تعريف تفسير القرآن ومناهجه
إنّ بيان المقصود بتفسير القرآن الكريم يقود الباحث للكشف عن أنواع التّفسير، ومناهجه، ومدارسه المعتبرة عند أهل هذا العلم، حيث إنّ علم التفسير مرّ بمراحلٍ وتطوّراتٍ حتى استقرّ به الأمر إلى أن أصبح علمٌ خاصٌّ له فنونه وأحكامه، وفيما يأتي بيانٌ لبعض هذه المسائل: تعريف تفسير القرآن عرّف التفسير في اللغة والاصطلاح الشرعي، وفيما يأتي بيان ذلك، وبيان المصطلحات المتعلّقة بالتفسير، والعلاقة بينها: تعريف تفسير القرآن: التفسير في لغة العرب يعني الكشف والإيضاح، وهو في الاصطلاح لا يبتعد عن معناه اللغوي، إذ إنّ هذا المصطلح غلب عليه عند إطلاقه تفسير القرآن الكريم، وعرّفه الإمام الجرجاني بأنّه توضيحٌ لمعنى الآية، وبيانٌ لشأنها، وكشفٌ لقصّتها، ومعرفة سبب نزولها، ويكون كلّ ذلك بألفاظٍ تدلّ على المقصود دلالةٌ بيّنةٌ واضحةٌ.[٤] التأويل: يعدّ مصطلح التّأويل من الألفاظ ذات الصّلة بمصطلح التّفسير، ويُقصد به في الاصطلاح: الانتقال باللفظ من معناه الظاهر المتبادر إلى الذّهن ابتداءً، إلى معنىً آخر يحتمله السّياق شريطة ألّا يعارض كتاب الله -تعالى- وسنة النبي -عليه السلام-.[٤] الفرق بين التفسير والتّأويل: الفرق بين المصطلحين هو أنّ التفسير أعمّ من التّأويل، فأكثر عمل المفسِّر في الألفاظ والمفردات، غير أنّ المأوِّل يعمل على المعاني والجمل، ورأى بعض المحقّقين أنّ المعنى البيّن الواضح في كتاب الله والمحدّد في سنة رسوله يسمّى تفسيراً؛ لأنّ معناه ظاهرٌ وجليٌّ، ولا يخضع لاجتهادٍ أو تأويلٍ، أمّا التّأويل فمجاله في الآيات التي تحتاج إلى.استنباطٍ من العلماء العالمين بفنون التّأويل
2
مناهج التّفسير
تعدّدت مناهج التفسير للقرآن الكريم، واستقرّ أمر هذا العلم على اتّجاهين في أخذه، وهما: التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي، وشكّل كل اتجاهٍ مدرسةً لها أصولها وفنونها وسماتها وأتباعها، ومجمل ذلك فيما يأتي:
1-التفسير بالمأثور
2-التفسير بالرأي
3
التفسير بالمأثور:
ويُقصد به تفسير القرآن الكريم بالاعتماد على ما جاء في آيات القرآن من بيانٍ وتفصيلٍ لبعض آياته، وبما ثبت أيضاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما صحّ نقله عن الصحابة الكرام والتابعين -رحمهم الله-، ومثاله في تفسير القرآن بالقرآن في بيان المراد بالذين أنعم الله عليهم في قول الله تعالى: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)،[٧] حيث ذهب أهل التّفسير بالمأثور إلى أنّ المولى سبحانه كشف عنهم بقوله: (وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا)،[٨] ومن أشهر ما صنّفه علماء التفسير بالمأثور: تفسير الطبري المسمّى بجامع البيان في تفسير القرآن، والمحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير.
4
التفسير بالرأي:
ويُقصد به تفسير آيات القرآن الكريم عن طريق الاجتهاد الناتج عن معرفة المُفسّر لطرائق كلام العرب، ومعرفته لألفاظ ومعاني ودلالات اللغة العربية، فضلاً عن معرفته بعلوم القرآن الكريم الأخرى، مثل: أسباب النزول والناسخ والمنسوخ، ومثال هذا المنهج في التفسير ما جاء عند الإمام الرازي في تفسيره لقول الله -عزّ وجلّ-: (مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فيها وَهُم فيها لا يُبخَسونَ)،[٩] حيث ذهب إلى أنّ سياق الآية يستوعب أنْ يندرج فيه المرء المؤمن والكافر، على اعتبار أنّ كلاهما يرغبُ إلى التّمتع بملذات الدنيا والانتفاع بخيراتها، ثمّ رجّح أنّ المقصود الأقرب يدلّ على أنّ المراد بقوله تعالى: (مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا) هو الكافر، لأنّه -سبحانه- قال بعدها: (أُولـئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعوا فيها وَباطِلٌ ما كانوا يَعمَلونَ)،[١٠] وهذا خطابٌ لا يليق إلّا بأهل الكفر، ويكشف هذا المثال عن المنهج العام للتفسير بالرأي اعتمد الإمام الرازي في تفسير الآية على إعمال العقل الذي يسنده الدليل النقلي، ومن أهم ما حوته المكتبة الإسلامية من كتب التفسير بالرأي: البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، وروح المعاني للآلوسي.
5
7
Published: Feb 18, 2020
Latest Revision: Feb 18, 2020
Ourboox Unique Identifier: OB-734403
Copyright © 2020