يزن ذكر الدب القطبي البالغ ما بين 400 و680 كيلوغرام (880–1,500 رطلا)، بينما تصل الأنثى لنصف هذا الحجم. على الرغم من أن هذه الحيوانات تعتبر قريبة للدببة البنية، إلا أنها طوّرت نمطا حياتيّا أضيق بكثير من ذاك الخاص بأقاربها، حيث أصبح الكثير من خصائصها الجسدية متأقلما مع الحياة في بيئة منخفضة الحرارة، وللمشي على الثلج، الجليد، السباحة في المياه المفتوحة، وصيد الفقمات التي تشكل أغلبية حميتها, على الرغم من أن معظم الدببة القطبية تولد على البر، إلا أنها تمضي معظم وقتها بالبحر، ومن هنا جاء اسمها العلمي الذي يعني “الدب البحري”، كما وتصطاد باستمرار على الجليد البحري، حيث تمضي أغلب العام.
يُصنّف الدب القطبي على أنه مهدد بالانقراض بدرجة دنيا، حيث أن 5 جمهرات من أصل 19 تعتبر في طور التراجع حاليا
أدّى الصيد الجائر خلال عقود كثيرة من الزمن إلى ازدياد الخوف العالمي حول مستقبل هذا النوع؛ إلا أن جمهراته أظهرت تعافيا وازديادا في أعداد أفرادها بعد أن فرضت قوانين صارمة لحمايته في أكثر البلدان التي يقطنها. كان الدب القطبي رمزا أساسيّا في الحياة الماديّة، الروحيّة، والثقافيّة لشعوب القطب الشمالي الأصليون على مدى آلاف السنين، ولا يزال صيد الدببة القطبية يعتبر من أهم المظاهر في حضاراتهم حتى اليوم.
يضع الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ظاهرة الاحتباس الحراري في المرتبة الأولى ضمن قائمة الأسباب المؤدية لتراجع أعداد الدببة القطبية، إذ أن ذوبان مسكنها المتمثل بصفائح الجليد البحرية يجعل من الصعب عليها اصطياد ما يكفيها من الطرائد. يقول الباحثون التابعين للاتحاد “إذا استمرت درجة حرارة العالم بالارتفاع على هذا المنوال فإن الدب القطبي قد ينقرض خلال 100 سنة”
ذكرت دراسة علمية حديثة أن الدببة القطبية استطاعت التعايش مع المواسم الحارة في القطب الشمالي، حيث تراجع غطاء الجليد فوق البحر بفعل التغير المناخي، مشيرةً إلى أن صمود الدببة للبقاء على قيد الحياة كان وراءه اعتمادها في طعامها على جثث الحيتان الكبرى التي تلقي المياه بها على الشاطئ.
وأوضح الباحثون أن الحيتان النافقة رغم كونها مصدرًا حيويًّا للدهون والبروتين لبعض الدببة القطبية، لن تكون كافيةً في المستقبل لتأمين احتياجات معظم الدببة؛ فمن المتوقع أن يكون فصل الصيف في القطب الشمالي خاليًا من الجليد بحلول عام 2040 بفعل التغير المناخي.
وتقول “كريستين لايدر”-الأستاذ المساعد بكلية البحار والمصايد بجامعة واشنطن، والباحثة الرئيسية للدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “إذا استمر معدل فقدان الجليد وارتفاع درجة الحرارة بالقدر نفسه، فإن التغيرات التي ستشهدها مناطق إيواء الدب القطبي ستتجاوز ما تم تسجيله عن ملايين السنين السابقة. وسيكون من الصعب التنبؤ بما سيحدث لها في المستقبل”.
ووفق الدراسة التي نشرتها دورية “فرونتيرز إن إيكولوجي آند ذي إنفايرومنت ، فإن الدببة القطبية تحتاج إلى طبقة الجليد، التي تغطي البحار، للبقاء على قيد الحياة؛ باعتبارها منصتها الأساسية لاصطياد عجول البحر، التي تمثل غذاءها الرئيسي؛ فهي تتجول فوق الجليد بحثًا عن فتحات التنفس التي تكشف وجود فريستها أو أماكن ولادة هذه الحيوانات.
وعندما يتفتت الجليد في الربيع، تصوم الدببة عن الطعام في انتظار تكوين الثلوج من جديد لمتابعة الصيد. وعلى جانب آخر، تنتهز الدببة فرصة نزوح جثث الحيتان التي لقيت حتفها في البحر وجرفتها الأمواج للشاطئ، وهو ما لاحظه الباحثون في عدة أماكن.
تضيف “لايدر” أن “الدببة تستهلك كميات كبيرة من الدهون وتخزنها كمخزون إستراتيجي لديها عند الحاجة. وفي بعض الحالات، سجل الباحثون وجود ما بين 40 إلى60 دبًّا قطبيًّا تتغذى على جثث الحوت القطبي والحوت الرمادي، وفي2017، شوهد أكثر من 180 دبًّا يفترسون جثة حوت قطبي واحد، كما تظل الدببة عدة سنوات تتردد بشكل فردي على مكان وجود الجثث النافقة؛ للتغذي على ما تبقى منها”.
وعن صلاحية الحيتان النافقة للغذاء لـ”عدة سنوات”، تقول “لايدر”: “إن الجثة تتعرض بالفعل لبعض التعفن، ولكن ذلك لا يمنع الدب القطبي من التغذي عليها. كما أن الصقيع الذي يغلف القطب الشمالي يجعل الأشياء تجف عادةً قبل أن تتعفن”.
وقد قام الباحثون بتحديد كم الدهون واللحوم التي يحتاجها قطيع من 1000 دب قطبي كمصدر للغذاء سنويًّا. كما قاموا بتقدير وفرة مجموعات الحيتان الرمادية والقطبية في شواطئ “تشوكوتكا” و”ألاسكا” ونسبة جنوحها للشاطئ. وتَبيَّن أن 10% فقط من الحيتان التي تموت تطفو على السطح، وبعضها فقط يصل إلى أرض يمكن للدببة الوصول إليها. وانتهى تحليل الباحثين الى أنه خلال شهور الصيف الخالية من الجليد، يحتاج قطيع من 1000 دب قطبي إلى حوالي ثمانية حيتان للتغذي عليها، فى حين يحتاج القطيع نفسه إلى 20 حوتًا في فترة الربيع عندما يأكل بكميات أكبر.
ويؤوي القطب الشمالي19 نوعًا من الدببة القطبية، ولكن ليس في كل المناطق تتوافر الحيتان النافقة كما في بحر “تشوكشي” فيروسيا. كما تناقصت أعداد الحيتان مؤخرًا بشكل كبير بسبب الأنشطة البشرية في المنطقة مثل شحن السفن والمجتمعات الساحلية والنشاط الصناعي في المناطق القريبة من الشاطئ.
وتؤكد “لايدر” أن الحيتان الضخمة النافقة لن تكون بديلًا لعجول البحر التي تُعد المصدر الغذائي الرئيسي للدببة في ظل خلو القطب الشماليمن الجليد. ففي معظم المناطق، تحدث تغيُّرات بيئية كبيرة ويكون عدد الحيتان النافقة محدودًا.
وتتوقع “لايدر” أن تؤدي التغيرات الكبيرة التي تشهدها مناطق إيواء الدب القطبي خلال العقود القادمة إلى انخفاض هذه السلالة بمقدار 30% بحلول 2040، مشددةً على ضرورة تكاتف المجتمع الدولي لخفض الانبعاثات والتحول إلى مصادر الطاقة المستدامة لإنقاذ الدب القطبي.
صورة للدب القطبي
Published: Feb 18, 2021
Latest Revision: Feb 18, 2021
Ourboox Unique Identifier: OB-1048386
Copyright © 2021