نبذة عن حياة ابن زريق البغدادي
-
ابن زريق البغدادي المُتوفَّى 420 هـ / 1029 م.
-
هو أبو الحسن علي (أبو عبد الله) بن زريق الكاتب البغدادي، انتقل إلى الأندلس وقيل إنه توفي فيها. وقد عرف ابن زريق بقصيدته المشهورة قمر في بغداد (لا تعذليه فإن العذل يولعه)، وتأخذ هذه القصيدة في التاريخ الأدبي أسماء ثلاثة: عينية ابن زريق… وفراقية ابن زريق… ويتيمة ابن زريق !!
-
ولكل تسمية سبب:
-
فهي العينية: لأن قافيتها هي العين المضمومة.. وإن انتهت بهاء مضمومة.
-
وهي القصيدة الفراقية: لأن موضوعها «الفراق»… كما سنعرف.
-
وهي القصيدة اليتيمة: لأن ناظمها لم ينظم في حياته غيرها كما يقولون.
-
والشاعر كانت له زوجة أحبها حبًا عميقا صادقاً، ولكن أصابته الفاقة وضيق العيش، فأراد أن يغادر بغداد إلي الأندلس طلبًا للغنى وذلك بمدح أمرائها وعظمائها. ولكن زوجته تشبثت به ودعته إلي البقاء حبا له وخوفًا عليه من الأخطار، فلم ينصت لها، ونفذ ما عزم عليه.
-
وقصد الأمير أبا الخيبر عبد الرحمن الأندلسي في الأندلس، ومدحه بقصيدة بليغة جدًا.. فأعطاه عطاء قليلاً، فقال ابن زريق والحزن يحرقه: (إنا لله وإنا إليه راجعون، سلكت القفار والبحار إلي هذا الرجل، فأعطاني هذا العطاء القليل)، ثم تذكر ما اقترفه في حق زوجته من تركها وما تحمّله من مشاق ومتاعب مع لزوم الفقر. وضيق ذات اليد. ثم أنه يمّم وجهه شطر بلده بغداد حتى اعتل غمًا ومات في طريق الرجوع. ووجدوا عند رأسه رقعة فيها مكتوب:
-
لا تعذليه فإن العذل يولعه ** قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه
2
قصيدة لا تعذليه لابن زريق البغدادي
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّبِهِ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التفنيدِ أَنَّ لَهُ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَجمعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً وَلَو إِلى السَندّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
واللهُ قسَّمَ بينَ الخلقِ رِزقَهُمُ لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
-
لَكِنَّهُم مُلِئوا حِرصاً فلَستَ تَرى مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
4
5
6
شرح القصيدة
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
-
العذل: اللوم.
-
يولعه: يغريه.
-
يناجي الشاعر نفسه ويطلب منها ألا تطيل في العتب واللوم لأن العتاب يزيد عذابه ويعلم أنها تقول الحق ولكنه لن يصغ لها وهذا الصراع بين نداء الروح والواقع.
-
أسلوب التجريد: نسخ الشاعر من نفسه شخصية أخرى وصار يخاطبها ترويحا لنفسية من الحالة النفسية الكئيبة بسبب غربته.
-
جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّبِهِ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ
-
جاوزت: تخطيت وتعدَّيت.
-
حدّا: مقدارا ومدى.
-
قدَّرت: اعتقدت وظننت.
-
لقد زادت تلك النصائح الكثيرة الشاعر هماً وحزناً في الوقت الذي حسبت فيه أن هذه النصائح ستفيده وتعيده للصواب.
8
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
-
الرفق: اللين.
-
تأنيب: عتاب.
-
مُضنى: مُتعب.
-
اتبعي في نصحه أسلوب الرفق واللين لأن قلبه عليل وحزين على ما أصابه جراء ظروف حياته الصعبة.
-
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
-
مضطلعا: عالما وقادرا.
-
الخطب: المصيبة (الفقر).
-
خطوب الدهر: مصائب الدهر.
-
أضلعه: عظام صدره.
-
لقد كان قادراً على تحمل المصائب وتجاوزها ولكن تلك الهموم والمصاعب الكثيرة جراء سفره وترحاله أثقلت كاهله وأتعبته.
-
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَفنيدِ أَنَّ لَهُ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
-
لوعة: ألم الشوق والاشتياق.
-
التفنيد: اللوم وتضعيف الرأي.
-
النوى: المصائب.
-
يروعه: يخيفه.
-
يكفيه من الحزن والهم تلك المخاوف التي يعاني منها أثناء سفره وترحاله ويضاف إليها بعده عن محبوبته وما كان هذا إلا ليزيده همّا فوق همه.
10
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يجمعه
-
آب: رجع وعاد.
-
أزعجه: أقلقه.
-
رأي: قرار.
-
العزم: الإصرار.
-
يجمعه: يحركه للتنفيذ.
-
يقول الشاعر وما رجعت إليكم من سَفَرٍ إلا ودفعتني الحاجة إلى أن أستعد إلى سفرٍ غيره.
-
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
-
حلّ: إقامة.
-
مُرتحل: سفر ورحيل.
-
موكل بفضاء الله: مجبرا على دوام الترحال والأسفار.
-
يذرعه: يقطعه بسرعة.
-
يقول الشاعر أصبحتُ دائم الترحال لا أستقر في مكان كأنّني وُكّلتُ بأرض الله أقطعها على الدّوام وقد كتب علي أن أقطع بقاع الأرض ذهاباً وإياباً.
12
إذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً وَلَو إِلى السَندّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
-
أراه: صوَّر له.
-
السِّند: أحد قاليم الباكستان.
-
يزمعه: قرره وحسم أمره.
-
إنّه راحل وراء رزقه ولو علم أن رزقه في (السند) – على بعدها الشديد – لذهب إليها واستقر بها طلباً لهذا الرزق.
-
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
-
تأبى: ترفض.
-
تجشمه: تحمله وتذيقه.
-
كدّا: جهدا وتعبا.
-
إن مطالبه كثيرة تدفعه للسعي وراء الرزق بمشقة وتعب، لكن قدره ألا يتمكن من تحصيل هذا الرزق. وكان يودع الكثيرين حين كل سفر وسعي للرزق.
-
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ رزقَاً وَلا دَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
-
مجاهدة: مكافحة ونضال (السعي للرزق).
-
دعة: راحة.
-
تقطع: تمنع الرزق.
-
إن سعي الإنسان خلف الرزق لا توصله له ، ولا حتى الجلوس عنه يمنعه عنك فالرزق قدر مقدور من عند الله.
14
واللهُ قسَّمَ بينَ الخلقِ رِزقَهُمُ لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
-
الخلق: المخلوقات.
-
يضيعه: يهمله.
-
لقد قسّم الله الرزق بين العباد، والله لا يضيع رزق أحد ولا يهمله (حكمة).
-
لَكِنَّهُم مُلِئوا حِرصاً فلَستَ تَرى مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
-
الحرص: الأطماع والشهوات.
-
مسترزقا: يطلب المزيد.
-
الغايات: الأهداف.
-
رغم ما ذكره الشاعر من حكم – في البيتين السابقين : أن الرزق مكتوب لك – إلا أن البعض يقوده الطمع وهو أعمى لا هم له سوى جمع المال ويبقى هدفه الأقصى طوال حياته هو المال.
16
الأساليب في القصيدة :
-
التجريد: وهو أن يجرد الشاعر من نفسه شخصية أخرى ويخاطبها، وقد جاء ذلك في البيت الأول، لا تعذليه: وجاء التجريد بغرض التخفيف من الحالة النفسية الكئيبة التي حلّت به جراء غربته ورحيله عن بغداد.
-
التصريع: وهو اتفاق قافية الشطر الأول من البيت الأول مع قافية القصيدة، (يولعه – يسمعه)، وهو يعطي جرسا موسيقيا في ذهن القارئ.
-
القافية: الهاء هنا ليست قافية: لأنها ضمير وليست من أصل الكلمة، والهاء تكون قافية شرطا أن يكون ما قبلها ساكن.
-
الخطاب: استعملي.
-
النهي: لا تعذليه.
-
الأمر والطلب: استعملي.
-
التصدير: وهو اتفاق إعجاز الكلام مع صدره، وقيل هو رد الصدر على العجز، وقد ظهر ذلك في البيت الخامس: روعة – يروعه والغرض منه: تأكيد المعنى وتقريره، الربط بين المعاني والمفردات، ربط المعنى بذهن القارئ.
-
تقسيم الموضوعات :
-الأبيات 3-1: اللوم والرجاء والعتاب مع النفس.
-الأبيات 7-4: الغربة وأسابها ومعاناته.
-الأبيات 10-8: حكم وعبر في السعي للرزق.
-
التوكيد: إن العذل، قد قلت حقا. والغرض هو إبرازالفكرةوربطها بذهن القارئ.
18
-
الترديد : قيل أن الترديد هو أحد مسميات التصدير وقد سبق ذكره.
-
التشبيه : كأنما هو من حلّ ومُرتحل.
-
الاستعارة : العذل يولعه، تأبى المطامع، تجشمه.
-
الكناية :
– ضُيِّقت بخطوب البين أضلعه: كناية عن الضعف والهموم.
– قد كان مُضطلعا: كناية عن قدرته وشدة تحمّله.
– لم يخلق الله من خلق يضيعه: كناية عن رعاية الله وحفظه.
– فلَستَ تَرى مستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُه: كناية عن الطمع والجشع وعدم الاكتفاء.
-
الحصر والقصر: إلا وأزعجه، تأبى المطامع إلا أن تجشمه. وجاء الحصر والقصر بغرض تقوية المعاني، وإبرازها.
-
النفي: ما آب، وما مجاهدة.
-
الطباق: (الرفق – العذل والعنف)، (حلّ – مرتحل)، (مجاهدة – دعة وراحة)، (آب – سفر)، (أضرَّ – ينفعه).
-
الجناس: (مضطلعا – أضلعه)، (يخلق – خلق)، (روعة – يروعه).
-
التكرار: العذل، النصح، خطب.
-
الإيحاء: (مُضنى القلب موجعه: توحي بالتعب والألم)، (أزعجه : توحي بعدم الارتياح)، (السند: توحي بالبعد الشديد)، (يزمعه: توحي بالعزم والإصرار)
-
القيم – العبر:
– الأبيات 3-1: الاستماع لآراء الآخرين، احترام الرأي، اختيار الطريقة المناسبة للنصح.
– الأبيات 7-4: الصبر والاحتمال وقت الشدائد، محاسبة النفس، الإصرار على السعي للرزق.
– الأبيات 10-8: الرزق مقسوم لك فلا تقلق، القناعة كنز لا يفنى، الابتعاد عن الطمع.
المقابلة:
– البيت العاشر: مقابلة بين مجاهدة الإنسان وتعبه وراحة الإنسان وسكونه.
-
الحكمة : الأبيات الأخيرة : 8+9+10.
19
أجب عن الأسئلة التي داخل الرابط
اضغط هنا
20
عليك الدخول إلى الاختبار وحلّه
اضغط هنا
21
فعالية بازل
اضغط هنا
22
رابط القصيدة مغناة
اضغط هنا
23
Published: Mar 14, 2020
Latest Revision: Mar 15, 2020
Ourboox Unique Identifier: OB-747050
Copyright © 2020