“يا مستعجل وقف تَ أقلك”

زينب ابو ياسين

اول ما سألت تاتا انشراح اذا في مثل بتحبه وبتستعمله كثير، قالتلي عن المثل (يا مستعجل وقف تَ اقلك)

بتخرفني، انه هذا المثل بتستخدمه لمّا تبقى مستعجلة وييجي اشي يوقفها ويأخرها،  بتحكيلي تاتا انه صار معها كثير كثير مواقف واستخدمت فيهن هالمثل بشكل علني.

واحد من الموواقف صار وهي بالثلاثينات، كانت رايحة عَ المستشفى لانه بقت حامل، وبقى في عليها فحص مهم كثير، بخرفني انهم ركبوا بالسيارة هي وسيدي وكل شي تمام، بس سيدي منتبهش انه السياره فش فيها بنزين، وهوووب مره وحده توقف فيهم السيارة بالطريق، انقطعوا من البنزين، والمستشفى بعيد عنهم عشر دقايق تقريبا، والفحص بقى ضايلة ربع ساعه بالضبط.

معرفش سيدي شو يعمل بوقتها والمشكلة انه بقاش في محطة بنزين قريبة عليهم، فإذا بقى بده يخلي حدا يجبله بنزين بقاش رح يلحق الفحص، فتاتا قالت بوقتها وهي متعصبنة كثير “يا مستعجل وقف تا اقلك”.

فَ شو رح عمل سيدي؟!

راح طلب سيارة اسعاف، وقلهم انه ع مرته ف فحص مهم ومصيري وفش بنزين بالسيارة. فأجوا أخذوها ع المستشفى بكل سهولة. وصلت تقريبًا متأخرة 10 دقايق. بس لما وصلت كان قبلها مريضة بعدها بالفحص، يعني فعليًا وصلت ع دورها، يعني منقدر نقول كل تأخيرة فيها خيرة.

وقالتلي انها برضه بقت مرة طابخة بامية، والبامية بدها خبز، اكتشفت انه الخبز خالص عندهم،  فَ راحت مشي عَ المخبز عَ شان تشتري كيس خبز، طيَب راحت عَ المخبز وبقى كل شي تمام، لحدّ ما شافت انه المخبز  مسكر فهي قطعت مسافة من الدار للمخبز عَ شان تشتري خبز  عَ شان .الطبخة، وبوقتها قالت برضه “يا مستعجل وقف تَ أقلك”.

“من حفر حفرة لأخيه وقع فيها”

محمد خليلية

مسلم ابو ياسين

خالد عمر

احنا (أنا محمد واصدقائي مسلم وخالد) دايمًا منزور سيدي حاتم -أبو أبوي-، ودايمًا منسمع منه حكايا وقصص من زمان، بحكيلنا عن العادات والتقاليد والذكريات، وكثير اشياء ثانية. لكن هالمرة كانت غير، ع شان سألناه عن أكثر مثل شعبي بحبه.

سيدي حاتم ما تردد انه يحكيلنا عن المثل اللي بحبه، فأكثر مثل بحبه هو “من حر حفرة لأخيه وقع فيها”، وقبل ما يحكيلنا عن المثل وكيف صار؟ وليش صار؟ وشو قصته الحقيقية، حكالنا قديش هو بحترم هذا المثل، وبآمن فيه، بقلنا “هذا المثل كثير فيه قيم ومبادئ انسانية، وهذا المثل بيوصف الحق، وبرفض الظلم والغدر للناس، وبعلم الناس انه اللي بغدر بغيره وبظلم غيره هذا الغدر والظلم برجعله”.

صراحة تحمسنا كثير نسمع منه شو القصة، طيب ليش؟ شو صار لطلع هذا المثل؟!

بخرفنا سيدي حاتم عن المثل وبقول، اللي طلّع المثل حسب كيف حكولنا اجدادنا، هو واحد من الخدم والحرس لرجل غني كثير.

طب شو صار معه؟ تعالوا نخرفكم..

هذا الزلمي الغني كثير، كان عنده أخ فقير كثير كثير وأعمى، وكل يوم كان يمرق هالفقير هاظا من الطريق قدام دكانة اخوه الغني ويصير يطبطب بالعصاي ع الأرض ع شان يعرف طريقه، ولمّا يصيروا يطلعوا عليه التجار الباقيين يستغربوا ويصيروا يطلعوا مرة عليه ومرة على اخوه الغني، فالغني يستحي من هذا الموقف كثير، ويستحي من حالة اخوه.

ف يوم من الايام، قرر الغني يتخلص من اخوه الفقير، ف رح يطلب من الخدم والحراس يحفروا حفرة عميقة جدًأ، واتفق معهن، انه بس اخوه يمرق من الطريق هاي على الفجر ويقع فيها، دغري يحطوا عليه تراب ويدفنوه.

والله وهيك صار، راحوا الخدم والحرس حفروا حفروا عميقة كثير كثير، وعلى صلاة الفجر، مين يا يا ترى بمرف من هالطريق وبنسى انه في حفرة؟!

الرجل الغني!

فمرق الغني من الطريق، وبالفعل نسي قصة الحفرة، فوقع فيها، وما حدا صلى عليه، وركضوا عليه الحرس والخدم ونزلوا التراب ودفنوه فيها مفكرين انه هو الفقير.

ثاني يوم الصبح، راحوا يستنوا الحرس والخدم الغني قدام دكانته ليحكولوه انه انجزوا المهمة، لكن للاسف ما اجا!

وهيك عرفوا انهن دفنوا الرجل الغني، وهيك واحد من الخدم حكى الجملة اللي صارت بعدين مثل شعبي شهير “من حفر حفرة لأخيه وقع فيها”.

لمّا خلص سيدي ابو حاتم يحكيلنا هاي القصة، كنا كثير متأثرين، لدرجة انه ولا واحد منّا كان عنده ردة فعل، وبذات الوقت خطر في بالنا كثير مواقف وقصص من حياتنا اليومية، اللي عنجد فيها ظلم وغدر وحفر بتنحفر لإلنا ولأصدقائنا بس الله كبير وما بنسى حدا.

“عمرك ما تقول للعريان وين ثوبك”

زينب ابو ياسين

ليان ابو ياسين

اول ما فتنا عَ بيت المسنين، اطّلعت بعيون زينب، مش لإشي، بس لانه احنا الثنتين ضربت عيوننا بعيون سيدي محمد فايز قطاوي – أبو ضياء.

أبو ضياء مواليد الـ1944، واسم الله، الله يطول بعمره، ذاكرته زيّ الصخر، ومش بس، كمان عارفنا وعارف اهالينا واسيادنا، وحتى حافظ اسماءنا الرباعية، تخيلوا!

كثير تواصلنا مع سيدي أبو ضياء، هو فعليًا مش سيدي، بس الاستقبال والاحتواء وابتسامته الحقيقية اللي من الذان للذان خلتنا نحس اننا عنجد عم نحكي مع سيدنا.

للوهله الأولى لمّا حكالنا سيدي أبو ضياء عن المثل اللي كثير بستخدمه ضحكنا انا وليان، بس لمّا حكالنا ليش وكيف ووين بستخدم هذا المثل، كثير فكرنا بحالنا وحال مجتمعنا والناس حوالينا .

بقول سيدي أبو ضياء انه اكثر مثل شعبي بستخدمه هو “عمرك ما تقول للعريان وين ثوبك”.

بتذكر سيدي أبو ضياء وبيحكيلنا انه بمرة كان بالحارة، فالتقوا زلمين كبار في الشارع، فسأل الأول الثاني: “وين ثوبك يا فلان”، بمعنى انو ليش لابس ثوب ممزق وتلفان. فرد عليه:” بعمرك ما تسأل عن ثوب العريان”.

سيدي أبو نضال، رغم انه كان صغير وقتها، بس تأثر كثير، واستوقفه هالموقف… وفكر فيه كثير كثير .

لحد ما اجا اليوم، بالـ1954، كان بالصف الرابع، الدنيا شتوية والمطر كبّ من الرب، وصوت البرق والرعد بضرب ضرب، بالقزاز والحجر والشجر، ومع هيك، أبوه لسيدي أبو ضياء كان رايح عَ الخضيرة يتناول شوية أغراض، فاستغل سيدي أبو ضياء الفرصة وطلب من أبوه “جزمة”، أبوه صفن فيه زيّ اللي حدا كب عليه مي مسقعة اطّلع عليه وطِلع من البيت.

سيدي أبو ضياء ما فهم ليش كانت هالنظرة، بس اللي بتذكره منيح، انه بهذاك اليوم لبس جزمته العتيقة وراح عَ المدرسة. حامل كيس الكتب القماش ع كتفه، ومشي عَ الثلج نطنطة، مش قادر يتحمل السقعة، فرّزوا اجريه، عَ شان الثلج والسقعة اللي اخترقوا الجزمة المهترية.

لمّا وصل الصف مبلل، سألوه ولاد صفه، “ليش ما يشتري جزمة جديدة”. ووقتها فهم نظرة ابوه، فما رد عليهم، فات عَ الصف، وظل ساكت، وبرأسه بدور المشهد اللي شافه مرة بالحارة، وتذكر لمّا الفقير قال للزلمي “عمرك ما تقول للعريان وين ثوبك”.

“طب الجرة على ثمها بتطلع البنت لأمها”

ليان ابو ياسين

كل عمري وأنا افكر إنه هذا المثل اللي بقول “طبّ الجرة على ثمها بتطلع البنت لأمها” معناه إنه البنت بتطلع شبه أمها. واصلًا كل مرة كانوا يحكولي هذا المثل، كنت أكون مبسوطة كثير، لأنه كان ينحكالي بمواقف حلوة وايجابية، وفيها كنت احسّ بفخر وعزّة اني بشبه امي.

بتذكر بالعطلة الصيفية الماضية، قررت إمي تنظف البيت كله، هيك فجأة!

وأنا زيّ البنت الشاطرة، أول واحدة قلت، آه يمّا، أنا بساعدك، وتحمست كثير، ويلا بلشنا ننظف غرفة غرفة وزاوية زاوية، رف من هون ورف من هناك، تكنيس وتمسيح غبرة وتنظيف شبابيك.

ع ساعات المسا، وصل ابوي ع البيت، تفاجأ! نه معقول صرنا مخلصين تنظيف كل البيت، فقالتله امي اني ساعدتها!

فدغري قال: “معدلة ليان – طب الجرة ع ثمها بتطلع البنت لأمها”.

بس الحقيقة طلعت مختلفة حسب شو حكتلي ستي منى، بتقلي ستي منى، المثل الشعبي هذا، برجع لقصة صارت في العصر العثماني، كانت واحدة من الأميّات تنشر الغسيل ع السطح، ولأنه السطح شبه محرم على البنات من باب حفظ البنت وقتها، مكنتش الأم تنادي ع بنتها بصوت عالي لتطلعلها ع السطح، فشو كانت تعمل يا حزركم؟!

بما انه كان دائما في جرة على السطح، فكانت الأم لما تنادي على بنتها كانت تقلب الجرة ثمها، وهيك بيطلع للجرة صوت، وتعرف البنت انه امها بتنادي عليها. وطلع هالمثل الجميل “طب الجرة ع ثمها بتطلع البنت لامها” بمعنى تروح لعندها.

وعلى فكرة، في كمان قصص ثانية للمثل، واحدة من القصص بتخرف عن كنة كانت دائمًا تنزل ع النبعة تعبي الاجرار ميّ، ولأنها كانت تحمل أكثر من جرة بنفس الوقت، فلما كانت توصل ع البيت، تلاقي نص جرار الميّ فاضية.. فكانت حماتها تسمعها حكي ع هالعملة، وكانت تضربلها المثل اللي بقول “اتعب حالك ولا تتعب لسانك”، وفي يوم من الأيام، قالت الحماة لكنتها، تروحيش انت، بدي أبعث الحفيدة وراهنت الحماة على انه حفيدتها، رح تجيب الجرار مليانة.

نزلت الحفيدة ع النبعة، وعبت الميّ، بس مع الأسف كمان وصلت ع البيت ونص الجرار فاضية! لنفس السبب، انها حملت الجرار مع بعض وانكبوا نصهن ع الطريق.

وبلحظتها طلع المثل “طب ع الجرة ع ثمها بتطلع البنت لأمها” بمعنى بتشبهها.

” لولا الغيرة ما حبلت الأميرة”  

فرح نفاع

الحماس والشغف اللي كان عندي لحظة اللي فتنا على بيت المسنين، خلاني أشعر اني بدي اسمع قصص وأمثلة شعبية من كل المسنين، وبالفعل سمحتلي الفرصة التقي مع أكثر من شخص واسمع منهم عن الأمثلة الشعبية والمواقف والذكريات الحلوة اللي بتدور حول الأمثلة.

اكتشفت عظمة الأمثلة الشعبية، وقديش ممكن تعبر عن حياتنا والمواقف اللي منمر فيها، بكل سهولة وراحة وكماااان ذكاء!!!
بتحس إنه المثل الشعبي قاعد قعود على الموقف، وبعبر عنه 100%!

واحد من الأمثلة الشعبية الي ضحكوني كتير هو ” لولا الغيرة ما حبلت الأميرة” ، وعلى فكرة مش بس انا ضحكت… وكمان  سيدي محمد جميل قب، أبو بلال، مواليد 1936، تحديدا 2.12.

ضحك كثير كثير ع فكرة هو اللي حكالي هذا المثل.

بقلي انه ياما استعمل هذا المثل بحياته، وكل مرة كان يستعمله كان يصير ضحك ومبررات كثير للموقف، زيّ كأنه الشخص اللي بنقال عنه المثل بصير يدافع عن حاله إنه مش غيور!

بِتذكر سيدي ابو بلال قصة المثل ومناسبته وبخرفني أنه المثل بحكي عن أميرة مع جاه وقدر عالي لكنها تاخرت في الحمل لسنوات كثيرة، وفي يوم من الايام، صار لهالأميرة خادمة، وهاي الخادمة كانت حامل ويوم عن يوم بطنها بتكبر أكثر واكثر، رغم أنه الأميرة باركتلها بس كثير زعلت لأنها كمان هي كان نِفِسْها بطفل أو طفلة.

وهووووب … بعد فترة ، اكتشفت الأميرة أنها حامل، وهون طلع المثل “لولا الغيرة ما حبلت الأميرة”، بمعنى إنه شكلها غارت من الخادمة لأنها حامل.
وع فكرة في قصة تانية للمثل، اللي بتحكي عن الأمير زوج الأميرة، تزوج عليها رغم حُبُه الها، فزوجته التانية حملت على طول بعد الزواج، لكن المفاجأة مش هون… المفاجأة انُه الأميرة زوجته الأولى حملت هي كمان.

وأنا عم بسمع سيدي أبو بلال، عن قصة المثل، تذكرت انه مرة كانت جارتنا عنا، وكانت عم تحكي عن مرأة ثانية في الحارة، اللي رغم انها كبيرة بالعمر، بس قررت تتعلم سواقة، لهون مفروض انه عادي، يعني عادي الواحد يحس انه عنده حاجة يتعلم سواقة، بس اتضح بعدين من خرافها، انها تعلمت سواقة ع شان كنتها بلشت تتعلم سواقة!
وبتذكر منيح منيح، انه لما حكت المثل “لولا الغيرة ما حبلت الاميرة” امي فرطت من الضحك.

“فخار يكسر بعضه”

ريماس عمر

لين غانم

كان عندي مشاعر مختلطة لما فتنا ع بيت المسنين في زيمر، قاعة الصالون كثير بتشبه صالون دار سيدي، مدور، وعَ كل الداير كنبيات، والمسنين اسيادنا قاعدين بكل زاوية ومطرح.

اللي بسَبح، واللي بشرب قهوة، واللي بحكي وبتخرف مع جاره، اهم اشي بكل هالاطار انه التلفزيون مطفي وكله ملتهي مع كله.

بكل هذا الجو الحلو واللي بحمس، بلشنا نختار مع مين بدنا نحكي ومين بدنا نسمع.

صرنا نتوشوش انا و لين، عند مين بدنا نروح، ما شفنا حالنا، ولا عم نحكي مع سيدي محمد يوسف زيدان (أبو يوسف).

تعالوا نحكيلكم عن أبو يوسف شوي صغيرة.

أبو يوسف من مواليد 1964، يعني عمره ع زيادة 76 سنة، ساكن بابثان واحدة من قرى زيمر، واستقبلنا كثير حلو ع فكرة، واول جملة قالها بنت مين انت؟! مين ابوك؟!

ودردشنا كثير وتعرفنا على بعض ومن عيونه كان فخور فينا كثير.

وعَ شان تعرفوا اكثر، انه اكثر مثل بحبه أبو يوسف هو “فخار يكسر بعضه” وتخيلوا!

تخيلوا انه بستخدمه من لما وعي ع الدنيا وتوارثه من امه و ابوه،  وكل ما يدق الكوز بالجرة بحكي هالمثل،

ومش بس، أبو يوسف بحكيلنا انه لولا هالمثل كان ما بعيش براس مرتاح وهداة بال.

وشو بخرفنا كمان برايكم…

بقلنا اكثر موقف منستعمل فيه هالمثل، لما تكون طوشة بين اثنين، وكل واحد ماسك راسه ومعند على رأيه وموقفه، وييجي واحد بده يصلحهم و ما يقبلوا يسمعوه، بيأس وأول اشي بقوله “فخار يكسر بعضه”، وبلهجات ثانية فخار يطبش بعضه.

مش مهم اذا يكسر و لا يطبش، المهم انه يصطفلوا بين بعض وهذا بذكرنا بالمثل اللي بقول “يا اللي فايت بين البصلة وقشرتها ما بنولك الا ريحتها”.

سيدي أبو يوسف حكالنا كثير مواقف حكى فيها المثل، بس اكثر موقف متذكره وبعده طازة في ذاكرته هو لما راح يشتري خبز ع الفجر من مخبز أبو نضال – هون عنا بالبلد – ويسمع اثنين عم يصرخوا ع بعض، شكله ع قصة تقسيم ورثة و أراضي وهيك، فكر حاله يكون محضر خير ويقدر يصلحهم ويهدي نفوسهم، بس ما نجحت معه الخرافية.

“روقوا يا جماعة”، “بصرش هيك”، “اقعدوا بهدوء وتشاوروا” كل هذا ما زبط معه وبالاخر حمل حاله وخبزاته وحكالهم فخار يكسر بعضه ورجع عند حجته ام يوسف، أفطروا بطيخ وجبنة وزيت زيتون خير السنة.

وقالوا يا الله وتوكلوا على أشغالهم.