المقدمة
على عكس معظم القصص الخرافية التي لا نعلم أصولها، نحن نعرف متى وأين انبثقت قصة مدينة أطلانتس الضائعة؛ فقد ظهرت في اثنين من حوارات أفلاطون، وهما «طيمايوس» و«كريتياس» اللذان تم كتابتهما حوالي عام 330 قبل الميلاد.
فوفقًا لأفلاطون، كانت أطلانتس تقع في مكان ما في المحيط الأطلسي، وكانت تعد قوة بحرية قوية غزت معظم بقاع العالم؛ فلم يبقَ منها إلا أثينا فقط. وفي غمار معركة كبيرة، هزم الأثينيون الأطلسيين وأعادوهم أدراجهم، ويقال أنه في اليوم التالي لذلك حدثت كارثة مهلكة تسببت في غرق المدينة بأكملها في المحيط واختفائها من على وجه الأرض.
لقد ألهمت محاولة حل لغز أطلانتس العديد من الدراسات، والبحوث، والكتب، والقصص، والأفلام. فقد أصبحت كلمة «أطلانتس» كلمة متداولة تطلق على جميع الحضارات المفقودة خلال عصور ما قبل التاريخ.
وظل حوار «الطيمايوس» معروفًا في الحضارة اللاتينية خلال العصور الوسطى، وكان علماء الإنسانيات يشبهون أطلانتس بالمدينة الفاضلة في كثير من كتابات عصر النهضة؛ مثل كتاب «يوتوبيا» لتوماس مور (1516)، وكتاب «أطلانتس الجديدة» لفرانسيس باكون (1624). تخيل مور أرضًا خيالية في العالم الجديد، مما يشكل حلقة وصل بين الأميركتين والمجتمعات الفاضلة. وتم ترسيخ هذه الصورة من خلال كتاب فرانسيس باكون؛ حيث تخيل مجتمعًا فاضلاً أطلق عليه اسم “بن سالم” يقع على الساحل الغربي لأمريكا.
في عام 2011، زعم فريق يعمل على فيلم وثائقي لقناة ناشيونال جيوجرافيك بقيادة الدكتور ريتشارد فروند من جامعة هارتفورد أنهم وجدوا دليلاً على وجود أطلانتس جنوب غرب الأندلس. وقد استعان الفريق بالتصوير بأقمار صناعية، ورادارات مخترقة للأرض، وتقنيات تحت الماء؛ للبحث عن دليل لوجود المدينة الضائعة الأسطورية «أطلانتس». فاقترح فريق فروند أن المدينة كانت تقع بمنطقة مستنقعات حديقة دونا آنا، والتي كانت خليجًا في العصور القديمة.
وتوصل الفريق لهذه النتيجة بعد عثورهم على أنماط دائرية منتظمة تحت السطح لا توجد في الطبيعة في المعتاد. كما وجدوا أكثر من مائة موقع أثري بالقرب من المنطقة، والتي تبدو وكأنها منطقة تذكارية لإحياء المدينة المدمرة. بالإضافة لذلك، فقد ذكر أفلاطون وجود معبد مستطيل الشكل في وسط الجزيرة مهدى لبوسيدون، وقد عثر الفريق على شكل مستطيلي غير منتظم في وسط الحلقات تتطابق أبعاده مع الأبعاد التي ذكرها أفلاطون.
يفترض الدكتور فروند وفريقه أن أطلانتس قد دمرت بفعل تسونامي مما يعضد من نتائج دراسات سابقة قام بإجرائها باحثون إسبان تم نشرها قبل أربع سنوات. على الرغم من ذلك، فقد رفض الفريق الإسباني – والذي كان يعمل في هذا الموقع منذ عام 2005 – مزاعم الفيلم الوثائقي، مدعيًا عدم استناده على حقائق علمية إلى جانب أنه نتاج لتفسيرات خاطئة لنتائج جزئية.
حتى يومنا هذا، تظل أسطورة أطلانتس غامضة؛ فلا يوجد ما يؤكد وجود مدينة أفلاطون الأسطورية من عدمه. وعلى الرغم من ذلك، فإنك إذا قمت بالبحث عنها على شبكة الإنترنت فستجد المئات، بل الآلاف من الصفحات التي تتحدث عن أطلانتس، وافتراضات ومحاولات لا حدود لها للعثور عليها. إن شغف البشرية للعلم لا ينضب، ومع التقدم العلمي السريع سينكشف حتمًا كل الغموض المحيط بتلك الحضارة.
مدينة أطلانتس المفقودة
تعدّدت التعريفات والآراء حول أطلانتس المفقودة بالإنجليزيّة: Atlantis)) وتُعرف أيضاً باسم أتلانتيكا بالإنجليزيّة: Atlantica)) ويقال بأنّها واحدة من الجُزر الأسطوريّة الواقعة في منطقة المحيط الأطلسيّ، وتحديداً في الجهة الغربيّة التابعة لمضيق جبل طارق. وانتشرت أسطورة أطلانتس منذ حوالي 2500 عام، واستخدمت للإشارة إلى مجتمع يتميّزُ بامتلاكه مجموعة من الإنجازات المتطوّرة، سواء في مجال الهندسة، أو العمارة والمباني، أو القوّة العسكريّة، أو الموارد الطبيعيّة. ومن التعريفات الأُخرى لأطلانتس أنّها مكان يمتلك حجم قارة، ويحتوي على الكثير من النباتات، والحيوانات، والمياه النقية، والتربة الغنية، وغيرها من المميّزات الأُخرى.
قصة مدينة أطلانتس المفقودة
صارت القصّة الخاصّة بمدينة أطلانتس وحضارتها المفقودة جُزءاً من الخيال البشريّ للعديد من السنوات، ولم تظهر أية معلومات أو دلالات تاريخيّة وأثريّة حولها، أمّا الظهور الأوّل لقصّتها فيعود إلى وصف الفيلسوف أفلاطون لها من خلال تأليفه نصاً حواريّاً بعنوان تيمايوس، يصف فيه حواراً بين سقراط وفيثاغورس، ويُشارك في هذا الحوار شخص صوفيّ اسمه كريتياس من خلال كلامه حول مدينة أطلانتس.
وصف مدينة أطلانتس المفقودة
حرص الفيلسوف أفلاطون على تقديم وصف حول مدينة أطلانتس، فأشار إلى أنّها أفضل مكانٍ يعيش فيه المهندسون والمعماريون، كما قال بأنّها تحتوي على مجموعة من الموانئ، والمعابد، والأرصفة، والقصور، وأن أطلانتس بُنيت على تلّةٍ يُحيط بها الماء على شكل مجموعة من الحلقات المرتبطة مع بعضها البعض عن طريق الأنفاق، وساهم ذلك في السماح للسُفن بالإبحار فيها، إذ تشكّل حلقات الماء هذه باتّصالها قناة كبيرة جداً تتصل مع المحيط.
أسطورة مدينة أطلانتس المفقودة
يُشير الفيلسوف أفلاطون في مُؤلفاته إلى أن مدينة أطلانتس المفقودة حكمها إله البحر اليونانيّ بوسيدون، والذي حرص على استخدام أطلانتس للتعبير عن تقديره لزوجته عن طريق بناء بيت كبير لها على إحدى التلال في وسطها. كما يُوضّح الفيلسوف أفلاطون أن سُكّان المدينة هم من المهندسين الذين امتلكوا تكنولوجيا متطوّرة ومُتقدمة تفوق مناطق عالميّة أُخرى، أمّا سُكّان القُرى من الطبقة الثريّة في أطلانتس فقد سكنوا الجبال، أمّا نهاية الأسطورة الخاصة بمدينة أطلانتس فتكون بغضب الإله زيوس، ولكن لا تُخبر هذه النهاية إذا قرّر زيوس تدمير مدينة أطلانتس أمّ لا، فهي تكتفي بذكر وعيد زيوس بأن يلقّن أطلانتس درساً عنيفاً.
نظريات عن مدينة أطلانتس المفقودة
ظهرت العديد من النظريات حول مدينة أطلانتس المفقودة، وحرصت جميعها على توفير أسباب لاختفاء هذه المدينة، كما ساهمت في رسم صور حول شكلها وطبيعتها، وفيما يأتي معلومات عن أهمّ
هذه النظريات
أطلانتس كانت قارة: هي النظرية التي تُشير إلى مدينة أطلانتس على أنّها كانت قارة ظهرت في منتصف المحيط الأطلسيّ، وتعرضت للغرق المفاجئ، وترتبط هذه النظرية مع إدراك أن *أطلانتس هي مكان موجود بالفعل، وليست أسطورة من تأليف أفلاطون، وظهرت هذه النظرية في نهايات القرن التاسع عشر للميلاد من خلال كتاب المؤلّف إغناتيوس دونيلي وعنوانه “أطلانتس – عالم قبل الطوفان”، واحتوى الكتاب على جدل حول الإنجازات التي ظهرت في العالم القديم، وربطها الكاتب مع وجود حضارة ذات بيئة متقدمة، وقدّم دونيلي وصفاً عن أطلانتس قائلاً بأنّها قارة غرقت بالماء بناءً على المكان الذي حدّده أفلاطون في المحيط الأطلسيّ، والمشار له بالصخور الموجودة عند
مضيق جبل طارق
اختفت أطلانتس في مثلث برمودا: هي نظرية اشتقت أفكارها من أفكار الكاتب دونيلي؛ إذ إنّ الكثير من المُؤلفين حرصوا على التوسّع في دراسة وإنشاء النظريات والتوقعات حول مكان أطلانتس، ومن أهمّ أولئك الكُتّاب تشارلز بيرليتز الذي ألّف الكثير من الكُتب حول الظواهر والأحداث الخارقة، ومن التوقعات التي أشار لها بيرليتز أن أطلانتس كانت موجودة بالفعل، وهي من القارات الواقعة مقابل جُزر البهاما، ولكنها اختفت في مثلث برمودا، ويشير بعض الأشخاص الذين يؤيدون هذه النظرية إلى عثورهم على آثار طُرقات وجدران مقابل ساحل بيميني، ولكن درس العلماء هذه الجدران والطُرقات، وتمكّنوا من الوصول إلى أنها مجموعة من الأشكال
الطبيعيّة
أطلانتس هي أنتاركتيكا: هي النظرية التي تُشير إلى أن أطلانتس ليست إلّا صورة متطوّرة عن أنتاركتيكا في الوقت الحالي، وتنتمي هذه النظرية إلى تشارلز هابود من خلال كتابه المنشور في سنة 1958م بعنوان “قشرة الأرض المتحوّلة”؛ حيث يرى هابود أن القشرة الأرضيّة شهدت تحوّلاً قبل حوالي 12,000 عام، ونتج عن ذلك تغيّر مكان أنتاركتيكا من موقعها إلى موقع بعيد جداً، كما يقول إن هذه القارة شكّلت موقعاً لواحدةٍ من الحضارات المُتقدّمة، وأدّى التغيّرُ في موقعها إلى دفن الحضارة الأطلنطسيّة تحت الجليد
رواية أسطوريّة: هي النظرية التي تُخبرُ أن مدينة أطلانتس ليست إلّا مكاناً خياليّاً، أمّا قصة فقدانها فهي مشتقة من أحد الأحداث التاريخيّة، والمرتبطة بالفيضان الذي أثّر في البحر الأسود تقريباً في سنة 5600 ق.م، وكان البحر الأسود في ذلك الوقت عبارةً عن بحيرة تُشكّل نصف حجمه في
العصر الحالي، وانتشرت حوله الكثير من الحضارات التي واجهت الفيضانات القادمة من ماء البحر
الحضارة المينويّة هي أطلانتس: هي نظرية تقول إن أطلانتس هي الحضارة المينويّة التي وجدت خلال الفترة الزمنيّة بين 1600 إلى 2500 ق.م، وهي حضارة ظهرت على جزيرتي تيرا وكريت إحدى الجُزر التابعة لليونان، وينتمي شعب الحضارة المينويّة إلى الحاكم الأسطوريّ مينوس، كما يُشار إلى أن هذه الحضارة هي الأولى في قارة أوروبا، وقد احتوت على العديد من الطُرق والقصور الجميلة. اختراع أفلاطون لأطلانتس: هي النظرية التي تربط بين أفلاطون واختراعه لمدينة أطلانتس؛ أي أنها لم تكن موجودة فعليّاً، بل ظهرت نتيجةً لأفكار أفلاطون، وأن الحسابات الأفلاطونيّة لوجود أطلانتس ليست سوى خيال
Published: Dec 14, 2021
Latest Revision: Dec 14, 2021
Ourboox Unique Identifier: OB-1247025
Copyright © 2021