مدرسة يسوع الشاب – دون بوسكو
موضوع الوظيفة : الثورة الصناعية “حدوثها في بريطانيا بالذات”
في إطار موضوع : البحث العلمي
تحت إشراف المعلمة المحترمة : ريتا ناصر
بمساعدة امينة المكتبة المحترمة : ريتا ناصر
اسم الطالبة : نور حبيب الله
ناديا حمدان
عدن قويدر
هيلدا خبيص
يزن سلطي
الصف : الثامن
“الشعبة : “أ
تاريخ التسليم : 2017/5/19
الفهرس
المقدمة……………………………………………………….1-3
الفصل الأول : بريطانيا قبل الثورة الصناعية “خلفية تاريخية”…………..4-9
الفصل الثاني : بريطانيا في ارض التطور “زمن الثورة الصناعية”…….10-15
الفصل الثالث : بريطانيا وانتشار الثورة الصناعية الى دول اوروبا……..16-21
التلخيص والاستنتاج…………………………………….22-25
المصادر والمراجع…………………………………………26
المقدمة
يرفض الإنسان بطبيعته أن يبقى اسير لحظته وحاضره. فهو منذ أن وُجِدَ يتساءل عن موضعه في هذا الكون, عن مكانته وحقيقته ومعنى وجوده, يحاول أن يعرف ذلك كله من أجل أن يبقى ويستمر ويحقق الغاية من وجوده. لذا تعيّن عليه أن يحدس ذلك البعيد المجهول الذي أدرك أنه سائر إليه لا محالة, محاولًا استشفاف قانون التحول الكوني ومحركهُ.
والحق أن الإنسان البدائي لم يشعر بالقلق أمام ذلك البعيد المجهول, لأن ما نسميه اليوم ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا كان يشكّل في نظره شبكة واحدة لا تختلق عن بعضها البعض. فهو لم يعط الزمن أي معنى خارج الدورية, لانه كان يعايش دورة الطبيعة, ويرى تتابع كل شيء فيها وفق سيرورة تتكرر بانتظام. لذا لم ينظر الى المستقبل على انه حلقة مستقلة, بل حلقة في سلسلة متصلة من الأحداث يقوم هو بدوربطزلتها. فاللحظة الحاضرة لا تلبث أن تصير جزءًا من الماضي, ولا يلبث المستقبل ان يصير حاضرًا, فماضيًا, إنه ذروة سلسلة الأحداث المتتابعة.
لقد أعمل الإنسان عقله في استشفاف مستقبله, فتطورت ملكة التنبؤ لديه, أصبح المستقبل في نظره كشفًا عما كان كائنًا في الماضي. وراح في مرحلة تالية يبحث في فهم الآلية التي تحرك الأحداث من الماضي الى المستقبل. بدأ أولًا بدراسة تاريخه, محاولًا فهم قانون هذا التاريخ ومحركه. ثم باتت دراسة التطور ومعرفة قوانينه, في محاولة لتبني نظرية تطورية, عاملًا هامًّا في تشكيل وعي الإنسان لذاته ما قد يكون, وما يجب أن يكون. أي أن النظرية التطورية تفسّر الواقع وتغيره, وتفسر علاقة التغير بالمثال وبالتصورات. هكذا أعطى الإنسان معنى للزمن, بوصفه وحدة قياس لشريط الأحداث المستمر, بحيث بات التعبير عن نظرية تطورية يرتبط بالزمن وبمفهومنا عنه.
حتى فترة قريبة مضت, كان هناك من يرى أن التطور الإنساني يتناسب طردًا مع الزمن. فتطور الإنسان يتقدم مع الزمن لأن الإنسان يمتلك قدرة مستمرة وفعالة على استغلال الطبيعة واستثمار ثرواتها لمنفعته الخاصة, وكان التطور يعني زيادة الإنسان لثرواته وممتلكاته.
وهذا ما حصل عندما بدأ الإنسان يستخدم عقله لمنفعته حيث بدأت الثورة الصناعية تكبر من هذه الفكرة الصغيرة وكانها كبرت بسرعة البرق فلم نستطع رؤيتها بذرة صغير حتى أصبحت شجرة كبير تثمر ثمارها بشكل عظيم ورائع.
تفجرت الشرارة الولى للثورة الصناعية في بريطانيا باكتشاف الآلة البخارية في ستينات القرن الثامن عشر, فتسارعت وتيرة ازدهار صناعة النسيج والصلب وهما اهم الصناعات يومها. وبعد ذلك انتشرت الظاهرة الى باقي ارجاء اوروبا ثم امريكا الشمالية في مطالع القرن التاسع عشر.
والواقع أن قيام الثورة الصناعية يبقى في المقام الأول تتويجًا منطقيًا لتطور علمي هائل جاء ثمرة النهضة الاوروبية التي قامت قبل ذلك بقرنين, كما انه بدرجة اقل نتيجة منتظرة لازدهار الصناعة التقليدية والتجارة العالمية, مع ما رافق ذلك من بروز الحاجة الى وسائل وادوات انتاجية تمكن من الاستجابة للحاجة المتزايدة للسوق العالمية التي لم تعد الصناعة التقليدية اليدوية قادرة على تلبيتها. ترسخت الثورة الصناعية أولًا في بريطانيا فازدهرت صناعة النسيج واستخراج الفحم الحجري وصناعة الصلب, وتوسعت شبكات المواصلات وظرهت الجسور الحديثة, وإن كانت السكك الحديدية لم تظهر إلا في اواسط القرن الموالي.
ومع بدايات القرن التاسع عشر, عرفت دول اوروبا وعلى رأسها فرنسا التصنيع متأثرة بالثورة الصناعية البريطانية, وقد دخلت فرنسا عصر التصنيع بشكل فعلي بعد ثورة 1789 وتحديدًا خلال ما يعرف بفترة “ملكية يوليو”و أي في حدود سنة 1830. وفي تلك المرحلة, كانت المانيا عي الاخرى ومعها اغلب بلدان اوروبا الغربية. تخطو نفس الطريق, كما انتشر اشعاع الثورة الجديدة الى امريكا الشمالية. ولم تصبح المانيا دولة صناعية إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
سؤال البحث : استقبال وترحيب بريطانيا الحار للثورة الصناعية واستخدامها كمرآة لعقول وتطور المملكة البريطانية.
يتحدث الفصل الأول:
عن الحياة المعتادة التي عاشها الشعب البريطاني, وكيف كانت تسير الحياة بشكل عادي وطبيعي بدون اي تطور وكيف كانت تؤثر على عادات وتقاليد الشعب هناك.
يتحدث الفصل الثاني:
عن بداية الثورة الصناعية وحدوثها بالذات في بريطانيا وكيف استطاعت التأثير على بريطانيا بشكل كبير وهائل ولم يستطع الشعب العيش بدون تطورها حتى يومنا هذا.
يتحدث الفصل الثالث:
عن تأثر باقي الدول من جميع ارجاء العالم لهذه الثورة وبدأت تتعلق فيها رويدًا رويدًا, حتى باتت الثورة جزءًا كبيرًا ومهمًا لهذه الدول. فانتشرت الثورة الصناعية في جميع انحاء العالم واصبحت تحتله.
“الفصل الأول : بريطانيا قبل الثورة الصناعية “خلفية تاريخية
انجلترا أكبر الدول الأربع التي تكون المملكة المتحدة لبريطانيا وايرلندا الشمالية وغالبًا ما تختصر الى بريطانيا أو المملكة المتحدة.
منذ مئات السنين كانت انجلترا تمثل إحدى أهم دول العالم, إذ ابتكر أهلها الثورة الصناعية كما أن تجارها ومكتشفيها وبحارتها أنشأوا الأمبراطورية البريطانية, التي عُدَّت أكبر امبراطورية في العالم. ومن مواطنيها المرموقين, وليم شكسبير أحد أعظم المسرحيين في العالم, وإسحاق نيوتن أحد اشهر العلماء في التاريخ لإسهاماته في مجالات الفلك والرياضيات والفيزياء.
اصبحت انجلترا مركزًا علميًا مهمًا , وجذبت جامعتاها كامبردج واكسفورد العديد من الطلاب من دول عديدة وانجبت عددًا من المفكرين.
تتميز انجلترا بمناطقها الريفية الجميلة, ولكن الريف لم يعد جاذبًا للسكان, إذ يعيش معظم سكانها في المدن الآن, ولندن هي أكبر مدنها والعاصمة القومية. والشعب الانجليزي تاريخ طويل في ممارسة الحرية والديمقراطية, وكانت لإفكاره وممارساته الديمقراطية أثر كبير في دول أخرى, لذلك يعتز الانجليز بتاريخهم ويتصفون بإحترامهم الشديد لعاداتهم وتقاليدهم.
يتميز الشعب الانجليزي بإعتداده بنفسه واستقلاليته وتحفظه أحيانًا تجاه الغرباء. كما أن الانجليز يقدّرون تقاليدهم ومن ثم اتسموا بالبطء في تقبل التغيير, وهذا التحفظ يُعد من اسباب قوم شخصيتهم, مع أن الشباب قد بدأوا التمرد ضد هذه التقاليد في السنوات الاخيرة, وخاصة نظام الطبقات الي كان المجتمع ينقسم على اساسه الى طبقة العمال والطبقة العليا وذلك وفق خلفيته الاجتماعية والاقتصادية.
ومن اشهر التقاليد الانجليزية العائلة المالكة التي ينظر اليها الكثيرون على أنها تربطهم بتاريخهم العريق. ومن هذه التقاليد الملكية الإفتتاح الرسمي للبرلمان الذي يقام سنويّ واستعراض الفرق الي تقوم به الملكة وتقليد انجليزي آخر هو يوم جاي فوكس الذي حاول حرق البرلمان وتفجيره. اما التقليد فهو عادة الشاي في الساعة الخامسة مساء كل يوم.
يستمتع معظم الانجليز بالألعاب الرياضية وحياة الهواء الطلق, كما توجد فرص للمشاركة ومشاهدة انواع منها, قسم من الانجليز يعشق المشي في الغابات وتنسيق حدائقهم الصغيرة وأكثر انواع الرياضة المنتشرة في البلاد هي كرة القدم.
تركت عادات ولغات المجموعات التي توافدت الى بريطانيا في الحضارة الانجليزية وشعبها, وكان معظم البرطانيين يقطنون في الريف قبل بدء الثورة الصناعية التي أخذت تجذب السكان الى المناطق الصناعية ومدنها حتى ارتفع عدد سكان الحضر بنهاية القرن التاسع عشر ميلادي.
ومنذ عام 1952م استقبلت البلاد مليونين من الوافدين الذين قدموا من دول آسيا وافريقيا وجزر الهند الغربية التي تنتمي الى رابطة الكومنولث, ويقطن معظم هؤلاء في المدن الصناعية المزدحمة, مما تسبب في إثارة مشكلات إسكانية وعنصرية, فلجأت الحكومة إلى تحديد الهجرة الوافدة للبلاد. ويتحدث السكان اللغة الانجليزية الي تتطورت من اللغات الانجلوسكسونية والنورمندية الفرنسية.
كان معظم سكان انجلترا يعيشون في بلاد وقرى على امتداد الريف وكانوا يعملون في الزراعة وكان القليل من التصنيع في المدن الصغيرة وكان العمال الحرفيون يستعملون ادوات بسيطة لصناعة الملابس والادوات المعدنية وكان يستعملون المواد الخام المنتجة من المزارع والغابات وكانت حياة الناس قاسية تعتمد على المواسم الزراعية ومنهم من عانوا من سودء التغذية واصابتهم بالامراض والأوبئة وقلّ الانتاج وهكذا قلت فرص الاستثمار.
وقبل الثورة كانت معظم الدول الاوروبية خاضعة لحكم ملكي وهم التجار والاغنياء ورجال الكنيسة ولم يسمح التصويت في البرلمان إلا لدافعي الضرائب من الذكور, ولكن الدول الوحيدة التي ما زالت تعتمد الحكم الملكي حتى بعد الثورة الصناعية هي بريطانيا وهي صارمة في حكمها ولكنها عادلة ولا تميز بين اشخاص وطبقات معينة, جميع السكان متساويين في الدولة من جميع نواحي المعيشة والاقتصاد…
قبل أن يمتلك الناس وسائل النقل المتطورة, كانوا يمشون أو يركبون الدراجات لقطع مسافات قصيرة. وكان السفر لمسافات طويلة يتم في معظمه بالقطار أو بالترام أو بنوع من العربات التي تجرها الخيول أو الجمال. وفي الواقع كانت السيارات البدائية تسمى أحيانًا عربات بلا أحصنة.
يعتمد اقتصاد انجلترا اساسًا على الصناعة والتجارة, تعد انجلترا من الدول الصناعية الرئيسية في العالم, كما أن موقعها الجغرافي على خطوط التجارة عبر المحيط الاطلسي وموانئها الجيدة جعلت منها دولة تجارية مهمة. وانجلترا هي أكثر تقدمًا من ناحية الاقتصاد والصناعة, أما اهم حقول النفط والغاز الطبيعي فتوجد في بحر الشمال ويتوافر الصلصال الصيني في جنوب غربي البلاد وترسبات الطباشير لصناعة الاسمنت وتزخر المياه الساحلية بالاسماك, فمواردها الطبيعية تشمل الفحم الحجري, خام الحرير, النفط والغاز الطبيعي.
تصنع انجلترا معظم السلع التي تصدرها المملكة المتحدة لسنوات عديدة حول لندن وفي الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد, وتشمل اهم المنتجات الصناعية فيها السيارات, المواد الكيميائية, الحديد, الفولاذ, الآلآت, السيراميك, الخزف, الاواني الفنية, الاقمشة الصوفية والقطنية.
ساعد نظام النقل الممتاز في انجلترا وموقعها الجغرافي في جعلها من اهم الدول التجارية في العالم, كما انها تحتل موقعًا مناسبًا للتجارة مع امريكا الشمالية, ومعظم تجارتها الخارجية مع دول اوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا مما ساعد على ازدهار الموارد التي تتواجد لديها في المستقبل.
عام 55 قبل الميلاد, غزا يوليوس قيصر بلاد الغال, وعبر القناة الى انجلترا ثم تلا ذلك غزو بريطانيا إبان عهد الامبراطور كلوديوس. وتم إخذاع البلاد خلال الثمانينات من القرن الاول الميلادي, واصبحت بريطانيا مقاطعة رومانية, خلال هذه الفترة أنشأ الرومان الطرق, بنوا عددًا من المعسكرات والقلاع والأسوار عبر شمالي انجلترا لحمايتها من الاسكتلنديين, وقد شهدت انجلترا نهضة تجارية وحضارة في عهد الرومان.
بدأت القوات الرومانية مغادرة البلاد في اوائل القرن الخامس الميلادي كحماية اجزاء الامبراطورية الأخرى من هجمات القبائل وتعرضت بعدها انجلترا لهجمات القبائل الجرمانية ومن اشهرها الانجلو سكونيون والجوت, واستقرت في اجزاء متفرقة من البلاد وفي اواخر القرن السادس الميلادي دخلت النصرانية البلاد من فرنسا, ثم قام المنصرون السلتيون بمهمة نشر الديانة في باقي اجزاء البلاد.
انقسمت البلاد الي امتين منفصلتين, إذ احتل السكوينون جنوبي انجلترا وانقسمو الى مجموعات, ومع مرور الزمن تطورت هذه المجموعات الى سبع ممالك سميت بالدولة السباعيّة.
وخلال القرن التاسع الميلادي هاجم الدنماركيون انجلترا, وسيطروا على هذه الممالك, إلّا مملكة وسكس التي قاوم ملكها الفرد الأكبر ورد المهاجمين على المقابهم. ويعد الفرد الاكبر من اشهر حكام البلاد, اذ وحده مملكته وبنى اول اسطول بحري, سيطر الدنماركيون على السلطة في البلاد لتنهار وتؤول الامور الى ادوارد المعترف, آخر ملوك السكسونيين. وبعد وفاته حدث صراع حول من يرث العرش. خلال القرنين الحدي عشر والثاني عشر الميلاديين بدأ الصراع بين النبلاء والملوك, كان الملوك يطحمون في البقاء في البقاء كسلطة عليا في البلاد وكان النجاح حليفهم في النهاية, ولكن الصراع لم ينتهِ, واحيانًا كان الرجال الدين يتفاوضون مع النبلاء في صراعهم على السلطة وتحدي سلطات الملك, وقد ادت محاولة الملك هنري الثاني للسيطرة على الكنيسة الانجليزية الى صراع بينه وبين سقف كانتر بري توماس بيكيت الذي تم اغتياله.
وخلال حكم الملك جون شقيق الملك ريتشارد حدث صراع بينه وبين البارونات وقاد الكنيسة خلال عهد الملك ادوارد الأول بدأ البرلمان يكتسب اهمية حين كان الملك يدعو النبلاء وقادة الكنيسة الى مناقشة امور الدولة ومشاكلها, وامر الملك بتوسيع هذه الاجتماعات لتضم الفرسان وممثلين من المدن ورجال الدين وعرف الاجتماع بالبرلمان النموذجي.
نشبت حرب المائة عام بين انجلترا وفرنسا بين عامي 1337- 1453م عندما طالب ادوارد الثالث بعرش فرنسا بحد السيف, وقد رفض البرلمان الموافقة على الضرائب التي فرضها الملك لدعم هذه المعارك كما حدث تمرد وثورات من قبل المزارعينمما اجبر الملك على الحكم بدون البرلمان, وقد حدث تطور كبير في مجال الادب والتعليم خلال هذه الحرب.
وخلال الفترة ما بين عامي 1455 و1485م حدث صراع حول العرش بين هنري الخامس ونبلاء يورك ادى الى اندلاع حرب الوردتين التي انتهت بانتصار هنري واستعادة العرش.
وفي عام 1534م أحاز البرلمان قرارًا للملك هنري الثامن بجعل مقتضاه الملك وليس البابا الرئيس على الكنيسة الانجليزية, وقد حدث هذا خلال الفترة التي شهدت انتشار حركة الاصلاع الديني عبر اوروبا الشمالية. وخلال عهد اتحدت ويلز مع انجلترا واصدر البرلمان قوانين اصلاحية دينية تتعلق بالكنيسة واعادت الملكة كاثرين المذهب الكاثوليكي الروماني دينًّا ورسميًّا في عهدها, وفي عهد الملكة الملكة اليزابيث الأولى شهدت البلاد تقدمًا كبيرًا وفي مناطق عديدة, وأنشئت شركة الهند الشرقية وقام المكتشفون برحلات كشفية الى جزر الهند الشرقية وسواحل امريكا الشمالية والجنوبية, وانتعشت الحركة الأدبية وعلى رأسها وليم شكسبير, كما هزمت بريطانيا اسبانيا.
في عهد جيمس الأول شهدت البلاد صراعًا بينه وبين البرلمان ولانه كان يطمح في سلطة مطقلة في يده لاعتقاده بانه يستمد حقه في الحكم من الله وليس من الشعب.
في عهد ابنه تشارلز الاول تفاقم الصراع بين الملك والبرلمان واتحدت ثلالث مجموعات ضد الملك مما اجبره على الموافقة على وثيقة تحدّ من سلطات الملك, ولكن اصرار الملك تشارلز الوال على الحكم بسلطة مطلقة وضعه للبرلمان من الانعقاد لفترة طويلة ادى الى نشوب حرب اهلية انتهت بقتل تشارلز, وتحولت بعدها انجلترا الى جمهورية, وآلت امور الحكم الى لجنة برلمانية ظلت تحكم الى عام 1653م حين طرد اوليفر كرومول البرلمان, وأخذ يحكم البلاد وذك بمقتضى وثيقة حكومية جعلت من انجلترا محمية على رأسها كرومول. وفي عهده خضعت اسكتلندا وايرلندا للسيطرة الانجليزية وبعد وفاة كرومول بفترة أعيد النظام الملكي وتم انتخاب برلمان جديد في عام 1660م وتم اقتسام السلطة بين الملك والبرلمان وإبان الثورة استطاع الشعب الانجليزي الحتفاظ بحريته ونظام حكمه الذي ارتضاه وبالمذهب البروتستانتي.
ثم نشبت حرب بين انجلترا وفرنسا, وكان النصر فيها حليف انجلترا وفقدت فرنسا جزءًا من ممتلكاتها في امريكا الشمالية لصالح بريطانيا منها إقليم خليج هدسون, ونيوفاوندلاند, ونوفاسكوتيا, كما استولت من اسبانيا على مضيق جبل طارق وجزيرة مينوركا.
وفي عام 1707م اتحدت مملكة انجلترا وويلز مع مملكة اسكتلندا لتكوّن مملكة واحدة وهي مملكة بريطانيا.
ومع كل الحروبات والأزمات التي حدثت بالطبع خسرت انلجترا بعض الموارد او ان الاقتصاد انهار رويدًا رويدًا, فهي تبقى دولة مثل جميع الدول التي شهدت حروبات وخسائر رهيبة. ولكن هذه الدولة العظيمة لم تكن تخسر بشكل رهيب الموارد ولم يكن اقتصادها يصل الى الوضع المتأزم انما كانت دائمًا ذات وضع جيد وبالتالي ومع مرور الوقت كانت تصل الى الافضل والاحسن.
انعكس استقرار الحالة السياسية في بريطانيا على الحركة التجارية فيها بشكل ايجابي, ونقصد بذلك الحركة التجارية الخارجية التي اولتها الحكومة البريطانية عناية فائقة منذ القرن السادس عشر لانها تدر ثروات كبيرة من المعادن الثمينة كالذهب والفضة, وقد ادى ذلك الى تفوق ابريطانيا على بقية الدول الاوروبية القتصاديًا دفعها الى السير على طريق الثوة الصناعية, وقد تفاخر احد الكتاب الانجليز بتلك الحركة التجارية حين قال :”سفننا محملة بالمحاصيل من جميع الاقاليم – تجارنا الانجليز يحولون قطن بلادنا الى ذهب ويبدلون صوفها بالمجوهرات, وحتى سكان المناطق الباردة يقون اجسادهم من البد بصوف اغنامنا”.[1]
ومن هنا بدأت اشعة الثورة الصناعية تسطع وبالاخص من الدولة العظمى بريطانيا, وقد بدانا نشك في مستقبلنا ونتخيل ما هو قادم ونفكر كيف يمكن ان يكون يومنا وكيف ستمر السنة كاملة.
[1]www.sites.altwra.com
“الفصل الثاني : بريطانيا في ارض التطور “زمن الثورة الصناعية
بدأت الثوره الصناعية في بريطانيا خلال القر ن الثامن عشر ميلادي وانتقلت الى اجزاء من اوروبا وامريكا في القرن التاسع عشر وانتشر التصنيع هناك. بدات الثورة في بريطانيا لأسباب متعددة , منها المخزون الكبير من الفحم الحجري والحديد هما المصدران الوحيدان اللذان اعتمد عليهما التصنيع , بينهما كانت مواد الخام الصناعية الاخرى تأتي من مستعمرات بريطانيا , وبحلول منتصف القرن الثامن عشر ( ميلادي ) , صارت بلاد القوة الاستعمارية ارائده في العالم.
ادت الثورة الى زيادة عظيمة في الانتاج وتطور التصنيع من الورشة الصغيرة والمنزل الى الآلآت والماكنات مكان العمل اليدوي ومن ثم تطورت الى مصانع والآلآت وعُمال لتشغليها. ومع تقدم الثورة الصناعية اصبح هناك حاجة لمستثمرين ومؤسسات مالية وممولون لزيادة التصنيع والانتاج ومع اختلاف المؤرخون حول اهمية الثورة الصناعية حيث كان منهم مع ان الثورة رفعت مستوى المعيشة وكان قسم آخر ضد الثورة الصناعية بحيث يقولون انه اصبح هناك سكن مزدحم وظروف عمل بالغة السوء بسبب التكاثر السريع في المدن. ويتفق اليوم معظم المؤرخون ان الثورة كانت نقطة تحول في التاريخ وهو الانتقال من مجتمع ريفي زراعي الى مجتمع حضري.
ولم تعد مستعمرات بريطانيا مصدرا للمواد الخام الصن فحسب بل صارت تمتل اسواقاً للمنتجات الصناعية وساعدت هذه المستعمرات في حفر صناعي في النسيج والحديد وهما صناعتان الاكثر اهمية خلال الثوره الصناعية , ولقد تسامى الطلب على البضائع البريطانية سريعاً خلال اواخر القرن الثامن عشر ميلادي .
وقد دفع هذا الطلب الاعمال الصناعية الى التنافس فيما بينها على العدد المعدود من العمال وقيمة مواد الخام مما دفع الى تكاليف الانتاج وادى بالتالي الى تعلية الارباح , ولم يعد ممكنا الاستجابة للطلب المعتاد الا بزيادة بريطانيا قدتها على انتاج السلع بتكلفه غير باهظة .رفض التجار البريطانيون رفع اسعار بضائعهم حتى لا يؤدي ذلك الى الحد من الطلب .
وبدئوا بالبحت عن طرق اكثر اقتصاداً الاستخدام لكسب المال والعمال حتى تزيد الكمية التي انتجها كل عامل بصورة اسع من زيادة تكلفة الانتاج , وقد حقق التجار هدفهم عن طرق المصانع والآلات والمهارات الفنية .
صناعة النسيج كان اهم مظاهر الثورة الصناعية وإدخال الالة ذات المحرك في صناعة النسيج في انجلترا و اسكتلندا وقد حدث هذا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ملادي , واصبح علامة بارزة لبداة عصر المصنع الحديث , وقبل ذلك كان التجار يشترون مواد الخام ويوزعونها على العمال في وايضا في المزارع و في داخل القرى .
كان بعض هؤلاء العمال يغزلون النبات مع الالياف الحيوانية , وآخرون ينسجون الغزل قماشا , وعف هذا النام بالصناعة المحلية أو الصناعة المنزلية .
وفي ظل النظام المنزلي , كان التجار يشترون اكبر كمية من المواد ويستخدمون اكبر عدد يحتاجونه من المال , ويمولون الى العملية بالكامل وبعضهم يمتلك معدات الغزل والنسيج وأكواخ العمال, مع ذلك, تمنع العمال بدرجة كبية من الاستقلال, واختاروا اسلوب العمل الذي يروق. وفي بعض الاحيان استعانوا لمن يساعدهم , كما كان لديهم العمال والمبتدئون , وغالبا ما قبلو العمل لدى تجار عديدين في وقت لاحق .
لا بد للاقتصاد من النمو حتى يتمكن من توفير مستوى معيشي مرتفع ومتزايد للناس أي ما يكفلهم الحصول على المزيد من السلع والخدمات وان تكون نوعيتها افضل وبصوره عامة, فترتفع مستويات معيشة السكان ويصبح وضع الاقتصاد افضل واحسن.
هنالك اربع عناصر رئيسية تجعل من الممكن للبلاد ان تنتج السلع والخدمات وهذه العناصر التي تسمى بالموارد الانتاجية هي الموارد الطبيعية: راس المال, اليد العاملة, التقنية.
يعرف الاقتصاديون الموارد الطبيعية بأنها تشمل الارض والمواد الخام مثل المعادن والمياه وضوء الشمس , و يضم عنصر رأس المال المصانع والمؤن والمعدات .
اما اليد العاملة فتعني كل الناس يعلمون أو يبحثون عن عمل كما تعني مستوياتهم التعليمية وخبراتهم العلمية , تشير الى تقنية البحث العلمي و البحث في مجال الاعمال والمخترعات .
ان اقتصاد امه معينه لا بد ان يزيد من مواردها الانتاجية فعلى سبيل المثال ينبغي على ألامه ان تستعمل جزءاً من مواردها الانتاجية فعلى سبيل المثال ينبغي على الامه ان تستعمل جزءا من مواردها لبناء المصانع والمعدات الثقيله وغيرها من المواد الصناعيه ومن ثم يمكن استعمال هذه المواد الصناعيه لانتاج المزيد من السلع الاخرى في المستقبل كذلك ينبغي على البلاد عن المزيد من الموارد الصناعية ومن الموارد الطبيعية وان تنميها تبتكر تقنيات جديده , وان تدرب العلماء والعمال ومديري الاعمال الذين سيوجهون الانتاج المستقبلي , وتسمى المعرفه التي تكتسبها هذه الفئات راس المال البشري .
قياس نمو الاقتصادي , ان قيمة كل ما ينتج من سلع وخدمات في سنه معينة تساوي الناتج الوطني الاجمالي , ويقاس معدل نمو الاقتصاد بالتغير في الناتج الوطني الاجمالي خلال فتره معينه , عادة ما تكون سنه بعد سنه , وفي الفتره من سنه الى سنه , وفي الفتره من 1970 الى 1988 ميلادي نما النانج الوطني الاجمالي لبلدان مختلفه بمعلات متوسطه يختلف بعضها عن بعض كثيرا , وذلك بعد اجراء االتصحيحات اللازمه لاستبعداد الثر التضخم وقد تحقق المعدل التالي بريطانيا 2.2%[2] ويمكن قياس درجة النمو الاقتصادي للبلد باتباع طريقة اخرى , وبدلك بدراسة المستوى المعيشي يقسم الاقتصاديون احياناً الناتج الوطني الاجمالي الفردي ويقيس متوسط الناتج ني الاجممالي الفردي قيمة السلع والخدمات المنتجه في البلاد في تلك السنة على السكان بصوره متساوية.
احدثت الثورة الصناعية تغيرات عظمية في طريقة حياة الناس حيث انتشرت الامتيازات التعليمية والسياسية وحلت الآلآت محل بعض العمال لكن اخرين حصلو على فرص في العمل مع الآلآت وعاش العمل في ظروف قاسية في المدن الصناعية المتوسطة.
كان اصحاب العمل لهم علاقة طيبة مع العمال قبل الثورة ولكن بعد ذلك لم يستطيعوا التعامل الشخصي معهم مثلما كانوا في الماضي وفرضت الآلآت على العمال بالعمل بطريقة اسرع وبدون راحة وكانت اجورهم قليلة جدًا وكانت النساء والأولاد يعملون ايضًا ويحصلون على جزء قليل من الأجار وكان معظم عمال المصانع فقراء وأُسيين.
لقد قام بعض العمال بتكوين اتحادات عمل واضرب الكثير احتجاجًا على اجورهم القليلة وقاموا بتحطيم الآلآت وفي سنة 1769 اجازوا البرلمان قانون عقابهُ الإعدام لمن يحطم الآلآت ولكن بعد تحسن الوضع للطبقات المتوسطة العاملة صدر قانون منح التوصيت وحق الاقتراع لهذه الطبقة.
أمدت الثورة الصناعية لناس بمنتجات ووفرت وسائل جديدة للراحة وملائمة لمن لا يستطيع الحصول عليها وحصلت الطبقة الوسطى (المتوسطة) على مكاسب سياسية وتعليمية, واصبح التعليم امر حيوي وانشئوا المدارس والجامعات والمكتبات بعد ان كان فقط جامعتين. وازداد عدد سكان بريطانيا وتحسن الوضع المادي للطبقة العاملة.
بدأت اساليب انتشار التصنيع من بريطانيا الى الاقطار الاخرى سريعًا ومنعت هجرة العمال الحرفين وتصدير الآلآت وسمح بعض المصنعين لبعض الاشخاص من دول اخرى بتفقد مصانعهم لكي يعودوا الى بلادهم وينشئون مصانع للنسيج. وفي عام 1870 كانت ملامح الثورة الصناعية واضحة وتقدمت الصناعة اكثر من الزراعة واصبح متسوى المعيشة للعمال اكبر واعلى مما كانت عليه.
ظهر اول مصنع للنسيج في بريطانيا في الاربعينات من القرن الثامن عشر. تم انتاج اول اول محرك بخاري سنة 1698 وكان له الكثير من العيوب منها كان تهدر الكثير من الحرارة وكميات كبيرة من الوقود.
الموسوعة العربية العالمية (المجلد الثاني), الرياض: مؤسسة اعمال للنشر والتوزيع, 1999م, 412.[2]
الفحم الحجري يوفر القدرة لدفع المحركات البخارية وكان الحديد يستخدم لتحسين الآلآت والادوات ولبناء الجسور والسفن وبفضلهم اصبحت بريطانيا الدول الصناعية الاولى في العالم لانها اول صناعة لحديد وكانوا يقومون بفصل الشوائب ويصهرونها ومن ثم يصبونها في قوالب حتى تصبح كتل ومن ثم تشحن بالسفن الى معامل الصفائح, يضغطوها باسطوانات حديدية والوقود هو الاساسي لصهر الحديد عن طريق الفحم النباتي وهكذا انطلقت صناعة الحديد. وفي العشرينات من القرن الثامن عشر ميلادي اخترع هنري كورت اختراع فرن التسويط وكان يعاد تسخين كتل الحديد بفرن التسويط وتصبح عجينة وعندها يحركون العجين بالسواط وقبل اختراع الفرن كان يستعملون الفحم النباتي لكن فرن التسويط يكوك كان يستخدم الفحم الكوك وهكذا زاد انتاج الحديد.
اعتمد نمو الثورة الصناعية على قدرة الصناعة ونقلها المواد الخام, فإن قضية الثورة الصناعية هي أيضًا ثورة في النقل. كان في بريطانيا العديد من الانهار والموانئ التي كان ممكن تهيئتها لنقل البضائع وكانت المجاري المائية الوسيلة الوحيدة لنقل الفحم الحجري والحديد وتم توسيع الانهار وعمقها لتصبح صالحة للملاحة وأنشئوا القنوات والجسور والمنارات وفي عام 1802 اخترعوا اول مركب بخاري.
في عام 1751 بنيت سلسة من الطرق واصبح السفر البري أسرع واكثر راحة وببساطة. بينت اول قاطرة في سنة 1804 وكانت تعمل على البخار وكانت تنقل الشحنات من مناجم الفحم الحجري ومصانع الحديد والبضائع والركاب. ادى المستثمرون دور مهم في نمو الثورة الصناعية وحقق الكثير من التجار ثروة كبيرة من الحروب الاوروبية ومن تجارة الرقيق وعندما بدأوا البحث عن فرص استثمارية بعد تحقيق ارباح كبيرة نتيجة الصناعات وعندها تم انشاء المصارف لتنظيم التدفق المتزايد من النقود ولقد قدم للصناعين قروض صغيرة لتغطية تكاليف التشغيل.
تقسيم العمل هو اساس النمو الصناعي وهو يتطلب تقسيم العمل بقيام عاملين مختلفين يقومون بخطوة معينة في صناعة سلعة معينة وهذا القانون وكيفية تعامل العمال معه أثّر على صناعة النسيج حيث كانت اعظم مظاهر الثورة الصناعية, ادخال الآلآت ذات محرك في صناعة النسيج بعد أن كانوا يقومون بصناعة المنزلية والمحلية لكن هذه الصناعة لم يستطيعوا تنظيم قياس الصناعة والمحافظة على جدول زمني لإكمال العمل وعند ازدياد الطلب اصبح هناك منافسة بين بعضهم وهكذا اصبح التجار يلجئون الى الآلية من اجل انتاج اكثر واوفر وسيطرة اكبر على العمال وهكذا اصبحت الزراعة الريفية تتأثر بالتغيرات حيث اصبح ملاك الارض يزرعونها بالمواد الخام مكان الزراعة وهكذا تحسنت مستويات الادراة ونوعية الماشية وبذور المحاصيل وقبل الثورة كان يستعملون دولاب الغزل وكان يعمل بواسطة دواسة القدم. وكانت ينتج هذه الدواسات خيط واحد فقط. وفي عام 1738 سجل المخترع لويس بول اختراع آلة غزل دوارة تعمل بشكل سريع.
المخزون الحجري والحديد في بريطانيا هما من اهم اسباب نمو الثورة الصناعية في بريطانيا فهما مصدران طبيعيان يعتمد عليهم للتصنيع وفي منتصف القرن الثامن عشر اصبحت البلاد قوة استعمارية الرائدة في العالم. واصبحت تمثل اسواق للمنتجات المصنعة ولم تعد بريطانيا مصدر للمواد الخام فقط واصبح الازدياد على طلب البضائع البريطانية واصبح هناك تنافس في القرن الثامن عشر ميلادي على العدد المحدود من العمال وكمية المواد الخام وهكذا زادت تكاليف الانتاج وقل الربح, لذلك هذه الاسباب كان لها تأثير ايجابي على الدولة العظمى ولكن في الجهة المقابلة توجد تأثيرات سلبية لذلك لا يمكن قول ان الثورة أثرت بشكل ايجابي كامل على الدولة ولكن بالطبع حسنّت من وضعها كثيرًا كثيرًا.
الفصل الثالث: بريطانيا وانتشار الثورة الصناعية إلى دول أوروبا
الثورة الصناعية في أوروبا قبل انتقالها إلى أميركا واليابان أفرزت تغيرات في الخريطة السياسية الاجتماعية للمجتمع الأوروبي, كما إنها حفزت عددا كبيرا من المفكرين والفلاسفة على دراسة أسبابها وآثارها التي ما زالت تؤثر علينا.
لا يوجد اتفاق على تاريخ اندلاع هذه الثورة, فبينما يتفق معظم المؤرخين على منتصف القرن الثامن عشر تاريخا لهذه الثورة, نجد ان المصطلح تم استخدامه في عشرينات وثلاثينات القرن الثامن عشر , وفي عوامل قيامها لا يمكن إرجاع ذلك إلى الاختراعات العلمية والفنية بمفردها, فقد كان تراكم رأس المال نتيجة للغزوات الاستعمارية لانجلترا وفرنسا وهولندا, وقبلهم البرتغال واسبانيا وما تبعه من نهب للشعوب المستعمرة, عاملا مهما ورئيسيا في تمويل الاستثمار الصناعي في صناعات القطن والحديد وشراء المواد الخام وتأجير القوى العاملة, كما كان عاملا مهما في بدء تكوين سوق عالمية ازدادت شراهة توسعا مؤدية بالتأثير إلى تحفيز الابتكار والاكتشاف لذلك نستطيع ان نقول ان عاملي الاختراعات العلمية والفنية وتراكم رأس المال يغذي كل منهما الآخر, فتراكم رأس المال واتساع السوق وتوافر المواد الخام وازدياد حجم المدن الصناعية أدى إلى زيادة الاستهلاك وزيادة الطلب, ما أدى بدوره الى التطوير الفني لوسائل الانتاج , الذي يرفع الانتاجية موسعا وبالتالي من حجم السوق والتراكم الرأسمالي وهكذا كان التطور في مجال الزراعة ظالما لصغار ملاك الأراضي الزراعية والفلاحين المستأجرين , لكنه عامل ثالث في قيام الثورة الصناعية , فهو ظالم لارتباطه بحركة تسييج الأراضي بدأت في بريطانيا , التي تسببت في فقدان الملاك الصغار والفلاحين لأراضيهم بعد ان كان نظام الحقول المفتوحة والأراضي المشتركة سائدا.
فهذه الأرض كانت ملكا لسيد المقاطعة الذي يتنازل عنها ليقوم الفلاحون بزراعتها او برعي الماشية او صيد السمك فيها.
لكن قوانين التسييج سمحت لكبار الملاك بتجميع الأراضي الزراعية وإقامة سياج عليها ليمارس المالك الكبير عليها كافة حقوقه، بعد إنهاء عقود الإيجار لصغار المزارعين أو شراء الأراضي من الملاك الصغار وكان هذا التطور عاملا مهما في قيام الثورة الصناعية لأن تطور أساليب الإنتاج الزراعي ساعد على تطوير الصناعة . كما ان الأموال العائدة من الاستغلال الزراعي كانت تذهب لتمويل الاستثمار الصناعي, كذلك كانت جيوش المزارعين الصغيرة والتي تم تشريدها بسبب حركة الأسيجة مغذياً للأيدي العاملة الصناعية الرخيصة التي ساهمت ونتجت في نفس الوقت عن الثورة الصناعية، بهذا نستطيع أن نقول أن الأسباب الثلاثة السابقة مع تطور البنوك كانت العامل الاقتصادي الحاسم في حدوث الثورة الصناع كان العامل الثقافي الفكري بمثابة أرضية هامة قامت عليها الثورة الصناعية، وكان ممثلاً في أيدلوجيا التنوير الثورية التي تقوم على العقلانية والمدنية والفردية وحرية الفكر والسيطرة على الطبيعة والإيمان بالعلم و المعرفة. ولعبت بعض الجمعيات دوراً هاماً في نشر هذه الايدولوجيا مثل الجمعية القمرية التي ضمت ( جميس وات ) مخترع الآلة البخارية وأيضاً جد ( تشارلز داروين) وآخرين من نخب المجتمع من المؤمنين بالصناعة و التحديث.
كذلك لايمكننا تجاهل أفكار (مونتسكيو) في كتابه روح الشرائع عن القانون الطبيعي الذي تسير وفقه المجتمعات. فقامت الليبرالية الاقتصادية خاصة عند الفيزيوقراط على هذه الفكرة مشجعة على تطور الثورة الصناعية ومثبطة في نفس الوقت من تدخل الدولة في الإنتاج.
أما تداعيات الثورة الصناعية فقد كانت متعددة, إلاّ أن الأثر الاجتماعي يظل أهمها على الإطلاق، فقد رأينا مولد الرأسمالية الصناعية التي كانت الصناعة بالنسبة لها بمثابة صالة القمار التي يغامر فيها التجار وأصحاب الثروة لتطبيق الاختراعات العلمية والفنية صناعياً.
كذلك رأينا أثراً سياسياً هاماً للثورة الصناعية، حيث أصبحت أميركا بحلول خمسينيات القرن الثامن عشر منافساً حقيقياً لبريطانيا، وكانت على اقتراب من امتلاك أضخم أسطول تجاري في العالم حوالي 1860م لولا اكتشاف البريطانيين للسفن الحديدية.
كما كان تطور العلوم الطبيعية والاجتماعية أثرا مباشرا للثورة الصناعية، فإن كانت فيزياء نيوتن لم يحن وقت ثورنتها بعد، إلا أن الكهرباء قفزت قفزتها الواسعة على يد غالفاني وفولتا وفارادي، كذلك تطورت الكيمياء والرياضيات والبيولوجيا، وشهد علم الاجتماع الوضعي مولده على يد أوجست كونت.
الثورة الصناعية الثانية :
تتجلى الثورة الصناعية الثانية في إدخال الآلات والآلية إلى الوحدات الإنتاجية, وبالتالي توسط الآلة بين العامل وموضوع العمل وتزايد العمليات المنجزة بمساعدة الآلات.
وإذا كان جوهر الثورة الصناعية الأولى يعبر عنه في استبدال الوسائل المادية الآلية بالوظيفة العضلية للعامل , فان جوهر الثورة الصناعية الثانية يعبر عنه في استبدال الوسائل المادية الآلية أيضا ببعض الوظائف العقلية للعامل, والتي أحدثت قفزة نوعية جديدة في الإنتاج الصناعي, وبذلك يكون الهدف للاستبدال هو : الإحلال الفيزيائي للآلة محل العامل.
ان محور الثورة الصناعية يتمثل في المكننة التي أتاحت زيادة هائلة في الإنتاج والإنتاجية, وقد أسهم في قيامها كل من علم التوجيه والإلكترون والحاسبات الالكترونية التي ترتبط بصورة وثيقة بتطور المكننة. وقد غدت أتمتة عملية الإنتاج ممكنة, بفضل اعتماد الحواسيب المعلوماتية اعتمادا فعلا.
تعرف الثورة الصناعية الثانية بالثورة التكنولوجية. بدأت هذه الثورة منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الأولى مع اكتشاف طريقة لتصنيع الصلب تسمى طريقة “بسمر” في ستينيات القرن التاسع عشر. طريقة بسمر هي أول عملية صناعية غير مكلفة لإنتاج كميات من الصلب المنصهر من الحديد الخام. نسبت هذه الطريقة لمخترعها هنري بسمر الذي حصل على براءة الاختراع العملية في 1855. تعتمد الفكرة الأساسية للطريقة على إزالة الشوائب من الحديد عن طريق أكسدتها بدفع الهواء خلال الحديد المنصهر، فتتأكسد الشوائب وترتفع درجة حرارة الحديد ويبقى منصهراً نتيجة الحرارة الناتجة عن الأكسدة. هذه الطريقة كانت أول عملية صناعية غير مكلفة لانتاج كميات كبيرة من الحديد الصلب مما أحدث ثورة في صناعة الصلب وتقليل تكلفته. تطورت هذه الثورة بشكل متسارع في دول أوروبا الغربية وعلى رأسها بريطانيا وألمانيا وفرنسا بالإضافة إلى الولايات المتحدة واليابان. تمحورت الثورة الصناعية الثانية حول صناعة الصلب والسكك الحديدية والكهرباء والمواد الكيميائية. ساهمت هذه الثورة الصناعية في انتاج نطاق واسع من النظم التكنولوجية الحديثة التي لم تكن معروفة من قبل مثل التليجراف وشبكات الغاز والمياه والصرف الصحي والسكك الحديدية، بعدما كانت هذه الخدمات مقتصرة على نطاق ضيق ببعض المدن. ظهور التليجراف ساهم بسهولة نقل الأخبار والأفكار بين دول العالم في وقت ضئيل جداً، مما سمح ببداية ظهور عصر العولمة وتحول العالم لقرية صغيرة. وسرع من هذا الأمر ما تم إدخاله من شبكات الكهرباء والهواتف. وقد بشرت هذه الثورة بعصر الانتاج الشامل ذي الكميات الضخمة.
أن النظام الآلي الذي تقوم عليه الثورة الصناعية الثانية يتكون من الأقسام الأساسية التالية :
1_ تجميع مادي للمكونات, قادر على انجاز عملية فنية .
2_ نظام خاص للتوجيه, يسمح لمكونات الآلة بالعمل دون تدخل العامل, عدا تنفيذ الأوامر المعطاة مسبقا.
3_ العنصر الآلي إلى يصدر الأوامر .
الثورة الصناعية الثالثة :
يتجسد جوهر الثورة الصناعية الثالثة في تحقيق تحول نوعي في عملية الإنتاج , من خلال إدخال الأتمتة : أي إدارة الآلات ذاتيا بوساطة التحكم الآلي ( الاوتومتيكي ) .
تقود الأتمتة إلى تعديل عميق في وضع العامل في أثناء عمليات الإنتاج , إذ يحل نظام ضبط يعمل بصورة منفصلة ومن بعد, محل الصلة المباشرة بين العامل والآلة . والأتمتة لا تقتصر على توليد منتجات جديدة فقط, بل خدمات جديدة أيضا.
فضلا عن ذلك , تنجم عن الاتمت نتائج جوهرية أخرى منها مثلا : ضبط نوعية عملية الإنتاج والإنتاج الجاهز إضافة إلى ضبط تيار المعلومات, ولذلك تمثل الثرة الصناعية الثالثة انتقالا كيفيا إلى مرحلة جديدة في تطور الإنتاج الآلي الكبير.
وبدءا من النصف الثاني للقرن العشرين ,تطورت فنون تقنية جديدة لاستخدام آلات لا تتطلب تدخل العامل باستمرار , إنما تدار عن طريق التوجيه الالكتروني المنظم مسبقا بحسب المعطيات , والمتعلق بالعمليات المطلوب تنفيذها.
وتتجلى الثورة الصناعية الثالثة, أكثر ما تتجلى, في ما يعرف بصناعات المقدرة العقلية مثل : الاتصالات والحاسبات الآلية وأجهزة الإنسان الآلي ( الروبوت ) والالكترونيات الدقيقة وصناعة المواد الجديدة وتقانة الطاقة النووية وصناعة المعلومات.
قادت الثورة الصناعية إلى انتشار التقانات انتشارا متزايدا وسريعا في جميع القطاعات الاقتصادية, إذ باتت تكون العنصر الأساسي للنمو الاقتصادي, كما أسهمت في تحويل الاقتصادات التي كانت قائمة على إنتاج السلع والخدمات إلى اقتصاديات قائمة على إنتاج المعلومات وتوزيعها, مما نقل الثقل الاقتصادي من الاقتصاد المادي إلى اقتصاد المعرفة.
وأصبحت المعلومات موردا اقتصاديا استراتيجيا جديدا مكملا للموارد الطبيعية, كما ساعدت في انتشار ظاهرة العولمة بإدماج الاقتصادات المنعزلة والمستقلة في اقتصادات عالمية متشابكة ومتنافسة وبذلك, أصبح النمو الصناعي والتقدم الاقتصادي يعتمدان أكثر فأكثر على المعرفة والتكنولوجية.
الثورة الصناعية الثالثة هي التي نعيشها اليوم . انها العصر الرقمي للتصنيع. أخذت تكلفة إنتاج كميات قليلة من منتجات متنوعة تناسب الأذواق المختلفة في الثورة الحالية بالتناقص نتيجة التقنيات المذهلة من برمجيات متطورة وروبوتات مساعدة ومواد جديدة لم تكن معروفة في السابق وأساليب جديدة في التصنيع مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد مع مجموعة متكاملة من خدمات الإنترنت.تمثل الثورة الصناعية الثالثة التحول من عصر الإشارات التناظرية والعصر الميكانيكي والكهربائي إلى العصر الرقمي. بدأت هذه الثورة في أواخر خمسينات القرن الماضي مع ظهور أجهزة الحاسوب والتسجيل الرقمي . ارتبطت هذه الثورة بما يطلق عليه اسم عصر المعلومات، لأن هذه الثورة الرقمية أدت إلى تطور أساليب وطرق جمع وإرسال المعلومات حول العالم بسرعة متناهية ، لتصبح هذه الثورة هي قلب العولمة التي يعيشها العالم حالياً. يوجد اليوم عدد كبير من المصانع العملاقة التي تدار بشكل جزئي بواسطة الروبوتات وأجهزة الذكاء الصناعي، لكن هذه المصانع لاتزال تعمل بمراقبة و تدخل مستمرين من البشر.
يعتقد شواب ان التكنولوجيا والتغييرات التي سترافقها مهما بلغت ستبقى تحت سيطرة البشر . ستكون مسؤولية الجميع توجيه تطور التكنولوجيا من خلال القرارات التي نتخذها بشكل يومي سواء كنا مواطنين، اومستهلكين، اومستثمرين. وبالتالي يجب علينا استغلال الفرصة والقوة لدينا لتشكيل الثورة الصناعية الرابعة، وتوجيهها نحو المستقبل الذي يعكس الأهداف والقيم المشتركة.
للقيام بذلك، علينا أن نضع رؤية شاملة ومشتركة على الصعيد العالمي حول تاثير التكنولوجيا على حياتنا وكيف تعيد صياغة البيئات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية. ان الوقت القادم سيكون مليئا بالفرص والمخاطر . يجد صناع القرار اليوم انفسهم في كثير من الأحيان محاصرين بالتفكير النمطي التقليدي او ضائعين وسط ازمات متعددة تتطلب منهم التركيز مما يجعلهم غير قادرين على التفكير بشكل استراتيجي حول قوى التغير والابتكار التي تعيد تشكيل مستقبلنا.
هناك عدة أسباب للاعتقاد ان التحولات اليوم لا تمثل مجرد إطالة أمد للثورة الصناعية الثالثة بل دخول في الثورة الصناعية الرابعة: السرعة والنطاق ونظم التأثير. أن السرعة في التغييرات الحالية ليس لها سابقة في التاريخ. بالمقارنة مع الثورات الصناعية السابقة، تتطور الثورة الصناعية الرابعة بسرعة عالية، علاوة على أنها تطال كل صناعة تقريبا في كل بلد. وأن سعة وعمق هذه التغييرات تبشر بتحول لجميع نظم الإنتاج، والإدارة، والحوكمة. إن الاحتمالات غير محدودة امام المليارات من البشر الذين يتواصلون عبر هواتفهم المحمولة التي لم ير مثلها الانسان مثيلا في قوة المعالجة، وسعة التخزين، والوصول إلى المعرفة.
فالثورة الصناعية إن كانت الثانية أو الثالثة لن تقف مكتوفة الايدي في قارة اوروبا فقط فستلحقها الثورة الصناعية الرابعة ويمكن أن تكون اسرع من الثورات الصناعية السابقة, ويعتقد بعض العلماء بأنها بدأت في اوروبا بالطبع ونحن حاليًا نعيش هذه الثورة حيث لا نستطيع ان يمر يوم واحد دون تكنولوجيا والكترونيات بجانبنا وهذا ما كان يحصل في جميع الثورات, فالصناعة والتكنولوجيا كانت اساس كل ثورة صناعية وهذا الذي اعتمدت عليه.
التلخيص والاستنتاج
انطلقت الثورة الصناعية بعد سلسلة من التغيرات والتطورات الجذرية التي حدثت في أوروبا من استعمال وسائل بسيطة إلى أجهزة متطورة خاصة في بريطانيا حيث انطلقت منها الثورة الصناعية منذ منتصف القرن الثامن عشر وانتشرت إلى بقية أوروبا وأميركا الشمالية، بحيث تحولت في القرن التاسع عشر من رأسمالية صناعية إلى رأسمالية مالية. وكانت لذلك التطور نتائج هامة وكبيرة شملت ميادين مختلفة، سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية.
بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا بسبب توفر الفحم الذي اكتشف لأول مرة في أراضيها وكان توفر الأيدي العاملة سببا مهما أيضا…. ثم نمت بسرعة فائقة مع تطور الآلات ذات المحرك والأساليب الحديثة للإنتاج. وبعد ذلك انتشرت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي في غربي أوروبا.
كان معظم الأوروبيين يعملون في الزراعة قبل الثورة الصناعية. ولكن بعد ظهور المصانع تحولت المدن بسرعة فائقة إلى مدن صناعية. وبدأ سكان الريف بالتدفق نحو المدن للعمل في المصانع. فأحدث ذلك النمو الصناعي تحولات إجتماعية هائلة كما بدأت الشريحة الإجتماعية الوسطى من وجهاء رجال الأعمال والصناعيين في النمو السريع. فلقد استأثر هؤلاء بامتلاك معظم المصانع، وتوظيف العمال، وإدارة البنوك والمناجم والأسواق، والسكك الحديدية والمؤسسات التجارية، وأصبحت وسائل الإنتاج الحديث في الوقت نفسه تمثل تهديدًا لأصحاب المهن والحرف اليدوية الماهرة وخرجت المرأة والأطفال للعمل خارج المنزل، كما تدفق العمال غير المهرة إلى المدن الصناعية. فاكتظت المدن بالعمال الذين كانوا يتقاضون أجورا متدنية ويعيشون في أوضاع سيئة وفقر مدقع.
لم تستطع بريطانيا الاحتفاظ بأسرار تفوقها وتقدمها لفترةٍ طويلة، فقد سارعت الدول المحيطة لتحقيق ثروتها الصناعيّة طمعاً في دخول المنافسة مع بريطانيا، وهكذا مع نهاية القرن التاسع عشر كانت مظاهر الثورة قد امتدّت لتشمل العديد من الدول حول العالم، والقضاء على مظاهر العالم القديم، ليحلّ محلّها مظاهر لعالم ومجتمعات جديدة في الدول التي قامت بها تلك الثورة.
أدّت الثورة الزراعيّة إلى الاستغناء نسبة كبيرة من الأيدي العاملة، فأدّى هذا الأمر لتوفر الأيدي العاملة الرخيصة بكثرة للعمل في المصانع، وأدّت الثورة الزراعية إلى توفير رصيد ضخم من الأموال التي أدّت إلى ظهور العديد من المصارف التي قامت على تشجيع استثمار تلك الأموال في المجال الصناعيّ، وأدّى هذا الأمر إلى الاستقرار الداخليّ في بريطانيا وإلى بعدها عن الحروب القارية، وأسهم هذا الأمر في استمرارية نموّها الاقتصادي، وبروز العديد من الاكتشافات والاختراعات الجديدة والتي ضمنت لها الغلبة والتفوق على باقي منافسيها. من مظاهر الثورة أنّها شملت العديد من الميادين، فقد ازدهرت صناعة الغزل والنسيج، وظهرت مصانع صهر الحديد، وتمّ استخدام الفحم الحجري في المصانع للحصول على مزيدٍ من الطاقة وتطور استخدام البخار، ومن ثم الكهرباء في عملية تشغيل المحركات والآلات، وتسيير القاطرات والسفن.
نجح العمال في كثير من الدول في اكتساب الحق بتكوين النقابات العمالية خلال القرن التاسع عشر الميلادي. فبدأت بريطانيا ودول أخرى إقرار قوانين تنظيم العمل والعمال في المصانع. وكان لبريطانيا وألمانيا الدور الرائد في وضع تطبيق تشريع الضمان الإجتماعي الذي يضمن للعمال التأمين ضد الحوادث والمرض والبطالة. وفي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي كوّنت النقابات ووُضعت قوانين تنظيم العمل والعمال في معظم الدول الصناعية.
أدت العوامل السياسية دورا كبيرا في انطلاقة الثورة الصناعية وخاصة ثورة 1688حيث قام قادة الثورة بنفي الملك جيمس الثاني، لأن غالبية الشعب البريطاني البروتستانتي كانت تعارض سياسة الملك المنحاز للكاثوليك، واختيار ابنته ماري الثانية التي كانت تعتنق المذهب البروتستانتي في عام 1689، وذلك بالإضافة إلى إعلان قانون الحقوق وتوحيد مملكتي اسكتلندا وانكلترا تحت اسم بريطانيا العظمى، واستقرار الملكية والبرلمان والكنيسة، وقد أدى ذلك إلى فتح الباب أمام ما يسمى بـ “البرجوازية البريطانية” في تسيير شؤون بريطانيا وتطبيق المبادئ الدستورية التي منحت للعمال والنساء حق الانتخاب، وتشكيل أحزاب سياسية تدافع عن مصالح العمال وتشارك في الحياة السياسية، والتنافس بين الدول للسيطرة على مصادر الطاقة والمواد الخام والأسواق التجارية وطرق المواصلات .
العوامل الإقتصادية فقد أدت دوراً هاما في انطلاقة الثورة الصناعية فقد أدى تزايد الاستثمارات في الميدان الزراعي ( الثورة الزراعية )، وزيادة مساحة الملكيات، وتطوير تقنيات استغلالها إلى ارتفاع المردود وتنوع الإنتاج والإمكانيات الغذائية، وقد ساهم ذلك في تزايد النمو السكاني الذي أدى إلى زيادة الطلب على المنتجات الصناعية وإلى توفير تراكم مالي وظف في تنمية القطاع الصناعي، وهكذا نرى كيف ساهمت الزراعة في تطوير الصناعة، وفي الميدان الصناعي أدى ظهور الاختراعات والآلات ووسائل الإنتاج التي حلت محل الوسائل التقليدية التي تعتمد على العمل اليدوي، وإصدار قانون براءة الاختراع الذي يحمي حقوق المخترع في استثمار اختراعه لمدة تزيد على عشر سنوات إلى تشجيع الناس على الاختراع . وذلك بالإضافة إلى ظهور تحولات في طرق الإنتاج بحيث تم عزل التاجر عن الصانع وأصبحت “المانيفاكتورة” عبارة عن بناية تتواجد قرب المادة الخام من معادن وطاقة ويشتغل فيها عمال مأجورون، وفي الميدان الإجتماعي أدى التزايد السكاني السريع بسبب تحسن التغذية وتطور المستوى الطبي غالى في زيادة الأيدي العاملة وتوسيع السوق الاستهلاكية وموقع بريطانيا كجزيرة وتوفر الطاقة والمواد ألخام وخاصة الفحم والصوف وملاءمة المناخ لصناعة الغزل والنسيج.
فالعامل الاقتصادي هو الذي جعل الثورة الصناعية الاولى تبدأ في بريطانيا كانت تستغل وتدرس اواضاعها جيدًا حتى تصل الى كل ماتريد بدون اي مشاكل تلاحقها فحقًا كانت من أروع ومن أعظم الدول في اوروبا وفي العالم كله.
أدى تطور وسائل الإنتاج الصناعي إلى تكوّن الدولة الحديثة من إقليم ذي وحدة جغرافية واحدة، وشعب يشكل البيئة الإجتماعية ويسكن هذا الإقليم وسلطة تمارس سيادة الحكم في حدود هذا الإقليم، وقد نشأت الدولة الحديثة التي تشكل الوحدة الأساسية في بنيان النظام العالمي، ومصدر وموضوع الحقوق والواجبات والقانون الدولي في غرب أوروبا، وقد عرفت هذه الدولة باسم الدولة القومية لأن ظهورها ترافق مع ظهور فكرة القومية في القرن التاسع عشر، وقد امتدت خارج أوروبا، وكان عصر التنوير ( الذي كان شعاره كن شجاعا واستخدم عقلك ) والشعار ليس مصطلحاً شكلياً ولكنه مصطلح ينطلق من الفكر ليعبر عن الفكر، وما أنتجه من أفكار وضعية وعقلانية كانت سبباً في كثير من الثورات الإجتماعية والسياسية التي حدثت في أوروبا وأسفرت عن قيام الدولة الحديثة.
وبالفعل الثورة الصناعية وكل ما كان حديث فيها جعل العالم وكانه قرية صغيرة في إحدى الدول, فكل خطوة صغيرة تخطيها دولة معينة جميع انحاء العالم تعرف بهذه الخطوة وتنتشر الاخبار بسرعة رهيبة كسرعة البرق. وحتى إن لم يكن الانتشار في الاخبار فأن التفكير والعقليات وجميع هذه الامور تنتشر ايضًا بسرعة لا يمكن للعقل تصديقها.
بدأت الثورة الصناعية الرابعة حاليًا ونحن نعيشها ايضًا, نعرف ان اشعتها قد بدأت بالسطوع قديمًا وغيّرت مستقبلنا تمامًا ولا يمكن القول كلام يتعلق بالماضي. فحياة اجدادنا واسيادنا تختلف اختلاف كليّ عن حياتنا الآن فكل ما كان في الماضي اختفى في الحاضر وكل ما يتجدد ويخلق الآن لم يكن الجيل الماضي يفكر فيه ابدًا
هذا هو التغيير قلب حياتنا رأسًا على عقب فلقد شَهِدَ العالم على تغيير لم يكن يتوقع, وها هو الآن يحتل مكاننا ويؤخذ عقلنا ولا نستطيع تركه أو التخفيف منه فلا يمكن وضع حدود لتفكير وتجديد عقل الكائنات البشرية ولا يمكن جعل الآلآت أن تتوقف للأبد, هذه هي قصة الثورة الصناعية.
المصادر والمراجع
1. دانييل ر. براور, العالم في القرن العشرين “عصر الحروب العالمية والثورات”, الأردن: مركز الكتب الاردني, 1990.
2.لويس ل. شنايدر, العالم في القرن العشرين, بيروت: دار مكتبة الحياة, سنة النشر(؟).
3.الموسوعة العربية العالمية (مجلد الرابع وعشرون), الرياض: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع, 1999م.
4. الموسوعة العربية العالمية (مجلد الثالث), الرياض: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع, 1999م.
5.الموسوعة العربية العالمية (مجلد الثاني), الرياض: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع, 1999م.
6.الموسوعة العربية الميسرة (المجلد الأول), بيروت: دار الجيل, 2001.
مواقع انترنت:
1.www.mawdoo3.com
التقرير
كل اعضاء الفرقة عملت على هذا الكتاب المحوسب ولم نقسمه على اعضاء الفرقة إنما عملنا معًا.
Published: May 15, 2017
Latest Revision: May 15, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-312068
Copyright © 2017
^dù