بدأ العام الدراسي، إنه اليوم الأول من المدرسة. الطاقم التعليمي على استعداد لإستقبال الأطفال في الروضة ومستعدون لجميع المشاعر التي يحملها الأطفال معهم من بيوتهم وحاضرون لإستخدام كافة الطرق لتسهيل عملية التأقلم والإنفصال عن الوالدين.
دخلت الطفلة “س” مع أمها، تسريحة شعر جميلة، يبدو الخجل واضح على وجهها، لعبت مع أمها، تعرفت على الصف وعلى المعلمات وحان وقت الوداع. لم يكن سهل على “س” أن تودع أمها وتنفصل عنها لتذهب وتتأقلم مع كل شيء جديد. مدرسة جديدة، أطفال جدد، معلمات …. ودعت الأم ابنتها تاركة ورائها دمعات ابنتها تودعها بصراخ وبكاء.
بقيت “س” على هذه الحالة كل يوم لمدة أسبوع وكان من المتوقع هذا حيث أن “س” تنفصل عن أمها لأول مرة. توجهت لي الأم وسألتني ما العمل؟ اقترحت عليها بعض الحلول، منها استخدام القصص لتحضيرها بشكل أكبر للروضة، واقترحت قصة ” A kissing hand “، تدور احداث القصة حول حيوان الراكون، الأم وابنها. وتتحدث القصة عن مرحلة انفصال الاطفال عن الوالدين للذهاب الى المدرسة وكيفية التعامل مع الموضوع. يعتبر هذا الموضوع مرحلة انتقالية للطفل من حياته مع أهله إلى بيئة جديدة وأشخاص جدد، مربيات وأطفال أخرون. قد تكون هذه المرحلة من أصعب المراحل على الطفل وهو بحاجة إلى الوقت الكافي للتأقلم مع البيئة الجديدة.
وبعد فترة لا بأس بها تغلبت الطفلة “س” على مخاوفها ولم تعد تبكي عند وصولها إلى الروضة وكانت تبعت لي الطفلة مع أمها رسالة صوتية تقول لي أنها لن تبكي في اليوم التالي وبالفعل هذا ما حدث.
مر شهر على بداية العام الدراسي وأكاد أسمع صوت “س” في الصف، كانت عندما تريد الذهاب إلى الحمام تشير لي إلى خارج الصف وأفهم أنها تريد الذهاب إلى الحمام، كما أنها تبقى مشتتة في الصف وكأنها غير موجودة، مثلا اذا طلبت من الاطفال احضار شنتة الطعام يجب ان أقول ل “س” مرة أخرى لكي تنتبه علي. أعتقدت أن المشكلة هي خجل الطفلة وصعوبة تأقلم مع الحياة الانتقالية الجديدة. في يوم من الأيام سألتني أمها عنها، سألتها اذا “س” بطبيعتها خجولة وقليلة الحديث؟ قالت انها خجولة ولكنها تتحدث في البيت بشكل طبيعي.
استغربت من جواب أمها وقلت لها أنها بالصف تبقى صامتة وحتى الذهاب إلى الحمام يكون عن طريق الإشارات. صارحتني الأم بقلقها الزائد على “س” منذ الولادة وتشعر بأنها السبب بما يحدث لها الان بسبب تعلقها الشديد ب “س” حيث أنها واجهت مشاكل عديدة عند الولادة وكانت تعاني “س” من مشكلة في مجرى التنفس واصبح القلق عليها كبير جداً ولم تتركها لدقيقة واحدة بسبب خوفها الشديد وهذا أدى الى تعلقها الشديد بها. وهنا ربطت صمتها الانتقائي بالحالة التي تعيشها وشعرت أني بحاجة إلى التصرف ومواجهة ما يحدث ل “س” ومحاولة معالجته بالتعاون مع أمها.
من أحدى الطرق التي استخدمتها لتشجيعها على التكلم والتفاعل مع الاطفال الاخرين في الصف، نقلها إلى طاولة فيها أطفال يتحدثون كثيراً ويتفاعلون في الصف بشكل كبير، بالفعل هذا ادى إلى تشجيعها على الكلام قليلاً و كذلك ادى إلى تقليل التشتت لديها والانتباه اكثر لما تقوله المعلمة. وبدأت أشعر بتحسن ملحوظ وتفاعل أكثر منها.
وأصبحت التجىء إلى طريقة أخرى تفاعلية لتشجيعها على الكلام، أصبحت كل يوم صباحاً أطلب من الاطفال الذين أشعر أنهم يخجلون من التحدث في الصف أن يغنوا لنا أغاني تعلموها في الصف، وبالفعل “س” تفاعلت بشكل ممتاز مع هذه الطريقة وأصبحت أسمع صوتها أكثر في الصف. ما زال الخجل موجود ولكن أستطعنا أن نتجاوز مرحلة صعبة.
لا أعتقد أن حالة الطفلة ” س” بحاجة إلى أحدى وسائل العلاج التي تم ذكرها في اللقاء، في حال تفاقمت المشكلة، ممكن أطلب لقاء الأهل للتوجه إلى مختص وذلك من أجل التقدم في علاج الحالة.
Published: May 6, 2023
Latest Revision: May 6, 2023
Ourboox Unique Identifier: OB-1450276
Copyright © 2023