وهذا مدخل مهم لفهم رواية “هي، أنا والخريف”، فموضوعها، خلافاً لأكثر كتابات سلمان، لم يعد الأنا في صراعها مع الآخر من أجل قضمة ودحضة، وإنما الأنا في علاقتها مع الأنا والزمن، ولهذا لم يحضر الآخر في الرواية كما حضر في أعمال سلمان على مدار ثلاثين عاماً.
ويفتتح الفصل الثاني بكلام السارد: لماذا تخليت أنت نفسك عن نفسك أربعين عاماً وأكثر؟ المرأة لا تأخذ حقوقها. المرأة تستعيدها. فيم تسأله هي: وأين كنت أنت أربعين عاماً وأكثر… لا بأس، لك حكايتك، ولي حكايتي.
وسيروي السارد حكاية زينات كهرمان، فيما تروي جميلة حكايتها وحكاية كهرمان أيضاً.
تقع زينات ضحية اعتداء البواب عليها، وهي طفلة، جنسياً. وتنزوي، فيظن الناس أن جنياً ضربها، ويروّج كثيرون، من ضمنهم البواب، لهذا، دون أن يبحثوا عن الحقيقة التي لا يريد البواب إظهارها.
وأما جميلة، فهي ضحية الحكايات أيضاً. هي ضحية قصيدة كتبتها فطلقها زوجها، ولكونها امرأة في مجتمع ذكوري فلم تواجه ولجأت إلى الصمت، وهكذا دفعت مثل، زينات، ثمناً باهظاً. وثمة تواز بين الحكايتين.
هل تخلى سلمان الذي ترك الحزب، وعبر عن ذلك في حكايات أحمد ابن رابعة، هل تخلى عن سلطة العقل في محاربة الخرافة؟ لا أظن ذلك، فالرواية كلها جاءت لتدحض الخرافة ولتكشف زيفها.
“هي، أنا والخريف” رواية تخرج عن إطار أعمال سلمان ناطور موضوعاً بالدرجة الأولى، أما من ناحية السرد فقد أثبت سلمان أنه سارد بارع بامتياز.
الشخصيات:
زينات: وهي الشخصية المركزية في الرواية ، هي الميرة كهرمان من الشيشيأميرة كهرمان من الشيشان (أسيرة الخرافة)، كانت تتفوه بكلمات غريبة لا يفهمها أحد فقط هي وجدها، ليس لها وجود في الأوراق الثبوتية ولا في حواسيب المكاتب .
أخذت عن جدها لون عينيه، وطول قامته وحكاياته، جسدها سمين وضخم ، على وجهها تناثرت شعيرات طويلة شيبة وفوق شفتيها العليا .
جميلة : هي البطلة الثانية في الرواية ، تظهر في الفصل الثاني ، وهي ضحية قصيدة شعرية غرامية في مجتمع ذكوري.
سهام : هي العاملة الاجتماعية في الشؤون، كُلفت من قِبل رئيس المجلس لكهرمان ، حتى تُقنعها في ترك بيتها وهدمه.
لديها جسم ممشوق وهي خمرية العينين، تعرف كهرمان كباقي أهالي القرية وكانت تستفزها وهي صغيرة.
رئيس المجلس : هو ابن عم كهرمان ، أصغر منها بثلاثين عامًا ، والده كان المختار ، نجح بعد عدّة مرات حتى يصل
للمنصب، يريد هدم بيت كهرمان حتى يحصل على العشرة ملايين دولار ويقيم مشروعه في القرية.
جد زينات : كان موظفًا في دائرة الجمارك بعد وصاية “مستر برينز ” لتوظيفه، لباسه أنيق (بدلاته الرمادية المخططة/السوداء/ربطة العنق) ، ساعة الجيب التي ينطلق منها سلسال فضي الى عروة جاكيته، معه غليون ، حديثه رزين ، كان يسميه أهل القرية بالأوروبي لأنه درس في الجامعة الأمريكية ببيروت، وكان طالب للعلم بحيث ذهب الى بلاد القفقاس درس في سمرقند معالم المدينة وتركها بعد عام والشيشان .
بعد موت ابنه كمال وزوجته ونجاة ابنتهم زينات ، وقع في حيرة هل كان واجب تغيير اسم ابنه كمال ؟ كما قال الشيخ وأنه يجب أن يُسمى باسم أحد الأولياء/الصالحين. وبعد موت زوجته فدّم استقالته حتى يرعى ابنة ولده الوحيد “زينات” ، وبقي سؤاله الدائم ماذا سأجيبها ان سألت عن والداها ، فأوقعها بالخرافة في نهاية الأمر .
والد جدها: كان يعمل بمعسكر الجيش المرابط في السهل القريبة من القرية .
عمها: بنى بيتًا من حجر ،حتى يحضى برضا “السيرجنت[1]” ، وأهل الحارة الشرقية ، لذلك كان يلبس العباءة الصفراء المقصبة والمذهبّة . بحيث باع أرض تُطل على البحر ،تقع على منحدر جبل الرجوم، حتى يشتري العباءة ، لكنه فيما بعد نسيها في الباص عندما كان ذاهب للقاء القائم مقام[2]، هو كسِبَ وتكسّب من أموال الحكومة ، الأنكليز ارتاحوا لإدارته ومحافظته على هدوء نسبي في القرية ، وتمت مكافأته ببناء ثلاث غرف تُعد مدرسة للبلد .
لكن بعد سقوط القرية بيد البهود وقّع على تسليمها مرغمًا ، تحدث بعد طلب ضابط “الهجناة [3]” ، على انفراد وقّدم له العباءة التي نسيها، بقي مختار
[1] وهي كلمة إنكليزية تعني كبار الرقباء على أعضاء في كتيبة سرية في مهمة إدارية أو إشرافية، كجزء من طاقم فوج الجيش البريطاني، أقدميتهم تكون من خلال التاج الذي يتم ارتداؤه فوق خطوط الرقيب الثلاثة.
[2] هو شخص يتم تعيينه من قِبل الحكومة الدولة العثمانية كنائب عن صاحب الجلالة والأمر من قبل السلطان العثماني.
[3] أسست منظمة الهاجاناه الصهيونية (بالعبرية הגנה أي الدّفاع) في العام 1921 في مدينة القدس وهي تكتّل عسكري في الانتداب البريطاني على فلسطين في الفترة السّابقة لإعلان دولة إسرائيل.كان الهدف المعلن من تأسيسها الدفاع عن أرواح وممتلكات المستوطنات اليهودية في فلسطين خارج نطاق الانتداب البريطاني.وبلغت المنظمة درجةً من التنظيم مما أهّلها لتكون حجر الأساس لجيش إسرائيل الحالي وقد بلغت قسوتهم أن قتلوا 360 فلسطينيا في دير ياسين.
من عادات كهرمان الغريبة:
* إعداد الشاي واحد مع سكر واجدها الغائب بلا سكر.
* تُنزل الصحون والكؤوس والطناجر من النحاس والفضة، والمزهرية من خزف من الرف العلوي وتمسح بحرقة بيضاء وتُلمعهم وتعيدهم الى الرف .
* عندما تشعر بالملل تمشي في الساحة ذهابًا وإيابًا كالسجناء ، وعندما تتعب تجلس على حجر عند حافة البئر المغلقة بباب حديدي ، وبجانبه مضخة ماء يدوية عمرها أكثر من سبعون عام .(أهالي القرية تنازلوا عن مضخات المياه في سنوات الستين إلا بيتها.
* تُنظف السطح والمزراب ، وكل ثلاث سنوات تُنظّف البئر لوحدها ، الوحيدة التي تضخ المياه من البئر .
* يُظّن أنها بدائية ، لكنها منظمة ولا تُهمل شيء ، كما أنها تملك القوة والوقت للقيام بكل شيء.
*تتحدث بلغة غير مفهومة مثل: كوستا باندا برتا .
اللغة العامية أو الشعبية في الرواية:
-إن قوّست من باكر ،احمل عصّاك وسافر ،وإن قوّست من عشية دوّر على قرنة دفية.
– أنا جيت علشان أساعدك ، طلب مني إبن عمك رئيس المجلس .
-كمان أنتم جايين على جناح الحكاية، كيف وصلت عبايتي لعندك؟
-يما من وين جيت ؟
الالفاظ العامية لها دور كبير في تحقيق المبتغى المقصود للمبدع، وكذا تسهيل عملية إيصال الأفكار والمعاني للمتلقي . التعبير باللغة العامية على لسان شخصيات النصوص الروائية
يعكس دورها وطريقة تفكريها ضمن أو داخل طبقات مجتمعها .
من التغييرات التي حدثت قديمًا وحديثًا:
بيت الجد :
كان البيت الوحيد المبني من الحجر ، بيوت القرية مبنية من الطين ، ساحته من الاسمنت النادر ، بنى جدارًا بدل السلاسل ، بوابة حديدية لونها أخضر زيتي ، توقد النار في المواقد ويربط الدواب عند مدخل البيت ، وكان لزينات جرس يدوي تقرعه عندما تريد أن تنادي جدها ،بيته أصبح مزارًا لكل من يأتي الى القرية.
لكن مع مرور الوقت والزمن حدثت تغييرات في البلدة بحيث :
الشارع الترابي وُسّع وعُبّد وقُطعت أشجاره ، لم يعد في البيوت آبار إلا في بيت زينات ، توليد للكهرباء .
خرافة الجد :
كان هناك ملك يدعى ياقوت وزوجته الملكة مرجانه وابنتهم الأميرة كهرمان(الكهرمان لفظ فارسي عربيُّه العنبر الأشهب. أصله غير معروف، والظاهر أنه مشتق من لفظة كهرم بزيادة الألف والنون للنسبة، معناها الأعمل والأشد تأثيرا، وأصلها كرتمه بمعنى المؤثر والعامل. كلمة كهرمان بالتركية أو قهرمان معناها البطل)،من بلاد الشيشان ، وصلهم خبر أنه سيحدث زلازل في بلدهم ويجن أن ينقلوا الأطفال بلاد آمنة مع جد جيد ، والبلاد الآمنة التي لا يصلها الزلازل ويعيش أطفالها بأمان هي فلسطين ،وسيتم اختيار أفضل جد لتنتقل كهرمان معه الى بلاده ووقع الاختيار على جدها الحقيقي ، مع أنه لم يكن آنذاك قد تزوج لكنه يحكي لها الحكاية لينسيها واقعها الأليم ويُتمها.
فلسطين بلاد يحكمها الانكليز ، ويدير شؤونها حاكم عسكري[1] ، وجيش يضبط النظام .
الناس يعملون في الأرض ويأكلون منا يرزقهم الله ، لا من تعب الاخرين وللجد احترام كبير ، وبعد انتهاء الزلازل سيبعثون ويُعيدوها الى بلادها .
[1] خضع العرب بين الأعوام 1948 حتى 1967 للحكم العسكري الإسرائيلي. في تلك السنوات صادرت إسرائيل أراضي القرى العربية الباقية وفرضت قيودًا على حركة السكّان الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة عام 1948؛ وكان يتوجب للخروج من القرى العربية عام 1948 أمرًا خاصًّا من الحاكم العسكريّ وهي مقرونة فقط بمن يرضى الحاكم العسكري عنهم من العرب
تحليل رمزيات الرواية :
كان الرّاحل “الناطور” في هذه الرّواية مشغولاً بنصرة المرأة بصفة أساسيّة، وليس بهزيمة الرّجل، لأن الرّجل لا يُهزم كما يراه الكاتب. وهكذا وُلدت “زينات” من جديد، وصارت أنثى ناعمة وجميلة، وتخلّصت من مظاهر ذكوريّة شوّهتها وأربكتها، لكن كان ذلك بعد فوات الأوان. لقد حرص الكاتب في مواضع عديدة أن يوظّف بعضًا من الإشارات المسحوبة من الحقل الدلاليّ السّياسيّ، على النحو الذي نجده في نهاية الرّواية تمامًا في جملة مفردات: تحرّر، ميدان، حكّام، رئيس … وبقي حذرًا في تجاوز المسموح إلى الممنوع في هذا السّياق تحديدا. لكن القارئ يستطيع، إن هو أصرّ على ذلك، أن ينقل الرّواية إلى فضاءات مختلفة ما دام الكاتب قد حدّد مجالها الفكريّ العام. “زينات” تحرّرت من تبعيّتها للّخرافة الشّيشانيّة، وهي في الأصل شخصيّة خياليّة ، مثلما قد يتحرّر الشّعب الفلسطينيّ من تبعيّته لوهم العالم العربيّ، وإستعادة صوته الفلسطينيّ الخاص الذي لا يُحسن التعبير إلاّ به. فقد كشفت هذه الرّواية المعاصرة عن إشكاليات البديهيّات التي تُشير إلى التماثل المتداول بين الوطن والأنتماء من جانب، وإلى المنفى/الشّتات وبين الغربة والإقصاء من جانب آخر، وتهدف إلى إعادة تشكيل هذه العلاقة من جديد.
بين السّطور العديد من الأفكار الفلسفيّة في الحياة، وكان أنيقًا في كتابته؛ لأنه يُجيد إختيار الكلمات، كما أنّه يُجيد سرد الحكاية بشكل مشوّق، وتصوير المواقف كذلك. أعتقد أن الأستاذ الرّاحل “سلمان ناطور” بهذه الرّواية حقّق الشيء الكثير؛ ليضع ذكراه في خانة الكتّاب المجيدين، لأنَّ مستوى عطائه كان دومًا متميّزًا وكبيرا.
رأي النقاد :
وكتب النقاد:” إنها رواية عن المقاومة النسائية لآلة جبارة يديرها رجال من أفراد الشرطة وموظفون ومختار وأصحاب رؤوس أموال، والأمر المميز هنا هو أن هذه الأصوات يعرضها بحساسية مرهفة كاتب رجل، ولكن الأهم من كل ذلك هو أنها رواية عن الصدمة، عن صدمة إنسانية هي رمز لصدمة قومية، فلا يمكن أن تقرأ الرواية دون الوصول إلى الصدمة المستمرة التي تواجه عرب الداخل، والتي تجعلهم بلا هوية واضحة ويتكلمون لغة مبهمة، بلا ذاكرة إذ مسحها التاريخ والجغرافيا المعاصران (…) . إنها تستحضر أمام اليهود الباطن السياسي المخفي عنهم والذي تقوم عليه دولة إسرائيل. هذا الكتاب الحساس يسائل الهيكل العظمي الذي تخبئه إسرائيل في التابوت”.
الباحثة د. راوية جرجورة بربارة حللت” رواية “أنا، هي والخريف” وقد اعتبرت قرار سلمان ناطور ارسال الرواية اليها قبل نشرها مصدر فخرٍ لها، وإنّ علاقة راوية بربارة بسلمان ناطور عبارة عن رحلة شهريّة مشتركة في سيّارة
الأجرة من الدالية إلى القدس، إلى معهد فان لير حيث يعمل الاثنان برفقة بروفسور يهودا شنهاف ود. يوني مندل ومجموعة من المترجمين في هيئة “مكتوب” على ترجمة الأدب العربيّ إلى العبريّة، ليتعرّف إلينا الآخر عن طريق أدبنا، رحلة يتحدّثان فيها عن العمل والعائلة والمجتمع والتربية والتعليم والذكريات والآتي؛ أمّا بالنسبة لمداخلتها، فقد تحدّثت عن المفارقات النصيّة في الرواية، والتي ساعدت على بناء معمار الرواية بالتضاد الذي حملته، وكيف أنّ سلمان هو ناطور الضمائر المنفصلة التي أنكرها المجتمع، مثل زينات وجميلة، وهو نصير المرأة التي وقعت ضحيّة هذا المجتمع الخائف من بوح مشاعر الأنثى، منتقدًا رضوخنا وإيماننا بالخرافة واتّكاءنا عليها ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين، خالصًا إلى نتيجة مفادها، أنّنا لن نتحرّر ونتطوّر إلّا إذا تخلّصنا من الخرافات المعشّشة فينا، وعشنا الواقع، وتقبّلناه وتحدّيناه بحثًا عن واقعٍ أفضل.
تحدّث نمر القدومي عن رواية ” هي، أنا والخريف ” لسلمان ناطور فقال:
عندما تحضر الرّواية ويغيب عن الوجود صاحبها .. نلمس دفء الصّفحات، ومِدادا لم يجفّ عن كلماتها .. الرّوح تأبى أن تُغادر، لكن الجسد سبقها.. فكانت البصمات الأدبيّة والفلسفيّة والوطنيّة خير شاهد عليها. رحل الكاتب الفلسطينيّ “سلمان ناطور” إبن دالية الكرمل وترك من خلفه حروفًا نابضة، ومواقف رجوليّة عظيمة. كتب في كلِّ مكان وفي كلِّ زمان، ولم ينسَ هدفه السّاميّ ألا وهو تكريم الإنسان. جاب البلدان والأوطان وعمل جاهدًا على لمِّ شمل الأدباء والمثقّفين من الخلاّن، وبقي همّ وطنه وشعبه أساس فِكره وكتاباته، وأيضًا مقاومة الطغيان.
Published: Aug 26, 2023
Latest Revision: Aug 26, 2023
Ourboox Unique Identifier: OB-1488718
Copyright © 2023