المقدمة
الأدب المحلي الفلسطيني يشير إلى روايات اللّغة العربيّة والقصص القصيرة والقصائد الّتي يُنتجها الفلسطينيّون وغالبًا ما يتميّز الأدب الفلسيطيني من خلال شعوره المُتزايد من السّخريّة واستكشاف
.موضوعات وقضايا الهويّة
كتابي هذا يخص مساق الأدب المحلّي الّذي تعلّمته هذه السّنة
يعمل المساق على كشفنا للأدب الفلسطينيّ المحلّيّ، ووصلنا بالموروث الأدبيّ وما يحمله من
رواية تاريخيّة وقيم وجدانيّة
تمّ التطرّق في المساق لنصوص عينيّة تمثّل مراحل تطوّر الأدب المحليّ، بضمنها التطرّق لأهم أعلام الأدب
:كتابي عبارة عن قسمين
في القسم الأول: سأتناول قسم من رواية وجع حلق للكاتب غريب عسقلاني من غزة وسأقوم بتحليلها
وفق محورين : المضامين والأساليب الفنيّة الموجودة
في القسم الثّاني: سأعرض المهامّ التي تمّ تقديمها على المودل خلال العام الدراسيّ فيما يخص مساق الأدب المحلي عن طريق ملف شامل للمهام وعن طريق صور ،
الكاتب غريب عسقلاني
الإسم: غريب عسقلاني
اسمه الكامل: إبراهيم عبد الجبار الزّنط
سنة الميلاد:1948م
مكان الميلاد: عسقلان
المرحلة الدّراسيّة :الجامعيّة
حاصل على العديد من الجوائز العلميّة
1969بكالوريوس الإقتصاد عام
العديد من الرّوايات الأدبيّة الهامة
الكاتب غريب عسقلاني في حوار يتحدّث فيه عن حياته، ميلاده ونشأته ، تعليمه وعائلته وتحدث عن حياة اللّجوء في المخيم وألخ
نبذة عن غريب عسقلاني
ولد إبراهيم عبد الجبار الزنط في مجدل عسقلان بتاريخ 4 نيسان (أبريل) 1948 م. هجّرت عائلته خلال نكبة ال 1948 إلى مخيم الشّاطئ بمدينة غزة. تلقّى تعليمه الابتدائي في مدرسة هاشم بن عبد مناف (الهاشميّة)،وأنهئ دراسته الثّانويّة من مدرسة فلسطين عام 1965 م. أكمل دراسته الجامعية بكلية الزّراعة في جامعة أسيوط، ثم انتقل إلى جامعة الإسكندريّة، حيث نال درجة البكالوريوس في الإقتصاد الزّراعي عام 1969 م. رفض الإحتلال الإسرائيلي عودة إبراهيم إلى قطاع غزة بعد نكسة 1967، فسافر إلى الأردن وانخرط في صفوف حركة فتح عام 1970 م، وانتقل بعدها إلى سوريا، حيث عمل في مؤسسة استثمار حوض الفرات شمال سوريا.
عاد بعدها إلى قطاع غزة، وذلك عبر طلب لم شمل الأسرة، وعند عودته عمل مدرسًا لطلبة الثّانويّة العامة في الفترة ما بين 1974 حتى 1994 م. حصل على دبلوم الدّراسات العليا من معهد البحوث والدّراسات الإسلامية بالقاهرة عام 1983 م.
عمل مديرًا للإبداع الأدبي، بعد توقيع اتفاقيّة أوسلو وقيام السّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة ، كما كان الناطق الإعلامي لمعرض فلسطين الدولي للكتاب، ومديرًا لدائرة الإعلام الثقافي، ومشاركًا في العديد من النشاطات الثقافية في فلسطين وخارجها، ومثَّل فلسطين في موسم ربيع الثقافة الفلسطينية في باريس عام 1997 م. كان أيضًا رئيسًا لاتحاد الكتّاب الفلسطينيين في الفترة ما بين 1987 حتى 2005 م.
وفاة الكاتب والرّوائي الكبير غريب عسقلاني
بعد حياة حافلة عبّر خلالها عن أوجاع فلسطين وهموم المواطنين ترجّل الرّوائي غريب عسقلاني عن صهوة جواده عن عمر ناهز ال 74
توفي يوم الثّلاثاء 21/6/2022
هذا قسم من الرّواية (جفاف في الحلق) للكاتب غريب عسقلاني والّذي سأقوم بتحليله
لاحقا سأسهب في الحديث عن المضمون والأساليب الفنيّة الموجودة في هذه الصفحات*
اضغطوا على العرض أسفل الشّاشة للدخول إلى النّص وقراءته-
google drive النّص في
المضمون
رسم القاص صور المعاناة اليوميّة، الّتي يُعانيها الشّعب الفلسطيني في غزة بعد نكبة عام 1948م
قدّم القاص غريب عسقلاني نفسه كسارد ذاتي في الرّواية، من بدايتها ،فهي رواية فلسطينيّة
عن النّكبة 1948 وما بعدها من أحداث ، فهي رواية أقرب إلى السّيرة الذّاتيّة الّتي يرويها
الطّفل غريب العسقلاني ، الشّاهد على الأحداث والأزمنة والتّحولات الكبرى للشعب الفلسطيني في
قطاع غزة المحتل، بعد عام النّكبة وخلال سنوات الخمسينات
يوجد تكثيف شديد في هذه الصّفحات لحياة بعض العائلات الفلسطينيّة في غزة ، منذ أن كان
أفرادها يستخدمون الأنوال في نسج الملابس والسراويل ، وتطريز المناديل وذيول الاثواب
بالعصافير والنّخيل، من خلال الورش الموجودة في ساحات البيوت ، وحتى إنشاء مصانع الغزل
والنّسيج ،لتحل بديلا عصريا للنول المنزلي والنّسيج اليدوي ، وما صاحب ذلك من تغيير في
.العادات والتقاليد
،ويرفد كل ذلك حضور قوي للجدات والأجداد الّذين يعيشون مع الأبناء والأحفاد في دار واحدة
.وتأثير الزّمن على الجميع
تمرُّ على ذاكرة القارئ والكاتب معًا تلك اللّيالي المشؤومة ، إنّ الطّفل غريب يحدّثنا عنه. فهو لم
يغسل قدمه في بحر عسقلان، ،ولم يرضع رضاعة طبيعية من ثدي أمه المذعورة ،بسبب
تحركات الأعداء ،ودبيب النّمل في زمن الحرب إذا فإن جفاف حلقه ومرارة لسانه يصبحان جفافا
ومرارة أبدييتين ،وكل ذلك بسبب أحداث النكبة وما مرّ به
:اجتهاد شخصي بالعودة إلى كل صفحة من الصّفحات الّتي اخترتها وبالاعتماد على مصدرين
داود،ع.(2019).بناء الشّخصية في رواية جفاف الحلق ومرارة اللسان للقاص غريب-
نعمان،ف.(2012).حكاية الوجع الفلسطيني غريب عسقلاني-
فلا تكاد تخلو إحدى الصفحات من ضمير المتكلم “وعيت على الدّنيا وأنا أعاني من جفاف في
الحلق ومرارة في اللّسان واعتقدت في طفولتي الأولى برواية جدتي لأبي، عن مجيئي إلى الدّنيا على عطش بعد أربع بنات، انتظرن وأمي سندا يطرد شبح الضرّة الّذي كان يحوم في الدار، فالنّاظر إلى الأفعال (وعيت، واعتقدت)، يلمسُ مظاهر السّرد الذّاتي المتمثل في الضّمير، الّذي يصدر عن ذاكرة واعية بما حدث، وما كانت عليه الأمور من بداية الرّواية إلى نهايتها المتمثلة في قوله .لقد جعل القاص في روايته جفاف الحلق من نفسه شخصيّة محوريّة “لكونها تحمل الرّؤية الأساسيّة أو لأنّها تُعبّر عمّا يُريد الكاتب التّعبير عنه والكم الكبير الهائل من الأحداث الّتي استحضرها في سطور روايته الّتي اجترها من تلافيف الذّاكرة، الّتي لا يمكن أن تصدر من ذاكرة طفل صغير، يُمكننا هنا أن نفرق بين زمنين هما زمن الكتابة، حيث صدرت هذه الرّواية عام 1999م وهو عام كان الكاتب قد بلغ فيه سنًّا قريبة من الخمسين دنت بالقاص من أعتاب الشّيخوخة، والزّمن الفعلي للأحداث الّتي جرت في 1948م وهو كان صغير
والنّاظر إلى شخصيّة غريب عسقلاني الّتي تعد أهم شخصيات الرّواية، بما تقدمه من تساؤلات وسخرية، يجد تطورها ونموها من خلال وصف مشاهد النّكبة، ٕ يكون سندا لأمه الّتي حلت به وبشعبه فمن طفل صغير رضيع يطرد شبح “الضرة” من البيت، وأخواته البنات إلى صبي يلعب في الحارة مع أقرانه؛ ليكتشف نحافة عوده وقلة حيلته “وعندما درجت مع أترابي في الحارة، بطحوني فاكتشفت نحافة عودي، وأيقنت أن المكابرة تؤدي إلى الهلاك”. إن تعبير المكابرة يؤدي إلى الهلاك لا يمكن أن يصدر بأية حال من الأحوال من طفل صغير، حسب ما تقتضيه طبيعة الأطفال من الإصرار والعناد، ولكن إسقاط هذه العبارة بما تحمله من رمزية، على الواقع الفلسطيني له دلالاته، حيث أيقن القاص أن الفلسطينيين قد تركوا وحدهم في الساحة دون رفيق أو صديق من إخوانهم العرب الذين استكانوا إلى الرّاحة .
:اجتهاد شخصي بالعودة إلى كل صفحة من الصّفحات الّتي اخترتها وبالاعتماد على مصدرين
داود،ع.(2019).بناء الشّخصية في رواية جفاف الحلق ومرارة اللسان للقاص غريب-
نعمان،ف.(2012).حكاية الوجع الفلسطيني غريب عسقلاني-
ويستمرّ نمو شخصيّة القاص الذّاتية فيرسم لنا مشهدًا من مشاهد النّكبة السّاردة للأحداث، المغلفة بالسّخرية المريرة، القاتمة السّواد، طوابير النّاس على مساعدات الإغاثة الدوليّة
حين قال “فطمتني بعد أن عافت معدتي حليب وكالة الغوث المجفف المنزوع الخير، والمتاح الوحيد في تلك الأيام المنزوعة البركة والرّحمة ، فتشكلت رفيعًا مثل مصران الجائع… يصلنا منهم علم أبيض ورقعة زرقاء ونجوم على أكياس الدّقيق، وكفان متشابكان فوق شعار يقول: “ليس للبيع ولا المبادلة” حصص التّموين بالكاد تحفظ الأنفاس في للبيع أو المبادلة ، وهم في بلادهم يتوهمون أنّ في هداياهم ما قد يفيض ويقيم سوقا يبقى منها قماش الأكياس الكتانيّة الخشنة تحيكها أمهاتنا سراويل وبنطلونات نرتديها ليتربع الكفان المتشابكان على أقفيتنا فتصبح ليست للبيع أو للمبادلة”. المرارة الّتي يجترها الكاتب في السّطور السّابقة الممزوجة بالسّخرية تظهر مدى الألم وضيق الحال .
ويبدو أن روح الاستسلام ما زالت ترافق عقل الصّغير رغم ما يحاول والده أن يغرسه فيه من حب الوطن والعودة إلى الدّيار فيقول: “أبي يحملني بندقية ألمانية ويتحدث عن دروب أجهلها، يورثني دار ، وكرما فجة أو ناضجة”..(ورغم هذه المسؤوليات الجسيمة على قلب القاص وعقله، فهو البريء الذي لم يقترف خطأ، ولم يتسبب في اللّجوء، يرسم لنا صورة يوم العودة المنشود إلى الدّيار بطريقة ساذجة “كنت أتخيل يوم العودة، فتبرز أمامي معضلة موقعه بين الأيام، فهو بلا شك يختلف عن أيام الأسبوع السّبعة، ووصلت إلى حل مريح مفاده أن أسبوع المواطنين سيظل سبعة أيام، أما أسبوع اللّاجئين العائدين فيكون ثمانية أيام ،يبدأ بيوم العودة ولا يتعارض مع يوم الجمعة الذي سيبقى نهاية الأسبوع، ليتيح لكل النّاس صلاة الجمعة. وكنت أوغل في التّوصيف تختفي فيه المواعيد والمواقيت ليس فيه ليل ولا نهار ولا ينتمي إلى نور أو محايدا فأرسمه يومًا .. وسرعان ما تبدأ شخصية القاص بالتّطور الإيجابي، المتمثل في فلسفته الخاصة بيوم العودة المنشود الذي يجب أن يعد له الجميع العدة “نعرف أن دروب العودة مثل دروب الغابة لا تحتمل السهو والخطأ لأن الخطأ يقود إلى المتاهة في الغابة المتشابكة التي لا تقبل الاعتذار، ولا ترق لبكاء ونشيج المذعورين الخائفين، ودرب العودة يبدأ من أسلاك الحدود الشائكة، والمسارب المؤدية إلى المجدل جميعها تقود إلى البحر”.(ففلسفة العودة ترفض الخطأ لا مجال للأخطاء في درب العودة، ولا يمكن للشخص العائد أن يخطئ مرتين، لأنّه لن يكون هناك مجال ووقت للخطأ الثّاني. يوم العودة بحاجة للإعداد والتّجهيز، فلا مجال هنا للخائفين والمذعورين الذين أضاعوا البلاد، طريق العودة أوله من الأسلاك الشائكة الّتي تفصله عن
أرضه.
:اجتهاد شخصي بالعودة إلى كل صفحة من الصّفحات الّتي اخترتها وبالاعتماد على مصدرين
داود،ع.(2019).بناء الشّخصية في رواية جفاف الحلق ومرارة اللسان للقاص غريب عسقلاني
نعمان،ف.(2012).حكاية الوجع الفلسطيني غريب عسقلاني-
كما إنّه صوّر لنا شخصيات عاشت في يافا في فلسطين وعاشت النّكبة وهُجّرَت إلى غزة مثل حياة أبو مسعود الغزاوي، أبو مسعود كان يعمل عتالًا في ميناء يافا ويسكن مع زوجته في حارة الجبالية” وعندما هاجر النّاس عاد الى أهله وبيته، ولم يعد إلى فاخورة أبيه، وسُجّل مع اللّاجئين، وأصبح غزيًّا يافويًّا ببطاقة زرقاء وكان يُبهدِل زوجته كلّما ضبطتَها تتحدّث باللّهجة اليافويّة تدلّلًا على نساء الحارة الغزيات أو المجدليّات وبعد الهجرة أعلن أبو مسعود كراهيته للفخار وطينه واعتمد على العتالة في السوق متحسرًا على أيام الخوالي ويغار على زوجته الشّابة من رياح الدّلال اليافاوي .
اعتمدتُ في تحليلي على مساق أدب محلي مع الدّكتور كوثر جابر قسّوم، بالاعتماد على نص نجوى قعوار (أماليّ الذّكريات)
وهذا المضمون امتزج فيه جنسان ، أدبيّان هما الرّواية والسّيرة الذّاتيّة، فقد تتبع القاص فيها سرد وقائع تاريخيّة، من خلال أحداث مرتبة ضمن مزيج هائل من الاسترجاع والاستباق، اللّذين استفاد منهما القاص في تكثيف الأحداث زمنيًّا وبنائها وترابطها. تقوم الرّواية على استرجاع أحداث نكبة 1948م، فتندلقُ الأحداث الّتي عاينها بعد النّكبة والهجرة إلى غزة في أسلوب روائي ساخر يفيض مرارة و ألمًا لا حدود له وهو الصّغير الّذي لم تعركه الحياة
يحاول القاص غريب عسقلاني إلقاء الضّوء على تغير القيم والعادات الفلسطينيّة الّتي كانت سائدة في المجدل بعد اللّجوء إلى غزة، معللًا ذلك بعدم توفر سبل الحياة الكريمة للناس،من خلال الأحداث والشّخصيات الّتي رافقت عائلته في لجوئهم وجاورتها. الرّواية عبارة عن صورة يوميّة لحال الإنسان المجدلي الّذي يقف وراء (نوله)، من أجل السّتر والعفاف، عمل يقوم به جميع أفراد البيت من الرّجل حتّى الطفل والكهل. في هذا المشهد يصف القاص التّفاصيل اليّومية الدّقيقة؛ ليرسم من خلال هذا الوصف أبعاد شخصياته على تنوعها واختلافها، وأملها الوحيد في العودة الّذي شخصت له الأبصار، وتعلّقت به القلوب، وهفتت إليه الأنفس. في الرّواية مقارنة لحال (المجادلة) بغيرهم من اللّاجئين الذين كانت مهنتهم الأساسية الزراعة،
كما إنه رصد الحياة قبل النكبة والاحتلال وبعد النكبة والاحتلال من خلال الاسترجاع والعودة الى الماضي العديد من المظاهر للحياة قبل النكبة والتّغييرات الّتي طرقت على هذه المظاهر والحياة
اعتمدتُ في تحليلي على مساق أدب محلي مع الدّكتور كوثر جابر قسّوم، بالاعتماد على نص نجوى قعوار (أماليّ الذّكريات) ونص توفيق فيّاض(نواعير الذّاكرة) ،كلاهما جزء من سيرة ذاتّيّة وأيضًا بالاعتماد على سيرة ذاتيّة
نور،أ.(1999).تحليل سيرة ذاتيّة-
الأساليب الفنيّة
من خصائص السيرة الذّاتيّة استخدام ضميرالمتكلم ، السّرد ، الوصف ، الاسترجاع وظهر جميعها في النّص
الاسترجاع: سرد وقائع تاريخيّة، من خلال أحداث مرتبة ضمن مزيج هائل من الاسترجاع والاستباق، اللذين استفاد منهما القاص في تكثيف الأحداث زمنيا وبنائها وترابطها. تقوم الرّواية على استرجاع أحداث نكبة 1948م وذكر شخصية أبو مسعود في يافا قبل الاحتلال وذكر بعض عادات النّساء في وضع سن ذهب وهذه العادة الّتي تغيرت بعد الحرب وأصبح أبو مسعود ضدها.”في يافا كل النّساء لهن أسنان ذهبيّة ،ويضحكن في وجه الشّمس، كانت أيام راحة بال وعافية وشباب ،والله بعد ما خطبتها اشتريت جهازها من شاعر إسكندر عوض..
وأخذتها إلى الخواجة ولبست سنها ذهب عيار 24 قيرا، وين راحة البال علشان تضحك على الفاضي والمليان ؟
مثال آخر على الاسترجاع: “وقبل أن أرتوي من حليب أمي هاجروا بي ، وأنا لم أبلغ عامي الأول
،وفقدوا ما فقدوا مع عامي الأول
اعتمدتُ في تحليلي على مساق أدب محلي مع الدّكتور كوثر جابر قسّوم، بالاعتماد على نص نجوى قعوار (أماليّ الذّكريات) ونص توفيق فيّاض(نواعير الذّاكرة) ،كلاهما جزء من سيرة ذاتّيّة مثل رواية غريب عسقلاني هذه بالإضافة إلى مصدر آخر
عادل،أ.(2007).قصص غريب عسقلاني-
استخدام ضمير المتكلّم والسّرد تكاثفت في بناء الحدث وتطوره، شخصيّة الرّاوي الذّاتي أو السّارد الذّاتي، الّذي يتكلّم ويصف الأحداث عن طريق ضمير المتكلم، والسّارد الذّاتي (المتكلّم) الّذي يُعَد إحدى الشّخصيّات الرّئيسيّة في الرّواية، يقوم بتحريك وتفعيل جميع الشّخصيات الأخرى، يكون شاهدا للأحداث قبل وقوعها، و تتطابق معرفته مع معرفة الشّخصيات الأخرى، والسّارد في هذه الحالة يروي الأحداث بالتّرتيب الّذي وقعت فيه، ويتأثر بما يجري حوله.. هذه الطّريقة في سرد أحداث الرّواية تجعل القارئ يرى ويسمع من خلال عينَي وأذنَي الكاتب
إضافة إلى استخدام ضمير الشّخص الثاني (المخاطب) وذلك عندما يجعل الرّوائي شخصيته تحاور نفسها وتخاطبها في ما يسميه النّقاد المونولوج الداخلي أو المناجاة المسموعة. إن طريقة السّارد الذّاتي الّتي قدّم بها القاص نفسه في الرّواية، أقرب ما تكون إلى تصوير مشاهد فهو “بمثابة العين الّتي تنقل لنا ما يقع في مجال رؤيتها وسمعها وهو في هذا الوضع أقرب إلى الكاميرا التي تسجل ما يقع في حدود قدرتها .( فالسّارد الذّاتي يُقدّم نفسه ويعطي نبذة ولو مختصرة عن حياته وتطورها، آمالها، وأمانيها، وأشواقها وتطلعاتها
اعتمدتُ في تحليلي على مساق أدب محلي مع الدّكتور كوثر جابر قسّوم، بالاعتماد على نص نجوى قعوار (أماليّ الذّكريات) ونص توفيق فيّاض(نواعير الذّاكرة) ،كلاهما جزء من سيرة
ذاتّيّة مثل رواية غريب عسقلاني هذه
عادل،أ.(2007).قصص غريب عسقلاني–
الوصف
لجأ القاص إلى عدة طرق في وصف شخصياته وبيان أبعادها الجسميّة، والنّفسيّة والاجتماعيّة، حيث وظف السّرد والإخبار في وصف شخصيّاته، كما استعان بالحوار لإبراز بعض ملامح الشّخصيات، بتشخيص المظاهر الخارجيّة لها، أو من خلال عرض أفكارها، ، ويعدّ هذا الوصف في إبراز صفات الشّخصيّة وملامحها “أبسط طريقة لتقديم الشّخصيّة … إيراد وصف جسماني لها وموجز عن باقي الملامح ولو بسيطا عن حياتها”. الأمر الّذي يعطي القارئ مفهومًا والأبعاد الخاصة بالشّخصيّة، يشمل الجانب ويذكر فيه الرّاوي ملابس الشّخصيّة وملامحها وطولها وعمرها ووسامتها ودمامة شكلها وقوتها الجسمانيّة وضعفها .. وهذا الجانب له أهميّة كبيرة؛ لأنّه يساعد على اكتشاف المتلقي المكانة الاجتماعيّة للشخصيّة وعلى التّعرف على الجوانب الأخرى،
وقد لجأ القاص في بداية سطور روايته إلى تشخيص نفسه، فمنحها أبعادها الجسمانيّة الّتي حدّدها للقارئ بوضوح فقال: “وعندما درجت مع أترابي في الحارة بطحوني فاكتشفت نحافة عودي وأيقنت أن المكابرة تؤدي إلى الهلاك فبحثت عن أولاد الأعمام والأخوال والأقارب… واستأنست بكتف صابر”. فهو يُقدّم هنا أول الملامح الجسمانيّة الّتي تُبيّن ضعفه الجسمي في إشارة وتمهيد لتخاذله وتساؤله عن يوم العودة لفلسطين المحتلة وتحريرها كما سيأتي. وقد نشر القاص ملامح شخصيّته في ورقات الرّواية في غير موضع كلها تؤكد نحافته وضعفه وقلة حيلته واتكاءه على أقاربه في الحارة عندما يلعب مع أترابه. فيقول مثل: مصران الجائع”..
داود،ع.(2019).بناء الشّخصية في رواية جفاف الحلق ومرارة اللسان للقاص غريب عسقلاني
وصف ضعف حيلته
يصعد الجفاف إلى حلقي، وتتركّز المرارة في لساني،فأعود باكيا لا يعصمني غير حضن أمي الّتي تكون قد احتاطت للأمر وخبأت بيضة احتياطيّة … أزهو ببيضة الدّيك على أخواتي وبنات خالي، أمارس هيبتي على هيجر الضاحكة الضحوكة أم العيون الزرق،
“أخربشها فتضحك، اختبر فتوتي الطفلة، أبطحها وأضربها.
ويستمر تجذر قلة الحيلة في نفس القاص واتكائه على غيره فيقول: “أنا السّند المكسور والمبطوح في الحارة، أتمنى لو كان صابر معي في الحارة حتى لا يكسروا بيضتي
ويستمر وصف الشّخصية وقلة حيلتها وانحطاط همتها فيقول: “أنا الذي جئت إلى الدّنيا على عطش بعد أربع بنات والرّواية تحوصلت في قاع الشّخصية بالضعف وقلة الحيلة للتمهيد لتقاعسه وتخاذله عن الإعداد ليوم العودة
.(لقد جاء وصف الشّخصيّة بكل أبعادها الجسمانيّة: حيث نحافة العود ً لإبراز أبعاده النّفسيّة المتمثلة واسمرار الوجه، مما ترتب عليه قلة الحيلة، وضعف البأس، تمهيدا بالتّخاذل في الإعداد ليوم العودة المنشود، حيث ظهر تفكيره السّاذج عن تصوره لهذا اليوم وموقعه بين الأيام، وشكله المختلف عن باقي أيام الأسبوع. “وعندما درجت مع أترابي في الحارة ، بطحوني ، فاكتشفت نحافة عودي، وأيقنت أن المكابرة تؤدي إلى الهلاك، فبحثت عن أولاد الأعمام والأخوال والأقارب، وعلمتُ أنّهم تفرّقوا في مواقع وحارات بعيدة … واستأنست بكتف صابر
داود،ع.(2019).بناء الشّخصية في رواية جفاف الحلق ومرارة اللسان للقاص غريب عسقلاني
اللّغة
جاءت اللّغة واضحة وواقعيّة جليّة لا لبس فيها، من خلال استعمال اللّغة الفصحى في معظم الأحيان، ولكن القاص اتكأ على اللّهجة العاميّة الفلسطينيّة ، حيث حمّل اللّهجة العاميّة الفلسطينيّة الكثير من الدّلالات، الّتي ما كانت لتصل إلى المتلقي في حال استعمال الفصحى، . من الأمثال الشعبيّة التي وردت على لسان الشخصيات في الصفحات الّتي اخترتها وكتبت بالعامية قولهم: “يا ريتكم ما جيتوا ولا حاربتوا، يا ريتهم قسموا، ولا كانت الحرب، يا خراب بيتك يا بلد .. يا ويلي على النشاما اللي راحت وتركت غرابات البين .. يا ريتهم قسموا”. .(جاء الحوار في بعض صفحات الرّواية ، باللّهجة العاميّة، وخاصة اللّهجة المجدليّة نسبة إلى المجدل، وتدعيم النّسيج السّردي في هذه المواطن الّتي استخدم القاص فيها اللّهجة العاميّة ، وكذلك لتذكير اللّاجئ الفلسطيني بأرضه من خلال هذه اللّهجات
محمود،م.(2008).الرّواية الفلسطينيّة من سنة 1948–
عادل،أ.(2007).قصص غريب عسقلاني–
رصد الكاتب غريب عسقلاني تناقضات واقعه وتبدّلاته بلغة تحاكي الواقع برمزيّة شفيفة تارة وشاعريّة تارة أخرى، موظفا تقنيات السّرد وطاقات اللّغة لإبراز الدّلالة الّتي يقتنصها القارئ المتمهل، الّذي يضع قدمه على أرض رواياته, فيجد الجمال الّذي تظافر بالمعاناة والألم
محمود،م.(2008).الرّواية الفلسطينيّة من سنة 1948–
عادل،أ.(2007).قصص غريب عسقلاني–
قمتُ بتحليل المضمون والأساليب الموجودة في قسم من رواية جفاف الحلق وهو عبارة عن 14
صفحة، قمتُ باختيارها والّتي بنى بها القاص غريب عسقلاني شخصيّته ، حيث تفاعلت
شخصيّته السّاردة مع الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون، بعد نكبة عام 1948 الواقع، ممّا كان له
بالغ الأثر في إبراز معاناة الشّعب الفلسطيني. من خلال الصّور اليوميّة الّتي رسمها القاص من
خلال سلوك شخصياته في عمله الروائي وسلوكه
ركز على حياة اللاجئ الفلسطيني بعد النّكبة · سعى القاص إلى الاقتراب من الواقع كثيرا عام 1948م. وتكثيف صورته الحياتيّة، وهو ما يبرز واقعية السرد في النّسيج الروائي. · اختار
القاص شخصياته من الواقع، وعرضها بطريقة سلسة، كما هو الحال في غزة بعد النّكبة،
والشّخصية الرئيسة فيها هو السّارد اللّاجئ، الّذي جاء السّرد على لسانه من خلال تاء المتكلم،
حيث رسم القاص ملامح هذه الشّخصية وعنوانها ومراحل تطوّرها
لديه قدرة مدهشة على مقاربة الواقع الفلسطيني المشظى ورسم أبعاد الإنسان المفجوع منذ
نكبته بتغريبته، رابطا الزمان بالمكان ، مستلًا شخصيّاته من رحم المعاناة، مجسدًا انهزامه
راصدًا تناقضات واقعه وتبدّلاته بلغة تُحاكي الواقع
لمن المفارقات القدريّة أنّ العام الّذي وُلد فيه غريب عسقلاني الّذي حدثت فيه النكبة، حيث
تشتُت الذّات الفلسطينية وتشرذمها، ليكون حضوره لهذا العالم حضورًا شاهدًا على المأساة
ومثقلًا بالدّلالة على الفجيعة، هذا المكان الطّارئ والهاجس المؤرق الشّاهد على تشرذم الهويّة
وتأزم الذّات في ارتحالاتها عبر الزّمان والمكان، هي التيمة البارزة في صفحات روايته
:المصادر
نعمان،ف.(2012).حكاية الوجع الفلسطيني غريب عسقلاني-
عادل،أ.(2007).قصص غريب عسقلاني–
داود،ع.(2019).بناء الشّخصية في رواية جفاف الحلق ومرارة اللسان للقاص غريب عسقلاني
محمود،م.(2008).الرّواية الفلسطينيّة من سنة 1948–
نور،أ.(1999).تحليل سيرة ذاتيّة-
مساق الأدب المحلي مع الدكتورة كوثر جابر قسّوم اعتمادًا على نصين جوى قعوار (أماليّ الذّكريات) ونص توفيق فيّاض(نواعير الذّاكرة) ،كلاهما جزء من سيرة ذاتّيّة
التّحليل هو اجتهاد شخصي وبالاعتماد على هذه المصادر أعلاه في تحليل المضمون والأساليب الفنيّة بالإضافة إلى اعتمادي على تحليل نصين(سيرة ذاتيّة) مع دكتورة كوثر جابر قسّوم في مساق أدب محلي
في مساق الأدب المحلي قمنا بمهامٍ عديدة وتمّ التطرّق فيها لنصوص
عينيّة تمثّل مراحل تطوّر الأدب المحليّ، بضمنها التطرّق لأهم أعلام الأدب
النّصوص
أمالي الذّكريات-نجوى قعوار
توفيق فيّاض-نواعير الذّاكرة
عين خفشة-رجاء بكريّة
عائد إلى حيفا -غسّان كنفاني
الحب كلّه حبيته فيك-شيخة حليوة
وليمة-محمد نفّاع
أماليّ الذّكريات
تستعيد قعوار في هذا الكتاب، تلك الأجواء الفردوسيّة، التي كانت سائدة في فلسطين قبل النّكبة الكبرى التي وقعت في العام 1948، حيث جمال الطبيعة والأمكنة والبيوت، وحيث الطّمأنينة التي تغطّي قلوب النّاس، ثمّ لا تلبث الكاتبة أن تنتقل بنا لتتحدّث عن الكارثة التي حلّت
بالأرض الفلسطينية والشّعب الفلسطيني
نواعير الذّاكرة
تناولنا في المساق جزء من السّيرة الذّاتيّة الّتي كتبها الكاتب توفيق فيّاض بعنوان “نواعير الذّاكرة يسترجع طفولته الّتي كانت بحيفا والمقيبلة ،كمت يعرض لنا أحداث النّكبة والاحتلال وفي صور مأساويّة .يحكي توفيق فيّاض عن عن بلده وبيئته وطفولته ودراسته ،كذلك يسترجع ذكرياته وحنينه للماضي بأسلوب قصصي مشوّق وبلغة بسيطة سلسلة
عين خفشة
تعالج رواية “عين خفشة” الجراح والآلام التي خلّفتها “النكبة” في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، على مدار فترة زمنية طويلة، فالجرح ما انفك ينزف والأحداث تتوالى وتتراكم ،تدور أحداث الرّواية في قرية عربيّة تقع بجوار قرية الغجر على الحدود الجنوبيّة للبنان، أسمتها الروائيّة، تخييلا، عين خفشة
عائد إلى حيفا
يرسم غسان كنفاني الوعي الجديد الذي بدأ يتبلور بعد نكبة 1948
إنها محاكمة للذات من خلال إعادة النّظر في مفهوم العودة ومفهوم الوطن. فسعيد وزوجته صفيّة العائدان إلى مدينتهما حيفا الّتي تركا فيها طفلهما منذ عشرين سنة تحت ضغط الحرب يكتشفان أن الإنسان في نهاية المطاف قضية، وأن فلسطين ليست استعادة ذكريات، بل هي صناعة للمستقبل
الحب كلّه حبيته فيك
هذه القصّة من المجموعة القصصيّة سيّدات العتمة للكاتبة شيخة حليوة والّتي صدرت عام 2015،تعرض فيها العادات والتّقاليد الّتي تُقيّد المرأة وتحرمها من أجمل المشاعر، وهو الحب، في القصّة تتساوى الخطيئة مع الحب بالنّسبة للنساء، وغالبًا ما يكون التّهميش أو القتل عقابها إن أخلّت بالأعرف المتّبعة في مجتمع بدويّ ذكوري، بينما يتساوى الحب مع أغانيأم كلثوم بالنّسبة للرجال ، لكن الكاتبة ترفض هذه الأعراف الّتي كرّسها التّخلّف والجهل، وتجعل نعاية القصّة مشرقة فتنتصر للمرأة بشخصيّة حسنة
وليمة
يتحدّث عن ملامح فلسطينيّة حقيقيّة وبسيطة ، وتصرّف المرأة الفلسطينيّة في نص وليمة تدل على العادات البسيطة والجميلة مثل : تحضير صحن سلطة وتحويش البندورة من الأرض لتحضير السّلطة وألخ بالاضافة إلى ذكر الفتوش.
ملامح اللّغة الفلسطينيّة الجميلة الّتي وظّفها نفاع ليخدم هدفه ،تميّز اللّغة ووجود ألفاظ ريفيّة خاصة بلهجة الجليل الفلسطيني
ملف مهام مساق الأدب المحلّي
أدخل/ي إلى الملف لترى/تري المهام في الصّفحة الّتي تقابل هذه
الصّفحة ،اضغط/اضغطي على العرض أعلى الشّاشة
الخاتمة
أختم كتابي هذا الآن بعد أن تحدّثت بالتّفصيل وبإسهاب كبير عن الشّخصية الأدبيّة المرموقة غريب
عسقلاني الّتي طالما بذلَت وأعطَت في سبيل رفعة الأدب الفلسطيني وعراقته، والّتي تُعدُّ واحدة من
الشّخصيات الأدبيّة التي قدَّمت للأدب والأدباء وهذا ما جعلني أختاره فهو يستحقُ أن يُذكَر اسمه
وأن نتكلّم عنه ونتناول نصوصَه ، وقد تحدثتُ عن حياة هذه الشّخصيّة الأدبيّة منذ ولادتها حتّى
وفاتها، لكي تكون قدوة لكل طامح في الوصول إلى مرتبة مرموقة في الأدب، راجية من الله تعالى
أن أكون قد أوفيت الحديث عن هذه الشّخصيّة في كتابي هذا وأن نكون قد أعطيناها حقها الّذي
تستحقه من التّفصيل والشّرح عن حياتها الأدبيّة وعن روايته الّتي تناولتها .
لقد تناول هذا الكتاب أيضًا المهام الّتي قمت بها في مساق الأدب المحلي مع الدكتورة كوثرجابر
وهي تضم أعلام الأدب :توفيق فياض، نجوى قعوار، رجاء بكريّة ، الشّيخة حليوة ، محمد نفاع
وغسّان كنفاني .
في ختام هذا الكتاب أتمنى أن أكون كطالبة قد أوفيت الحديث وأجزلت العطاء وبلغت من المأمول
آخره، وأتمنى أن تكون المعلومات الّتي تم تقديمها هي المعلومات المفيدة وأسأل الله تبارك وتعالى
أن يجعل لي في قادم الأيام القوة والجهد في العلمِ
Published: Jul 14, 2022
Latest Revision: Jul 29, 2022
Ourboox Unique Identifier: OB-1357660
Copyright © 2022