رحلة جبليّة رحلة صعبة by sabren - Illustrated by صابرين - Ourboox.com
This free e-book was created with
Ourboox.com

Create your own amazing e-book!
It's simple and free.

Start now

رحلة جبليّة رحلة صعبة

by

Artwork: صابرين

  • Joined Jul 2022
  • Published Books 3
رحلة جبليّة رحلة صعبة by sabren - Illustrated by صابرين - Ourboox.com

 ولدت الشاعرة فدوى طوقان في مدينة نابلس سنة 1917، وتلقت في مدارس المدينة تعليمها الابتدائي، ولأن عائلتها المحافظة كانت تعتبر مشاركة الأنثى في الحياة العامة أمراً غير مقبول، تركت فدوى مقاعد الدراسة، واستمرّت في تثقيف نفسها بنفسها، بمساعدة أخيها الشاعر إبراهيم طوقان الذي نمّى مواهبها، ووجهها نحو كتابة الشعر، ثم شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية.من أهم شاعرات فلسطين في القرن العشرين من مدينة نابلس وهي من عائلة فلسطينية معروفة، ولقبت بشاعرة فلسطين، حيث مثّل شعرها أساسًا قويًا للتجارب الأنثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على المجتمع.

3
4

سيميائية العنوان:

إنَّ معرفتنا بالظرْفيَّة التي كتبت فيها فدوى طوقان هذا الجزء الأوَّل من سيرتها الذاتيَّة و الظروف التي حافت بهذه الكتابة و الخلفيَّة الإيديولوجيَّة للمُؤلِّفة يجعلنا نُجزمُ قطْعًا انَّ هذا العِنوان شديد الارتباطِ و الصِّلةِ بالواقِع السِّياسي و الاجْتماعي الَّذِي عاشتهُ الكاتبة وهي تُواجِهُ طُغيان أنساق المشروع الذُّكوري الاستلابي الذي شبَّهتهُ الكاتبة بِ ” طاحون القهْر الاجْتماعي ” هذه العبارة الَّتي كثيرًا ما تسْتعْملها طوقان لِتُعبِّر عنَ الطَّوق الاجْتماعي الذي يخنقها و يسعى إلى قمع المرأة و وأدها رمزيًّا ، إنَّ الرحْلة التي تُشيرُ إليها الكاتبة من  خلال العنوان هي رحلة بحث عن الذَّاتِ و مُحاولةِ إثباتها في مواجهة الذُّكورةِ كبناءٍ ثقافي ، تنطلقُ من تمرُّدها على أنوثتها التي أربكت تقدمها و حالت دون تحقيق مطمحها بِمحاولة طمسها و إخفائها حينا و تشبهها بالرجل حينا آخر ليتطوَّر الأمرُ إلى رفْضِ الثوابت الاجْتماعيَّةِ والتَّشكيك في مُسلَّماتها و هو خُطوة أولى في هذا المشوار الطويل الشاقِّ الذي تتوق في نهايته [قمَّتهِ] إلى تحقيق حُلم المساواة و إثبات الذات ، و الجبلُ في سيرة فدوى طوقان كثيرًا ما كان المكان الذي تشعر فيه بتحررها بعيدا عن منغصات البيت و أوامر ونواهي أرباب الأسرةِ لا سيما عندما تكون صُحبة شقيقها إبراهيم الذي كان سندا حقيقيًا لها ، إنَّها رحلة مشبوبة بالمخاطر غير مأمونةِ العواقِبِ لأنَّ سُلطة الضَّبط الاِجتماعي تحول دون أي محاولة تغيير من شأنها أن تُخلخل موازين القوى و تُحدثَ انقلابًا في المفاهيم و المواضعات . لذلك شُبِّهت بالجبل في ناحية منها و وجه الشبه في ذلك وعورة الطريق و صُعوبتها فطريق الحريِّة طريق وعرة مليئة بالأخطار والمصاعبِ ، لذلك كُلَّما تقدَّمت الكاتبة في رحلتها شوطًا إلَّا و تقهقرت أشواطًا فهي كرحلة سيزيف الأسطوريَّة و الصَّخرة التي كلَّما دفعها نحو القِمَّة تدحرجت إلى الأسفلِ .

سيميائيَّة العِنوان في سيرة فدوى طُوقان رِحلة جبليَّة رِحلة صعْبة

الأستاذ ضو سليم ، باحث في مرحلة الدكتوراه ، جامعة تونس

 مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 35  الصفحة 71.

5

السيرة الذاتية النسائية، وهنا سيرة الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان “رحلة جبلية، رحلة صعبة”، تبدأ من السؤال حول الذات، سؤال مقلق، سؤال وجودي، سؤال محمل بالإدانة وبالشعور بالرفض والإهمال. هذا الشعور هو النقطة التي أسالت الذكريات من نبعها الدفين. تقول فدوى طوقان:”خرجتُ من ظلمات المجهول إلى عالم غير مستعد لتقبلي؛ أمي حاولت التخلص مني في الشهور الأولى من حملها بي، حاولت وكررت المحاولة، ولكنها فشلت.عشر مرات حملت أمي، خمسة بنين أعطت إلى الحياة وخمس بنات، ولكنها لم تحاول الإجهاض قط إلا حينما جاء دوري؛ هذا ما كنت أسمعه منها منذ صغري”.

إن إحساس الطفل بأنه مرفوض في أسرته، مهما كانت الأسباب والظروف، يترك جرحا نفسيا ووجوديا عميقين في وعيه وانكسارا ينحو جهة الحس الفجائعي الذي سيلون مسار حياته بالصعوبة. يظهر ذلك من خلال السؤال الملحاح: من أنا؟ ما مكانتي في ذاكرة هذه الأسرة التي أعيش في أحضانها؟ تقول: “كثيرا ما سمعت أمي تذكر طرائف ونوادر عن طفولة إخوتي مما كان يثيرنا نحن الصغار فنضحك، وكنت أنتظر دائما أن تروي شيئا عن طفولتي، نادرة مثلا، أو حادثة طريفة طرافة الحوادث التي ترويها عنهم، ولكن دوري الذي كنت أنتظره لم يكن ليأتي قط.. فأبادرها بالسؤال بلهفة طفولية: احكي لنا يا أمي شيئا عني، ماذا كنت أفعل؟ ماذا كنت أقول؟ بالله احكي، ولكنها لم تكن لتبل غليلي، ولو بذكر طرفة تافهة، وأنكمش في داخلي، أحس بلاشيئيتي: إنني لا شيء، ليس لي مكان في ذاكرتها…”.

دوى طوقان: “رحلة جبلية، رحلة صعبة”.

منشورات كتاب الدوحة، 2017

154 صفحة

6

فدوى طوقان الشاعرة الفلسطينية العصامية التي انتزعت من الحياة صوتها وحررته من الإحساس الفاجع بالنبذ الأسري وضيق حدود البيت الكبير المأهول، وصنعت لنفسها اسما في عالم الشعر العربي عامة والنسائي خاصة، حملت داخلها هذا الجرح والذي يمكننا من خلاله تفسير كثير من ذكرياتها وتصرفاتها؛ حب العزلة وسوء تقدير الناس والخوف من مخالطتهم، والحظ العاثر في الحب والحياة. تعود فدوى طوقان مرة أخرى لسؤال الطفولة وسؤال الوجود والهوية، فتبحث عن تاريخ ميلادها فتجده قد مسح من ذاكرة والدتها، ولا تحصل سوى على علامات تقريبية تقودها إلى سنة 1917م: “تاريخ ميلادي ضاع في ضباب السنين، كما ضاع في ذاكرتيهما؛ وأسأل أمي: لكن يا أمي على الأقل في أي فصل؟ في أي عام؟ وتجيب ضاحكة: كنت يومها أطهو عكوب؛ هذه شهادة ميلادك الوحيدة التي أحملها”. لقد حملت الطفلة ولاشك المرأة لاحقا داخلها هذه المشاعر المقلقة والمحيرة للكائن حول هويته وانتمائه الشخصي:

-الشعور بالرفض والإبعاد.

-امحاء تاريخ الميلاد من ذاكرة الوالدين.

-امحاء ذكريات الطفولة من ذاكرة الأم.

من ثمة، تولد لديها شعور حاد بمقابلة الإهمال بالإهمال، والنسيان بالنسيان والرفض بالرفض، إنه شكل من أشكال المقاومة النفسية التي تلجأ إليها نفس كل فرد يشعر بالاضطهاد النفسي أو الاجتماعي أو السياسي. تقول فدوى طوقان:” كنت أتمنى دائما لو أنني ابنة لخالتي وزوجها، ظللت أكره انتمائي إلى العائلة التي جعلني سوء الحظ واحدة من أفرادها؛ لقد كنت أفضل دائما الانتماء إلى عائلة أقل غنى وأكثر حرية”.

7

الإضافة إلى هذه الكهوف الثلاثة، ظهر كهف آخر أشد ظلاما، إنه كهف “الحريم”، الذي سيضيف جرحا جديدا إلى جراح ذات الشاعرة، ويفتح أفقها الشخصي على الأفق النوعي، لتكتشف أن المرأة العربية في بداية نهوضها ضد كل أشكال القهر النفسي والجسدي واللغوي والوجودي. لقد عانت تاريخا طويلا من تسلط الذكورة عليها وحرمانها من الكثير من حقوقها عبر تأويل خاص للنصوص الشرعية. ومن ثمة، وجدت الشاعرة نافذة تطل منها على الجانب الخير والمضيء في شخصية أمها، تقول: “غير أنني كنت أحس بوجود خيط من الشقاء اللامنظور يمتد في أعماقها، وحين كبرت عرفت مصدر ذلك الشقاء الخفي. إنه الحصار والقهر الاجتماعي المفروض على المرأة في بيتنا. كما تأكد لي أن ذلك القهر الذي كانت تعانيه، وعزلتها عن المجتمع خارج البيت هو الذي نمى فيها ملكة السخرية والنكتة الذكية كنوع من التنفيس”.

الكهف الخامس المؤلم في طفولة فدوى طوقان تمثل في “صدمة الحب البريء”، الذي نجم عنه أمران جليلان، أثرا على تنشئتها نشأة سليمة؛ هما: توقيفها من متابعة تعليمها وهو المجال الذي كانت تثبت فيه ذاتها وتعلن عن مؤهلاتها وقدراتها في التذكر والتفكر، وحبسها في البيت مع النساء، لتصبح امرأة عادية، أو بأسلوب سيمون دي بوفوار “لتصير امرأة”، على نمط النساء في جناح الحريم، أدوات للاستمتاع والإنجاب وشؤون البيت.

تُظهر هذه الكهوف الخمسة أن خطاب السيرة الذاتية عند فدوى طوقان لم ينطلق من الإحساس المشبع بتضخم الأنا، والامتلاء بالرضا المطلق عن المنجز الأدبي، ومسار الحياة ودروبها، إنها تبدأ خطاب الذات باللايقين، عبر البحث في الذاكرة عن العوائق أو المنطلقات الخاطئة التي ولدت في الذات المتكلمة وفي اللغة وفي الرؤية إلى العالم والحياة الإحساس بالمأساة. لقد كانت تلك الكهوف الخمسة حفرا مظلمة في نفس وذاكرة الشاعرة، تخصها شخصيا في ذاتها وكينونتها، أما باقي الكهوف الأخرى فأقل حدة وإن كانت ملهمة السؤال ومحفزة على التفكير القلق، مثل قضية “الموت”؛ مثل موت عمها الحاج حافظ، وصديقتها علياء، ومعلمتها الفضلى زهوة العمد

8

لم تتخلص فدوى طوقان تماما من تبعات الطفولة، إلا أنها قاومتها واستطاعت بناء شخصيتها الشاعرة المميزة، واختارت نمط حياة يناسبها ولم يفرضه عليها شخص آخر. وكانت بداية الضوء نحو الخروج من العتمة، من الكهف، شخصية شقيقها إبراهيم طوقان الشاعر الذي كرس وقته وجهده لتعليمها في البيت كيف تكتب الشعر، شعرا تقاوم به محيطها الجامد، وتشارك عبره هموم شعبها ضد الاحتلال البريطاني ثم الاستيطان الإسرائيلي، وتحاول من خلاله تمزيق دائرة العزلة، والانصهار في الجماعة. وإن تمكنت من كل ذلك فإنها لم تتمكن من الاندماج في صفوف الجموع، وهو ما كان يحز في نفسها. تقول: “كنتُ أتمنى بصدق لو تظل السياسة جزءا دائم السخونة في تفكيري، لو أستطيع الانضواء إلى أحد الأحزاب التقدمية، لو أتخلص من هذا التمزق بين فرديتي وبين عواطفي الشعبية، تلك العواطف التي كانت تستيقظ فقط في المناسبات المتأججة. كنت أتمنى ومن كل قلبي لو أستطيع الارتماء في حضن الجماعة فأعيش حياتها واهتماماتها ومواقفها المتصلة بالقضايا الوطنية. ولكن تحقيق هذا التمني ظل فوق قدرتي؛ فالتعامل مع الناس في الخارج ليس في طبعي، وهكذا بقي عجزي التام عن الاندماج مصدر شعور بعدم الرضى، وبقيت حائرة بين هذه الحالات المتعارضة، موزعة النفس بفعل التعارض القائم بين قوة طبيعتي الأصلية المتحكمة وبين عدم اقتناعي، بل كرهي هذه الطبيعة، مما ولد في ضميري ما يشبه عقدة الذنب، وفي الحقيقة لقد كان عجزي عجزا مأسويا”.

لقد بدأت فدوى طوقان سيرتها بالبحث في تاريخ ميلادها وذكريات طفولتها التي توافق العام 1917، وأنهت خطابها السير ذاتي بالاستعداد للرحلة إلى إنجلترا من أجل حياة أخرى سنة 1962.

 

فدوى طوقان: “رحلة جبلية، رحلة صعبة”.

منشورات كتاب الدوحة، 2017

154 صفحة.

9

10

دراسة نقدية:

جماليات اللغة
تمتاز هذه السيرة بوضوحها وصراحتها واللجوء إلى المباشرة واللا مفاجأة وإن كان هذا غريبا بعض الشيء من شاعرة!
لم تخل هذي السطور من جماليات وانزياحات لغوية بارعة تشي بموهبة غير عادية، تجلى ذلك في حديثها الغامض حول تجربتها الأولى في الحب ص54، كما تجلى في حديثها عن الطبيعة ص62، وفلسفتها للحوادث: ” إن الشيء الأكثر أهمية هو ما يحدث فينا لا ما يحدث لنا” ص128

ولها تراكيب مضيئة منثورة بين السطور كقولها: كان رقيقا كطيف ص54 ، وقولها: قلبي الطفل ص127 وتسميتها للخادمات: مساعدات ص76 وهذا راق جدا.

مسيرة التطور في شعر فدوى
كانت البداية بالافتتان بلغة الموشح ” أيها الساقي إليك المشتكى” لابن زهر ومحاولات اسقاط شخصيات الموشح على واقعها المشهود ص 64
ثم بمساعدة أخيها الأحب إبراهيم الذي رشح لها كتاب الحماسة لأبي تمام واختار لها كافيّة السُلَكَة أم السُلَيك ص68
ثم انطلقت في عالم النظم متأثرة بإبراهيم فكتبت بعض المنظومات الوطنية ص 87
حتى استقام لها الشعر فكتبت ونشرت في مجلة (الأمالي) وغيرها ص89 وكانت تلجأ لاسم مستعار في نشر بعض القصائد الغزلية فتذيلها باسم “دنانير” إشارة إلى الشاعرة دنانير جارية يحيى البرمكي واطلعت على شعراء المهجر والشعر المهموس فأفادت منهما فكتبت الشعر الغنائي ص121 ثم شعر التفعيلة ص203

11

الاقتباس والإحالات
غالبا ما يثري الكاتب المثقف نصه باقتباسات وإحالات والسيرة التي بين أيدينا نالت من ثقافة كاتبتها الشيء الكثير، فنراها تشير إلى قصة سيزيف والصخرة ص11، وتقتبس من كونفوشيوس ص83 و انجلز ص151 وتقتبس من أشعار علي بن أبي طالب ص153 وبشار بن برد ص159 والمعري ص207، كما تحيل إلى ملحمة جلجامش ص155 وإلى العهد القديم سفر الجامعة ص155.

معاناة الطفولة
تقول فدوى إنها عاشت طفولة بائسة اجتماعيا ونفسيا وحتى صحيا فقد أصيبت بالملاريا وهي طفلة ص18 وشكل موت صديقتها علياء صدمة عاطفية لم تفق منها إلا بعد حين، وتشير إلى أن أمها كانت تمشط شعرها بعنف! ص22 وحرقت لسانها بالفلفل ظلما وعدوانا ص22 ومنعها أخوها من الدراسة لشبهة لقائها بشاب غريب! ص57 وكانت تطاردها كوابيس ترى فيها عجوزا تركض خلفها حتى خشيت النوم! ص58.

إلا أنها تشير في الوقت نفسه إلى خروجها مع عائلتها في المواسم الربيعية والأعياد وأيام الخميس ص44/47 وتخرج مع ابنة الجارة صديقتها “علياء” فتزور الأضرحة وتركض في الغابات وتحتفل بالعيد وتزور ما يشبه الملاهي وتحصل على (عيدية) جيدة! ص48 وكان أبوها يتقبل النقد -ولو أحيانا- فعندما منعها واختها من تعلم الإنجليزية اشتكت أختها عنده فأوكل إلى أخيهما نمر مهمة تعليمهما ص97 كما أنها سافرت إلى عمان!! ص102

دراسة نقدية للسيرة الروائية رحلة جبلية رحلة صعبة للشاعرة فدوى طوقان/المقهى الثقافي

12

ونجد في سيرة فدوى طوقان”الرحلة الأصعب”الكثير من أشعارها التي أثارت الكثير من
الزوابع حولها. فقد كان حديثها عن بداياتها في الجزء الأول من سيرتها”رحلـة جبليـة، رحلـة
صعبة”، ولكن في الجزء الثاني تحدثت عن دور الشعر في المقاومة، ولكنها لم تغفل الحديث عن
شعرها العاطفي، وذلك بحديثها عن قصيدتها المعنونة: “إلى الصديق الغريب”التـي تقـول فـي
نهايتها:
“ولو أنني يا صديقي كأمس
أدل بقومي وداري وعزي
لكنت إلى جنبك الآن، عند شواطئ حبك أرسي
سفينة عمري
. (2) لكنا كفرخي حمام”

هذا ما دفع محمود درويش لأن يوجه إليها نقداً قاسياً فـي رباعياتـه”يوميـات جـرح
فلسطيني”والتي أهداها إليها، فنشرت الجزء الخاص بها في سيرتها. قال:
“لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام
ولذا لم يتفتت حبنا بين السلاسل
نحن يا أختاه من عشرين عام
. (1) نحن لا نكتب أشعاراً ولكنا نقاتل”

13

قد هاجمتها الصحافة العبرية واتهمتها بأنها من أكلة لحوم البشر
الصحافة العبرية بأنها قد استعارت المعنى من قصيدة لشاعرهم القـومي الصـهيوني (منـاحيم
بيالك) عنوانها”أناشيد باركوخيا”ترجمها لها أحد أصدقائها الذي يقول فيها للرومان:
“هذا ليس بشيء سوى أنكم مرات عديدة أوجعتمونا
وحولتمونا إلى حيوانات مفترسة
وبغضب وحشي سوف نشرب دماءكم بدون رحمة
. (2) حين يقوم كل الشعب ويطلب الانتقام”
ومن هنا نستطيع القول بأن فدوى قد نشرت قصيدتها في سيرتها ونشرت معها جزءاً من
قصيدة مناحيم بيالك لتبرر موقفها لمن اتهموها بأكل لحوم البشر، إذ لا يصح أن يحلِّلوا لأنفسهم
ويحرموا على الآخرين. وقد قامت بنشر قصيدتين للشاعر اليهودي (أبشلوم كور) يدعو فيهمـا
. لتظهر أن موقفها يعد مهذباً أمام موقف شعرائهم العنصري. (3) لقتل الفلسطينيين والخلاص منهم
وحتى تظهر بأنها منطقية في دعواها نشرت قصيدة أخرى للشاعر اليهودي التقـدمي (ييبـي)،
. كما (4) وفيها يتبرأ من الأعمال الوحشية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني
نشرت قصيدة عنوانها”في الهزيع الأخير من الليل”للشاعر (مردخاي أبي شـاؤول) مبـدياً فيهـا
. (5) استنكاره الشديد للحملة الظالمة التي قامت بها الصحافة الإسرائيلية ضدها
وفي سيرة فدوى طوقان الكثير من القصائد الوطنية، والقصائد التي ترثي فيهـا بعـض
الشهداء، وتدافع فيها عن بعض المعتقلين ممن كانت تعرفهم.وإذا كانت فدوى طوقان قد نشرت عدداً من القصائد لشعراء يهود لتبرير موقفها الوطني
الذي لم يكن في الحقيقة بحاجة إلى تبرير، فإن نشرها لعدد من القصائد لشعراء يهـود تقـدميين
يؤيدون موقفها هو أيضاً لون من الألوان لتبرير وجود علاقات معهم.

جامعة النجاح الوطنية
كلية الدراسـات العليا

 

فن السيرة الذاتية في الأدب الفلسطيني
بين 1992 – 2002

إعداد
ندى محمود مصطفى الشيب ص(156+157+158)

14

الاسلوب واللغة في سيرة فدوى طوقان:

+كتبت فدوى تجاربها الذاتيه وبالنظر اللى السرد وطريقة العرض كأنه عمل روائي .

إن الناحية الأسلوبية في سيرتها اظهرتها كأنها كانت منذورة من البداية لحمل رسالة نسوية سياسية تعبر عن هموم جيلها، بدأت بالأسلوب الكلاسيكي ثم مالت الى اسلوب اكثر سهولة وتحررا متاثرا بالشعر الرومانسي، كانت تسعى لتغيير أساليب التعبير الفني وتطويرها، فمازجت بين المقال التحليلي والسرد الروائي فأخرجت سيرة فنية رائعه، فرحلتها تمثلت نوعا من التطور المرحلي للحدث فخرجت من نقطق الانغلاق الى عالم الأنفتاح .

+الوصف كان ممتع فصورت المكان والعادات والأشخاص ورسمت صورة ممتعة لزمان مضى وتغير في عبارات موسيقية رائعة تتم عن لغة شاعرية متدفقة وقدرة نادرة في نقل الحدث في شتى الوسائل كالقصاص في عرض شخصياته وتصوير أماكنه

+بساطة الكلام وسهولته ومع ذلك جانب من الألمام والتمكن .

+تسخير لغتها الشعيرية لها الف لون وطعم برقة شاعرية أنثوية (كالمتوالية الهندسية)

المعهد الأكاديمي بيت بيرل(نظرة المرأة في سيرة فدوى طوقان)

15

16

مصطلحات تاريخية واحداث تتعلق بالحياة الفلسطينية ذكرت في السيرة:

الانتداب البريطاني:

هي سلطة حكمت فلسطين لمدة 28 عام بين يوليو 1920 ومايو 1948 وبالحدود التي قررتها بريطانيا وفرنسا بعد تفكيك الامبراطورية العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى وبموجب معاهدة سيڤر.

تأسيس جامعة النجاح :

1918: بدأت النجاح مسيرتها بوصفها مدرسةً ابتدائية، وكانت تستقبل الطلاب من أنحاء فلسطين جميعها ومن بعض الأقطار العربية، ثم تطورت إلى كبرى الجامعات الفلسطينية في فلسطين.

عمل ابراهيم طوقان في اذاعة القدس:

في سنة 1936 ، استلم إبراهيم طوقان عمله الجديد في القسم العربي في إذاعة القدس التي تأسست في ذلك العام، ووقع الاختيار عليه ليكون مراقباً للقسم العربي فيها، فاحتضن هذا القسم، وتعهده بعنايته مدة أربع سنوات. ولعل من أهم ما قام به هناك، تصديه لفئة كانت تسعى سعيها لتنشيط اللغة العامية، وجعلها اللغة الغالبة على الأحاديث العربية المذاعة، الأمر الذي كان من أسباب إقالته من عمله في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1940.

1935 قرية يعبد:

يعبد من اكبر المدن الموجودة في محافظة جنين. وتشتهر مدينة يعبد على الساحة السياسية بانطلاقة ثورة عز الدين القسام والتي انطلقت عام 1936 بقيادة المناضل الشهيد عز الدين القسام والذي استشهد على ارضها الطاهرة اضافة إلى وقوعها على مرتفع الجبال وقربها من الخط الاخضر كما وتشتهر بارضها الخصبة وبكبر عدد سكانها حيث تعتبر من اكبر المدن الوجوده في محافظة جنين من حيث عدد السكان.

17

الثورة الشعبية:

الثورة العربية في فلسطين 1936-1939، عُرفت لاحقًا بـ «الثورة الكبرى»، هي انتفاضة وطنية قام بها العرب الفلسطينيون في فلسطين الانتدابية ضد الإدارة البريطانية للولاية الفلسطينية، والمطالبة بالاستقلال، وإنهاء سياسة الهجرة اليهودية المفتوحة، وشراء الأراضي، والهدف المعلن المتمثل في إنشاء «بيت وطني يهودي»،[11] وقد اندلعت شرارتها عقب قيام الفلسطينيين بقتل اثنين من اليهود وإصابة ثالث خلال هجوم على مركبتهم في طولكرم بتاريخ 15 أبريل 1936.[12] تأثرت المعارضة مباشرة بالتمرد القسامي، بعد مقتل الشيخ عز الدين القسام في عام 1935، وكذلك إعلان الحاج أمين الحسيني 16 مايو 1936 باعتباره «يوم فلسطين» ودعوته إلى إضراب عام. وصف الكثيرون في اليشوب اليهودي الثورة بأنها «غير أخلاقية وإرهابية»، وغالبا ما قارنتها بالفاشية والنازية.[13] غير أن بن غوريون وصف الأسباب العربية بأنها تخشى من تنامي السلطة الاقتصادية اليهودية، ومعارضة الهجرة الجماعية اليهودية، والخوف من التماهي الإنجليزي مع الصهيونية.

فوزي القاقوجي:

ضابط في الجيش السوري وقائد جيش الإنقاذ عاش فوزي القاوقجي في دمشق وتميز بشجاعته النادرة وعروبته التي دفعته لخوض المعارك ضد الاستعمار الأوروبي في مجمل المناطق العربية فشارك في الثورات في مناطق مختلفة من سوريا ضد الفرنسيين في العشرينيات وثورة فلسطين 1936.

18

هدنة وقف القتال:

بعد توسط عد من الزعماء العرب تحت وعود بريطانيا بإنصاف عرب فلسطين، توقف الإضراب والثورة في 13/10/1936، بعد أن استمر 176 يوماً.

صدر النداء الذي توقف على أثره الإضراب والثورة عن عاهل السعودية (عبد العزيز آل سعود)، والملك غازي (عاهل العراق)، والإمام يحيى، والأمير عبد الله في 8ـ9/10/1936.

مشروع التقسيم:

في نهاية كانون الثاني 1937، أنهت لجنة بيل الملكية أعمالها، وعكفت على إعداد تقريرها في لندن.  وأفادت الأنباء بأن اللجنة ستوصي بتقسيم فلسطين؛ فأذاعت اللجنة العربية العليا بياناً رفضت فيه التقسيم؛ فعمت المظاهرات البلاد من جديد.

نشر تقرير اللجنة في 7/7/1937، وأوصى بإنشاء دولة لليهود على أقسام من فلسطين، وجعل القدس وحيفا تحت الانتداب؛ وأعلنت الحكومة البريطانية تبنيها للتقسيم واستعدادها لتنفيذه.

19

توالت النكبات في حياة فدوى طوقان بعد ذلك ، حيث توفي والدها ثم توفي أخوها ومعلمها إبراهيم ، أعقب ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948 ، تلك المآسي المتلاحقة تركت أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين لنا من شعرها في ديوانها الأول (وحدي مع الأيام) وفي نفس الوقت فلقد دفع ذلك فدوى طوقان إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات .

سافرت فدوى طوقان إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي, وأقامت هناك سنتين ، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية, حيث جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة الحديثة و بعد نكسة 1967 خرجت الشاعرة من قوقعتها لتشارك في الحياة العامة بنابلس فبدأت في حضور المؤتمرات واللقاءات و الندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون من أمثال محمود درويش و سميح القاسم و توفيق زياد .

وفي مساء السبت الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2003 ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين ، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة :

كفاني أموت عليها وأدفن فيهاو تحت ثراها أذوب و أفنى

و أبعث عشباً على أرضها

وأبعث زهرة اليها

تعبث بها كف طفل نمته بلادي

كفاني أظل بحضن بلادي

تراباً ،‌وعشباً‌ ، وزهرة ..

20

21

الخاتمة:

+تعكس ملامح فدوى طوقان اللغوية هويتها الفلسطينية من خلال استخدامها للغة العربية الفصحى والتعبير عن مفردات وعبارات فلسطينية تتعلق بالثقافة والتراث الفلسطيني. كما تناقش في كتاباتها مواضيع وقضايا فلسطينية مثل النزوح والاحتلال والهوية الوطنية. يمكن أن تعكس أيضًا هويتها الفلسطينية من خلال استخدامها لأشكال الشعر والأدب الفلسطيني التقليدي.

+تعكس شعر فدوى طوقان هويتها الفلسطينية من خلال الأسلوب الذي تحتوي به على تفاصيل وأحداث الحياة اليومية في فلسطين، والأشياء التي تشغل بال الفلسطينيين في أوقات الصراع والأزمات السياسية. كما تعكس أيضًا هويتها الثقافية والاجتماعية من خلال تشجيعها على الابتكار والتفكير الشامل وعكس صورة قوية للمرأة الفلسطينية، رغم الصعوبات التي تواجهها.

22

23
This free e-book was created with
Ourboox.com

Create your own amazing e-book!
It's simple and free.

Start now

Ad Remove Ads [X]
Skip to content