مهمة مساق الكتابة الابداعية

من هو كاتب القصيدة؟

محمود درويش من كبار شعراء المعاصرين ومن روادة قصيدة الشعر الحر ومن أوائل المجددين في بنية القصيدة العربية الكلاسيكية. ولد محمود درويش في 13 مارس عام 1941 في قرية البروة الفلسطينية الواقعة في الجليل شرق ساحل عكا، عاش لاجئًا من بين الاف الفلسطينيين اللاجئين في جنوب لبنان. اكمل محمود درويش دراسته الابتدائية بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الأسد، اما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف وبعد ذلك كانت حياته عبارة عن مقالات وشعر في صحيفة الاتحاد والجليل، ويعرف عنه بأشعاره الوطنية والقومية المليئة بالحماس والممزوجة بالحب والملازمة له، ويعتبر هذا الشاعر من ضمن الشعراء الذين أضافوا للأدب العربي الحديث وبالأخص في ناحية الدلالات الرمزية به ، فقد كانت قصائد محمود درويش على قدر عال من الأدب الرفيع ، ذلك بالإضافة إلى أن محمود درويش كان ناقد جيد ،

ومن أبرز قصائده، قصيدة تنسى كأنك لم تكن.

   قصيدة تنسى كأنك لم تكن، بالكلمات 

تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ
تُنْسَى كمصرع طائرٍ
ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى،
كحبّ عابرٍ
وكوردةٍ في الليل …. تُنْسَى
أَنا للطريق…هناك من سَبَقَتْ خُطَاهُ خُطَايَ
مَنْ أَمْلَى رُؤاهُ على رُؤَايَ. هُنَاكَ مَنْ
نَثَرَ الكلام على سجيَّتِه ليدخل في الحكايةِ
أَو يضيءَ لمن سيأتي بعدَهُ
أَثراً غنائياً…وحدسا
تُنْسَى, كأنك لم تكن
شخصاً, ولا نصّاً… وتُنْسَى
أَمشي على هَدْيِ البصيرة، رُبّما
أُعطي الحكايةَ سيرةً شخصيَّةً. فالمفرداتُ
تسُوسُني وأسُوسُها. أنا شكلها
وهي التجلِّي الحُرُّ. لكنْ قيل ما سأقول.
يسبقني غدٌ ماضٍ. أَنا مَلِكُ الصدى.
لا عَرْشَ لي إلاَّ الهوامش. و الطريقُ
هو الطريقةُ. رُبَّما نَسِيَ الأوائلُ وَصْفَ
شيء ما، أُحرِّكُ فيه ذاكرةً وحسّا
تُنسَى، كأنِّكَ لم تكن
خبراً، ولا أَثراً… وتُنْسى
أَنا للطريق… هناك مَنْ تمشي خُطَاهُ
على خُطَايَ, وَمَنْ سيتبعني إلى رؤيايَ.
مَنْ سيقول شعراً في مديح حدائقِ المنفى،
أمامَ البيت، حراً من عبادَةِ أمسِ،
حراً من كناياتي ومن لغتي, فأشهد
أَنني حيُّ
وحُرُّ
حين أُنْسَى!

  :كلمات ومفردات من القصيدة

مصرع = موت وحتف

رؤاه/ رؤاي = رؤية وهو الاعتقاد

 سجيته = الجمع سجايا وهي الطبيعة والخلق

حدسًا = الظن والتخمين والتوهُّم

البصيرة = قوة الإدراك والفطنة

تسوسني/ أسوسها = تولي الأمور وتدبرها

التجلي = الظهور والانكشاف

المنفى = مكان إقامة المطرود من بلاده

كناياتي = كلام يُستدل به على المعنى الأصلي دون تصريح

تحليل القصيدة

يجسد محمود درويش فكرة بأنّ الإنسان يُنسى وكأنّه لم يكن بعد وفاته على هذه الأرض، ويشبه نسيانه مثل موت الطيور التي تموت كلّ يوم باعدد كبيرة ولا احد يكترث لها، أو مثل الكنائس المهجورة منذ مدة من الزمن، أو كحبّ عابر بين اثنين، بمعنى أنه شبه موت الانسان مثل هذه الأمورالتي تحدث كلّ يوم وتُنسى وكأن شيئًا لم يكن..

ومن ثم يبدأ محمود درويش بالحديث عن موضوع موجود في الشعر وهو مسألة نفاد المعاني، فهو يقول هنا إنّه يخطوا على طريق الشعر الذي خطا عليه الكثير من الشعراء والذين قالوا كلّ شيء، فهم قد عبروا طريق الشعر وقالوا شعرًا جعل كل من يأتي بعدهم يتأثر به وكان من ضمنهم محمود درويش، ومن ثمّ قال أنّ الشاعر أيضًا يُنسى وكأنّه لم يكن ولم يلقي شعرًا..

وهنا يقول لنا الشاعر محمود درويش إنّه يسير على درب الشعر ومن الممكن أن يرسخ اسمه في سجلّ الشعراء الخالدين بمعنى أنّه قد ربط مفرداته مع شعره، وأنه سيحاول قول ما لم يُقَل، لكنّه يعود ليؤكّد أنّ السابق ما يترك للذي يأتي بعده شيئًا، فالمرادفات قد ذكرت في السابق، وهنا يريد محمود درويش أن يقول بإنّ الشعراء القدامى يقفون عائقًا أمامه ولكنّه رغم ذلك سيفعل كل ما بوسعه ليقدم شيئًا جديدًا مختلفًا..
ويعتبر محمود درويش نفسه أنّه صوت ضائع بين هذه الأصوات الكثيرة، ويعتبر نفسه بأنه لا مكان له بين الشعراء سوى على الهامش، ولكنّه سيجد لنفسه مكانًا خالدًا من خلال تناوله لمسألة لم يتطرّق إليها الشعراء القدامى وهي الإبداع في الشعر ويكون لمن يخرج من عباءة الشعراء السابقين وقول شعر مختلف..
من ثمّ يعود ويكرر اللازمة دائمًا وهي النسيان الذي لا بدّ آتٍ بعد الموت.

ويرى محمود درويش أنّه قد دخل عالم الشعراء وأنّه سيأتي جيلاً من الشعراء ويقول شعرًا لا يقلّد فيه أيّ أحد ولا يحاكي أحدًا من الشعراء القدامى والمُحدَثين..
وأنّ هذا الشاعر سيكون متحرِّرًا من سلطة القدماء حتى في العَروض والقافية، وحتى من لغة محمود درويش نفسه، وسيتناول ما يقتضيه العصر من معاناة الاغتراب ونحو ذلك، ثمّ يخبر محمود درويش أنّه بذلك -وإن مات- فلن يُنسى. ويؤكد لنا فكرة أنّ الأشخاص في الدنيا لا

يخلدون إلّا من خلال ما يتركونه وراءهم.

الى اي شعر تنتمي القصيدة؟

تعتبر قصيدة تنسى كأنك لم تكن جزء من ديوان لا تعتذر عما فعلت الصادر عام 2003 وهي

تعتمد على التجديد

:وتنتمي للشعر الحر ومن خصائص الشعر الحر 

. ما يميز الشعر الحر أنه يمتلك إيقاعًا موسيقيًّا واحدًا، بمعنى أنَّه يلتزمُ بتفعيلةٍ واحدةٍ فقط-

.يلتزم الشعر الحر بعدد من القوافي كي يتمَّ التقليلُ من حدَّة الإيقاع الواحد- 

.يكون استخدام المحسِّنات البديعيَّة فيه قليل، بالإضافة إلى قلَّة استخدام المقاطعِ الساكنة أيضًا –

يعتمد على توظيف لغة الحياة اليومية، لذلك فهو يخلو من المظاهر التي تغصُّ بالمبالغة والفخامة-

.سواءً كان من  الناحية الفلسفيَّة أو الفكرية 

و-وجودُ المقاطع الساكنة في أواخرِه في معظم الأحيان، أما في بقية المقاطع الموجودة في القصيدة ففي العادة تخلو من التسكين

عدم تحديد هدف واحد في قصائد الشعر الحر، إذ أن القارئ في معظم الأحيان لا يستطيع أن يفهم

.المغزى من قصيدة الشعر الحر من مجرد قراءة واحدة أو استماع أوليٍّ

يحتوي على كمّ كبير من الغموض والإشارات التي يمكن تأويلها بأكثر من معنى، والتي قد تصل ببعض قصائده إلى درجة الإبهام

يهتمّ بالأساطير والرموز الدينية والأبعاد الفلسفية

يتميز بالواقعيَّة التي تُمزج بالرمزية

يدخل في مواضيعه الدفاع عن الوطن والقضايا الإنسانية بشكلٍ كبير، حتَّى ولو كانت القصيدة تتحدث عن المرأة مثلًا

إمكانية التمدُّد في أبيات القصيدة بشكلٍ عامودي أو أفقي “مكاني”، أو التمدُّد في الفرغات، وذلك حسب رؤيةِ الشاعر ورغبته، أي أنّ قصائده رشيقه وخفيفة