بصمةٌ من فلسطين / بنات طمون الثانوية
القدس … تبقى جنباتها و آثارها و أسماء مواقع فيها … تحكي قصة عروبتها الضاربة … عبر التاريخ العربي … منذ وجود الجنس البشري
مقدمة
من يدرس الأماكن المقدسة للديانات الثلاث في مدينة القدس، يتعرف على تاريخ المنطقة سواء من الناحية السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية. فهي المرآة التي عكست حضارة الشعوب التي أمتها على مر العصور.
ولعل هذه المدينة والتي تعد من أقدم وأقدس المدن على سطح الأرض، تمثل الروح بالنسبة للديانات الثلاث، كانت محط أنظار البشرية منذ العصور الأولى، فهي مهد المسيحية؛ وهي عند المسلمين، أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
فلا عجب أن يسطر التاريخ أعظم المعارك والملاحم البطولية التي عرفها العرب والمسلمون على أرض فلسطين من أجل القدس، (عين جالوت، اليرموك، حطين، وأجنادين)، فضلا عن عشرات المعارك والحروب التاريخية قبل الإسلام، سواء كانت معارك محلية أم وثنية.
القُدْس (معلومات )
(بالعبرية: יְרוּשָׁלַיִם يِروشالَيم) أكبر مدن فلسطين التاريخية مساحةً وسكاناً وأكثرها أهمية دينيًا واقتصاديًا. تُعرف بأسماء أخرى في اللغة العربية مثل: بيت المقدس، القدس الشريف، وأولى القبلتين، ويسميها الاحتلال اليهودي رسمياً: أورشليم
يعتبرها العرب والفلسطينيون عاصمة دولة فلسطين المستقبلية، كما ورد في وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطينية التي تمت في الجزائر بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1988م (كون أجدادهم اليبوسيين تاريخياً، أول من بنى المدينة وسكنها في الألف الخامس ق.م).فيما تعتبرها إسرائيل عاصمتها الموحدة، أثر ضمها الجزء الشرقي من المدينة عام 1980م، والذي احتلته بعد حرب سنة 1967 (يعتبرها اليهود عاصمتهم الدينية والوطنية لأكثر من 3000 سنة).
أما الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فلا يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويعتبر القدس الشرقية جزء من الأراضي الفلسطينية، ولا يعترف بضمها للدولة العبرية، مع بعض الاستثناءات. تقع القدس ضمن سلسلة جبال الخليل وتتوسط المنطقة الواقعة بين البحر المتوسط والطرف الشمالي للبحر الميت، وقد نمت هذه المدينة وتوسعت حدودها كثيرًا عما كانت عليه في العصور السابقة.
تُعتبر القدس مدينة مقدسة عند أتباع الديانات السماوية الثلاث: اليهودية، المسيحية، الإسلام. فبالنسبة لليهود، أصبحت المدينة أقدس المواقع بعد أن فتحها النبي والملك داود وجعل منها عاصمة مملكة إسرائيل الموحدة حوالي سنة 1000 ق.م، ثم أقدم ابنه سليمان، على بناء أول هيكل فيها، كما تنص التوراة. وعند المسيحيين، أصبحت المدينة موقعًا مقدسًا، بعد أن صُلب يسوع المسيح على إحدى تلالها المسماة “جلجثة” حوالي سنة 30 للميلاد، وبعد أن عثرت القديسة هيلانة على الصليب الذي عُلّق عليه بداخل المدينة بعد حوالي 300 سنة، وفقًا لما جاء في العهد الجديد.
أما عند المسلمين، فالقدس هي ثالث أقدس المدن بعد مكة والمدينة المنورة، وهي أولى القبلتين، حيث كان المسلمون يتوجهون إليها في صلاتهم بعد أن فُرضت عليهم حوالي سنة 610 للميلاد، وهي أيضًا تمثل الموقع الذي عرج منه نبي الإسلام محمد بن عبد الله إلى السماء وفقًا للمعتقد الإسلامي.
وكنتيجة لهذه الأهمية الدينية العظمى، تأوي المدينة القديمة عددًا من المعالم الدينية ذات الأهمية الكبرى، مثل: كنيسة القيامة، حائط البراق والمسجد الأقصى – المكون من عدة معالم مقدسة أهمها مسجد قبة الصخرة والمسجد القبلي، على الرغم من أن مساحتها تصل إلى 0.9 كيلومترات مربعة (0.35 أميال مربعة).
خلال تاريخها الطويل، تعرضت القدس للتدمير مرتين، وحوصرت 23 مرة، وهوجمت 52 مرة، وتمّ غزوها وفقدانها مجددًا 44 مرة.
استوطن البشر الموقع الذي شُيدت به المدينة منذ الألفية الرابعة ق.م، الأمر الذي يجعل من القدس إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم.
تُصنّف المدينة القديمة على أنها موقع تراث عالمي، وقد جرت العادة والعرف على تقسيمها إلى 4 حارات، إلا أن الأسماء المستخدمة اليوم لكل حارة من هذه الحارات: حارة الأرمن، حارة النصارى، حارة الشرف (أو حارة اليهود)، وحارة المسلمين، لم تظهر إلا في أوائل القرن التاسع عشر. رشحت الأردن المدينة القديمة لتُدرج ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المهددة في سنة 1982.
موقع مدينة القدس
1. الموقع الفلكي:
تقع مدينة القدس على خط طول 35 درجة و13 دقيقة شرقاً، وخط عرض 31 درجة و51 دقيقة شمالاً.
2. الموقع الجغرافي:
تميزت مدينة القدس بموقع جغرافي هام، بسبب موقعها على هضبة القدس وفوق القمم الجبلية التي تمثل السلسلة الوسطى للأراضي الفلسطينية، والتي بدورها تمثل خط تقسيم للمياه بين وادي الأردن شرقاً، والبحر المتوسط غربا؛ جعلت من اليسير عليها أن تتصل بجميع الجهات. وهي حلقة في سلسلة تمتد من الشمال إلى الجنوب فوق القمم الجبلية للمرتفعات الفلسطينية، وترتبط بطرق رئيسية تخترق المرتفعات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، كما أن هناك طرقاً عرضية تقطع هذه الطرق الرئيسية، لتربط وادي الأردن بالساحل الفلسطيني.
تقع القدس على الخط الأخضر (خط التقسيم)، الفاصل بين حدود الضفة الغربية لعام 1967 وحدود إسرائيل، في وادٍ رحب بين الجبال التي تحيط بها. وتبعد مسافة 54 كلم (33 ميلاً) شرق البحر المتوسط، ومسافة 23 كلم (14 ميلاً) غرب الطرف الشمالي للبحر الميت، ومسافة 250 كلم (150 ميلاً) شمال البحر الأحمر.
تتفاوت ارتفاعات المدينة فوق سطح البحر بين 2350 قدماً و258 قدماً.
أهمية الموقع:
ترجع أهمية الموقع الجغرافي، إلى كونه نقطة مرور لكثير من الطرق التجارية، وإلى مركزيته بالنسبة لفلسطين والعالم الخارجي معاً؛ حيث يجمع بين الانغلاق وما يعطيه من حماية طبيعية للمدينة، والانفتاح وما يعطيه من إمكان الاتصال بالمناطق والأقطار المجاورة؛ الأمر الذي كان يقود إلى احتلال سائر فلسطين والمناطق المجاورة في حال سقوط القدس.
إضافة إلى تشكيله مركزاً إشعاعياً روحانياً لدى الديانات الثلاث، وهذا كله يؤكد الأهمية الدينية والعسكرية والتجارية والسياسية أيضاً؛ لأنها بموقعها المركزي الذي يسيطر على كثير من الطرق التجارية، ولأنها كذلك محكومة بالاتصال بالمناطق المجاورة.
التسمية :
تختص مدينة القدس بميزة حضارية ودينية تميزها عن باقي مدن العالم، فهي ذات مكانة دينية عالية لدى معتنقي الديانات السماوية الثلاث، مما جعلها محوراً دائماً للصراع والنزاع، ولمكانتها الخاصة؛ تعرضت القدس على مرِ التاريخ، لأربع وعشرين محاولة لتدميرها.
وحظيت مدينة القدس تاريخياً بأسماء عديدة، ارتبطت غالباً بالحقبة التاريخية لتلك التسمية، فقد عرفت قديماً بـ”يبوس”، نسبة إلى اليبوسيين بناة القدس الأولين. وقد ورد في سجلات الفراعنة اسم “يابيثي”. وتشير نصوص العهد القديم إلى أسماء مختلفة أخرى، أطلقت على القدس، منها هذا الاسم: “يبوس”.
كما أطلق على مدينة القدس اسم إيلياء، نسبة إلى إيلياء بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام، وأعيد إطلاق اسم إيلياء على القدس في زمن الإمبراطور الروماني “هادريان”، وبدل اسمها إلى “إيليا كابيتولينا”، وصدر الاسم “إيليا”، وهو لقب عائلة هادريان، و”كابيتولين جوبيتر” هو الإله الروماني الرئيس، وظل اسم “إيليا” سائداً نحو مائتي سنة، إلى أن جاء الإمبراطور “قسطنطين” المتوفي عام 237م، وهو أول من تنصر من أباطرة الرومان، واعتمد المسيحية دينا رسميا وشعبيا في أنحاء الامبراطورية- فألغى اسم إيليا، وأعاد للمدينة اسمها الكنعاني، وأول اسم ثابت لمدينة القدس، هو “أوروسالم” أو “أوروشالم” (مدينة السلام) كما أسماها العرب الكنعانيون، وعرفها الفراعنة بهذا الاسم أيضا، ظهر اسم “أورشاليم” في الكتابات المسمارية على هذا النحو (أورو ـ سا ـ ليم)، وهو ما يوافق اسمها في الآثار الأشورية منذ القرن الثامن ق.م (أور ـ سا ـ لي ـ أمو)..
وإذا رجعنا إلى نصوص العهد القديم، نجد أن أقدم الأسماء العبرية، التي أطلقت على المدينة هو (شاليم)، ثم اختصر إلى (ساليم) أو (أورشليم). ثم تطور الاسم فصار يُنْطق (يوروشالايم)، وهو الاسم نفسه، الذي ظهر على العملة اليهودية، في الأدب اليهودي القديم.
ومن أسمائها “مدينة داود”، و”صهيون”، وذلك أثناء الحكم اليهودي لها. ثم اقتبسوا الاسم الكنعاني لها، وحرّفوه، وأصبحت تدعى “أورشاليم”، أي (البيت المقدس).
وفي الترجمة السبعينية، وردت أورشليم تحت اسم (إيروسليم). وفي كتابات يوسيفوس (هيروسليم). أما في سِفرَي المكابيين، الثاني والثالث، فـ (هيروسلوما)، وهو الاسم نفسه، الذي ورد في كتابات أسترابون، وشيشيرون وبليني، وثاكيتوس وغيرهم .
في أوائل الفتح الروماني، سميت “هيروسليما”، ثم “هيرو ساليما”. وعندما حاصرها تيطس (70م)، سميت “سوليموس”. وفي عصر الإمبراطور هادريان (117-138م) Hadrian Caesar Traianus Augustus ، صار الاسم الذي يطلق على منطقة أورشليم هو إيلياء الكبرى، أو إِيلياء كابيتوليناAelia Capitolina.
تسمى أيضاً (مدينة العدل) و(مدينة داود) ، أي مدينة القدس.
ظلت تعرف بالاسم الروماني “إيلياء” حتى الفتح الإسلامي. وقال ياقوت في “معجم البلدان” إن “إيلياء” و”إلياء” اسم لبيت المقدس، ومعناه بيت الله.
ومن أسمائها “بيت إيل (ومعناه بيت الرب)، والقرية، والأرض المباركة، والساهرة، والزيتون”. وأسماء كثيرة أخرى، لا مجال لحصرها .
أمّا الاسم (جيروسليم)، فقد ورد، للمرة الأولى، في الكتابات الفرنسية، التي ترجع إلى القرن الثاني عشر.
والاسم الشائع في اللغة العربية، هو (بيت المقدس) أو (القدس). أما في الكتابات المسيحية، فتسمى (أورشليم)، نقلاً عن اسمها العبري. أما عن معنى اسم (أورشليم)، فالرأي السائد، أن اسمها يعني (مدينة السلام) أو (مدينة الإله ساليم).
أوّل اسم ثابت لمدينة القدس هو “أورسالم” الذي يظهر في رسائل تل العمارنة المصرية، ويعني أسس سالم؛ وسالم أو شالم هو اسم الإله الكنعاني حامي المدينة، وقيل مدينة السلام.
وقد ظهرت هذه التسمية مرتين في الوثائق المصرية القديمة: حوالي سنة 2000 ق.م و 1330 ق.م، ثم ما لبثت تلك المدينة، وفقًا لسفر الملوك الثاني، أن أخذت اسم “يبوس” نسبة إلى اليبوسيون، المتفرعين من الكنعانيين، وقد بنوا قلعتها والتي تعني بالكنعانية مرتفع. تذكر مصادر تاريخية عن الملك اليبوسي “ملكي صادق” أنه هو أول من بنى يبوس أو القدس، وكان محبًا للسلام، حتى أُطلق عليه “ملك السلام” ومن هنا جاء اسم المدينة وقد قيل أنه هو من سماها بأورسالم أي “مدينة سالم”.
ظهر الاسم “أورشليم” أوّل ما ظهر في الكتاب المقدس، وفي سفر يشوع تحديدًا، ويقول الخبراء اللغويون أنه عبارة عن نحت، أي دمج، لكلمتيّ أور، التي تعني “موقع مخصص لعبادة الله وخدمته” ، والجذر اللغوي س ل م، الذي يعني على ما يُعتقد “سلام”، أو يشير إلى إله كنعاني قديم اسمه “شاليم”، وهو إله الغسق.
أطلق العبرانيون على أقدم الأقسام المأهولة من المدينة اسميّ “مدينة داود” و”صهيون”، وقد أصبحت هذه الأسماء ألقاب ونعوت للمدينة ككل فيما بعد بحسب التقليد اليهودي. حُرّف اسم القدس من قبل الإغريق خلال العصر الهيليني، فأصبح يُلفظ “هيروسليما” (باليونانية: Ἱεροσόλυμα)، وعند سيطرة الإمبراطورية الرومانية على حوض البحر المتوسط، أطلق الرومان على المدينة تسمية “مستعمرة إيليا الكاپيتولينيّة” (باللاتينية: Colonia Aelia Capitolina) سنة 131 للميلاد. في بعض الرسائل الإسلامية باللغة العربية من القرون الوسطى، وخصوصًا في العهدة العمرية، تذكر المدينة باسم “إلياء” أو “إيليا” وهو على ما يبدو اختصار لاسمها اللاتيني. ذُكرت المدينة في فترة لاحقة من القرون الوسطى باسم “بيت المقدس”، وهو مأخوذ من الآرامية בית מקדשא بمعنى “الكنيس”.
ولا يزال هذا الاسم يُستخدم في بعض اللغات مثل اللغة الأردية، وهو مصدر لقب “مقدسي” الذي يطلق على سكان المدينة.
أما اسم القدس الشائع اليوم في العربية وخاصة لدى المسلمين فقد يكون اختصارًا لاسم “بيت المقدس” أو لعبارة “مدينة القدس” وكثيرا ما يُقال “القدس الشريف” لتأكيد قدسية المدينة. أما السلطات الإسرائيلية فتشير في إعلاناتها إلى المدينة باسم “أورشليم القدس”.
جغرافيا المدينة
تقع مدينة القدس في وسط فلسطين تقريبًا شرق البحر المتوسط، على رعن هضبة من هضاب جبال الخليل، التي تضم عددًا من الجبال بدورها، وهي: جبل الزيتون أو جبل الطور شرق المدينة، جبل المشارف ويقع إلى الشمال الغربي للمدينة، ويُقال له أيضًا “جبل المشهد”، وقد أقيمت فوقه في سنة 1925 الجامعة العبرية، ومستشفى هداسا الجامعي في سنة 1939، جبل صهيون ويقع إلى الجنوب الغربي وتكوّن البلدة القديمة جزءًا كبيرًا منه وتمر أسوارها من فوقه، جبل المكبر الذي سُمي بهذا الاسم عندما دخل عمر بن الخطاب القدس وكبّر على متنه، بالإضافة إلى جبل النبي صمويل، وجبل أبو غنيم. ترتفع القدس عن سطح البحر المتوسط نحو 750 مترًا (2,460 قدمًا)، وعن سطح البحر الميت نحو 1150 مترًا (3,770 قدمًا).
بالإضافة إلى جبال القدس فإن هناك ثلاثة أودية تحيط بها وهي: وادي سلوان أو وادي جهنم واسمه القديم “وادي قدرون”، الوادي أو الواد، وادي الجوز، ونبع أم الدرج.
كانت القدس محاطة بغابات من أشجار الجوز الزيتون الصنوبر منذ القدم، إلا أن الحروب والاستغلال البشري كان لها وقعٌ مدمّر عليها، فاختفت معظم هذه الغابات، وقد أثّر ذلك على تماسك التربة، فاضطر المزارعون إلى تشييد المدرّجات الزراعية على عدد من السفوح لمنع تآكلها وانجراف تربتها. شكّل شح المياه مشكلة للمقدسيين منذ العهود الأولى لاستيطان المدينة، فقاموا بتشييد عدد من القناطر والقنوات لجرّ مياه الأنهار، إضافة لعدد من البرك والآبار لجمع ماء الأمطار، وما زال البعض منها موجودًا بالبلدة القديمة.
ومن أبرز آبار المدينة بئر أيوب، نسبة إلى النبي أيوب، وهذه البئر هي التي يؤمن المسلمون أنها ذُكرت في القرآن بسورة ص، حيث جاء: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾، كذلك من أبرز بركها أو عيونها، العين المعروفة بعين سلوان، وهي إحدى العيون الجارية التي يؤمن المسلمون أنها ذُكرت في القرآن أيضًا في سورة الرحمن: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ﴾. قال مجير الدين الحنبلي عن القدس في نهاية القرن التاسع سنة 900 هـ:
مدينة عظيمة محكمة البناء بين جبال وأودية، وبعض بناء المدينة مرتفع على علو، وبعضه منخفض في واد وأغلب الأبنية التي في الأماكن العالية مشرفة على ما دونها من الأماكن المنخفضة وشوارع المدينة بعضها سهل وبعضها وعر، وفي أغلب الأماكن يوجد أسفلها أبنية قديمة، وقد بني فوقها بناء مستجد على بناء قديم، وهي كثيرة الآبار المعدة لخزن الماء، لأن ماءَها يجمع من الأمطار.
تبعد القدس نحو 60 كيلومترًا (37 ميلاً) عن البحر المتوسط، وحوالي 35 كيلومترًا (22 ميلاً) عن البحر الميت ، و 250 كيلومتر (155 ميلاً) عن البحر الأحمر، وتبعد عن عمّان 88 كيلومتر (55 ميلاً)، وعن بيروت 388 كيلومتر (241 ميلاً)، وعن دمشق 290 كيلومتر (180 ميلاً).
أما المدن والبلدات المجاورة للقدس فتشمل: بيت لحم وبيت جالا جنوبًا، أبو ديس ومستوطنة معاليه أدوميم شرقًا، مڤاسرت صهيون غربًا، ورام الله ومستوطنة گفعات زئيف شمالاً .
النشأة الأولى:
كانت نشأة النواة الأولى لمدينة القدس، على (تل أوفيل) المطل على قرية سلوان، التي كان بها عين ماء تفي بحاجة السكان من الماء، إلا أنها هجرت وانتقلت إلى مكان آخر، هو (جبل بزيتا)، ومرتفع موريا الذي تقع عليه قبة الصخرة. وأحيطت هذه المنطقة بالأسوار، التي ظلت على حالها حتى بنى السلطــان العثماني (سليمان القانوني) سنة1542م، السور الذي لا يزال قائماً، راسماً الحدود الجغرافية للقدس القديمة، بعد أن كان سورها يمتد شمالا، حتى وصل في مرحلة من المراحل إلى منطقة المسجد المعروف (مسجد سعد وسعيد).
وفي أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، لم تعد مساحتها تستوعب الزيادة السكانية؛ فبدأ الامتداد العمراني خارج السور، فظهرت الأحياء الجديدة التي عرفت فيما بعد بالقدس الجديدة، إضافة إلى الضواحي المرتبطة بالمدينة التي كانت، ومازالت قرى تابعة لها، وقد اتخذ الامتداد العمراني اتجاهين:أحدهما شمالي غربي، والآخر جنوبي.
ونتيجة لنشوء الضواحي الاستيطانية في المنطقة العربية؛ رسمت الحدود البلدية بطريقة ترتبط بالوجود اليهودي، إذ امتد الخط من الجهة الغربية عدة كيلومترات، بينما اقتصر الامتداد من الجهتين الجنوبية والشرقية على بضع مئات من الأمتار؛ فتوقف خط الحدود أمام مداخل القرى العربية المجاورة للمدينة، ومنها قرى عربية كبيرة خارج حدود البلدية (الطور، شعفاط، دير ياسين، لفتا، سلوان، العيسوية، عين كارم المالحة، بيت صفافا)، مع أن هذه القرى تتاخم المدينة، حتى تكاد تكون ضواحي من ضواحيها، ثم جرى ترسيم الحدود البلدية في عام1921م.
ترسيم الحدود عام 1921م:
ضمت حدود البلدية القديمة قطاعاً عرضياً بعرض 400م، على طول الجانب الشرقي لسور المدينة، بالإضافة إلى أحياء (باب الساهرة، ووادي الجوز والشيخ جراح) من الناحية الشمالية، ومن الناحية الجنوبية انتهى خط الحدود إلى سور المدينة فقط، أما الناحية الغربية والتي تعادل مساحتها أضعاف القسم الشرقي، فقد شملتها الحدود؛ لاحتوائها تجمعات يهودية كبيرة، بالإضافة إلى بعض التجمـعات العربيـــة (القطمون، البقعة الفوقا والتحتا، الطالبية، الوعرية، الشيخ بدر، مأمن الله).
حدود عام 1946- 1948 م:
أما المخطط الثاني لحدود البلدية فقد وضع عام 1946م، وجرى بموجبه توسيع القسم الغربي عام 1931، وفي الجزء الشرقي، أضيفت قرية سلوان من الناحية الجنوبية ووادي الجوز، وبلغت مساحة المخطط 20.199 دونماً، كان توزيعها على النحو التالي:
• أملاك عربية 40%.
• أملاك يهودية 26.12%.
• أملاك مسيحية 13.86%.
• أملاك حكومية وبلدية 2.9%.
• طرق سكك حديدية 17.12%.
وتوسعت المساحة المبنية من 4130 دونماً عام 1918م، إلى 7230 دونماً عام1948م، وبين عامي (1947،1949م) جاءت فكرة التقسيم والتدويل؛ ففكرة تقسيم فلسطين وتدويل القدس، لم تكن جديدة؛ فقد طرحتها اللجنة الملكية بخصوص فلسطين (لجنة بيل)، حيث اقترحت اللجنة إبقاء القدس وبيت لحم إضافة إلى اللد والرملة ويافا، خارج حدود الدولتين (العربية واليهودية) مع وجود معابر حرة وآمنة، وجاء قرار التقسيم ليوصي مرة أخرى بتدويل القدس.
وقد نص القرار على أن تكون القدس (منطقة منفصلة)، تقع بين الدولتين: العربية، واليهودية، وتخضع لنظام دولي خاص، وتدار من قبل الأمم المتحدة بواسطة مجلس وصاية يقام لهذا الخصوص، وحدد القرار حدود القدس الخاضعة للتدويل بحيث شملت (عين كارم وموتا في الغرب وشعفاط في الشمال، وأبو ديس في الشرق، وبيت لحم في الجنوب)، لكن حرب عام 1948م وتصاعد المعارك الحربية التي أعقبت التقسيم أدت إلى تقسيم المدينة إلى قسمين.
وبتاريخ 30/ 11/ 1948م، وقعت السلطات الإسرائيلية والأردنية على اتفاق وقف إطلاق النار بعد أن تم تعيين خط تقسيم القدس بين القسمين الشرقي والغربي للمدينة في22/7/ 1948 وهكذا ومع نهاية عام 1948م، كانت القدس قد تقسمت إلى قسمين وتوزعت حدودها نتيجة لخط وقف إطلاق النار إلى:
– مناطق فلسطينية تحت السيطرة الأردنية 2.220 دونما 11.48%
– مناطق فلسطينية محتلة ( الغربية) 16.261 دونما 84.13 %
– مناطق حرام ومناطق للأمم المتحدة 850 دونما 4.40 %
المجموع 19.331 دونما 100%.
وهكذا، وبعد اتفاق الهدنة، تأكدت حقيقة اقتسام القدس بينهما، انسجاما مع موقفها السياسي المعارض لتدويل المدينة.
وبتاريخ 13/7/1951م، جرت أول انتخابات لبلدية القدس العربية، وقد أولت البلدية اهتماماً خاصاً بتعيين وتوسيع حدودها البلدية، وذلك؛ لاستيعاب الزيادة السكانية واستفحال الضائقة السكانية، وصودق على أول مخطط يبين حدود بلدية القدس (الشرقية) بتاريخ1/4/1952م، وقد ضمت المناطق التالية إلى مناطق نفوذ البلدية: (قرية سلوان، ورأس العامود، والصوانة وأرض السمار والجزء الجنوبي من قرية شعفاط)، وأصبحت المساحة الواقعة تحت نفوذ البلدية 4.6 كم2، في حين لم تزد مساحة الجزء المبني منها عن 3كم.
وفي 12/2/1957م، قرر مجلس البلدية توسيع حدود البلدية، نتيجة للقيود التي وضعها (كاندل) في منع البناء في سفوح جبل الزيتون، والسفوح الغربية والجنوبية لجبل المشارف (ماونت سكوبس)، بالإضافة إلى وجود مساحات كبيرة تعود للأديرة والكنائس، ووجود مشاكل أخرى مثل كون أغلبية الأرض مشاعا، ولم تجر عليها التسوية (الشيخ جراح وشعفاط)، وهكذا وفي جلسة لبلدية القدس بتاريخ 22/6/1958 ناقش المجلس مشروع توسيع حدود البلدية شمالا لتشمل منطقة بعرض 500م من كلا جانبي الشارع الرئيسي المؤدي إلى رام الله ويمتد شمالا حتى مطار قلنديا.
واستمرت مناقشة موضوع توسيع حدود البلدية، بما في ذلك وضع مخطط هيكل رئيسي للبلدية حتى عام 1959م دون نتيجة.
حدود عام 1967م:
في عام 1964م، وبعد إنتخابات عام 1963م، كانت هناك توصية بتوسيع حدود بلدية القدس، لتصبح مساحتها 75كم. ولكن نشوب حرب عام 1967م، أوقف المشروع، وبقيت حدودها كما كانت عليه في الخمسينات.
أما القدس الغربية فقد توسعت باتجاه الغرب والجنوب الغربي، وضمت إليها أحياء جديدة منها (كريات يوفيل، كريات مناحيم، عير نحانيم، وقرى عين كارم، بيت صفافا، دير ياسين، لفتا، والمالحة) لتبلغ مساحتها 38 كم.
أثر حرب 1967م على الحدود:
بعد إندلاع حرب 1967م، قامت إسرائيل باحتلال القدس، وبتاريخ 28/6/1967م، تم الإعلان عن توسيع حدود بلدية القدس وتوحيدها، وطبقا للسياسة الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان العرب.
وتم رسم حدود البلدية لتضم أراضى28 قرية ومدينة عربية، وإخراج جميع التجمعات السكانية العربية، لتأخذ هذه الحدود وضعاً غريـباً، فمرة مــع خطوط التسوية (الطبوغرافية) ومرة أخرى مع الشوارع، وهكذا بدأت حقبة أخرى من رسم حدود البلدية، لتتسع مساحة بلدية القدس من 6.5 كم2 إلى 70.5 كم2 وتصبح مساحتها مجتمعة (الشرقية والغربية 108.5 كم) وفي عام 1995م، توسعت مساحة القدس مرة أخرى باتجاه الغرب لتصبح مساحتها الآن 123كم.
المناخ
يسود المدينة المناخ المتوسطي، مما يجعلها تتميز بصيف حار وجاف، وشتاء معتدل ممطر. تتساقط الثلوج مرّة أو مرّتين عادةً خلال الشتاء، وتختبر المدينة تساقطًا كثيفًا للثلج مرّة كل 3 أو 4 سنوات في العادة. يُعتبر شهر يناير أبرد فصول السنة، حيث يصل معدل درجة الحرارة فيه إلى 9.1 °مئوية (48.4 °فهرنهايت)؛ بينما يُعتبر شهريّ يوليو وأغسطس أكثر شهور السنة حرًا، حيث يصل معدل درجة الحرارة فيهما إلى 24.2 °مئوية (75.6 °فهرنهايت). يصل معدّل المتساقطات السنوي إلى 550 مليمترًا (22 إنشًا)، وذلك في الفترة الممتدة بين شهريّ أكتوبر ومايو، أما الأشهر الأخرى فينعدم فيها تساقط الأمطار غالبًا.
تعاني القدس من تلوّث الهواء لكثرة الانبعاثات الغازية من عوادم السيارات والحافلات. وهناك العديد من الشوارع والحارات في المدينة غير المهيئة لاستيعاب الأعداد الكبيرة والمتزايدة من السيارات، الأمر الذي يؤدي إلى حصول ازدحامات خانقة على الدوام وازدياد معدل انبعاثات أوّل أكسيد الكربونفي الجوّ. تُساهم انبعاثات المصانع بنسبة ضئيلة من تلوّث الهواء بالمدينة، إلا أنه يمكن لتلك الصادرة عن المصانع الواقعة على ساحل البحر المتوسط أن تتجه شرقًا ناحية القدس وتُشكل ضبخانًا فوقها.
القدس عبر التاريخ
حظيت مدينة القدس، وما تزال، بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، وتميزت بخصوصية الزمان والمكان. فهي في الزمان ضاربة جذورها منذ الحضارة العربية الكنعانية، أما بالنسبة لخصوصيتها المكانية، فقد شملت الموقع والموضع، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم، تعاقبت عليها الحضارات، وأَمّتها الجماعات البشرية المختلفة، مخلفة وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية، التي جسدت الملاحم والحضارة والتاريخ، دلالة على عظم وقدسية المكان.
ولابد أن يكون لمثل هذه الظاهرة الحضارية الفذة أسباب ومبررات، هي سر خلودها واستمرارها آلاف السنين، رغم كل ما حل بها من نكبات شوحروب أدت إلى هدم المدينة، وإعادة بنائها ثماني عشرة مرة عبر التاريخ، وفي كل مرة كانت تخرج أعظم وأصلب وأكثر رسوخا من سابقتها، دليلا على إصرار المدينة المقدسة على البقاء، فمنذ أن قامت (القدس الأولى) الكنعانية قبل نحو 6000 سنة، وهي محط أنظار البشرية، منذ نشأت الحضارات الأولى في (فلسطين ووادي النيل والرافدين)، مروراً بالحضارة العربية الإسلامية، وحتى يومنا هذا.
يقدر علماء الآثار أن تاريخ مدينة القدس يرجع إلى حوالي ستة آلاف سنة، كما أكدت الحفريات التي قامت عليها المدرستان: الفرنسية، والبريطانية، برئاسة الأب “ديفو” وبانضمام “رويال أنتوريا” برئاسة الدكتور “توستينج هام”، ومشاركة جامعة “تورنتو” في كندا عام 1962، حيث اعتبرت هذه البعثة، أن ما تم التوصل إليه خلال موسم الحفريات من نتائج عن تاريخ مدينة القدس، لا تعدو كونها معلومات مزيفة، تعيد صياغة تاريخ القدس وفقاً لما ورد في التوراة، التي تقصر تاريخ المدينة المقدسة على ثلاثة آلاف عام.
العموريون والكنعانيون:
وفقا للتقديرات التاريخية، فان الهجرة العمورية-الكنعانية من الجزيرة العربية، قد حدثت خلال الألف السابع قبل الميلاد، وتم التوصل إلى ذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة، ولعل أقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم، والتي تعتبر أقدم مدينة في العالم، وإن تأرجحت تقديرات البداية الزمنية لوجود الكنعانيين. فإنه لا جدال على أنهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخيا، وأول من بنى على أرض فلسطين حضارة.
حيث ورد في الكتابات العبرية، أن الكنعانيين هم سكان البلاد الأصليين، كما ذكر في التوراة أنه الشعب الأموري. والكنعانيون هم أنفسهم العموريون، أو ينحدرون منهم، وكذلك الفينيقيون، فقد كان الكنعانيون والفينيقيون في الأساس شعباً واحداً، تجمعهما روابط الدين واللغة والحضارة، ولكن لم تكن تجمعهما روابط سياسية، إلا في حالات درء الخطر الخارجي القادم من الشمال أو الجنوب.
ووفقاً للتوراة، فإن أرض كنعان كانت تمتد من أوغاريت (رأس شمرا) حتى غزة، وقد تم العثور على قطعة نقود أثرية كتب عليها “اللاذقية في كنعان”، وفي تلك الفترة توصل الكنعانيون إلى بناء الصهاريج فوق السطوح، وحفر الأنفاق الطولية تحت الأرض؛ لإيصال المياه إلى القلاع، ومن أهم هذه الأنفاق نفق مدينة “جازر” التي كانت تقع على بعد 35كم من القدس.
وكذلك نفق يبوس (القدس)، حفره اليبوسيون، وجاءوا بالمياه إلى حصن يبوس من نبع “جيحون”.
اليبوسيون بناة القدس الأولون:
اليبوسيون هم بطن من بطون العرب الأوائل، نشأوا في قلب الجزيرة العربية. ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية التي ينتمون إليها، وهم أول من سكن القدس، وأول من بنى فيها لبنة.
رحل الكنعانيون عن الجزيرة العربية، جماعات منفصلة، حطت في أماكن مختلفة من فلسطين،فسميت(أرض كنعان)، سكن بعضهم الجبال، بينما سكن البعض الأخر السهول والأودية ، وقد عاشوا في بداية الأمر متفرقين في أنحاء مختلفة، حتى المدن التي أنشأوها ومنها: (يبوس، وشكيم، وبيت شان، ومجدو، وبيت إيل، وجيزر، وأشقلون، وتعنك، وغزة)، وغيرها من المدن التي لا تزال حتى يومنا هذا، بقيت كل مدينة من هذه المدن تعيش مستقلة عن الأخرى، هكذا كان الكنعانيون في بداية الأمر، ولكن ما لبثوا أن اتحدوا بحكم الطبيعة وغريزة الدفاع عن النفس، فكونوا قوة كبيرة، واستطاعوا بعدئذ أن يغزوا البلاد المجاورة لهم، فأسّسوا كياناً عظيماً بقي فترة طويلة.
كانت يبوس في ذلك العهد حصينة آهلة بالسكان، تشتهر بزراعة العنب والزيتون. تعرف أنواعاً عديدة من المعادن منها النحاس والبرونز، وعرفوا أنواعاً عديدة من الخضار والحيوانات الداجنة، كما عرفوا استخدامات الخشب عن طريق الفينيقيين، فاستخدموه في صناعات السفن والقوارب، كما اشتهروا بصناعة الأسلحة والثياب والزجاج.
لقد أسس الكنعانيون واليبوسيون حضارة كنعانية ذات طابع خاص، ورد ذكــرها في ألواح (تل العمارنة).
وقد ظهر بينهم ملوك عظماء، بنوا القلاع وأنشأوا الحصون، وأنشأوا حولها أسواراً من طين، ومن ملوكهم الذين حفظ التاريخ أسماءهم، (ملكي صادق)، ويعتبر هو أول من بنى يبوس وأسسها، وكانت له سلطة على من جاوره من الملوك، وأطلق بنو قومه عليه لقب (كاهن الرب الأعظم).
كان ليبوس في ذلك العهد أهمية تجارية عظيمة؛ لوقوعها على طرق التجارة، كما كان لها أهمية حربية كبيرة؛ لأنها مبنية على أربع تلال، ومحاطة بسورين.
وحفر اليبوسيون تحت الأرض نفقاً يمكنهم من الوصول إلى “عين روجل” والتي سميت الآن “عين أم الدرج”.
كذلك كان فيها واد يعرف بواد الترويين، يفصل بين تل أوفل وتل مدريا- عندما خرج بنو إسرائيل من مصر، ونظروا أرض كنعان، ورأوا فيها ما رأوا من خيرات، راحوا يغيرون عليها بقصد امتلاكها… قائلين: “أنها هي الأرض التي وعدهم الله بها”، وبذلك أيقن الكنعانيون الخطر القادم، فطلبوا العون من مصر، ذلك لأن بني إسرائيل كانوا كلما احتلوا مدينة خربوها وأعملوا السيف فيها، أما المصريون فقد كانوا يكتفون بالجزية، فلا يتعرضون لسكان البلاد وعاداتهم ومعتقداتهم، ولم يتوان المصريون في مد يد العون إلى الكنعانيين، فراحوا يدفعوا الأذى مع الكنعانيين، ونجحوا في صد غارات العبرانيين.
وهناك بين ألواح تل العمارنة، التي وجدت في هيكل الكرنك بصعيد مصر، لوح يستدل منه على أن (عبد حيبا)، أحد رجال السلطة المحلية في أورسالم، أرسل سنة (1550 ق.م) إلى فرعون مصر تحتمس الأول رسالة، طلب إليه أن يحميه من شر قوم دعاهم في رسالته بـ(الخبيري) أو (الحبيري).
بنو إسرائيل:
في عهد الفرعون المصري (رعمسيس الثاني) وولده “مرن بتاح”، خرج بنو إسرائيل من مصر، وكان ذلك عام (1350 ق.م). لقد اجتازوا بقيادة زعيمهم “موسى” صحراء سيناء، وحاولوا في بادئ الأمر دخول فلسطين من ناحيتها الجنوبية، فوجدوا فيها قوما جبارين فرجعوا إلى موسى وقالوا له “اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون” وبعدها حكم عليهم الرب بالتيه في صحراء سيناء أربعين عاماً.
وبعدها توفي موسى، ودفن في واد قريب من بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى الآن. ولقد تولى “يوشع بن نون” قيادة بني إسرائيل بعد موسى (وهو أحد الذين أرسلهم موسى لعبور فلسطين)، فعبر بهم نهر الأردن (1189 ق.م)، على رأس أربعة أسباط هي: راشيل أفرايم، منسه، بنيامين. واحتل أريحا بعد حصار دام ستة أيام، ارتكبوا أبشع المذابح، ولم ينج لا رجل ولا امرأة ولا شيخ ولا طفل ولا حتى البهائم …ثم أحرقوا المدينة بالنار مع كل ما فيها، بعد أن نهبوا البلاد، وبعدها تمكنوا من احتلال بعض المدن الكنعانية الأخرى، حيث لقيت هذه المدن أيضاً ما لقيته سابقتها.
و بعد أن سمع الكنعانيون نبأ خروج بني إسرائيل من مصر. هبوا لإعداد العدة، وعقد ملك أورسالم (ملكي صادق) حلفاً مع الملوك المجاورين له، وكان عددهم واحداً وثلاثين، مكونين جيشاً مجهزاً قوياً، ولذلك لم يتمكن يوشع من إخضاع الكنعانيين، ومات دون أن يتمكن من احتلال (أورسالم)، لأنها كانت محصنة تحصيناً تاماً، وكانت تحيط بها أسوار منيعة.
ولقد مات يوشع بعد أن حكم سبعاً وعشرين سنة، بعد موت موسى، وبعده تولى قيادة بني إسرائيل (يهودا) وأخوه (شمعون). وغزا بنو إسرائيل في عهدهما الكنعانيين مرة أخرى، وحاولوا إخضاعهم. ورغم أن الكنعانيين خسروا ما يقارب عشرة آلاف رجل في هذه المعركة إلا أن بني إسرائيل أرغموا على مغادرة المدينة.
عهد القضاة:
عاش بنو إسرائيل على الفوضى والضلال طيلة حكم القضاة، وعددهم أربعة عشر، وكان تاريخهم عبارة عن مشاغبات وانقسامات، حيث ارتد الكثير من الإسرائيليين عن دينهم، وتحولوا إلى ديانات الكنعانيين، وعبادة أوثانهم “كبعل” و”عشتروت”.
هذا بالإضافة إلى الانقسامات والانقلابات الداخلية التي دبت في صفوفهم. فكانوا يلتفون حول القائد الذي يتولى قيادة أمورهم سنة، ثم ينقلبون عليه ويعصون أوامره سنين.
وخلال هذه الفترة، ونتيجة هذه الفوضى؛ لم يذوقوا طعم الحرية والاستقلال أبداً، إذ حاربهم الكنعانيون وقضوا مضاجعهم أجيالاً طويلة، ومن ثم حاربهم المؤابيون، وألحقوا بهم الذل والهوان، ثم حاربهم المديانيون والعمونيون والفلسطينيون.
وكانت حروبهم مع الفلسطينيين الأشد ضراوة والأبعد أثراً، إذ أدت إلى انتحار “شاؤول” ملك العبرانيين سنة (1095 ق.م).
ويذكر لنا التاريخ أن المدن (الكنعانية- الفلسطينية) التي عجز العبرانيون عن فتحها، كانت ذات حضارة قديمة، وكانت المنازل مشيدة بإتقان، فيها الكثير من أسباب الراحة والرفاهية وكانت مدنهم، تشتهر بحركة تجارية وصناعية نشطة.
وكانت هذه المدن على علم ومعرفة بالكتابة، ولها ديانة كما لها حكومة سياسية أيضاً، لقد اقتبس أولئك العبرانيون السذج من مواطني المدن الكنعانية حضارة، لأنهم لم يستطيعوا أن يعيشوا بمعزل عن أهل هذه المدن التي عجزوا عن فتحها.
وقد أحدث هذا الامتزاج تغيرات جوهرية في حياة العبرانيين، فترك بعضهم سكنى الخيام، وشرعوا يبنون بيوتاً كبيوت الكنعانيين، وخلعوا عنهم الجلود التي كانوا يلبسونها وهم في البادية، ولبسوا عوضاً عنها الثياب الكنعانية. هذا حال العبرانيين الذين أقاموا في الشمال الخصيب، أما أولئك الذين أقاموا في الجنوب من فلسطين، فقد حافظوا على أسلوب معيشتهم البدوية القديمة.
وذكر تاريخ بني إسرائيل في تلك الحقبة، أن منازعات داخلية كبيرة نشبت بين شاؤول وداود وبين أسرتيهما، أما داود فقد حالف الفلسطينيين وعقد معهم حلفاً، والآخر أراد أن يحصل على استقلاله بالقوة، الأمر الذي صعب عليه ومات مقهوراً.
ويدعي بعض اليهود أن المسجد الأقصى، قد أقيم على أنقاض الهيكل الذي بناه سليمان بعدما أصبح ملكاً علي بني إسرائيل بعد موت أبيه داوود. غير أن هذا ليس صحيحاً، فحتى هذه اللحظة لم يكتشف أي أثر يدل على بناء الهيكل في هذا المكان، أو في منطقة القدس، وحتى هذه اللحظة لم يستطع أحد أن يحدد مكان مدينة داود. فكيف لليهود أن يتحدثوا عن الهيكل؟.
ونذكر هنا أن مدينة القدس تعرضت لغزوات عديدة، كان أولها من قبل الكلدانيين، وقام “نبوخد نصر” بسبي بعض اليهود المقيمين في أطراف المدن الكنعانية لرفضهم دفع الجزية، فيما عرف بالسبي البابلي الأول. وتلاه غزو آخر عرف بالسبي البابلي الثاني، بسبب انضمام بعض اليهود الرعاع إلى جملة المدن الثائرة على بابل، عام 586 ق.م، واقتاد عدداً منهم أسرى إلى بابل. وتلا ذلك الغزو الفارسي للمدينة سنة 539-538ق.م.
ومن ثم تعرضت المدينة للغزو اليوناني، عندما دخل الإسكندر المقدوني الكبير فلسطين سنة 332 ق.م. وبعد ذلك دخلت الجيوش الرومانية القدس سنة 63 ق.م على يد “بوبي بومبيوس” الذي عمل على تدميرها بعد أن تم دمج الأطراف الشرقية للبحر الأبيض المتوسط في الإمبراطورية الرومانية. وفي هذه الأثناء عهد “بومبي” سورية إلى أحد الموظفين الرومان البارزين وهو “غابينيوس” (57- 55 ق.م)، الذي عمل على فرض ضرائب باهظة على السكان وتقسيم الدولة إلى خمسة أقاليم، يحكم كل منهما مجلس، وأعاد “بوبي بومبيوس” بناء عدد من المدن اليونانية- السورية التي كان المكابيون قد هدموها، مثل: السامرة، وبيسان، وغزة.
في تلك الفترة، شهدت روما حروباً أهلية، ودب الاضطراب في الدولة الرومانية كلها، مما أدّى إلى انتقال هذه الاضطرابات إلى سورية، وأثناء تقسيم العالم الروماني من قبل الحكومة الثلاثية، وأصبحت سورية ومصر والشرق تحت سلطة “أنطونيو” المعروف بعلاقاته مع “كليوباترا” ملكة مصر.
وفي هذه الأثناء أهمل “أنطونيو”الأسرة الكابية، ووضع مكانها الأسرة الهيرودية، وقد برز من هذه الأسرة “هيرودوس الكبير” عام 37 ق.م، الذي أخذ “أورشليم” ووطد سلطته عليها، وبقى على الحكم ما يقارب الثلاثة وثلاثين عاماً بدعم من روما. وكان “لهيرودس الكبير” فضل إعادة تعمير مدينة القدس، وبناء بعض المرافق العامة. وتوفي هيرودس في عام 4 ق.م.
ظهور المسيحية
أدّى اعتناق “الإمبراطور قسطنطين” المسيحية في القرن الرابع الميلادي، إلى تغيير جذري في تاريخ المدينة، حيث أصدر قسطنطين سنة 313م، مرسوماً يقضي بمنح المسيحيين حرية العبادة في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، وأصبحت أورشليم مقدسة عند المسيحيين إذ حج إليها السيد المسيح منذ صباه.
اهتم قسطنطين بالمسيحيين والديانة الجديدة، وكذلك استطاعت أمه الإمبراطورة “هيلانة” هي والمطران “مكاريوس”، أن تقيم من الأمكنة التي ارتادها المسيح، وأن تقيم كنيسة القيامة وأصبح لأورشليم أهمية منذ ذلك التاريخ. فسعى إليها الحجيج من كل مكان، وكثرت الكنائس ولا سيما في عهد الإمبراطورة “ايودك” 441- 460م. وأصبحت الإمبراطورية الرومانية تدين بالمسيحية، إلا أن تغييراً حدث بعد مرور حوالي ربع قرن من الزمن على وفاة قسطنطين، وهو تولي الإمبراطور “جوليان” العرش الروماني سنة 361م، وقد سمي بالمرتد؛ لانحرافه عن المسيحية ورجوعه إلى الوثنية، ولكنه قتل في حملته على بلاد الفرس في حزيران 363م.
وبموت جوليان تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين: غربي، وشرقي. وكانت فلسطين ضمن القسم الشرقي البيزنطي. وشهدت فلسطين بهذا التقسيم فترة استقرار دامت أكثر من مائتي عام، الأمر الذي ساعد على نمو وازدهار البلاد اقتصادياً وتجارياً وعمرانياً؛ مما ساعد في ذلك مواسم الحج إلى الأماكن المقدسة.
ولم تستمر هذه الفترة من الاستقرار؛ ففي سنة 611م دخل ملك الفرس “كسرى الثاني” (أبرويز) في الفترة (590- 638م) على سوريا، واستمر في تقدمه، حتى احتل القدس في 614م، فدمر الكنائس والأماكن المقدسة، ولا سيما كنيسة “القبر المقدس”، وانضم من تبقى من اليهود إلى الفرس في حملتهم هذه؛ رغبة منهم في الانتقام من المسيحيين، وهكذا فقد البيزنطيون سيطرتهم على البلاد.
ولم يدم ذلك طويلاً، فقد أعاد الإمبراطور “هرقل” فتح فلسطين سنة 628م، وطرد الفرس ولاحقهم حتى بلادهم، واسترجع الصليب المقدس.
ثم جاء الفتح العربي الإسلامي ليفتح المدينة، وكان ذلك في معركة اليرموك سنة 636م، وتبعتها الفتوحات الإسلامية.
الفتح الإسلامي
الفتح العمري:
شكلت فلسطين والقدس خط الدفاع الأول عن الإسلام وبلاد المسلمين، واستمدت المدينة أهميتها الدينية عند المسلمين، ليس لأنها ذات أصول عربية كنعانية فحسب، بل لأنها مهد الرسالات أيضا، فمنها عرج رسول الله “محمد” صلى الله عليه وسلم إلى السماوات السبع وتكلم إلى ربه، وتم فرض الصلوات الخمس على المسلمين، ثم العودة من السماوات العلى إلى بيت المقدس ومنها إلى مكة المكرمة.
فلم يختر الله سبحانه وتعالى بيت المقدس مكاناً لإسراء نبيه، عبثاً، ولكنها مشيئة إلهية سماوية رسمت منذ ذلك التاريخ وإلى الأبد، علاقة ملايين المسلمين بهذه البقعة المقدسة من الأرض، وهي بالنسبة لهم من أقدس المقدسات، وهي المكان الذي يحجون إليه، فهو قبلتهم الأولى وثالث الحرمين الشريفين بعد الكعبة المشرفة ومسجد النبي في المدينة المنورة.
لقد بدأ رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد الجهر بالدعوة الإسلامية وانتشارها، بتوجيه أنظار المسلمين وقلوبهم إلى مدينة القدس، مدركا أهميتها الدينية والروحانية لدى المسلمين، فبعث في جمادى الأول سنة ثمان للهجرة أول قوة إسلامية إلى بلاد الشام، وجعل على رأس هذه القوة، التي لا تزيد على ثلاثة آلاف مقاتل|، زيد بن حارثة.
سارت القوة إلى بلاد الشام للاشتباك بجيوش الروم، حيث علم المسلمون أن “هرقل” قد حشد في مؤاب بأرض كنعان، مائة ألف من الروم، وانضم إليهم مثل هذا العدد من القبائل العربية المجاورة، فدب التوتر في نفوس المسلمين، وفكروا في أن يطلبوا النجدة من رسول الله “محمد”، إلا أنهم آثروا الاشتباك مع جيوش الروم؛ طلباً للنصر أو الشهادة في سبيل الله لدخول الجنة.
زحف المسلمون إلى الشمال، حتى قابلتهم جموع الروم في مؤتة بالقرب من مدينة الكرك في الأردن، ودارت رحى المعركة غير المتكافئة، وما لبث أن انسحب جيش المسلمين لإنقاذ القوة من فناء أكيد، وكانت هذه الحادثة بمثابة الاختبار الأول للمسلمين وإرادتهم الشجاعة في تحرير بيت المقدس، واستعدادهم التام للتضحية والفداء من أجل القدس.
أمر الرسول الكريم بتجهيز جيش يقوده “أسامة بن زيد”؛ للانتقام لشهداء مؤتة، وانتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى وجيش أسامة يتأهب للسير شمالاً، فأمر الخليفة أبو بكر الصديق أن يواصل جيش أسامه سيره ويحقق المهمة التي كلفه بها رسول الله، واشتبك جيش أسامه مع القبائل العربية التي ساندت جيش الروم ضد قوة المسلمين، ولقنها درساً، وعاد إلى المدينة المنورة.
وبعد أن انتهى الخليفة “أبو بكر الصديق” من حروب الردة، في أعقاب وفاة سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- وبعد أن تم تدعيم أركان المسلمين، أعدّ جيشاً لغزو بلاد الشام وتحرير بيت المقدس، وقدر عدد الجيش بأربعة وعشرين ألفاً من جنود المسلمين الأشداء، وزحف جيش المسلمين شمالاً وحارب الروم في معارك جانبية إلى أن وصل مشارف دمشق في “حوران”.
أما الروم فقد تجمعوا استعداداً للمعركة الحاسمة في وادي اليرموك، الفاصل بين سورية والأردن، بعدد يقدر بعشرة أضعاف جيش المسلمين، ومن ناحية أخرى قدم خالد بن الوليد على رأس جيش مجهز، وتوحد الجيش بقيادة “خالد بن الوليد”، ودارت المعركة الفاصلة وكان النصر حليف المسلمين في اليرموك، وبعد ذلك اتجه جيش المسلمين إلى دمشق، حيث حاصرها، وتم فتحها، وهزم الروم شر هزيمة.
وبعد أن فرغوا من بلاد الشام، وجهوا جزءاً من قواتهم إلى فلسطين، وفتحوا مناطق عديدة منها وحاصروا إيلياء (القدس) زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، واستمات الروم في الدفاع عن بيت المقدس، بيد أن الدين الجديد وما يزرعه في نفوس قواته، قد انتصر على عناد الروم، ودب الضعف في نفوسهم.
ولما اشتدّ الحصار على بيت المقدس سنة 636م، ظهر البطريرك “صفرونيوس” من فوق أسوار المدينة وقال لهم: “إنا نريد أن نسلم، لكن بشرط أن يكون ذلك لأميركم، فقدموا له أمير الجيش فقال: لا، إنما نريد الأمير الأكبر، أمير المؤمنين، فكتب أمير الجيش إلى عمر بن الخطاب.
فخرج عمر بن الخطاب إلى مدينة القدس، ولما أطلّ على مشارفها وجد المسلمين في استقباله خارج بابها المسمى بباب دمشق، وعلى رأسهم البطريرك “صفرونيوس”. وكان عمر على راحلة واحدة ومعه غلامه، فظهر لهم وهو آخذ بمقود الراحلة وغلامه فوقها، وكان عمر قد اشترط على غلامه أن يسير كل منهما نفس المسافة، يركب واحد، والآخر يسير على الأقدام بالتساوي، فعندما وصلا كان دور الغلام وعمر بن الخطاب يأخذ بمقود الراحلة. فبينما رأوه كذلك خروا له ساجدين، فأشاح الغلام عليهم بعصاه من فوق راحلته وصاح فيهم: “ويحكم إرفعوا روؤسكم، لا ينبغي السجود إلا لله، فلما رفعوا رؤوسهم انتحى البطريرك “صفرونيوس” ناحية وبكى، فتأثر عمر وأقبل عليه يواسيه قائلاً: “لا تحزن هون عليك، فالدنيا دواليك يوم لك ويوم عليك”، فقال صفرونيوس: “أظننتني لضياع الملك بكيت؟ والله ما لهذا بكيت، إنما بكيت لما أيقنت أن دولتكم على الدهر باقية ترق ولا تنقطع، فدولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة، وكنت حسبتها دولة فاتحين ثم تنقرض مع السنين”.
وتسلم ابن الخطاب مفاتيح القدس من البطريرك “صفرونيوس”، وخطب في تلك الجموع قائلا: “يا أهل إيلياء لكم مالنا وعليكم ما علينا”. ثم دعا البطريرك لتفقد كنيسة القيامة، فلبّى دعوته، وأدركته الصلاة وهو فيها، فتلفت إلى البطريرك وقال له أين أصلي؟ فقال: مكانك صل، فقال: “ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة، فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجدا”. وابتعد عنها رمية حجر، وفرش عباءته وصلى، وجاء المسلمون من بعده، وبنوا على ذلك المكان مسجداً، وهو قائم إلى يومنا هذا.
نص العهد الذي أعطاه الخليفة عمر للقدس “العهدة العمرية”:
بسم الله الرحمن الرحيم: “هذا ما أعطى عبد الله “عمر” أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، سقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صلبهم، ولا من شئ من أموالهم ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله، حتى يبلغوا مأمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض؛ فمن شاء منهم قعد، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله، لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية”.
شهد على ذلك كتب وحضر سنة 15 هـ عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان.
الحروب الصليبية
استطاع الصليبيون في نهاية القرن الحادي عشر، الإستفادة من الانقسامات التي تعرض لها العالم الإسلامي؛ نتيجة الفتنة التي دبت بين الشيعة، والسنة؛ وبين العرب، والترك في تلك الفترة، حتى أن الوزير الفاطمي “الأفضل” أرسل إلى الصليبيين رسالة عام 1098م، يعرض فيها محالفتهم ضد الأتراك السلاجقة.
عقد الصليبيون العزم على أن يسيروا إلى بيت المقدس، وذلك بعد الإستيلاء على انطاكية. وتقدمت القوات الصليبية في 7 يونيو 1099م، وحوصرت المدينة المقدسة من جميع الاتجاهات.
وقد كانت المدينة مزودة بكميات كبيرة من المؤن والماء والأسلحة، التي فاقت أسلحة الصليبيين، كما دعمت الأبراج بالقطن والدريس لتصمد أمام قذائف منجنيقات العدو، وصمدت القوات الإسلامية في المدينة وتعرض الصليبيون إلى هجمات المسلمين، ونفذت مؤنهم وعانوا كثيراً من حرارة الشمس، وفشل الصليبيون في هجومهم الأول على المدينة.
وحينما وصلت إليهم إمدادات جديدة وعتاد وعدة، عاودوا الهجوم. وبلغ عدد القوات الصليبية المحاصرة للمدينة 12 ألفاً من الراجلة، و1300 من الفرسان، بالإضافة إلى معاونة حجاج مسيحيين لهم، وفي ليلة 14 يوليو 1099م، استطاع الصليبيون دخول المدينة خلال الأسوار عبر أبراج صنعت خصيصاً لذلك.
فقد دمر الصليبيون ما شاء لهم أن يدمروا، ونهبوا الكثير، كما نهبوا بعض المعادن النفيسة التي كانت تكسوا المقدسات، ولا سيما قبة الصخرة، وانطلق الصليبيون في شوارع المدينة، والى المنازل والمساجد، يذبحون كل من صادفهم من الرجال والنساء والأطفال، وهكذا استطاع المسيحيون الاستيلاء على بيت المقدس.
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت قضية تحرير القدس التي ترمز إلى تحرير فلسطين، هي القضية الأولى الأساسية على المستويين السياسي والديني لدى العرب والمسلمين.
في غضون ذلك وصلت قوة مصرية إلى بيت المقدس، وطلبت من الصليبيين الرحيل من البلاد، وتقدم “الوزير الأفضل” وزير مصر نحو فلسطين، فوصل عسقلان في 4 أغسطس، وخرج “جودفري” بجيشه من بيت المقدس لمواجهة جيوش المصريين في 9 أغسطس 1099م، واحتشد الجيش الصليبي في سهل المجدل (شمالي عسقلان)، حيث يعسكر الوزير الأفضل، وفوجئ الأفضل بتلك الجموع ، فهرب إلى مصر بحراً، وبذلك أصبح احتلال الصليبيين لبيت المقدس مؤكداً، ولم يلبث أن استولى الصليبيون على الجليل، وطبريا، وحيفا، وقيسارية، وغيرها.
وعلى إثر ذلك أصبح “جودفري دي بويون” هو الحاكم الذي منح لقب المدافع عن كنيسة القيامة، وفي 11 نوفمبر عام 1100م، أصبح “بلدوين الأول” على رأس مملكة الصليبيين في بيت المقدس، وقد إستمرت هذه المملكة 87 سنة ولم يسمح للمسلمين ولا لغيرهم بالإقامة داخل المدينة.
لقد شعر الصليبيون في تلك الفترة بأنه يتوجب عليهم التخلص من الثقافة العربية في المنطقة، وجعل تلك البقعة من الوطن العربي لاتينية، وكذلك القضاء على الأرثوذكسية التي كانت منتشرة فيها، وقيل أيضاً بأن الهدف الرئيسي لغزو الصليبيين كان تجارياً، حيث ساد نظام الإقطاع في الإدارة، فكانت الأرض كلها للفرسان.
المماليك
في وسط الغمام الذي مر بالأمة الإسلامية، ظهر “عماد الدين زنكي”، فوحد قوى المسلمين في العراق والشام، ولكنه لم يعمر طويلاً، إذ قتل على يد أحد صبيانه عام 1146م. وظهر بعد ذلك ولده البكر “نور الدين محمود” الذي حمل رسالة أبيه في حرصه على مصالح المسلمين، وعمل على تنظيم صفوف المسلمين، واستولى على دمشق؛ الأمر الذي ساعد على توحيد البلاد، ثم امتد نفوذ نور الدين إلى مصر، وولى صلاح الدين الوزارة الفاطمية وهو في الحادية والثلاثين من عمره.
كان لنجاح “نور الدين” في ضم مصر (حاضنة الدولة الإسلامية) أثره في قلق الصليبيين، فأصبحت قواتهم في بيت المقدس محاطة من الشمال الشرقي والجنوب الغربي. حتى أن “عموري الأول” ملك بيت المقدس أرسل سفارة إلى أوروبا يطلب النجدة، وكذلك إلى الدولة البيزنطية.
وعندما قامت الدولة الأيوبية في مصر على أنقاض الضعف والتحلل الذي أصاب الخلافة الفاطمية، دبت الحياة والقوة في الجهة الغربية من جبهات المعركة، وكان لالتحام الجبهات وتوحدها شرطاً ضرورياً، حتى يتم محاصرة الكيان الصليبي الغريب، الذي زرع في الجسد العربي الواحد، وكانت هذه هي المهمة التي قام بها وقاد معاركها البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي.
وفي العام التالي لقيام الدولة الأيوبية، بدأ صلاح الدين الزحف على جنوب فلسطين، وكان حصن “الكرك” الصليبي بجنوب فلسطين، يحكمه “رينالد” وهو من أقوى وأشرس أمراء الصليبيين، وتعرض هذا الحصن المنيع لهجمات صلاح الدين أربع مرات، وأثناء الاستيلاء على القلعة في المعركة، كان الأسطول المصري قد حقق انتصاراً بحرياً ضد الأسطول الصليبي في البحر الأحمر سنة 1182م، الذي أجهض محاولة الصليبيين لتدمير الأماكن الإسلامية المقدسة في أرض الحجاز.
وعندما نقض الصليبيون المسيطرون على حصن الكرك الهدنة المعقودة بينهم وبين صلاح الدين، وأغاروا على القوافل العربية، وجاهروا بالاستعداد للزحف على مقدسات المسلمين في الحجاز، كانت تلك اللحظات بمثابة الفرصة السانحة والمنظورة لاجتثاث الصليبيين من القدس، فشرع صلاح الدين في السير نحو المعركة الفاصلة والهامة عبر التاريخ، وهي معركة “حطين” معركة تحرير القدس. وكانت القوة الصليبية قد لبثت حيناً من الزمن، وهي تحجم عن لقاء صلاح الدين في معركة فاصلة، ولما أيقنوا بأن صلاح الدين لن يترك القدس في أيديهم، بدأوا في توحيد صفوفهم وتجميع فرقتهم.
قال “ريموند ” أمير طرابلس: “أن الخروج خارج القدس للقاء صلاح الدين خطأ كبير، بل يجب التمركز داخل الأسوار للدفاع عن المدينة، ولكن رأى الأغلبية منهم أن الهجوم خير وسيلة للدفاع “. وخرجوا إلى طبريا.
وعندما وصل جيش الصليبيين طبريا وعددهم 63 ألفاً من الفرسان، وقفوا أمام جيش صلاح الدين، فرتب الصليبيون جيشهم في ثلاثة خطوط متراصة خلف بعضها، وفي مقدمتها أمير طرابلس، ومن خلفه جمهور عظيم يحيط بالصليب الخشبي؛ لكي يثير حماسهم، ومن خلف هذا الصف يقف ملك أورشليم ومعه فرسان المعبد وجمهور من المتطوعين الذين جاءوا من أوروبا.
وفي المقابل كان معسكر “صلاح الدين” الذي شهد تنقلات القائد الذي لم يغف له جفن، وقضى ليله ونهاره يطمئن على المؤن والتسليح، وكذلك على جدول الماء الذي أصبح في حوزة العرب، والذي حرم الصليبيون من الاستفادة منه، كما بات يذكر الجنود بالمدينة الأسيرة ويثير فيهم الحماس.
وفي يوم 1 تموز سنة 1187م في ليلة الجمعة، التحم الجيشان ودارت رحى المعركة، وكان لجيش صلاح الدين قوة و إرادة وعناد واستبسال في القتال لم يعهد من قبل، وبالمقابل أصاب العطش جيوش الصليبيين، كما أصابتهم حرارة شمس تموز، وحرارة النيران التي أشعلها العرب في الغابات.
وفي يوم السبت 3/تموز، ثالث أيام المعركة، بدا جلياً أن الحرب تحسم لصالح جيش المسلمين، حيث انسحبت جموع الصليبيين إلى جبل “حطين” لتتخذ منه ظهرا في الدفاع والهجوم، ولكن جيش المسلمين كان في أثرهم، حتى نزل” صلاح الدين” من فوق حصانه ساجداً لله مقبلاً للأرض “شكراً لله على هذا النصر”، وكان ذلك إيذاناً بحسم المعركة لصالح المسلمين، وقتل من الصليبيين 30 ألفاً، وأسر ما يقارب الثلاثين ألفاً أيضاً من أصل 63 ألفاً.
وفي اليوم التالي: الأحد 4 تموز استولى العرب على طبريا، ومن ثم فتحوا عكا، وجابوا كافة المدن والقرى الفلسطينية، وصولاً لأسوار المدينة المقدسة يوم الأحد 20/أيلول 1187م، وأحاط جيش صلاح الدين بالجانب الغربي من أسوارها، وعسكر في نفس المكان الذي فتحها منه الصليبيون عام 1099م، ومكث عدة أيام في دراسة أحوال المدينة من النواحي العسكرية، تخللتها بعض المناوشات المتبادلة بين الطرفين، فقرر الانتقال إلى جانب المدينة الشمالي.
وفي يوم الجمعة 25 أيلول بعد خمسة أيام من بدء الحصار، بعث “صلاح الدين” إلى الصليبين رسولاً يقول لهم على لسانه: “إنني مثلكم أقدس هذه المدينة، وأعرف أنها بيت الله، وأنا لم آت إلى هنا كي أدنس قداستها بسفك الدماء، فإذا سلمتموها لي فإنني أخصص لكم قسماً من خزائني أمنحكم من الأرض بمقدار ما تستطيعون القيام به من أعمال”. وانتظر الرد، ولكن الصليبيين كانوا قد جمعوا ستين ألفاً من الفرسان وعقدوا اجتماع مشورتهم. وجاء ردهم إلى “صلاح الدين” بالتالي: “إننا لا نقدر أن نسلمك مدينة قد مات فيها إلهنا بالجسد، وبأكثر من ذلك نحن لا نقدر أن نبيعها”.
بعد هذا الرد، لم يكن أمام صلاح الدين سوى القتال، وأمر بنصب المنجنيقات على المرتفعات وأعد العدة للحرب.
واختار الصليبيون لقيادتهم في هذه المعركة الفاصلة القائــد “باليان ده ايبالين”، أحد القلائل الذين تمكنوا من الهرب في معركة حطين، وأخذوا بجمع سبائك الذهب والفضة، ونزع زينة الكنائس وضرب عملة لتعينهم على أمور القتال.
وبدأت المناوشات بين الجانبين، فأوشك المسلمون على اقتحام أسوار المدينة، واكتسحوا الخنادق والتحصينات، وعم الفزع بين السكان اللاتين؛ فألقوا الأسلحة، وتم التضرع والبكاء، وعقد الصليبيون مجلس شورى، وقرروا طلب الأمان من صلاح الدين نظير التسليم، فرد صلاح الدين ذلك العرض، وقال لهم: “كما أخذتم هذه المدينة بالسيف، فلا بد أن أستردها بالسيف، وسوف أبيد الرجال وأستولي على الأموال”. ولكنهم ألحوا ثانية في طلب الأمان، وإزاء رفض صلاح الدين لذلك، كشفوا عن مخطط كانوا قد اتفقوا عليه، فقال “باليان” المبعوث الصليبي للسلطان صلاح الدين: “إننا إذ يئسنا من النجاة من سيوف جندك، فإننا سنهدم المعبد والقصر المملوكي، وننقض حجارتها حتى الأساسات وسنحرق الأمتعة والكنوز والأموال في خزائن المدينة، كما سنهدم جامع عمر وقبة الصخرة، اللذين هما موضوع ديانتك، وسنقتل ما لدينا من أسرى في سجون المدينة، منذ سنوات وعددهم خمسة آلاف رجل، وسنذبح نسائنا وأولادنا بأيدينا حتى لا يقعوا في أسركم”.
وبعد أن تصبح المدينة رديما ومدفنا واسعاً، سنخرج للقتال، قتال اليأس من الحياة، ونحن ستون ألف مقاتل لن يفنى أحد منا حتى يقتل واحداً من جنودك … فامنحنا الأمان نسلمك المدينة دون أن يمسها أحد من الطرفين بسوء ؟!
شهدت خيمة “صلاح الدين” مجالسا للمشورة ضمت الأمراء والقادة. ومنعاً لسفك الدماء التي تحرك المزيد من الأحقاد، تم الاتفاق على أن تسلم المدينة مقابل أن يرحل منها كل اللاتين غير العرب الذين استوطنوها بعد الغزو الصليبي، وأن يكون رحيلهم في غضون أربعة أيام، وان يكون لهم جميع ما يملكون من نفائس وأموال، وذلك في نظير فدية قدرها عشرة دنانير للرجل وخمسة للمرأة ودينار واحد لكل طفل.
وفي يوم الجمعة 3/ تشرين أول سنة 1187م، الذي يوافق ذكرى الإسراء والمعراج، تم التوقيع على نسختي المعاهدة بالتسليم، ودخل العرب المسلمون المدينة المقدسة.
فانشغل اللاتين والصليبيون بجمع المال والمتاع استعداداً للرحيل، وفي يوم الاثنين 5/ تشرين أول، أغلقت جميع أبواب المدينة، وأقيم لصلاح الدين عرش عند هذا الباب كي تمر من بين يديه جموع الخارجين.
وبهذا بدأ حكم صلاح الدين وأحفاده للقدس جيلاً وراء جيل، حتى جاء المماليك المسلمون، وحكموا القدس في 1489م. وفي هذه الفترة انتشر الطاعون في القدس، وبقى أربعة شهور، حتى كان يموت بسببه حوالي مائة شخص يومياً، وقد أتى هذا المرض على القلة القليلة من اليهود التي كانت موجودة في القدس.
وكانت هذه هي نهاية مرحلة عظيمة من المتاعب والأحداث الهامة في القدس إلى ما بعد انتهاء الحكم العثماني.
الحكم العثماني 1516-1831م
بعد الانتصار الحاسم الذي حققه السلطان سليم الأول في معركة مرج دابق “شمال سوريا”، في 1516م، دخل العثمانيون القدس بتاريخ 28 ديسمبر 1516م (الرابع من ذي الحجة 922هـ). وبعد هذا التاريخ بيومين، قام السلطان بزيارة خاصة للمدينة المقدسة، حيث خرج العلماء والشيوخ لملاقاة “سليم شاه”، وسلموه مفاتيح المسجد وقبة الصخرة. ومن ثم قدم السلطان الهدايا لأعيان البلد جميعاً، وأعفاهم من الضرائب الباهظة، وثبتهم في وظائفهم.
وفي فترة حكم سليمان (1520- 1566م)، نعمت القدس بأزهى أيامها بدون أسوار، كان سلاطين بني عثمان يكنون احتراماً خاصاً للقدس، بوصفها ثالث المدن المقدسة في الإسلام، وفي هذه الفترة بدأ التعمير بترميم شامل لقبة الصخرة بإيعاز من السلطان سليمان، وتم ترميم وبناء سور المدينة العظيم الموجود حتى الآن، وبقيت المدينة بدون أسوار لمدة تتجاوز الثلاثمائة عام منذ دمر الملك “عيسى الأيوبي” أسوارها سنة 1219م.
وبلغ طول السور حوالي ثلاثة كيلومترات، ومعدل ارتفاعه 12متراً، ويبلغ عدد أبراج السور في الوقت الحاضر 34 برجاً، وله سبعة أبواب مفتوحة: ستة منها تحمل نقوشا تسجل تاريخ بنائها، وأربعة أخرى مغلقة.
واستمرّ بناء السور خمس سنوات (1536- 1540م)، واقتضى نفقات طائلة، وكان الهدف من بناء وترميم السور، يتمثل في حماية المدينة من الغزو الأجنبي، ومن غارات الغربان.
كما أولى السلطان المشكلة الدائمة المتمثلة في ضرورة توفير المياه عناية كبرى؛ فخصصت مبالغ كبيرة من المال لبناء المنشآت المائية وإصلاحها وصيانتها، كالقنوات والبرك والأسيلة والحمامات.
وفي أواسط القرن السادس عشر، أقيمت في القدس مؤسسة مهمة، هي تكية أو عمارة (رباط ومطبخ) خاصكي سلطان، وقد أنشأتها (خاصكي سلطان) زوجة سليمان الروسية الأصل سنة 1551م، وسرعان ما أصبحت من أهم المؤسسات الخيرية في فلسطين، وكانت التكية مجمعاً بنائياً ضخماً، يضم مسجداً وخاناً ورباطاً ومدرسة ومطبخاً، وكان المطبخ يقدم يومياً مئات الوجبات إلى ضيوف الرباط والصوفية والطلبة، والفقراء بشكل عام.
ويذكر أن مدينة القدس ورثت من زمن الأيوبيين والمماليك عدداً كبيراً من الأوقاف الإسلامية والمرافق العامة، التي لقيت الرعاية في الفترة العثمانية وازداد عددها، وكان لهذا الوقف الإسلامي دور كبير في حياة القدس الاقتصادية، فقد تم توظيف مئات المواطنين، وزود مئات المنتفعين بدخل ثابت، كما أنه عمل على إنعاش كافة فروع الاقتصاد.
منذ بداية الفتح العثماني، كانت القدس تتبع ولاية دمشق، وهي إحدى ثلاث ولايات تألفت منها بلاد الشام في ذلك الوقت، وقسمت كل ولاية إلى عدد من السناجق، وكان للقدس سنجقها الخاص الذي ضم الخليل والقرى المجاورة. وكان على رأس الإدارة حاكم اللواء (سنجق بك أو أمير اللواء)، وهذا المنصب مقصورعلى الأتراك العثمانيين تقريباً، وكان الحاكم رجلاً عسكرياً تمثلت واجباته الرئيسية في قيادة القوات المسلحة في السنجق أثناء الحرب، والمحافظة على النظام العام، والإشراف على الإقطاعيات العسكرية، وجباية الضرائب.
كان للحاكم نائب يدعى “الكيخيا”، وكاتب يدعى “يازجي”، ويتبعه عدد من التراجمة، وكان الفرسان الإقطاعيون “السباهية” تحت إمرة الميرالاي. أما قوات الشرطة فكان يرأسها “السوباشي”، وكان للقلعة قائد خاص يدعى “دزدار”، يرتبط مباشرة بالحكومة المركزية، وتألفت حاميتها من السباهية وغيرهم من الجنود، إلا أن قوامها الرئيس هم الانكشارية الذين كان يرأسهم “أغا”.
أما الحكم الإداري “المدني”، فكان على رأسه القاضي، وعادة ما يكون تركيا يعين من إسطنبول لمدة سنة واحدة، وكان منصب القاضي مقصوراً على الأحناف (فالمذهب الحنفي كان المذهب الرسمي للدولة العثمانية)، وكان قاضي القدس من القضاة الكبار في الدولة.
وإلى جانب القاضي، كان هناك ثلاث شخصيات دينية واجتماعية بارزة في القدس، هي: المفتي، ونقيب الأشراف، وشيخ الحرم، وكان هؤلاء الثلاثة من المقادسة الذين يعينهم السلطان.
وفيما يتعلق بالحياة الاقتصادية في بداية فترة حكم العثمانيين: فتشير سجلات المحكمة الشرعية إلى وجود خمسة فروع رئيسية من الصناع في مدينة القدس وهي:
1. الصناعات الغذائية، وتتمثل في (استخراج الزيوت وطحن الحبوب وعصر الفواكه).
2. صناعات النسيج والصباغة.
3. الصناعات الجلدية.
4. صناعة الصابون.
5. الصناعات المعدنية (الحديدية، والنحاسية).وتخللت هذه الفترة حركة تجارية نشطة، تمثلت في تصدير الصابون إلى مصر عبر ميناء غزة، والحبوب إلى مصر ويوغسلافيا (دوبرو فنيك)، أما المستوردات الرئيسية فكانت الأرز والمنسوجات من مصر، والملابس والقهوة من دمشق، وكذلك بعض المنسوجات من إسطنبول والصين والحجاز والعراق.
وكانت النشاطات الاقتصادية خاضعة لنظام ضرائبي وشملت:
– الأراضي الزراعية.
– المواشي.
– ضرائب البيع.
– الصناعات.
إضافة إلى الجزية التي كانت تجبى من المسيحيين واليهود (أهل الذمة)، وكانت تفرض على البالغين الذكور الأصحاء منهم، وكانت أدنى فئات الجزية بالإضافة إلى رسوم الحجاج، ورسوم الخفارة، ورسوم زيارة الأماكن المقدسة، ورسوم الموانئ.
وفي الثلث الأخير من القرن السادس عشر، بدأت تظهر تصدعات خطيرة في كيان الدولة العثمانية، وبدأت الدولة في تراجع دام أكثر من قرنين، منذ أوائل القرن السابع عشر.
وتعمق هذا التراجع في القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، حيث أخذ نظام الإقطاع “السباهية” (أمراء الإقطاع) بالتدهور تدريجياً، ومع قرب انتهاء حروب التوسع وقلة الغنائم، أخذ أمراء الإقطاع بالتوجه إلى الأرض والمزارعين للتعويض عن الغنائم التي خسروها، وتم استغلال الفلاحين استغلالاً جائراً، مما أدى إلى هبوط حاد في الإنتاج الزراعي، وفتح باب أزمة الإمبراطورية على مصراعيه، بالإضافة إلى أسباب أخرى، مثل: اكتشاف الطريق البحري إلى الهند، وتحويل الطرق التجارية عن آسيا، والازدياد الكبير للفضة في أسواق البحر الأبيض المتوسط مع اكتشاف أمريكا، وكذلك ثورات الفلاحين في تركيا والولايات الأخرى.
وكان لهزيمة العثمانيين في معركة “ليبانتو” البحرية سنة1571م، أمام أعضاء الحلف المقدس بمثابة الإنذار الأول، وفي السنوات الأخيرة من القرن السادس عشر، وبداية السابع عشر، كانت الدولة في حالة حرب مع كل من النمسا وبلاد فارس، وفي الوقت نفسه، كانت هناك ثورة الفلاحين في الأناضول (1598- 1605م).
وحفلت السنوات الأخيرة من القرن السابع عشر بالانتكاسات المتلاحقة؛ لما سببته الحروب مع النمسا من خسائر فادحة، وهزيمة الجيش العثماني أمام أسوار فينيا (1683م). وفي العقد الأخير من القرن اشتركت روسيا مع النمسا في حربها ضد العثمانيين، وبعد الهزائم العسكرية عقد “صلح كارلوفيتس” في سنة 1699م، وأسفرت عن خسائر كبيرة في الأرض سواء في البلقان أو جنوبي روسيا، واستغلت فرنسا صعوبات الدولة لفرض نسخة جديدة من الامتيازات الأجنبية عليها في سنة 1673م.
وكان لهذه التطورات آثار سلبية في القدس، وصاحب ذلك تدهور في الأمن العام، وخصوصا على الطريق المؤدية للمدينة.
وفي غضون ذلك صعد البدو هجماتهم على قوافل الحجاج، وفرضوا عليهم الإتاوات، حتى هاجمهم حاكم سنجق القدس “خذا وردي” والحق بهم هزيمة. ومن أجل حماية الأمن العام والمحافظة عليه، أنشئت عدة قلاع، وزودت بالرجال والأسلحة. وفي سنة 1630م، بنى السلطان مراد الرابع (1622- 1639م)، قلعة كبيرة عند برك سليمان لحماية الينابيع والبرك التي تزود القدس بالماء من قطاع الطرق، وما يزال مبنى القلعة إلى الآن.
بيد أن هذه الإجراءات لم تنجح، ويرجع السبب في ذلك إلى تورط الحكومة العثمانية في الحروب، فلم تتمكن من تخصيص الأموال والقوات الكافية لذلك؛ مما أدى إلى تخوف أهل القدس من عدم الاستقرار، ومن المطامع الأوربية في المدينة، وانعكس هذا القلق في عريضة وجهت إلى السلطان “مصطفى الأول” سنة 1621م، على غرار فرمان سلطاني صدر في تلك السنة بتعيين “سيودا رامون” قنصلاً فرنسياً مقيماً في القدس.
وعندما تردت العلاقات بين الدولة وفرنسا إبان حكم “مراد الرابع”، الذي طرد اليسوعيين من إسطنبول (بتحريض من السفيرين البريطاني والهولندي عام 1628م)، أصـدر “مراد الرابع” ثلاث فرمانات سنة 1634م، منح بموجبها الروم حق التقدم على اللاتين في الاحتفالات الدينية في القبر المقدس، وألغيت هذه الفرمانات الثلاثة إثر تدخل “لويس الثالث عشر”، وفي سنة 1673م، نجحت فرنسا في تجديد الامتيازات الأجنبية، وتأكيد دورها “كحامية للكاثوليك”. ومن ناحية أخرى تدخلت النمسا وحصلت على امتيازات خاصة للآتين سنة 1642م، كما أرغمت بولندا الحكومة العثمانية على إعادة الفرنسيين (الفرنسيسكان) إلى القبر المقدس، في المعاهدة التي عقدتها مع الباب العالي سنة 1676م.
كما وحصلت النمسا بموجب(اتفاقية كارلوفتس)سنة 1699م، على حق تمثيل المصالح المسيحية، فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس. وقد لاقى العثمانيون صعوبات جمة في محاولتهم حل المطالب المتناقضة حول التقدم والأسبقية في الأماكن المقدسة للمسيحيين، وكانت المشاجرات بين الطوائف غالباً ما تشتد وتتحول إلى صدامات دامية، ولا سيما في سنوات 1666، 1669، 1674 من القرن السابع عشر والقرون التالية له.
وبعد معاهدة (كارلوفيتس 1699)، والتي أعقبتها سلسلة من الحروب والأزمات السياسية والهزائم التي منيت بها الحكومة العثمانية طوال القرن الثامن عشر، في حروبها مع روسيا والنمسا والبندقية والفرس، ومرة أخرى مع النمسا وروسيا، وبينما كانت الحروب مستمرة، كان الضعف يدب باستمرار في أجهزة الدولة، ومما ساعد على ذلك، نظام الوراثة في الحكم، والالتفات لقضاء الشهوات، مما أدى إلى انتشار الفساد العام في أركان الدولة، بينما كانت تنفق على الحروب وعلى ترف الحكام من خلال فرض الضرائب وزيادتها باستمرار، مما أدى إلى إفقار الشعب، وقتل حماس العمال والفلاحين، الذي أدى إلى تشتتهم وتنظيمهم للثورات المسلحة.
وفي القدس نفسها بدأ القرن الثامن عشر بثورة، كـان على رأسها نقيـب الأشراف “محمد بن مصطفى الحسيني”، واستمرت سنتين، وكانت بسبب سياسة التسلط والانتهازية في فرض الضرائب الباهظة على السكان والفلاحين؛ فحمل الأهالي السلاح وهاجموا القلعة، وأطلقوا سراح السجناء، وبعد ذلك أرسل الوالي حوالي 2000 من الإنكشارية والجنود إلى القدس، وتمكنوا من احتلال المدينة سنة 1705م، وتم اعتقال “النقيب”، وأرسل إلى إسطنبول ونفذ فيه حكم الإعدام سنة 1707م.
وفي أواخر القرن الثامن عشر و أوائل القرن العشرين، واجهت الدولة العثمانية تهديدين رئيسيين: الأول من مصر، والثاني من البلقان، ففي عام 1798م، غزا نابليون بونابرت مصر، وفي السنة الثانية زحف إلى سوريا، وانتهت حملته بالفشل أمام أسوار عكا. فقد أثارت أنباء نزول الجيش الفرنسي في الإسكندرية الذعر والغضب في القدس، وأدت إلى مهاجمة الأديرة، وأخذ الرهبان كرهائن، بيد أن والي الشام أمر بالتروي وبحماية الأديرة، طالما أنهم يدفعون الجزية، ولا يظهرون علامات الخيانة.
وعندما سمع الوالي أنباء قيام الفرنسيين بإرسال بعض الرسائل إلى سكان القدس، أمر بأن تسلم هذه الرسائل إلى السلطان على الفور، والتف أهالي فلسطين والقدس حول الحكومة العثمانية، فأرسل الشيخ “موسى الخالدي” قاضي عسكر الأناضول منشوراً إلى أهل فلسطين دعاهم فيه إلى القتال ضد نابليون.
وفي سنة 1804م، توفي الجزار والي الشام ووالي القدس بدوره، حيث تلاه سليمان باشا (1804- 1818م)، وتلاه عبد الله باشا (1818- 1831م)، وبعد ذلك تولي القدس عدد من الحكام المحليين.
ومن سنة 1808م إلى1831م (وهي نهاية الفترة الأولى في الحكم العثماني)، عاشت القدس سلسلة من الاضطرابات والثورات.
سكان القدس في العهد العثماني
الأكثرية الساحقة من سكان مدينة القدس، من أهلها المسلمين العرب، وهناك نسبة صغيرة من المسلمين الذين اختاروا الإقامة فيها، بعد أن وفدوا إليها من أقطار إسلامية وعربية عديدة، مثل المغرب ومصر وسوريا والعراق وغيرها من دول أسيا الوسطى.
أما المسيحيون، فلم تعدهم الدولة طائفة واحدة. فقد كانوا منقسمين إلى عدد من الطوائف والقوميات (لاتين، وروم، وأرثوذكس، وأرمن، وأقباط، وأحباش، وصرب، وسريان، وكرج…الخ)، غير معظمهم كانوا من الروم الأرثوذكس العرب، وكانت العلاقات بين الطوائف المسيحية طوال العهد العثماني (وخصوصاً في القرن السابع عشر والقرون التالية) مشحونة بالمنازعات والخصومات.
أما اليهود، فقد تمتعوا بقسط من الحرية الدينية في فترة الحكم العثماني، لم يحظوا بمثله في أي من البلدان الأوربية، ولم تتخذ ضدهم أية إجراءات، من شأنها أن تساعد على التمييز بينهم وبين السكان، وقد نتج عن ذلك قيام علاقات متينة بينهم وبين الجاليات اليهودية الأخرى في الإمبراطورية العثمانية، التي ازداد عددها بشكل ملحوظ بوصول الكثيرين من اليهود بعد إقصاءهم وتشريدهم عن أسبانيا والبرتغال سنة 1492م.
وبعد سماح السلطات العثمانية لهم بالعيش في فلسطين، وبحلول سنة 1522م، أصبحت في القدس جالية يهودية “سفارادية” تزايد نموها خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، بوصول بضع مئات من اليهود “الحسيديم” من بولونيا سنة 1777م؛ مما ساهم في تأسيس طائفة أشكانازية في المدينة إلى جانب الطائفة “السفارادية”. وفي سنة 1806م أصبح عدد اليهود في القدس 2000 نسمة، وقفز بحلول سنة 1819م إلى 3000 نسمة.
وتعززت هذه الجالية خلال العقدين التاليين بوصول العشرات من يهود صفد، الذين هجروا مدينتهم بسبب الهزات الأرضية التي تعرضت لها خلال السنوات 1834- 1837م.
وكان قد طرأ تحسن على مركز اليهود في الإمبراطورية العثمانية بشكل عام والقدس بشكل خاص، وتعزز ذلك بعد حصول “مونتفيوري” الثري اليهودي البريطاني، وآخرون على فرمان من الحكومة العثمانية في تشرين أول/ أكتوبر1840م، يكفل حماية اليهود، ويضمن لهم حرية معتقداتهم الدينية؛ فاعترفت الحكومة العثمانية بالحاخام السفارادي الأكبر “الحاخام باش”، رئيسا للطوائف اليهودية في الإمبراطورية، ومنحته صلاحية الموافقة على انتخاب حاخام سفارادي أكبر ليهود فلسطين “هاريشون لتسيون”، تكون القدس مقراً له، باعتباره رئيساً وممثلاً لكل اليهود في فلسطين، ويمارس صلاحيات إدارة شؤونهم الدينية والدنيوية، وكذلك صلاحيات قضائية وسياسية،وتنفذ السلطات العثمانية الحاكمة قراراته؛ مما ركز دعائم الجالية اليهودية في فلسطين والقدس.
مع منتصف القرن التاسع عشر، برز ضعف الإمبراطورية العثمانية نتيجة لعدة أسباب أهمها:
نجاح ثورة محمد علي 1831م، التي لم تستطع إسطنبول قمعها إلا بمساندة الدول الغربية. وكذلك خلال حرب القرم عام1856م؛ مما أدّى إلى ازدياد مطامع الغرب واهتمامهم بالمنطقة، وتدخلهم في الشؤون العثمانية، من خلال توسيع نظام الامتيازات؛ مما أدّى إلى شعور المواطنين اليهود والمسيحيين بأنهم مواطنون للدول الأجنبية ويجب حمايتهم بواسطة قناصلها المنتشرين في إنحاء الإمبراطورية، وأدى ذلك إلى الاهتمام المتزايد من قبل الدول الغربية لفتح قنصليات جديدة في القدس، لرعاية مصالحها، وتقدم الحماية لرعاياها، لا سيما اليهود منهم، مما أدّى إلى ازدياد عددهم باطراد.
وقد قدمت هذه القنصليات خدمات جليلة لليهود في القدس خاصة، وفلسطين عامة، وساعدتهم على تعميق جذورهم فيها، وذلك بواسطة ثني السلطات العثمانية عن تطبيق القوانين المرعية عليهم، وساعدتهم على شراء الأرض واستيطانها. وعلى إثر الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في روسيا القيصرية وبولندا سنة 1881م، وما ترتب عليه من هجرة يهودية إلى فلسطين ارتفع عدد الجالية اليهودية في القدس من 6000 نسمة تقريبا سنة1866م، إلى ما يقارب 14000 نسمة سنة 1887م، و20.000 نسمة سنة 1890م، ليرتفع إلى 28000 نسمة سنة 1895م، وفي سنة 1912م، قفز عددهم إلى 48.000، وأصبحوا يشكلون أكثريه في القدس، ولكن ما لبث أن هبط عددهم إلى 21000 مع نهاية ضالحرب العالمية الأولى عام 1918م، نتيجة للظروف الصعبة التي مرت بها البلاد أثناء الحرب.
الانتداب البريطاني 1917- 1948م
احتل الحلفاء مدينة القدس في 9 ديسمبر 1917م، وأنشأت بريطانيا حكومة عسكرية في فلسطين، قبل أن تكمل احتلالها لشمال فلسطين، في سبتمبر 1918م.
عينت الحكومة الإنجليزية الجنرال “كلايتون” على رأس الإدارة العسكرية في فلسطين، والتي عملت بمساعدة لجنة صهيونية أرسلت إلى فلسطين، بموافقة الحكومة البريطانية على وضع التدابير الضرورية، التي من شأنها أن تضع السياسة التي انطوى عليها تصريح بلفور، موضع التنفيذ.
لقد عين الجنرال كلايتون حكاماً عسكريين في مدن فلسطين، وعين حاكماً عاماً لمدينة القدس، وهو”الكولونيل رونالدستورز”، الذي تسلم وظيفته في 28 ديسمبر 1917م، وعين كذلك عدداً من المسيحيين العرب، في وظائف مترجمين وكتبة، علماً بأن معظم الوظائف الرئيسية احتلها موظفون يهود.
الإدارة العسكرية:
أخذت الإدارة العسكرية تعمل على تنظيم دوائر الإدارة في فلسطين؛ فنظمت المحاكم المدنية، التي بقيت معطلة في فلسطين حتى أواسط عام 1918م. ومعنى ذلك، أن القضاء كان يتبع الأحكام العسكرية. وأصدرت الإدارة العسكرية بعد ذلك قراراً بإنشاء محكمة استئناف في القدس، كما أنشئت محكمتان ابتدائيتان في القدس، تخدم قضاء القدس والخليل وبئر السبع.
كما اهتمت الإدارة العسكرية بالشؤون المالية للبلاد، فأدخلت العملة المصرية إلى فلسطين، وجعلتها العملة الرسمية. كما أصدرت تعرفة رسمية حددت فيها أسعار النقود الرسمية بالنسبة للعملة المصرية، وأصدرت قانوناً للضرائب، وحددت الأسعار، وأسس الحكام العسكريون شركات اقتصادية لبيع الأقمشة التي تستورد من مصر، وألغت الإدارة العسكرية معاملات الأراضي وأغلقت دوائر الطابو.
وأوكلت بريطانيا مهمة حفظ الأمن في مدينة القدس إلى حراس من المسلمين الهنود، ممن كانوا جنوداً في الجيش البريطاني المحتل لفلسطين. وأصبحت المحافظة على الأمن منوطة بالإدارة العسكرية، لكن الإدارة العسكرية سمحت للمستوطنات اليهودية بإنشاء حرس خاص لها، وظل هذا الوضع سارياً حتى في زمن الإدارة المدنية. أما من الناحية الإدارية، فقد قسمت فلسطين إلى عدة ألوية، يحكم كل لواء حاكم إنجليزي وقسم اللواء الواحد إلى عدد من الأقضية، ويطلق على حاكم القضاء (قائم مقام)، وغالباً ما يكون من العرب. واقتصرت المناصب الرئيسية والعليا في حكومة فلسطين على الإنجليز واليهود، فكان منهم المندوب السامي، والسكرتير العام، وقاضي القضاة، وحكام الألوية.
ومنذ احتلال القدس، ظهر التواطؤ الاستعماري البريطاني مع الصهيونية. فقد سمحت بريطانيا لوفد صهيوني برئاسة “حاييم وايزمن” بالحضور إلى القدس، وقام الكولونيل “رونالد ستورز” حاكم القدس العسكري ببذل مساعيه ليعقد اجتماعات بين الوجهاء والأعيان الفلسطينيين من جهة، وأعضاء اللجنة الصهيونية والتي كانت تقوم بشرح أهداف الزيارة لإزالة مخاوف الفلسطينيين من إقامة الوطن القومي اليهودي في بلادهم ، من جهة أخرى. وحاول (ستورز) إقناع أعيان المسلمين ببيع ممر حائط المبكى مقابل 80 ألفاً من الجنيهات، الأمر الذي رفضه المسلمون.
ومن جهة أخرى، كان أعيان ووجهاء القدس قد أبدوا استياءهم واستنكارهم من خطاب الجنرال اللنبي، الذي احتل القدس في 11 ديسمبر 1917م، حيث أظهر غطرسته أثناء إلقاء خطابه أمام حشد كبير من أعيان القدس وضواحيها، وخاصة عندما قال جملته المشهورة: (اليوم انتهت الحروب الصليبية).
ولم تكتف الإدارة العسكرية بالسماح للجنة الصهيونية بزيارة القدس، ومحاولتها شراء ممر حائط المبكى. بل سمحت للجنة الصهيونية برئاسة “حاييم وايزمن”، أن تعقد اجتماعات في مدن فلسطين التي زارتها، فعقدت اللجنة الصهيونية مؤتمرها في مدينة يافا، وأعلن فيه اليهود برنامجاً متكاملاً من أجل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقرروا أن يكون لليهود حق تقرير شؤونهم واتخاذ (نجمة داوود) شعاراً للعلم الصهيوني، واستعمال أرض إسرائيل بدلا من فلسطين. وقوبلت البعثة الصهيونية بمظاهرات واحتجاجات عرب فلسطين، التي عمت معظم مدن فلسطين، وخلال ذلك شعر الفلسطينيون بعمق التحالف البريطاني/ الصهيوني؛ مما دعاهم إلى تشكيل الجمعيات وإقامة المؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية في القدس وغيرها، ومن أهمها النادي العربي في القدس برئاسة “الحاج أمين الحسيني”، والجمعية الإسلامية، وجمعية الفدائية، والمنتدى العربي، ونادي الإخاء وغيرهم.
وتمحورت نشاطات هذه الجمعيات في تسليح الأعضاء بالأسلحة الخفيفة، وتدريس بعض الشبان اللغة العبرية لمتابعة ما ينشر في الصحف اليهودية، وتعليم الأطفال مبادئ الوحدة العربية، والعمل على بث الدعاية بين بدو شرق الأردن، وتركيز الجهد على الضباط الفلسطينيين في عمان؛ حتى يكونوا على أهبة الاستعداد إذا أعلنت سياسة موالية للصهيونية. كما تم تشكيل جمعية إسلامية/ مسيحية، يهدف برنامجها إلى مقاومة السيطرة اليهودية ومكافحة النفوذ اليهودي والحيلولة دون شراء اليهود للأراضي.
وقام اليهود في 2/11/1918م، بتنظيم الاحتفالات في الذكرى الأولى لوعد بلفور؛ مما حدا بالفلسطينيين القيام بمسيرات معاكسة؛ عندها هددت بريطانيا الشعب الفلسطيني، بإلقاء القبض على أي شخص يقوم بالتظاهر، ورغم ذلك قامت أول تظاهرة فلسطينية في القدس وعلى رأسها “موسى كاظم الحسيني” رئيس بلدية القدس. وعلى إثر هذا أصدر الحاكم العسكري البريطاني في القدس وثيقة في 7/11/1918م، تضمنت أهداف بريطانيا من الحرب في منطقة الشرق الأوسط، وهو تحرير الشعوب من الحكم التركي، وتأسيس حكومات تقوم على اختيار الأهالي لها اختياراً حراً.
ونتيجة لذلك عقد أول مؤتمر عربي فلسطيني في القدس في الفترة ما بين 27/ يناير- 10/ فبراير 1919م، حضره سبعة وعشرون مندوباً عن الجمعيات الإسلامية والمسيحية من مختلف أنحاء البلاد، برئاسة “عارف الداوودي الدجاني”، وأعلن المؤتمر أن قراراته تعبر عن أماني ومطالب شعب فلسطين، وتتمثل في اتحاد فلسطين مع سوريا، واعتبارها جزءاً منها، ومنع الهجرة اليهودية، ومنع قيام وطن قومي يهودي، كما أشارت إلى أن اليهود الذين يقطنون فلسطين يعتبرون مواطنين يتمتعون بكافة الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطنون العرب، غير أن الجنرال اللنبي منع إصدار هذا المنشور.
الإدارة المدنية البريطانية:
طبقا للمخططات البريطانية، وما تقتضيه مصلحة الحركة الصهيونية، تم إنهاء الإدارة العسكرية، وإحلال الإدارة المدنية مكانها بإسم (حكومة فلسطين)، ورفعت الأعلام البريطانية على جميع الدوائر الحكومية في فلسطين، وصاحب ذلك، الإعلان عن تولي “هربرت صموئيل” سلطاته كأول مندوب سام على فلسطين، منذ أول يوليو 1920م. وقد تولى صموئيل رئاسة المجلس التنفيذي الذي تكون من:
• السكرتير العام: وهو نائب الرئيس، ويضطلع بشؤون الإدارة، وتولاه (ويندهام ديدس).
• السكرتير المالي: ويختص بالشؤون المالية والاقتصادية.
• السكرتير القضائي: ويختص بالشؤون العدلية والقانونية، وتولاه (نورمان بنتويش).
وشكل “صموئيل” مجلساً استشارياً يتكون من عشرين عضواً نصفهم من الإنجليز، وسبعة منهم من العرب، وثلاثة من اليهود، وتكون وظيفته الاستشارية فقط.
ومع بدء تولي صموئيل سلطاته كمندوب سام على فلسطين، دعا ممثلين عن جنوب فلسطين ليجتمع بهم في القدس بتاريخ 7 /يوليو1920.
وفي 8 يوليو اجتمع إلى ممثلين عن شمال فلسطين في حيفا، وألقى بياناً حول السياسة البريطانية في فلسطين، وتلا على المجتمعين رسالة الملك جورج الخامس، التي أكثر فيها من امتداح النزاهة المطلقة التي تتبعها الدولة المنتدبة، وأكد تصميم حكومته على احترام حقوق جميع الأجناس والعقائد في فلسطين، وأخذ يشرح القواعد الأساسية للحكومة وأعمالها، وتحدث عن الوطن القومي لليهود، وأعلن أن قيام الوطن القومي لليهود يساعد على نهوض أحوال البلاد اقتصادياً.
وبذلك أوضح صموئيل النقاط الأساسية التي جاء من أجل تنفيذها، والعمل على تثبيتها في فلسطين، التي تمثل هدفة الرئيس في وضع الأسس الكفيلة بإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، ولذلك؛ فقد فتح فلسطين للهجرة اليهودية، وحددها سنوياً 1650 مهاجراً، وعمل على إنشاء لجنة للأراضي، كان هدفها تسهيل عمليات البيع لليهود، ومنح اليهود استثمارات ومشروعات كبرى، منها مشروع “روتنبرغ” للكهرباء، ومشروع “بوتاس البحر الميت”، وغيرها من المشاريع الهامة والإستراتيجية في فلسطين، كما اعتمد اللغة العبرية لغة رسمية في البلاد، مع أن غالبية الشعب عربي مسلم، وتم عرض برنامج صموئيل هذا على مجلس العموم البريطاني، فوافق عليه في 27 /أكتوبر 1920م
وهذه كانت البداية الحقيقية التي أزاحت اللثام عن الوجه الزائف للاحتلال البريطاني؛ الأمر الذي أثار صراعاً سياسياً في البلاد منذ بداية الانتداب حتى نهايته، أكد الشعب العربي الفلسطيني خلاله عزمه على مكافحة السياسة الاستعمارية والسياسة الصهيونية الاستيطانية ومقاومتهما، فأعلن حرباً على الصهيونية.
وقامت المظاهرات والثورات المتلاحقة، وعقدت المؤتمرات التي نددت بالصهيونية والاستعمار، وشكلت الحركات والأحزاب الثورية والمجالس والجمعيات النقابية والوطنية، وكرست كل جهدها لمقاومة الاستعمار وسياسة التهويد التي ينتهجها.
وفي شهر آذار/ مارس 1921م، أصدر المندوب السامي “هربرت صموئيل” أمراً بتشكيل مجلس إسلامي أعلى يشرف على إدارة الأوقاف الإسلامية، وتعيين قضاة المحاكم الشرعية، وعرف بالمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، ومركزه القدس، وتألف من رئيس العلماء وأربعة أعضاء، وأنيطت به إدارة ومراقبة الأوقاف الإسلامية، وتعيين القضاة الشرعيين ورئيس وأعضاء محكمة الاستئناف الشرعية، واختير مفتي القدس “الحاج أمين الحسيني” رئيساً للمجلس الإسلامي الأعلى، وذلك بعد وفاة أخيه “كامل الحسيني” في عام 1922م.
لقد اهتم المجلس بالأوقاف الإسلامية والمحاكم الشرعية والمعاهد الدينية، وغيرها من المؤسسات الإسلامية، ولا سيما المسجد الأقصى.
التنظيم البلدي خلال فترة الانتداب:
قام الجنرال اللنبي بعد فترة قصيرة من دخوله القدس، باستدعاء ماكلين (Mclean)، مهندس مدينة الإسكندرية، لوضع الخطة الهيكلية الأولى لمدينة القدس، والمقاييس والمواصفات والقيود المتعلقة بالبناء والتطوير فيها، وقام الأخير بوضع أول مخطط هيكلي لها سنة 1918م، كان أساساً للمخططات التي تلته، وبناءً على هذا المخطط تم تقسيم المدينة إلى أربعة مناطق:
1. البلدة القديمة وأسوارها.
2. المناطق المحيطة بالبلدة القديمة.
3. القدس (العربية).
4. القدس الغربية (اليهودية).
ونصت الخطة على منع البناء منعاً باتاً في المناطق المحيطة بالبلدة القديمة، ووضَعت قيوداً على البناء في القدس “العربية”، وأعلن عن القدس الغربية “اليهودية” كمنطقة تطوير.
وقد اتسم هذا المخطط بتعزيز الوجود اليهودي في المدينة، كما عمل على إحاطتها بالمستوطنات؛ لمنع أي توسع عربي محتمل، ومحاولة السيطرة على الحكم البلدي، كخطوة نحو الاحتلال الكامل للمدينة، وتحويلها إلى عاصمة للدولة اليهودية.
وقامت سلطات الانتداب بحل المجلس البلدي، وتعيين لجنة من ستة أعضاء لإدارة البلدية، تتألف من اثنين من كل طائفة، وكان يرأس هذه اللجنة أحد أعضاء المسلمين، وينوب عنه في حال غيابه عضوان من الطائفتين الأخريين، ويقومان بمهام الرئيس بالتناوب.
ومع تطبيق الإدارة المدنية عام1920م، أعيد تشكيل هذه اللجنة، حيث عينت السلطات البريطانية مجلساً استشارياً لإدارة شؤون البلدية، يتكون من 17 عضواً: منهم عشرة ضباط بريطانيين، وأربعة أعضاء مسلمين، وثلاثة أعضاء يهود. ثم استبدل هذا المجلس بمجلس آخر يرأسه عربي، يتكون من 12 عضواً نصفهم من العرب (4 مسلمون +2 مسيحيون)، والنصف الباقي من اليهود.
وخلال الفترة ما بين 1918- 1947م، خدمت مجموعة من العوامل الخارجية، مساعي الحركة الصهيونية؛ فمع تزايد أعمال العنف ضد اليهود في مختلف أنحاء أوروبا، وصعود النازية إلى الحكم في ألمانيا سنة 1933م، ازدادت هجرة اليهود من دول أوروبا إلى فلسطين، بتشجيع سلطات الإنتداب البريطاني. فقفز عدد المستوطنين اليهود من عشرة آلاف عام 1918م، إلى ما يعادل 25% من مجموع السكان.
لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد السكان في القدس وفلسطين، قبل إجراء الإحصاء التركي عام 1914م، والذي يلخصه كتاب إحصاء فلسطين الصادر عام 1922م والذي بموجبه بلغ عدد سكان فلسطين “689.273” ألف نسمة، منهم أقل من 60 ألف يهودي، وما لبث أن انخفض عدد اليهود إلى النصف خلال الاضطراب الذي أحدثته الحرب العالمية الأولى.
في حين تشير المعلومات الإسرائيلية، أن سكان القدس بلغ عددهم عام 1917م (323.000) نسمة. ولو صح هذا الرقم، فانه يعني أن جميع اليهود في فلسطين كانوا يقطنون القدس.
ملكية مساحة الأراضي خلال الانتداب البريطاني:
– أملاك عربية 40%.
– طوائف مسيحية 13.86%.
– أملاك يهودية 26.12%.
– حكومية وبلدية 2.90%.
– طرق وسكك حديدية 17.12%.
حيث تركز تقارير السكان المنشورة في الوثائق الإسرائيلية، على معلومات مغلوطة عن نسبة عدد السكان؛ وذلك لتجنب المناطق الجغرافية التي يقطنها العرب، لأن تعيين الحدود البلدية خلال عهد الانتداب رسم بطريقة ترتبط بالوجود اليهودي. حيث امتد خط الحدود ليشمل جميع الضواحي اليهودية التي أقيمت غربي المدينة، فقد امتد الخط من هذا الجانب إلى عدة كيلومترات، بينما اقتصر الامتداد من الجوانب الشرقية والجنوبية على بضع مئات من الأمتار، فنجد خط الحدود يقف بإستمرار أمام مداخل القرى العربية المجاورة للمدينة؛ مما أدى إلى بقاء قرى عربية كثيرة، خارج حدود البلدية، مثل: (سلوان، العيسوية، الطور، دير ياسين، لفتا، شعفاط، المالحة، عين كارم، بيت صفافا)، على الرغم من تداخلها والتصاقها بالمدينة.
لقد أثارت السياسة البريطانية مخاوف الشعب الفلسطيني، حيث دعمت بريطانيا إقامة الوطن القومي اليهودي، وكانت سبباً للأرقام المتصاعدة من المهجرين اليهود إلى فلسطين،وأظهرت هذه الأرقام أن هذه الهجرة ستحيل العرب الفلسطينيين إلى أقلية في بلادهم خلال فترة وجيزة؛ فقام الشعب الفلسطيني بعدد من الثورات ضد سياسة الهجرة واستملاك الأراضي، وكان من أبرزها ثورات 1920، 1929، 1933، وثورة 1936م، التي استمرت إلى 1939م، حيث كانت القدس مركز هذه الثورات و نقطة الانطلاق.
وحاول البريطانيون طيلة فترة الانتداب التوصل إلى “تسوية” بين العرب واليهود، وقدموا العديد من المشاريع التي تعزز مكانة اليهود في فلسطين والقدس. فعلى أثر ثورة 1929م، ارتأت حكومة الانتداب تقسيم فلسطين إلى كانتونات (مقاطعات)، بعضها عربي والبعض الآخر يهودي، يتمتع كل منها بالحكم الذاتي في ظل الانتداب، ولكن العرب في فلسطين قاوموا هذا المشروع وأحبطوا أغراضه.
وعاودت بريطانيا طرح فكرة التقسيم من جديد في أعقاب ثورة 1936م، إذ شُكلت على أثرها لجنة تحقيق ملكية (لجنة بيل Peal)، خرجت بتوصية مفادها (تقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية، وعربية، ووضع القدس تحت نظام دولي لقدسيتها، بحيث تشمل المنطقة الممتدة من شمال القدس، حتى جنوبي بيت لحم مع ممر بري إلى يافا).
وقد فشل هذا المشروع أيضاً أمام الثورة والمقاومة العربية؛ فتخلت عنه بريطانيا وفقاً لتوصية لجنة من الخبراء (لجنة وودهيد)، التي شكلت لبحث إمكان تنفيذ التقسيم وفقاً لمشروع لجنة “بيل”.
ومع نشوب الحرب العالمية الثانية، عادت قضية القدس إلى إطارها كجزء من القضية الفلسطينية، وعادت بريطانيا إلى دورها أثناء الحرب العالمية الأولى بإصدار الوعود للعرب، وإلى سعيها لتحقيق الأهداف الصهيونية العالمية.
وكانت السياسة البريطانية ترى أن تقسيم فلسطين هو إحدى الوسائل لتهويدها ثم تحويلها إلى دولة يهودية.ولتحقيق ذلك اتجهت بريطانيا إلى الأمم المتحدة، وسعت لاستصدار قرار يكون له قيمة دولية، وتلزم به دولاً كثيرة؛ مما يوفر لها مخرجاً للتملص من تنفيذ ما تضمنه صك الإنتداب، من وعود للعرب، وواجبات نحوهم.
وعندما هيأت الحكومة البريطانية الجو الدولي الملائم، أعلن وزير خارجيتها في 18/ فبراير 1947م، عن اعتزام “حكومة صاحب الجلالة عرض المسألة لحكم الأمم المتحدة، لتوحي بتسوية لها”. وبعد مشاورات مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، طلبت إدراج مسألة فلسطين على جدول الأعمال للدورة العادية المقبلة بتاريخ 18/ أبريل 1947م. وتم عقد دورة استثنائية؛ لتشكيل لجنة خاصة للنظر في مسألة فلسطين، ورفع تقرير عنها إلى الجمعية العمومية في الدورة العادية المقبلة.
وفي السابع والعشرين من الشهر نفسه، عقدت الجمعية العامة دوره استثنائية طلب فيها مندوب بريطانيا، أن تقتصر أعمالها على تشكيل لجنة تحقيق. وقدمت الدول العربية اقتراحاً لإدراجه على جدول الأعمال، ويقضي الاقتراح العربي “بإنهاء الانتداب على فلسطين وإعلان استقلالها”.
وكان الإتحاد السوفيتي قد قدم اقتراحاً مشابهاً، إلا أن الاقتراح البريطاني هو الذي فاز، ويقضي بطلب تشكيل لجنة خاصة للأمم المتحدة بشأن فلسطين (unscop). ويكون من مهامها تفحص جميع القضايا والمسائل ذات العلاقة بمسألة فلسطين، ودراسة قضية فلسطين من جميع وجوهها، كذلك أحوال اليهود المشردين في أوروبا والموجودين في معسكرات الاعتقال.
وبذلك نجحت بريطانيا في الربط بين قضية فلسطين، ومشكلة اليهود المشردين في أوروبا، وأحالت الجمعية العامة قرارها إلى لجنتها السياسية التي أقرت تشكيل اللجنة في 22/ مايو 1947م، والتي أوصت بدورها تقسيم فلسطين الى دولتين: يهودية، وعربية، وإنشاء نظام دولي خاص بالقدس ومنطقتها، وإقامة وحدة اقتصادية بين الدولتين، الأمر الذي رفضته الهيئة العربية العليا للفلسطينيين، كما رفضته الدول العربية على أساس أن الأمم المتحدة قد تخطت صلاحياتها في هذا الشأن، أما الحركة الصهيونية التي كانت تصر على إقامة دولة يهودية على كامل الأراضي الفلسطينية، وجعل القدس عاصمة هذه الدولة، فقد قبلت به بتردد كثمن للحصول على قرار دولي بإقامة دولة لليهود.
وإذا ما حاولنا التطرق بنوع من التخصص إلى القدس العربية، والممارسات البريطانية عليها، فهي لم تختلف عن الممارسات البريطانية تجاه القدس بشكل عام؛ فقد تميزت جميعها بتسهيل سيطرة اليهود على المدينة، والحكم البلدي فيها، ومن أجل تحقيق ذلك تلاعبت الإدارة البريطانية بحدود مسطح البلدية وبقوائم الناخبين، بحيث كانت الحدود تستبعد الأحياء العربية، بينما تدخل الأحياء اليهودية ضمن مسطح البلدية برغم بعدها عنها؛ وبذلك سهلت الإدارة البريطانية على اليهود الإدعاء بتحقيق أكثرية في المدينة والمطالبة برئاسة البلدية.
ففي عام 1937م، قامت سلطات الانتداب باعتقال رئيس البلدية العربي الدكتور حسين فخري الخالدي، ونفته إلى جزر سيشل مع أعضاء الهيئة العربية العليا، وعينت نائب رئيس البلدية “دانييل واستر” رئيساً، لكنها تراجعت في السنة التالية أمام شدة المعارضة العربية، وعينت رئيساً مسلماً للبلدية هو مصطفى الخالدي، وقد تكررت هذه المحاولة مرة أخرى في آب أغسطس 1944م، عندما توفي رئيس البلدية العربي، حيث قام البريطانيون بتعيين نائبه اليهودي خلفاً له مرة أخرى، لكن العرب عارضوا هذا الإجراء فاقترح البريطانيون اتباع نظام التناوب على رئاسة البلدية مرة كل سنتين، بحيث يكون أول رئيس يهودياً والثاني عربياً والثالث بريطانياً، فلجأ العرب إلى مقاطعة جلسات المجلس البلدي، فقام البريطانيون بحله في 11/يوليو 1945م، وتعيين لجنة بديلة من ستة موظفين بريطانيين، وتم حرمان العرب من رئاسة البلدية، وفي هذه الأثناء كانت الحرب العالمية الثانية قد توقفت، فاستأنفت المنظمات الإرهابية الصهيونية نشاطها ضد البريطانيين والعرب، والذي كان قد اتخذ أبعاداً جديدة من سنة 1939م، في أعقاب صدور الكتاب الأبيض.
الصراع الفلسطيني- اليهودي:
عندما أعلنت بريطانيا اعتزامها الانسحاب من فلسطين يوم 14/أيار (مايو) 1948م، وضمن تلك الظروف التي صنعتها لولادة الدولة اليهودية، أخذت المنظمات اليهودية الإرهابية في تصعيد حرب الإبادة وأعمال العنف واستخدام كافة الأساليب النفسية؛ لبث الذعر في نفوس عرب فلسطين، وإجبارهم على الفرار من بيوتهم وأخذ الأراضي خالية من السكان.
نفذت المنظمات الإرهابية اليهودية، العديد من المجازر البشعة ضد المدنيين العزل، بهدف تشريد وتهجير الشعب الفلسطيني، ومنها المذبحة التي نفذتها العصابات اليهودية في قرية دير ياسين، بالقرب من القدس في 9/ نيسان (إبريل) 1948م، والتي أسفرت عن مقتل 250 فلسطينياً. وكتب العقيد “مئير باعيل” كشاهد عيان للمجزرة قائلاً: “بعد أن خرج رجال البالماخ من القرية أي “دير ياسين” بدأ رجال إتسل وليحي مذبحة مخجلة في صفوف الرجال والنساء والشيوخ والأطفال دون تمييز، بتوقيفهم بجانب الجدران وإطلاق النار عليهم، وأضاف أن خمسة وعشرين رجلاً نقلوا إلى سيارة شحن واقتيدوا إلى مقلع للحجارة يقع بين غفعات شاؤول ودير ياسين، وهناك أطلق عليهم الرصاص بدم بارد” ووصف الكاتب العملية بأنها (وصمة عار في تاريخ الشعب الإسرائيلي).
وبحلول 14/أيار(مايو) 1948م، موعد إنهاء الانسحاب البريطاني من فلسطين، أعلن مخلص الدولة المؤقت (الإسرائيلي) عن قيام دولة إسرائيل، الأمر الذي أعقبه دخول وحدات من الجيوش العربية للقتال إلى جانب سكان فلسطين، حيث أسفرت الحرب عن وقوع القدس الغربية بالإضافة إلى مناطق أخرى تقارب أربعة أخماس فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية، والتي تجاوزت مساحتها، المساحة التي نص عليها قرار التقسيم. وبقيت القدس العربية تحت سيطرة الأردن، وتوقف القتال بإتفاقية لوقف إطلاق النار بين الجانبين، أبرمت في الثلاثين من تشرين الثاني (نوفمبر) 1948م، ثم تحولت إلى اتفاقية هدنة بين البلدين عقدت تحت إشراف الأمم المتحدة في 3 /نيسان (إبريل) 1949م.
ملكية الأراضي بعد إتفاقية الهدنة في القدس:
المساحة الواقعة تحت الحكم الأردني 2220 دونم بنسبة 11.48%
المساحة الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي 16261 دونم بنسبة 84.13%
مناطق الأمم المتحدة والمناطق الحرام 850 دونم بنسبة 4.39%
وبوقوع الجزء الأكبر من مدينة القدس تحت السيطرة الإسرائيلية، أخذت إسرائيل تعمل على دمج هذا الجزء العريض من المدينة بالدولة الإسرائيلية، وبذلك تجاوزت إسرائيل قرار التقسيم الذي كانت قد قبلته على مضض أثناء مناقشات إلحاق عضويتها بالمنظمة الدولية.
ومن الجدير ذكره هنا أنه في منتصف تموز1948م، قام الجيش الإسرائيلي بمحاولة فاشلة لاحتلال المدينة القديمة سميت عملية (كيديم). وفي أواخر أيلول 1948م، تلقى بن غوريون نكسة أخرى عندما تحالف ثلاثة من وزراء حزبه (شاريت، كابلان، وريميز) مع أعضاء آخرين في الائتلاف؛ لرفض اقتراحه القيام بعملية عسكرية ضد اللطرون من أجل تأمين “قدس يهودية” حسب زعمه، وعندما حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك “بن غوريون” زملاءه، من أن معارضتهم هذه ستسبب “بكاء الأجيال”، ثم قدم بن غوريون اقتراحاً مماثلاً سنة 1952م لاحتلال قضائي القدس والخليل، ولكن الحكومة عارضت هذا الاقتراح بأكثرية أعضائها.
إعلان دولة إسرائيل 1948
إن التغيير الذي أحدثته إسرائيل للقدس عقب الإعلان عن قيامها رسمياً، لم يؤثر قانونياً وعملياً على قرار التقسيم، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 194 (الدورة الثالثة) في 11/ كانون الأول (ديسمبر) 1948م، الذي عاد وأكد مرة أخرى مبدأ تدويل المدينة، وقرار تشكيل لجنة توفيق، من مهامها وضع نظام دائم لتدويل منطقة القدس، حيث وافقت الدول العربية لدى اجتماعها بلجنة التوفيق الدولية، التي تشكلت من فرنسا والولايات المتحدة وتركيا وفقاً للقرار 194- على فكرة التدويل لمنطقة القدس، دون تقسيم الأماكن المقدسة فيها، الأمر الذي لم تقبله إسرائيل، غير أنها أعلنت موافقتها على تدويل الأماكن المقدسة.
وعادت الجمعية العامة في قرارها رقم 303 (الدورة الرابعة) بتاريخ 4/ كانون الأول (ديسمبر) 1949م، فأكدت عزمها على وضع القدس تحت نظام دولي خاص، يضمن حماية الأماكن المقدسة داخل المدينة وخارجها، وعهدت الجمعية إلى مجلس الوصاية بالاضطلاع بأعباء المسؤوليات التي تتطلبها السلطة القائمة بالإدارة، وأن يخضع لهذا الغرض “دستور القدس”، فقام مجلس الوصاية بوضع الدستور المطلوب، وسرعان ما أعلن عجزه عن تنفيذ هذا النظام، أمام إعلان إسرائيل نقل عاصمتها إلى القدس في 11/12/1949م، وقيامها بإجراءات الضم الأخرى، وإعلان الأردن في اليوم التالي ضم الجزء الذي احتله من أراضي القدس. كما عملت إسرائيل على إلحاق ذلك الجزء من القدس الذي وقع تحت احتلالها ضمن سلطتها من خلال اتخاذها الإجراءات والتدابير التالية:
1. تشكيل المحكمة العليا الإسرائيلية في القدس في أيلول/سبتمبر 1948، وفي 1949م، أقسم “حاييم وايزمن” اليمين القانونية في القدس كأول رئيس لدولة إسرائيل.
2. في 13/ كانون الأول (ديسمبر) 1948م، انعقدت الكنيست الأولى في القدس.
3. في آب/أغسطس 1968م، تم تدشين المبنى الجديد للكنيست.
4. في 23 /كانون الثاني(يناير) 1950م، أعلن الكنيست أن القدس عاصمة لدولة إسرائيل.
5. وبحلول عام 1951م، انتقلت الوزارات الإسرائيلية إلى المدينة المقدسة، باستثناء وزارتي الدفاع والخارجية. وما لبثت إسرائيل أن نقلت الخارجية إلى القدس عام 1953م.
وهناك بعض الإجراءات الإدارية والقضائية، التي تشكل إشارات أخرى إلى نية إسرائيل الاحتفاظ الدائم بالجزء الذي إحتلته من المدينة المقدسة.
الحكم البلدي:
مع قيام إسرائيل بإحكام قبضتها على المدينة، شكلت لجنة بلدية موسعة، تتألف من أعضاء البلدية اليهود السابقين الستة، وممثلين عن لجنة الجالية (فاعد هكهيلاه) والأحياء اليهودية لممارسة مهامها، لكن ما لبثت وزارة الداخلية الإسرائيلية في يناير 1949م، أن عينت مجلساً بلدياً جديداً برئاسة “دانييل أوستر”.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1950م، جرت أول انتخابات بلدية خاضتها قوائم حزبية، على أساس التمثيل النسبي، وفاز فيها “شلومو زلمان مزراحي” كرئيس للبلدية عن اليهود العموميين، وعملت إسرائيل على تكثيف وجودها في هذا الجزء اقتصادياً وعسكرياً وديموغرافياً أيضاً؛ لتعزيز وضعها السياسي والإستراتيجي كعاصمة لها.
وقد استطاعت إسرائيل خلال السنوات التي تلت سيطرتها على الجزء الغربي من المدينة، مضاعفة عدد اليهود نتيجة لموجات الهجرة التي أعقبت الحرب، فقد سجل الإحصاء الأول للسكان في أواخر عام 1948م، وجود 84 ألف نسمة في القدس الغربية، وفي نهاية 1949م، وصل العدد إلى 103 آلاف، وخلال الفترة ما بين 1948- 1951م، كان عدد اليهود قد زاد بمقدار 54 ألف مستوطن جديد يمثلون نحو 65% من السكان. فقد أظهر إحصاء 1961م، وجود 167 ألفاً، ارتفع إلى 197 ألفاً حتى حزيران 1967م.
ويعود ارتفاع معدل السكان هذا بشكل رئيس إلى وصول المهاجرين الجدد، وعمليات التهجير المنظمة من داخل “إسرائيل”، وكذلك التزايد الطبيعي لليهود الأرثوذكس وللطوائف الشرقية، وتم استيعاب معظم المهاجرين الذين قدموا للقدس خلال الفترة 1948- 1951م، في المساكن العربية التي هجرها سكانها العرب أثناء الحرب، وعندما امتلأت هذه المساكن، جرى استيعاب الفائض في المعسكرات التي خلفها الجيش البريطاني، ثم عمل الاحتلال الإسرائيلي على إنشاء مجموعات من المساكن الشعبية في حي القطمون العربي، وهي (كريات هيوفيل، وكريات مناحيم).
ولاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة؛ تم توسيع حدود البلدية من الجهة الغربية عام 1952م،وأصبحت تضم القرى العربية التي هجِّر منها سكانها العرب، كما جرى بناء أحياء فوق أراضي دير ياسين ولفتا.
ولقد أدّى الارتفاع في عدد السكان إلى ازدياد النشاط العمراني في المدينة واتساع رقعتها. ففي نهاية الخمسينات تم البدء ببناء مركز حكومي جديد (هكرياه)، مقابل موقع الجامعة العبرية، كمقر لرئاسة الوزراء، ووزارتي المالية والداخلية، ثم وزارة العمل فيما بعد. إضافة إلى إنشاء مبنى الكنيست على هضبة واقعة إلى الجنوب الشرقي من المكان، والى الجنوب منه أقيم المتحف الوطني الإسرائيلي، ومؤسسات رسمية وعامة ودينية وأكاديمية عديدة، كما تم إنشاء مقابر للزعماء الروحيين الإسرائيليين في المدينة لتعزيز روحانية المدينة لدى الإسرائيليين، وأُنشئ العديد من الفنادق والمنشآت السياحية.
برغم تلك الجهود التي بذلتها إسرائيل بقيت المدينة أشبه بمكانة العاصمة الثانية؛ حيث استنكرت غالبية دول العالم الإجراءات الإسرائيلية في القدس، ورفضت التعامل معها كعاصمة لدولة إسرائيل، وتمثل هذا الرفض في امتناع هذه الدول عن إقامة سفاراتها، أو نقل بعثاتها، لدى إسرائيل إلى القدس، وكذلك في رفضها تقديم أوراق سفرائها لدى إسرائيل في القدس.
علاوة على معارضة المجتمع الدولي لهذه السياسة، اعترضت إسرائيل مصاعب داخلية تتعلق بوضع المدينة كمركز ديني وروحي، ووضعها الجغرافي الاقتصادي على خطوط الهدنة، فبعد مرور ستة عقود من الزمن على احتلالها، واتخاذ عدد من القرارات بتحويلها إلى مركز إداري، لم تستطع الحكومات المتعاقبة تنفيذ هذه القرارات، وبقيت الوزارات الرسمية في تل أبيب، واكتفت بمكاتب رمزية لها في القدس، وعللت الأوساط الإسرائيلية ذلك بكون المدينة تجابه ظروفاً جغرافية وطبوغرافية تؤثر في تطورها الاقتصادي، حيث أنها لا تقع في وسط إسرائيل. ورغم التحسينات الكبرى التي طرأت على الطرق وشبكات المواصلات، إلا إنها ما زالت تفتقر إلى الربط السريع بمراكز إسرائيل الأخرى، ومن أجل ذلك لا تبدو القدس قادرة على جذب الاقتصاد إليها.
ملكية الأراضي في القدس الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية:
33.9% ملكية للفلسطينيين
30.04% ملكية لليهود
15.21% ملكية المؤسسات الأوروبية والمسيحية
21.06% حكومية وبلدية وطرقات
احتلال القدس الشرقية وضمها عام 1967:
مع اندلاع حرب حزيران 1967م، أتيحت الفرصة لإسرائيل لاحتلال بقية المدينة، ففي صبيحة السابع من حزيران/ يونيو 1967م، بادر “مناحيم بيغين” الوزير بلا وزارة في حكومة التكتل الوطني، التي شكلت عشية الحرب باقتحام المدينة القديمة، وتم الاستيلاء عليها بعد ظهر اليوم نفسه. وعلى الفور أقيمت إدارة عسكرية للضفة الغربية ترأسها الجنرال “حاييم هيرتسوغ”، الذي كان حاكماً عسكرياً للمنطقة منذ سنة1963م، عندما قام الجيش الإسرائيلي بتنظيم وحدات الحكم العسكري لإدارة المناطق التي تحتلها إسرائيل في حالة نشوب حرب.
وقد جعل “هيرتسوغ” من فندق الأمباسادور في القدس الفلسطينية مقراً لقيادته، وتم تعيين إدارة عسكرية للمدينة تتألف من “شلومو لاهط” حاكماً عسكرياً، و”يعقوب سلمان” نائباً له، ووضعت تحت قيادتها قوات كبيرة، تألفت من لواء مظلي، وكتيبتي مشاة، وكتيبة حرس حدود، وكتيبتي هندسة، وكتيبتي مدفعية، لإحكام السيطرة الكاملة على المدينة.
وكانت النوايا الإسرائيلية تجاه المدينة المقدسة، تتمحور حول تهجير أكبر عدد ممكن من سكانها الفلسطينيين لتسهيل السيطرة عليها وابتلاعها، وبالفعل كان أول عمل للاحتلال الإسرائيلي في المدينة مباشرة بعد احتلاها، هو هدم حي المغاربة المحاذي لحائط البراق، كان ذلك بناء على أوامر تلقاها لاهط من دايان قبل وصوله القدس، وبعد أن رفض السكان إخلاء بيوتهم قال “إيتان موشيه” المكلف بتنفيذ العملية: “إن أكف الجرافات ستقنعهم بذلك”، وتم الهدم تحت جنح الظلام، ولم تقتصر عملية الهدم على الحي فقط، بل طالت مباني إضافية، ومواقع مقدسة، منها مسجد البراق وقبر الشيخ، أما سكان حي المغاربة فقد نقلوا إلى بيوت في أحياء أخرى من مدينة القدس، مثل الحي اليهودي الذي هجره سكانه اليهود أبان حرب 1948م.
مارس الاحتلال العديد من الأساليب ضد سكان القدس، حيث كان يعتقل المئات، ويروع الآخرين، أثناء عمليات اقتحام الجنود المسلحين للمنازل، وتفتيشها وتحطيمها وسلبها، بالإضافة إلى تجميع البالغين من الرجال وإجبارهم على رفع أيديهم أمام الجدران والتحقيق معهم، ثم سوقهم إلى نقاط تجمع من خلال الإيحاء بأنهم ذاهبون إلى الموت. وفي غضون ذلك كان أمامهم طرح آخر بديل يتمثل بالسماح لهؤلاء السكان بالالتحاق بأفراد عائلاتهم في الضفة الشرقية، بعد وضع سيارات النقل تحت تصرف المعنيين بالرحيل بعد توقيعهم على وثيقة تشير إلى تركهم للمدينة طوعاً، وكل هذا كان ينصب تحت سياسة “تفريغ المدينة من سكانها الأصليين”، كما بدأت إلى جانب ذلك عمليات السطو على البيوت والمحلات التجارية من قبل العصابات اليهودية والجيش.
ولم تقتصر عملية الهدم على حي المغاربة فقط، بل طالت ثلاث قرى أخرى في منطقة اللطرون القريبة من القدس هي (بيت نوبا، عمواس، يالون)، تم هدمها جميعاً وطرد سكانها الفلسطينيين منها، وكان ذلك بعد انتهاء القتال بأيام قليلة. وكانت هذه الأعمال بمثابة دلائل على النوايا الإسرائيلية تجاه القدس؛ فخلال الأسابيع الثلاثة التي تلت الاحتلال، وقبل ضم المدينة رسمياً، قامت السلطات الإسرائيلية بدمج شطري المدينة من خلال إزالة بوابة “مندلباوم” التي شكلت بوابة العبور بين شطري المدينة ما بين سنتي 1949- 1967م جنباً إلى جنب مع بقية إشارات خط وقف إطلاق النار القديم، ووحدت شبكات البنى التحتية بين شطري المدينة، وساهمت بلدية القدس الغربية بشكل فعال في جميع هذه الإجراءات، على الرغم من كون المدينة خاضعة للحكم العسكري، وتنطبق عليها قواعد القانون الدولي للمناطق الخاضعة للاحتلال.
إجراءات الضم الإسرائيلية للقدس الشريف:
بعدما أحكمت إسرائيل سيطرتها العسكرية على المدينة، وبعد أن قامت بإجراءات عملية غير شرعية لضم المدينة؛ تمهيدً لتهويدها كلياً. و بعد توقف القتال في مدينة القدس، كانت مسألة الضم القانوني موضع بحث بين الوزراء في وزارة العدل الإسرائيلية منذ 9/ حزيران (يونيو) 1967م، ولم يكن من السهل للوهلة الأولى، إصدار تشريع بهذا الشأن؛ نظراً لعدم وجود حدود دولية معترف بها لإسرائيل، ومن ناحية أخرى يتناقض مثل هذا الضم غير الشرعي مع القانون الدولي.
وكان هناك تباين في الآراء بين أعضاء حكومة إسرائيل، ولكن هذا التباين في الآراء لم يكن لحسابات خارجية أو قانونية، بل إقتصر الخلاف على كيفية الضم وليس المضمون. ففي حين حاولت وزارة العدل الإمتناع عن العمل على إصدار تشريع لهذا الغرض مكتفية، بدلاً من ذلك، بإجراءات إدارية لا تثير أصداء دولية كبيرة- ظهر في الحكومة رأي آخر يطالب بالقيام بذلك عن طريق نشر أمر توسيع حدود بلدية القدس في الجريدة الرسمية بقرار من وزير الداخلية، واتخذ فريق ثالث من الوزراء بينهم رئيس الحكومة “ليفي أشكول” والوزير بلا وزارة “مناحيم بيغن”، موقفاً يطالب بضم القدس بواسطة تشريع خاص في الكنيست، ولكن هذا الفريق تراجع عن موقفه بعد أن أوضحت له غالبية الوزراء أن سن قانون خاص يفرض السيادة الإسرائيلية على القدس المحتلة وحدها سيفسر تنازل مسبق لضم مناطق إضافية إلى الدولة في المستقبل.
وفي النهاية تم الإتفاق على أن تكلف لجنة وزارية خاصة لبلورة اقتراح لتسوية الوضع القانوني والإداري للقدس الموحدة. غير أنه أريد لضم القدس أن يكون من خلال السلطة التشريعية في إسرائيل، وليس من قبل السلطة التنفيذية؛ لذلك تم اختيار قانون أنظمة السلطة والقضاء 5708- 1948م. وهذا القانون هو أول تشريع أقره مجلس إسرائيل المؤقت بعد إعلان قيامها؛ لضمان الاستمرارية القانونية في المناطق التي اعتبرت آنذاك (دولة إسرائيل)، أو تلك التي تحتلها أو تضمها، وتقرر أن يستخدم هذا القانون ويسند إليه التشريع الجديد لضم القدس عن طريق إضافة مادة واحدة إليه وهي المادة 11 (أ)، و تنص على أن يسري قانون الدولة وقضاؤها وإدارتها، على كل مساحة من أرض إسرائيل حددتها الحكومة بمرسوم، وبهذا منحت إسرائيل نفسها ضم أي جزء إليها.
وبتاريخ 28/6/1967م، أصدرت الحكومة استناداً إلى هذا القانون مرسوماً بشأن سريان قانون الدولة وقضائها وإداراتها على مساحة تبلغ 69.990 دونماً، تضم كل القدس القديمة، ومناطق واسعة محيطة بها، تمتد من صور باهر في الجنوب، إلى مطار قلندية في الشمال، وكان المسطح البلدي لمدينة القدس في ذلك الوقت، يقع ضمن مساحة قدرها 37.200 دونم، أصبحت بعد عملية الضم ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل الاحتلال. لقد كان الهدف من ذلك ضم أكبر مساحة من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان العرب، للمحافظة على أكثرية يهودية في المدينة.
كان “قانون أنظمة السلطة والقضاء” المشار إليه سابقاً، كافيا لتخويل الحكومة تطبيق القانون والقضاء والإدارة على المنطقة المشار إليها، ولكنه لم يكن كافيا لإلحاق هذه المنطقه بصلاحية مجلس بلدية القدس اليهودية، فقانون البلديات البريطاني لسنة 1934م، ينص على إجراء استفتاء لسكان المنطقة المراد ضمها، ولتلافي ذلك أقرت الكنيست في الجلسة نفسها يوم 27/ حزيران (يونيو) 1967م، التعديل الجديد لقانون البلديات رقم 6 لسنة 5727- 1967م، يسمح للوزير بحسب تقديره ودون إجراء أي تحقيق أن يصدر إعلاناً يوسع فيه منطقة اختصاص بلدية ما، بواسطة ضم مساحة تحددت في مرسوم صادر، وفي اليوم التالي لإقرار هذا التعديل، نشر وزير الداخلية إعلانا في الجريدة الرسمية بشأن توسيع “حدود بلدية القدس”، ضمت بموجبه كامل المنطقة التي حددتها الحكومة سابقا بمرسوم، إلى منطقة بلدية القدس، ووضعت تحت إشراف مجلس البلدية الإسرائيلي.
وفي اليوم التالي الذي تمت فيه المصادقة على هذين القانونين، أقرت الكنيست تشريعاً ثالثاً، اعتبرته السلطات الإسرائيلية مكملاً لها، وهو قانون المحافظة على الأماكن المقدسة 7527- 1967م.
وعلى الرغم من أن هذه القوانين كانت كافية لحل مسألة السيطرة الإسرائيلية على القدس العربية، وضمها إلى إسرائيل، وإلحاقها بمنطقة صلاحية بلدية القدس الغربية، إلا أن الكنيست الإسرائيلية عادت وأقرت في 30/تموز (يوليو) 1980م، بشكل استثنائي قانوناً جديداً عرف باسم “قانون أساسي”. أقر بأن القدس عاصمة إسرائيل 5841- 1980م. وكانت قد تقدمت بهذا المشروع النائبة، “غيئولا كوهين”، والتي كانت عضواً في المنظمة الإرهابية ليحي “عصابة شتيرن” قبل قيام إسرائيل، ومن ثم عضواً في “حزب حيروت” وبعده الليكود.
وشكلت قوانين الضم هذه أساساً لقوانين أخرى، وإجراءات عملية تهدف إلى إبتلاع المدينة، وتعزيز السيطرة عليها، وكذلك المناطق المجاورة لها، وتم ذلك من خلال وسائل عديدة، تمثلت في التضييق على السكان العرب الأصليين لإفراغ المدينة منهم، هذا عدا عن مصادرة الأراضي و إقامة التجمعات الاستيطانية.
وعلى الصعيد الإداري المحلي، فقد كان أول إجراء هو تصفية القضاء والإدارة العربيين، وتمثل ذلك في أمر صادر عن الحكم العسكري، ويقضي بحل بلدية القدس العربية؛ فأثارت عملية ضم المدينة مشاكل قانونية وحقوقية معقدة، إزاء السكان الفلسطينيين في المدينة، وأخذت هذه المشاكل تتفاقم مع تعميق إجراءات الضم، الأمر الذي استدعى إصدار عدد من التشريعات الجديدة التي تتوافق مع الإجراءات الاحتلالية.
ولعل أولى تلك القضايا كانت مشكلة المقدسيين من حيث علاقتهم بالقوانين الإسرائيلية، وتم اعتبار سكان المدينة الفلسطينيين من سكان إسرائيل لا من مواطنيها، وامتنعت السلطات الإسرائيلية عن منحهم الجنسية، وكذلك منعهم من المشاركة في الانتخابات العامة، بينما سمحت لهم بالإشتراك في الإنتخابات البلدية لمدينة القدس فقط، والتي قاطعها الفلسطينيون حتى الآن (انتخابات 2008م).
أما عن الإجراءات، وردود الفعل التي اتخذها الفلسطينيون احتجاجاً على سياسة الضم ومعارضتهم لها، فتمثلت بالتالي:
لقد لاقت إجراءات الضم معارضة ومقاومة شديدتين من أهالي المدينة، حيث رفض مجلس أمانة المدينة هذه الإجراءات، ورفض أعضاءه الانضمام إلى مجلس البلدية الإسرائيلي، وجاء رد أعضاء مجلس أمانة القدس على الدعوة التي وجهت إليهم بهذا الخصوص أنه:
1. لما كان مجرد البحث (من وجهة نظرنا الفلسطينية) في الإنضمام إلى مجلس بلدية القدس تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، وعلى الوجه الذي أعلنت عنه السلطات الإسرائيلية- هو بمثابة إعتراف رسمي منا بقبول مبدأ ضم مدينة القدس إلى القطاع الذي تحتله إسرائيل من القدس، الأمر الذي لا نسلم به كأمر واقع، ولا نقره، ونعتبره مخالفاً لميثاق هيئة الأمم المتحدة، ولقرارها في جلستها الاستثنائية الأخيرة، ومخالفاً للقانون الدولي العام. ونعتبره كذلك إجراء غير مشروع، ونطالب بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه الحال قبل 5/6/1967م.
2. وبناء على ذلك تجدوننا آسفين لعدم تلبية الدعوة لمقابلتكم والتحدث معكم بهذا الشأن.
ومن مظاهر الرفض والإستنكار من قبل الشعب الفلسطيني في المدينة أيضاً، إرسال زعماء ورجال دين ووجهاء في القدس وفلسطين مذكرة إلى الحاكم العسكري للضفة الغربية ترفض إجراءات الضم والممارسات الإسرائيلية، وإعلانهم عن تشكيل هيئة إسلامية تتولى رعاية الشؤون الدينية في الضفة الغربية بما فيها القدس، إلى أن يزول الاحتلال.
ومع تزايد المعارضة الوطنية لإجراء الضم، وخصوصاً على المستوى الجماهيري، أصبح التعبيرعن هذا الرفض يتعدى الإحتجاج والإستنكار، إلى المقاومة المسلحة، فقرر الإحتلال الإسرائيلي الرد بمختلف الوسائل على المقاومة.
وبدأ بالتدخل في الشؤون الدينية الداخلية والنفي والإبعاد، وتطورت أشكال الردع أمام استمرار المقاومة، حتى تم اتباع سياسة احتلالية أكثر تطرفاً وتمثل أبرزها في نسف المنازل والإعتقال الجماعي، وفرض منع التجوال، ومصادرة الممتلكات وإغلاق البيوت وغيرها.
الجدول التالي يوضح انتقال الأراضي من الفلسطينيين إلى اليهود في القدس منذ بداية الاحتلال البريطاني 1917م:
السنة |
فلسطينيون مسلمون ومسيحيون |
يهود |
أجانب |
1917 |
94% |
4% |
2% |
1947 |
84% |
14% |
2% |
1967 |
25% |
73% |
2% |
1979 |
14% |
84% |
2% |
جدول يبيّن تجمعات القدس التي طرد أهلها منها عام 1948 حسب عدد السكان والمساحة
مساحة الأرض (دونم) |
عدد السكان عام 1948 |
تاريخ النزوح |
التجمع |
8,743 |
2,958 |
1/1/1948 |
لفتا |
2,979 |
278 |
1/1/1948 |
بيت نقوبا |
4,629 |
302 |
1/4/1948 |
بيت ثول |
4,844 |
1,056 |
3/4/1948 |
قالونيا |
1,446 |
104 |
3/4/1948 |
القسطل |
2,857 |
708 |
9/4/1948 |
دير ياسين |
1,401 |
46 |
15/4/1948 |
نتاف |
10,699 |
650 |
16/4/1948 |
ساريس |
20,790 |
69,693 |
28/4/1948 |
القدس (القطمون) |
16,268 |
2,784 |
10/5/1948 |
بيت محسير |
4,158 |
478 |
11/7/1948 |
الجوره |
5,522 |
46 |
13/7/1948 |
عقور |
4,502 |
522 |
13/7/1948 |
خربة اللوز |
3,775 |
626 |
13/7/1948 |
صطاف |
4,102 |
719 |
13/7/1948 |
صوبا |
6,828 |
2,250 |
15/7/1948 |
المالحة |
3,072 |
12 |
17/7/1948 |
دير عمرو |
568 |
568 |
17/7/1948 |
خربة اسم الله |
8,004 |
325 |
17/7/1948 |
كسلا |
403 |
406 |
18/7/1948 |
عرتوف |
15,029 |
3.689 |
18/7/1948 |
عين كارم |
13,242 |
499 |
18/7/1948 |
دير رافات |
5,522 |
719 |
18/7/1948 |
اشوع |
2,159 |
302 |
18/7/1948 |
عسليين |
4,967 |
394 |
18/7/1948 |
صرعة |
19,080 |
835 |
19/10/1948 |
البريج |
5,907 |
2.436 |
19/10/1948 |
دير أبان |
5,907 |
70 |
19/10/1948 |
دير الهوا |
2,061 |
70 |
19/10/1948 |
سفلى |
8,757 |
626 |
21/10/1948 |
بيت عتاب |
6,013 |
81 |
21/10/1948 |
بيت أم الميس |
6.781 |
255 |
21/10/1948 |
دير الشيخ |
3,518 |
220 |
21/10/1948 |
جرش |
8,342 |
719 |
21/10/1948 |
رأس أبو عمار |
.. |
.. |
21/10/1948 |
خربة التنور |
4.163 |
313 |
21/10/1948 |
خربة العمور |
17.708 |
1.914 |
21/10/1948 |
الولجة |
12.356 |
510 |
22/10/1948 |
علار |
3.806 |
302 |
22/10/1948 |
القبو |
272,735 |
97,949 |
|
المجموع |
جدول يوضح عدد السكان في القدس منذ عام 1967- 1979 (بآلاف):
السنة |
الفلسطينيون |
اليهود |
1967 |
68.580 |
211.710 |
1971 |
79.100 |
237.300 |
1976 |
100.300 |
282.200 |
1979 |
110.800 |
305.000 |
1983 |
126.100 |
347.700 |
1990 |
151.100 |
427.366 |
1994 |
172.800 |
473.200 |
جدول يوضح عدد السكان العرب المقدر في القدس في منتصف العام 1998- 2010:
السنة |
عدد السكان الفسطينيين في القدس |
1998 |
331.553 |
2000 |
354.417 |
2001 |
367.003 |
2005 |
422.222 |
2010 |
496.445 |
المصادر:
1. كيت ماجواير: تهويد القدس، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1981م. لقد جمعت ماجواير الأرقام التالية طبقاً لمجموعة من الإجراءات:
* جمعت أرقام عام 1938م، من قبل القس إربنسون، من المعهد اللاهوتي لمدينة نيويورك عند زيارة القدس تلك السنة.
* التعداد السكاني في الفترة التي وضعت فيها الأمم المتحدة مشروعات التقسيم.
* سجلات فلسطين، دائرة المعارف البريطانية والكتاب السنوي لحكومة فلسطين والإحصاءات الحكومية عن فلسطين.
* هنري قطان “فلسطين والقانون الدولي” باللغة الإنجليزية.
2. د.نعيم بارود، الوضع الجيوستراتيجي لمدينة القدس، الجامعة الإسلامية غزة 1999م.
3. سمير جريس، المخططات الصهيونية، الاحتلال، التهويد مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت1981 م.
4. سمير جريس، القدس، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1981م.
5. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، القدس 1998م.
6. مركز العودة الفلسطيني، سجل النكبة – 1948، لندن، 1998م.
القدس تواريخ وأحداث
3000 ق.م: أنشأ العرب القدس قبل خمسة آلاف سنة، حيث اختارها اليبوسيون لتكون عاصمتهم؛ بسبب موقعها المتوسط بين البحر والنهر؛ فحصنوها بالسور من جميع الجهات. ومن بقايا مدينة القدس اليبوسية عين سلوان أو عين الدرج.
وقد عرف عن ملكها المعروف باسم “ملكي صادق” أنه هو الذي خطط بناءها، وهو الذي استقبل نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما جاء إلى فلسطين. وقد أظهرت وثائق تل العمارنة الموجودة في المتحف المصري جل هذه الحقائق، وأن العرب ظلوا يشكلون الأكثرية طوال عهود التاريخ، حتى زمن الاحتلال العبري لفلسطين منذ القرن الحادي عشر ق.م. وقد تعلم الغزاة العبريون فنون الزراعة من العرب (سكان البلاد الأصليين).
1879 ق.م ورد في ألواح مصرية تدعى “نصوص اللعنة” اسم (أورسالم) أي (مدينة السلام) كاسم للمدينة، وعاد الاسم وتكرر عام 1300ق.م في ألواح (تل العمارنة) حيث كان اليبوسيون العرب يسكنونها في ذلك الحين.
1300ق.م -63 ق.م: تعرضت المدينة للغزو والاحتلال والتدمير، وشهدت أحداثاً مهمة خلال تلك الفترة؛ حيث احتلها المصريون، فالإسرائيليون، فالأشوريون، فالبابليون، فالفرس، فاليونان.
63ق.م – 636م (فترة الحكم الروماني): واستمرت حوالي 700 سنة. وأهم الاحداث التي جرت خلالها هي: ظهور المسيح عليه السلام (حوالي السنة الأولى قبل التاريخ الميلادي).
70م دمرها القائد الروماني تيطس.
139م دمرها القائد الروماني (هدريان) وأنشأ مكانها مدينة (إيليا كابيتولينا).
335م أنشئت كنيسة القيامة.
395م انقسمت الإمبراطورية الرومانية نهائياً إلى إمبراطوريتين، وهما: روما، وبيزنطة؛ وتبعت القدس للإمبراطورية البيزنطية.
614م حتى 629م: احتلها الفرس.
629-636م: أعادها الرومان إلى حكمهم.
636م – 1917م: العهد العربي والإسلامي.
636م: أعاد العرب المسلمون تحرير القدس وفتحوها سلماً؛ حيث دخل الخليفة عمر بن الخطاب المدينة وكتب لأهلها العهدة العمرية المشهورة.
691م: بنى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة المشرفة.
705م: تم الانتهاء من بناء المسجد الأقصى على يد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وابنه الوليد.
747م – 1099م: خضعت القدس لسيطرة العباسيين، فالطولونيين، فالاخشيديين، فالفاطميين الذين اهتموا بالقدس، وقاموا بتعمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة وغيرهما من أبنية المدينة؛ بعد ما أصابها من الدمار نتيجة الزلازل، وذلك في عهد أبو جعفر المنصور، والمهدي، وهارون الرشيد، والمأمون، والمقتدر، وكافور الإخشيدي، والحاكم بأمر الله، والظاهر لإعزاز دين الله، والمنتصر.
1099م: احتل الصليبيون القدس وارتكبوا مذبحة رهيبة قتلوا فيها معظم سكانها. ثم حولوا مسجد قبة الصخرة إلى “كنيسة السيد المسيح”؛ أما المسجد الأقصى فحولوا جزءاً منه إلى كنيسة، والجزء الآخر إلى مسكن لفرسان “الداوية”، وبنوا فيه مستودعاً للأسلحة، واستخدموا السراديب التي تحته كإسطبلات خيول؛ وهي المعروفة باسم “الأقصى القديم، والمصلى المرواني”، واستمر الاحتلال الصليبي للمدينة 88 سنة.
1187م: حرر صلاح الدين الأيوبي المدينة من الصليبيين، وأمر بترميم أسوارها؛ ولكن الصليبيين تمكنوا من السيطرة عليها لفترات قصيرة، أكثر من مرّه، أيام الأيوبيين؛ كما تم هدم أسوارها وإعادة بنائها في زمنهم.
1250م: تولى المماليك الحكم واهتموا بالقدس، وأنشأوا فيها العديد من الزوايا والربط والتكايا والمدارس والمساجد والسبل. وقد استمر حكمهم حتى سنة 15166م.
1516م: استولى الأتراك العثمانيون على المدينة. وأهم الأحداث التي شهدتها تلك الفترة هي:
إنشاء السور الحالي على يد السلطان سليمان القانوني، وترميم قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى.
تكالب الدول الغربية على فتح قنصليات لها في القدس؛ لزعزعة النفوذ التركي.
توصل الدول الغربية والدولة العثمانية لما يعرف باسم “اتفاق الوضع الراهن” (ستاتيكو) فيما يخص الأماكن الدينية المقدسة في القدس.
1831م-1840م: خضوع المدينة لحكم محمد على باشا.
بدء البناء خارج سور البلدة القديمة، فيما أصبح يعرف باسم “القدس (الجديدة)”.
1863م: انشئت بلدية القدس، ثم جرى تعمير كنيسة القيامة.
1873م: الإعلان عن سنجق القدس كوحدة إدارية منفصلة عن ولاية سوريا.
1882م: بدأت موجات الهجرة اليهودية الجماعية إلى القدس وفلسطين من روسيا؛ وقد بقيت القدس تحت الحكم التركي مدة 400 سنة.
1917م – 1948م: فترة الاحتلال البريطاني
1917: صدور وعد بلفور المشؤوم والاحتلال البريطاني للمدينة.
1922: إعلان الانتداب البريطاني على فلسطين؛ الأمر الذي أتاح لبريطانيا فرض القوانين التي تسهل تهجير اليهود من مختلف بلاد العالم إلى فلسطين، وتمهد لاستيلائهم على أرضها وطرد أهلها.
1929: ثورة البراق؛ وصدور قرار اللجنة الدولية بعدم وجود أي حق لليهود في البراق، وأنه ملك إسلامي خاص.
1935: اندلاع ثورة القسام واستشاهده على يد الإنجليز.
1936: الثورة الفلسطينية الكبرى التي استمرت حتى عام 1939.
1945: صدور تقرير السير فيتزجرالد بتقسيم القدس.
1947: صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين وإنشاء كيان خاص بالقدس بشكل مستقل.
1948: نشوب الحرب بين العرب واليهود التي بدأت بسلسلة مذابح إسرائيلية، وانتهت بنكبة فلسطين وبقيام الكيان الصهيوني واحتلال إسرائيل الشطر الغربي من القدس و78% من أراضي فلسطين؛ أي بزيادة قدرها 22% عما نص عليه قرار الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181/19477.
1948-1967: فترة تقسيم القدس.
1948/1949: نكبة فلسطين وتوقيع اتفاق الهدنة بين إسرائيل والدول العربية في جزيرة رودس.
1950: إعلان إسرائيل أن القدس الغربية عاصمة لها، ونقل الكنيست ومقر الحكومة إليها.
1950: وافق البرلمان الأردني على أن تشمل المملكة الأردنية الهاشمية الضفة الغربية بما فيها الشطر الشرقي من القدس.
1951: جرت أول انتخابات بلدية في الشطر الشرقي من القدس.
1952: تم توسيع حدود بلدية “شرق القدس”؛ وتوسيع بلدية ما يسمى “غرب القدس”.
1959: الإعلان عن تحويل بلدية القدس الشرقية إلى “أمانة القدس”، واعتبارها العاصمة الثانية للأردن.
1964: انعقدت الدورة الأولى للمجلس الوطني الفلسطيني في القدس؛ حيث تم صدور الميثاق الوطني الفلسطيني، وتشكيل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
1967: الاحتلال الإسرائيلي لكامل المدينة.
7/6/1967: احتلال إسرائيل الجزء الشرقي من القدس.
27/6/1967: الإعلان عن تطبيق القوانين الإسرائيلية على القدس، وهدم السور وتوحيد شطري القدس.
28/6/1967: مصادرة أراضي العرب شرق القدس، وضمها إلى القدس الغربية، لتصبح بلدية “القدس الموّحدة”.
28/6/1967: مصادرة 116 دونماً داخل البلدة القديمة، وهدم المباني المقامة عليها، وإقامة مبانٍ جديدة سكنها اليهود.
29/6/1967: حل مجلس أمانة مدينة القدس العربي.
4/7/1967: صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2253، الذي ينص على اعتبار الإجراءات الإسرائيلية في القدس باطلة، ويجب إلغاؤها.
25/7/1967: أحصت إسرائيل سكان القدس؛ وأعطت الموجودين فيها بطاقات هوية إسرائيلية؛ واعتبرت الموجودين خارجها غير مقيمين فيها، وحرمتهم من حق الرجوع إليها.
1/9/1967: طالب مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في الخرطوم بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها عام 1967.
21/5/1968: صدور قرار مجلس الأمن رقم 252، الذي ينص على عدم جواز استيلاء إسرائيل على الأرض بالقوة، ويأسف لتجاهلها تطبيق قرارات الأمم المتحدة.
21/8/1969: أحرق اليهودي الحاقد “مايكل دنيس روهان” المسجد الأقصى المبارك.
28/1/1976: صدور حكم قضائي إسرائيلي باطل، يسمح لليهود بالصلاة داخل الحرم القدسي الشريف.
20/7/1979: صدور قرار مجلس الأمن رقم 452، بضرورة وقف بناء المستعمرات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة بما فيها القدس.
30/7/1980: أصدر الكنيست الإسرائيلي ما يسمى “بالقانون الأساسي”، حول ضم القدس الشرقية إلى القدس الغربية واعتبارها “عاصمة موحدة لإسرائيل”.
20/8/1980: صدور قرار مجلس الأمن رقم 478، الذي نص على عدم الاعتراف “بالقانون الأساسي” بشأن القدس الموّحدة، ودعوة الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية منها، ولوم إسرائيل أشد اللوم لمصادقتها على ما يسمى “القانون الأساسي” في الكنيست.
5/6/1980: دعوة مجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية، الذي انعقد في بغداد المدن والعواصم الإسلامية إلى التآخي مع القدس.
11/4/1982: أحد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يهاجم مسجد قبة الصخرة المشرفة.
1/11/1983: مؤتمر عام اليونسكو يقر وضع بلدة القدس القديمة ضمن التراث العالمي المهدد بالخطر.
8/10/1990: جيش الاحتلال الإسرائيلي يقترف مذبحة في الحرم الشريف، ذهب ضحيتها 23 شهيداً وأعداد كبيرة من الجرحى.
13/9/1993: توقيع اتفاق أوسلو تأجل بموجبه البحث في مشكلة القدس إلى ما سمّي “مرحلة الحل النهائي” التي كان من المقرر التوصل إليها عام 1999.
25/10/1994: توقيع اتفاقية “وادي عربة” التي تعهدت فيها إسرائيل باحترام الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس؛ كما تعهدت فيها دولة الاحتلال بإعطاء أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن عند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي.
24/9/1996: افتتحت إسرائيل نفق الأقصى؛ ما أشعل “هبة الأقصى” التي أدت إلى استشهاد 62 فلسطينياً، ومقتل 15 يهودياً، وسقوط مئات الجرحى.
28/9/2000: اشتعال انتفاضة الأقصى؛ جراء اقتحام أريئيل شارون (رئيس حزب الليكود المعارض آنذاك) الحرم القدسي الشريف بحراسة ثلاثة آلاف جندي إسرائيلي.
المصدر: اللجنة الملكية لشؤون القدس.
مدينة القدس، جبالها وتلالها ووديانها
جبال القدس: أقيمت مدينة القدس على أربعة جبال هي: جبل “الموريا”، وجبل “صهيون”، وجبل “أكرا”، وجبل “بزيتا”. ويحيط بهذه الجبال الأربعة عدة جبال أخرى، من أهمها: جبل “الزيتون”، وجبل “رأس المشارف”، وجبل “السناسية”، وجبل “المنظار”، وجبل” النبي صموئيل”، وجبل “أبو عمار”، وجبل “المكبر”، وجبل “بطن الهوا”، ونستعرضها كما يلي:
جبل موريا(جبل “بيت المقدس”): ومعناه “المختار”. وهو الجبل الذي بنى عليه العرب اليبوسيون مدينة “القدس” أوَّل مرَّة؛ ويُعرَف باسم “هضبة الحرم”؛ إذ يحتضن الحرم القدسي الشريف بمساجده، ومواقعه التاريخية. ويبلغ ارتفاع هذا الجبل نحو 770م.
جبل صهيون أو “جبل النبي داود”:
جبل “صهيون”: وهو جبل يقع في الجنوب الغربي من مدينة “القدس”، أقام عليه العرب اليبوسيون حصنهم الذي بقي في أيديهم حتى سيطر عليه نبي الله “داود” عليه السلام.
وفي موضع حصن “صهيون” أنشأ السلوقيون في عهد الملك اليوناني السلوقي “إنتيخوس الرابع” أو “أبيفانوس” الذي حكم الشام من سنة (175) إلى سنة (164 ق.م) قلعة عُرِفت باسم “أكرا”، ويبلغ ارتفاع جبل صهيون (2550) قدمًا فوق سطح البحر، وينحدر باتِّجاه وادي “قدرون”.
جبل اكرا: هو أحد جبال “القدس” الأربعة؛ ويقع إلى الشمال الشرقي من جبل “صهيون؛ “أي أن “أكرا”، يقع بدوره في الجنوب الغربي من المدينة؛ إلى الداخل أو نحو المدينة ذاتها؛ ويفصل بذلك بين جبل “صهيون” وبين “القدس”. وعلى جبل “أكرا” تقوم كنيسة القيامة التي هي أقدس بقاع الأرض بالنسبة للطوائف المسيحية كافة.
جبل بزيتا: وهو أحد جبال “القدس”، ويقع بالقرب من باب “الساهرة” (أحد أبواب المدينة، والذي بني إبان حكم السلطان العثماني سليمان القانوني)؛ ويعرف الآن باسم “باب هيرودوس”، ويقع في الجانب الشمالي من سور المدينة المقدسة، ويعتبر امتدادًا بشكلٍ أو بآخر لجبل “صهيون”؛ حيث أطلق “أبيفانوس” على قلعته في جبل “صهيون” اسم” أكرا”، والتي أخذ هذا الجبل اسمه عنها.
جبل الزيتون أو جبل الطور: هو جبل يشرف على مدينة “القدس” بشطريها القديم والحديث، ويرتفع عن سطح البحر بمقدار (826) مترًا؛ وتقع أسوار الحرم القدسي الشريف في واجهته من الشرق، ويفصله عن “القدس” وادي “قدرون”. ويسمي العرب هذا الجبل باسم آخر هو جبل “الطور”.
اسمه الأول مأخوذ من شجر الزيتون الذي يكسوه. وفوق هذا الجبل تقع بلدة “الطور”. ويقال إن نبي الله تعالى “عيسى بن مريم” -عليه السلام- كان يلجأ إليه هربًا من أذى اليهود؛ وأنه -عليه السلام- رُفِع من فوقه إلى السماوات السبع.
وقد حطت معظم الجيوش التي أتت إلى فتح المدينة عبر التاريخ فوق هذا الجبل. ويوجد فيه مدافن شهداء المسلمين وعلماؤهم منذ عهد سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
جبل راس المشارف: هو جبل يقع شمال مدينة “القدس”. وسمي بهذا الاسم لإشرافه عليها؛ حيث يشرف على طريق “القدس- رام الله” وهو امتداد طبيعي لجبل “الزيتون” من جهة الشمال الشرقي، وحتى الشمال؛ ويفصل بينهما منخفض يسمى بـ”عقبة الصوانة”. ويفصل “وادي الجوز “بين “جبل المشارف”، ومدينة “القدس.”
ويبتدئ هذا الجبل من شمالي “شعفاط”، وينتهي بجبل “الزيتون”؛ ويرتفع عن سطح البحر بنحو (850) مترًا، ويسمى كذلك هذا الجبل بجبل “المشهد” وجبل” الصوانة”. وقد أقام القائد الروماني “تيطس” عام 10م معسكره عليه عندما قام بغزو” القدس”؛ حيث قام بتدمير المدينة المقدسة تمامًا، كما أقام الصليبيون عام 2099م تقريبًا معسكراتهم عليه بعد غزو المدينة. ويطلق الأوروبيون على هذا الجبل اسم “سكوبوس” وتعني باليونانية “الملاحظ” أو “المراقب”.
جبل السناسية: جبل “السناسية”: يقع إلى الجنوب الغربي من قرية “وادي فوكين”؛ ويبلغ ارتفاعه نحو (735) مترًا فوق سطح البحر.
جبل المنطار: وهو أحد جبال “القدس” ويقع جنوبي شرق المدينة عند دائرة عرض 31 درجة، و44 دقيقة، بارتفاع (524) مترًا عن سطح البحر.
جبل النبي صمويل: جبل “النبي صموئيل”: وهو جبل يقع على بعد (5) أميال شمالي غرب “القدس”؛ ويبلغ ارتفاعه (885) مترًا؛ وتقع قرية “الجيب” في شماله. وهو أعلى القمم الجبلية الموجودة بالقرب من بيت المقدس.
جبل أبو عمار: جبل “أبو عمار”: ويبلغ ارتفاعه نحو (773) مترًا فوق سطح البحر، عند دائرة عرض 31 درجة، و44 دقيقة، وخط طول 35 درجة، و50 دقيقة.
جبل المكبر: جبل “المكبر”: وهو أحد جبال بيت المقدس الشهيرة؛ وله ذكرى مهمة لدى المسلمين؛ حيث صعد إليه أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب” –رضي الله عنه- وهو في طريقه إلى تسلم مفاتيح “القدس”، من “صفرونيوس” وكان مع سيدنا عمر مجموعة من الصحابة وأشراف المسلمين، وقد وقف الخليفة “عمر بن الخطاب” على الجبل ليؤذِن؛ ومن هنا جاء اسم الجبل “المكبر”.
جبل بطن الهوا: جبل “بطن الهوا”: وهو امتداد لـ”جبل الزيتون”، ويقع في الزاوية الشرقية للقدس؛ حيث يفصله عنها وادي سلوان الذي يتَّصل بوادي قدرون في النقطة نفسها، ويُعرَف عند اليهود باسم “هار هامشحيت” أو “الجبل الفاضح”.
تلال “القدس” وما حولها:
هناك مجموعة من التِّلاَل متوسِّطة الارتفاعات التي تقع بداخل المدينة وبجوارها؛ ومن أهمها: تل “الغول”، وتل “الكابوس”، وتل “النصبة”، وتل “القرين”، وتل “صرعة”، وتل “شلتا”، ونستعرضها كما يلي:
تل “الغول”: من تلال المدينة ذاتها ويقع على بعد 6 كيلومترات إلى الشمال من مدينة “القدس”؛ ويبلغ ارتفاعه عن البحر نحو 839 مترًا. وكانت تقوم عليه مدينة عربيَّة كنعانيَّة قديمًا.
تل “الكابوس”: ويقع على بعد نحو 8 كيلومترات شمال شرقي مدينة “القدس” عند دائرة عرض 31 درجة، 49 دقيقة، وخط طول 35 درجة، 18 دقيقة.
تل “النصبة”: ويقع على بعد كيلومترين جنوبي مدينة “البيرة”؛ عند دائرة عرض 31 درجة، 53 دقيقة، وخط طول 35 درجة، 12 دقيقة؛ وقديمًا كانت تقع عليه مدينة “الصفاة” العربيَّة الكنعانيَّة.
تل “صرعة”: ويقع غربي جبال “القدس”، عند قرية “صرعة”، وإلى الشمال من قرية “دير رافات”، وإلى غرب قرية “عرطوف”؛ عند دائرة عرض 31 درجة، 47 دقيقة، وخط طول 34 درجة، 59 دقيقة.
تل “شلتا”: وهو تلٌّ مُقدَّس، يقع في جبال “القدس” غربي قرية “بلعين”، بالقرب من قرية “شلتا”، عند دائرة عرض 31 درجة، 55 دقيقة، وخط طول 35 درجة، ودقيقة واحدة.
أودية القدس ومحيطها:
أودية “القدس” وما حولها:
هناك عددٌ كبير من الأدوية التي تُوجَد في منطقة “القدس” وحول المدينة؛ وأهمها: وادي “جهنم”، ووادي “الجوز”، ووادي “الجبانة”، ووادي “الأرواح”، والوادي “الكبير”، ووادي “القلط”، ووادي “مكلك”، ووادي “مقطع الجص”، ووادي “النار”، ووادي “التعامرة”، ووادي “زيتا”، ووادي “الصرار”، ووادي “هنوم”، ووادي “قدرون”، ونستعرضها كما يلي:
وادي “الصرار”: ويسمَّى أيضًا بوادي “روبين”، ويمتدُّ بين منطقة “القدس” شرقًا ويافا غربًا، ويربط جبال “القدس” بالسهل الساحلي ووادي “الصرار”، يحمل هذا الاسم حتى يصل إلى قريتي “المغار” و”قطرة”، فيحمل هناك اسم وادي “قطرة”، وبعد منطقة “تل السلطان” يُعرَف باسم نهر “روبين”، ويبلغ طول الوادي حتى آخره نحو 76 كيلومترًا.
وادي “جهنم”، أو وادي “قدرون” أو “الوادي الشرقي”: يبدأ هذا الوادي على بعد ميل ونصف الميل إلى الشمال الغربي من المدينة – 2500 متر – حيث يسير أولاً على الشرق حتى يصل إلى الزاوية الشماليَّة الشرقيَّة من سور المدينة، ثم ينحرِف بعد ذلك بميلٍ حادٍّ تجاه الجنوب؛ فينحدِر بين سور المدينة من الجانب الغربي، وبين جبل “الزيتون”، وتل “الزيتون”، وتل “المعصية” من الجانب الشرقي حتى يلتقي مع وادي “هنوم” المنحدر من الغرب، بعدها ينحدر المجرى الموحد على “مارسابا” المسمَّى بوادي “الراهب”، ثم يمتدُّ إلى البحر الميِّت حيث يسمَّى بوادي “النار”، وكان يُعرَف قديمًا باسم “الوادي الأسود”، كما كان يُسمَّى بوادي “يهوشفاط”.
ويبلغ طول هذا الوادي نحو كيلومترين؛ ويبلغ ارتفاعه فوق سطح البحر حوالي (2179) قدمًا، ويُقال: إن نبي الله – تعالى – عيسى ابن مريم – عليه السلام – رُفِعَ منه، وفيه مُصلَّى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وقبور الأنبياء، و”قدرون” اسمه القديم، وأسماه العرب أيضًا وادي “النار”، ووادي “سلوان”.
وادي “هنوم”، أو “الوادي الغربي”: ينحدِر رأسًا إلى الجنوب من شمال غربي المدينة، ثم ينعطِف شرقًا بعد وصوله إلى حدِّ المدينة الجنوبي، حتى يتَّصل بـ”الوادي الشرقي” (قدرون)، عند الموضع المعروف باسم “بئر أيوب”.
ويُسمَّى هذا الوادي أيضًا بوادي “السلوان”؛ حيث يسمى النبع الموجودة فيه، كما يُعرَف كذلك بوادي “بني هنوم”؛ نسبةً إلى قبيلة كان يُسمَّى بها الوادي قبل وجود بني إسرائيل؛ كما كان الجزء الجنوبي الشرقي من هذا الوادي يُسمَّى “توفة”، أو “وادي القتل”. ويصل ارتفاع هذا الوادي إلى ما يَقرب من (2099) قدمًا فوق سطح البحر.
وادي “الجبانين” أو “الجبانة” – صانعي الجبن -: يمتدُّ هذا الوادي من الشمال الغربي إلى الجنوب الغربي من مدينة “القدس”، حيث يتَّصل بوادي “سلوان” الذي يتَّصل بوادي “قدرون” شرقًا، ويقسم هذا الوادي المدينة إلى قسمين مؤلَّفين من هضبتين مستطيلتين: الغربيَّة يحدُّها وادي “هانوم” من الغرب؛ والشرقيَّة يحدُّها وادي “قدرون” من الشرق.
ويُسمَّى وادي “الجبانة” في الجزء الجنوبي الغربي من “القدس” بوادي “الزبالة”، وهذا الوادي مطمورٌ الآن، كما رُدِمَ جزءٌ منه في أعمال توسِعَة لجبل “صهيون”، وللحرم القدسي الشريف الواقع على جبل “الموريا” أو “هضبة الحرم الشريف”.
وادي “الأرواح”، ويُعرَف أيضًا بوادي “العفاريت”: ويلتفُّ هذا الوادي حول جبل “صِهْيَون” من الغرب وحتى أقصى الجنوب، وتوجد به مدافن الموتى.
وادي “الجوز”: ويُطلَق عليه أحيانًا اسم “الوادي الشرقي”؛ لأنه يبدأ شرقي مدينة “القدس”، ثم يتَّجه جنوبًا حتى ينتهي بوادي “قدرون” الذي يصبُّ في البحر الميِّت – كما سبق الإشارة – عند دائرة عرض 31 درجة، 42 دقيقة، وخط طول 35 درجة، 200دقيقة، وهو يفصل بين سور المدينة الشرقي، وبين جبل “الزيتون” وجبل “بطن الهوا”، ويبلغ طول الوادي كيلومترين، وهو عميق سريع الانحدار.
“الوادي الكبير”: ويبدأ من شمال “اللطرون” في جبال “القدس”، ثم يتَّجه إلى الشمال الغربي مارًّا بشمال “اللدِّ”، ثم يلتقِي بنهر “العوجا” عند حريسة.
وادي “القلط”: يبدأ شمال شرقي “القدس” على قرب من قرية “العيسوية”، ثم يتَّجه إلى الشمال الشرقي مارًّا بمدينة “أريحا”، ثم يصبُّ في نهر الأردن شرقي “عين حجلا” عند دائرة عرض 31 درجة، 49,5 دقيقة.
وادي “مكلك”: يبدأ شرقي “القدس”، ثم يتَّجه شرقًا، حيث يصبُّ في شمال البحر الميِّت بالقرب من قرية “كاليا” عند دائرة عرض 31 درجة، 43 دقيقة، وخط طول 35 درجة، 25 دقيقة.
وادي “مقطع الجص”: يبدأ عند قرية “بيت فجان” من قضاء “القدس”، ثم يتَّجه إلى الجنوب الشرقي حتى يتَّصل بوادي “المشاش”، ويصبَّان معًا تحت اسم “درجة” في الشاطئ الغربي للبحر الميِّت عند دائرة عرض 31 درجة، 34 دقيقة، وخط طول 35 درجة، 24 دقيقة.
وادي “التعامرة”: يبدأ في جبال “القدس” إلى الجنوب الشرقي عند “المشاش” عند دائرة عرض 31 درجة، 37 دقيقة، وخط طول 35 درجة، 20 دقيقة.
وادي “زيتا”: ويبدأ غربي جبال “القدس” شرقي “بيت جبرين”، ثم يتَّجه إلى الشمال الغربي، ثم يلتقي بوادي “صفرين” أو “لخيش” عند دائرة عرض 31 درجة، 42 دقيقة، وخط طول 34 درجة، 41 دقيقة.
المصدر: دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية.
أبواب مدينة القدس |
|
بني سور القدس في العهد الكنعاني، لكنه تعرض إلى الخراب عدة مرات على يد الجيوش الغازية. وكانت آخر عملية تدمير لهذا السور على يد الملك عيسى الأيوبي في عام 1226م؛ خوفا من أن تتقوى به الجيوش الصليبية إذا ما احتلوا المدينة، حتى جاء السلطان سليمان القانوني العثماني، أمر بإعادة بناء السور الموجود حاليا، ورصد لإعماره جميع عائدات الضرائب في فلسطين لمدة خمس سنوات.ويأخذ السور شكل شبه المنحرف، يبلغ محيطه ميلان ونصف الميل، وطوله من الشمال 3930 قدماً، ومن الشرق 2754 قدماً، ومن الجنوب 3245 قدماً، ومن الغرب 2086 قدماً، وله أربعة وثلاثون برجاً، وأشهرها برج اللقلق، وبرج كبريت.وللسور سبعة أبواب مفتوحة وأربعة أبواب مغلقة وهي:-الأبواب المفتوحة:1- باب العمود: يقع في منتصف الحائط الشمالي لسور القدس، ويعود تاريخه إلى عهد السلطان سليمان القانوني العثماني، تعلو هذا الباب قوس مستديرة قائمة بين برجين. أقيم فوق أنقاض باب يعود إلى العهد الصليبي، ويسمى أيضا باب دمشق؛ لأنه كان مخرج القوافل إليها.2– باب الساهرة: يقع إلى الجانب الشمالي من سور القدس، على بعد نصف كيلو متر شرقي باب العمود. وهو بسيط البناء، ضمن برج مربع، ويرجع إلى عهد السلطان سليمان القانوني، ويعرف أيضا باسم باب هيرودوتس.3– باب الأسباط: يقع في الحائط الشرقي، ويشبه في الشكل باب الساهرة، يعود تاريخه إلى عهد السلطان سليمان القانوني. وسمي أيضا باب القديس، إسطيفان، وباب الأسود؛ لوجود تمثالين لأسدين على جانبي مدخله.4– باب المغاربة: يقع في الحائط الجنوبي لسور القدس، وهو عبارة عن قوس قائم ضمن برج مربع، ويعتبر أصغر أبواب القدس.5– باب النبي داود: وهو باب كبير منفرج، أنشئ في عهد السلطان سليمان القانوني، ويسمى أيضا باب صهيون.6– باب الخليل: يقع في الحائط الغربي، ويسمى أيضا باب يافا.7– باب الحديد: يقع في الجانب الشمالي للسور، على مسافة كيلو متر غربي باب العمود. فتح عام 1898م إبان زيارة الإمبراطور الألماني (غليوم الثاني) للقدس.الأبواب المغلقة:1– باب الرحمة: يقع في الحائط الشرقي على بعد 200متر إلى الجنوب من باب الأسباط، يؤدي مباشرة إلى الحرم، وسمي بالباب الذهبي لجماله. يعود إلى العصر الأموي، وهو باب مزدوج، تعلوه قوسان، يؤدي إلى باحة مسقوفة بعقود ترتكز على أقواس قائمة فوق أعمدة ضخمة. أغلقه العثمانيون بسبب خرافة انتشرت بين الناس (بأن الفرنجة سيعودون ويحتلون مدينة القدس من هذا الباب).2– الباب الواحد: يقع في الحائط الجنوبي، يعلوه قوس يؤدي إلى الحرم مباشرة، بني زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.3– الباب المثلث: يقع في الحائط الجنوبي، ويتكون من ثلاثة أبواب يعلو كل منها قوس يؤدي إلى الحرم مباشرة، بني زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.4– الباب المزدوج: يقع في الحائط الجنوبي، ويتكون من بابين يعلو كل منهما قوس يؤدي إلى الحرم مباشرة. بني زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. |
الرُبط في القدس
الرباط:
هو الإقامة في الثغور، وهي الأماكن التي يخاف على أهلها من الأعداء، والمرابط: هو المقيم فيها المعد للدفاع عنها، وقد أسست أول الرُبط العسكرية في فلسطين، في القرن الثاني للهجرة؛ ولكن أهميتها قلت بعد القرن الثالث؛ عندما استتب الأمر للمسلمين؛ ولكنها عادت بقوة بعد دحر الفرنجة؛ فأنشىء الكثير منها في القرن السابع الهجري وما تلاه، كأبراج للمراقبة.
والرُبط لم تكن كلها عسكرية بعد دحر الفرنجة، وخاصة في القدس والخليل؛ بل كان الهدف الأساسي منها، توفير أماكن لإقامة الزوار والحجاج. والكتابات الباقية على بعض هذه الربط تدل على أنها أنشئت لهذا الغرض.
وكانت الرُبط تغذي الوافدين إليها بالتعليم الديني. وفي العصر العثماني أصبح كثير من الرُبط ملاجىء للفقراء من نساء ورجال، يقدم لهم فيها الطعام، وتصرف المساعدات المختلفة.
وكانت الرُبط مراكز للتعليم الصوفي، بالإضافة إلى مهامها الاجتماعية والسياسية، وكان في بعضها مكتبات؛ فكان للرُبط بفلسطين بشكل عام، وفي بيت المقدس بشكل خاص، أثر علمي أكاديمي عظيم. وأشهر رُبط القدس هي:
رباط ومسجد علاء الدين البصير
يقع بالقرب من باب الناظر (المجلس)؛ وتحديداً غرب المدرسة الحسنية وشمال رباط الكرد؛ أي في المكان المعروف حالياً بـ”حبس الدم”، بالقرب من باب الناظر. وهو أقدم ربط القدس ينسب إلى الأمير علاء الدين أيدغدي، المعروف بـ”البصير”، الذي أنشاه في سنة (666هـ/ 1268م) حسب ما يدل عليه نقش التأسيس الذي يعلو مدخله.
يتألف من ساحة مكشوفة يحيط بها عدد من الغرف والخلاوي ومسجد، ويتوصل إليه عبر مدخل جميل ومعقود. ويؤدي هذا المدخل إلى دركاة “موزع” مسقوفة بطريقة القبو المتقاطع. وتؤدي الدركاة (الموزع) إلى ساحة مكشوفة، ومجموعة الغرف والخلاوي حولها، إضافة إلى المسجد الذي يقوم في الجهة الجنوبية الغربية من الساحة المكشوفة، والمسقوف بأقبية متقاطعة. ويوجد في منتصف واجهة المسجد الجنوبية محراب عبارة عن حنية مجوفة داخلة فيه. وتمت زيادة عدد الغرف مؤخراً في الساحة المكشوفة ليتسع لعدد أكبر.
خصص الربط لإقامة المتصوف والفقراء والمجاورين في القدس، وقد حول العثمانيون وظيفته فيما بعد إلى سجن لتوقيف المتهمين، ريثما تتم محاكمتهم؛ لذا عرف باسم “حبس الدم”. وفي أواخر عهدهم استعمل داراً تسكنها عائلات من الأفارقة المقدسيين؛ باستثناء المسجد الذي بوشر بإعادة تعميره وتأهيله لأداء الصلاة فيه في سنة 1969م؛ حيث تم تأمين تزويده بالتيار الكهربائي، وتم إجراء أكثر من عملية تعمير في الفترة الممتدة بين عامي 1975 و1986.
وتبين الحجج الشرعية تسجيل وقفه في (18 ربيع الآخر 742هـ/ 7 تشرين الأول 1341م) وإدارته، ومخصصات نزلائه الماليه والعينية، والوظائف فيه وأصحابها وكثيراً من شؤونهم اليومية.
الرباط المنصوري
يقع على بعد عدة أمتار من باب الناظر ( المجلس)؛ حيث يقابل رباط علاء الدين البصير من الجنوب. ينسب إلى السلطان المملوكي المنصور قلاوون الصالحي، الذي وجه مملوكه الأمير علاء الدين أيدغدي (البصير) لإنشائه في سنة (681هـ/ 1282م)، ووقفه على الفقراء وزوار القدس، كما يفيد نقش التأسيس الذي يعلو مدخله.
يتألف من ساحة مكشوفة يحيط بها عدد من الغرف والخلاوي ومسجد موزعين على صفين متقابلين: أحدهما شمالي؛ والآخر جنوبي؛ ويتوصل إليه عبر مدخل معقود يؤدي إلى دركاة (أو موزع) مسقوفة بطريقة القبو المتقاطع. وتؤدي الدركاة إلى الساحة المكشوفة ومجموعة الغرف والخلاوي والمسجد؛ كما يشتمل على حواصل (مخازن) لتخزين الحبوب فيها. وتمت زيادة عدد الغرف مؤخراً في الساحة المكشوفة ليتسع لعدد أكبر.
خصص لإقامة المتصوفين رجال ونساء. وقد وصل عدد المجاورين فيه مطلع العقد السابع من القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي 86 مجاوراً. وقد حول العثمانيون وظيفته فيما بعد إلى سجن لتوقيف المتهمين ريثما تتم محاكمتهم؛ لذا عرف باسم حبس الرباط. وفي أواخر عهدهم استعمل داراً يسكنها عائلات الأفارقة المقدسيين.
وتبين الحجج الشرعية الأوقاف التي حبست عليه في كل من عكا وغزة ونابلس وصفد والقدس، وطرق استغلالها وإدارتها وجباية ريعها وتوزيعه على المستفيدين، ومخصصات نزلائه المالية والعينية، والوظائف فيه وأصحابها الذين كثيراً ما كانوا من عائلتي أبي اللطف والديري والفتياني. ومما يلفت النظر في شؤونه، أن عائدات القطن من أوقافه في عكا فقط بلغت في سنة (976هـ/ 1568م) (4068) رطلاً. وقد فاق ريعه من جل أوقافه في نهاية هذا القرن مبلغ (15000) أقجة. هذا ولم تستبعد المرأة من تولي بعض الوظائف فيه.
رباط الكرد
يقع في باب الحديد ملاصقاً لسور الحرم الغربي؛ وتحديداً على يمين الخارج من الحرم من هذا الباب؛ أسفل المدرسة الجوهرية، ومقابل المدرسة الأرغونية. ينسب إلى منشئه وواقفة الأمير المقر السيفي كرد (صاحب الديار المصرية) في سنة (693هـ/ 1294م)، الذي كان من مماليك السلطان قلاوون (741-709هـ/ 1340-1309م)، وتقلب في عدة مناصب ووظائف في الدولة المملوكية، أبرزها نيابة طرابلس، قبل أن يستشهد في معركة مع التتار سنة (699هـ/1300م).
يتوصل إليه عبر مدخل صغير. يقوم على كل جانب من جانبيه مقعد حجري يعرف بـ”المكسلة”، ويؤدي إلى ممر ضيق، غطي جزؤه القريب من المدخل؛ ثم يتسع الممر قليلاً ليؤدي إلى ساحة مكشوفة توصل إلى مجموعة الخلاوي أو الغرف حولها.
واستمر هذا الرباط يؤدي وظيفته الاجتماعية والثقافية حسب شروط الواقف عدة قرون؛ حتى عد مدرسة من مدارس بيت المقدس. وتشير بعض الحجج الشرعية ووثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية إلى رعايته وتعميره، وتخصيص ريع أوقافه في القدس لإيواء الفقراء والحجاج والوافدين إلى مدينتنا المباركة، وإلى غلبة عائلة ابن الدويك على وظائفه، قبل أن يتحول إلى دار سكن يقطنها جماعة من آل الشهابي. أخطر ما يواجهه هذا المعلم التاريخي، أعمال الحفر التي يجريها الاحتلال الإسرائيلي خلف سور الحرم الشريف الغربي؛ إذ أدت إلى خلل في أساساته، وسوط أجزاء منه، وتصدع جدرانه.
رباط المارديني
يقع الرباط المارديني في الجانب الغربي من طريق باب حطة إلى الشمال من التربة الأوحدية. يتكون الرباط من مدخل يعلوه عقد مدبب يؤدي إلى دركاة (ممر موزع) توصل إلى قاعتين كبيرتين معقود كل منها بقبو؛ وإلى الغرب منهما يوجد غرفتان تستخدمان اليوم حانوتًا. وأما مُؤسستا الرباط فهما سيدتان من مدينة ماردين (من عتقاء الحاكم الارتقي صالح بن غازي الذي حكم 712-765/1321-1363). وقد اطلع مجير الدين على كتاب وقف الرباط الذي خصص لاقامة الزوار القادمين من الجزيرة الفراتية من مدينة ماردين. ومبنى الرباط بسيط، تغلب عليه العمارة المحلية، وهو الآن دار سكن. وتوجد وثيقة تثبت أن الرباط كان عامرا ببعض نساء أهل ماردين في عام 795/1392.
الرباط الزمني
يقع في باب المطهرهة( المتوضأ قديماً)؛ مقابل المدرسة العثمانية؛ حيث يفصل بينهما ممر مكشوف يؤدي إلى المطهرة. ينسب على منشِئِه (الخواجا شمس الدين محمد بن عمر بن محمد بن الزمن الدمشقي)، المعروف بـ”ابن الزمن”، الذي وقفه في سنة (881هـ/1476م) كما يفيد نقش التأسيس الذي يعلو بابه. أي أنه أنشأه ووقفه قبل وفاته في سنة (897هـ/1491م). وقد عرف أيضاً بالمدرسة الزمنية.
ويتألف هذا الرباط من طبقتين، يتوصل إليهما عبر مدخل مملوكي تتجلى فيه سمات العمارة المملوكية؛ فو ضخم، يشمل ارتفاعه طبقتي الرباط، ومبنى وفق طراز الأبلق، الذي تتناوب في مداميكه الحجارة البيضاء والحمراء، ومزخرف بشريط مكتوب عليه بالخط النسخ، وتعلوه صفوف جميلة الشكل ومتقنة التكوين من الحنيات المجوفة والمقببة التي تتدلى خلال تتابعها وتدرجها المتناسق والتي تعرف أيضا بـ”المقرنصات”. ويلي المدخل دركاة (أو موزع)، مسقوف بطريقة الأقبية المتقاطعة، التي تفضي إلى ساحة مكشوفة؛ وهناك سلم حجري تؤدي عتباته إلى الطبقة الثانية، ثم ساحة مكشوفة، أقيم حولها عدد من الخلاوي.
ولا تبخل الحجج الشرعية ووثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية في الكشف عن وظيفة هذا الرباط الاجتماعية المتمثلة في إيواء الغرباء والفقراء الوافدين إلى بيت المقدس وإطعامهم، أو في تدريس فقه المذهب الشافعي، أو إقامة الحفلات في المناسبات والأعياد الدينية وتوزيع الحلوى والطعام المكون من اللحم والملح والقمح والزيت فيها، أو الأوقاف التي أفاد منها الرباط التي شملت حصصاً في قرى حبله وكفر إيبا وكفر حبش؛ حيث بلغ ريعها في منتصف القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي 6598 أقجة، إضافة إلى طريق إدارتها واستغلالها، أو الموظفين فيه وشؤونهم ودورهم في الحياة المقدسية اليومية الذين غالباً ما كانوا من بني جماعة الكناني وآل العفيفي.
كما تكشف تلك الوثائق عن تعمير الرباط عبر تاريخه الحافل، ومن ذلك؛ حجة الكشف على تعميره في (12 جمادى الثاني 1093هـ/18 حزيران 1682م)؛ ما يساعد على وضع تصور عام عن مخططه المعماري العام؛ حيث يرد ذكر لثلاث عشرة غرفة فيه؛ إضافة إلى المنافع والمرافق والدهليز. وفي سنة 1912م تداعت أحوال الرباط وأمرت البلدية بإخلائه؛ فأعادت الأوقاف في القدس ضبطه وتعميره. ورغم تقاعس ولاته عن تعميره؛ إلا أن جماعة منهم اتخذوه مسكناً لهم (في إشارة إلى تحول جذري في وظيفته التي حددها الواقف).
رباط ومكتب بايرام جاويش
يقع ضمن مجمع يقوم عند ملتقى تقاطع طريق متعرجة تعرف بـ”عقبة التكية” مع طريق الواد وطريق باب الناظر (المجلس) المؤدية إلى الحرم الشريف. ينسب إلى واقفه ومنشئه (الأمير بايرام جاويش بن مصطفى في سنة (947هـ/ 1540م) في عهد السلطان سليمان القانوني)، كما يظر في نقش تأسيسه الذي يعلو مدخله. وقد عرف في العصر العثماني المتأخر باسم “المدرسة الرصاصية)؛ لاستخدام الرصاص في ربط مداميكه بسبب قلة الجير وقت البناء. وتظهر دراسات خبير الآثار المقدسي د. يوسف النتشة أن تعمير هذا الأثر وترميمه جرى أكثر من مرة، وتميز بروعة فن العمارة العثمانية في القدس؛ حيث بات ايوم يشكل وحدة معمارية معقدة، نتيجة تداخل مبناه مع المباني المجاورة، مثل المدرسة البارودية؛ ما يجعل تحديد أجزائه المعمارية أمرًا صعبًا.
ويشتمل مبنى رباط بايرام جاويش على مسجد ومكتب لتعليم الأولاد القراءة والكتابة مجانًا( كُتّاب). وهو يتألف من طبقتين يتوصل إليهما عبر مدخل شمالي، يرتفع مقدار علو طبقتي البناء؛ وهو من أجمل المداخل العثمانية في القدس؛ فهو مزخرف بالأحجار الملونة المبنية بطريقة الصنج المعشقة، تعلوه الحنيات المتقنة التجويف، والقباب الصغيرة التي تتدلى خلال تتابعها المتناسق، والتي تعرف بالمقرنصات. وفي وسطه من العلو محارة حجرية مركزية تنبثق من وسطها عدة شعاعات؛ فتظهر كالشمس عند شروقها. ويؤدي المدخل إلى دركاة تفضي إلى صحن مكشوف في الطابق الأول من الجهة الشرقية. وفي الجهة الغربية درج يسير باتجاه الجنوب، ثم ينعطف غرباً للوصول إلى مختلف أجزاء الطابق الثاني وملحقاته. ويضم الطابق الثاني عدداً من الساحات المكشوفة، وأكبرها الساحة المركزية؛ كما يضم مسجداً جميلاً وغرفاً وقاعات عديدة، ويتخذ المكتب شكل المربع، وهو مسقوف بأقبية متقاطعة. وفي وسط ضريح الواقف.
خصص الواقف هذا الرباط للسكن وإيواء الأيتام. وتشير بعض الحجج الشرعية ووثائق مؤسسة “إحياء التراث والبحوث الإسلامية” إلى رعايته وتعميره، وتخصيص ريع أوقافه في القدس وقرية بني نعيم التابعة إلى ذلك. وقد حافظ على وظيفته حتى أواخر العهد العثماني؛ حيث أخذت وظيفة التعليم تغلب على دوره؛ ما يفسر معرفته بالمدرسة الرصاصية، خاصة بعد إخلاء مستأجرين يهود أخلوا في شروط استخدام أحد مراقفه المؤجرة لهم في عام (1309هـ/ 1891م). ومن المعروف أن السلطات الإسرائيلية سارعت بعد استكمال احتلالها للقدس في سنة 1967م إلى فرض مناهجها التعليمية في القدس؛ ما أدى إلى تعزيز الدور الوظيفي لهذا الأثر التعليمي وفق المنهاج التربوي الأردني، تحت مظلة مدرسة ثانوية لتلعيم الذكور في الطابق الثاني من البناء، ومكتبة في طابقه الأول.
الرباط الحموي
يقع عند باب القطانين، ولا يعرف مؤسسه، ولا تاريخ تأسيسه، وكان مؤلفًا من رباطين: أحدهما للرجال، والآخر للأرامل من النساء.
المصادر: دائرة شؤون القدس
أحياء وحارات مدينة القدس
حارة النصارى:
سميت حارة النصارى لأن أغلب سكانها من النصارى. تقع شمال غرب البلدة القديمة. وتمتد من درج باب خان الزيت وسط السوق، وحتى باب الخليل غرباً، وسويقة علون من جهة الجنوب.
على الرغم من تسميتها بحارة النصارى، إلا أن أصحاب الدكاكين فيها غالبيتهم من المسلمين، وتقع في الحارة كنيسة القيامة، يقابلها مسجد عمر بن الخطاب.
حارة المغاربة:
تقع في جنوب شرق البلدة القديمة لمدينة القدس، بجوار حائط البراق. في 6 يونيو 1967, خلال حرب الأيام الستة، احتل الجيش الإسرائيلي الجزء الشرقي من مدينة القدس، وعند نهاية الحرب، وخلال ساعات قليلة دمرت إسرائيل حارة المغاربة،مرتكبة مجزرة أثرية ومعمارية وإنسانية في المكان، وشمل ذلك 138 بناية، من بينها، جامع البراق، وجامع المغاربة، وكذلك المدرسة الأفضلية، الزاوية الفخرية، ومقام الشيخ؛ لإقامة ساحة لاستقبال مئات الآلاف من اليهود الذين جاؤوا لأداء الصلاة.
حارة الشرف:
منطقة سكنية قديمة في القدس، ملاصقة لحارة المغاربة، كانت تملكها عائلة عربية تدعى عائلة شرف، وفي أثناء الانتداب البريطاني، استأجر اليهود معظم الحارة وتملكوا حوالي 4% منها. وقد هدمت هذه الحارة خلال حرب 1948 بين العرب واليهود، وخرج منها جميع السكان اليهود وبقيت على حالها خلال العهد الأردني،وفي عام 1967م احتل الإسرائيليون القدس، وادّعوا امتلاكهم هذه الحارة. وطردوا ثلاثة آلاف من سكانها الفلسطينيين، ودمروا معظم منازلها، وحولوا اسمها إلى “حارة اليهود”!
حي الأرمن:
يقع جنوب غرب البلدة القديمة، هو أصغر أحياء المدينة المقدسة. وتعد كاتدرائية الأرمن من أهم أبنيته، وهي ما يعرف بقلعة أو برج الملك داوود، المشهورة بمآذنها وأبراجها الجميلة. ومنطقة القلعة نفسها كانت في يوم من الأيام قصرا للملك هيرودوس.
الحي الإسلامي:
يقع في الجهة الشمالية الشرقية. ويعتبر أكبر أحياء القدس القديمة، يوجد بداخله الحرم القدسي الشريف
مساجد البلدة القديمة في مدينة القدس
جامـع عمـر بـن الخطـاب
يقع في حارة النصارى إلى الجنوب من كنيسة القيامة، مطلاً على ساحتها تحديداً؛ وذلك وسط حيز حيوي يزدحم بالزوار المسيحيين والمسلمين والمحال التجارية المتخصصة ببيع التحف والأزياء الشعبية. ويعد هذا المسجد أبرز رمز إسلامي وخير شاهد على تسامح العرب المسلمين، وتعايشهم مع سواهم من أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى. وهو يقوم في الموضع الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب”رضي الله عنه” عندما فتح القدس ومنح وثيقة التسامح الشهيرة لأهلها من النصارى عام (16هـ/ 638م)؛ لذا نسب إليه منذ تأسيس الملك الأفضل له في سنة (589هـ/ 1193م). وقد اعتنى المسلمون بهذا المسجد عبر تاريخهم الطويل؛ ففي سنة (870هـ/ 1465م) تم تأسيس مئذنته المربعة الشكل والجميلة التكوين؛ وتميز بناؤه بالمتانة في القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، ويرجح أنه أضيف إليه مدخل تذكاري محفور.
وبصورة عامة، تحفل سجلات محكمة القدس الشرعية بإشارات حوله، حيث تفيد تحديد موقعه وتولي العائلات المقدسية لوظائفه.
أما اليوم فيتوصل إليه على إحدى عشر عتبة تقود الزائر إلى ساحة مكشوفة ومزروعة بالورد والكروم. أما بيت الصلاة فتغلب البساطة على شكله؛ وهو مغطى بأقبية متقاطعة تشكل جملونأً يقوم على ثلاثة أعمدة من الداخل، ويشغل مساحة متوسطة مقارنة مع المساجد الأخرى؛ ويبلغ أقصى ارتفاع له نحو أربعة أمتار تقريباً من الوسط. وقد فتح في واجهته الجنوبية محراب يتكون من حنية يعلوها نقش تذكاري حجري، يعود للبناء الذي يعلو المسجد. وقد جرى في سبعينيات القرن العشرين الماضي، تبليط جدرانه من الداخل بحجر المنشار لمنع الرطوبة، وأضيف إليه لاحقاً مكتبة لا بأس بها، ودورة مياه حديثة.
مسجد الشيخ ريحان
يقع في حارة السعدية في الجهة الشمالية الغربية من المسجد الأقصى المبارك تجاه باب الغوانمة، إلى الشرق من عقبة تحمل اسمه، وتحديداً في راس عقبة المولى (عقبة الراهبات). ينسبه عامة الناس إلى الصحابي أبي ريحانة الأزدي، الذي نزل القدس بعيد فتحها عام (16هـ/ 638م)، وعاش ودفن فيها.
يرجع البناء إلى فترة سابقة لم تحدد؛ لكن الدكتور محمد غوشة بيّن في إحدى دراساته أن أصله مسجد ومدفن، يعرفان بـ”زاوية الشيخ علي الخلوتي” الذي دفن فيه في عام (940هـ/ 1533م)؛ حيث تتبع شؤونه في سجلات محكمة القدس الشرعية من حيث إعماره ووظائفه المختلفة التي تولاها أفراد من عائلات مقدسية منها: آل غُضية، والصاحب؛ كما تناولت أوقافه التي ذكر منها دارين مجاورتين له. بالإضافة إلى أنه بين أن اسم صاحب المدفن قد تغير أواخر العهد العثماني، وأصبح يُعرف بـ(الشيخ ريحان) بعد أن تبددت أوقاف الشيخ علي الخلوتي، وتغيرت معالم زاويته. ويميل إلى أن الشيخ ريحان المنسوب إليه هذا المسجد هو الشيخ ريحان السعدي (أحد رجالات حارة السعدية الذين دفنوا في هذا المكان).
وتشير دراسة الباحث فهمي الأنصاري إلى ترميم جماعة من أهل الخير البناء وتحويله إلى مسجد في عام 1977م. وفي عام 1982م شكل أهالي حارة السعدية لجنة لترميمه وإصلاح محرابه وتوسيعه، وهو ما استكملته دائرة الأوقاف في القدس في عام 1991م.
ويُتوصل إلى المسجد من باب غربي أسفل واجهة حجرية معقودة على عمودين متقابلين أو أكثر (بائكة أو ميزان) من الطراز العثماني المتأخر. ويعلو الباب قوس محدّبة تشبه الأقواس المموجة التي شاع استخدمها في القدس منذ العهد الأيوبي، نقش في منتصفها مطلع سورة المؤمنون: ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {5}”. واسم المسجد أسفل منها. ويتألف المسجد من غرفة معقودة بقبو برميلي يرتفع عن سطح الأرضية 3. 27م، وطوله أربعة أمتار وسبعون سم؛ وعرضه ستة أمتار وخمسة وثلاثون سم. وفي أسفل المسجد قبو معقود ينزل إليه بدرجات من ناحية الشمالية الغربية، كان في الأصل المدفن القديم؛ غير أنه سُد في العام 1979م؛ وفي الواجهة الجنوبية من المسجد محراب يبلغ ارتفاعه نحو مترين، وعرضه ثلاثة أرباع المتر، يعلوه مصباحان، ويتوسط واجهته الشمالية اليوم مكتبة يعلوها مصباح. مسجد مصعب بن عمير
يقع في سويقة باب العمود، وتحديدًا على يمين الداخل من هذا الباب إلى البلدة القديمة، مقابلاً إلى مسجد أقدم وأكثر شهرة منه تاريخيا، هو مسجد الشيخ لولو، ما جعل مسجدنا غير مطروق؛ سيما أنه ينخفض في تموضعه من مستوى الأبينة المجاورة له حيث ينزل إليه ببضعة درجات. ولم يعثر على ما يشير إليه في الوثائق والسجلات الشرعية، قبل الربع الأخير من القرن العشرين الماضي. يوصف بناؤه بالقدم؛ سيما أن بلدية الاحتلال الصهيوني هدمت الأبينة المجاورة له بعيد احتلالها القدس عام 1967م، وأقامت عدة أبنية حديثة. كما يتصف المسجد بتواضع هيئته؛ إذ يغلب الشيد على مواد بنائه، والتفاوت في ارتفاع جدرانه. وتحيط به ساحة مكشوفة تقدر مساحتها بضعف مساحة المسجد البالغة 25م². وهو مبني بالطريقة الأقواس التي تنتهي بشكل أقرب إلى القبة. ويبلغ ارتفاعه في المنتصف 3,5م. وله محراب قديم بصدره، ويشتمل على مكتبة بسيطة تحوي بضعة كتب.
ورغم مباشرة سلطات الاحتلال أعمال الحفر والاعتداء والتهويد بجوار المسجد بعيد احتلالها البلدة القديمة من القدس، إلا أن الإشارات إلى العناية به وترميمه جاءت متأخرة بحسب وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية؛ ففي سنة 1979م طالبت لجنة ترميم المسجد، دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بوصل التيار الكهربائي. وفي سنة 1983م، باشرت ما تسمى بـ”شركة تطوير القدس” أعمال الحفر أمام مدخل مسجد مصعب بن عمير؛ فأغلق ودخل معترك الاحتجاج بالكتابة إلى بلدية الاحتلال احتجاجا على هذا العمل. وبعد عام من الإغلاق سجلت الرطوبة ضمن معاناته، حتى تسببت بانقطاع التيار الكهربائي حتى ستة 1991م.
مسجد الشيخ لولو
يقع في سويقة باب العمود؛ وتحديداً على يسار الداخل من هذا الباب، وفي أول الطريق المتجهة إلى حارة السعدية؛ وذلك ضمن مجمع عرف تاريخيا بالزاوية اللؤلؤية المنسوبة إلى واقفها بدر الدين لؤلؤ غازي، عتيق الملك الأشرف شعبان بن حسين (778- 764هـ/1376-1362م)، الذي وقف المدرسة اللؤلؤية بحي الواد في سنة (775هـ/1373م)، كما يفيد نص الوقفية المنقوش على حجر مثبت على مدخل المسجد ودفتر تحرير الطابو رقم 522. وقد ذكره الرحالة المشهور، عبد الغني النابلسي في زيارته في عام (1101هـ/1689م) وحدد موقعه.
يقوم هذا المسجد في موضعه في وسط ينشط بحركة زوار مدينة القدس والسوق التي تشمله. ويبدو أن تاريخ إنشائه يسبق تاريخ الوقف.
وهو مستطيل الشكل، يتألف من قسمين يفضيان على بعضهما البعض عبر باب داخلي؛ وتبلغ مساحته 128,8م²، وهي مساحة بيت الصلاة. أما ما ورد ضمن كتاب مساجد بيت المقدس من أن مساحته حوالي600 م²، فإنها تشمل الساحة المكشوفة الممتدة أمامه. ووفق تقرير وخارطة المساحة التي نظمتها دائرة الأوقاف سنة 1935، فإن مساحته 3,075م² تشمل مساحة بيت الصلاة والساحة وبعض العقارات الموقوفة عليه بجوراه؛ ما يشير إلى تناقص أوقافه مع مرور الزمن لأسباب لم تكشفها الوثائق التي اعتمدها الباحث، مع أنها تؤكد على أن تلك الأوقاف تشمل دوراً ودكاكين في الجوار وقطع أراض في قرى بيت ساور وصور باهر وعناتا. وقد بلغت واردات قرية بيت ساور وحدها مثلاً قبل منتصف القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، أكثر من 2500 أقجة. وتحفل الوثائق بإشارات إلى وظائف فيه في العهد العثماني؛ حيث تفيد انتسابهم إلى أتراك وبعض العائلات المقدسية، مثل: ابن جماعة وشكي مكي ووهبة وأبو الهدى والحريري.
ويتشكل بناء هذا المسجد معمارياً من عقد دائري مفتوح بين قبوين متصلين، والمسجد محاط بسور من الجهات الأربع، وتتصف جدرانه بالسمك (1,5) م، وهي مبلطة ببلاط أملس من الداخل حتى ارتفاع مترين، أما ارتفاعه فيصل نحو (5م)، وله محراب منحن في مركزه شريط من السيراميك الخليلي وبابان في حائطه الغربية، وأربعة شبابيك مستطيلة الشكل، ومكتبة متواضعة.
وشهد هذا المسجد تعميرات واسعة عبر تاريخه الطويل؛ بدءاً من تعميرات عام (952هـ/1545م)؛ ومروراً بالتعميرات الشاملة أيام المجلس الإسلامي الأعلى، وأهمها: تعميرات الفترة (1945-1947م)؛ حيث نتج عنها افتتاح مدرسة بإحدى الغرف الواقعة بساحة المسجد سنة 1947 عرفت بـ”مدرسة الاستقلال العربية”، وقد بلغ عدد طلابها 300 طالب.
وبموجب وثائق دائرة الأوقاف في القدس المحفوظة في مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية، باشر الشيخ كامل أفندي مبارك تعليم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة والحساب منذ 6/7/1947م.
وتواصلت تلك التعميرات بعد النكبة، ففي سنة 1954م فرشت ساحة المسجد الخارجية بالإسمنت (التي تدعى “مَدِّة” حسب التسمية الشعبية) وأدخلت مياه البلدية إليه، ثم بلطت مساحة من ساحته بالحجر الطبيعي الأملس لتكون ممراً يؤدي إليه، وزود بالتيار الكهربائي في سنة 1960م. وخلال عقدين تاليين أضيفت إليه غرف جديدة اتخذ بعضها مقراً للجنة تكفين الموتى في القدس، كما استكملت دورة مياه حديثة له تقع في الجانب الجنوبي الغربي منه.
مسجد ومقام الشيخ شكي مكي
يقع في باب الساهرة، وتحديدًا على يمين الداخل إلى داخل مدينة القدس القديمة من الباب المذكور تجاه المسجد الأقصى، حيث يقابل مدرسة القادسية. يغلب القدم والحداثة عليه؛ فأصل بنائه ضريح مقام الولي الشيخ مكي. ولأن الضريح أو المقام بات مهجوراً؛ تطوع بعض المجاورين له في سنة 1982 بتشكيل لجنة عرفت بـ”لجنة مسجد الشيخ مكي”، وتهدف إلى تعمير المسجد للصلاة لخلو المنطقة من المساجد. وبعد صدور موافقة دائرة الأوقاف في القدس على تشكيل هذه اللجنة وإنجاز المخططات والتقديرات اللازمة، بوشر بتعمير وترميم المكان وافتتح مسجداً في نفس السنة بمساحة تبلغ 24م². وفي العام التالي أدخل التيار الكهربائي إليه وافتتحت فيه مكتبة صغيرة. كما أعيد ترميمه وتكحيل جدرانه الخارجية سنة 1984م.
ويواجه هذا المسجد خطر متطرفي المستوطنين الذين استولوا في سنة 1986م على منزل مجاور له، وواصلوا الاستفزاز ومحاولات منع رفع الأذان فيه.
مسجد الملاط
يقع في منطقة الباب الجديد، وتحديداً على الطريق الواصلة من حارة الجوالدة إلى حارة النصارى. قرب دار أولاد حجيج ودير اللاتين من الغرب. وبحسب بعض الحجج الشرعية، عرفت هذه المنطقة بـ”محلة الملاط”، لم يوجد له ذكر ولم يظهر على أرض الواقع حتى العقد الأخير من القرن العشرين الماضي؛ حيث كشف عن بعض معالمه كالمحراب والجدران في أحد المساكن التابعة لدير اللاتين؛ ولا يزال هذا المسجد ضمن أملاك الدير.
جامع القلعة
يقع في الزاوية الجنوبية الغربية من قلعة القدس التاريخية المشهورة، وتحديداً في الجهة الغربية من مدينة القدس، وإلى الجهة الجنوبية من باب الخليل، أو على يمين الداخل إلى المدينة من هذا الباب. وقد أنشأه السلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون (741-709هـ/1340-1309م). كما يفيد النقش المثبت على بابه والمكتوب بالخط النسخي المملوكي الجميل، ونصه:”بسم الله الرحمن الرحيم. أنشأ هذا الجامع المبارك مولانا السلطان الناصر ناصر الدنيا والدين محمد بن السلطان الملك المنصور سيف الدنيا قلاوون أعز الله نصره في تاريخ سنة 710هـ/1310م. وقد جدد السلطان العثماني محمود الأول (1168-1143هـ/1754-1730م) هذا المسجد في سنة (1151هـ/1738م).
خصص المسجد لصلاة عساكر القلعة فيه. وكان العسكر يعينون الإمام والمؤذن، ويتولون شؤون المسجد بالتنسيق مع إدارة أوقاف القدس التي تولت الإشراف العام علية طوال الفترة العثمانية. وتحفل الحجج الشرعية من القدس بإشارات إلى عناصر مقدسية تولت الإمامة والخطابة والأذان فيه، ينحدر بعضهم من عائلة خليفة، وبعضهم الآخر من عائلة الغزي.
ونظراً إلى الموقع الاستراتيجي لهذا الجامع؛ تغيرت وظيفته مع التغيرات التاريخية السياسية التي ألمت في مدينة القدس؛ ففي الحرب العالمية الأولى، اتخذت قوات الجيش العثماني الرابع منه مخزناً للذخائر الحربية اللازمة للدفاع عن القدس وهويتها العربية الإسلامية، ثم أنيطت هذه المهمة بالمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى حتى سنة 1926م. وبعد زوال الانتداب البريطاني عن فلسطين، آل المسجد وقلعة القدس إلى عهدة الجيش العربي الأردني، الذي رابط هناك محاولاً الإفادة من هذا الموقع الاستراتيجي في الدفاع عن عروبة القدس وهويتها فأعاد المسجد إلى وظيفته الأصلية. وفي سنة 1956 أرسل قائد لواء الأميرة عالية كتاباً إلى الأوقاف يفيد بأن مئذنة المسجد بحاله خطرة، وأن في إبقائها على هذه الحال تهديد لحياة الجنود؛ وأوصى بإصلاحها.
وقد شهد المسجد محاولات تحويل وظيفته باجتثاثها وتفريغها عن مضمون هويتها التاريخي أيام الانتداب البريطاني؛ حيث بدأت حكومته بتقليص صلاحيات المجلس الإسلامي الأعلى، كما صرحت إلى مدرسة الآثار الأمريكية بتحويل المسجد إلى معرض للصور، لكن اعتراضات دائرة أوقاف القدس والمجلس الإسلامي الأعلى حالت دون ذلك طوال عقدين من الزمن، عندما أذنت سلطات الانتداب بتسليم مفتاحه إليها؛ فسارعت بدورها بتحويله إلى مخزن للأثريات القديمة؛ وطالب المجلس الإسلامي برفع الآثار وإعادة استلام مفتاحه بموجب كتاب مؤرخ 1947/4/13م. وبعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس في سنة 1967م حول القلعة ومسجدها إلى متحف.
أما معمارياً؛ فيعد هذا المسجد أجمل مساجد القدس الواقعة خارج سور الحرم الشريف، وأتقنها عمارة، وتبلغ مساحته حوالي 144 متراً مربعاً (8×18) م²، أما ارتفاعه من الداخل فيصل حوالي 6م، وبجانبه مئذنة قديمة ترجع إلى الفترة العثمانية أيضاً. وهو يتكون من بيت للصلاة يتوصل إلية عبر مدخل شرقي صغير الحجم نسبياً، ومسقوف بطريقة القبو البرميلي، وفيه محراب بديع المنظر مزخرف، عبارة عن حنية حجرية متوجة بطاقية، يتقدمها عقد ترتكز أرجله على عمودين قائمين على جانبي المحراب؛ ويقوم على يسار منبر حجري، أما أرضية المسجد فقد بلطت حديثاً. وللمسجد مئذنة بنيت سنة (938هـ/1531م) وجددت في زمن السلطان العثماني محمد الرابع في سنة (1065هـ/1654م). وهي تتكون من ثلاث طبقات حجرية؛ أولها عبارة عن قاعدة مربعة الشكل، وثانيها وثالثها أسطوانيا الشكل.
مسجد عثمان بن عفان
يقع في سوق البازار على الطريق المؤدية من باب الخليل إلى المسجد الأقصى المبارك؛ أي أنه يقع في وسط تجاري ينشط في حركة ذهاب الناس وإيابهم؛ ويبدو أن اسمه مستحدث؛ لكن بناءه يدل على قدمه. ومع ذلك، يخلط الكثيرون بينه وبين مسجد آخر في نفس السوق يعرف بـ”مسجد غباين”.
والمسجد في بنائه ضيق؛ حيث تبلغ مساحته حوالي 15م²، وهو مبلط من الداخل، وبلاطه جميل. فيه مكتبة صغيرة، ومكبرات للصوت تطل على السوق، ويتبعه متوضأ؛ ولكنه يعتمد على دورة مياه مجاورة تتبع البلدية، وتشير وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية إلى أن له خادم وإمام يدعى محمد زهير الجعبة، وإلى أنه تقام فيه أربع صلوات.
وقد ظهر خلاف بين الأوقاف في القدس والكنيسة الإنجيلية اللوثرية منذ عام 1979م، بسبب محاولات الكنيسة استغلال سطح المسجد والسوق بصورة عامة دون وجه حق؛ ذلك أن جزءاً من المسجد والسوق يقع أسفل حديقة تابعة إلى نزل الكنيسة. وحتى عام 1988م، لا تضم المؤسسة وثائق تشير إلى تسوية هذا الخلاف بين الطرفين.
المسجد اليعقوبي
يقع بمنطقة باب الخليل إلى الشرق من ساحة عمر بن الخطاب، بحارة الضوية المعروفة اليوم بـ”حارة العسلية”. يجاوره كنيسة تابعه للبروتستانت من الغرب؛ والنزل المسيحي من الشمال وبيوت ومساكن لمسيحيين من طوائف البروتستانت واللاتين والأرمن. وهو ينسب إلى الشيخ شمس الدين بن عبد الله البغدادي.
يرجع أصل البناء إلى الفترة الرومانية، وتحديداً إلى القرن السابع أو الثامن ميلادي، وقد حول في القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي إلى الزاوية دعيت منذ ذلك الوقت باسم زاوية الشيخ يعقوب العجمي، التي هجرت إثر وفاته حتى جددت في الفترة العثمانية واتخذت مسجداً تقام فيه الصلوات الخمس.
يتألف هذا المسجد اليوم من بيت للصلاة مستطيل الشكل بامتداده من الشرق إلى الغرب، وتبلغ مساحته 98م²، وارتفاعه 6م. وله محراب في الحائط الجنوبية، وساحة مكشوفة تتقدمه في الجهة الغربية مساحتها 5×12م.
تشير سجلات محكمة القدس الشرعية إلى المسجد وأوقافه التي أفاد منها، أهمها حاكورة اليعقوبي الممتدة أمامه بين دور يسكنها آل الديسي وشارع سان جيمس، وتقدر مساحتها بحوالي 10دونمات، والأرض التي تقوم عليها كنيسة البروتستانت المجاورة، وعقارات أخرى. وهكذا يمكن فهم حالة البؤس التي مر فيها المسجد حتى أواخر القرن العشرين الماضي بحسب تشير إليه وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية. ولم يبق سوى تقارير ترصد خرابه، أو حاجته للإنارة بالتيار الكهربائي عوضاً عن لامبة كاز نمرة2، أو عدم لياقته بمساجد المسلمين. وبعد عقدين ونصف من الزمن، أي في 1966/2/24م، طالبت دائرة الأوقاف في القدس بربطه بالكهرباء. ورغم أن موقوفات المسجد بيعت جميعها تقريباً لتعميرة منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادي. إلا أن فريق البحث لم يعثر على وثائق ترميمه سوى إشارة متواضعة من عام 1941م، ما دفع أحد سكان القدس إلى اقتراح تحويله إلى مدرسة ليلية لمحو الأمية، قبل ترميمه في سنة 1988م.
مسجد القرمي
يقع ضمن مجمع معماري يقوم في إحدى محلات القدس التاريخية التي كانت تعرف بمحلة مرزبان (حي القرمي اليوم)؛ وتحديداً بالقرب من حمام علاء الدين البصير. وينسب إلى مؤسس زاوية القرمي الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد التركماني الشهير بالقرمي الشافعي الذي ولد في دمشق في سنة (720هـ/1320م) وعرف بالعبادة والزهد والصلاح وتوفي في القدس سنة (788هـ/1386م). أما المسجد والزاوية فيقومان ضمن أوقاف الأمير ناصر الدين محمد بن علاء الدين شاه بن ناصر الدين محمد الجبيلي بالمحلة المذكورة الذي كان له اعتقاد كبير بالشيخ القرمي فوقف عليه ثلث أملاكه.
ويبدو أن بناء المسجد يسبق تاريخ وقفه، ولعله يرجع إلى فترة صلاح الدين الأيوبي. وتبلغ مساحته حوالي 65م² تقريباً. ويجاوره ضريح الشيخ محمد القرمي، وبجوار الضريح مصلى للنساء بمساحة 9م².
وتعرض المسجد خلال تاريخه الحافل إلى محولات تغيير وظيفته هو وأوقافه أو تعطيلها؛ فيشر كتاب مأمور الأوقاف المؤرخ في 1938م/9/1م أن إحدى أفراد عائلة الحسيني تسكنه، ما أوجب أمرا بإخلائهم. كما يشير كتاب آخر مؤرخ في 1955/12/17م إلى أنه لا يوجد وقفية لعقاراته أو أنها مفقودة. مع العلم أن حججاً شرعية تؤكد إفادة المسجد من أوقاف الأمير الواقف ناصر، ومنها: 6 دكاكين تقع بنفس المحلة، ومن حصص في البقعة وقفها الحاج خليل بن عبد القدار اللولو في (3 جمادى الآخر سنة 1014هـ/16 تشرين الأول 1605م) وحصص أخرى اشترط أن تؤول للمسجد بعد انقراض ذريته، ومن حصص بوقف خليل سعد الدين الديري في سنة (1015هـ/1606م). وبحسب تقرير مفتش الأوقاف المؤرخ في 1955/3/2م، فإن حاكورة ومعصرة، يرحج أنهما من وقف الجامع. كما تؤكد إحدى وثائق دائرة أوقاف المؤرخة في 1956/4/14م أن من أوقافه محل قهوة تقع بخط مرزبان دثرت ثم حكرت، وتم تحويلها إلى مصبنة باسم مستحكرها الشيخ محمد طاهر الحسيني (مفتي القدس). وعلاوة على ما تقدم، تعرض المسجد إلى الكثير من اعتداءات متطرفي المستوطنين المجاورين لحرمه؛ فقد سرقوا مكبرات الصوت التي تعلوه أكثر من مرة أو خلعوها، أو دمروها أحياناً؛ في حين لم تتوانَ شرطة الاحتلال وقواته عن اعتقال إمام المسجد واللجنة المشرفة على شؤونه. وساهم ذلك ببطء إعماره، ولم يتجاوز دور إدارة الأوقاف تركيب باب يفصل بين المسجد والمقيمين في حرمه بتاريخ1977/9/24م؛ لذا تشكلت لجنة من أهالي القدس أشرفت على تعميره تعميراً جذريًا، وافتتح في سنة 1967م للصلاة به مجدداً؛ وتم تزويده بالكهرباء والماء بعد عقد من الزمن، وبمكبرات الصوت بعد عقد آخر. كما جرى تعميره مرة أخرى في سنة 1994م. وهو معمور اليوم وبحالة جيدة؛ لكن عادة مشايخه هو ومشايخ الزاوية في إحياء العشر الأواخر من رمضان وتناولهم وطعام السحور فيه، وذهابهم إلى المسجد الأقصى وهم يهللون ويكبرون وينشدون وما يقومون به في صحن الصخرة المشرفة التي أشار إليها كتاب مأمور الأوقاف المؤرخ في 1956/1/5م- انقطعت الآن.
مسجد الديسي
“المسجد العمري”
يقع جنوب غرب البلدة القديمة في مدينة القدس، وتحديدا في حارة الأرمن على طريق خط داود؛ حيث يبعد حوالي 750م عن المسجد الأقصى المبارك، ويشرف على حارة تاريخية في القدس هي حارة المغاربة التي هدمها الاحتلال الإسرائيلي علم 1967م.
لا يعرف تاريخ إنشائه، ولكنه وصف بالقدم، ويفهم من وقف الكمالي بن أبي شريف للمصبنة المنصورية وقفاً درياً في عام (892هـ/1487م)، أنه كان يعرف بالمسجد العمري الذي ذكر من حدود المصبنة، وتفيد بعض تقارير مهندس الأوقاف المحفوظة في مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية أنه مر بمرحلتين عمرانيتين: الأولى، شهد إعمار المسجد القديم، والثانية جاءت استجابة إلى طلبات تعميره في السنوات (1964-1962م). وقد شهد في هذه المرحلة تجديد المحسن محمد الداود بناءه في العقد السادس من القرن العشرين، وإضافة رواق إليه بعرض 2م تقريباً، إضافة إلى مئذنة يبلغ ارتفاعها 15م يعلوها هلال، ومرافق وتسوية مساحة تبلغ نحو 60م². كما شهدت وصل التيار الكهربائي إلية بناء على طلب دائرة الأوقاف في القدس.
وتعرض المسجد بعد حرب 1967م واحتلال القوات الصهيونية القدس الشرقية إلى اعتداءات شركة صهيونية تعرف بـ”شركة تطوير الحي اليهودي”، خلال قيامها بهدم الأبنية المجاورة والملاصقة له وإقامة مساكن للمستوطنين على أنقاض عقارات الأوقاف الإسلامية. وفي عام 1976/1/20م ألمت به أضرار بالغة نتيجة مواصلتها أعمال الهدم؛ ما اضطر دائرة أوقاف القدس التقدم بطلب وقف عمليات الهدم بالمنطقة حفاظًا على المسجد. كما طالبت بترميم وتعمير ما تضرر، إلا أنها لم تلق استجابة؛ فقامت الدائرة نفسها بتعميره؛ لكن اعتداءات متطرفي المستوطنين لم تتوقف، ففي 1984/5/19م كسروا بابه الداخلي وحطموا زجاج شبابيكه وحطوا خزانة فيه؛ فقامت دائرة الأوقاف بإصلاح الضرر على نفقتها. وفي 1985/5/21 سرقت بعض محتوياته. وقد صادرت بلدية الاحتلال الإسرائيلي ساحة مجاورة له تستعملها موقفاً للسيارات. كما اقتطعت من أوقافه ممراً للمشاة يبلغ عرضه 1,5م.
ويدخل الزائر اليوم إلى هذا المسجد عبر بوابة حديدية منخفضة إلى ممر صغير يؤدي إلى بيت الصلاة البالغة مساحته 60م² (12×5). مسجد الحريري
يقع في الجزء الجنوبي الغربي من البلدة القديمة في مدينة القدس، وتحديداً في حارة الأرمن، إلى الجنوب باب الخليل، وإلى الشرق من مركز القشلة، وبجانب دير الأرمن الأرثدوكسي (ديرمار يعقوب)، أي أنه يقوم وسط سكان وعقارات للمسيحيين، وهو مسجل بسجلات الطابور مجلد 2، ص110 رقم العقد 420 سنة 1938م باسم مأمور الأوقاف الإسلامية. ينسب إلى محمد بن إبراهيم الحريري الذي أجرى في تعميرات واسعة قبل وفاته في سنة (886هـ/1481/). أما إنشاؤه، فيرجع قسم الآثار في دائرة أوقاف القدس أنه يعود إلى فترة الأيوبية.
استمر هذا المسجد في أداء رسالته حتى أواخر القرن الثالث عشر الهجري/التسع عشر الميلادي. وتفيد حجة شرعية مؤرخة في أواسط ربيع الأنوار سنة (1243هـ/1727م) أنه كان تحت تولية من عائلة الموسوس، أنه كان له أوقاف ينتفع منها، مثل دار بحارة الجوالدة بالقدس حصلت أجرتها في سنة (1396هـ/1976م) بحسب وثيقة أخرى.
وكان يتوصل إلى هذا المسجد عبر مدخل رئيسي من شارع سان جيمس، يؤدي إلى بيت الصلاة المستطيل الشكل، ضمن مساحة إجمالية تبلغ 144م2 (9×16). ويؤكد كتاب مدير دائرة الانتيكات (دائرة الآثار) المؤرخ في 1922/10/30م على موقع المسجد ويفيد “أنه خرب، ورصيفه مغطى بالردم إلى عمق 2م”. ولم يبق من بنائه الأصلي سوى جدران متهدمة، وبعض العناصر الزخرفية المعمارية المتآكلة.
وشهد هذا المسجد محاولات أرمنية أرثدوكسية لامتلاكة، وصلت حد المضايقة وإغلاق مدخله وأحد شبابيكه، وقد استشعر الأهالي ذلك، وتكررت مطالبتهم دائرة أوقاف القدس بتعميره أكثر من مرة خلال السنوات (1973-1945م). وكانت أخطر تلك المحاولات ادعاء البطريركية الأرمنية لدى المحكمة المركزية بالقدس (محمكة الاحتلال الإسرائيلي ) حق امتلاكه في 1978/5/6م. ولعدم صلاحية المحكمة للنظر في هذه القضية أحالتها إلى وزير الأديان لدى الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 1982/3/21م. فسارعت دائرة أوقاف القدس إلى محاولة تسوية الأمر باستصدار إذن ورخصة من البلدية بتعمير المسجد؛ لكن حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة أخذت في المماطلة وعرقلة المشروع؛ واحتفظت دائرة الآثار بأحد مفتاحي المسجد وعطلت الإذن بالتعمير. ومنذ ذلك التاريخ والمسجد مقفل، وحالته العمرانية تسوء يومًا بعد يوم، ويمنع الاقتراب منه للصلاة أو التعمير؛ ما يعني أن إعادة بناء هذا المسجد وفق طراز إسلامي أصيل ورفيع أصبحت ضرورة دينية ووطنية ملحة.
مسجد حارة الحدادين
وهو مسجد مُنْدَرِسٌ كان في منتصف حارة الحدادين التي تمثل جزءاً من حارة النصارى اليوم. ويفيد تقرير محفوظ في مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية، صادر عن إدارة الأوقاف في سنة 1944م “أن هذا المسجد خرب ولا يستعمل للصلاة، وأنه يقع بجوار فرن حسن بيك الترجمان، وأن أصحاب الفرن يستعملونه لتخزين الحطب. ولدى مراجعة الأوقاف لأصحاب الفرن تم استرجاع مفتاح المسجد منهم”. ولم يعثر فريق البحث الميداني له على أثر.
المسجد العمري الكبير
يقع بالجهة الجنوبية من حارة الشرف التي كانت تؤدي إلى حارة المغاربة من جهة الغرب. ويتوصل إليه عبر زقاق طويل يبدأ من التقاء طريقي باب السلسة وخان الزيت قريباً من خان السلطان، ثم الاتجاه جنوبًا. ويقوم هذا المسجد في موضع هام؛ إذ يحيط به كنيسان: واحد من الشمال، والآخر من الشرق حيث يبعد عنه نحو 50م؛ وإلى الغرب منه مدرستان متطرفتان ومركز لشرطة الاحتلال يفصلها عن المسجد الشارع العام، وبضعة دكاكين.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المسجد مؤسس على أرض وقفها أحد المسلمين قبل منتصف القرن الثامن الهجري/ الخامس عشر الميلادي؛ إلا أنه محاط بعقارات استولى عليها اليهود وعلى مواضعها من المسلمين بعدة طرق في أيامنا هذه؛ ما يجعل منه بؤرة حساسة.
أما تاريخ بناء المسجد وبانيه فيبدو أنه قريب من تاريخ وقفه، فقد أورد مؤرخ القدس (مجير الدين الحنبلي) أن بناء منارة للمسجد ”من جهة القبلة، وهي مستجدة بعد الثمانمائة”. كما أورد وقائع حول إحدى الدور الملاصقة له ويحددها بسنة (878هـ/1473م). ما دفع البعض إلى ترجيح أن إنشائه كان قبل هذه الفترة.
ويعبر المصلي إلى المسجد من بوابة حديدية مجاورة للطريق، ثم يصعد عبر ممر طوله نحو ستة أمتار، ثم يرقى عدة عتبات تقوده إلى ساحة مكشوفة يكتنفها حوض حجري يقابل الباب المؤدي إلى المصلى الذي تبلغ مساحته بحسب وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية 30م². وهو معقود بالأقواس التي تلتقي حول فوهة في الوسط؛ وتعمل هذه الفوهة مع ثلاثة شبابيك أخرى على التهوية والإضاءة، منها شباكان في حائطه الشرقية، وشباك في الجنوبية؛ وله مئذنة جميلة مربعة الشكل وملوكية الطراز، يبلغ ارتفاعها نحو 15 متراً. وقد استحدث في جداره الجنوبي محراب عبارة عن حنية، والمسجد مبلط ومفروش بالحصير. ويتبع المسجد في الجهة الجنوبية ساحة ثانية مساحتها 1,5×7م² محاطة بدرابزين حديدي؛ ويتم الوصول إليها بعتبات تؤدي إلى بوابة حديدية من جهة الجنوب الغربي، تفضي إلى دورة مياه وميضأة يجلس المتوضئ فيها على مقاعد حجرية. كما يتبعه غرفة صغيرة المساحة (2×3) م² ملاصقة مدخله، ويستخدمها المصلون في وضع امتعتهم وحوائجهم.
وتشير بعض الحجج الشرعية إلى استمرار المسجد في أداء رسالته طوال العهد العثماني؛ ما أوجب تعيين الموظفين والأئمة له من حين إلى آخر، ومنهم الشيخ أبي السعود وولده الحاج أحمد. أما أوقافه فكانت تشمل 6 دكاكين مجاورة له وداراً في القدس مكونة من غرفتين، وحاكورة تعرف بـ”حاكورة القصارة” في حارة الأرمن.
وقد أولت دار الأوقاف بالقدس هذا المسجد أهمية خاصة؛ فعمدت إلى توفير ما يحتاجه من تعمير وعناية. تشير تقاريرها من سنة 1940م إلى إهمال متولي وقفه له؛ فقررت محاسبته ومتابعة تعميراته خلال السنوات (1963-1946م)؛ لكن أحداث عامي النكبة والنكسة فقد أدت إلى هدم الدكاكين الموقوفة عليه؛ ورغم ذلك، استمرت عمليات الإعمار؛ لكن أخطار حفريات سلطات الاحتلال الصهيوني في محيطه أخذت بتهديده من جديد في عامي 1972م و1974م؛ فقامت الأوقاف ببناء جدران استنادية له، وبتكحيل مئذنته وتعمير جدرانه الخارجية والداخلية بالحجر؛ وتابعت عمليات التعمير؛ بهدف تدعيمه وتقويته حتى عام 1980م. وبعد عشرة أعوام، طالت تلك التعميرات مئذنته. وتتوالى عمليات الإعمار فيه؛ بسبب عدم توقف الاحتلال واليهود والشركات اليهودية وعلى رأسها ما يسمى بـ”شركة تطوير الحي اليهودي”، ووزارة الأديان التي باشرت الحفر بمحيط المسجد منذ سنة 1972م؛ لهذا لا يتمكن إمامه من إقامة الصلاة فيه، إلا صلاتي الظهر والعصر.
مسجد ولي الله محارب
يقع عند التقاء طريقي باب السلسة وسوق الباشورة، في أول الزقاق المتجه إلى الجنوب الموصل إلى حارتي الشرف والمغاربة. ينسب إلى منشئه ولي الله محارب الذي أنشأه في (العشر الأول من ربيع الأول 595هـ/ كانون الثاني 1199م) كما يفيد نقش التأسيس الذي يعلو مدخله.
تعرض المسجد إلى محاولات طمس نقش تأسيسه وأوقافه حتى مطلع النصف الثاني من القرن العشرين الماضي؛ لكن إلحاح المجاورين على ضرورة تعميره أدى إلى الكشف عن النقش الذي يتضمن أن المنشىء وقف عليه ثلاث دكاكين، أثبتت اثنتان منها، أما الثالثة فقد خسرتها دائرة أوقاف القدس؛ بسبب إثبات المدعى عليه ملكيته لها بالطابو.
ويتألف هذا المسجد من بيت صغير للصلاة، شكله مستطيل، وعرضه قليل، ومحرابه جميل، وسقفه مغطى بقبو نصف برميلي؛ ويبلغ طوله من الداخل 6,5م وعرضه 2م؛ وله مدخل معقود ونافذة صغيرة يطلان على الشارع العام؛ أما أرضه فهي مبلطة بالرخام.
ويواجه المسجد اليوم خطر اعتداءات الاحتلال الصهيوني من حين إلى آخر، وخاصة أطماع ما يعرف بشركة تطوير الحي اليهودي الاستيطانية، التي تسعى منذ نهاية العقد السابع من القرن العشرين الماضي إلى مصادرته. أما المستوطنون المتطرفون فلا ينفكون عن استفزاز مشاعر المسلمين ومضايقتهم حتى أنهم قاموا بتعطيل مكبر الصوت فيه، فصار الأذان يرفع فيه من خلال الربط مع مسجد البازار (عثمان بن عفان) المجاور.
مسجد سويقة علون
يقع على يمين القادم من باب الخليل إلى المسجد الأقصى المبارك، ويبعد نحو 75متراً من باب الخليل، وذلك في سوق سويقة علون الممتدة من موقف السيارات الكائن في باب الخليل وحتى ملتقى طريق البازار وحارة النصارى.
يرجع بناؤه إلى الفترة العثمانية، وتكشف وثائق المجلس الإسلامي الأعلى عن إصلاحات أجريت فيه في عام 1945م تضمنت استبدال بابه بباب خشبي جديد، وتعيين إمام له يدعى الشيخ كامل مبارك. وبعد ثلاثة أعوام، تم تزويده بالكهرباء، وسمي “مسجد حمزة بن عبد المطلب”. وقد تم الكشف عليه بعد ثلاثة عقود، فتبين أنه بحاجة إلى توصيل التيار الكهربائي.
وهناك مدخلان متتاليان للمسجد، يصعد إلى الأولى على درجتين خارجتين تقود إلى سبع درجات أخرى من الداخل، ثم إلى دهليز لا يزيد عرضه عن متر واحد وطوله ثلاثة أمتار؛ أما المدخل الثاني فهو يؤدي إلى المصلى. وهناك متوضأ أصله صهريج لخزن المياه. والمسجد صغير المساحة، تغلب الأقواس على بنائه، وهي تنتهي بعقد نصف برميلي. أما سطحه فهو مستو، يعلوه برج يحمل مكبر صوت. وللمسجد محراب مجوف مبلط ببلاط صغير ملون. وقد تم ترميم هذا البلاط مؤخراً، وكذلك تبليط أرضيته وجدرانه حتى ارتفاع متر. ويتبع المسجد دكان مجاورة. وفيه مكتبة صغيرة متواضعة. وتقام في صلوات الظهر والعصر والمغرب من أصحاب المحال المجاورة ورواد السوق.
مسجد درغث
يقع في منتصف طريق الواد المؤدية إلى المسجد الأقصى من جهة باب العمود، وتحديداً مقابل المستشفى الحكومي (الهوسبيس) وفي الطابق الثاني بجوار فندق أهرام. ووفق وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية فإن المسجد يقع ضمن حوض رقم 14 البلدة القديمة /القدس، وقسائم رقم 83,82,81، وبمساحة إجمالية قدرها 148م².
ويبدو أن تاريخ بناء المسجد إلى الفترة العثمانية، فقد ورد في أحد الكتب الصادرة عن مأمور أوقاف القدس في منتصف القرن العشرين الماضي إشارات إلى بعض معالمه كالمحراب وقوس وبقايا المئذنة. أما بناؤه القائم حالياً فيرجع إلى ما بعد هذا التارخ بعقد من الزمن؛ حيث تقدم السيد أحمد القره جولي (مدير بنك الأمة بالقدس، ووكيل السيد محمد عبده حلمي باشا)، إلى دائرة أوقاف القدس بطلب إعادة بناء مسجد درغث عن روح المرحوم أحمد حلمي باشا. وفي 1964/9/18م باشر المقاول خضر أبو صوي العمل فيه. وتشير وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية إلى تنسيق دائرة أوقاف القدس مع بلديتها العربية لهذا الغرض. وفي 1965/4/20م بوشر بعملية الهدم وإزالة الأنقاض والبناء. وقد أنجز بناء أربعة مخازن تقع أسف المسجد في مطلع سنة 1966م. وبوشر ببناء المسجد بتاريخ 1966/9/27م. وتم الانتهاء منه بعد ثلاثة أشهر. وتبلغ مساحته من الداخل 120م²، ويشمل: دورة للمياه، ومئذنه يعلوها هلال. وقد استخدمت الكهرباء في إنارته منذ افتتاحه للصلاة في سنة 1967م. أما تسميته فقد نسبت إلى ما يعتقد أنه أحد الأولياء الصالحين المدفون في مقام له يقع خلف المسجد.
ويرد في سجلات محكمة القدس الشرعية حجج حول أوقاف درغث آغا الذي وقف عقارات وربعة شريفة في قبة الصخرة المشرفة. ويفيد كتاب مأمور الأوقاف المؤرخ في 1953/11/11م أن أوقافه تشمل حاكورة مقابل المستشفى الحكومي/ الهوسبيس مسجلة تحت رقم 110. كما تشمل أوقافه أربع دكاكين.
المسجد القديم في سوق خان الزيت
“أبو بكر الصديق”
يقع في زقاق تايخي يتردد كثيراً في الوثائق، هو زقاق أبي شامة، المعروف اليوم بـ”حوش الشاويش” ويقوم هذا المسجد بالتحديد في آخر سوق خان الزيت، على بعد نحو 80 متراً من سوق العطارين. أي أنه يقع في مركز تجاري هام من مدينة القدس؛ حيث يبعد مسافة 800م تقريباً عن المسجد الأقصى المبارك، وينسب إلى مؤسسه أبي بكر بن عمر الحلبي الذي أنشأه حوالي سنة (1063هـ/1652م). ويبدو أن البعض وجد في تسميته تلك مسوغاً لنسبة البكرية والعمرية. ففي سنة (1295هـ/1878م) تشير بعض حجج محكمة القدس الشرعية إلى أنه كان يدعى بـ”المسجد العمري”.
وفي سنة 1927م، تشير بعض وثائق المجلس الإسلامي الأعلى في مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية إلى اتخاذ مسجد علوي في بناء مجاور أطلق عليه اسم مسجد أبي بكر الصديق.
استمر هذا المسجد في أداء وظيفته المتمثلة في إقامة أصحاب الدكاكين المجاورة له هم وبعض رواد مركز المدينة التجاري الهام الصلاة فيه، وفي تعليم الصغار قراءة القرآن الكريم حتى زلزال عام 1927م، الذي تسبب في تهدمه وتعطله ”وتجرده عن الأمور الصحية” وتقليص مساحته، بسبب غلبة بعض أصحاب العقارات المجاورة على أجزاء منه؛ فغدى غرفة صغيرة لا تزيد مساحتها عن 5,20م×2,80م يفتح بابها شمالًا (حسبما تفيد بعض الحجج الشرعية ووثائق دائرة الأوقاف المحفوظة في مؤسسة للباحث فهمي الأنصاري)؛ لذا اعتبرها المجلس الإسلامي الأعلى، من الأوقاف المندرسة، سيما أنه يتبع أوقاف البيمارستان الصلاحي المندرسة، وأذن بتأجيرها إلى جماعة من آل العمد؛ فاستخدموه مخزناً لمصنع حلاوة، وبقي على هذه الحال حتى عام 1983 عندما كشف مستأجر العقار محراب المسجد القديم خلال ترميمات أجراها فيها، فاقترح إعادته إلى الأوقاف مقابل استرداده تكاليف الترميم؛ وتمت إعادته إلى الأوقاف مقابل ردّ تكاليف الترميم، وألحقت بالمسجد الذي يعلوه وصار مكتبة إسلامية.
وفي الوقت نفسه، استعاض المجلس الإسلامي الأعلى عنه بتجهيز عقار من العقارات التي تعلو مسجد سوق خان الزيت وبعض العقارات المجاروة العائدة إلى أوقاف البيمارستان الصلاحي استخدم كمسكن فترة من الزمن، ثم أجر بأجرة سنوية قدرها أربعون جنيهاً فلسطينياً حتى عام 1928م إلى الخطاط عبد القادر أفندي الشهابي الذي استخدمه مرسماً، وكان ريعه يؤول إلى لجنة المعارف الأهلية في نهاية الحكم العثماني. وأطلق على المسجد الجديد اسم “مسجد أبو بكر الصديق”.
ويمكن الصعود إلى هذا المسجد الجديد (مسجد أبو بكر الصديق) من مدخل يقع إلى الغرب من مسجد سوق خان الزيت على 19 درجة تؤدي إلى ساحة مكشوفة، ثم إلى المصلى الذي يتخذ شكل المستطيل بامتداده من الجنوب إلى الشمال بأبعاد (14م×6م). وأجري فيه تعميرات متوالية خلال الفترة (1980-1933م) حتى استقر على حاله القائمة اليوم. ويتبع هذا المسجد مصلى للنساء ومتوضأ متقن ودورة مياه صحية بنيت في سنة 1976م.
مسجد بد العشرة
كان يقع في منطقة الباب الجديد قرب بطريريكية دير اللاتين؛ حيث تفصل الطرق بينهما. وهو مسجد قديم وردت حوله إشارات في سجلات محكمة القدس الشرعية منذ القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، ما يشير إلى إنشائه قبل العهد العثماني في القدس. ومن تلك الإشارات ما يورد بعض أوقافه، مثل دار في محلة الجوالدة، استبدلت في سنة (1068هـ/ 1657م) بسبب خرابها.
لعله درس في أواخر هذا العهد، حيث تفيد بعض تقارير المجلس الإسلامي الأعلى العائدة إلى سنة 1925م إشراف إدارة المعارف عليه وعلى أوقافه التي تذكر منها بَداً لعصر الزيتون. كما تذكر انتقاله إلى إشراف دائرة الأوقاف. ويفيد تقرير الهيئة الفنية لعمارة الحرم الشريف في سنة 1928م أن البد خرب، ومساحته الخاصة بالأوقاف 845 ذرعًا، وبالقرب منه بناءان: يستعمل أحدهما مطبعة مساحته 165 ذراعًا، ويستعمل الثاني منجرة ومساحته 174 ذراعًا. وفي 1928/6/26م تقدم وكيل بطريركية اللاتين لإدارة الأوقاف بكتاب يذكر فيه حدود البد الموقوف وخرابه، وطلب استبداله بالنقود. ويشير تقرير آخر إلى أن الطريق إلى المسجد تمر عبر البطريركية نفسها. وفي سنة 1950/9/12م، طلبت نقابة عمال بلدية القدس من إدارة الأوقاف تعمير واستغلال هذا الجامع؛ ولعله من المساجد المندرسة بالقدس الشريف اليوم.
مسجد الست قمرة
يقع في باب الجديد، وعلى يمين الداخل منه. تنسب تسميته إلى عدد من الأمراء المجاهدين الذين توفوا في القدس ودفنوا في القبة القيمرية، وهم: الأمير حسام الدين أبو الحسن بن أبي الفوارس القيميري المتوفى سنة (648هـ/ 1250م)، والأمير ضياء الدين موسى بن أبي الفوارس المتوفى سنة (661هـ/ 1262م)، والأمير ناصر الدين بن حسن القيميري المتوفى سنة (665هـ/ 1266م)، والأمير ناصر الدين محمد جابر بك أحد أمراء الطبلخانة بالشام وناظر الحرمين بالقدس والخليل المتوفى في سنة (776هـ/ 1374م)؛ ما دفع خبير الآثار أحمد طه إلى عدم استبعاد علاقة المسجد مع القبة القيمرية التي تقع قرب مقام سيدنا عكاشة الواقع إلى الغرب من أسوار مدينة القدس، ويرى أيضًا أن أصله ربما كان زاوية ضمت المسجد وصرح مؤسسها. ويجزم أن البناء القائم اليوم يعود إلى الفترة العثمانية.
ويتوصل إليه عبر مدخل بسيط يؤدي إلى ساحة مكشوفة، يقوم في جزئها الغربي بيت الصلاة. وهو مربع الشكل، تعلوه قبة ضحلة ترتكز على قاعدة مثمنة تتكون: من أركان بيت الصلاة الأربعة الأصلية، وأربعة أركان معقودة أقيم كل واحد منها على جدار منه. وهناك محراب في منتصف الواجهة الجنوبية لبيت الصلاة عبارة عن حنية مجوفة داخل الجدار. أما الجزء الجنوبي من الساحة المكشوفة، فتقوم علية غرفة صغيرة تضم الضريح.
ويرد في وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية إشارات حول شؤون المسجد وموظفيه، ما يدل على أدائه لرسالته حتى عام 1948م، حيث لحقت به أضرار خلال الحرب التي شنتها العصابات الصهيونية. وفي سنة 1950م باشرت بلدة القدس العربية بالتنسيق مع إدارة أوقاف القدس في إعمار ما تهدم من عقاراته. وتواصلت عملية الإعمار فيه بعد حرب حزيران 1967م، حيث أزيلت الاستحكامات العسكرية المقابلة له. وقد سلمته البلدية إلى أوقاف القدس التي طلبت إعادة وصل التيار الكهربائي إليه في سنة 1973م. كما استرجعت أرضاً مجاورة للمسجد مساحتها 80م² له في سنة 1987م. وبعد ثلاثة أعوام، أجرت دائرة أوقاف القدس تعميراً شاملاً فيه.
في سنة 1992م بدأ التفكير بإدخال وظيفة تعليمية تربوية دعوية على رسالة المسجد، كما يفهم من طلب جمعية المسجد الأقصى الخيرية استغلال الأرض التابعة إلى المسجد ومرفقاته بإنشاء روضة ومكتبة وعقد دروس دينية، وتكللت الجهود بإقامة مدرسة الهدى لتعليم الأطفال حتى سن الثانية عشرة (الصف السادس الأساسي).
مسـجد الحيـات
يقع في منتصف حارة النصارى، بين الدرج المؤدي إلى كنيسة القيامة والطريق (عقبة) المؤدية إلى الخانقاة الصلاحية، ويحده من الشرق كنيسة القيامة. وهو مسجد صغير، يقوم وسط مجموعة من المحال التجارية في الصف الشرقي المقابل إلى الكنيسة. ويتخذ الشكل المربع في مساحته البالغة 16م². ويبدو أن قُرْبَه من مساجد أكبر منه، جعل وظيفته مقتصرة على أصحاب المحال التجارية والمتجولين من المسلمين في المحلات المجاورة له. وربما ساهم ذلك في هجرانه وتغير وظيفته، إذ يفيد تقرير مؤرخ في سنة 1938م بأنه خرب ومهجور، ما استدعى ترميمه وافتتاحه أمام المصلين. كما يفيد مؤرخ في سنة 1946م أنه كان مؤجراً لجمعية المكفوفين، ويستخدم في تعليم صناعة الكراسي. وربما تسبب ذلك في كثرة عمليات الإعمار فيه كما في السنوات 1958م و1975 و1981م. وفي كافة الأحوال، يقتصر المسجد على بيت الصلاة دون المئذنة أو مكبر صوت أو دورة مياه، إلا أنه مبلط ومضاء بالكهرباء، ويشرف عليه قيم من دائرة الأوقاف الإسلامية.
مسـجد قـلاوون (المنصـوري)
يقع في طريق مار فرنسيس، مقابل دير اللاتين الكبير، بالقرب من الباب الجديد. ينسب إلى مؤسسه وواقفه السلطان المملوكي الملك المنصور سيف الدين قلاوون (689-678هـ/ 1290-1279م)، الذي شيده ووقفه في سنة (686هـ/1287م) كما يفيد النقش المثبت على حائطه المطل على الطريق العام.
يتوصل إلى المسجد عبر باب يقع في الجدار الشمالي منه، يؤدي على بيت الصلاة مباشرةً. ويتخذ هذا المسجد شكل المستطيل، وهو مغطى بقبو برميلي، وفي منتصف واجهته الجنوبية محراب حجري يتكون من حنية متوجة.
ويبدو أن المسجد المنصوري قد أهمل بعض الوقت، ما أدى على خرابه والخلط في تسميته الأصلية، فمثلاً كان يعرف حتى فترة قريبة بالمسجد القلندري. تم إصلاحه مؤخراً، ونقش اسمه الأصلي (المسجد المنصوري) على لوحة من الرخام ثبتت فوق مدخله.
الجـامـع الأزرق
يقع في أعلى محلة الجواعنة إلى المسجد اليعقوبي. ذكره مؤرخ القدس مجير الدين الحنبلي، وحدد موقعه شرقي زاوية البلاسي المنسوبة للشيخ إبراهيم الأزرق المتوفى في سنة (780هـ/1378م) والمدفون فيها هو وجماعة آخرون؛ ما يشير إلى أن تاريخ إنشائه يرجع إلى ما هو أقدم من ذلك.
ويرد هذا المسجد في وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية العائدة إلى نهاية العهد العثماني التي تضيف أنه مجاور مقبرة للأطفال ودار وقف قنديل الجارية في أوقاف سيدنا الخليل عليه السلام والصخرة المشرفة، وأن هذه الدار مؤجرة بحكر سنوي قدره535 قرشاً، وأن مستشفى مسكاب لداخ أحد المستأجرين فيها. وقد استغلت إدارة هذا المستشفى فقدان الأمن والفوضى التي سادت عشية الحرب العالمية الأولى، فاعتدت على أرض المسجد ببناء غرفة وفتح شبابيك. وبعد الكشف على الاعتداء، صدر قرار بهدم الغرفة وإزالة التعدي، إلا أنه لم ينفذ بسبب قيام الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية. فاندثر المسجد واستولى عليه مستشفى مسكاب لداخ. ويبدو أن إدارة المستشفى استولت على المقبرة أيضاً؛ إذ أن زائر تلك المنطقة لا يجد أثراً لهما.
مسجـد ومقـام السيوفـي
يقع في حي الواد على مقربة من سوق القطانين. لا يعرف تاريخ إنشائه. له محراب وفيه مقام ينسبه الناس إلى أحد الأولياء يُعرف باليوسفي. وأموال أبعاده (8×4) م2.
وتشير وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية إلى تعميرات ضرورية أجريت فيه في سنة 1979م. وإلى طلب دائرة الأوقاف في القدس من شركة الكهرباء لتزويده بالتيار الكهربائي وتكحيل واجهته الأمامية. ومد سطحه لمنع الدلف عنه. وبعد نحو عقد من الزمن طلبت اشتراكاً له مع شبكة المياه، ووصله بالتيار الكهربائي فعليًا. وتعرض في سنة 1990م إلى أضرار بسبب تسرب مياه المجاري العامة إليه وعولج الأمر.
مسجد المئذنة الحمراء
يقع في حارة السعدية بخط المئذنة الحمراء، متوسطا الطريق بين عقبتي البسطامي وشداد، ومجاوراً مقام الشيخ ريحان. ويمكن الوصول إليه عن طريق مدخل باب الساهرة أو عن طريق الآلام. أنشأه الشيخ علاء الدين الخلوتي، ابن الشيخ شمس الدين محمد الخلوتي قبل عام (940هـ/1533م). وتفيد بعض الحجج الشرعية نسبته إلى مئذنته التي يدخل الحجر الأحمر في بنائها، منفردًا بهذه الصفة في الحارة التي يقع فيها. وبصورة عامة.
يعد هذا المسجد من المعالم العثمانية في مدنية القدس. وهو مربع الشكل صغير المساحة؛ إذ لا تتجاوز مساحة بيت الصلاة فيه (4×9) م². وقد بني من الحجر المتتالي فيه اللونان الأحمر والأبيض (الحجر المزي)، وله باب في حائطه الشمالي. ويتوسط جداره الجنوبي محراب جميل له عقد نصف دائري. أما سقف المسجد فهو معقود بقبو مروحي متقاطع له قبة نجمية؛ إضافة إلى مئذنته المميزة. يتبعه دورة مياه وما تبقى من الحاكورة التي أنشأ فيها، والتي زرع فيها أشجار فاكهة منوعة.
وتحفل الحجج الشرعية ووثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية، بإشارات تتضمن ذكراً لبعض موظفيه الذين كانوا من العناصر التركية والمقدسية، حيث أفادت من أوقاف رصدت على مصالح المسجد. كما تحفل بإشارات إلى تعمير أكثر من خمس مرات في منتصف القرن العشرين، وتحديداً منذ عام 1909م، حيث قدرت كلفة تعميره بـ 3750 قرشاً. وقد تمت إنارته في عام 1960م، وبعد عقدين من الزمن، جرى تكحيل جدرانه الخارجية.
ولم ينج هذا المسجد من اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس؛ إذ منعت رفع الأذان فيه.
جامع الشيخ غباين
يقع في سوق البازار، على الطريق المؤدية من باب الخليل إلى المسجد الأقصى المبارك، وتحديداً في شارع السوق الرئيسية. أي أنه يقع في وسط تجاري ينشط في حركة ذهاب الناس وإيابهم. يبدو أن اسمه مستحدث؛ ومع ذلك، يخلط الكثيرون بينه وبين مسجد آخر في نفس السوق يعرف باسم “مسجد عثمان بن عفان”؛ ولا يعرف تاريخ إنشائه، لكن وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية تحفل بإشارات حول تعميره منذ الثلث الثاني من القرن العشرين الماضي، وتحديداً منذ عام 1938م حتى عام 1990م؛ كما تفيد أن دائرة الأوقاف في القدس اقتطعت من هذا المسجد دكاناً مجاورة تقع في قطعة رقم 47 حوض 28، وأنها كانت بِتَصَرُّفْ أحد أفراد عائلة الكيالي بطريق الإجارة منذ سنة 1942. وفي سنة 1958، تحفظ القيم في الحكومة الأردنية على تلك الدكان، بسبب إقامة المستأجر المذكور في مدينة يافا. وقد نجحت دائرة الأوقاف بإنقاذه، فأعدت له مخططات مساحة وأجرت بعض التعميرات في سنة 1990م.
قلاع وأبراج في مدينة القدس القديمة
قلعة القدس
تقع على مرتفع صخري في الجهة الغربية من مدينة القدس، وتحديداً على يمين الداخل إليها من باب الخليل. وهي تتموضع فوق أعلى مرتفع في مدينة القدس يمكّن من الإشراف على المدينة والقضاء المحيط بها من أكثر وأخطر الجهات انفتاحاً عليها.
منذ البدايات الأولى لإنشاء قلعة في مدينتنا على أيام اليبوسيين الأوائل، إلا أنها هدمت وأعيد إنشاؤها أكثر من مرة عبر تاريخها العريق. ومع إمكانية الإشارة إلى ما تبقى من آثار كنعانية ويونانية ورومانية وبيزنطية، إلا أن القلعة القائمة حالياً جلها قلعة إسلامية، تمكنت من استيعاب هيكلها العام منذ أن جددها هيرودس الأدومي الكبير (4- 38) ق.م، والقلعة الأموية الأصغر مساحة من القائمة حالياً، والإضافات التي أضافها الفرنجة إثر إحتلالهم مدينتنا في سنة (492 هـ/ 1099 م)، وإصلاحات سلاطين بني أيوب فيها منذ نجح صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس في عام (583 هـ/ 1187 م) وإعادة البناء المملوكية لها؛ إثر نجاح السلطان الأشرف خليل بن قلاوون بتحرير عكا وطرد الفرنجة من الشرق في عام (691 هـ/ 1291 م)، وظلت قائمة حتى “تلاشت أحوالها… وتشعثت” (حسب وصف مؤرخ القدس مجير الدين الحنبلي)؛ فأمر السلطان العثماني سليمان القانوني القانوني في سنة (938 هـ/ 1531 م) بترميم مبانيها، كما يفيد نقش التجديد، ونصه: “أمر بترميم الحصنة الشريفة السلطان الأعظم والخاقان المعظم مالك رقاب الأمم، مستخدم أرباب السيف والقلم، خادم الحرمين والبقعة الأقدسية، قدس الله أرواح آبائه المقدسة منبع الأمن والإيمان والأماني، السلطان ابن عثمان سليمان، أمد الله بقاءه ما دام القبة على الصخرة في سنة حصل الخير 938 هـ”. وذلك بإشراف محمد بك.
وكان يحيط بالقلعة خندق من جهاتها الشرقية والغربية والشمالية؛ يعلوه جسر خشبي متحرك يمكّن من العبور إلى الشارع العام، ومن ربط مدخل القلعة الرئيس بالغرف والقاعات الداخلية فيها. وقد ظل قائماً منذ أيام السلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون (709- 741 هـ/ 1309- 1340 م) حتى ردم جزء منه بمناسبة زيارة إمبراطور ألمانيا (غليوم الثاني) إلى القدس عام (1315 هـ/ 1898م). أما الأجزاء الأخرى فقد ردمت عام 1937 م.
والقلعة حصن عظيم البناء تتوفر فيه كافة المرافق التي تلزم وظيفتها في السلم والحرب. تحفل سجلات محكمة القدس الشرعية ووثائق “مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية” بالوثائق التي تمكن الباحث من دراسة دورها في الإشراف على المدينة وإدارتها، حتى أضحت رمزاً لسلطة السلطان العثماني على المدينة، بل ورمزاً للعصيان والتمرد عليه، كما في ثورة نقيب الإشراف بين عامي (1114- 1116 هـ/ 1703- 1705 م)، وفتنة عام (1239 هـ/ 1824 م)، والثورة على إبراهيم باشا المصري في عام (1249 هـ/ 1834 م)، واحتلال المدينة وإخضاعها، كما فعل قائد جيش الاحتلال الإنجليزي (الجنرال اللنبي) عندما احتل القدس وأعلن انتهاء الحروب الصليبية. كما تمكن الباحث من تحديد مرافقها تحديداً معمارياً دقيقًا، ومن دراسة بنيتها الإدارية والوظائف التي أنيطت بالموظفين. فيها خمسة أبراج للمراقبة، أكبرها برج داود الذي يقع في الجهة الشمالية الشرقية منها، وعرف باسمه “برج القلعة”. وكذلك هناك برج غز الذي يقع على حافة الخندق، ويمتد باتجاه جنوبي شمالي، وبرج الكتخدا. وفي القلعة أيضاً مجموعة من مخازن التموين والعلف والعتاد. ويوجد السجن ملاصقاً للسور في الجهة الغربية منها.
وفي القلعة أيضاً مصطبة كان يعتليها ضارب طبل أثناء الإعلام بدخول وقت الصلاة (النوبة خانة وضارب النوبة).
وقد أنشأ فيها السلطان المملوكي (الملك الناصر محمد بن قلاوون) في سنة (710هـ/ 1310م) مسجداً للصلاة من أجمل المساجد في القدس خارج الحرم الشريف. كما تشتمل القلعة على مساكن قائدها والعساكر المرابطة فيها (الدزدار) ونائبه (الكيخيا) والإمام والواعظ والمؤذن والمقرئ، إضافة الى ثكنات الجند وإسطبلات خيولهم.
وبهدف الحفاظ على القلعة وأداء وظيفتها، أجرى العثمانيون عدة ترميمات فيها كما في الأعوام (938هـ/ 1531م) و(963هـ/ 1555م) و(1065هـ/ 1654م) و(1144هـ/ 1731م) و(1151هـ/ 1738م). وقد تمركزت فيها قوات الجيش العثماني الرابع وشحنتها بالذخائر الحربية اللازمة للدفاع عن القدس وهويتها العربية الإسلامية.
اهتم البريطانيون بالقلعة، ورمموها، وحولوها إلى مركز ثقافي، وقاعات معارض محلية؛ ما أثار حفيظة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الذي تولى الإشراف عليها حتى 1926م. وبعد زوال الانتداب البريطاني عن فلسطين، آلت قلعة القدس إلى عهدة الجيش العربي الأردني، الذي رابط هناك محاولاً الإفادة من الموقع الإستراتيجي في الدفاع عن عروبة القدس وهويتها؛ فأعاد مسجدها، تحديداً، إلى وظيفته الأصليه.
وفي سنة 1956م أرسل قائد لواء الأميرة عالية كتاباً إلى الأوقاف طالباً إجراء إصلاحات فيها؛ إلا أنّ هذه الجهود أجهضت إثر عدوان عام 1967م الذي كان احتلال مدينتنا إحدى نتائجه الوخيمة على الأمة، فقد أتاح فرصة كبيرة لإجراء الحفريات الواسعة التي تخدم فكرة التهويد وتزوير التاريخ العربي الإسلامي الأصيل للمدينة؛ ولتحقيق ذلك؛ افتتح الاحتلال في شهر نيسان (أبريل) 1989م متحفاً فيها.
بـرج اللقلـق
يقع في الزاوية الشماليه الشرقية لسور القدس مقابل المتحف الفلسطيني (روكفلر)، يبدو أنّه يرجع إلى التحصينات التي شادها الأيوبيون في سور مدينة القدس إثر تحرير صلاح الدين اللأيوبي للمدينة في عام (583 هـ/ 1187م). وقد أعيد بناؤه ضمن مشروع السلطان العثماني (سليمان القانوني) لتجديد سور القدس في سنة (947هـ/ 1540م) (كما يفيد نقش التجديد الحجري المعلق في سور القدس أسفل البرج).
ولا يختلف هذا البرج وظيفياً ومعمارياً عن برج الكبريت؛ إلّا أنّه يتألف من طبقتين، يتوصل إليهما عبر مدخل غربي صغير وبسيط، يقود إلى ممر منكسر ومستطيل الشكل ومغطى بسقف أشبه بقبو نصف برميلي، كما تتصف جدران الطبقة الأولى بالضخامة، كي تتناسب مع حجارة الجدران الشمالية، والشرقية، والجنوبية لها؛ إذ إنها تشكل أقساماً من سور القدس؛ ناهيك عن أنها تقوم بمهمة الدفاع عن المدينة من الجهة الأكثر انفتاحاًعلى ما حولها. وهناك قاعة صغيرة تشبة الإيوان ضمن هذه الطبقة المغطاة جلها بقبو متقاطع. ويقود إلى الطبقة الثانية سلم حجري يقابل المدخل. وهناك ممر علوي يقود إلى سور المدينة نفسه، يشاركه الدوران حول المدينة.
برج كبريت
منشأة معمارية عسكرية أقيمت في الجدار الجنوبي لسور القدس، وتحديداً في المنطقة المحصورة بين بابي المغاربة و”سيدنا داود” عليه السلام. يبدو أنه يرجع إلى التحصينات التي شادها الأيوبيون في سور مدينة القدس، إثر تحرير صلاح الدين الأيوبي للمدينة في عام (583 هـ/ 1187م). وقد أعيد بناؤه في سنة (947 هـ/ 1540م) (كما يفيد نقش التجديد الحجري الذي يتوسط واجهته الجنوبية من الخارج).
وهو مستطيل الشكل، يتألف من ثلاث طبقات، يتوصل إليها عبر مدخل شمالي صغير يلج في داخل السور، ويتخلل الجدران الجنوبية والغربية والشرقية لأول طبقتين عدد من الفتحات الطولية العمودية التي تسمح بالرمي والمراقبة وتوفر الحماية للمتحصن خلفها، والتي تعرف بـ”المزاغل”؛ أما الطبقة الثالثة فهي عبارة عن ساحة مكشوفة، يحدها من جهاتها الأربع باستثناء الجهة الشمالية المطلة على الحرم الشريف- نهايات ارتفاع السور التي يزيد ارتفاعها تقريباً عن الساحة المكشوفة مقدار ارتفاع قامة الرجل. وتقوم هذه الارتفاعات بمثابة الاستحكامات التي تُمكِّن الجنود من استكشاف ما حول المدينة، ومراقبة العدو حال حصاره لها، والدفاع عنها في حال مهاجمته لها.
المصدر: دائرة شؤون القدس/ منظمة التحرير الفلسطينية
أبرز عقبات البلدة القديمة في القدس
حارات القدس القديمة وشوارعها مليئة بالأدراج (العقبات)، أنشئت الكثير منها خلال الفترة الأيوبية، ونسبت أسماؤها إلى أشخاص أو عائلات سكنتها أو أماكن احتوتها؛ وتعد هذه العقبات، التي تجمع بين العراقة والجمال، الشرايين التي تربط بين حارات المدينة المقدسة وأسواقها.
وتتعرض هذه العقبات، كغيرها من مكونات البلدة القديمة، لهجمة شرسة تستهدف تهويد أسمائها والسيطرة على أماكنها المقدسة والتاريخية ومنازلها ومحلاتها التجارية، بقرارات حكومية إسرائيلية وإجراءات بلدية عنصرية، ومخططات جمعيات استيطانية، وحفريات تدميرية لم توصل الاحتلال إلى أي أسانيد تثبت روايته التاريخية أو الدينية.
وأهم هذه العقبات:
عقبة التوتة
تقع عقبة التوتة داخل أسوار البلدة القديمة؛ وهي طريق صغير توصل طريق الواد (أحد شرايين البلدة القديمة المهمة) بطريق خان الزيت.
عقبة الشيخ لولو
عقبة الشيخ لولو تقع جنوب شرق باب العمود بملاصقة سور البلدة القديمة؛ على يسار الداخل المتجه إلى مسجد الشيخ لولو وحارة السعدية. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الأمير بدر الدين لؤلؤ، أحد أمراء عهد صلاح الدين الأيوبي.
عقبة الشيخ ريحان
تقع عقبة الشيخ ريحان في حارة السعدية، داخل اسوار البلدة القديمة؛ وتحديدًا، في حارة السعدية، في الحي الإسلامي، سميت بهذا الاسم نسبة إلى مسجد الشيخ ريحان المقام فيها.
عقبة السرايا
تقع عقبة السرايا في الحي الإسلامي، داخل أسوار البلد القديمة، وهي الطريق الممتدة من عقبة الخالدية، باتجاه طريق القرمي؛ وتوجد فيها مدرسة الأيتام الإسلامية الصناعية.
عقبة الأصلية
تمتد من طريق الواد باتجاه طريق الهلال الأحمر؛ وهي خلف النزل النمساوي؛ على يسار طريق الواد عند الصعود باتجاه الشرق.
عقبة الخالدية
وهي الطريق الممتد من من طريق الواد، مقابل سوق القطانين؛ وتمتد غربًا باتجاه طريق القرمي. استولى المستوطنون على بعض منازلها وأقاموا كنيسًا أيضًا.
عقبة شداد
تقع في حارة السعدية، في الحي الإسلامي داخل أسوار البلدة القديمة؛ وهي إحدى الطرق الواصلة بين عقبة درويش وطريق المئذنة الحمراء؛ نصل منها إلى عقبة الشيخ حسن، ثم إلى طريق المجاهدين إلى المسجد الأقصى.
عقبة البطيخ
توجد وسط سوق خان الزيت، مقابل عقبة التوتة صعودًا باتجاه حارة النصارى؛ وهي طريق تصل خان الزيت بحارة النصارى؛ ويعد مفترق هذه الطريق، بين خان الزيت والبطيخ، أحد الروابط التي تربط الحي الإسلامي بالمسيحي.
عقبة المولوية
وهي طريق تمتد من طريق المئذنة الحمراء، باتجاه باب العمود مرورًا بعقبة الشيخ ريحان؛ ويوجد فيها مقام وجامع الزاوية المولوية.
عقبة البسطامي
تقع عقبة البسطامي في حارة السعدية، داخل أسوار البلدة القديمة، في الحي الإسلامي؛ وتمتد بين طريق القادسية وطريق المئذنة الحمراء.
عقبة بومدين
تقع عند باب السلسلة؛ سميت باسمها هذا نسبة إلى “أبي مدين الغوث” الذي أوقفها على الفقراء والمحتاجين من أبناء الجالية المغاربية في مدينة القدس سنة 720ه (1320 ميلادي).
عقبة الرهبات (درج المولى)
طريق متعرجة تصل حارة الغوانمة بحارة السعدية؛ وهي الطريق الممتدة من درب الآلام باتجاه الشمال؛ وعلى يمين الطريق يوجد دير العدس للروم الأرثوذكس؛ وعلى يسارها يوجد دير راهبات صهيون حارة الغوانمة.
عقبة دار البيرق
وهي طريق ضيقة تمتد من باب الغوانمة باتجاه شارع الواد؛ وتوجد فيها الزاوية الأفغانية.
عقبة الحرس الوطني
وهي الطريق الواصلة بين بين طريق برقوق وطريق الآلام باتجاه الشمال. يحدها من اليمين الزاوية النقبشندية والأفغانية؛ ومن اليسار (أي غرب طريق دير الأرمن للروم الكاثوليك وفي نهايتها) المكان الذي سجن فية السيد المسيح (حبس المسيح).
عقبة الهكاري (درج الطابونة)
تقع عقبة الهكاري أو درج الطابونة في نهاية عقبة الخالدية، وتربط طريق باب السلسة بحارة الشرف. و”العقبة” هو اسم عربي يطلق على المكان من الفترة المملوكية؛ وهو منسوب الى رجل صوفي كان يعيش في الحي، اسم عائلته الهكاري.
عقبة الخانقاه
تقع في الحي المسيحي؛ وتمثل المرحلة الثامنة من مراحل درب الآلام، عند الدير المعروف بـ”دير خار الامبوس للروم الأرثوذكس”.
عقبة درويش
تقع عقبة درويش داخل أسوار البلدة القديمة، في حارة السعدية بالحي الاسلامي؛ وهي الطريق الممتدة من طريق المجاهدين باتجاه باب الساهرة، حتى طريق القادسية.
عقبة حب رمان
تقع عقبة حب رمان في حارة السعدية، في الحي الإسلامي؛ داخل أسوار البلدة القديمة
عقبة المفتي (درب الآلام)
تقع داخل أسوار البلدة القديمة، وتصل طريق الواد بسوق خان الزيت. حملت اسم “عقبة المفتي” نسبة إلى مفتي فلسطين (الحاج أمين الحسيني)؛ إذ يقع منزله يقع إلى اليسار من هذا الطريق، وسميت بدرب الآلام؛ لأنها تقع في درب الآلام.
عقبة التكية أو “عقبة الست”
تقع داخل أسوار البلدة القديمة؛ تصل بين طريق الواد، وآخر سوق خان الزيت. سميت بـ”التكية” نسبة إلى تكية خاصكي سلطان.
عقبة الشيخ حسن
تقع داخل أسوار البلدة القديمة، في الطريق الممتدة من باب حطة إلى عقبة درويش؛ وفيها مقام وقبر اليشخ حسن.
عقبة خان الأقباط
تقع عقبة خان الأقباط داخل أسوار البلدة القديمة؛ في “الحي المسيحي”.
عقبة الجبشة
تقع عقبة الجبشة أو “طريق الجبشة” إلى يمين الداخل من باب العمود بإتجاه الغرب نحو حارة النصارى.
أسواق في البلدة القديمة في القدس
من أبرز معالم مدينة القدس أسواقها، التي تمثل جزءاً أصيلاً من هويتها، وتمتاز ببهاء قبابها وبديع مناظرها. وتعد العمود الفقري لاقتصاد المدينة؛ إذ تضم بين جنباتها العديد من المحلات التجارية. وقد اكتسبت هذه الأسواق أسماءها إما من البضائع التي تباع فيها، أو من نسبتها إلى أشخاص، أو أماكن، أو معالم معينة.
وترتبط هذه الأسواق بشبكة كبيرة من الطرق والعقبات والأحواش.
لم تسلم أسواق مدينة القدس من الهجمات التهويدية الشرسة التي تطال كل جزء من مكوناتها؛ رغم أن لكل سوق منها مكانتها وحكايتها التاريخية؛ فقد حاول الاحتلال إلباسها ثوبًا لم يكن يومًا لها، من خلال تهويد بعض أسمائها، وتدمير البعض منها؛ وإغلاق ومصادرة العديد من محلاتها التجارية؛ إضافة إلى فرض الضرائب الثقيلة على كاهل أصحابها، لتضييق الخناق عليهم. ومن هذه الأسواق:
سوق باب خان الزيت
أنشأها الأمير سيف الدين تنكز الناصري (نائب الشام) في سنة (737هـ- 1336م)؛ وتعدُّ من أجمل أسواق مدينة القدس الواقعة داخل أسوارها.
وتشكل هذه السوق المدخل الأساسي لأسواق البلدة القديمة. وقد عرفت بهذا الاسم نسبة إلى الخان الأثري المسمى “خان الزيت”. وتمتد هذه السوق من أول درجات باب العمود إلى نهاية طريق كنيسة القيامة.
ولا تختلف هذه السوق معمارياً عن أسواق القدس الأخرى؛ فهي عبارة عن شارع طويل، يشتمل على عدد كبير من الدكاكين المتقابلة في صفين. تمتد هذه السوق بموازاة شارع الواد، ولها مدخلان، يفصل بينهما ممر مسقوف على شكل قبو نصف برميلي محمول على عقود مدببة تتخللها فتحات تسمح بالإضاءة والتهوية. وقد ذكرها مؤرخ القدس والخليل (مجير الدين العليمي) وحدد موقعها، وذكر زقاق أبي شامة المتفرع عنها إلى جهة الشرق.
وتعد “سوق باب خان الزيت” سوقًا تجارية مليئة بمحلات الأحذية والملابس؛ بالإضافة إلى محلات البهارات والمخللات وغيرها. ويتهدد “سوق باب خان الزيت” خطر الانهيار؛ بسبب الحفريات التي تقوم بها بلدية الاحتلال الإسرائيلية تحت البلدة القديمة؛ والتي أدت إلى انهيار أجزاء من الأرض قرب مدخل السوق؛ هذا عدا عن سرقة حجارة السوق القديمة واستبدالها بأخرى جديدة على أيدي بلدية الاحتلال، ضمن عملية نهب واسعة لآثار المدينة المقدسة خاصة في البلدة القديمة لمحو تاريخ المدينة وتزويره.
وتحفل سجلات محكمة القدس الشرعية ووثائق “مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية” بإشارات حول وقف هذه السوق على البيمارستان الصلاحي في القدس، وحول معاملات الأوقاف في إدارتها وتأمين أبوابها بالحراسة ليلاً. وتقدم هذه السجلات أدلة على أن نشاط هذه السوق هو استخراج الزيت وبيعه وبيع السلع التي يدخل في تجهيزها؛ فقد رصد فيه عدد لا بأس به من المعاصر والمصابن.
ومن أسماء باب خان الزيت أيضًا “شارع الكاردو” أي “قلب المدينة”. وفي وسط السوق يوجد المرحلة السادسة لطريق الآلام عند النصارى، وكذلك كنيسة الأحباش؛ ويوجد أيضا مصلى سيدنا أبي بكر الصديق (رضي الله عنه).
سوق القطانيـن
تقع “سوق القطانيـن” إلى الغرب من جدار الحرم الشريف؛ حيث تمتد بين بابي “المطهرة” و”الحديد”؛ بوابتها مقابلة لقبة الصخرة المشرفة؛ وتنبع أهمية موقعها من قربها من الحرم الشريف، ولانفتاحها.
تنسب “سوق القطانيـن” إلى منشئها (الأمير سيف الدين تنكز الناصري نائب الشام)، الذي أنشاها في سنة (737هـ- 1336م)، وهو أحد كبار الدولة المملوكية، وأشهر نوابها وأكثرهم عمرانًا، وخاصة في سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون (741- 709هـ/ 1309-1340م). وتم ترميم هذه السوق عام 1929على يد المجلس الإسلامي الأعلى.
وسوق القطانيـن عبارة عن شارع طويل، له مدخلان: الأول، من طريق الواد من جهة الغرب؛ والثاني، من الحرم الشريف، من جهة الشرق. وكانت بوابتها الشرقية تعرف بـ”بوابة تجار القطن”، وتشتمل على عدد كبير من الدكاكين المتشابهة والمتقابلة في صفين يفصل بينهما ممر مسقوف على شكل قبو نصف برميلي محمول على ثلاثين عقدًا مدببة تتخللها فتحات تسمح بالإضاءة والتهوية.
ويلاحظ أن الممر الملاصق للباب المؤدي إلى الحرم الشريف مباشرة، مسقوف بطريقة الأقبية المتقاطعة؛ كما يلاحظ تزيين بعض فتحات سقف الممر بالحنيات المجوفة والمقببة التي تتدلى خلال تتابعها المتناسق فيما عرف معماريًا بـ”المقرنصات”؛ إضافة إلى تخصيص فتحة أو أكثر لكل دكان لتهويتها وإضائتها.
وتحفل سجلات محكمة القدس الشرعية ووثائق “مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية” بإشارات إلى هذه السوق ووقفها على قبة الصخرة المشرفة والمدرسة التنكزية، ومعاملات تلك الأوقاف. كما تحفل بإشارات حول ترميمها وإدارتها وتحديدها وتأمين أبوابها بالحراسة ليلاً؛ حيث برز أفراد من عائلات مقدسية مثل: النابلسي، وابن الدويك، والجندي؛ إضافة إلى الاشارة إلى نشاط هذه السوق واختصاصها بالبضائع القطنية والحريرية والاتجار بها داخلياً وخارجياً.
ولا تزال هذه السوق تؤدي وظيفتها رغم ما حل بها نتيجة التقلبات السياسية في عموم فلسطين؛ لكن حفريات الاحتلال الإسرائيلي تتهددها بالدمار منذ عام 1974م؛ كما إن الكساد التجاري أصبح غالباً عليها؛ بسبب سياسية المحتل في فرض ضرائب جائرة وتعسفية على محلاتهم، نتيجة مضاعفتها (الأرنونا)، وبسبب عزل القدس عن جوارها العربي الفلسطيني؛ حتى بات الفلسطيني الذي يعيش قريبًا منها، لا يستطيع التسوق منها، أو حتى أداء الصلاة في مسجدها الأقصى المبارك.
سوق العطارين
وهي السوق الوسطى من السوق الثلاثية (تقع بين “سوق اللحامين” و”سوق الخواجات”)؛ تربط بين “سوق باب خان الزيت” و”سوق الحصر”، بموازاة “سوق اللحامين”. تتميز بسقف مقوس يعود إلى الفترة المملوكية يغطي السوق كلها، وأقبيتها متقاطعة تتوسطها فتحات للتهوية والإضاءة، وقد اشتقت السوق اسمها من المحلات التجارية العديدة التي تبيع البهارات والأعشاب الطبية المصنوعة من مواد وألوان طبيعية.
ولم يستطع الاحتلال الاستيلاء على سوق العطارين حتى الآن؛ رغم كل الاغراءات المادية التي يعرضها الاحتلال على التجار لترك محلاتهم وبيعها. ويواجه حاليًا تجار هذه السوق مخططًا احتلاليًا جديدًا، وهو مسار سياحي يهدف إلى بناء متنزهات وخمارات ومطاعم في “سوق العطارين” وأسواق أخرى؛ ما يهدد بالسيطرة على أكثر من 77 محلًا تجاريًا. كما يعاني أصحاب المحلات التجارية في هذه السوق من المداهمات الضريبية التي تقوم بها بلدية الاحتلال من وقت لآخر.
سوق الخواجات أو (الشرقي) أو (التجار) أو (الصاغة)
سوق الخواجات أو (الشرقي) أو (التجار) أو (الصاغة) هي إحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة من مدينة القدس؛ تقع قرب تقاطع المحورين الرئيسيين في البلدة القديمة، وتُعدُّ جزءا من “السوق الثلاثي” الذي يشمل كل من “سوق اللحامين”، “سوق العطارين”، و”سوق الخواجات”.
كانت هذه السوق تشتهر ببيع الذهب، لهذا اكتسبت اسمها (سوق الصاغة) و(سوق الخواجات)؛ لأن الصاغة كانوا من غير المسلمين؛ أما حاليًا وبعد انتقال الصاغة إلى “سوق الدباغة” (أفتيموس) في مطلع القرن العشرين؛ فقد اقتصر نشاط محلاتها التجارية على تجارة الأقمشة؛ إذ تشتهر هذه السوق بالمحلات التي تحيك الملابس التراثية القديمة مثل: القمباز والعباءات.
أُصيب الجزء الشمالي من السوق بأضرار جسيمة نتيجة الزلزال الذي أصاب القدس عام 1927م؛ ما أدى إلى تهدم نصفها الشمالي، وبذلك تراجع طول السوق من 541 متراً، إلى نحو 57 متراً؛ حيث أغلق الجزء المتهدم، وتحول إلى خرابة، وظل دون ترميم حتى الآن.
سوق اللحامين (النحاسين)
سوق اللحامين هي إحدى أسواق البلدة القديمة، وتُعدُّ جزءا مما يُسمى “السوق الثلاثي” الذي يشمل كل من: “سوق اللحامين”، و”سوق العطارين”، و”سوق الخواجات”. سميت بهذا الاسم لكثرة وجود محلات بيع اللحوم الطازجة والأسماك.
قبل نصف قرن، كان جزء كبير من حوانيت هذه السوق يختص بأعمال الحدادة العربية والتقليدية، والتي تعتمد على الطرق والنفخ باستخدام الكير؛ وبأعمال النحاس كتبييض الأدوات النحاسية، وتشكيل المعادن الأخرى؛ إذ اشتهر بهذه الأعمال مجموعة من الحرفيين المحليين، ومجموعة من طائفة الأرمن المقيمين في القدس؛ فعرفت أحيانًا بـ”سوق النحاسين”.
ويعاني تجار “سوق اللحامين” من سياسات الاحتلال التي أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي والمادي؛ فقد أغلق الاحتلال أكثر من 50% من المحلات التجارية فيها، من خلال إقامة جدار الفصل العنصري؛ وفرض ضريبة الأرنونا والعديد من الضرائب الباهظة على أصحاب المحلات؛ فتراكمت عليهم الديون؛ عدا عن تهديد بلدية الاحتلال الدائم بقطع الكهرباء، وغير ذلك من سياسات الاحتلال الرامية إلى تهجير السكان وتهويد المدينة.
كانت “سوق اللحامين” تعج بتجار اللحوم والمشترين؛ أما اليوم فلم تعد تحمل من ذلك غير الاسم، ولا علاقة لها باللحوم؛ بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي فرضته سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
سوق الدباغة
سوق الدباغة هي إحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس؛ تقع بين كنيسة القيامة وكنيسة القديس المخلص، وإلى الشمال من “سوق أفتيموس”. يعود تاريخها إلى العهد العثماني. كانت تمتاز عن غيرها من الأسواق في القدس القديمة، بكثرة حرفييها، الذين كانوا يعملون في مجال دباغة وتصنيع الجلود؛ أما اليوم، فتضم محلات لبيع البضائع التقليدية والتراثية للأجانب.
سوق أفتيموس
سوق أفتيموس هي إحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس؛ تمتد من الشمال إلى الجنوب. مدخلها الشمالي عبارة عن قوس نصر مكون من ثلاثة عقود كبيرة؛ وفي وسط السوق نافورة مياه كبيرة وجميلة تعرف بـ”نافورة البيمارستان”.
يعود تاريخ هذه السوق إلى العهد العثماني؛ حيث بناها عام 1902 الأرشمندريت اليوناني (أفتيموس)؛ ومن هنا جاءت تسميتها. تختص هذه السوق ببيع البضائع التقليدية والتراثية الخاصة للسياح.
سوق البازار
إحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، وهي سوق تمتد من القلعة غربًا حتى “سوق اللحامين” شرقًا. كانت هذه السوق إحدى أوقاف المدرسة الأفضلية والمدرسة الكريمية، ثم أصبحت مرافقها من جملة أوقاف عائلة الحسيني وجار الله؛ وكانت في الماضي سوقًا للخضار، يأتي اليها القرويون من ضواحي القدس لبيع بضائعهم؛ وحالياً تنتشر فيها محلات (السنتواريه) التي تبيع ما يحتاجه السائح من هدايا مميزة، وتتسم بالطابع التراثي الفلسطيني.
سوق الباشورة
سوق الباشورة هي إحدى أقدم الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، تقع جنوب “سوق العطارين”، و”الباشورة” تعني “القلعة”، وكانت فيما مضى مقرًا لحكام المماليك. يعود تاريخ السوق إلى العصر الروماني، وتزدان هذه السوق بأعمدتها الرخامية الجميلة. قامت إسرائيل بتهويد جزء من هذه السوق بعد استيلائها على القدس الشرقية في حرب 1967 وأسمتها “سوق الكاردو” وأغلقتها ببوابة حديدية من جهة “سوق الباشورة”.
سوق باب السلسلة
سوق باب السلسلة هي أحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى باب السلسلة (أحد أبواب المسجد الأقصى)، وهي سوق مقباة في أولها ومنتصفها وآخرها، تقع في الحي الإسلامي، بين المدرسة الأشرفية شمالاً، والمدرسة التكنزية جنوبًا، ويوجد بهذه السوق بعض المعالم الإسلامية مثل: مسجد الشرفاء، والمكتبة الخالدية، وبعض قبور الصالحين، وسبيل باب السلسلة وخان السلطان الظاهر برقوق المملوكي؛ وتختص هذه السوق ببيع التحف التقليدية للسياح الأجانب.
سويقة علون
سويقة علون إحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس. سميت بهذا الاسم نسبة إلى علون بن إبراهيم الرندي الأندلسي المدفون في مقبرة “مأمن الله”. تقع في حارة النصارى قرب باب الخليل، وتتختص هذه السوق ببيع التحف والمنتوجات السياحية الدينية، وهي من الأسواق المزدهرة بالسياح الأجانب.
سويقة باب العمود
أحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، تبدأ مباشرة من مدخل باب العمود. المحلات التجارية فيها حلت مكان غرف الحراسة، وتمتد إلى يمين التقاطع الرئيس لطريق “سوق خان الزيت” والطريق الرئيسي إلى كنيسة القيامة وإلى طريق الواد المؤدية إلى الحرم.
سوق طريق الواد
تقع “سوق طريق الواد” داخل أسوار البلدة القديمة في مدينة القدس (وهي الطريق الرئيسية المؤدية إلى المسجد الأقصى المبارك). وتمتد بموازاة “سوق خان الزيت”، وتبدأ من نهاية سوق باب العمود وتنتهي عند مدخل الطريق المؤدي إلى حائط البراق. ترتبط مع “سوق خان الزيت” عبر العقبات والطرق. البعض منها مقبى والآخر مفتوح، وتتقاطع هذه السوق، مع طريق الآلام، ويوجد فيها عدد من البيوت والمتاجر التي يحتلها المستوطنون.
كانت “سوق طريق الواد” قبل عدة عقود إلى جانب “سوق المصرارة” المكان الرئيسي الذي يقصده تجّار القمح والشعير والطحين والأرز والعدس والأعلاف.
سوق الحصر
إحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، بالقرب من نهاية “سوق البازار” من الشرق وامتداد “سوق اللحامين” نحو الجنوب. سميت بهذا الاسم لكثرة بائعي الحصر والسجاد؛ إذ كانت ميدانًا لتجار الحصر والسجاد على كافة أشكالها وأحجامها، وهي الآن سوق شبه مهجورة.
سوق الباب الجديدة
إحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، تقع في حارة النصارى؛ تبدأ من باب الجديد الذي فتح على زمن السلطان عبد الحميد الثاني شمالي المدينة و”الكازانوفا”، وهي سوق صغيرة تحتوي على محلات البقالة والمطاعم وبيع السنتواري.
سوق طريق الآلام (عقبة المفتي)
إحدى الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس. وتمثل إحدى الطرق الواصلة بين “سوق طريق الواد” و”سوق خان الزيت” والتي تمثل المرحلة الخامسة والسادسة من طريق الآلام؛ ومنها أخذت تسميتها بـ”سوق طريق الآلام”؛ أما اسم “عقبة المفتي” فقد جاءت نسبة لمفتي فلسطين (الحاج أمين الحسيني). وتختص هذه السوق ببيع التحف والمنتوجات السياحية الدينية؛ وهي من الأسواق المزدهرة بالسياح الأجانب.
سوق حارة النصارى
إحدى أسواق الحي المسيحي في البلدة القديمة. بها كثير من الأديرة والكنائس المسيحية، وكذلك جامع سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي أنشئ في الموقع الذي صلى به عند زيارة كنيسة القيامة، تقع بين سويقة علون في الجنوب، والخانفاه الصلاحية في الشمال. وهي سوق طويلة وكبيرة ومرصوفة رصفًا جميلًا، ومن هذه السوق تتفرع سوقًا أخرى باتجاه الكنيسة، وهذه السوق مقباة، فيها دكاكين لبيع الشموع والأواني التي تستعمل في الصلوات والطقوس الدينية.
سوق خان السلطان
تعرف باسم “الوكالة” أيضًا، وهي تنسب إلى السلطان الظاهر برقوق المملوكي، الذي قام بتجديدها في عام 1386/788. ويقع هذا الخان في أول طريق باب السلسلة من جهة الغرب، جهة شمال الطريق. والخان يتكون من طابقين، سفلي وعلوي؛ السفلي كان حظيرة لإقامة الدواب واستقبال البضائع الواردة للقدس من الأرياف؛ والعلوي عبارة عن خلوات استخدمت لاستقبال المسافرين من التجار.
وريع هذا الخان خصص لدعم مشاريع صيانة المسجد الأقصى. وقد بلغ هذا في القرن التاسع الهجري حوالي 400 دينار ذهبي، وكان هذا الخان مركز الحياة التجارية؛ إذ كانت البضائع تثمن وتفرض عليها الضرائب، ثم توزع إلى تجار المفرق.
وإلى فترة قريبة كان هذا الخان مركزًا لبيع الأجبان والألبان والسمن؛ وكان التاجر الذي يجمع هذه البضائع لبيعها يسمى “الحوّاش”. والخان حاليًا مهجور تجاريًا وتستخدم محلاته مخازن أو لغرض سكن بعض العائلات التي تعاني من ضائقة اقتصادية، وترغب في استمرار المرابطة في مدينة القدس، رغم كل المضايقات.
الأهمية الدينيّة
القدس مدينة ذات أهميّة دينيّة كبرى عند أتباع الديانات الإبراهيمية الثلاث: اليهود والمسيحيونوالمسلمون. أظهرت إحدى الإحصائيات من سنة 2000 أن القدس تحوي حاليًا 1204 كنسات، 158 كنيسة، و 73 مسجدًا، والبعض من دور العبادة هذه يُعتبر من بين أكثر المواقع تقديسًا عند أتباع هذه الديانة أو تلك، إن لم يكن أقدسها في بعض الأحيان، لذا فقد كان انتهاك حُرمة إحدى هذه الدور من بين الأسباب التي أدّت دومًا إلى حصول نزاعات كبيرة في المدينة والمنطقة ككل
في الإسلام
القدس هي ثالث أقدس الأماكن عند المسلمين بعد مكةوالمدينة المنورة، وكانت تمثّل قبلة الصلاة الإسلاميةطيلة ما يُقارب من سنة، قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبةفي مكة. وقد أصبحت القدس مدينة ذات أهميّة دينية عند المسلمين بعد أن أسرى الملاك جبريل بالنبي محمدإليها، وفق المعتقد الإسلامي، قرابة سنة 620 حيث عرج من الصخرة المقدسة إلى السموات العلى حيث قابل جميع الأنبياء والرسل الذين سبقوه وتلقّى من الله تعاليم الصلاة وكيفية أدائها. تنص سورة الإسراء أن محمدًا أُسري به من المسجد الحرام إلى “المسجد الأقصى”: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ؛ وقد أجمع المفسرون على أن المقصود بالمسجد الأقصى مدينة القدس ذاتها، وسُميت الأقصى لبعد المسافة بينها وبين المسجد الحرام، إذ لم يكن حين إذن فيها المسجد الأقصى الحالي. يقع اليوم معلمين إسلاميين في الموقع الذي عرج منه محمد إلى السماء، وهما قبة الصخرة التي تحوي الصخرة المقدسة، والمسجد الأقصى الذي بُني خلال العهد الأموي. ومما يجعل من القدس مدينة مهمة في الإسلام أيضًا، أن عددًا كبيرًا من الأنبياء والصالحين الذين يتشارك المسلمون وأهل الكتاب عمومًا بالإيمان بهم، مع اختلاف النظرة إليهم، حيث يعتبر المسلمون واليهود أن عدد منهم أنبياء أو رسل بينما ينظر المسيحيون إليهم بصفتهم قديسين، قطنوا المدينة عبر التاريخ أو عبروها، ومنهم داود وسليمان وزكريا ويحيى والمسيح عيسى بن مريم، وكذلك لذكر المدينة في القرآن بأنها وما حولها أراض مباركة شكّلت قبلة للأنبياء ومهبطًا للملائكة والوحي وأن الناس يُحشرون فيها يوم القيامة.
المقدسات الإسلامية
مدينة القدس حافلة بالمباني الأثرية الإسلامية، يوجد بها حوالي مائة بناء اثري، منها المساجد والمدارس والزوايا والتكايا والترب والربط والتحصينات.
والعديد من المباني التي ذكرت في كتب التاريخ زالت معالمها.
لقد أظهر الإسلام تعلقه واهتمامه بهذه المدينة منذ بزوغه. ونظرا لأهميتها وقيمتها الدينيتين في العقيدة الإسلامية؛ اهتم الملوك والولاة المسلمون على مر العصور، بتشييد المباني الفخمة المزينة بالنقوش والزخارف الجميلة في المدينة. وإنشاء المباني العامة لخدمة الحجيج والمتعبدين والمقيمين بجوار المسجد؛ بهدف نيل الخير والجزاء من الله سبحانه وتعالى.
المسجد القبلي (المسجد الأقصى المسقوف):
يقع مبنى المسجد الأقصى المبارك أو ما يعرف بالمسجد القبلي في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى، الذي تبلغ مساحته 142 دونما، أما مساحة مبنى المسجد القبلي فتبلغ 4500 متر مربع، شرع في بنائه الخليفة عبد الملك بن مروان الأموي، وأتمه الوليد بن عبد الملك سنة 705م، ويبلغ طوله 80 متراً، وعرضه 55 متراً، ويقوم الآن على 53 عموداً من الرخام و49 سارية مربعة الشكل. وكانت أبوابه زمن الأمويين مصفحة بالذهب والفضة، ولكن أبا جعفر المنصور أمر بخلعها وصرفها دنانير تنفق على المسجد، وفي أوائل القرن الحادي عشر، أصلحت بعض أجزائه وصنعت قبته وأبوابه الشمالية.
وعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 1599م، جعلوا قسما منه كنيسة، واتخذوا القسم الآخر مسكنا لفرسان الهيكل، ومستودعا لذخائرهم، ولكن صلاح الدين الأيوبي عندما استرد القدس الشريف منهم، أمر بإصلاح المسجد وجدد محرابه، وكسا قبته بالفسيفساء، ووضع منبراً مرصعاً بالعاج مصنوع من خشب الأرز والأبنوس على يمين المحراب، وبقى حتى تاريخ 21/8/1969م، وهو التاريخ الذي تم فيه إحراق المسجد الأقصى من قبل يهودي يدعى “روهان”، وبلغ الجزء المحترق من المسجد 1500م،أي ثلث مساحة المسجد الإجمالية.
أبواب المسجد الأقصى:
للمسجد الأقصى عشرة أبواب مفتوحة، وأربعة مغلقة
الأبواب المفتوحة:
باب الأسباط:- يقع في الزاوية الشمالية للمسجد الأقصى المبارك من جهة الشرق، ويدعى باسم آخر هو “ستي مريم”.
باب حطة:- يقع في الحائط الشمالي من سور المسجد بين مئذنة باب الأسباط وباب فيصل.
باب الملك فيصل:- يقع غربي باب حطة في السور الشمالي للمسجد، ويدعى بأسماء أخرى هي باب شرف الأنبياء، باب الداوودية وباب العتمة.
باب الغوانمة:- يقع في نهاية الجهة الغربية من الناحية الشمالية للمسجد الأقصى، ويدعى أيضا باب الخليل.
باب الناظر:- يقع في الحائط الغربي من المسجد الأقصى باتجاه الشمال، وعرف بأسماء أخرى هي: باب الحبس، باب المجلس، باب ميكائيل، باب علاء الدين البصيري، باب الرباط المنصوري.
باب الحديد:- يقع في السور الغربي للمسجد الأقصى، بين باب القطانين وباب الناظر.
باب القطانين:- يقع في السور الغربي بين باب الحديد، وباب المطهرة.
باب المطهرة:- يقع في السور الغربي، جنوبي باب القطانين، ويدعى أيضا باب المتوضأ.
باب السلسلة:- يقع في الحائط الغربي للمسجد الأقصى، ويدعى أيضا باب داوود، أو باب الملك داوود.
باب المغاربة:- يقع في السور الغربي من الناحية الجنوبية، وعرف بأسماء أخرى، هي باب حارة المغاربة، باب النبي، وباب البراق.
الأبواب المغلقة:
باب التوبة:- يقع في السور الشرقي.
باب الرحمة:- يقع في السور الشرقي.
باب السكينة:- يقع في الحائط الغربي للحرم.
باب البراق:- يقع في الحائط الغربي للحرم.
النوافذ :
عددها 137 نافذة كبيرة من الزجاج الملون.
قباب الأقصى:
يوجد في ساحة الحرم الشريف عدة قباب فضلاً عن قبة الصخرة المشرفة، تم تعميرها في الفترات الإسلامية، الأيوبية والمملوكية والعثمانية؛ لتكون مراكز للتدريس أو للعبادة والاعتكاف، أو تخليداً لذكرى حدث معين. وقد انتشرت هذه القباب في صحن قبة الصخرة وساحة الحرم الشريف وهي:
1- قبة الصخرة:
بنيت قبة الصخرة في قلب الحرم القدسي الشريف، في الجهة الشمالية، قبالة المسجد الأقصى المبارك، فوق الصخرة التي عرج منها الرسول محمد (ص) إلى السموات العلى.
وجاءت فكرة البناء، إثر زيارة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان لمدينة القدس، فرأى أن يبني قبة فوق الصخرة؛ تقي المسلمين حر الصيف وبرد الشتاء. وعهد بالإشراف على البناء، إلى رجاء بن حيوة الكندي، من أهالي بيسان، ويزيد بن سلام من أهالي القدس. ورصد لها عائدات ولاية مصر من الخراج لسبع سنوات.
بدأت عملية البناء في عام 66 هجري (685 ميلادي) وانتهت عام 72 هجري (691 ميلادي).
وتتكون قبة الصخرة من قبة قطرها 20.44 متر، متكئة على أسطوانة تشتمل على 16 نافذة، وتتركز الأسطوانة على أربع دعامات و12عمودا منظمة بشكل دائري، بحيث يوجد ثلاثة أعمدة بين كل دعامتين. وتتخذ القبة شكلا ثمانيا يبلغ طول ضلعه 20.59 متراً، وارتفاعه 9.50 أمتار، وهناك تصوينة فوق الجدارين يبلغ ارتفاعها 2.60 متر، ويوجد في الجزء العلوي من كل جدارخمس نوافذ، كما أن هناك أربعة أبواب في أربع جدران خارجية يبلغ قياس كل منها 2.55 م×4.35 م، كما زينت جدرانه من الداخل والخارج بزخارف ونقوش، حيث امتزجت فيها فنون الهندسة العربية الإسلامية مع الفارسية والرومانية.
وبداخل القبة توجد الصخرة وهي عبارة قطعة من الصخر تقع تحت القبة مباشرة طولها ثمانية، أمتار وعرضها 14 متراً، وأعلى نقطة فيها مرتفعة عن الأرض متر ونصف، ويلفها درابزون من الخشب المنقوش والمدهون، وحول الدرابزون مصلى مخصص للنساء.
وتحت الصخرة توجد المغارة، حيث ينزل إليها من الجهة الجنوبية إحدى عشرة درجة، وتأخذ شكلا مربعاً، كل ضلع في المغارة أربعة أمتار ونصف. وما يميز قبة الصخرة، أنها أجمل القباب في العالم الإسلامي بعد طلائها بالذهب الخالص.
6- قبة المعراج:
أنشأها عام 795هـ 1021م الأمير عز الدين أبو عمرو عثمان الزنجلي، متولي القدس الشريف. والقبة عبارة عن بناء مثمن الشكل، يقوم على ثلاثين عموداً، جدرانه مغطاة بألواح من الرخام الأبيض، والقبة مغطاة بصفائح من الرصاص. تقع القبة في الجهة الشمالية الغربية من قبة الصخرة المشرفة، بنيت كتذكار لعروج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى السماء.
8- قبة يوسف:
تقع بين المدرسة النحوية، ومنبر برهان الدين، جنوبي الصخرة المشرفة، وهي عبارة عن مصلى صغير. أنشأها علي آغا سنة 2901هـ 1861م. ويقال إنها أنشئت في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، عام 785هـ 1911م، وإن علي آغا جددها فقط في العصر العثماني.
تتكون هذه القبة من بناء مربع، طول ضلعه متران، تعلوه قبة محمولة من الأمام، وهي مفتوحة البناء من جميع جهاتها باستثناء الواجهة الجنوبية، وهناك قبة أخرى بهذا الاسم بين المسجد الأقصى وجامع المغاربة.
11- قبة الشيخ الخليلي:
تقع هذه القبة في الزاوية الشمالية الغربية لصحن قبة الصخرة المشرفة، تم إنشاؤها في الفترة العثمانية في سنة 1112 هـ/ 1700م. ويتألف مبنى القبة من غرفة مستطيلة الشكل، يدخل إليها من خلال مدخلها الواقع في جدارها الشرقي، وفي داخلها كهف أقيم فيه محراب. وقد استخدمت هذه القبة داراً للعبادة والتصوف، حيث اتخذها الشيخ الخليلي مقراً له لتعليم الأوراد (الأدعية الصوفية) والاعتكاف.
12- قبة أو إيوان العشاق( عشاق النبي ) :
تقع هذه القبة مقابل باب العتم (إلى الجنوب الشرقي منه)، في الجهة الشمالية لساحة الحرم الشريف، وقد تم إنشاء هذا الإيوان، الذي عرف لاحقاً بالقبة، في الفترة العثمانية، في عهد السلطان محمود الثاني سنة 1233 هـ، وذلك وفق ما ورد في النقش التذكاري الموجود في واجهته الشمالية، وعلى ما يبدو أن هذا المكان كان ملتقى للصوفيين والزهاد والذين عرفوا بعشاق النبي عليه السلام، حتى أصبحت تعرف بقبة عشاق النبي.
مآذن المسجد الأقصى:
1- مئذنة باب المغاربة:
تقع هذه المئذنة في الركن الجنوبي الغربي للحرم الشريف، وتعرف كذلك بالمئذنة الفخرية؛ نسبة للقاضي شرف الدين عبد الرحمن بن الصاحب الوزير فخر الدين الخليلي، الذي أشرف على بنائها خلال فترة وظيفته في عهد السلطان ناصر الدين بركة خان (676هـ – 678 هـ / 1277م – 1280م).
2- مئذنة باب السلسلة:
تقع هذه المئذنة في الجهة الغربية للحرم الشريف بين باب السلسلة والمدرسة الأشرفية، تم بناؤها في عهد السلطان محمد بن قلاوون في سلطنته الثالثة 709هـ-741هـ / 1309م – 1340م، على يد نائبه الأمير سيف الدين تنكر الناصري سنة 730هـ – 1329م . وذلك وفق النقش التذكاري الموجود في الجهة الشرقية من قاعدة المئذنة.
3- مئذنة باب الغوانمة:
تقع هذه المئذنة في الركن الشمالي الغربي للحرم الشريف، بجانب باب الغوانمة، تم بناؤها في عهد السلطان حسام الدين لاجين ( 696هـ 698هـ / 1297م – 1299م )، على يد القاضي شرف الدين عبد الرحمن بن الصاحب، الذي اشرف على بناء مئذنة باب المغاربة . كما تم تجديدها في عهد السلطان محمد بن قلاوون في نفس تاريخ إنشائه مئذنة باب السلسلة، وقد عرفت مئذنة باب الغوانمة أيضا بمنارة قلاوون.
4- مئذنة باب الأسباط:
تقع هذه المئذنة في الجهة الشمالية للحرم الشريف، بين باب حطة وباب الأسباط، وقد تم بناؤها في عهد السلطان الأشرف شعبان (764هـ – 778 هـ / 1363م – 1376م)، على يد الأمير سيف الدين قطلوبغا، سنة (769هـ / 1367م)، وذلك وفقا للنقش التذكاري الذي كان موجوداً عليها، ومن الجدير بالذكر أن شكل قاعدة هذه المئذنة يختلف عن المآذن الأخرى؛ فهي ثمانية الأضلاع وليست مربعة، فعلى ما يبدو أنه أعيد بناؤها بشكلها الأسطواني هذا في الفترة العثمانية.
أروقة المسجد الأقصى:
1. الرواق الممتد من باب حطة إلى باب شرف الأنبياء (باب فيصل).
2. الرواق المحاذي لباب شرف الأنبياء.
3. الرواقان السفليان اللذان تحت دار النيابة شمال الحرم من الغرب.
4. رواقان فوقهما مسجدان.
5. الأروقة الغربية (وتمتد من باب الغوانمة إلى بابا المغاربة).
6. الرواق الممتد من باب الغوانمة إلى باب الناظر.
7. الرواق الممتد من باب الناظر إلى باب القطانين.
8. الرواق الممتد من باب السلسلة إلى باب المغاربة.
9. الرواق الممتد من باب القطانين إلى باب المغاربة.
أسبلة المسجدالأقصى:
1- سبيل الكأس:- يقع أمام المسجد الأقصى في الجهة الجنوبية، أنشئ في عهد السلطان سيف الدين أبو بكر أيوب عام 589 هجري.
2- سبيل الشعلان:-
يقع أسفل الدرج الشمالي الغربي المؤدي إلى صحن الصخرة، أنشئ في عهد الملك المعظم عيسى عام 613 هجري.
3- سبيل البصيري:-
يقع شمال شرق باب الناظر، جدد في عهد السلطان يرساي عام 839 هجري.
4- سبيل قاتباي:-
يقع مقابل مكتبة الأقصى، في الجهة الغربية لساحة الحرم الشريف، بني في عهد السلطان سيف الدين إينال.
5- سبيل قاسم باشا:-
يقع في القرب من باب السلسلة، أنشئ في عهد السلطان سليمان القانوني، بإشراف قاسم باشا عام 933 هجري.
6- سبيل السلطان سليمان:-
يقع في الشمال، بالقرب من باب العتمة، أنشئ عام 943 هجري، في عهد السلطان سليمان.
7- سبيل البديري:-
يقع شرق باب الناظر في الجهة الغربية، أنشئ في عهد السلطان محمود الأول عام 1153 هجري.
8- سبيل باب حطة:-
يقع بالقرب من باب حطة في الفترة العثمانية.
9- سبيل باب المغاربة:-
يقع بالقرب من باب المغاربة، أنشئ في الفترة العثمانية.
آبار المسجد الأقصى:
ماء المطر وعيون الماء كانا المصدران الوحيدان للماء في القدس؛ وحيث أن العيون لم تكن تكفي لسد احتياجات أهل القدس؛ فقد اتجهوا إلى جمع مياه الأمطار في الآبار والصهاريج والبرك. وبعض هذه الآبار في ساحة الصخرة، والباقي في ساحة المسجد الأقصى. وقد حُفرت تلك الآبار في الحجر الصلب، ما جعلها سهلة الإصلاح، لا تحتاج إلى عمارة أو صيانة إلا نادراً. وقد جُعل القسم الأعلى منها على هيئة التنور، وعلى رأس كل بئر غطاء من حجر؛ حتى لا يسقط فيه شيء. ولكل بئر من هذه الآبار اسم خاص يعرف به. وقد كان أهالي القدس يعتمدون على هذه الآبار في سد احتياجاتهم من الماء؛ غير أنها لم تعد تكفي لهذا العدد الكبير من السكان؛ ما جعل أهالي البلدة القديمة يعتمدون على مصادر إضافية لسد احتياجاتهم من المياه؛ فاقتصر استعمالها على المصلين الذين يفدون إلى الأقصى، إضافة إلى سكان البلدة القديمة بالقدس.
ويوجد في الأقصى عشرات آبار المياه العامرة؛ وهي موزعة بين صحن الصخرة المشرفة في قلب المسجد الأقصى المبارك، وباقي ساحات المسجد الأقصى، ومن هذه الآبار:
بئر مئذنة باب الأسباط: وهي بئر طولها سبعة أمتار، وعرضها أربعة، وعمقها ستة، جدرانها حجرية؛ تقع على بعد يسير جنوبي مئذنة باب الأسباط.
بئرآ المدرسة الغادرية: تقع هاتان البئران أمام المدرسة الغادرية؛ وهما مستطيلتا الشكل، لهما فتحتان علويتان، يحمل سقفها أربع دعامات ضخمة، أطوالها معًا تسعة عشر مترًا، وعرضهما سبعة عشر مترًا؛ أما عمقهما، فهو أربعة عشر مترًا؛بني السقف بشكل أقواس.
بئر باب حطة: وهي صغيرة الحجم تقع جنوبي مطهرة باب حطة، وعلى حدود المصطبة.
بئر البائكة الشمالية الشرقية: وهي بئر متطاولة، طولها اثنين وعشرين مترًا؛ مبنية من الحجارة، وتتكون من غرفتين؛ تقع تحت أقدام مدخل البائكة الشمالية الشرقية.
بئر المدرسة الأسعردية: تقع هذه البئر على حدود سور المسجد الأقصى المبارك، غربي باب الملك فيصل، تحت المدرسة الأسعردية، وهي صغيرة الحجم، محفورة في الصخر.
بئر الغوانمة: وهي بئر مستديرة الشكل، صغيرة الحجم تقع شرقي مئذنة باب الغوانمة؛ ومحاذية لسور المدارس في شمالها.
بئر باب الناظر: تقع بئر باب الناظر بالقرب من باب الناظر، عند زاوية الرواق الشمالية الشرقية من دون المدرسة المنجكية (دائرة الأوقاف اليوم)؛ وهي متوسطة الحجم، مستديرة الشكل؛ طولها: ثلاثة أمتار، عرضها متران، وعمقها أحد عشر مترًا ونصف المتر.
بئر إبراهيم الرومي: تقع هذه البئر شمالي باب الناظر، وبمحاذاة الرواق الغربي، وهي عبارة عن مجمع مياه كبير. عمقها أحد عشر مترًا؛ وهي غير منتظمة الجوانب، أشبه بقبة محفورة في الصخر، يعود تاريخ إنشائها إلى سنة 1935-19366م.
بئر مصلى شعلان: تقع هذه البئر في زاوية صحن الصخرة الشمالي، في غربه، بمحاذاة مصلى سبيل ومصطبة شعلان. وهي مستديرة الشكل، بلغ قطرها ثلاثة أمتار، وعمقها أحد عشر مترًا.
بئر البائكتين الغربيتين الشماليتين: تقع هذه البئر في طرف المصطبة الكائنة بين البائكتين الغربيتين الشماليتين. وهي مستديرة الشكل، صغيرة الحجم.
بئر سبيل قايتباي: تقع هذه البئر تحت سبيل قايتباي، حتى تحت الرواق الغربي. وهي متطاولة وقليلة العرض، مقصورة الأرضية والجدران.
بلغ طولها ثمانية وعشرين مترًا، وعرضها ستة أمتار، وعمقها أحد عشر مترًا ونصف المتر.
بئر شرقي باب المغاربة: تقع هذه البئر شرقي باب المغاربة مباشرة.
بئر شرقي مسجد المغاربة: تقع هذه البئر شرقي مسجد المغاربة. وهي مستطيلة الشكل وتشكل تتمة لبئر شرقي باب المغاربة.
بئر غربي الكأس: تقع هذه البئر غربي الكاس وبمحاذاته. وهي متوسطة الحجم، مستطيلة الشكل.
بئر شمالي مدخل مبنى المسجد الأقصى القديم: تقع هذه البئر شمالي مدخل مبنى المسجد الأقصى القديم. وهي صغيرة الحجم، وغير مستعملة.
بئر جنوبي البائكتين الجنوبيتين: تقع هذه البئر جنوبي البائكتين الجنوبيتين، شرقي الكاس، لها فم ظاهر شرقي مصطبة الكاس وبمحاذاتها. طولها عشرة أمتار، وعرضها ستة؛ أما عمقها فعشرون مترًا.
بئر غربي مدخل المصلى المرواني: تقع غربي مدخل المصلى المرواني؛ وتعد أكبر آبار المسجد. بلغ طولها أربعين مترًا، وعرضها ثلاثين، وعمقها أربعة عشر مترً. وهي، محفورة على شكل مغارة، وتتسع لتسعة ملايين لتر من الماء.
بئر الورقة: تقع هذه البئر شرقي رواق مبنى المسجد الأقصى المبارك. ذكرت في بطون الكتب بقصص غريبة؛ حيث يقال إن ورقة من الجنة وقعت فيها. طولها ثمانية عشر مترًا، وعمقها ثلاثة عشر مترًا؛ أوصلت بها مواسير أقطارها 1,66م.
بئر جنوبي بئر الورقة: وهي بئر صغيرة الحجم، تقع جنوبي بئر الورقة.
بئر شرقي مسجد عمر: تقع هذه البئر شرقي مسجد عمر رضي الله تعالى عنه، لها فم ظاهر قرب المخازن. وهي متطاولة، تمتد إلى خارج أسوار المسجد والمدينة؛ طولها ثلاثة وثلاثين مترًا، وعرضها تسعة أمتار، وعمقها ستة عشر مترًا.
بئر جنوبي مدخل التسوية الشرقية: تقع هذه البئر جنوبي مدخل التسوية الشرقية، لها فمان؛ وهي عبارة عن ثلاث غرف؛ تربط بينها قناة عرضها أربعة أمتار؛ وطول كل غرفة من هذه الغرف ثلاثة عشر مترًا، وعرضها ثمانية، وعمقها عشرة أمتار.
بئر شمالي مدخل التسوية الشرقية: تقع هذه البئر شمالي مدخل التسوية الشرقية (المصلى المرواني)، تدعى بالمستنقع لضخامتها؛ إذ إن أكثر طول لها ستة وثلاثين مترًا، عرضها ستة أمتار، وعمقها عشرون مترًا.
بئر شمالي شرق البائكة الشرقية: تقع هذه البئر شمالي شرق البائكة الشرقية؛ ولها من الأشكال، شكل معين، بلغ عمقها أربعة عشر مترًا، ولها سقف برميلي الشكل.
بئر شمالي شرق البائكة الشرقية: وهي بئر منتظمة الشكل، عمقها عشرة أمتار، تقع شمالي البئر “السابقة” وبمحاذاتها.
بئر شمال البائكة الشرقية: تقع شمال البائكة الشرقية، شمالي غرفة المدرسين؛ وتمتد بجزء يسير تحت صحن الصخرة؛ طولها ثلاثة وعشرون مترًا، عرضها ثلاثة أمتار، وعمقها ثمانية أمتار.
بئر شرقي بئر شمال البائكة الشرقية: وهي بئر شكلها يشبه المغارة؛ دائرية الجوانب؛ عمقها عشرة أمتار؛ تقع شرقي البئر “السابقة”.
بئر غربي بابي التوبة والرحمة: تقع هذه البئر غربي بابي التوبة والرحمة، بانحراف يسير للشمال؛ أسطوانية الشكل، قطرها ستة أمتار، وعمقها أحد عشر مترًا.
بئر بين البائكتين الشمالية والغربية وقبة الصخرة: تقع هذه البئر في صحن الصخرة؛ بين البائكة الشمالية والغربية وقبة الصخرة، وفوهتها ظاهرة. وهي مستطيلة الشكل، طولها أربعون مترًا وعرضها سبعة أمتار، وعمقها خمسة أمتار ونصف المتر؛ بناؤها أقواس منخفضة الارتفاع؛ وهي مقصورة الحيطان. وهي بئر مغلقة.
بئر غربي قبة الأرواح: طولها اثنا عشر مترًا، وعرضها ثمانية أمتار، وعمقها عشرة أمتار؛ لها فتحتان علويتان. تقع في صحن الصخرة، جنوبي غرب قبة الأرواح.
بئر الخليلي: تقع هذه البئر في صحن الصخرة، شرقي “مكتب لجنة الإعمار” مباشرة، هي صغيرة الحجم، وأشبه ما تكون بمخزن. وهي غير منتظمة عمقها الشرقي متران ونصف المتر. دعيت بهذا الاسم؛ لوقوعها بجوار قبة الخليلي.
بئر الزاوية الجنوبية الغربية مكتب لجنة الاعمار: تقع هذه البئر في زاوية مكتب لجنة الاعمار في زاويتها الجنوبية الغربية من الخارج؛ وهي مستديرة الشكل، صغيرة الحجم، بلغ قطرها أربعة أمتار، وعمقها عشرة أمتار.
بئر شمالي البائكة الغربية الوسطى: تقع هذه البئر شمالي طرف البائكة الغربية الوسطى. لها فوهة ظاهرة، وبقربها وعاء حجري كبير، وكان يملأ بالماء للشرب منها، والبئر شبة اسطوانية، بلغ عمقها خمسة عشر مترًا.
بئر الرمانة: تقع هذه البئر المتطاولة في زاوية صحن الصخرة الجنوبية الشرقية؛ وهي طويلة، تصل إلى ما تحت الساحة المنخفضة للمسجد الأقصى المبارك. طولها خمسة وثلاثون مترًا؛ وهي قليلة العرض؛ إذ لا يتعدى عرضها أربعة أمتار؛ أما عمقها فيصل إلى ستة عشر مترًا.
بئر غربي غرفة المدرسين: تقع هذه البئر في صحن الصخرة، غربي غرفة المدرسين، غير منتظمة؛ لها فوهة طولها ثمانية عشر مترًا، وعرضها ثمانية أمتار، وعمقها خمسة عشر مترًا .
بئر شمال غرب غرفة المدرسين: تقع هذه البئر شمالي غرب سابقتها وبجوارها. طولها ثمانية عشر مترًا، وعرضها خمسة عشر مترًا، وعمقها خمسة عشر مترًا ونصف المتر.
مصاطب المسجد الأقصى
يبلغ عدد مصاطب العلم في ساحات المسجد الأقصى 35 مصطبة؛ أنشئ بعضها في العصر المملوكي، ومعظمها في العصر العثماني. والمصاطب غالباً ما تكون مربعة الشكل، أو مستطيلة، وترتفع عن الأرض بدرجة أو درجتين، وبناؤها من الحجارة.
وتتنوّع الدروس في هذه المصاطب التي يتلقاها طلبة العلم -وهم من فئات عمرية مختلفة، ومن الجنسين- بين موضوعات العلم الشرعي في الحديث الشريف والسيرة النبوية والتفسير والثقافة الإسلامية والفقه؛ وتنفتح على بعض العلوم الأخرى، كاللغة العربية والرسم.
وهذه المصاطب هي:
1- مصطبة الظاهر: وتقع أمام باب الغوانمة. وأنشئت في الفترة المملوكية.
2- مصطبة علاء الدين البصير: وتقع شرق باب الناظر. وأنشئت في الفترة المملوكية.
3- مصطبة سبيل شعلان: أنشئت في الفترة العثمانية.
4- مصطبة سبيل مصطفى آغا البديري: أنشئت في الفترة العثمانية.
5- مصطبة باب الحديد: أنشئت في الفترة العثمانية.
6- مصطبة البائكة الشمالية الغربية: أنشئت في الفترة العثمانية.
7- مصطبة الخلوة الزيركية: أنشئت في الفترة العثمانية.
8- مصطبة علي باشا-: أنشئت في الفترة العثمانية.
9- مصطبة باب القطانين: أنشئت في الفترة العثمانية.
10- مصطبة سبيل قايتباي: أنشئت في الفترة المملوكية.
11- مصطبة سبيل المعظم عيسى: أنشئت في الفترة الأيوبية أو المملوكية.
12- مصطبة أحمد قوللري: أنشئت في الفترة العثمانية.
13- مصطبة قبة موسى/ دار القران: أنشئت في الفترة الأيوبية أو المملوكية.
14- مصطبة البراق: أنشئت في الفترة العثمانية.
15- المصطبة الفخرية: تقع أمام باب المغاربة. أنشئت في الفترة المملوكية.
16- مصطبة الصنوبر: تقع غرب المسجد القبلي. أنشئت في الفترة العثمانية.
17- مصطبة الزهور: تقع أمام المسجد القبلي. أنشئت في الفترة العثمانية.
18- مصطبة الكأس المزدوجة: أنشئت في القرن العشرين.
19- مصطبة شرق الكأس: أنشئت في القرن العشرين.
20- مصطبة الجنائز: تقع أمام المسجد القبلي. أنشئت في القرن العشرين.
21- مصطبة الطومار تقع شرق درج البائكة الجنوبية الشرقية: أنشئت في الفترة العثمانية.
22- مصطبة الكرك الزاوية الجنوبية الشرقية لسطح الصخرة: أنشئت في الفترة المملوكية.
23- مصطبة بوابة المرواني الغربية: أنشئت في القرن العشرين.
24- مصطبة درج بوابات المرواني: أنشئت في القرن العشرين.
25- مصطبة صبرا وشاتيلا: أنشئت عام 1982م.
26- مصطبة الساحة الشرقية: أنشئت في القرن العشرين.
27- مصطبة الغزالي: أنشئت في القرن العشرين.
28- مصطبة الزيتون الشرقية: أنشئت في القرن العشرين.
29- مصطبة درج الخلوة الشرقية: أنشئت في القرن العشرين.
30- مصطبة درج البائكة الشرقية: أنشئت في القرن العشرين.
31- مصطبة شمال شرق صحن الصخرة: أنشئت في الفترة العثمانية.
32- مصطبة الخضر شمال غرب صحن الصخرة: أنشئت في الفترة المملوكية أو العثمانية.
33- مصطبة سبيل سليمان: أنشئت في الفترة العثمانية.
34- مصطبة قبة سليمان: بجوار باب الملك فيصل. أنشئت في الفترة الأيوبية.
35- مصطبة المدرسة الأسعردية: غرب قبة سليمان. أنشئت في القرن العشرين.
مسجد قبة الصخرة:
بدأ العمل ببناء مسجد الصخرة في عام (66 هـ- 685م)، بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وتم رصد ريع خراج مصر على مدار سبع سنوات لتغطية تكاليف نفقات البناء، وتمويل المشروع.
وبعد الانتهاء من العمل، بقى من المبالغ المخصصة مائة ألف دينار، فأمر الخليفة بصهر النقود وطليها على القبة والأبواب. فجاءت القبة آية في الإبداع باحتوائها على النحاس المطلي بالذهب.
كما خلع على القبة أيضاً كساء آخر؛ ليقيها تقلبات الطقس وبرودة الشتاء. إلا أن هذا الكساء أزيل في أواخر حكم العثمانيين.
ويعتبر مسجد الصخرة تحفة هندسية معمارية؛ لما تحوي جدرانه وأعمدته وأروقته وسقوفه وقبته من نقوش فسيفسائية، ومنحوتات فنية دفعت بالكثير من الباحثين الأجانب إلى اعتباره أجمل بناء في العالم بأسره. وقد سمي المسجد بمسجد الصخرة المشرفة نسبة إلى الصخرة الجرداء التي تتوسط المسجد، والتي يعتقد أنها تبعت الرسول محمد إلى السماء في رحلة المعراج ولكنه أوقفها.
مسجد عمر بن الخطاب:
عندما دخل الخليفة عمر بن الخطاب القدس فاتحاً لها، في عام (15 هـ- 636م)، وبينما كان لا يزال داخل كنيسة القيامة، أذن المؤذن للصلاة فدعا البطريرك “صفرونيوس” الخليفة للصلاة داخل الكنيسة، لكنه رفض العرض خوفاً من اقتداء المسلمين له فيما بعد وتحويلهم الكنيسة إلى مسجد، مما يترتب عليه إيذاء مشاعر المسيحيين والنيل من حرية عبادتهم في المكان فتحول الخليفة عمر إلى مكان قريب خارج الكنيسة، حيث أدى فريضة الصلاة ليبني المسلون بعدها مسجداً في تلك البقعة سمى “بمسجد عمر”.
مقام النبي داوود:
مقام النبي داود من الأماكن الإسلامية التي يجوبها المسلمون في المدينة المقدسة، و يتألف المقام من ضريح النبي داود والمسجدين الملاصقين له.
ويقع المقام على ربوة مرتفع جبل صهيون، وتحيط به مباني كثيرة يقيم فيها أفراد (عائلة الدجاني) المقدسية قبل عام 1948م.
والمقام فضلاً عن قدسيته وحرمته المشهورتين، يعد من الأمكنة الأثرية العامة في فلسطين لا سيما المسجد العلوي منه وما يشتمل عليه من أقواس وأعمدة ضخمة.
والمقام الأعلى عبارة عن بناية حجرية قائمة في وسط الحي وهي مؤلفة من طابقين علوي وسفلي وفي الطابق السفلي مسجدان كبير وصغير وعلى جدرانها آيات من القرآن الكريم، وفي العلوي ردهة واسعة تقع فوق المسجد الكبير وهي ذات عقود مصلبة. و جدد تعمير هذا المكان الشريف السلطان محمود خان سنة (1233 هـ- 1817م).
حائط البراق:
يعده المسلمون جزءاً من الحرم الشريف، وهو الحائط الذي يحيط بالحرم من الناحية الغربية، ويبلغ طوله 47.5م، وارتفاعه 17م. وهو مبنى من حجارة قديمة ضخمة يبلغ طول بعضها 4.8م. يسميه المسلمون البراق؛ لأنه المكان الذي ربط النبي “محمد” براقًه (الناقة) عنده، ليلة الإسراء.
ويسميه اليهود حائط المبكى؛ لزعمهم أنه من بقايا هيكلهم القديم، ذلك الهيكل الذي عمره هيرودوس (18 ق.م) ودكه تيطس (70م)؛ فراحوا منذ زمن قديم ينظرون إليه بعين التقديس، وراحوا يزورونه ولا سيما في صباح يوم (تسعة آب)، ويقومون بالبكاء عنده.
ويوجد أمام الحائط رصيف يقف عليه اليهود عندما يزورون الحائط بقصد البكاء، ويبلغ عرضه 3.35 م، ومساحته 11.28 م2.
وهو وقف إسلامي من أوقاف (أبى مدين الغوث)، أنشئ هو والأملاك المجاورة له في زمن السلطان صلاح الدين لمنفعة جماعة من المغاربة المسلمين، وقامت في الماضي خلافات شديدة بين المسلمين واليهود حول البراق، حيث قام المسلمون بمنع اليهود من جلب المقاعد والكراسي والستائر أو أيه أداة من الأدوات، ولم يسمحوا لهم بالوصول إلى المكان.
وفي زمن الانتداب جدد اليهود ادعاءاتهم بشأن الحائط؛ فقامت خلافات شديدة بينهم وبين المسلمين، وقد أدى ذلك إلى قيام ثورة عارمة في فلسطين، عرفت بثورة البراق وانتهت بالإقرار بأنه ليس لليهود سوى الدنو من المكان.
المساجد الأثرية في القدس:
لقد ازداد الاهتمام ببناء المساجد في القدس وفلسطين عقب الفتح الإسلامي مباشرة، في عهد عمر بن الخطاب، فكلما فتحت مدينة أقيم فيها مسجد، ولعل مسجد عمر في الحرم القدسي الشريف من أوائل هذه المساجد. وقد كانت المساجد الأولى بسيطة كل البساطة، فكانت غالبا ما تتألف من ساحة يحيط بها سور من اللبن على أساس من الحجر. كانت توضع جذوع النخل كأعمدة ويوضع عليها سقف من سعف النخيل أو الطين. وقد بنى قادة المسلمين الأولين المساجد في وسط المدن، وقرب المسجد كانت تبنى دار الإمارة، على غرار بيت الرسول في مسجد المدينة.
وقد تطور بناء المساجد مع الوقت، ففي زمن الخليفة عثمان بن عفان، استعملت الحجارة والجص في بناء جدران المسجد وأعمدته، وتطور ذلك في عهد الأمويين، وبدأت تأخذ طابعها الجمالي والحضاري وفي مقدمتهما “المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة”
وترجع أغلبية المساجد الأثرية الباقية إلى عصور الأيوبيين والمماليك؛ حيث أدت المساجد خدمات جليلة في حفظ اللغة العربية والثقافة الإسلامية في فلسطين، وكانت مركزاً للحياة السياسية والاجتماعية، ولا سيما في العصور الإسلامية الأولى فقد كان المسجد عبارة عن المدرسة الدينية وفيه كان يحكم الأمير ويحفظ بيت المال واستقبال رؤساء القبائل، وكانت المساجد مركزاً للاحتفالات الدينية والقومية.
ولم تسلم المساجد من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي؛ فمنها ما تم هدمه، وتم تحويل بعضها إلى متاحف أو مرافق عامة، وهناك العديد من الانتهاكات.
الجوامع والمساجد الأثرية في القدس:
اسم الجامع |
الموقع |
ملاحظات |
جامع باب حطة |
يقع داخل الحرم، بالقرب من باب حطة. |
تقام فيه الصلوات |
جامع كرسي سليمان |
يقع داخل الحرم، في الجهة الشرقية. |
تقام فيه الصلوات |
جامع المغاربة |
يقع داخل الحرم، بالقرب من باب المغاربة. |
فيه الآن متحف ودار الكتب الإسلامية |
جامع باب الغوانمة |
يقع داخل الحرم، بالقرب من باب الغوانمة. |
|
جامع دار الإمام |
يقع داخل الحرم، عند باب المجاهدين. |
|
جامع خان الزيت |
يقع خارج الحرم، داخل السور في سوق خان الزيت . |
تقام فيه الصلوات |
جامع حارة اليهود الكبير |
يقع خارج الحرم، في الجهة القبلية لحارة اليهود . |
هدم عام 1967م. |
جامع حارة اليهود الصغير |
يقع خارج الحرم، في الجهة الشمالية لما يسمى بحارة اليهود . |
هدم عام 1967م. |
جامع سويقة علون |
يقع خارج السور، في سويقة علون. |
|
جامع القلعة |
يقع داخل القلعة، بباب الخليل. |
حول إلى متحف عام 1988م. |
جامع الخانقاة |
يقع خارج الحرم، داخل السور، إلى الشمال الشرقي من كنيسة القيامة. |
تقام فيه الصلوات |
جامع قمبز |
يقع خارج الحرم، داخل السور بالقرب من الباب الجديد . |
|
الجامع العمري (مسجد عمر) |
يقع خارج الحرم، داخل السور، بالقرب من كنيسة القيامة. |
له مئذنة وتقام فيه الصلوات |
الجامع اليعقوبي |
يقع خارج الحرم، داخل السور، تجاه القلعة بباب الخليل. |
|
جامع بني حسن |
يقع خارج الحرم، داخل السور، تجاه القلعة بباب الخليل. |
|
جامع حارة الأرمن |
||
جامع طريق النبي داود |
يقع خارج الحرم، داخل السور، على طريق النبي داود. |
|
جامع حارة الخوالدية |
خارج الحرم،داخل السور، أمام دير الفرنج. |
جددت عمارته أيام الملك المنصور قلاوون (686 هـ)، (1287م). |
جامع الشيخ لولو |
خارج الحرم، داخل السور، بباب العمود. |
|
الجامع الصغير |
خارج الحرم، داخل السور، بباب العمود، |
|
جامع البراق الشريف |
خارج الحرم، داخل السور، في حي المغاربة بجوار البراق . |
هدم عام 1967م. |
جامع خان السلطان |
خارج الحرم داخل السور في خان السلطان بسوق باب السلسلة. |
|
جامع القرمي |
خارج الحرم داخل السور في حارة القرمي. |
|
جامع حارة النصارى |
خارج الحرم، داخل السور على طريق خان الزيت. |
|
جامع البازار |
خارج الحرم، داخل السور في سوق البازار. |
|
جامع الزاوية النقشندية |
خارج الحرم، داخل السور في الزاوية على طريق باب حطة. |
|
جامع سعد وسعيد |
خارج السور، في حي سعد وسعيد. |
|
جامع الشيخ جراح |
خارج السور في حي الشيخ جراح. |
|
جامع حجازي |
خارج السور قرب باب الساهرة . |
|
جامع وادي الجوز |
خارج السور في حي وادي الجوز. |
|
جامع النبي داود |
خارج السور في حي النبي داوود. |
|
جامع عكاشة |
خارج السور في حي زخرون موشه اليهودي. |
استولى عليه اليهود عام 1948م. |
جامع المطحنة |
خارج السور بين النبي داود وحارة الشرف. |
هدم عام 1967م. |
الأضرحة والمقامات والترب الإسلامية الهامة:
1. مقبرة ماميلا:
وتسمى أيضاً) مأمن الله)، وهي من أكبر المقابر الإسلامية في بيت المقدس، تقع غربي المدنية على بعد كيلو مترين من باب الخليل، وهي المكان الذي مسح فيه سيدنا سليمان ملكا 1015 ق.م، وفيه عسكر سنحاريب “ملك الآشوريين”، عندما هبط القدس 710 ق. م، وفيه ألقى الفرس بجثث القتلى من سكان المدينة عندما احتلوها سنة 614م، وفيه دفن عدد كبير من الصحابة والمجاهدين أثناء الفتح الإسلامي 636م. كذلك عسكر فيه صلاح الدين حين جاء ليسترد القدس من الصليبيين 1187م.
2. مقبرة الساهرة:
تقع عند سور المدينة من الشمال، وعلى بعد بضعة أمتار من الباب المعروف بالساهرة، وهي من المقابر الإسلامية الكبيرة وقديمة العهد. ومن أسمائها (مقبرة المجاهدين) لأن المجاهدين الذين قضوا نحبهم أثناء الفتح، ممن اشتركوا في فتح القدس مع صلاح الدين- دفنوا فيها.
3. مقبرة باب الرحمة:
تقع عند سور الحرم من الشرق، وهي من المقابر الإسلامية المشهورة، فيها قبور عدد من الصحابة والمجاهدين الذين اشتركوا في فتح القدس أثناء الفتحين العمري والصلاحي.
4. المقبرة اليوسفية:
وتقع عند باب الأسباط وإلى الشمال من مقبرة باب الرحمة، والذي عمرها هو الأمير (قانصوه اليحيا روي) سنة (872 هـ- 1467م).
5. مقبرة النبي داود:
وتقع في حي النبي داود على جبل صهيون.
6. مقبرة الإخشيديين:
وتقع في مقبرة باب الأسباط، وبها قبر “محمد بن طفيح الإخشيد” مؤسس الدولة الإخشيدية في مصر، وقبر أنوحور بن محمد الإخشيد، وقبر علي الإخشيد شقيق أنوحور.
أهم الترب والأضرحة:
• ضريح الأمير محمد على الهندي:
أحد أمراء الهند المعروفين، وأحد المناصرين لقضية فلسطين، توفي في بريطانيا في العام 1930م، وقد نقل جثمانه إلى رحاب المسجد الأقصى المبارك، ودفن هناك، إلى جوار المدرسة الخاتونية.
• ضريح أحمد حلمي عبد الباقي:
أحد زعماء فلسطين المشهورين توفي في العام 1963م
• ضريح عبد القادر الحسيني:
استشهد في معركة القسطل سنة 1948م ودفن إلى جوار والده.
• ضريح أحمد عبد الحميد شومان:
أحد اشهر رجالات فلسطين، وهو صاحب ومؤسس البنك العربي توفي عام 1974م.
• تربة الأمير سيف الدين منكلي بغا:
تقع في داخل المدرسة البلدية إلى الغرب من المدرسة الإشرافية السلطانية، أوقفها الأمير سيف الدين منكلي بغا، حيث توفي في عام 782هـ.
• تربة تركان خاتون:
تقع هذه التربة في طريق باب السلسلة حيث عمرتها “تركان خاتون” بنت الأمير تسقطاي بن سلجوطاي، سنة ثلاثة وخمسين وسبعمائة ودفنت بها.
• التربة الجالقية:
تقع شمالي السلسة المتفرع منها طريق الواد، وقد أنشأ هذه التربة “ركن الدين بيبرس الجالق الصالي”، كبير أمراء دمشق، الذي توفي عام 707هـ، ودفن فيها.
• التربة الطازية:
وهي تربة الأمير “سيف الدين طاز” أحد كبار رجال دولة المماليك، زمن الملك المظفر “حاجي” ويقع الضريح في الطابق الأول من التربة الواقعة في باب السلسلة.
• تربة الست طنشق المظفرية (خاصكي سلطان): عمرتها الست طنشق في العام 794هـ، وتوفيت في القدس، ودفنت فيها سنة 800هـ وتقع عقبة الست مقابل الدار الكبرى.
• ضريح المجاهد سعد الدين الرصافي، داخل تكية (خاصكي سلطان).
• تربة الأمير قنقباي الأحمدي:
تقع هذه التربة في المدرسة البلدية، وهي لأحد الأمراء المماليك “قنقباي الجابي الاحمدي”.
• التربة السعدية:
تقع هذه التربة في باب السلسلة، على الجانب الشمالي من الشارع وقد وقف هذه التربة، الأمير سعد الدين مسعود ابن الأمير الأسفهلار، في العام 711هـ، وتعرف هذه الدار اليوم بدار الخالدي.
• تربة بركة خان:
تقع هذه التربة في الساحة المفتوحة من مبنى المكتبة الخالدية، الواقعة على طريق باب السلسة، وهي عبارة عن ثلاثة قبور متجاورة، لبركة خان وولديه: بدر الدين، وحسام الدين.
• تربة الشيخ القرمي:
توجد في زاوية القرمي، وهي لشمس الدين محمد بن عثمان التركماني، المتوفى سنة 788هـ والمدفون في هذه التربة.
• ضريح الشيخ ريحان:
والشيخ ريحان هو الصحابي أبو ريحانة، كان مولى رسول الله، ويقع هذا الضريح في حارة السعدية، في عقبة الشيخ ريحان، داخل مسجد الشيخ ريحان.
• التربة الأوحدية:
وتقع بباب حطة، على يمين الداخل إلى الحرم الشريف، شيد ها الملك الأوحد نجم الدين يوسف بن الملك الناصر صلاح الدين داود بن الملك عيسى بن العادل، شقيق صلاح الدين الأيوبي.
• ضريح حسين بن على:
توفي في عمان سنة 1931 يقع الضريح إلى يسار باب المطهرة، أسفل بناء المدرسة العثمانية والشرفية السلطانية.
• ضريح فاطمة بنت معاوية:
ويقع هذا الضريح في مقر الزاوية الوفائية، كانت في القرن الثامن عشر منزل الرحالة الشهير “مصطفى البكري الصديقي”.
• تربة الأمير “علاء الدين بن ناصر الدين محمد”:
نائب القلعة الصليبية، وتقع هذه التربة داخل المدرسة الصليبية شمالي الحرم.
• ضريح الشيخ جراح:
يقع شمالي القدس، في حي الشيخ جراح، بالقرب من جامع الشيخ جراح، الذي شيد في العام 1313هـ. ويعود الضريح إلى الأمير “حسام الدين الجراحي”، أحد أمراء صلاح الدين الأيوبي وطبيبه، وتوفي عام 598هـ ودفن في زاوية الشيخ جراح.
• ضريح محمد بن عمر العلمي:
يقع في مكان أسفل الزاوية الأسعدية في جبل الزيتون وقد شيد هذه الزاوية “أسعد أفندي التبريزي” مفتي الدولة العثمانية.
• قبر الصحابيين شداد بن أوس وعبادة بن الصامت:
يقع هذان القبران في مقبرة الرحمة، الواقعة إلى الشرق من سور الحرم القدسي الشرقي، بالقرب من باب الرحمة، حيث شهد هذان الصحابيان فتح بيت المقدس في العام 15هـ.
الزوايا:
1. الزوايا النقشبندية:
وسميت بالأزبكية، وتقع في حارة الواد بالقرب من زوايا الحرم الشمالية الغربية، وعلى بعد بضعة أمتار من باب الغوانمة، بناها مؤسس الطريقة النقشبندية الشيخ محمد بهاء الدين نقشبند البخاري، فوق أرض اشتراها لإيواء الغرباء، وإطعام الفقراء من مسلمي بخارى وجاوة وتركستان، سنة (1025هـ- 1616م). وأضيف إليها فيما بعد، بعض الغرف يوم تولاها الشيخ حسن بن الشيــخ محمـــــد الصالـح الأزبكي 1144هـ – 1731م.
2. زاوية الهنود:
أسسها بابا فريد شكر كنج، من مسلمي الهند، وقد جاء إلى بيت المقدس قبل أربعة قرون بقصد العبادة، وهي واقعة في شمال المدينة، بداخل السور عند باب الساهرة، وفيها مسجد، ولها وقف باب حطة.
3. الزاوية الادهمية:
وتقع هذه الزاوية إلى الشمال، خارج السور، على بعد مائتي متر منه، بين باب العمود وباب الساهرة.
4. زاوية الشيخ جراح:
وتقع في حي الشيخ جراح. وبها مسجد. أوقفها الأمير حسام الدين الحسين بن شرف الدين عيسى الجراحي، أحد أمراء الملك صلاح الدين، توفي في صفر، سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ودفن بزاويته المذكورة.
5. الزاوية الرفاعية:
وتسمى أيضا بزاوية (أبي السعود) سميت بذلك لأن أكثر المنتمين إليها من العائلة المعروفة بآل أبي السعود، وتقع بداخل الحرم القدسي إلى الشمال تحت مئذنة باب الغوانمة.
6. الزاوية اللؤلؤية:
أوقفها “بدر الدين لؤلؤ غازي” وتقع بباب العمود، داخل السور.
7. الزاوية البسطامية:
أقيمت قبل سنة (770 هـ- 1368م)، أوقفها الشيخ عبد الله البسطامي، وتقع في حارة المشارقة.
8. الزاوية القادرية:
وسميت بزاوية (الأفغان) أيضاً؛ لكثرة المنتمين إليها منهم. وتقع في حارة الواد على بعد بضعة أمتار من الزاوية النقشبندية، إلى الجنوب الغربي.
9. الزاوية المولوية:
تقع في حارة السعدية، ويقيم فيها المؤيدون لهذه الطريقة، حيث دخلت هذه الطريقة بيت المقدس في أوائل الحكم العثماني (925 هـ- 1519م).
10. زاوية الخانكي:
تقع هذه الزاوية في حارة النصارى، سميت (بالخانقاه الصلاحية)، أسسها صلاح الدين سنة (585 هـ- 1189م). وكانت قبل ذلك التاريخ منزلا لبطاركة الروم الأرثوذكس، وداراً للقس، وقد أخذها منهم الصليبيون، ولما استرد صلاح الدين القدس منهم، أرجعها إلى أصحابها الأولين، وهم (الروم)، كما أرجع إليهم ممتلكاتهم الأخرى التي كان الصليبيون قد أخذوها منهم، ومنها دار البطركية. وفي غضون ذلك، وافق الروم أن يقتطع صلاح الدين من منزل القس والبطاركة جانباً، فنزل فيه مدة إقامته في القدس، ثم جعله جامعاً ورباطاً للعلماء الصوفيين، وصارت في الإسلام داراً للمجاهدين.
11. الزاوية الجيدية:
وتقع في مقام النبي داود، إلى الشمال من الضريح نفسه.
البوائك
البائكة الجنوبية:
تتكون هذه البائكة من دعامتين حجريتين وبينهما ثلاثة أعمدة رخامية تعلوها أقواس حجرية مدببة الشكل. وقد بنيت في العصر العباسي، ثم جددت في العصر الفاطمي، والعصر العثماني، خلال حكم السلطان عبد الحميد؛ تحديداً في عام 1311هـ/1893م.
تتميز هذه البائكة عن غيرها بوجود ساعة شمسية للتوقيت في منتصف واجهتها الجنوبية فوق العمود الأوسط وهي من عمل المهندس رشدي الإمام مهندس المجلس الإسلامي الأعلى عام 1325هـ/1907م.
البائكة الشرقية:
تتكون هذه البائكة من دعامتين حجريتين بينهما أربعة أعمدة رخامية تعلوها أقواس حجرية. ولا توجد مصادر مؤكدة عن تاريخ إنشاء هذه البائكة؛ حيث تقول بعض المصادر: إنها تعود إلى العصر العباسي؛ وأخرى تقول: إنها بنيت في العصر الفاطمي؛ وأغلب الظن أنها بنيت في العصر العباسي، وجددت في العصر الفاطمي.
البائكة الغربية:
تتكون هذه البائكة من دعامتين حجريتين، بينهما ثلاثة أعمدة رخامية، تعلوها أقواس حجرية مدببة الشكل. وقد بنيت عام 340هـ/951م؛ وبانيها غير معروف. وتم ترميمها في العصر الفاطمي.
البائكة الشمالية الغربية:
تتكون هذه البائكة من دعامتين حجريتين بينهما عمودان رخاميان تستقر فوقهما أربعة عقود مدببة؛ بناها السلطان المملوكي الملك الأشرف في شعبان عام 778هـ/1386م، وجددها السلطان العثماني سليمان القانوني عام 926هـ/1520م.
البائكة الشمالية الشرقية:
تتكون هذه البائكة من دعامتين حجريتين بينهما عمودان لطيفا الشكل تعلوهما عقود مدببة، وقد بنيت في عهد السلطان محمد بن قلاوون عام 726هـ/1325م.
البائكة الجنوبية الغربية:
تتكون هذه البائكة من دعامتين بينهما عمودان رخاميان تعلوهما ثلاثة عقود مدببة. وقد تم بناء هذه البائكة عام 877هـ/1472 1473م، تحت إشراف الأمير ناصر الدين النشاشيبي (ناظر الحرمين الشريفين) في عهد السلطان قايتباي.
البائكة الجنوبية الشرقية:
تتكون هذه البائكة من دعامتين بينهما عمودان رخاميان تعلوهما ثلاثة عقود مدببة. وقد أنشئت أول مرة في العهد الفاطمي عام 421هـ/1030م.
المدارس
المدرسة الختنية (العصر الأيوبي):
بنيت هذه المدرسة في عهد صلاح الدين الأيوبي سنة 587هـ/1191م. وقد سميت بـ”الختنية” نسبة للشيخ الختني، الذي كان يدرس فيها علوم الدين.
وتقع المدرسة الختنية في موقع ملاصق لسور المسجد القبلي، خلف منبر صلاح الدين الأيوبي مباشرة.
وقد طرأ على بناء هذه المدرسة عدد من التغييرات؛ إذ أضيفت لها بعض الغرف ودروة للمياه؛ ولم يتبق من بنائها الأصلي سوى بضعة عقود وشبابيك.
المدرسة الفخرية (العصر المملوكي):
سميت هذه المدرسة بـ”الفخرية” نسبة لمنشئها (القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله)؛ ويعود بناؤها لعام 730هـ/1329-1330م.
وكانت هذه المدرسة قد وقفت لتكون مدرسة دينية؛ ثم تحولت لزاوية صوفية في زمن لاحق.
يتكون بناء هذه المدرسة اليوم من مصلى وثلاث غرف فقط؛ حيث قامت السلطات الإسرائيلية بهدم جزء كبير منها. ومصلى المدرسة الفخرية يتكون من بيت للصلاة مستطيل الشكل، تقوم فيه ثلاثة أعمدة، أشيء فوقها عدد من القباب الضخمة التي يعود بناؤها إلى العصر العثماني، كما يوجد محراب داخل المصلى تزينه الحجارة الحمراء.
المدرسة الدويدارية (العصر المملوكي):
تقع هذه المدرسة بالقرب من باب الملك فيصل، الذي كان يعرف قديما باسم باب الدويدارية. وهي مدرسة وخانقاه بناها الأمير “علم الدين أبو موسى سنجر الدويدار” عام 695هـ/1295م؛ وقد درس فيها المذهب الشافعي؛ وخصصت فيما بعد لتعليم الفتيات؛ واستمر استخدامها لهذه الغاية حتى زمن الانتداب البريطاني. وتتكون هذه المدرسة من طابقين يتوصل اليها عن طريق مدخل بديع البناء على الطراز المملوكي، وتزينه مجموعة من المقرنصات؛ ويوجد فيها مسجد.
وما زال هذا البناء يستخدم مقرًا لمدرسة تعرف باسم “المدرسة البكرية”، وهي مخصصة لتدريس ذوي الاحتياجات الخاصة.
المدرسة التنكزية (العصر المملوكي):
تقع هذه المدرسة بين باب السلسلة شمالًا، وحائط البراق جنوبًا. ويقع جزء من بنائها داخل الرواق الغربي للمسجد الأقصى؛ بينما يقع الجزء المتبقي خارجه. وكانت هذه المدرسة قد بنيت عام 729هـ/1328م. وكانت هذه المدرسة مدرسة عظيمة، ودارًا للحديث.
سميت بـ”التنكزية” نسبة إلى منشئها وموقفها (نائب الشام في العهد المملوكي، الأمير سيف الدين تنكز الناصري). وفي عهد السلطان المملوكي “قايتباي” أصبحت مقرًا للقضاء والحكم، ثم تحولت في العهد العثماني إلى محكمة شرعية، وعرفت باسم “المحكمة” منذ ذلك الحين، وبقيت كذلك حتى أوائل عهد الانتداب البريطاني؛ ثم أصبحت مسكنًا للمفتي “أمين الحسيني” (رئيس المجلس الإسلامي الأعلى)، ثم عادت بعد ذلك مدرسة لتعليم الفقه الاسلامي.
تتكون هذه المدرسة من طابقين فيهما ساحة مكشوفة، ومحراب وأربعة إيوانات، وقاعة كبيرة كانت تستخدم مكتبة؛ إضافة إلى عدد من الغرف والمرافق.
في عام 1388هـ/1969م، صادرتها سلطات الاحتلال الصهيوني، وحولتها إلى موقع عسكري لحرس الحدود، يشرفون منها على المسجد الأقصى.
المدرسة الفارسية (العصر المملوكي): يعود بناء هذه المدرسة لعام 755هـ/1352م.
سميت بـ”الفارسية” نسبة لواقفها (الأمير فارس البكي، ابن الأمير قطلو ملك بن عبد الله).
يقع بناء هذه المدرسة فوق الرواق الشمالي للحرم الشريف، وتطل واجهتها الرئيسة عليه. ويتم الصعود إلى المدرسة عن طريق درج متصل من داخل المسجد الأقصى، يؤدي إلى مدخل المدرسة المتوج بعقد مدبب على جانبيه مصطبتان حجريتان.
يوجد في المدرسة ساحة مكشوفة شبه مربعة ودرج يؤدي إلى الطابق الأول من المدرسة الأمينية المجاورة لها؛ حيث يتداخل بناء المدرسة الأمينية مع المدرسة الفارسية التي تعلوها بالمستوى. وتستخدم المدرسة الآن دارًا للسكن.
المدرسة الأشرفية (العصر المملوكي):
بناها لأول مرة الأمير حسن بن ططر الظاهري، للملك الظاهر خاشقوم، عام 872هـ/1467م؛ ولكن الأخير توفي قبل أن تكتمل؛ فأهداها الظاهري للسلطان الأشرف قايتباي الذي عين عليها الصوفية والعلماء.
وفي زيارة قام بها الأشرف قايتباي للقدس عام 880هـ/1754م، تفقد المدرسة ولم يعجبه بناؤها؛ فأمر بهدمها وإعادة بنائها من جديد عام 885هـ/1470م.
تعد هذه المدرسة الجوهرة الثالثة في القدس إلى جانب قبة الصخرة والمسجد القبلي.
يقع نصف هذه المدرسة داخل المسجد الأقصى؛ بينما يقع النصف الثاني خارج حدوده. وهي تتكون من طابقين؛ بيد أن الجزء الأكبر من الطابق العلوي تعرض للهدم.
لها مدخل جميل التكوين مزخرف بالحجارة الملونة الحمراء والبيضاء؛ وفيها مسجد كان يستخدم قديمًا مسجدًا للحنابلة، وفيه قبران يعتقد أن أحدهما هو قبر الشيخ الخليلي.
يستعمل الجزء الأكبر من المدرسة مقرًا لثانوية الأقصى الشرعية للبنات؛ بينما يستخدم جزء آخر منها مقرًا لقسم المخطوطات في المسجد الأقصى؛ وأما الجزء المتبقي فتستعمله بعض العائلات دورًا للسكن.
قامت دائرة الأوقاف ومؤسسة التعاون بترميم مبنى المدرسة بشكل كامل عام 1420هـ/2000م.
المدرسة الملكية (العصر المملوكي):
بنيت هذه المدرسة عام 741هـ/1340م، في عهد الناصر محمد بن قلاوون. ومنشؤها هو الملك جوكندار الملكي الناصري.
يتكون بناء المدرسة من طابقين لهما مدخل جميل، طراز بنائه مملوكي، تزينه الحجارة البيضاء والحمراء. ويقودنا هذا المدخل إلى دركاة، ثم إلى ممر ضيق، ثم إلى صحن مربع مكشوف، تطل عليه غرف وقاعات المدرسة.
تطل أكبر غرف هذه المدرسة على ساحة المسجد الأقصى المبارك؛ ولها عدة نوافذ مطلة عليه. هذه المدرسة تستخدم اليوم دارًا للسكن.
المدرسة الجاولية (العصر المملوكي):
تقع المدرسة في الجانب الشمالي الغربي من المسجد الأقصى المبارك. ويعود بناؤها إلى الفترة ما قبل الإسلامية؛ ما يجعلها من أقدم المباني في مدينة القدس. تطل واجهتها الجنوبية على الحرم الشريف. وهي اليوم جزء من مبنى المدرسة العمرية.
وُقفت هذه المدرسة في الفترة ما بين عام 712هـ-720هـ/1312م-1320م؛ وواقفها هو الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الجاولي (نائب القدس، وناظر الحرمين الشريفين في عهد الملك الناصر محمد بن قلاوون).
استمر التدريس في هذه المدرسة حتى حولها العثمانيون إلى دار للنيابة في القرن التاسع للهجرة؛ ثم إلى دار سكن لنواب القدس؛ ثم إلى دار للحكم.
تتكون من طابقين يطلان على ساحة مكشوفة، وفيهما مجموعة من الغرف.
المدرسة الخاتونية (العصر المملوكي):
تقع هذه المدرسة في الرواق الغربي من المسجد الأقصى المبارك، ويعود تاريخ بنائها إلى القرن 7هـ/13م. وموقفتها هي السيدة أغلى خاتون البغدادية.
كرست هذه المدرسة لتعليم الفقه وعلوم القرآن؛ حيث تطل نوافذ المدرسة الشرقية على ساحة المسجد الأقصى المبارك؛ وفيها قبر موقفتها (أغلى خاتون)، إلى جانب قبور الأمير محمد علي الهندي (وهو أمير هندي ناضل في سبيل القضية الفلسطينية) وموسى كاظم الحسيني (رئيس اللجنة التنفيذية العربية للمؤتمر الفلسطيني الثالث)، ومحافظ القدس في العهد العثماني، وبطل معركة القسطل (عبد القادر الحسيني) وابنه (فيصل الحسيني، ممثل منظمة التحرير في القدس (بيت المشرق))، والشريف عبد الحميد بن عون، وعبد الحميد شومان (المصرفي الفلسطيني المعروف).
المدرسة الأسعردية (العصر المملوكي):
بنيت هذه المدرسة سنة 760هـ/1358م؛ وكان مجد الدين عبد الغني بن سيف الدين أبي بكر يوسف الأسعردي قد أوقفها عام 770هـ/1369م. ويتوصل إليها عن طريق درجات من داخل المسجد الأقصى المبارك؛ حيث يقع مدخلها في رواقه الشمالي.
وتتكون هذه المدرسة من طابقين، يتوسطهما ساحة مكشوفة محاطة بالغرف والخلاوي. وتعلو المدرسة ثلاث قباب في وسط مبناها وشرقه وغربه، وفيها مسجد جميل يطل على المسجد الأقصى المبارك. وهي تستعمل حاليًا دارًا للسكن.
المدرسة الأرغونية (العصر المملوكي):
بنيت هذه المدرسة عام 758هـ/1356م؛ ومنشؤها هو الأمير أرغون الكاملي، الذي توفي قبل أن يكتمل بناؤها؛ فتابع العمل فيها من بعده ركن الدين بيبرس.
تقع هذه المدرسة في الجزء الواقع بين باب القطانين وباب الحديد، غربي المسجد الأقصى. وتتكون من طابقين يتوصل اليهما عبر مدخل مرتفع البناء، مزين بالحجارة البيضاء والحمراء، يقع في الجهة الجنوبية من زقاق باب الحديد؛ وهناك نقش حجري فوق المدخل يبين اسم الباني وسنة البناء، وتقوم فوقه مجموعة من الأحجار المتداخلة المعشقة.
ويوجد داخل هذه المدرسة ضريحان: الأول لمؤسسها (الأمير أرغون)، والثاني ضريح الملك حسين بن علي الموجود في الإيوان الشرقي في الطابق الأول.
تستخدم هذه المدرسة اليوم دارًا للسكن. وقد تم اخلاؤها بسبب تصدع جدرانها الناجم عن الحفريات التي تجريها السلطات الإسرائيلية أسفل والى جوار المسجد الأقصى المبارك.
المدرسة الأمينية (العصر المملوكي):
تطل هذه المدرسة على الرواق الشمالي للمسجد الأقصى، ولها مدخل يتوصل إليه من ساحته؛ بناؤها متداخل مع بناء المدرسة الفارسية. يعود بناؤها إلى عام 730هـ/1330م. وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى بانيها (أمين الدين عبد الله).
تتكون من طابقين؛ يضم الطابق الأول منها مجموعة من قبور الصالحين والعلماء. وكانت هذه المدرسة إلى زمن قريب تستخدم دارًا للسكن.
المدرسة الباسطية (العصر المملوكي):
تقع المدرسة الباسطية داخل الرواق الشمالي للمسجد الأقصى المبارك (بين باب حطة، والعتم)، بجوار المدرسة الدويدارية.
واقفها هو القاضي زين الدين عبد الباسط خليل الدمشقي (وزير الخزانة والجيش في عهد الملك المؤيد سيف الدين شيخ المملوكي) ما بين عام 815-824هـ/1414-1421م. وكان قد بدأ بناءها شيخ الاسلام شمس الدين محمد الهروي، ناظر الحرمين الشريفين، ولكنه توفي قبل ان يكتمل بناؤها.
تضم المدرسة ثلاث حجرات، وساحة مكشوفة. وكانت مخصصة لتدريس الحديث الشريف والمذهب الشافعي وعلوم القرآن للأيتام، وخاصة الصوفيين منهم. وتستخدم المدرسة اليوم دارًا للسكن.
المدرسة المنجكية (العصر المملوكي):
تقع هذه المدرسة بمحاذاة الحائط الشمالي الغربي من المسجد الأقصى المبارك، إلى يسار باب الناظر.
أسسها الأمير سيف الدين منجك اليوسفي الناصري في القرن 8هـ/14م.
وتتكون هذه المدرسة من طابقين وفيها عدد كبير من الغرف والأروقة.
استمر التدريس في هذه المدرسة حتى حولها العثمانيون إلى بيت سكني في بدايات القرن العشرين، ثم إلى استراحة لزوار مدينة القدس. وفي عهد الانتداب البريطاني استخدمت مقرًا لمدرسة ابتدائية، حتى قام المجلس الإسلامي الأعلى بترميم البناء، واتخذ من بناء المدرسة مقرًا رئيسًا له؛ أما اليوم فالمدرسة مقر لدائرة الأوقاف الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الأردن.
المدرسة العثمانية (العصر المملوكي):
تقع المدرسة العثمانية جنوبي باب المطهرة؛ ويتصل مبناها من جهة الجنوب بالمدرسة الأشرفية.
وقفت هذه المدرسة السيدة أصفهان شاه خاتون بنت محمود، العثمانية سنة 840هـ-1437م، في عهد السلطان الأشرف برسباي.
مبنى المدرسة عبارة عن طابقين، وله مدخل جميل مبني على الطراز المملوكي، مزين بالحجارة البيضاء والحمراء المتداخله. وتطل واجهتها الجنوبية على ساحات المسجد الأقصى المبارك. يضم بناؤها ساحة مفتوحة وعددًا من الغرف ومسجدًا. كما يوجد في المدرسة قبران إلى يسار المدخل، أحدهما يعود لموقفتها (السيدة أصفهان شاه).
تأثرت أساسات هذه المدرسة من الحفريات والأنفاق الإسرائيلية القائمة أسفلها؛ كما قامت سلطات الاحتلال بمصادرة مسجد المدرسة وإغلاقه؛ لتوفير تهوية للأنفاق (على الأغلب). ويستخدم ما تبقى من مبنى هذه المدرسة اليوم دارًا لسكن بعض العائلات المقدسية.
المنابر:
المنبر: هو منصة يقف عليها الخطيب داخل المسجد؛ لإلقاء خطبة الجمعة أو غيرها من الخطب في المناسبات المختلفة، كعيدي الفطر والأضحى؛ إذ تعد الخطبة إحدى شعائر المسلمين وعباداتهم.
1- منبر نور الدين زنكي/منبر صلاح الدين الأيوبي (العصر الأيوبي):
وهو منبر مصنوع من خشب الأرز المنقور والمرصع بالعاج والصدف؛ وله بوابة يرتفع فوقها تاج عظيم، ودرج فوقه قوس وشرفات خشبية.
نور الدين زنكي _رحمه الله_ هو الذي بنى هذا المنبر عام 564هـ/1168م؛ ليوضع في المسجد الأقصى بعد تحريره من الصليبيين؛ ولكنه مات قبل أن يحرر بيت المقدس؛ وعندما حرر صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس، أمر بإحضار منبر نور الدين من حلب لوضعه في المسجد الأقصى المبارك.
ويقال أن الأمير تنكز الناصري أضافه عندما رمم المنبر عام 731هـ/1330م، وأن هذا التاج كان شعار الدولة التنكزية.
وقد احترق منبر نور الدين زنكي التاريخي عام 1389هـ/1969م عندما قام دينس مايكل روهان (وهو صهيوني مسيحي أسترالي الجنسية) بإشعال النيران في المسجد القبلي داخل المسجد الأقصى المبارك؛ وتم وضع منبر حديدي متواضع بدلًا من المنبر المحترق، إلى أن تم إنشاء منبر آخر مطابق للمنبر الأصلي التاريخي، باستخدام نفس المواد، في الأردن، وتم إحضاره إلى القدس، ونصبه في المسجد القبلي في المسجد الأقصى، بأمر من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين عام 1428هـ/2007م.
2- منبر برهان الدين(العصر المملوكي):
يقع هذا المنبر في الجانب الجنوبي من صحن قبة الصخرة المشرفة، إلى غرب البائكة الجنوبية المؤدية إلى المسجد القبلي.
أنشأه قاضي القضاة (برهان الدين بن جماعة) عام 709هـ/1309م، الذي حول المنبر من منبر خشبي، يسير على عجلات؛ إلى منبر حجري، من رخام، له مدخل يصعد منه بدرج قصير إلى مقعد حجري معد لجلوس الخطيب عليه. وتزين المنبر قبة لطيفة ترتكز على أربعة أعمدة تسمى “قبة الميزان”؛ وذلك لمجاورتها لإحدى البوائك التي كان يطلق عليها قديمًا اسم “الموازين”. ونقش داخل المنبر محراب أسفل مقعد الخطيب إلى الغرب.
وهناك محراب آخر نقش في ركبة البائكة الجنوبية إلى شرق المنبر؛ وهو المنبر الوحيد الخارجي في ساحات المسجد الأقصى المبارك، ولا يستخدم هذا المنبر حاليا.
المقدسات المسيحية
يجلّ المسيحيون القدس لأسباب مختلفة، منها تاريخها الذي ورد ذكره في العهد القديم، إضافة إلى لعبها دورًا محوريًا في حياة يسوع المسيح. ينص العهد الجديد أن يسوع أًحضر إلى المدينة بعد ولادته بفترة قصيرة، وتذكر التقاليد المسيحية أنه قام لاحقًا بتطهير معبد حيرود من الأصنام الرومانية التي وضعها الملك حيرود داخله، وأنه قلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام ولم يدع أحدًا يجتاز الهيكل بمتاع.
يؤمن البعض أن العليّة حيث تناول المسيح وتلاميذه العشاء الأخير، تقع على جبل صهيون في ذات المبنى حيث يقع ضريح الملك داود. ومن المواقع المسيحية المقدسة في المدينة أيضًا، التلّة المعروفة باسم “جلجثة”، وهي موقع صلب يسوع بحسب الإيمان المسيحي. يصف إنجيل يوحنا هذه التلّة بأنها تقع خارج القدس، إلا أن بعض الحفريات أظهرت مؤخرًا أنها تقع على بُعد مسافة قليلة من البلدة القديمة داخل حدود المدينة الحاليّة. أمّا أقدس الأماكن المسيحية في القدس فهي كنيسة القيامة، التي يحج إليها المسيحيون من مختلف أنحاء العالم منذ حوالي ألفيّ سنة، ويقول بعض الخبراء والمؤرخين أنها أكثر المواقع احتمالاً بأن تكون قد شُيدت على الجلجثة.
كنيسة القيامة
تقع كنيسة القيامة في وسط البلدة القديمة في القدس، وبالتحديد في الجزء الشمالي الغربي منها، في الحي المسيحي، ويحيط بمبنى الكنيسة مجموعة من المباني التاريخية والأثرية والتي تعود إلى فترات زمنية مختلفة بدءاً من العصر البيزنطي في القرن الرابع ميلادي ومروراً بمراحل زمنية لاحقة حتى وقتنا الحاضر.
وتعود أهمية مبنى الكنيسة إلى ما ذكر في كتاب العهد الجديد “الإنجيل” عن مكان صلب المسيح (حسب التقليد المسيحي).
التطور التاريخي لمبنى كنيسة القيامة
تعود أولى المباني التي شيدت على نفس مكان كنيسة القيامة إلى فترة حكم الإمبراطور الروماني هدريان Hadrian (117-136م)؛ حيث أمر ببناء قبة على ستّة أعمدة فوق الجلجلة وكرسها لخدمة الإله فينوس Venus والآلهة عشتار. وبنى هدريان فوق القبر هيكلاً آخراً للآلهة الوثنية.
وعندما عقد المجمع المسكوني الأول في مدينة نيقيا Nicaea عام (325م)، دعا أسقف القدس (مكاريوس Macarius قسطنطين) إلى تدمير الهيكل الوثني للبحث عن قبر المسيح.
وهكذا فإن الهيكل الذي كان يهدف إلى القضاء على موقع القبر أدّى في حقيقة الأمر إلى الحفاظ عليه. ولم يبن قسطنطين شيئاً فوق الجلجلة؛ أمّا القبر المقدس فنظف من الأتربة وشيد قسطنطين فوقه بازيليكا Basilica. وقد باشرت على الأعمال أمه(القديسة هيلانةHelena ) عام 325م وانتهى العمل عام 336م، حيث استمر حوالي 11 سنة.
وهنا لابد من الحديث عن خارطة مادبا الفسيفسائية التي تعود للقرن السادس ميلادي، حيث يظهر على هذه الخارطة بالإضافة إلى مباني أخرى للمدينة مخطط لكنيسة القيامة.
وقد أضر الغزو الفارسي عام 614-6ه/ 628م كثيراً بالأماكن المقدسة في فلسطين؛ إلا أن الراهب والبطريرك موديستوس Modestus 10ه/632-12ه/634م أعاد إصلاح كنيسة القيامة وترميمها.
ويذكر الحاج أركولفو Pilgrim Arculf الذي زار القدس عام 49ه/670م، أن الحجر الذي سدّ به باب القبر قد تحطمت أجزاء منه إثر الغزو الفارسي. وقد بنيت فوق الجلجلة كنيسة وكرست المغارة تحت الجلجلة لآدم عليه السلام.
أما الفتح العربي زمن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عام 16ه/638م، فلم يمس القبر المقدس بسوء؛ بل ترك للمسيحيين الحرية الدينية، وألزم المسلمون أنفسهم بذلك في وثيقة “العهدة العمرية”، التي أعطى بموجبها أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) للمسيحيين أمانا لأنفسهم وكنائسهم؛ فلم يلحقها أي أذى، بل إنه رفض أن يصلي في كنيسة القيامة، حين حضرت الصلاة وهو فيها؛ لئلا يحذو المسلمون حذوه ويصلون فيها؛ وشيد بالقرب منها مسجداً سمي “مسجد عمر”.
وأشارت بعض المصادر التاريخية إلى محاولات جرت لحرق كنيسة القيامة خلال الحكم العباسي، عندما اندلعت ثورة “المبرقع اليماني”؛ لكن بطريرك القدس (يوحنا السادس) استطاع منع ذلك بدفع مبالغ مالية.
وفي عام 325ه/936م شهدت المدينة اضطرابات بين المسيحيين واليهود، وأحرق اليهود في أثنائها مبنى الكنيسة.
وفي عهد الخليفة العباسي المأمون رمم بناء كنيسة القيامة عام 201ه/817م. ولاحقاً سمح الخليفة هارون الرشيد للملك شارلمان بإرسال بعثه إلى القدس للحصول على امتيازات معينة في القدس؛ وهذا ما حصل حيث أرسل بطريرك القدس مفتاح الكنيسة إلى شارلمان.
وأحرقت الكنيسة وسقطت قبتها في عهد الإخشيد (سلطان مصر) عام 353ه/965م، وجرت محاولات كثيرة لإعادة بناء القبة، حيث بنيت في عام 369ه/980م.
وأمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله بهدم كنيسة القيامة؛ وذلك بكتاب وجهه إلى واليه بالرملة (باروخ التركي، اليهودي الذي أسلم)؛ وهدمت عام 399ه/1009م وهدمت كنائس أخرى؛ ولكن بعد الضجة التي حدثت على هذا العمل؛ قام أمير العرب في فلسطين بن الجراح بالاحتجاج واعتراض طريق باروخ، الذي كان متوجهاً من مصر إلى الشام لاستلام ولايتها؛ وعاد وأمر ببناء الكنيسة من جدي؛د وقامت الكنيسة على الصورة الحالية منذ ذلك التاريخ 410ه/1020م.
ويجب الإشارة إلى أن حالة الفقر التي عاشها أهل الذمة حالت دون إتمام بناء الكنيسة؛ إلى أن جاء الخليفة الفاطمي المستنصر بالله عام 426ه/1035م، وسمح للنصارى ببنائها من جديد؛ حيث تم إنجاز البناء عام 439ه/1048م، وذلك بعد تعرضها للهدم إثر هزة أرضية عام 425ه/1033-1034م.
وفي عام 492ه/1099م، دخل الصليبيون مدينة القدس، وقرروا إعادة بناء الكنائس القديمة المتهدمة (عام 543ه/1149م)؛ بل وإنشاء مبنى ضخم يحوي داخله جميع الأبنية الأساسية، وبخاصة مكان الجلجلة والقبر المقدس.
وعندما قام صلاح الدين بتحرير القدس عام 582ه/1187م أشار عليه بعض من حوله في قادة الجيش بهدم الكنسية؛ حتى لا يبقى حجة للغرب الأوروبي لغزو البلاد وقتل العباد بحجة الكنيسة؛ إلا أنه رفض ذلك، وآثر الإقتداء بعمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وأغلق الكنيسة ريثما تهدأ الأوضاع، ثم أعاد فتحها.
وفي عهد قايتباي عام 884ه/1480م سمح للنصارى بإصلاح قبة كنيسة القبر المقدس. كما إن سلاطين المماليك لم يسمحوا بالاعتداء على دور العبادة الخاصة بالنصارى؛ بل سمحوا لهم بممارسة عباداتهم بحرية تامة؛ إلا في بعض الأوقات التي كانت تتعرض فيها البلاد الإسلامية لغزوات الصليبية، والتي كانت أساساً كنوع من الرد على هذه الغزوات.
وكانت الدولة العثمانية قد أصدرت في 02/08/1852م ما يسمى بـ”الوضع الراهن للأماكن المقدسة” وبه جددت ما كانت أعلنته سنة 1118ه/1707م، بشأن ما لبعض الطوائف المسيحية من الحقوق في الأماكن المقدسة -ومن جملتها كنيسة القيامة- وأداء العبادة فيها.
وفي كنيسة القيامة دير للرهبان الفرنسيسكان (اللاتين) Franciscans الذين يخدمون في الكنيسة. ويقع الدير شمالاً، حيث كانت قديماً الدار البطريركية. وكان الرهبان حتى سنة 1286ه/1870م يعيشون في دير مظلم. فتوصل فرنسيس يوسف الأول (إمبراطور النمسا) إلى الحصول على إذن لهم ببناء دير صغير، أضيفت إليه طبقة جديدة عام 1386ه/1967م.
وينتسب الرهبان الفرنسيسكان إلى القديس فرنسيس الأسيزي St. Francis of Assisi (577ه/1182م-622ه/1226م) الذي نشأ وعاش في أمبريا من إيطاليا. وكان قد جاء إلى القدس سنة 615ه/1219م وبعث إلى هناك ببعض رهبانه وطلب من السلطان الملك الكامل الأيوبي أن يبقوا في الشرق ويزوروا القيامة؛ فظلوا بعض سقوط المملكة الصليبية يحرسون الأماكن المقدسة.
وفي عام 733ه/1333م سمح لهم السلطان الملك الناصر بسكنى كنيسة القيامة. وبعد ذلك بقليل، أي سنة 742ه/1342م، وافق البابا كليمنتس السادس Clement VI على وجود الفرنسيسكان في الكنيسة؛ على أن يكونوا حراس الأراضي المقدسة باسم الكاثوليك.
وعندما دخلت فلسطين تحت الحكم العثماني عام 921ه/1516م، بقي الفرنسيسكان في الكنيسة ورمموها مرتين: الأولى عام 962ه/1555م؛ والثانية عام 1131ه/1719م.
وللرهبان الفرنسيسكان اليوم حصة كبيرة في كنيسة القيامة وهم المسؤولون عن تنظيم القداديس الكثيرة التي تقام فيها يومياً بحضور أفواج الحجاج القادمين من جميع أنحاء الأرض.
وكان قد سُمح لرجال الدين البيزنطيين بعد فتح العثمانيين للقسطنطينية على يد محمد الفاتح عام 1453م زيارة فلسطين.
وبعد الفتح العثماني لبلاد الشام بقليل، عين على القدس بطريرك يوناني يدعى جرمانوس Germanus (940ه/1534م-986ه/1579م)، وهو الذي أسس “أخوية القبر المقدس” التي يعد أعضاؤها حراس الأراضي المقدسة باسم العالم الأرثوذكسي. كما وعمل على التوسع في الكنيسة.
وبطريركية الروم الأرثوذكس في القدس والدير المجاور قريبان من كنيسة القيامة. وكان الموضع مركز ملوك القدس أيام الصليبيين. ويعود البناء إلى أزمنة مختلفة.
وللرهبان الذين يخدمون في الكنيسة مساكن في نفس القيامة. وإلى ذلك فعند ساحة القيامة شرقاً دير هو “دير القديس إبراهيم” الذي اشتروه سنة 1070ه/1660م من الأحباش وأكملوه نحو عام 1101ه/1690م على كنيسة قديمة تعرف بـ”كنيسة الرسل”.
ولما دب الحريق في الكنيسة سنة 1222ه/1808م، توصل الروم الأرثوذكس إلى الانفراد بترميم أكبر قسم من كنيسة القيامة بموجب مخططاتهم؛ فبنيت بشكلها الذي عليه الآن؛ ولهم اليوم حصة فيها. ومنها محور الكنيسة المعروف بـ”نصف الدنيا”.
أما الأرمن الأرثوذكس، ولهم بعض المساكن في كنيسة القيامة، وحصة ثالثة في كنيسة القيامة ومنها قسم الرواق الذي يشرف على القبر المقدس وكنيسة القديسة هيلانة، فقد بدأ توسعهم في كنيسة القيامة منذ القرن السابع عشر الميلادي، وكانت آخر مرحلة منه عام 1244ه/1829م.
وتأتي بعد ذلك الطوائف التي لها مكانة ثانوية في كنيسة القيامة؛ وأولها الأقباط الأرثوذكس، ولهم مسكن في الكنيسة؛ وأما ديرهم وكنيستهم الكبرى المعروفان بدير وكنيسة القديس أنطونيوس، فيقومان خارج كنيسة القيامة، بالقرب منها؛ حيث ترى بقايا واجهة الكنيسة التي شادتها هيلانة؛ وحيث كان دير قانونيي القبر المقدس أيام الصليبيين. وقد بناهما الأسقف باسيليوس Basilius الحادي عشر بعد عام 1266ه/1850م.
وللأقباط في كنيسة القيامة معبد صغير بنوه هناك ملاصقاً للقبر المقدس عام 946ه/1540م، ثم جدد بعد حريق سنة 1222ه/1808م.
هذا وقد تصدعت الكنيسة سنة 1249ه/1834م إثر الزلزال الذي حدث في القدس في القرن السابع عشر. ورممت الكنيسة أيضا آخر مره 1285ه/1869م.
إلا أن زلزال سنة 1345ه/1927م كان الأقوى؛ فقد هدد قبة الكنيسة الأرثوذكسية لكاثوليك بالدمار. ولما لم يستطع الحاكم الإنجليزي الحصول على موافقة الطوائف الثلاث التي ترعى الكنيسة، قام بإجراء بعض أعمال التقوية والدعم التي لم ترتكز على أساس جيد.
وأخيراً، يقيم السريان الأرثوذكس الصلاة كل أحد في معبد للأرمن، يقوم في حنية القبر المقدس الغربية.
هذه هي أديار كنيسة القيامة. وقد أجمعت الأديار الثلاثة الكبرى (دير الفرنسيسيين (اللاتين)، والروم الأرثوذكس، والأرمن) على ترميم مبنى كنيسة القيامة سنة 1379ه/ 1960.
وفي كانون أول عام 1414ه/ 1994م اتفق رؤساء الطوائف الثلاث على القيام بأعمال ترميم قبة القبر المقدس؛ حيث أعدّ التصاميم الفنان الأمريكي آرا نورمارت Ara Normart . وقد تولّت البعثة البابوية في فلسطين الإشراف على الأعمال؛ حيث حصلت على ثقة الطوائف الثلاث بفضل عدم محاباتها واحترامها للجميع. وقد دشنت القبة في احتفال مهيب عام 1417ه/1997.
الوصف العام لمبنى كنيسة القيامة
تتألف الكنيسة من بناء قديم ضخم يضم القبر وعدة كنائس ومصليات ومزارات وغيرها. ومساحة الكنيسة تقدر بحوالي (130×60م)، أي 7800م².
في الجهة الجنوبية من الكنيسة توجد ساحة مبلطة، يظهر من بقاياها أنها كانت كالرواق العريض القائم على أعمدة، ضلعها الشمالي واجهة الكنيسة، وهو يقابل القادم إليها.
أما ضلعها الجنوبي فيلي الطريق، وعليه بقايا أعمدة رخامية؛ وعلى يمين المقبل إلى الساحة يقع ضلعها الشرقي، وفيه دير إبراهيم، ومصلى الأرمن، وكنيسة للقبط تدعى “كنيسة القديس ميخائيل”. ويوجد في ضلعها الغربي كنائس القديس يعقوب، ومريم المجدلية والأربعين شهيداً.
أما الواجهة الشمالية للساحة، ففيها باب يؤدي إلى الكنيسة نفسها؛ وعلى هذا الباب نقوش رومانية وعربية. وبعد مدخل الباب، وإلى اليسار منه، مقعد يجلس عليه حراس الكنيسة. ويقابل الداخل من الباب حجر مستطيل أبعاده (2×0.60م²)، لونه أصفر محمر يدعى حجر الدهن أو المسح؛ إذ يعتقد أن جسد المسيح وضع عليه حيث حنطه نيقوديموس Nicodemus، وأن النساء وقفن على حجر آخر يبعد 10م نحو الغرب وقت التحنيط.
أما في جهة اليسار فتوجد بقعة مستديرة في وسطها بناء عال، فوق قبة قطرها (20م)، تحتوي على القبر المقدس.
ومن الجدير ذكره أن بناء القبر المقدس قديم؛ غير أن الموجود منه تم في عام 1224ه/ 1810م، وهو قائم على 18 عموداً متصلة في أعلاها بأقواس متقنة الصنع.
وللقبر المذكور باب في واجهته الشرقية. وبعد الدخول من الباب، تصل إلى ساحة كالغرفة أبعادها (8×5م)، مثمنة الشكل؛ جدرانها رخامية، بنيت عام 1224 ه/ 1810م؛ وهي تنتهي إلى حجرة تسمى مصلى الملائكة، أبعادها (3×2.80م) مصفحة بالرخام؛ وفي وسط هذا المصلى حجر يعتقد أنه الحجر الذي دحرجه الملاك عن القبر.
ويصل الداخل من باب ضيق في هذا المصلى إلى حجرة الضريح، حيث القبر نفسه؛
والذي تبلغ أبعاده (2×1)، وسطحه من رخام. وسقف الضريح قائم على أعمدة؛ وعلى جدران تلك الحجرة نقوش تمثل بعض حركات المسيح. وفي هذه الحجرة أيضاً تتلى الصلاة كل يوم؛ وهو أقدم مكان في كنيسة القيامة. وحول البناء خلاء مرصوف بالرخام، تحيط به أبنية الكنيسة اقتسمته الطوائف النصرانية بينها..
هذا وفي كنيسة القيامة كنائس عديدة أهمها: كنيسة الروم الأرثوذكس، التي يقابل مدخلها واجهة قبة القبر المقدس؛ وفيها عرشان كبيران، على أحدهما البطريرك الأنطاكي، وعلى الآخر البطريرك الأورشليمي. وهناك حجرة للاثنين، فيها أوان بينها تحف كنائسية قديمة؛ هذا غير المصليات للطوائف الأخرى، وأماكن أثرية أهمها الجلجثة، فيها كنيسة ترتفع عن أرض كنيسة الروم 4م
كنيسة القديسة حنا “سانت آن”
كنيسة القديسة حنا (سانت آن) هي كنيسة للروم الكاثوليك، تقع شمالي الحرم القدسي، بين باب حطة وباب الأسباط؛ حيث أتى السيد المسيح بإحدى معجزاته؛ بناها البيزنطيون في القرن الخامس الميلادي، في المكان الذي يؤمن المسيحيون أنه منزل يواكيم وحنا (والد مريم العذراء ووالدتها). وفي هذا المكان بنيت كنيسة عرفت باسم “كنيسة مريم البتول” سنة 530م، ويظهر أن هذه الكنيسة احترقت مع ما احترق من ممتلكات النصارى على يد الفرس سنة 614م؛ فأعاد الصليبيون بناءها عندما احتلوا القدس سنة 1099م، وكانت تدعى كنيسة القديسة حنة. وجعل صلاح الدين هذه الكنيسة رباطًا للصالحين، ومدرسة للفقهاء الشافعيين سنة 1188م. كانت هذه الكنيسة تعرف فيما مضى بـ “صند جنة”، وسميت بعد الفتح الصلاحي “بالصلاحية”. وحدث زلزال خلال المدة الواقعة بين 1821م و1842م، هدمت على إثره جدران الدير، فنقلت الحكومة العثمانية حجارته، وبنت الثكنة العسكرية المجاورة له.
وعندما انتهت حرب القرم بانتصار تركيا (1855م)، سلم السلطان عبد المجيد هذا المكان إلى نابليون الثالث؛ اعترافا بفضل فرنسا التي عاضدت تركيا في حربها مع الروس؛ وسلمه المتصرف كامل باشا إلى الفرنسيين (1856م)، وأنشئت فيه مدرسة ثم قلبت إلى كلية اكليركية (1882م). وفي الحرب العالمية الأولى عام 1914م احتلها الجيش التركي، وحولها القائد التركي جمال باشا إلى كلية إسلامية سماها “كلية صلاح الدين”؛ وأما الكنيسة فلم يمسها ضرر. ولما احتل الإنجليز القدس سنة 1917م أعادوا العمارة إلى الآباء البيض؛ فأنشأ هؤلاء فيها مكتبة ومتحف.
كنيسة نياحة العذراء
تقع على جبل صهيون، إلى الغرب من مقام النبي داود؛ يفصل بينها وبين المقام زقاق ضيق مرصوف؛ وإلى الجنوب من السور، على بعد بضعة أمتار من الباب المعروف بـ”باب النبي داود”.
وهذه الكنيسة من أملاك الألمان الكاثوليك؛ بنيت فوق أرض أهداهم إياها السلطان عبد الحميد. ويعتقد المسيحيون أن السيد المسيح في هذا المكان أو بالقرب منه، تناول عشاءه الأخير وغسل أقدام تلاميذه، وأن هذا المكان التجأت إليه مريم العذراء بعد صلب المسيح، وأن العذراء قضت نحبها فيه؛ ولكنها دفنت في المكان الذي تقوم عليه الآن “كنيسة ستّنا مريم”.
وهذه الكنيسة تشرف على أكثر أنحاء المدينة، ولها قبّة مزينة بالفسيفساء، وجرسية يصعد إليها في 198 درجة. ويوجد تحتها مغارة، هي في نظر المسيحيين أصل البيت الذي كان يعيش فيه مار يوحنا. وفي هذه المغارة اثنا عشر عموداً من الرخام الغليظ؛ وفي وسطها تمثال العذراء وهي نائمة على فراش الموت؛ وفيها أسطوانة حجرية لا يزيد ارتفاعها عن متر واحد، وهو من بقايا الكنيسة القديمة التي يقال: إنها أنشئت هناك في أواخر القرن الرابع الميلادي.
كنيسة حبس المسيح (كنيسة الجلد)
تقع كنيسة حبس المسيح أو “كنيسة الجلد” ضمن دير حبس المسيح للفرنسيسكان، داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة السعدية، على مقربة من باب النبي داود (باب الخليل) في سور القدس الجنوبي. شيدت في موضع دار قيافا (كبير الكهنة)؛ حيث يعتقد المسيحيون أن المسيح اقتيد لسؤاله أولاً قبل تقديمه للمجمع اليهودي للمحاكمة. وقد شيدت هذه الكنيسة على أطلال أخرى قديمة، كانت تعرف باسم كنيسة “القديس بطرس”، حيث تم بناء هيكل صغير. وبعد اجتياز فنائه، باتجاه الشمال، يوجد هيكل باسم “حبس المسيح” عند قصر بيطلاس؛ ولكن بدون قبة.
كنيسة القديسة فيرونيكا
كنيسة القديسة فيرونيكا هي كنيسة للروم الكاثوليك، تأسست سنة 1894م؛ تقع بالقرب من كنيسة أوجاع العذراء، في عقبة المفتي على درب الآلام. وقد أقيمت في المكان الذي يعتقد المسيحيون أن القديسة فيرونيكا مسحت فيه بمنديل على وجه السيد المسيح وهو مار من هناك حاملًا صليبه. وكانت الأرض لمسلم من سكان القدس هو “عبد الرحمن حدوثة العلم”؛ باعها بثلاثة آلاف ليرة ذهبية فرنسية ذهبًا؛ وحصل الروم الكاثوليك على فرمان من السلطان بتاريخ 1894م؛ فأنشأوا فوقها كنيسة باسم “القديسة فيرونيكا”.
كنيسة الجثمانية (كنيسة كل الأمم)
وهي كنيسة جميلة في وادي قدرون، عند ملتقي الطرق بين القدس والطور وسلوان؛ بنيت فوق صخرة الآلام، التي يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح عليه السلام صلى وبكى عليها قبل أن يعتقله الجنود الرومان؛ والمعتقد المسيحي يقول: إن رئيس كهنة اليهود وجنده ألقوا القبض على السيد المسيح، بدلالة يهودا الاسخريوطي في هذا المكان. كما يعتقد المسيحيون أن المكان الذي اختبأ يسوع وتلاميذه فيه، قبل اعتقاله وأخذه إلى القدس- هو حديقتها.
ويعود تاريخ هذه الكنيسة إلى سنة 389 للميلاد. وقد دمرها الفرس سنة 614 للميلاد؛ ولكن الصليبيين أعادوا بناءها في القرن الثاني عشر. وقد أعيد بناء هذه الكنيسة سنة 1924م على يد المعماري الإيطالي انطونيو بارلوزي؛ إذ أسهمت 16 دولة بتمويل بنائها، ولذلك صارت تعرف باسم “كنيسة كل الأمم”، وتضم حديتها ثماني أشجار زيتون من الفترة الرومانية؛ واللوحة المرسومة على واجهة الكنيسة “لوحة يوم القيامة” للرسام الشهير ليوناردو دافنشي.
كنيسة الصعود
وهي أعلى بناء في القدس على الإطلاق؛ بنيت سنة 392 للميلاد، عن طريق امرأة رومانية ثرية، على ارتفاع 830 مترًا عن سطح البحر. وقد دمرت لاحقًا سنة 614 للميلاد على يد الفرس، فأعاد الرومان بناءها؛ ورممت سنة 1102 للميلاد. ووفق الاعتقاد المسيحي، فإن السيد المسيح صعد من هذا المكان إلى السماء. ولهذه الكنيسة جرسية مرتفة. وبُنيت هذه الكنيسة على شكل دائري في بداية الحقبة البيزنطية، وأعيد بناؤها بعد تدميرها في الفترة الصليبية.
كنيسة الثلاث مريمات (للأرمن)
وهي كنيسة صغيرة تابعة لطائفة الأرمن شيدت في موقع ظهور السيد المسيح للمريمات (حسب معتقدات المسيحيين)؛ الذي أمرهن فيه أن يذهبن ويخبرن تلاميذه المجتمعين في علية صهيون بأنه قام من بين الأموات، وأنه سيذهب ليتلقى بهم في الجليل (متى- 82: 8) وكانت هناك كنيسة أخرى في شمال كنيسة الثلاث مريمات أمام مدخل برج داود ولكنها حولت إلى منزل في أوائل القرن الماضي.
والمريمات هن: مريم أم السيد المسيح عليه السلام، ومريم المجدلية، ومريم أم يعقوب ويوسى.
كنيسة صياح الديك (القديس بطرس)
كنيسة القديس بطرس هي كنيسة كاثوليكية تقع خارج أسوار القدس القديمة شيدت فوق كنيسة قديمة بين الاعوام 1924-1931. وتعرف أيضًا باسم “كنيسة صياح الديك” نسبة إلى صياح الديك بعد نكران الرسول بطرس السيد المسيح ثلاث مرات(حسب المعتقدات المسيحية).
كنيسة القديس توما:
هي كنيسة كان الصليبيون قد شيدوها حين احتلال القدس على أنقاض مسجد قديم، وتقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة الأرمن؛ في زقاق بالقرب من كنيسة الرسول يعقوب الكبير. ولما دخل صلاح الدين القدس أعادها جامعًا، ثم تهدم الجامع وبنى الألمان مكانه كنيسة في القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي)، وما زالت في أيديهم إلى يومنا هذا.
الكنيسة اللوثرية أو كنيسة المخلص (الفادي)
الكنيسة اللوثرية هي إحدى ممتلكات البروتستانت، تأسست سنة 1898م؛ بمناسبة زيارة الإمبراطور الألماني غليوم الثاني. وتقع في حارة النصارى بالقدس القديمة؛ وهي مشهورة ببرجها العالي المطل على كافة اتجاهات القدس، والذي يبلغ ارتفاعه 48م، ويتكون من 177 درجة، ويعتبر أعلى برج في القدس المسورة.
كنيسة مار فرنسيس
وتقع إلى الشمال من مقام النبي داود، بنيت فوق أرض تعود مليكيتها لـ آل “الدجاني”؛ وقد ابتاعها الآباء الفرنسيسون عام 1930م.
الأديرة
دير حبس المسيح
تتعدد الأديرة التي تحمل هذا الاسم في مدينة القدس؛ تبعًا لتعدد معتقدات الطوائف المسيحية المقدسية وتصوراتها حول حبس المسيح عيسى عليه السلام؛ فهناك دير يحمل هذا الاسم يتبع اللاتين، ويقع إلى الشمال من مبنى القشلة، مقابلاً لمدرسة روضة المعارف؛ وهناك دير آخر اتخذه الأرمن، يقع في حي النبي داود عليه السلام على جبل صهيون. وقد وردت إشارات إليه في بعض الحجج الشرعية، منها مثلاً ما يشير إلى خرابه في العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، حيث طلب الأرمن تعميره في عام (1306هـ/ 1888م) ووافقت الدولة العثمانية على إعادة التعمير والترميم.
ويشمل هذا الدير على كنيسة صغيرة تقوم على حجرة الحبس الصغيرة. بجوار الموضع الذي ضرب فيه. وفي ساحة عدد من قبور بطاركة الأرمن وأسقافتهم المتأخرين. كما يقوم في الجهة الشرقية من ساحة الدير نصب تذكاري نقش عليه اسم هاكوب أفندي أشقبان، الذي مات في القاهرة 1887م ونقل رفاته إلى هذا المكان 1890م، تقديراً لتبرعاته السخية على هذا الدير والكنيسة.
أما الدير الثالث الذي عرف بحبس المسيح، فهو خاص بالروم الأرثدوكس؛ ويقع إلى الشمال من الحرم الشريف، ويشتمل على تجويف مظلم تحت الأرض، يعتقد أن المسيح حبس فيه؛ كما يشتمل على كنيسة ترجع فكرة بنائها إلى القرن الخامس الميلادي.
ومما يذكر أن هذا الحبس يختلف من نظيره القائم في درب الآلام تجاه باب الغوانمة؛ لكنه أطلق هذه المرة على كنيسة يعتقد أنها تقوم في موضع كنيسة القديسة صوفيا، التي شادها الاحتلال البيزنطي في أواخر القرن الخامس أو أوائل القرن السادس للميلاد.
الدير الكبير (دير الروم الأرثوذكس)
يقع في محلة الزراعنة من حارة النصارى؛ إلى الشمال الغربي من كنيسة القيامة، وإلى الجنوب من بطريركية الروم؛ ويعرف بـ(دير قسطنطين)، ويسميه اليونان فيما يعني “الدير المركزي لأديار الروم في فلسطين”، ويرجع إنشاؤه إلى القرن الخامس الميلادي.
يشتمل هذا الدير على ثلاث كنائس هي: كنيسة القديسة هيلانة، وكنيسة القديسة تفلا، وكنيسة مار يعقوب. وهناك معبدان صغيران في كنيسة مار يعقوب: واحد باسم الشهداء الأربعين، والثاني باسم حاملات الطيب. كما يشمل على ساحه وحديقة ومكتبة، ونزل للحجاج والرهبان تبلغ نحو مائتي غرفة. ويقيم فيه عدد كبير من الرهبان دون الراهبات. ويتصل هذا الدير مع كنيسة القيامة بقوس تعلو الشارع الذي يفصل بينهما؛ أما الراهبات، فقد خصصت لهن طائفة دير التفاحة الواقع في محلة النصارى.
دير مار يعقوب
يقع في حارة الأرمن، وتحديداً بين القشلاق (مركز البوليس) وباب النبي داود؛ يعرف بـ”دير القديس جميس الكبير”. ويرجع إنشاؤه إلى فترة ما قبل الإسلام؛ حيث شيد في المكان الذي استشهد فيه القديس يعقوب الرسول، بأمر من هيرودس الحفيد. وقد هدمه الفرس سنة 614م، ثم أعيد بناؤه، وأقيمت فيه كنيسة في أواسط القرن الثاني عشر الميلادي، أجرى عليها بعض الإصلاحات في القرن الثالث عشر.
ويعد هذا الدير من أوسع الأديرة بالقدس؛حيث يشغل نحو سدس مساحة البلدة القديمة من القدس هو والحارة الواقع فيها. كما اتخذ الأرمن فيه دار بطريركيتهم، ومدرسة للاهوت، ومكتبة غنية بنفائس المخطوطات والكتب المطبوعة؛ فقد قدر عارف العارف محتوياتها في سنة 1947م، بنحو 4000 مخطوط، وأكثر من 30000 كتاب مطبوع؛ ولا عجب في ذلك؛ إذ كان هذا الدير من أوائل المؤسسات العربية الفلسطينية التي امتلكت مطبعة منذ أوائل القران العشرين الماضي.
ويتميز هذا الدير بكثرة الآبار؛ إذ إنها تفوق الخمسمائة؛ كما يضم عدة كنائس ومعابد؛ وقاعات ومتحف؛ أما دير الزيتونة (أركانجل) المجاور لهذا الدير من الشرق والمخصص للراهبات، حسبما يفهم من سجلات محكمة القدس الشرعية، فيشتمل هذا الدير على مدرسة للبنات.
كما يعد هذا الدير من أكثر الأديرة جمالاً في القدس؛ حيث وصفت الكنيسة الواقعة فيه بأنها: “مزخرفة بشكل دائري ثري وبأسلوب شرقي، وبجدران ذات بلاط أزرق، والأرضيه مفروشة بالسجاد، ومصابيح الذهب والفضة كانت تسطع في كل مكان”.
وفي وصف آخر، استثني هذا البناء من بين المعالم المسيحية الأخرى، حيث أنه ”الوحيد في القدس الذي يقدم مظهراً كبيراً من الراحة؛ وواجهة المبنى المبنية بشكل محكم، والشارع الممهد تظله أشجار عالية، والرهبان ذوو المظهر الجليل والمحترم حول ممراته، كل ذلك يعبق بالبساطه والثروة والنظافة النادرة في مدينة القدس”. دير المخلص
يقع في الجهة الغربية الشمالية من حارة النصارى. أصله للنصارى الكرج؛ حيث عرف بـ”دير القديس يوحنا اللاهوتي”؛ ثم اشتراه الآباء الفرنسيون من الكرج في سنة (967 هـ/ 1559 م)؛ فصار يعرف بـ”دير اللاتين” و”دير الفرنج”؛ كما صار قاعدة لأديرتهم، وكرسياً لحارس الأرض المقدسة. وهو يشتمل على مكتبة، ومدرسة، وكنيسة، وميتم، وصيدلية، ومطبعة، وفرن، ومطحنة.
كما أنه يشرف على إطعام وإسكان العائلات الفقيرة من النصارى اللاتين الذين بلغوا في عام 1945م نحو 2250 عائلة.
دير مار مرقص
يقع في القسم الجنوبي من حارة تاريخية من حارات القدس، كانت تعرف بـ”حارة التبانة”، التي ينتشر السريان اليوم فيها.
وأصل هذا الدير كنيسة بيزنطية، عرفت بـ”كنيسة العذراء” التي لا تزال قائمة. كم يشتمل على دار لأسقفية السريان. وقد خربت الكنيسة البيزنطية منذ أيام الخلفية الفاطمي (الحاكم بأمر الله الفاطمي) أواخر القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)؛ وبقي مهجوراً حتى أعيد ترميمه في سنة (1272 هـ/ 1855 م)، ثم وسع في عام (1298 هـ/ 1880 م). وترد إشارات إليه وإلى بعض الرهبان السريان وشؤونهم الأخرى في بعض حجج محكمة القدس الشرعية.
دير السلطان
يقع قرب كنيسة القيامة؛ ملاصقاً لها من الناحية الجنوبية الشرقية. ويشتمل على كنيستين: كنيسة صغرى تدعى “كنيسة الملاك”؛ وكنيسة كبرى تدعى “كنيسة الحيوانات الأربعة”. يذكر عارف العارف أن هذا الدير للأقباط في الأصل؛ لكن اللاتين اغتصبوه منهم، إثر الاحتلال الفرنجي للقدس؛ وأن صلاح الدين الأيوبي رده إليهم بعد تحريره للقدس في سنة (583هـ/1187م)؛ فنسبوه إليه وأسموه “دير السلطان”.
ويتميز هذا الدير بأنه يشتمل على حجاب خشبي قديم مطعم بالعاج، كان قد صنع في مصر. وتجدر الإشارة إلى أنه خاص بالرهبان؛ لذا بنوا ديراً آخر لهم بإذن السلطان العثماني، خاص بالراهبات قرب باب الخليل، وأطلقوا عليه اسم “دير مار جرجس”. وتفيد بعض الحجج الشرعية أنهم أجروا فيه أكثر من تعمير خلال القرن التاسع عشر؛ أما الزوار منهم، فقد خصصوا لهم ديراً بنوه في عام (1255هـ/1839م)، فوق الخان الملحق بديرهم الكبير(دير السلطان).
ويذكر أن هناك دير آخر يحمل هذا الاسم (دير السلطان)؛ لكن سكانه من نصارى الحبش ومفتاحه بيد راهب قبطي؛ ما يشير إلى ضغف هذه الطائفة في القدس؛ حتى أنهم فقدوا عدداً من أماكنهم الدينية في القدس منذ القرن السابع عشر الميلادي، باستثناء دير صغير نسب إليهم بجهة باب العمود، كان يعرف بـ”دير الجنة”؛ لذا جاءت كنيستهم خارج أسوار البلدة القديمة، لما أذنت الدولة العثمانية لهم بإنشائها في أواخر القرن التاسع عشر؛ إثر الخلاف الذي أدى إلى انفكاك العلاقة التاريخية بينهم منذ عام (1235هـ/1820م).
دير العذراء (دير ستنا مريم)
يقع إلى الجنوب من ساحة كنيسة القيامة؛ وإلى الشرق من المسجد العمري. يعرف أيضاً بـ”دير ستنا مريم”. ويرجع إنشاؤه إلى ما قبل الإسلام؛ إذ بني في عهد البطريرك الياس الأول عام 494م، ويضم بضعة غرف لنزول الزوار، وفيه يسكن الراهب الذي يخدم قبر ستنا مريم قبالة الجسمانية.
دير مار يوحنا المعمدان
يقع بين سويقة علون، والشارع المؤدي إلى حارة النصارى. يشتمل على كنيستين: واحدة تحت الأرض طرازها بيزنطي حيث بنيت في عام 450م؛ والثانية بنيت فوق الأولى في عام 1048م، خلال العصر الفاطمي. وهو من منشآت طائفة الروم الأرثوذكس.
ويعرف هذا الدير أيضاً بـ”دير مار يوحنا القرعة”. وقد أنشئ تعبيراً عن دور هذا القديس في دعوة المسيح عيسى عليه السلام؛ ويتخذ شكل الصليب في بنائه، ويشتمل هذا الدير على نزل للحجاج والزائرين.
جعل الفرنج من الدير والكنيستين مستشفى ومقراً لفرسان القديس مار يوحنا، إثر احتلالهم للقدس. وقد ورد أن صلاح الدين أعاده إلى طائفة الروم (1187م).
دير مار أنطونيوس (للأقباط):
ويقع هذا الدير إلى الشمال من كنيسة القديسة هيلانة وهو من ممتلكات الأرثوذكس بالقدس؛ وترجع أهميته إلى أنه صار مقراَ للمطرانية القبطية منذ عام 1912م. وقد أجريت به إصلاحات عديدة أهمها تلك التي جرت في عام 1875م، عندما أضيفت إليه مبان جديدة، ثم عمر الدير مرة أخرى سنة 1907م، وجددت أيضاً كنيسته وأساساته القديمة.
ويبدو أن الدير قد شيد على أساس كنيسة بيزنطية قديمة؛ إذ يشير بعض الرحالة الذين وفدوا على الدير أن به مستودع مياه باسم القديسة هيلانة، وهو داخل الكنيسة القبطية في الدور الأرضي من الدير؛ وللمستودع سلم دائري للهبوط عليه وهو مكون من (51) درجة.
وتقع كنيسة القديس أنطونيوس ملاصقة للجدار الشمالي لكنيسة القيامة؛ وأمامها فناء واسع مكشوف، يقع على سطح الجدار الشمالي لكنيسة القيامة؛ على سطح الدور الأرضي؛ وفي الجهتين الجنوبية والشرقية من الفناء، تقع مساكن الرهبان الأقباط، ومقر رئاسة الدير، والكلية الأنطونية. وقد قام المطران باسيليوس بإصلاح هيكل هذه الكنيسة، وشيد لها منبراَ جديداَ؛ وفي الطابق الثالث توجد كنيسة أخرى، أنشأها المطران الأنبا ياكوبوس في عام 1954م؛ تذكاراً لظهور العذراء في هذه الغرفة لبعض طالبات مدرسة القديسة دميانة في صيف ذلك العام؛ ويقع مقر المطران القبطي في الطابق الرابع، وبه مكتبة فخمة؛ بالإضافة إلى نزول للضيوف والحجاج.
دير مار جرجس (للأقباط)
يقع هذا الدير في حارة الموارنة، على مقربة من باب الخليل؛ وقد شيد في العصر العثماني في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي). وقد ألحقت به مدرسة تعرف باسم القديسة دميانة.
ويوجد في هذا الدير كنيسة بها هيكل واحد يصلى فيه قداس يوم الاحتفال بعيد الشهيد مار جرجس (7من أكتوبر)؛ وذلك مقابل إقامة الأقباط قداساً ليلة عيد الميلاد وصباحه، على مذبح الأرمن، بكنيسة المهد الأرمنية في بيت لحم.
دير أبينا إبراهيم
دير أبينا إبراهيم دير أثري للروم الأرثوذكس؛ يعود تاريخه الى العهد الروماني في فلسطين. يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة النصارى؛ وتحديدا في ساحة كنيسة القيامة من الجهة الجنوبية الشرقية.
يُعتقد أن الملكة هيلانة هي أول من شيده (حوالي عام 335). وقد هدم الفرس هذا الدير خلال احتلالهم للقدس عام 614، وبقي خرابًا لعدة قرون، إلى أن أخذه الروس من الأتراك سنة 1887م؛ فأعطوا قسمًا منه إلى الروم الأرثوذكس، فبنوا فيه الدير المعروف باسم “أبينا إبراهيم”؛ وبنى الروس ديرًا لهم، يضم الدير الآن كنيستان إحداهما صغيرة (أبينا إبراهيم)؛ والأخرى أكبر منها، وتُسمى “كنيسة الرسل الإثني عشر”.
دير البنات
يقع بين دير العذراء ودير مار دمتري. بناه البطريرك إلياس الأول للروم الأرثوذكس؛ وهو على مقربة من خان الأقباط، وفيه كنيستان: إحداهما أرضية تعرف باسم “القديسة ميلانيا”؛ والأخرى فوقها تعرف باسم “مريم الكبيرة”، أي “العذراء البكر”.
دير مار تادرس:
هو دير صغير للروم الأرثوذكس، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة النصارى، بالقرب من باب الجديد ودير الكازانوفا.
دير مار كرالامبوس
دير مار كرالامبوس هو دير صغير للروم الأرثوذكس يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس في حارة النصارى، غرب طريق الآلام.
دير السيدة
دير صغير للروم الأرثوذكس يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة النصارى، بالقرب من مسجد الخانقاة (الصلاحية).
دير مار أفتيموس
دير صغير للروم الأرثوذكس، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة النصارى. ويلاصق دير السيدة، بالقرب من مسجد الخانقاة (الصلاحية).
دير مار ميخائيل
دير للروم الأرثوذكس، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة الأرمن، بالقرب من باب الخليل، ودير القديسة كاترين.
دير القديسة كاترين
دير صغير للأرثوذكس، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة الأرمن، بالقرب من باب الخليل، ودير مار ميخائيل.
دير الزيتونة
أو دير مار آركنجل هو دير مخصص للراهبات الأرمنيات، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة الأرمن، شرق كاتدرائية القديس يعقوب للأرمن.
دير العدس
دير العدس دير للسريان الأرثوذكس، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة السعدية في الحي الإسلامي، بجوار دير حبس المسيح.
دير الكازانوفا
هو دير كاثوليكي، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في شمال غرب حارة النصارى، بالقرب من باب الجديد. وهو من مقدسات الإرساليات الكاثوليكية في المدينة.
دير الموارنة
دير الموارنة دير أثري للموارنة الكاثوليك، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة الأرمن، بجوار باب الخليل. تم بناؤه عام 1895.
دير المخلص
دير المخلص أو دير اللاتين الكاثوليك هو دير للاتين الكاثوليك، تم بناؤه عام 1559 داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في شمال غرب حارة النصارى بالقرب من باب الجديد.
المواقف الدولية من القدس
موقف الأمم المتحدة:
اتخذت الأمم المتحدة موقفاً ثابتاً من الاحتلال الإسرائيلي للقدس، وصدرت عنها عدة قرارات متعلقة بالأمر مثل قرار 181 الذي صدر بعد أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن القدس عاصمة أبدية موحدة لدولة إسرائيل، وهذا القرار لم يضف صيغة الاحتلال على مدينة القدس بالكامل، وإنما فقط على الأراضي التي احتلت عام 1967م، لكنه أدان احتلال تلك الأراضي واعتبره عملاً غير مشروع ومخالفاً للشرعية الدولية، وقد طرحت الأمم المتحدة عدة اقتراحات ومبادرات للإسهام في حل النزاع على مدينة القدس، ومنها مشروع يقسم القدس إلى شطرين ويقضى بأن يكون كل من طرفي النزاع حق السيطرة على ذلك الجزء الذي تنص عليه الاتفاقية المطروحة. ورغم إجحاف القرارات الدولية تجاه أراضي القدس المحتلة عام 1948 م، وتجاه حق الفلسطينيين في أن تكون القدس عاصمة لدولتهم المستقلة، لكن الأمم المتحدة أكدت أن اتفاقية جنيف الرابعة تنطبق على جميع الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 م، بما فيها القدس.
موقف إسرائيل:
موقف واضح يظهر عدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، حيث تصر الحكومات الإسرائيلية المتوالية على أن القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، وأن الأمر غير خاضع أو قابل للتفاوض. وفي ظل عدم وجود أي ضغوط على الحكومة الإسرائيلية للامتثال لقرارات مجلس الأمن وتواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، بات من الواضح أن تلك الحكومة لا تأبه كثيراً بإعادة الحق الفلسطيني ولا بإحلال السلام، وأنها مستمرة في رفض أي قرار من الأمم المتحدة حول القدس. وذلك بالطبع في ظل الدعم الأميركي مما يفشل أي تقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط. وهذا التعنت الإسرائيلي يضرب بعرض الحائط الشرعية الدولية، مما يقف الآن حجر عثرة في طريق الحل النهائي من أجل حسم الصراع في الشرق الأوسط. وتستمر الحكومة الإسرائيلية في انتهاكاتها لكل الاتفاقيات
وممارسة كل أنواع العدوان. وتمضي في سياسة التهويد للمدينة المقدسة لطمس الوجود العربي فيها لاستبعاد طرحه كجزء رئيسي في أي محادثات سلام بين الطرفين.
موقف الاتحاد الأوروبي:
وقف الإتحاد الأوروبي موقفاً إيجابياً بلا شك تجاه قضية القدس وحقوق الشعب الفلسطيني. وتمثل موقفه في وجوب قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة عام 1967م، إلا أن المواقف الأوروبية تباينت ما بين الوضوح والغموض، فعلي سبيل المثال يتمثل موقف بريطانيا تارة في أن إسرائيل ملزمة بتنفيذ القرارات الدولية بشأن القدس والأراضي المحتلة عام 1967م، بشفافية واضحة في القرار، وفي نفس الوقت تأتي تصريحات أخرى تقول أن القدس قضية عالقة يجب التفاوض عليها، وذلك الموقف صارت تتبناه غالبية دول الإتحاد الأوروبي، وقد جاء في بيان صادر عن الإتحاد الأوروبي أنهم يرفضون بشكل قاطع الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وإقرار أن أراضي القدس التي استولي عليها الإسرائيليون عام 1967م، هي أرض محتلة، ويجب حل النزاع حولها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وقد كان لألمانيا موقفاً خاصاً تجاه ذلك، حيث أن ألمانيا مازالت مقيدة بالشعور بالذنب بسبب مجازر النازية ضد اليهود، مع ذلك تحاول ألمانيا أن تظهر سياسة متوازنة تجاه القضية الفلسطينية والقدس على الأقل في مواقفها الرسمية. أما فرنسا فموقفها يتسم بالتأرجح واللعب على أكثر من وتر، حيث أن الموقف الفرنسي الذي يعبر عن رفضه الاحتلال الإسرائيلي، وينادي بحل سلمي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني لا يمكنه أن يخفي الطابع الاستعماري القديم، حيث أن المواقف الآن تتعلق بالمصالح بغرض فرض تواجد فرنسي في منطقة الشرق الأوسط وسعيا لعدم تهميش دورها في المنطقة وعدم تعطيل مصالحها في المقام الأول.
موقف الإتحاد السوفيتي السابق:
كان للاتحاد السوفيتي موقفاً مميزاً تجاه العرب، قد يكون من دوافع مصالحه أو إستراتيجياته في الشرق الأوسط أو التوافق الأيديولوجي مع بعض الأنظمة العربية التي تبنت الفكر الشيوعي ونادت بالاشتراكية في بلادها على الأقل من الناحية الرسمية، ولا نحتاج هنا للخوض في هيكليات تلك الحكومات ومدى ارتباطها بالسوفييت، فالأهم هو أن الاتحاد السوفيتي رغم كل ذلك كان من السباقين للاعتراف بدولة إسرائيل منذ قيامها عام 1948م، وأيد وجود وطن قومي لليهود، ثم طرأت تغيرات كبيرة على مواقف الاتحاد السوفييتي ربما لعدم التقاء المصالح مع إسرائيل، وميولها للولايات المتحدة بشكل واضح. وقد كان أبرز مواقف الاتحاد السوفيتي إعلانه أن للفلسطينيين الحق الكامل في الأرض وإقامة دولة فلسطينية مستقلة والقدس عاصمة لها، وقد جاء ذلك في بيان صادر عن الكريملين على لسان الزعيم السوفيتي الراحل ليونيد بريجنيف في عام 1982م، وظل هذا الموقف ثابتاً دون تغيير أو تعديل حتى انهيار الكتلة الشرقية وانتهاء العهد السوفيتي.
موقف الدول الإسلامية:
اعتبر المسلمون أن القدس أرض عربية إسلامية غير قابلة للتنازل، وطالب العالم الإسلامي بتحرير قبلة المسلمين الأولى وحماية المقدسات الإسلامية، حيث أن مؤتمرات القمم الإسلامية كلها نصت على رفض الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية على مقدسات المسلمين.
الموقف العربي:
أكدت الأمة العربية بكاملها رفضها التام للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عامة وللقدس خاصة. إلا أن الموقف الرسمي العربي غالباً ما يكتفي بالشجب واستنكار الممارسات والاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية في القدس دون القيام بإجراء فعال لوقف تلك الاعتداءات، وقد أكدت جامعة دول العربية على أنها لن تعترف تحت أي ظرف من الظروف بشرعية الاحتلال والإجراءات التي تتخذها إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، والتي ترمي إلى تغيير الوضع القانوني أو الشكل الجغرافي أو التركيب السكاني لمدينة القدس، ورفض سياسة التهويد. ودعت كافة دول العالم إلى التحرك لوقف الممارسات الإسرائيلية ضد المقدسات الإسلامية والإسراع في التوصل إلى حل لقضية القدس من خلال المفاوضات.
الموقف الفلسطيني:
يعتبر الموقف الفلسطيني موقفاً جريئاً جداً وملتزماً بكل القرارات الدولية، حيث أن الفلسطينيين سعوا من أجل السلام بل ومضوا في ذلك وقبلوا بقرار الأمم المتحدة الذي يقضى بقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة عام 1967م، أي القبول بأن تكون القدس المحتلة عام 1967م، تحت السيادة الفلسطينية رغم أن القدس بكاملها عربية إسلامية!! ويتمسك الفلسطينيون بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية رغم إجحافها بالحق الفلسطيني. ومنذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1948م، وحتى الآن، ما تزال مدينة القدس تخضع لسلطة الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك كل القوانين الدولية، ويحاول منع الشعب الفلسطيني وأبناء الأمة الإسلامية من أداء شعائرهم الدينية. وهكذا تبقى قضية القدس عالقة في ظل تمسك الفلسطينيين بحقوقهم الشرعية الثابتة وفي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، وفي المقابل التعنت والرفض الإسرائيلي الامتثال للقرارات الدولية.
موقف الولايات المتحدة الأمريكية:
اتسمت السياسة الأمريكية تجاه قضية القدس بالانسجام مع السياسات الإسرائيلية، ويقف الأمريكيون دوماً موقفاً متصلباً منحازاً بشكل واضح لإسرائيل، على الرغم من محاولتهم إظهار شيء من التوازن في بعض القضايا المتعلقة بالقدس، ومنها على سبيل المثال عندما أقرّ الكونجرس نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. لم تنفذ الإدارة ذلك حفاظاً على ماء الوجه أمام كثير من الدول العربية التي تعد شكلياً حليفة للولايات المتحدة. إلا أن الأغلبية الطاغية على الكونجرس من الصهاينة ووجود أكبر تجمع يهودي في الولايات المتحدة، جعل الموقف الأمريكي متعنتاً وصارماً أمام أي قرار يصدر عن مجلس الأمن ويتضمن إدانة إسرائيل، بل واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو مرات عدة في سبيل عدم صدور أي قرار يدين حليفتها الأولى في المنطقة، على الرغم من ضخامة مصالحها لدى الدول العربية.
موقف روسيا:
تقف روسيا موقفاً متحفظاً يتمثل في أنها مع قرارات الشرعية الدولية، وأنه يتوجب على كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الالتزام بها على حد سواء. فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق تحاول، روسيا جاهدة أن يبقى لها دور في المحافل الدولية وخاصة حول القضية الفلسطينية. إلا أنها لا تستطيع أن تقف موقفاً صارماً حيال ذلك، فهي تحاول إرضاء وكسب حلفاء لها في الشرق الأوسط حفاظاً على مصالحها، وبنفس الوقت تتجنب إدانة الموقف الإسرائيلي بشكل سافر كي لا تثير غضب الرأسماليين اليهود الذين لهم تأثير فعلي على الاقتصاد الروسي. وهذا الموقف المتذبذب يأتي أيضاً في سياق عدم رغبة روسيا في فقدان الدعم الاقتصادي من الولايات المتحدة الأمريكية التي تحمي المواقف الإسرائيلية على الصعيد الدولي، إذن فإن روسيا تقف موقفاً متحفظاً يتمثل في أنها مع قرارات الشرعية الدولية وأنه يتوجب على كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الالتزام بها على حد سواء.
موقف الفاتيكان:
عبرت عنه الفاتيكان بمطالبتها بتدويل القدس وذلك بعد احتلال الجزء الغربي من المدينة عام 1948م، أما بعد احتلالها بالكامل، أخذت الكنيسة تطالب بجعل القدس مدينة مفتوحة على أن تكون فيها مجالس بلدية، وأن تقوم الأمم المتحدة بوضع دستور خاص للقدس وتشرف على تطبيقه، وأن تدار المدينة بقسميها من قبل هيئة دولية تضمن حرية العبادة في الأماكن المقدسة، وتأمين الوصول إليها وحماية الحقوق لمختلف الطوائف الدينية.
القرارات الدولية بشأن القدس
رقم القرار |
الجهة |
التاريخ |
المضمون |
2334 |
مجلس الأمن |
23/12/2016 |
إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس له إي شرعية قانونية. ومطالبة إسرائيل بوقف فوري لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وعدم الاعتراف بأي تغيرات في حدود الرابع من حزيران 1967. |
71/96 |
الجمعية العامة |
6/12/2016 |
تعيد التأكيد على أن اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949، تنطبق على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعلى الأراضي العربية الأخرى التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. |
25/200 |
اليونسكو |
13/10/2016 |
يطالب إسرائيل القوة المحتلة بإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائمًا حتى شهر أيلول من عام 2000. يستنكر بشدة الاقتحام المتواصل للمسجد الأقصى/الحرم الشريف من قبل متطرفي اليمين الإسرائيلي. يستنكر القيود التي فرضتها إسرائيل على المسجد الأقصى. يؤكد مجددًا وجوب التزام إسرائيل بصون سلامة المسجد الأقصى/ الحرم الشريف وأصالته وتراثه الثقافي، وفقًا للوضع التاريخي الذي كان قائمًا، بوصفه موقعًا إسلاميًا مقدسًا مخصصًا للعبادة، وجزء لا يتجزأ من موقع للتراث العالمي الثقافي. يؤكد مجددًا أن منحدر باب المغاربة جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى/ الحرم الشريف. |
70/98 |
الجمعية العامة |
9/12/2015 |
تشجب أنشطة الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتشجب بوجه خاص قيام إسرائيل ببناء وتوسيع المستوطنات في القدس الشرقية المحتلة وحولها، وتشجب مواصلة إسرائيل التشييد غير القانوني للجدار داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وحوله. |
196 بند 26 |
اليونسكو |
22/5/2015 |
يعرب عن بالغ أسفه لرض إسرائيل تنفيذ قرارات اليونسكو السابقة المتعلقة بالقدس، ويستنكر امتناع إسرائيل (القوة المحتلة) عن وقف أعمال الحفر والأشغال التي لا تزال تنفذها في القدس الشرقية، ويأسف لما ألحقته قوات الأمن الإسرائيلية، في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014، من أضرار بأبواب ونوافذ الجامع القِبلي، ويعرب عن قلقه البالغ إزاء قيام إسرائيل بإغلاق مبنى باب الرحمة، الذي يُعدّ أحد أبواب المسجد الأقصى، ويستنكر قرار إسرائيل الموافقة على إنشاء (تلفريك) في القدس الشرقية. |
69/90 |
الجمعية العامة |
5/12/2014 |
تؤكد الضرورة الملحة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967 بصورة تامة. تشجب السياسـات والممارسـات التـي تتبعها إسرائيل والتي تنتهك حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني. تعرب عن شديد القلق إزاء الحالة الحرجة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وبخاصة في قطاع غزة، وتدين بشكل خاص جميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية غير المشروعة، وبناء الجدار والاستخدام المفرط العشوائي للقوة والعمليات العسكرية ضد السكان المدنيين، والعنف الذي يمارسه المستوطنون؛ وتدمير ومصادرة الممتلكات والتشريد القسري للمدنيين، وجميع تدابير العقاب الجماعي واحتجاز وسجن آلاف المدنيين. وتدعو إلى وقف ذلك فورًا بشكل تام وإلى إنهاء حصار قطاع غزة. |
192 بند 11 |
اليونسكو |
13/1/2014 |
يشجب امتناع إسرائيل عن وقف أعمال الحفر الأشغال التي ما زالت تنفذها في مدينة القدس الشرقية، ويشجب التدابير والممارسات الإسرائيلية الأحادية الجانب المتواصلة وعمليات الاقتحام التي يقوم بها المستوطنون في القدس الشرقية. |
68/235 |
الجمعية العامة |
20/12/2013 |
تؤكد في هذا الصدد، ضرورة احترام الالتزام الواقع على إسرائيل بموجب “خريطة الطريق”، القاضي بتجميد الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك ما يسمى “النمو الطبيعي” للمستوطنات، وإزالة جميع البؤر الاستيطانية التي أنشئت منذ آذار/مارس 2001؛ وإذ تؤكد أيضًا ضرورة احترام وصون الوحدة الإقليمية للأرض الفلسطينية المحتلة بأكملها وتواصلها وسلامتها، بما فيها القدس الشرقية. |
67/120 |
الجمعية العامة |
18/12/2012 |
يساورها شديد القلق إزاء تصاعد حوادث العنف والتدمير والمضايقة والاستفزاز والتحريض التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون المسلحون غير الشرعيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ضد المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال؛ وضد ممتلكاتهم، بما فيها المواقع التاريخية والدينية، وأراضيهم الزراعية. تعيد تأكيد أن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل- غير قانونية، وتشكل عقبة أمام السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. |
66/77 |
الجمعية العامة |
9/12/2011 |
تعيد تأكيد انطباق اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949?(9) على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعلى الأراضي العربية الأُخرى التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. تطالب إسرائيل بأن تقبل انطباق الاتفاقية بحكم القانون على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعلى الأراضي العربية الأُخرى التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وبأن تمتثل بدقة لأحكام الاتفاقية. |
65/179 |
الجمعية العامة |
20/12/2010 |
تؤكد أن ما تقوم به إسرائيل حالياً من تشييد للجدار والمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك داخل القدس الشرقية وحولها، يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، ويحرم الشعب الفلسطيني حرماناً خطيراً من موارده الطبيعية؛ وتدعو، في هذا الصدد، إلى التقيد التام بالالتزامات القانونية التي أكدتها الفتوى الصادرة في 9 تموز/يوليو 2004 عن محكمة العدل الدولية(9) وقرارات الأمم المتحدة المتخذة في هذا الصدد، بما فيها قرار الجمعية العامة داط – 10/15. |
184 بند 12 |
اليونسكو |
2/4/2010 |
يعرب عن قلقه البالغ إزاء ما يجري من أشغال إسرائيلية للتنقيب والحفائر الأثرية في مباني المسجد الأقصى وفي مدينة القدس القديمة، بما يتناقض مع قرارات اليونسكو والأمم المتحدة ومجلس الأمن. |
64/93 |
الجمعية العامة |
10/12/2009 |
تؤكد من جديد أن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل- غير قانونية وتشكل عقبة أمام السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. |
63/97 |
الجمعية العامة |
5/12/2008 |
يساورها بالغ القلق لأن مسار الجدار قد رسم بطريقة تجعله يضم الغالبية العظمى من المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. تشجب أنشطة الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل، وأي أنشطة تنطوي على مصادرة الأراضي وقطع سبل الرزق للأشخاص المشمولين بالحماية وضم الأراضي بحكم الأمر الواقع. |
62/108 |
الجمعية العامة |
17/12/2007 |
تلاحظ أن محكمة العدل الدولية قد خلصت إلى أن إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تمثل خرقاً للقانون الدولي. تعرب عن شديد القلق أيضاً إزاء استمرار إسرائيل بشكل غير قانوني في تشييد الجدار داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وحولها؛ وإذ تعرب عن قلقها بوجه خاص إزاء مسار الجدار الذي سيشكل خروجاً عن خط الهدنة لعام 1949، ويمكن أن يحكم مسبقاً على نتائج أي مفاوضات في المستقبل ويجعل الحل القائم على وجود دولتين مستحيل التنفيذ مادياً؛ وإذ يساورها بالغ القلق لأن مسار الجدار قد رسم بطريقة تضم الغالبية العظمى من المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية- تكرر مطالبتها بوقف فوري وتام لجميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية. |
61/26 |
الجمعية العامة |
1/12/2006 |
تعرب عن شديد قلقها بوجه خاص إزاء استمرار إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال)، بالقيام بأنشطة استيطانية غير قانونية، بما في ذلك ما يسمى بـ «الخطة هاء-1»، وتشييدها للجدار في القدس الشرقية وحولها، وزيادة عزل المدينة عن بقية الأرض الفلسطينية المحتلة، لما لذلك من أثر ضار على حياة الفلسطينيين، وبما يمكن أن يستبق الحكم على أي اتفاق بشأن المركز النهائي للقدس. تكرر تأكيد ما قررته من أن أي إجراءات تتخذها إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) لفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على مدينة القدس الشريف إجراءات غير قانونية، ومن ثم، فهي لاغية وباطلة وليست لها أي شرعية على الإطلاق، وتطلب إلى إسرائيل وقف جميع هذه التدابير غير القانونية والمتخذة من جانب واحد. |
60/41 |
الجمعية العامة |
1/12/2005 |
تكرر تأكيد ما قررته من أن أي إجراءات تتخذها إسرائيل لفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على مدينة القدس الشريف إجراءات غير قانونية؛ ومن ثم فهي لاغية وباطلة، وليست لها أي شرعية على الإطلاق. تشجب قيام بعض الدول بنقل بعثاتها الدبلوماسية إلى القدس، منتهكة بذلك قرار مجلس الأمن 478 (1980)، وتهيب مرة أُخرى بتلك الدول أن تلتزم بأحكام قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة. |
32/59 |
الجمعية العامة |
1/12/2004 |
تكرر تأكيد ما قررته من أن أي إجراءات تتخذها إسرائيل لفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على مدينة القدس الشريف إجراءات غير قانونية؛ ومن ثم فهي لاغية وباطلة، وليست لها أي شرعية على الإطلاق. تشجب قيام بعض الدول بنقل بعثاتها الدبلوماسية إلى القدس، منتهكة بذلك قرار مجلس الأمن 478 (1980)، وتهيب مرة أُخرى بتلك الدول أن تلتزم بأحكام قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة. |
98/58 |
الجمعية العامة |
9/12/2003 |
تعرب عن شديد القلق إزاء مواصلة إسرائيل أنشطة الاستيطان، منتهكة بذلك القانون الإنساني الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الطرفين، بما في ذلك بناء وتوسيع المستوطنات في جبل أبو غنيم وراس العمود داخل القدس الشرقية المحتلة وفيما حولها. |
22/58 |
الجمعية العامة |
3/12/2003 |
تكرر تأكيد ما قررته من أن أي إجراءات تتخذها إسرائيل لفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على مدينة القدس الشريف إجراءات غير قانونية؛ ومن ثم فهي لاغية وباطلة، وليست لها أي شرعية على الإطلاق. تشجب قيام بعض الدول بنقل بعثاتها الدبلوماسية إلى القدس، منتهكة بذلك قرار مجلس الأمن 478 (1980)، وتهيب مرة أُخرى بتلك الدول أن تلتزم بأحكام قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة. |
57/126 |
الجمعية العامة |
11/12/2002 |
تعرب عن شديد القلق إزاء مواصلة إسرائيل أنشطة الاستيطان، منتهكة بذلك القانون الإنساني الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الطرفين، بما في ذلك عملية بناء المستوطنات الجارية حالياً في جبل أبو غنيم، وراس العمود، وداخل القدس الشرقية المحتلة وفي المناطق المحيطة بها. تؤكد من جديد أن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل- غير قانونية، وأنها تشكل عقبة أمام السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. |
56/204 |
الجمعية العامة |
21/12/2001 |
تهيب بإسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) عدم استغلال الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، وفي الجولان السوري المحتل، أو التسبب في ضياعها، أو استنفادها، أو تعريضها للخطر. |
1322 |
مجلس الأمن |
7/10/2000 |
ضرورة احترام الأماكن المقدسة في مدينة القدس؛ وشجب التصرف الاستفزازي الذي حدث في الحرم القدسي الشريف. ويدين استخدام إسرائيل للقوة المفرطة بحق الفلسطينيين. |
55/130 |
الجمعية العامة |
8/12/2000 |
تعرب عن القلق الشديد إزاء الحالة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، نتيجة للممارسات والتدابير الإسرائيلية، وتدين بشكل خاص الاستخدام المفرط للقوة في الأسابيع القليلة الماضية؛ ما أدى إلى سقوط أكثر من مئة وستين قتيلاً فلسطينياً، وإصابة الآلاف بجروح. |
159 بند 1/4/3 |
اليونسكو |
15/6/2000 |
يساوره القلق إزاء التدابير التي لا تزال تعوق حرية وصول الفلسطينيين إلى مدينة القدس وإلى الأماكن المقدسة الواقعة في مدينة القدس القديمة. |
150م ت/13 |
اليونسكو |
27/11/1996 |
يذكر بأن مدينة القدس القديمة مدرجة على قائمة التراث العالمي المهددة بالخطر، ويشجب قيام السلطات الإسرائيلية بفتح النفق بمحاذاة الحائط الغربي للحرم الشريف. |
1073 |
مجلس الأمن |
28/9/1996 |
ضرورة احترام الأماكن المقدسة في مدينة القدس؛ وشجب التصرف الاستفزازي الذي حدث في الحرم القدسي الشريف. ويدين استخدام إسرائيل للقوة المفرطة بحق الفلسطينيين. |
673 |
مجلس الأمن |
24/10/1990 |
يدعو إسرائيل لقبول بعثة الأمم المتحدة حسب قرار مجلس الأمن رقم 672. |
672 |
مجلس الأمن |
12/10/1990 |
يدعو إسرائيل لقبول بعثة الأمم المتحدة حسب قرار مجلس الأمن رقم 672. |
605 |
مجلس الأمن |
23/12/1987 |
يؤكد على انطباق اتفاقية جنيف على الأراضي المحتلة بما فيها القدس |
592 |
مجلس الأمن |
8/12/1986 |
يؤكد على انطباق اتفاقية جنيف على الأراضي المحتلة بما فيها القدس. |
161/40 |
الجمعية العامة |
16/12/1985 |
تشجب بقوة تمادي إسرائيل في تنفيذ هذه التدابير، وبخاصة إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية الأخرى المحتلة، بما فيها القدس. |
15/36 |
الجمعية العامة |
28/10/1981 |
تطالب بأن تكفّ إسرائيل فوراً عن جميع أعمال الحفر وتغيير المعالم التي تقوم بها في المواقع التاريخية والثقافية والدينية للقدس، وخاصة تحت وحول الحرم الشريف (المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرّفة) الذي تتعرض مبانيه لخطر الانهيار. |
35/207 |
الجمعية العامة |
16/12/1980 |
تؤكد كذلك من جديد رفضها الشديد لقرار إسرائيل بضم القدس وإعلانها عاصمة لها وتغيير طابعها المادي وتكوينها الديموغرافي وهيكلها المؤسسي ومركزها؛ وتعتبر كل هذه التدابير والآثار المترتبة عليها باطلة أصلاً، وتطلب إلغاءها فوراً؛ وتطلب إلى جميع الدول الأعضاء والوكالات المتخصصة وسائر المنظمات الدولية أن تمتثل لهذا القرار وسائر القرارات المتصلة بالموضوع، بما فيها قرار الجمعية العامة 35/169 هاء المؤرخ في 15 كانون الأول/ ديسمبر 1980. |
476 |
مجلس الأمن |
30/6/1980 |
يؤكد من جديد على الضرورة الملحة لإنهاء الاحتلال المطول للأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بما فيها القدس. يؤكد من جديد أن جميع التدابير التشريعية والإدارية والإجراءات التي اتخذتها إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) والتي ترمي إلى تغيير طابع ووضع مدينة القدس الشريف ليس لها شرعية قانونية، وتشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة. تكرر التأكيد على أن جميع هذه التدابير التي غيرت الطابع الجغرافي والديمغرافي والتاريخي ووضع مدينة القدس المقدسة هي باطلة ولاغية، ويجب إلغاؤها، وفقا للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن. |
اعلان البندقية |
المجلس الاوروبي |
13/6/1980 |
أكد على إنهاء إسرائيل لاحتلالها للأراضي التي احتلتها عام 1967. تشكل المستوطنات الإسرائيلية عقبة جدية لعملية السلام في الشرق الأوسط. لن تقبل أي مبادرة أحادية الجانب تهدف إلى تغيير وضع القدس، وأن أي اتفاق حول وضع المدينة يجب أن يضمن حرية وصول الجميع إلى الأماكن المقدسة. |
471 |
مجلس الأمن |
5/6/1980 |
يؤكد من جديد الضرورة الملحة لإنهاء الاحتلال المطول للأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بما فيها القدس. |
465 |
مجلس الأمن |
1/3/1980 |
ويقرر أن جميع التدابير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير المعالم المادية والتركيب السكاني والهيكل المؤسسي في الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967, بما فيها القدس, أو أي جزء منها- ليس لها أي مستند قانوني, وأن سياسة إسرائيل وأعمالها لتوطين قسم من سكانها من المهاجرين الجدد في هذه الأراضي تشكل خرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة، ويدعو إسرائيل إلى تفكيك المستوطنات القائمة؛ كما يدعوها, بصورة خاصة, إلى التوقف فوراً عن إنشاء المستوطنات وبنائها والتخطيط لها في الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967, بما فيها القدس؛ يدعو الدول كافة إلى عدم تقديم أية مساعدات إلى إسرائيل يمكن استعمالها خصوصاً فيما يتعلق بالمستوطنات في الأراضي المحتلة. |
456 |
مجلس الأمن |
20/7/1979 |
يوافق على التوصيات الواردة في تقرير لجنة مجلس الأمن التي ألفت بموجب القرار 446 (1979) لدرس الوضع المتعلق بالمستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ سنة 1967، بما فيها القدس. يعتبر أن سياسة إسرائيل في إقامة المستوطنات على الأراضي العربية المحتلة ليس لها مستند قانوني، وتشكل خرقاً لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب، والمؤرخة في 12 آب (أغسطس) 1949. يؤكد ضرورة مواجهة مسألة المستوطنات القائمة وضرورة اتخاذ تدابير لتأمين الحماية المنزهة للملكية المصادرة. |
446 |
مجلس الأمن |
20/3/1979 |
قرر المجلس أن سياسة إسرائيل وممارساتها في إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية الأخرى المحتلة منذ عام 1967 ليس لها شرعية قانونية ويدعو مرة أخرى إسرائيل (بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال)، إلى التقيد الدقيق باتفاقية جنيف الرابعة (1949)، وإلغاء تدابيرها السابقة، والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي؛ أو يؤثر ماديًا على التكوين الديموغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وعلى وجه الخصوص (القدس). |
2851 |
الجمعية العامة |
20/12/1971 |
تعيد تأكيدها أن كل الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لاستيطان الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس المحتلة، باطلة ولاغية كلياً. |
298 |
مجلس الامن |
25/9/1971 |
يؤكد من جديد قراراته 252 (1968) و 267 (1969). يعرب عن استيائه لعدم قيام إسرائيل على احترام القرارات السابقة التي اعتمدتها الأمم المتحدة بشأن التدابير والإجراءات التي تتخذها إسرائيل، وترمي إلى التأثير على وضع مدينة القدس. يؤكد في بأوضح العبارات أن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس، بما في ذلك مصادرة الأراضي والممتلكات، ونقل السكان والتشريعات التي تهدف إلى ضم القطاع المحتلة- لاغية كليا ولا يمكن أن تغير الوضع. |
271 |
مجلس الأمن |
15/9/1969 |
يعبر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى في القدس يوم 21 آب 1969. يؤكد القرار رقم 252 (1968) والقرار 267 (1969). ويعترف بأن أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة أو المباني أو المواقع الدينية في القدس، وأن أي تشجيع أو تواطؤ للقيام بعمل كهذا، يمكن أن يهدد بحدة الأمن والسلام الدوليين. يقرر أن العمل المقيت لتدنيس المسجد الأقصى. يؤكد الحاجة الملحة إلى أن تمتنع إسرائيل من خرق القرارات المذكورة أعلاه، وأن تبطل جميع الإجراءات والأعمال التي اتخذتها لتغيير وضع القدس. يدعو إسرائيل إلى التقيد بدقة بنصوص اتفاقيات جنيف. |
267 |
مجلس الامن |
3/7/1969 |
يشجب بشدة جميع الإجراءات المتخذة لتغيير وضع مدينة القدس. يؤكد أن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية والأعمال التي اتخذتها “إسرائيل” من أجل تغيير وضع القدس، بما في ذلك مصادرة الأراضي والممتلكات، هي أعمال باطلة ولا يمكن أن تغير وضع القدس؛ ويدعو بإلحاح “إسرائيل” مرة أخرى، إلى أن تبطل جميع الإجراءات التي تؤدي إلى تغيير وضع مدينة القدس؛ كما يطلب منها أن تمتنع من اتخاذ أي إجراءات مماثلة في المستقبل. |
252 |
مجلس الأمن |
21/5/1968 |
يعتبر أن جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية، وجميع الأعمال التي قامت بها إسرائيل، بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس- هي إجراءات باطلة، ولا يمكن أن تغير في وضع القدس. يدعو إسرائيل، بإلحاح، إلى أن تبطل هذه الإجراءات، وأن تمتنع فوراً من القيام بأي عمل آخر من شأنه أن يغير في وضع القدس. |
251 |
مجلس الأمن |
2/5/1968 |
يبدي أسفه العميق على إقامة العرض العسكري في القدس يوم 2 أيار (مايو) 1968، تجاهلاً من إسرائيل للقرار الذي اتخذه المجلس بالإجماع يوم 27 نيسان (إبريل) 1968. |
250 |
مجلس الأمن |
27/4/1968 |
يدعو “إسرائيل” إلى الامتناع من إقامة العرض العسكري في القدس في 2 أيار ( مايو) 1968. |
242 |
مجلس الأمن |
22/11/1967 |
انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير. إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب. |
2254 |
الجمعية العامة |
14/7/1967 |
تأسف جداً لتخلّف إسرائيل عن تنفيذ قرار الجمعية العامة 2253، وتكرر الطلب الذي وجهته إلى إسرائيل في ذلك القرار بإلغاء جميع التدابير التي صار اتخاذها؛ والامتناع فوراً من إتيان أي عمل من شأنه تغيير مركز القدس. |
2253 |
الجمعية العامة |
4/7/1967 |
تطلب من إسرائيل إلغاء جميع التدابير التي صار اتخاذها، والامتناع فوراً عن إتيان أي عمل من شأنه تغيير مركز القدس. |
162 |
مجلس الأمن |
11/4/1961 |
يوافق على قرار لجنة الهدنة المشتركة في 20 آذار (مارس) 1961. يحثّ إسرائيل على الامتثال لهذا القرار. (بشأن القدس) |
127 |
مجلس الأمن |
22/12/1958 |
على الأطراف البحث في النشاطات المدنية في المنطقة عن طريق لجنة الهدنة المشتركة، من أجل إيجاد جو أكثر تشجيعاً للبحث المثمر، يجب تعليق النشاطات في المنطقة المماثلة لتلك التي بادر إليها الإسرائيليون في 21 تموز ( يوليو) 1957، إلى أن يحين الوقت الذي تكون قد تمت فيه عملية المسح، ووضعت الترتيبات لتنظيم النشاطات في المنطقة، (بشأن النشاطات التي تقوم بها إسرائيل في منطقة دار الحكومة في القدس الواقعة بين خطوط الهدنة الفاصلة). |
194 |
الجمعية العامة |
11/12/1948 |
تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لتقدم إلى الجمعية العامة، في دورتها العادية الرابعة، اقتراحات مفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، يؤمن لكل من الفئتين المتميزتين الحد الأقصى من الحكم الذاتي المحلي المتوافق مع النظام الدولي الخاص لمنطقة القدس. إن لجنة التوفيق مخولة صلاحية تعيين ممثل للأمم المتحدة، يتعاون مع السلطات المحلية فيما يتعلق بالإدارة الموقتة لمنطقة القدس. |
303 |
الجمعية العامة |
9/12/1949 |
وجوب وضع القدس في ظل نظام دولي دائم، يجسد ضمانات ملائمة لحماية الأماكن المقدسة، داخل القدس وخارجها. |
60 |
مجلس الأمن |
29/10/1948 |
يقرر إقامة لجنة فرعية مكونة من مندوبي: المملكة المتحدة، والصين، وفرنسا، وبلجيكا، وجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية، للنظر في جميع التعديلات والتنقيحات التي اقترحت، أو قد تقترح، بشأن مشروع القرار الثاني المعدل الذي تتضمنه الوثيقة S/1059/Rev. 2) )، ولتحضير مشروع قرار معدل بالتشاور مع الوسيط بالوكالة. (بشأن وضع القدس) |
57 |
مجلس الأمن |
18/9/1948 |
بصدمة عميقة من جراء الوفاة المأساوية لوسيط الأمم المتحدة في فلسطين الكونت فولك برنادوت، ونتيجة العمل الجبان الذي يبدو أنه قد ارتكب من قبل مجموعة إجرامية من الإرهابيين في القدس، بينما كان ممثل الأمم المتحدة يؤدي مهمته سعياً للسلام في الأرض المقدسة- يقرر الطلب من الأمين العام إبقاء علم الأمم المتحدة منكساً ثلاثة أيام. |
54 |
مجلس الأمن |
15/7/1948 |
يدعو جميع الحكومات والسلطات المعنية إلى مواصلة التعاون مع الوسيط بقصد المحافظة على السلام في فلسطين وفق القرار رقم 50 المتخذ من قبل مجلس الأمن في 29 أيار (مايو) 1948. يأمر، كقضية ذات ضرورة ملحة وخاصة، بوقف إطلاق النار فوراً ودون أي شروط في مدينة القدس، بحيث يصبح نافذ المفعول بعد أربع وعشرين ساعة من وقت اتخاذ القرار، ويعطي لجنة الهدنة تعليماته لتتخذ أية خطوات ضرورية لتنفيذ وقف إطلاق النار هذا. يعطي تعليماته إلى الوسيط ليواصل جهوده من أجل نزع السلاح عن مدينة القدس، دون إجحاف بمستقبل وضع القدس السياسي، وليؤمن حماية الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية في فلسطين وحماية الوصول إليها. |
50 |
مجلس الأمن |
29/5/1948 |
يحثّ جميع الحكومات والسلطات المعنية على أن تتخذ كل الاحتياطات الممكنة لحرية الأماكن المقدسة ومدينة القدس، بما في ذلك حماية حرية الوصول إلى جميع المزارات والمعابد بغرض العبادة من قبل من لهم حق مثبت في زيارتها والعبادة فيها. |
49 |
مجلس الأمن |
22/5/1948 |
يدعو لجنة الهدنة وجميع الأطراف المعنية إلى أن تعطي التفاوض من أجل هدنة والمحافظة عليها، في مدينة القدس، الأولوية المطلقة. |
181 |
الجمعية العامة |
29/11/147 |
ينتهي الانتداب على فلسطين في أقرب وقت ممكن، على ألاّ يتأخر، في أي حال، عن 1 آب 1948. تنشأ في فلسطين الدولتان المستقلتان العربية واليهودية، والحكم الدولي الخاص بمدينة القدس. (التقسيم) |
هدم المنازل في مدينة القدس منذ عام 2000 وحتى 2013
تنتهج سلطات الاحتلال سياسة هدم المنازل الفلسطينية ووضع العراقيل والمعوقات أمام إصدار تراخيص البناء للفلسطينيين؛ بهدف تهجير الفلسطينيين، وتهويد المنطقة عبر إحداث قلب سريع للميزان الديمغرافي فيها.
وحسب مؤسسة المقدسي أنه منذ العام 2000م وحتى 2013م تم هدم 1,230 مبنى في القدس الشرقية (ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمته إسرائيل عنوة بعيد احتلالها للضفة الغربية في عام 1967م؛ ما أسفر عن تشريد ما يقارب 5,419 شخصاً، منهم 2,832 طفلًا، و1,423 امرأة.
ويقدر إجمالي الخسائر التي تكبدها فلسطينيو القدس جراء هدم مبانيهم بنحو 3.5 مليون دولار (لا تشمل مبالغ المخالفات المالية الطائلة التي تفرض على ما يسمى بمخالفات البناء). وتشير البيانات الى تزايد وتيرة عمليات “الهدم الذاتي” للمنازل في القدس منذ العام 2000م؛ فقد أقدمت سلطات الاحتلال على إجبار 320 مواطناً على هدم منازلهم بأيديهم.
وشهد العام 2010م أكثر عمليات الهدم الذاتي؛ فقد بلغت 70 عملية؛ وفي العام 2009م كانت 49 عملية هدم.
عمليات الهدم الذاتي 2000-2013
وتشير البيانات إلى أن إجمالي مساحة المنازل التي تم هدمها في القدس خلال العام 2013م قد تضاعفت عما هي عليه في العام 2012م؛ فقد بلغ إجمالي مساحة المباني السكنية المهدومة خلال العام 2013م نحو 6,196 م2؛ بالمقابل بلغ إجمالي مساحة المنشآت المهدومة نحو 1,150 م2، علما بأن هناك العديد من حالات الهدم الذاتي يتكتم عليها السكان، ولا يقومون بإبلاغ الإعلام ومؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني عنها، حسب مؤسسة المقدسي. وتشير بيانات مؤسسات حقوقية إسرائيلية الى أن سلطات الاحتلال قد قامت بهدم أكثر من 25 ألف مسكن في فلسطين منذ العام 1967م.
المصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 30/3/2014م
السياسة الإسرائيلية إزاء أهالي القدس
ما تزال إسرائيل تمارس حملةً شرسة ضد أهالي مدينة القدس؛ في محاولةٍ لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين، وإحلال سكان غرباء طارئين مكانهم، وتهويد القدس وتغيير معالمها وتراثها، وتحريف تاريخها الأصيل.
وتنوعت انتهاكات إسرائيل الممنهجة إزاء المواطنين المقدسيين، فشملت:
1- القتل والتدمير
عمليات القتل والتدميرهي أولى وسائل تهويد القدس التي اعتمدتها السلطات الإسرائيلية، منذ عام 1948م، ولا تزال تعتمدها حتى الآن؛ فقد أمطرت القوات الغازية مدينة القدس عام 1967م، بوابل متواصل من بالقنابل المحرقة، جواً وأرضاً، وبالأسلحة الرشاشة؛ مما أدى إلى استشهاد 300 مقدسي مدني، كان من بينهم عائلات بكاملها داخل منازلها، وبعضهم في الطرقات والأزقة، أثناء فزعهم وهروبهم من جحيم النيران المسلطة عليهم.
ودمرت القنابل الإسرائيلية، مئات العقارات السكنية والتجارية، داخل السور وخارجه، وأحرقت عشرات المخازن، وألحقت أضراراً فادحة بالمساجد والمشافي. وقامت القوات الإسرائيلية بعد أربعة أيام من دخول القدس.
وفي أقل من أسبوع، أزالت إسرائيل (135) منزلاً في حي المغاربة المجاور للحائط الغربي للحرم القدسي (يسكنها 650 شخصا) ومسجد الحي ذاته، ونحو (2000) منزل ومخزن في المناطق مجردة السلاح. وتبع ذلك هدم عدد آخر من العقارات، بينها مجموعة متفرقة من المنازل، بلغت (24) منزلاً نسفها الجيش الإسرائيلي، بحجة الانتقام من أعمال المقاومة، ولجأت السلطات الإسرائيلية عام 1969م، إلى نسف وتدمير (14) مبنى دينياً وأثرياً، بحجة الكشف عن امتداد الحائط الغربي، ومنها مسجد إسلامي والزاوية الفخرية. ونتج عن هذه الممارسات، تشريد ما يقرب من ألف شخصٍ آخرين من سكان القدس.
وفي السنوات اللاحقة توالت عمليات القتل والتدمير التي تعرض لها المقدسيون، وبلغت خلال السنوات الممتدة بين 1988- 1999م، (110) شهداء. نصفهم في العامين 1989 أو 1990 (أي خلال الانتفاضة الأولى) وتم هدم (298) منزلا في الفترة ذاتها. هذا باستثناء تدمير المباني تحت حجج وذرائع أمنية.
ويأتي هدم المنازل العربية في القدس، لأسباب سياسية واعتبارات إسرائيلية واضحة، أبرزها:
– التضييق على المواطنين المقدسيين؛ بهدف إجبارهم على ترك المدينة، وإلغاء حقهم في الإقامة في القدس، وسحب هوياتهم في مرحلة لاحقة بذريعة نقل مركز حياتهم إلى خارج المدينة.
– إعطاء مجال أكبر للتوسع الاستيطاني على حساب الأرض الفلسطينية، واللجوء لسياسة هدم المنازل الفلسطينية بحجة عدم حصول أصحابها على التراخيص من البلدية الإسرائيلية، كأداة لتفريغ المدينة من سكانها الفلسطينيين، مقابل ضخ المزيد من المستوطنين إلى المدينة المقدسة.
ومن الحالات المعبرة عن استمرار عمليات القتل الإسرائيلية، ما حدث إبان انتفاضة الأقصى التي انطلقت يوم الجمعة الدامي 2000/9/29م. إذ اقتحمت مجموعات كبيرة من قوات الاحتلال (شرطة وحرس حدود ومخابرات) ساحات الحرم القدسي الشريف، وهي تطلق النار عشوائياً باتجاه المصلين المسلمين، وكانت حصيلة اليوم الأول، استشهاد أربعة فلسطينيين وجرح أكثر من (200) شخص (توفي أحدهم لاحقا). وكانت الإصابات في الجزء العلوي من الجسم، الأمر الذي يعني أن قوات الشرطة وحرس الحدود رأوا في المصلين أعداء ينبغي قتلهم. ولولا عوامل الحيطة التي اتخذها الفلسطينيون، لكان عدد الإصابات أكبر في ذلك اليوم.
وفيما بعد تواصلت المواجهات، ومنعت السلطات الإسرائيلية دخول الفلسطينيين إلى القدس أيام الجمعة لأداء الصلاة. وبلغت حصيلة تلك المواجهات خلال شهرين من الانتفاضة، عشرة شهداء من البلدة القديمة والقرى المجاورة لها، فضلاً عن أكثر من (300) شهيد ونحو (13) ألف جريح من مختلف الأراضي الفلسطينية، وتعرضت غالبية القرى إلى قصف مركز من الدبابات والحوامات الإسرائيلية، أسفر عن تدمير مئات المباني والمنشآت، هذا إلى جانب الممارسات الإجرامية الأخرى.
2- الطرد الصامت:
– آليات الطرد الصامت (عبر سياسة التخطيط السكاني).
لجأت إسرائيل منذ اليوم الأول لإحتلالها مدينة القدس عام 1967م، إلى وضع سياسة سكانية مجحفة بحق الفلسطينيين، اعتمدت على مواقف الحكومات الإسرائيلية المتلاحقة والتي وضعت أسسها حكومة حزب العمل منذ عام 1967م، منطلقة من مبدأ تحجيم وتقليص عدد الفلسطينيين في القدس بما لا يزيد على 24% من النسبة العامة لسكان القدس بشطريها.
وفي عام 1992م، شكلت وزارة الداخلية الإسرائيلية لجنة للتحقيق في ضم أراض تقع شرق المدينة، حيث أكدت هذه اللجنة على إبقاء النسب السكانية التي حددت في العام 1967م.
وبناء على نفس التقرير الذي قدمته لجنة “كبرسكي” لوزارة الداخلية فإن نسبة اليهود في القدس ستصل إلى 77% من الحجم العام للسكان في عام 2020م، وذلك بالعمل على زيادة عدد المستوطنين اليهود داخل حدود البلدية، جنباً إلى جنب مع زيادة الاستيطان في المستوطنات المحيطة بالمدينة، التي تقع خارج حدودها الحالية.
– الهجرة: الجدول التالي يوضح وضع المهاجرين العرب من مدينة القدس بسبب الإجراءات الإسرائيلية حتى عام 1993م:
16.917 |
هجرة من القدس إلى خارج البلاد منذ عام 1967م |
12.080 |
هجرة من القدس إلى خارج حدودها البلدية |
7.630 |
كانوا خارج البلاد عندما وقع الاحتلال عام 1967م؛ فلم يشملهم الإحصاء الإسرائيلي ولم يحصلوا على حق المواطنة في القدس منذ ذلك الحين. |
– سياسة تضييق الخناق على المقدسيين:
اتبعت سلطات الاحتلال مجموعة من الإجراءات التعسفية ضد السكان العرب بهدف تقليص تنامي هؤلاء السكان ولعل أهم هذه الإجراءات هي:
* تحديد حجم وأماكن رخص البناء:
لقد عملت السلطات الإسرائيلية وفق سياسة تجميد البناء العربي داخل الحدود البلدية. ولضمان ذلك ماطلت في إعداد مخططات هيكلية للمدينة، والتي بدونها لا يسمح قانونياً بالبناء.
لكن في عام 1970م، وبموجب خارطة هيكلية جزئية شملت البلدية القديمة والمناطق المحاذية مثل الطور ووادي الجوز، وسلوان، والثوري، رأس العمود، والمنطقة الجنوبية من القدس بمساحة اجمالية قدرها 10800 دونم.
فقد أعطيت لأول مرة منذ بداية الاحتلال رخص تسمح للفلسطينيين بالبناء، ولم يزد عدد هذه الرخص عن 50 رخصة.
وأمام الضغط الناتج عن هذه السياسة اضطرت البلدية إلى إحداث تغيير راديكالي عام 1971م، ومنحت المقدسيين نحو 400 رخصة مقابل 7000 رخصة منحت لإقامة شقق سكنية للمستوطنين اليهود بالقسم الشرقي من المدينة.
والجدول التالي يبين عدد الحيازات المنزلية للعرب بالقدس في العامين 1972 و1983:
المكان |
1972 |
1983 |
البلدة القديمة |
4000 |
4500 |
بيت حنينيا/ شعفاط |
2300 |
4600 |
العيسوية/ الطور |
1900 |
3300 |
الشيخ جراح/ باب الساهرة |
1100 |
1400 |
سلوان/ الثورى |
2500 |
3300 |
عرب السواحرة/ صور باهر/ بيت صفافا |
1400 |
3300 |
المجموع |
13200 |
20400 |
* السكان:
للوصول إلى هدف تحجيم وتقليص التواجد السكاني الفلسطيني في المدينة؛وضعت سلطات الإحتلال نظاماً قهرياً يقيد منح تراخيص المباني، وحصرتها بصورة غير مباشرة في التقدم بطلبات رخص فردية للبناء، وأخضعتها لسلم بيروقراطي وظيفي مشدد، بحيث تمضي سنوات قبل أن تصل إلى مراحلها النهائية. وعلى الرغم من أن السلطات الإسرائيلية المعنية بالإسكان في القدس، قد وافقت على 30.000 وحدة سكنية للمستوطنين في أيلول عام 1993م، إلى أنها لم تعط التراخيص اللازمة لبناء 10.000 وحدة سكنية للفلسطينيين، برغم إقرار بلدية القدس في عام 1980م، بأن فلسطيني القدس بحاجة ماسة لبناء 18.000 وحدة سكنية فوراً.
ومن ناحية أخرى لقد وظف الاحتلال عدة اتجاهات أخرى في هذا الجانب أهمها عدم السماح بارتفاع المباني العربية في القدس لأكثر من طابقين أو ثلاثة؛ مما يحد من إمكانيات التوسع العمراني العمودي.
وأمام النقص المتزايد في أعداد الشقق المتاحة للفلسطينيين داخل حدود البلدية، لم يكن هناك مفر سوى البحث عن مساكن خارج الحدود البلدية. إما بالضواحي المجاورة للمدينة، أو في المدن الأخرى، مثل رام الله والبيرة، وهكذا فإن هذا الاتجاه يحقق بصورة غير مباشرة أحد الأهداف التي خططت لها إسرائيل في مسألة التهويد.
وإزاء مشكلة تسجيل السكان الذين يهاجرون من المدينة المقدسة قسراً، بسبب الإجراءات الإسرائيلية بمنع البناء، ردَّ “كوليك” رئيس بلدية القدس السابق في مقابلة مع جريدة الأنباء الإسرائيلية بتاريخ 15/8/1980م القول: “إن الجهات المختصة لم تأخذ حتى الآن بطاقة هوية من أحد، وقد توصلت البلدية إلى اتفاق مع المسؤولين في وزارة الداخلية، وتم الحصول على قرار حكومي بعدم المس بأي مواطن عربي يضطر للبحث عن حل للضائقة السكنية خارج حدود المدينة”.
وبخلاف مشكلة ترخيص البناء، يعاني المقدسيون وخاصة الأزواج الشابة، من مشكلة الحصول على سكن، حيث لا يكون بوسعهم سوى الهجرة من المدينة إلى المناطق المجاورة. وتحتدم المشكلة إذا كانت الزوجة لا تحمل هوية القدس، بحيث لا يسمح لها بالإقامة في المدينة، مما يعزز مسألة الهجرة لدى الأزواج الشابة؛ ويحد ذلك من النمو الطبيعي لأهالي القدس.
* المناطق الخضراء والمحميات الطبيعية:
انتهجت سلطات الاحتلال سياسة وضعت بموجبها أراض فلسطينية صالحة للبناء والتوسع العمراني، تحت بند المناطق الخضراء والمحميات الطبيعية؛ وحرم الفلسطينيون من إستخدامها لأغراضهم السكنية، في الوقت ذاته، يتم بناء وحدات سكنية استيطانية بشكل مكثف عليها بعد أن تتم مصادرتها!
وأوضح مثال على ذلك؛ مصادرة أراضي جبل أبو غنيم جنوبي مدينة القدس، الذي يمتلكه فلسطينيون من بيت ساحور وأم طوبا، وتبلغ مساحته (1850) دونماً- كانت قد أعلنت عنه السلطات الإسرائيلية مناطق خضراء تابعة لأراضي الدولة اليهودية، في حين وافقت على إقامة حي استيطاني عليه يستوطنه 45.000 مستوطن. وفي حين تعاني قرية أم طوبا والأحياء الفلسطينية الأخرى من ضائقة سكنية خانقة، يحرم السكان من التوسع.
ومع بدء تنفيذ البناء الإستيطاني على الجبل، فان الحزام الإستيطاني حول القدس من الجنوب سوف يكتمل ليشكل حزاما عازلاً بين جنوب الضفة الغربية ومدينة القدس.
جدول يوضح: الأراضي في القدس الفلسطينية:
39158 دونم |
خارج التنظيم (مناطق خضراء، طرق،مغلقة أمنياً) احتياطي للتوسع، البناء الإسرائيلي |
21738 دونم |
أراضى مصادرة أقيم عليها 15 مستوطنة وحياً استيطانياً، بلغ مجموع مساحة مخططاتها 18769 دونما |
9504 دونم |
مخصصة للبناء الفلسطيني |
70400 دونم |
المجموع |
* سياسة هدم وإغلاق المنازل:
انتهجت سلطات الاحتلال سياسة هدم وإغلاق المنازل الفلسطينية في القدس، إضافة للأساليب السابقة. بحجة البناء بدون ترخيص، وفي أغلب الأحيان لأسباب سياسية، ما أدى إلى إبقاء 21.000 نسمة في ظروف معيشية صعبة في القدس، تعيش إما في كهوف أو أكواخ خشبية أو خيام، وإذا استطاع هؤلاء الأفراد بناء منازلهم مرة أخرى، فسيعرضهم ذلك إلى هدمها مرة أخرى، لأن الأراضي التي بنيت عليها أراض فلسطينية أخضعتها إسرائيل لمناطق تخطيط وبناء للأحياء الاستيطانية، أو تعلن عنها مناطق خضراء، فقد أعلنت سلطات الاحتلال عن 86% من أراضي القدس 1967م، إما مناطق إستيطان أو أراضى خضراء، أبقت على 14% فقط من المساحة الكلية للتوسع الفلسطيني المقدسي، والتي تم البناء عليها في الغالبية الساحقة.
والجدول التالي يوضح: عدد البيوت المهدَّمة في القدس ما بين 1967- 1980م:
السنة |
القدس 1967م |
1967 |
64 |
1968 |
66 |
1969 |
73 |
1970 |
94 |
1971 |
127 |
1972 |
22 |
1973 |
10 |
1974 |
26 |
1975 |
31 |
1976 |
8 |
1977 |
– |
1978 |
– |
1979 |
3 |
1980 |
4 |
المجموع |
548 |
3- تهويد الشخصية المقدسية:
بعد تهجير غالبية عرب القدس، سعَت سلطات الاحتلال إلى تذويب ما يمكن من الأقلية العربية الباقية في المدينة، فلجأت إلى فصل هذه الأقلية عن سكان الضفة الغربية، وأصبح هؤلاء بالاسم جزءاً من سكان “دولة إسرائيل”، لكنهم ظلوا بمثابة أجانب محرومين من حقوق المواطنة، ومن الخدمات البلدية، وتعرضوا لجميع أنواع القهر والتمييز العنصري.
وخلال عملية التهويد الشاملة، أصدرت السلطات الإسرائيلية (في 28/8/1968م)، أسمته “قانون التنظيمات القانونية الإدارية” لسنة 1968م. ومن القيود والشروط التي يفرضها هذا القانون على أبناء القدس ما يلي:
– كل عربي صاحب عمل أو مهنة وكان يمارس عمله أو مهنته، يجب عليه أن يحصل على رخصة إسرائيلية وبموجب القوانين الإسرائيلية.
– كل شركة عربية في القدس، ومسجلة بموجب القوانين الأردنية، عليها أن تعيد تسجيل نفسها لدى المحاكم “الإسرائيلية”، وبموجب القوانين والأنظمة “الإسرائيلية”.
– كل عربي يعمل طبيباً أو مهندساً أو محامياً أو مدقق حسابات، عليه أن يتقدم للسلطات “الإسرائيلية” بطلب موافقة تتيح له الاستمرار بمهنته، بموجب القوانين “الإسرائيلية”.
– على كل عربي صاحب امتياز أو علامة تجارية أو اختراع أن يعيد تسجيل امتيازه أو علامته أو اختراعه لدى السلطات “الإسرائيلية”، وبموجب القوانين “الإسرائيلية”.
ويلاحظ هنا، أن تكرار عبارة “بموجب القوانين الإسرائيلية” يعني إعادة تشكيل الهوية الخاصة بجميع أشكال الأنشطة والأداء العام لفلسطينيي القدس، لتكون النتيجة تهويداً للشخصية الفلسطينية المقدسية، حسب الأهداف الإسرائيلية.
4- تهويد القضاء:
اتخذت السلطات الإسرائيلية بعد احتلال القدس عام 1967م، جملة من الإجراءات الرامية إلى إخضاع القضاء في القدس للقانون الإسرائيلي، ومنها:
– أغلقت جميع المحاكم النظامية في القدس، وفصلت القضاء النظامي في المدينة عن شؤون الضفة الغربية، وألحقته كلياً بالقضاء الإسرائيلي.
– دمجت محاكم البداية والصلح في القدس بالمحاكم الإسرائيلية المماثلة، والقائمة في الشطر الغربي المحتل من المدينة، ونقلت إليها جميع سجلاتها وأثاثها.
– طالبت القضاة والموظفين بتقديم طلبات للالتحاق بوزارة العدل الإسرائيلية.
واعتبر الجهاز القضائي الفلسطيني، هذه الإجراءات وسواها تجسيداً لتهويد القدس؛ فرفضها رجال الجهاز وامتنعوا عن التعاون والعمل مع سلطات الاحتلال، وشارك المحامون في القدس والضفة، الأسرة القضائية بهذا الرفض.
وبشأن المحاكم الشرعية الإسلامية التي أرجأت سلطات الاحتلال بادئ الأمر إغلاقها، حاولت السلطات استمالة قضاتها وموظفيها للالتحاق بأجهزتها. بيد أن هؤلاء القضاة والموظفين رفضوا التعاون مع سلطات الاحتلال، وواجهوا جزاء ذلك، الكثير من الضغوط التي وصلت إلى حد الإبعاد خارج الوطن.
5- الضائقة السكنية:
تعددت أساليب التضييق الإسرائيلية على عمليات البناء والإسكان الفلسطينية، فتم تقليص المساحات المخصصة للإنشاءات السكنية للفلسطينيين في القدس، وتصنيف غالبية الأراضي الخاصة بهم كمسطحات خضراء، يمنع فيها البناء، لتكون احتياطاً استراتيجياً للاستيطان اليهودي، وشقت شوارع تهدف إلى منع البناء الفلسطيني، وصودرت أراض واسعة لاعتبارات واهية متنوعة.
وفي نطاق هذه الممارسات الخبيثة، لم تخصص السلطات الإسرائيلية للأبنية السكنية الفلسطينية سوى خمسة كيلومترات مربعة في المناطق الواقعة في القدس، من أصل 17.5 كم2 ، أي نحو 7% من مجموع الأراضي التي صودرت منذ العام 1967م.
وفي الوقت ذاته، لا تسمح سلطات الاحتلال للفلسطينيين بتشييد أكثر من ثلاثة طوابق في المبنى الواحد (مقابل السماح بثمانية طوابق لليهود)، وتضع أمام البناء الفلسطيني عقبات وشروطاً تعجيزية، منها رسوم وضرائب تصل إلى مئات آلاف الشواقل، فضلاً عن المصاعب القانونية والبيروقراطية؛ لذا يواجه الفلسطينيون خيارات صعبة منها: مواصلة العيش في المكان ضمن أوضاع وظروف خانقة، وتكبد تكاليف البناء (القانوني) الباهظة، أو المغامرة بالبناء دون ترخيص، أو مغادرة المدينة.
6- الاحتلال الإسرائيلي قوة طاردة للفلسطينيين من القدس:
وفي هذه الأجواء، وصل معدل الاكتظاظ السكاني في الغرفة الواحدة 2.2 شخصاً للفلسطينيين (مقابل 1.1 شخصاً لليهود). ويصل النقص في عدد الوحدات السكنية للفلسطينيين إلى أكثر من 20 ألف وحدة، حيث يشكل البناء لاحتياجاتهم نحو 12% فقط من مجموع الوحدات السكنية التي أقيمت في مناطق القدس (بينما يشكل البناء لاحتياجات اليهود 88% من هذا المجموع).
وكمؤشر آخر على الضائقة السكنية للفلسطينيين في القدس، ذكر تقرير فلسطيني (عام 1997م)، أن 34% من مساكن القدس القديمة مستأجر، 11% مملوكة لأسر، 6% مملوكة لعائلة، 12% أوقاف إسلامية، 20% أوقاف مسيحية، 6.5% أوقاف ذرية، 12% من الغرف دون نوافذ، 50% تعاني من الرطوبة العالية، 41% من الغرف يعيش في الواحدة منها 3 إلى 5 أفراد.
والنتيجة نشوء قوة طاردة تدفع الفلسطينيين للنزوح عن المدينة. ولا يخفى ما لهذا النزوح من آثار كارثية على مستقبل القدس، في المنظوريْن السياسي والاستراتيجي.
7- إهمال البنى التحتية في القدس:
بغرض زيادة قوى الطرد الداخلية الموجهة ضد فلسطينيي القدس؛ لحملهم على مغادرة المكان، تعمدت سلطات الاحتلال ترك مكونات البنية التحتية المقدسية في حالة من التآكل المستمر، فماطلت في إجراء الصيانة والإصلاحات الضرورية لهذه المكونات، وما قامت به لا يرقى إلى الحد الأدنى اللازم للحياة الإنسانية. أما في المناطق السياحية من مدينة القدس، فقد سعت سلطات الاحتلال إلى إيجاد بعض المظاهر التي تقدم مظلة عن الواقع.
وعلى سبيل المثال، ذكر تقرير منشور (عام 1995)، أن نصف خطوط المياه في الأحياء العربية بحاجة إلى تبديل، وأن نصف الأحياء العربية يفتقر إلى شبكات صرف صحي منظمة، وفي قسْمٍ كبير من هذه الأحياء توجَد طرق ترابية غير معبدة، وغير مرصوفة، ودون إنارة، هذا على الرغم من مبالغ الضرائب الضخمة التي تفرضها سلطات الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأنشطتهم. وتعكس ظروف التمييز العنصري ضد هؤلاء المواطنين الحالة المتردية للبنية التحتية، في مختلف المجالات. فبينما ينعم الجزء الغربي (اليهودي) من القدس بخدمات عالية من مقومات الحياة المدنية، بينما يغرق الجزء الفلسطيني من القدس في العديد من المشكلات الخدمية والاجتماعية الناجمة عن الإهمال “الإسرائيلي” للبنية التحتية، وهي مشكلات لا تعاني منها عموماً الأحياء والمستوطنات اليهودية في هذا الجزء من المدينة.
ويظهر الجدول التالي بعض مؤشرات التمييز العنصري في عدة مكونات من البنية التحتية:
مكونات البنية التحتية |
الجزء الغربي من القدس |
االقدس المحتلة (1967) |
الطرق |
680 كم (1كم لكل 710 أشخاص) |
87كم (1كم لكل 2448 شخصاً) |
الأرصفة |
700 كم (1كم لكل 690 شخصاً) |
73كم (1كم لكل 2917 شخصاً) |
خطوط المجاري |
650 كم أنابيب (1كم لكل 743 شخصاً) |
76 كم أنابيب (1كم لكل 2809 أشخاص) |
الحدائق العامة |
108 حديقة (حديقة لكل 447 شخصاً) |
30 حديقة (حديقة لكل 7362 شخصاً) |
8- سحب الهويات المقدسية:
يبين الإحصاء السكاني الذي أجرته سلطات الاحتلال لسكان القدس المحتلة عام 1967 م، أن هناك 66 ألف مواطن فلسطيني مقدسي ظلوا داخل حدود المدينة. آنذاك لم تقم السلطات بمنح هذا العدد الحق للمواطنة بموجب القانون الصهيوني، بل منحتهم “حق الإقامة”، والفرق واضح بين الحالين، إذ أن الأول يعني حقاً أبدياً لا يملك أحد إلغاءه (إلا ضمن ظروف معينة تتعلق بأمن الدولة، ومن السلطات الشرعية وليس سلطات الاحتلال)، أما الثاني فيعني أن وزير الداخلية الإسرائيلي يملك الصلاحيات في كل وقت لإعطاء تعليماتٍ يمكن بموجبها حرمان الشخص من الإقامة في المدينة، ويطبق موظفو الداخلية هذه التعليمات بصورةٍ آلية دون الرجوع إلى أي مرجع آخر.
كان النص القانوني المعتمد في هذه الحالة ما ورد في “قانون الدخول لإسرائيل” (للعام 1952م)، الذي طبق على سكان القدس، واعتبروا بموجبه مقيمين موجودين بتصريح هوية تتيح لهم السكن والعمل، وذلك على غرار أي أجنبي مقيم في القدس ويحمل هذه الهوية. وفي العام 1974 م، صدرت أنظمة تحكم مسألة الدخول إلى “إسرائيل”، وكانت المادة الحادية عشرة من هذه الأنظمة، تنص على أنه يكون الشخص خارج “إسرائيل” إذا وجِد خارج حدود دولة “إسرائيل” مدة 7 سنوات أو أكثر، أو حصل على الإقامة الدائمة والجنسية في دولة أخرى “وفسرت الأجهزة الإسرائيلية هذه المادة بأن أي مقدسي يقيم خارج القدس، في الضفة الغربية أو خارجها، ينطبق عليه هذا التعريف، أي إمكان سحب هويته المقدسية.
وفي عام 1988، أضيف معيار جديد لسحب الهويات، يتمثل في ما سمي “مركز الحياة” الذي يكتنفه الكثير من الغموض في التعريف، حيث يقضي بسحب هوية المقدسي إذا نقل مركز حياته إلى خارج الحدود البلدية للمدينة بما يشمل الضفة والقطاع لمدة سبع سنوات.
وفي التطبيق، سمحت السلطات الإسرائيلية للسكان المقدسيين (وسواهم من المناطق المحتلة)، بالسفر إلى الدول العربية عن طريق الأردن، أو السفر إلى الخارج عن طريق مطار اللد، وذلك على أمل ألا يعودوا إلى موطنهم. وكانت مدة تصريح الخروج عبر الجسور مع الأردن ثلاث سنوات، أما الخروج من مطار اللد، فكان يتم بواسطة وثيقة سفر (ال سي با سيه)، التي تصدرها وزارة الداخلية الإسرائيلية، ومدتها سنة واحدة.
وفي أوائل العام 1996م، قامت سلطات الاحتلال بتبليغ المئات من السكان المقدسيين، أن عليهم ترك مدينة القدس وتسليم هوياتهم؛ بحجة أن تصريح إقامتهم الدائمة قد انتهى،ووجهت هذه الإجراءات على وجه الخصوص للمقدسيين المقيمين خارج حدود بلدية القدس. وطبقته بأثر رجعي، مما عرض الآلاف منهم إلى خطر سحب الإقامة الدائمة، وشطب أسمائهم من سجلات السكان، بحجة أنهم نقلوا مركز حياتهم إلى خارج المدينة أو البلاد. ولوحظ أن حملة مصادرة هويات الإقامة قد تصاعدت في عهد حكومة اليمين الصهيوني (برئاسة نتنياهو)، وأنها استمرت في عهد حكومة ايهود براك الائتلافية.
وحسب إحصائية فلسطينية بلغ عدد المقدسيين الذين صودرت هويات إقامتهم في المدينة خلال السنوات 1996- 1999م، ما مجموعه 2955 حالة مبلغ عنها، وذلك من أصل نحو 6179 حالة صودرت هوياتهم المقدسية منذ العام 1967.
وتعبيراً عن الرفض التام للإجراءات الإسرائيلية، أقامت عشرات العائلات المقدسية، التي سحبت هوياتها، (مخيم الصمود والرباط)، على أرض وقفية في حي الصوانة المقدسي، وذلك بالتنسيق مع الشهيد فيصل الحسيني/ بيت الشرق، والقوى الوطنية والإسلامية، بهدف الضغط على سلطات الاحتلال وحملها على التراجع عن إجراءاتها، والكف عن حرمان العرب من الإقامة في مدينتهم.
وفي الوقت ذاته، كانت إجراءات الاحتلال بمثابة ضربة مرتدة، إذ شهدت مدينة القدس عودة كثيفة من أبنائها إلى الاستقرار في مدينتهم، ونشطت مؤسسات أهلية وغير حكومية في تمكين العائلات من مواجهة الظروف القاسية التي تكتنف الإقامة في المدينة. وقامت الأطر والفعاليات الفلسطينية بتنظيم المسيرات والإعتصامات، وتفعيل أنشطة إعلامية وحقوقية وسياسية واجتماعية لتعزيز صمود أبناء القدس وتثبيتهم في مدينتهم.
فأقلقت هذه الظاهرة السلطات الإسرائيلية، فقامت بتهدئة التوتر باعتماد مناورة جديدة، تقضي بالكف عن سحب هويات المقدسيين (أواخر العام 1999م)، وأخذت تطبق مناورتها هذه بصورة محدودة، وذلك بانتظار فرصة أخرى يتم الإعداد لها، وتكون بمثابة حل جذري يترتب عليه تفريغ القدس من أكبر عدد من مواطنيها الفلسطينيين.
وفي أول فرصة أتيحت للاحتلال الإسرائيلي، وبعد استشهاد المرحوم فيصل الحسيني بفترة وجيزة، قامت هذه السلطات الإسرائيلية وبقرار من أرئيل شارون شخصياً، بإغلاق بيت الشرق وجمعية الدراسات العربية والغرفة التجارية وعدد آخر من المؤسسات الوطنية، الداعمة باتجاه تعزيز صمود المواطن المقدسي في أرضه ومدينته، وذلك في ليلة 9/10/ 2001م.
هذا بالإضافة إلى الهجمات الإسرائيلية من قبل اليمين المتطرف المتكررة، التي تعرض لها بيت الشرق والمؤسسات الوطنية المقدسية المختلفة، من إغلاق وتفتيش وفرض غرامات مالية باهظة، وملاحقات قضائية مختلفة، وغيرها من الانتهاكات المتعددة؛ فقد تعرض بيت الشرق للعديد من هذه الإجراءات والملاحقات المتطرفة وأعمال التحريض، حيث اعتصم وتظاهر المستوطنون المتطرفون لعدة أشهر أمام بيت الشرق عامي 1995 و 1996م، وكان يقودهم آن ذاك كل من أرئيل شارون، وبنيامين نتنياهو، اللذين كانا يشاركان في هذه المظاهرات التي كانت تطالب بإغلاق بيت الشرق والمؤسسات المقدسية الأخرى؛ كونها مؤسسات تدعم المواطن المقدسي وتدافع عنه، في سبيل تثبيته في مدينته وأرضه.
وخلال السنوات اللاحقة، قامت إسرائيل بتصعيد حملات مصادرة إقامة المقدسيين فخلال العام 2007 قامت وزارة الداخلية الإسرائيلية بإسقاط حق الإقامة عن 229 مواطناً مقدسياً، بينما سجل العام 2008 أكبر نسبة لسحب البطاقات الشخصية، وإسقاط حق الإقامة عن أصحابها وصلت إلى 4672 مواطناً، وترجح التقديرات بأن العام 2009، سوف يشهد آلاف عمليات سحب الإقامة من المقدسيين.
خطة إسرائيلية لتصنيف فلسطينيي القدس:
في إطار التوجّهات الإسرائيلية المستقبلية إزاء مسألة المواطنة المقدسية في المدينة، وضع طاقمٌ من المسؤولين والخبراء الإسرائيليين خطة جديدة، من المتوقع تطبيقها لدى إنضاج ظروفها الذاتية، تتضمّن تقسيم الفلسطينيين في (القدس الكبرى) إلى خمس مجموعات، كما يلي:
– المجموعة الأولى: تشمل سكان القدس 1967م، الذين شملهم الإحصاء الإسرائيلي عام 1967م، والذين يقطنون رسمياً داخل حدود بلدية القدس، ويحصلون على تأشيرات إقامة دائمة. وهؤلاء تعترف السلطات الإسرائيلية بإقامتهم، ويمكنهم الحصول على حقوقهم الإدارية والاجتماعية والخدمية…الخ.
– المجموعة الثانية: تشمل سكان القدس الذين كانوا يحملون تأشيرة الإقامة الدائمة، التي ألغتها سلطات الاحتلال بأي ذريعة كانت، ويقيم هؤلاء في تجمعات محيطة بالقدس، وعددهم نحو 700 ألف مواطن. وترى سلطات الاحتلال أن من حق هؤلاء السكان الاحتفاظ ببطاقاتهم (الزرقاء)، لتكون بمثابة تصريح لعبورهم أراضي عام 1948م، لكنهم يحرمون من الحقوق المدنية والاجتماعية والصحية والتعويضات، ولا يملكون حتى المواطنة في القدس.
– المجموعة الثالثة: تتكون ممن جاؤوا للسكن في القدس عن طريق جمع الشمل، وكان هؤلاء يعامَلون كمقيمين أجانب، ثم سمِح لهم بالإقامة الدائمة، وتعتزم السلطات الإسرائيلية حرمانهم من جميع الحقوق المدنية والاجتماعية والصحية.. الخ.
– المجموعة الرابعة: تضم مواطني القدس الذي يقيمون فيها، لكنهم يحملون بطاقات الضفة الغربية (مثل سكان: بيت حنينا القديمة، الشيخ سعد، بيت إكسا، الولجة، بيرعونة)، ممن ليس لهم مدخل أو مخرج بين قراهم والمناطق المجاورة، إلا عبر حدود بلدية القدس الغربية.
وهؤلاء ستكون بطاقاتهم شبه تصاريح خاصة تخولهم الدخول أو الخروج إلى مناطقهم، وإلى حدود غربي القدس فقط، دون منحهم حق المواطنة المدنية والاجتماعية وسواها، وعدم اعتبارهم مواطنين مقدسيين، رغم استمرار فرض الضرائب على ممتلكاتهم وأنشطتهم.
– المجموعة الخامسة: تتألف من سكان القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس، التي شملها حق الاقتراع للمجلس التشريعي الفلسطيني (مثل: العيزرية، أبو ديس، بدّو، حزما، مخماس، الرام، والسواحرة الشرقية)، وهي تجمعات لن يكون لسكانها أي حقوق، ويمكنهم الحصول على تصاريح دخول القدس، مع إرغامهم على دفع الضرائب لأنهم ينتمون إلى المجال “الإسرائيلي”، بينما سيكونون من الناحية الإدارية تابعين للسلطة الفلسطينية.
——————————————–
المصادر:
1. بيت الشرق/ المكتب الإعلامي، 2000م.
2. تقرير صادر عن الدائرة القانونية في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
3. جامعة بيرزيت مركز دراسات وتوثيق المجتمع 1998م.
وسائل تهويد مدينة القدس
منذ أن قامت إسرائيل باحتلال مدينة القدس عام 1967م، وهي تعمل جاهدة للسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان في المدينة وفي الأراضي التابعة لها أحد أهم الوسائل لتحقيق هدف إسرائيل الأساسي تجاه مدينة القدس.
الاستيطان ومصادرة الأراضي:
سعت “إسرائيل” خلال العقود الماضية إلى استكمال مخططها الاستيطاني الهادف للسيطرة الكاملة على مدينة القدس، وعملت على تحقيق ذلك من خلال توسيع ما يسمى بحدود القدس شرقاً وشمالاً، وذلك بضم مستوطنة “معاليه أدوميم” التي يقطنها حوالي 35 ألف مستوطن، كمستوطنة رئيسية من الشرق، إضافة إلى المستوطنات العسكرية الصغيرة مثل “عنتوت، ميشور، أدوميم، كدار، كفعات بنيامين” من الجهة الشرقية، “والنبي يعقوب، كفعات زئييف، والتلة الفرنسية، كفعات حدشا، كفعات هاردار” من الشمال.
إن السياسة التي اتبعتها “إسرائيل” أدت إلى مضاعفة عدد المستوطنين، وفي نفس الوقت قللت نسبة السكان الفلسطينيين الذين يشكلون ثلث سكان القدس أي حوالي 220 ألف نسمة بما فيها الجزء المضموم 380 ألف نسمة، مع العلم أن عدد المستوطنين في مدينة القدس يساوي عدد المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة (180 ألف مستوطن).
عملياً فإن ضم مستوطنة “معاليه أدوميم” إلى حدود البلدية أضاف 35 ألف مستوطن إلى عدد المستوطنين الموجودين في الحزام الإستيطاني حول القدس، وبذلك يصبح أكثر من 200 ألف مستوطن يسكنون داخل حدود البلدية، إضافة إلى المستوطنات الشرقية التي تضاعف العدد إلى 400 ألف يهودي في القدس الغربية.
إن عدد المستوطنات في القدس حسب إحصائيات مركز أبحاث الأراضي 29 مستوطنة، 14 منها في الجزء المضموم من القدس، أي ما يسمى حدود القدس الشرقية، وتنتشر هذه المستوطنات في محافظة القدس على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة.
ويشار أيضا إلى أن حدود البلدية (القدس الغربية) تم بشكل رسمي توسيعها، ولكن عمليا تم الاستيلاء على 72كم مربعا بقرارات مختلفة وبتقييد التمدد العمراني في القدس وتحويل المناطق إلى مستوطنات إسرائيلية، كما حدث مع جبل أبو غنيم “مستوطنة هارحماه”.
الآثار المترتبة على الاستيطان اليهودي في القدس وضواحيها:
لا شك في أن لعملية الإستيطان “الإسرائيلية” في القدس وضواحيها، آثار كبيرة على السكان الفلسطينيين يمكن إجمال هذه الآثار بالنقاط التالية:
-
مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي التابعة للقرى التي أقيمت عليها المستوطنات.
-
تطويق التجمعات السكنية الفلسطينية والحد من توسعها الأفقي والعمودي لاستيعاب التزايد الطبيعي للشعب الفلسطيني.
-
تهديد بعض التجمعات السكانية الفلسطينية بالإزالة، وخاصة تلك التي تعترض تنفيذ المخطط الإسرائيلي الرامي إلى دمج العديد من المستوطنات المحيطة بالقدس.
-
إبقاء فلسطيني مدينة القدس وضواحيها في حالة خوف ورعب معزولين عن شعبهم ووطنهم بشكل دائم، من خلال الاعتداءات المتكررة عليهم من قبل المستوطنين المدججين بالسلاح والمحميين من قبل قوات الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود.
-
عزل مدينة القدس وضواحيها عن محيطها الفلسطيني في الشمال والجنوب والشرق.
-
فصل شمال الضفة عن جنوبها، والتحكم في حركة الفلسطينيين بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.
-
قطع التواصل الجغرافي بين أنحاء الضفة الغربية وتقسيمها إلى بقع متناثرة، وبالتالي الحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومتواصلة جغرافيا.
-
تشويه النمط العمراني الرائع للقدس العتيقة والقرى الفلسطينية المحيطة، الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وذلك بإدخال النمط العمراني الحديث.
القدس ومصادرة الأراضي:
يعتمد الاحتلال الإسرائيلي سياسة مصادرة الأراضي المملوكة للفلسطينيين من أجل توسيع مستوطناته، وبالتالي تضييق الخناق على الوجود العربي في مدينة القدس، وقد تم خلال العقود الماضية مصادرة الآلاف من الدونمات في القدس ومحيطها ومازالت هذه السياسة متبعة من قبل الإحتلال. ففي عام 2004م، جرى الإعلان عن مصادرة 2000دونم من أراضي قرية الولجة جنوبي القدس المحتلة، لإقامة 5000 وحدة استيطانية جديدة عليها، كما كشف النقاب عن مخطط استيطاني خطير يبتلع جميع أراضي بيت إكسا شمال غربي القدس، وقد أخطرت السلطات الإسرائيلية المواطنون الفلسطينيون بمصادرة 14 ألف دونم من أراضي قريتهم لإقامة مستوطنة جديدة عليها. وأن قريتهم من الآن فصاعداً أصبحت تقتصر على ألف دونم، هي المنطقة المصنفة فقط، بينما اعتبرت بقية الممتلكات والأراضي أملاك دولة يحظر على أصحابها الإنتقال إليها والعمل بها لزراعتها وفلاحتها.
وفي ذات السياق فإن الإحتلال قام بسلسلة من الخطوات من أجل السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من أراضي القدس، فمنذ العام1967م، قام قائد المنطقة الوسطى آنذاك رحبعام زئيفي بالتنسيق مع موشي ديان وزير الحرب الإسرائيلي في ذلك الوقت، بضم أراضي 28 قرية ومدينة فلسطينية، وإخراج جميع التجمعات السكانية الفلسطينية من حدود المدينة.
في العام 1993م، بدأت مرحلة أخرى من تهويد القدس، وهي عبارة عن رسم حدود جديدة لمدينة القدس الكبرى، (المتروبوليتان)، وتشمل أراضي تبلغ مساحتها 600كم مربع أو ما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية، هدفها التواصل الإقليمي والجغرافي بين تلك المستوطنات لإحكام السيطرة الكاملة على مدينة.
الكتل الاستيطانية حول القدس:
كتلة غوش عتصيون: تتكون من مستوطنات: ألون شيغوت، كفار عتصيون، مجدال عوزا، نافي دانيال، جبعوت، بات عايس، روش تسوديم، بيتار عيليت.
كتلة معاليه أدوميم: تضم: معاليه أدوميم، علمون، جفعات بنيامين، ميشور أدوميم، ألون، نفي برات، E1.
كتلة موديعين
كتلة الكتل الاستيطانية شمال غرب القدس: جفعات زئيف، جفعوت حدشاه، هارادام، وهارشموئيل.
ونتيجة لوجود هذه الكتل الاستيطانية، إضافة إلى إجراءات أخرى تقوم بها السلطات الإسرائيلية، فإن التجمعات السكانية الفلسطينية في القدس ستتحول إلى مناطق معزولة عن بعضها البعض (غيتوات) مقابل تواصل استيطاني يهودي.
التجمعات الفلسطينية في مدينة القدس:
غيتو شمال شرق القدس ويشمل: مخيم شعفاط، ضاحية السلام، عناتا وحزما، ويقطنة حوالي 40 ألف نسمة.
غيتو شمال القدس: ويشمل ضاحية البريد، وبلدة الرام يقطنه حوالي 60 ألف نسمة.
غيتو شمال غرب القدس: ويشمل 14 قرية يقطنه نحو 60 ألف نسمة.
غيتو جنوب شرق القدس: ويشمل بلدات السواحره، أبو ديس والعيزرية، يقطنه 60 ألف نسمة.
التجمعات الإستيطانية داخل الحدود الموسعة لمدينة القدس:
الحي اليهودي داخل أسوار البلدة القديمة: أقيم على أنقاض حارة الشرف عام 1968م، حيث تم مصادرة (116) دونم من الأراضي، يبلغ عدد المستوطنين في الحي حوالي 28000 مستوطن.
نيفي يعقوب: تقع شمال مدينة القدس يقيم فيها 19300 مستوطن.
راموت: تأسست عام1972م، ويقطن فيها 37.200 مستوطن.
جيلو: أكبر المستوطنات الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة القدس، تأسست عام 1972م على مساحة 2700دونم.
تلبيوت الشرقية: أقيمت عام 1974م، على مساحة 2240 دونم، ويقيم فيها حوالي 15000 مستوطن.
معلوت دفنا: تبلغ مساحتها 1389 دونم، تم إنشائها عام 1973م، ويقيم فيها 4700 مستوطن.
الجامعة العبرية: أقيمت عام 1924م على أراضي قرية العيسوية، وجرى توسيعها على فترات حتى بلغت مساحة مخططها الهيكلي 740 دونم، ويقيم فيها حوالى 25000 نسمة.
ريخس شعفاط “رامات شلومو”: تبلغ مساحة مخططها الهيكلي 1198دونم، وقد تم الشروع في إنشائها عام 1990م.
رامات اشكول وجبعات همفتار: تبلغ مساحتها حوالي 397 دونم، ويقيم فيها 6600 نسمة.
مستعمرتا بسغات زئيف، بسغات عومر: أقيمت هاتان المستعمرتان على مساحة 3800دونم من أراضي قرى بيت حنينا، حزما، عناتا، ويقيم فيها حوالي 35 ألف مستوطن حتى عام19988م.
عطروت “منطقة صناعية”: تبلغ مساحتها حوالي 1200 دونم، حيث صودرت أراضيها عام 1970م.
جبعات هماتوس: تبلغ مساحتها حوالي 170 دونم، تعود ملكية الأرض لسكان قرية بيت صفاقا.
مستعمرة جبل أبو غنيم (هارحماه): تبلغ مساحتها 2058 دونم، صودرت أراضيها من القرى العربية صور باهر، وأم طوبا، بيت ساحور.
التلة الفرنسية: أقيمت على أراضي قريتي “لفتا وشعفاط”، وتبلغ مساحتها 822 دونم، ويقيم فيها حوالي 12000 مستوطن
مشروع ماميلا “قرية داود”: أقيمت على مساحة 130 دونم.
تهجير الفلسطينيين وسحب الهويات منهم:
تعتبر سياسة تهجير الفلسطينيين من مدينة القدس أحد الوسائل المعتمدة لدى دولة الإحتلال الإسرائيلي من أجل خلق واقع جديد يكون فيه اليهود النسبة الغالبة في مدينة القدس، وقد وضعت الحكومات المتعاقبة لدولة الإحتلال مخططات شريرة من أجل ذلك، نتبين ذلك من خلال:
التصريحات التي أعلنها رئيس الوزراء السابق (أرئيل شارون) بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين لإحتلال القدس عام 1967م، والتي واصل فيها أكاذيبة بالإعلان عن أن القدس ملك لإسرائيل وأنها لن تكون بعد اليوم ملكا للأجانب.
ما أعلنه شيمون بيرز بضرورة التهجير الجماعي للفلسطينيين من مدينة القدس، والذين يقدر عددهم بنحو 240 ألف مواطن.
بيان صادر عن مجلس وزراء دولة الإحتلال بعنوان “خطة تنمية القدس” تضم تنفيذ مخطط استيطاني جديد يشمل هدم 68 مسكنا فلسطينيا وتشريد 200 عائلة من سكانها بحي البستان في بلدة سلوان.
كما يشمل تنشيط المنظمات اليهودية المتطرفة لجذب أموال اليهود الأمريكيين من الأثرياء، لشراء ممتلكات في القدس في صفقات مشبوهة.
مشروع قرار مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي يشترط الإعتراف بمدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، مقابل الإعتراف بالدولة الفلسطينية مستقبلا، بهذه الإجراءات تحاول دولة الإحتلال بإستماتة فرض الأمر الواقع على الأرض، وإدخال قضية القدس هذه المرحلة الخطيرة، كما تشكل هذه الإجراءات إنتهاكا صارخا للقرارات والقوانين الشرعية الدولية، حيث ينص قرار مجلس الأمن 242 على أن القدس المحتلة والضفة الغربية والقطاع، ضمن الأراضي العربية المحتلة عام 1967م.
مما يقتضي عودة إسرائيل إلى حدودها، وهو ما شملته أيضا رؤية بوش وخريطة الطريق والمبادرة العربية.
سحب الهويات الإسرائيلية من السكان العرب في القدس:
لقد عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تنفيذ توصية اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون القدس لعام 1973م، برئاسة غولدا مائير، والتي تقضي بأن لا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيون في القدس 22% من المجوع العام للسكان، وذلك لإحداث خلخلة في الميزان الديمغرافي في المدينة، لذلك فقد لجأت سلطات الإحتلال إلى إستخدام الكثير من الأساليب لتنفيذ هذه الوصية والتي كان آخرها سحب الهويات من السكان العرب في القدس، ولكن بالرغم من إقدام السلطات على سحب الهويات من أكثر من خمسة آلاف عائلة مقدسية إلا أن الفلسطينيون يشكلون حوالي 35% من مجموع السكان داخل حدود المدينة، وذلك نتيجة عودة آلاف المقدسيين للسكن داخل حدود القدس.
انحياز موقف الولايات المتحدة لإسرائيل بشأن القدس:
في إطار الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، يحاولون في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، جاهدين فرض سياسة الأمر الواقع على مدينة القدس كعاصمة موحدة لدولة “إسرائيل” ويتبين ذلك من خلال جملة من الخطوات التي تم اتخاذها أهمها:
نجحت لجنة العلاقات العامة الأمريكية/ الإسرائيلية (إيباك)، إحدى جماعات الضغط الإسرائيلية في الولايات المتحدة، في دفع أحد رجال الكونجرس إلى تقديم مسودة مشروع قرار يطالب بالإعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل لا تقبل التقسيم.
يشمل مشروع القانون الذي تقدم به السيناتور بروادنباك في 19/4/ 5200 الآتي:
يجري تداول مشروع في مجلس الشيوخ (الكونجرس)، يدعو للإعتراف بالقدس كعاصمة غير مقسمة لإسرائيل قبل 180 يوما من إعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية.
تشريع للكونجرس الأمريكي حول القدس:
من أجل توفير الاعتراف بالقدس كعاصمة غير مقسمة لإسرائيل قبل اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية ولغايات أخرى، فإن مجلس الشيوخ (الكونجرس) الأمريكي يقرر:
الجزء الأول: هذا التشريع المشترك يمكن تسميته بتشريع القدس.
الجزء الثاني: توصل الكونجرس إلى النتائج التالية:
– لقد كانت القدس عاصمة الشعب اليهودي لأكثر من 3 آلاف عام.
– لم تكن القدس أبدا عاصمة لأي دولة أخرى غير الشعب اليهودي.
– القدس مركزية لليهودية، وقد ذكرت في التوراة أنجيل اليهود– 766 مرة.
– لم تذكر بالاسم في القرآن.
– القدس هي مقر الحكومة الإسرائيلية بما فيها الرئيس والبرلمان والمحكمة العليا.
– ينص قانون الولايات المتحدة الأمريكية على أن سياسة الولايات المتحدة هي أن القدس يجب أن تكون العاصمة غير المقسمة لإسرائيل.
لكل دولة سيادية الحق في تحديد عاصمتها.
– إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي لا تقيم فيها الولايات المتحدة سفارة في المدينة المعلنة كعاصمة، ولا تعترف بالمدينة كعاصمة.
– يجب السماح لمواطني إسرائيل بحرية العبادة طبقا لتقاليدهم.
– تدعم إسرائيل الحرية الدينية لجميع المعتقدات.
– يعبر نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس عن دعم الولايات المتحدة المتواصل لإسرائيل وللقدس غير المقسمة.
الجزء الثالث:
يتم نقل موقع سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس في مدة لا تزيد عن 180 يوما قبل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الجزء الرابع:
الاعتراف بالقدس غير المقسمة عاصمة لإسرائيل: لن تعترف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية حتى قيام المجتمع الدولي بحل وضع القدس، وبالإعتراف بالمدينة على أنها العاصمة غير المقسمة لإسرائيل.
الجزء الخامس:
موقف الكونجرس من حرية العبادة: يتمثل موقف الكونجرس في وجوب السماح لمواطني (إسرائيل) كحق أساسي من حقوق الإنسان المعترف بها من الولايات المتحدة، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر في 29 نوفمبر 1947م، بالعبادة بحرية وطبقا لتقاليدهم.
إصدار القوانين: “قانون التنظيم والتخطيط”:
كان من الأساليب المبتكرة لسلطات الاحتلال من أجل تهويد مدينة القدس إصدار ما يسمى بقانون التنظيم والتخطيط، الذي إنبثق عنه مجموعة من الخطوات الإدارية والقانونية المعقدة والتعجيزية في مجالات الترخيص والبناء، بحيث أدى ذلك إلى تحويل ما يزيد على 40% من مساحة القدس إلى مناطق خضراء يمنع البناء للفلسطينيين عليها، وتستخدم كإحتياط لبناء المستوطنات كما حدث في جبل أبو غنيم، وقد دفعت هذه الإجراءات إلى هجرة سكانية عربية من القدس إلى الأحياء المحيطة بالمدينة، نظرا إلى سهولة البناء والتكاليف.
وفي العام 1993م، بدأت مرحلة أخرى من تهويد القدس، وهي عبارة عن رسم حدود جديدة للمدينة (القدس الكبرى) المتروبوليتان، وتشمل أراضي تبلغ مساحتها 600 كم2، أو ما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية، لتبدأ حلقة جديدة من إقامة مستوطنات خارج حدود المدينة، هدفها الأساسي هو التواصل الإقليمي والجغرافي بين تلك المستوطنات لإحكام السيطرة الكاملة على مدينة القدس.
السيطرة على التعليم:
منذ شهر آب/أغسطس 1967م، أي بعد شهرين من سقوط مدينة القدس اتخذت حكومة الكيان الاسرائيلي عدداً من القرارات المتعلقة بقطاع التعليم في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلة. حيث قررت فيما يتعلق بالقدس الإلغاء النهائي للبرامج التعليمية الأردنية التي كانت مطبقة سابقاً في مدارس المدينة وإبدالها بالبرامج التعليمية المطبقة في المدارس العربية في الاراضي المحتلة سنة 1948م. إلا أن هذا الاجراء التعسفي لم يطبق على باقي مدن الضفة الغربية المحتلة، وإنما تم الإبقاء فيها على البرامج والمناهج والكتب التعليمية الأردنية بعد فرض تعديلات على عدد من الكتب الخاصة بالتربية الإسلامية والتاريخ والجغرافيا وقد كان في ذلك إشارة واضحة على تفرقة سلطات الاحتلال المتعمدة ضد مدينة القدس عن باقي مدن الضفة الغربية.
كما سعت هذه السلطات لفرض البرنامج التعليمي الإسرائيلي بصورة تدريجية، مع تضييق الخناق على المدارس الخاصة (الأهلية) وذلك بإصدارها “قانون الإشراف على المدارس رقم 5729 لعام 1969م، والذي شمل الإشراف الكامل على جميع المدارس بما فيها المدارس الخاصة بالطوائف الدينية إضافة للمدارس الأهلية الخاصة.
كما فرضت على هذه المدارس وعلى الجهاز التعليمي فيها الحصول على تراخيص إسرائيلية تجيز لها الاستمرارية في ممارسة نشاطاتها، وكذلك الإشراف على برامج التعليم ومصادر تمويل هذه المدارس. عامدة في هذا السياق إلى تشوّيه الحقائق التي تضمنتها المناهج المقرة من قبلها، من ذلك الإساءة لديننا الحنيف وللأنبياء والرسل والحضارة العربية الإسلامية، وتزييف الحقائق التاريخية وطمس مادة العقيدة الإسلامية وتشويهها فرأت أن الإسلام هو ” مجرد تربية روحية” وأن تاريخ الإسلام هو تاريخ فتن وكوارث وحاولت إقناع التلاميذ بالأفكار الإسرائيلية. وعملت على تغييب السور المتحدثة عن بني إسرائيل والفساد في الأرض أو السور والآيات التي تحث على القتال والجهاد واستبدالها بتدريس التوراة و”الأساطير اليهودية”.
وفي مادة الأدب العربي تم تغييب دراسة الشعر العربي في الجزء المتحدث عن البطولات العربية وعن فلسطين واعتماد مواد خاصة بما يسمى الأدب الإسرائيلي كقصص وروايات إسرائيلية عن المحرقة وغيرها.
أما في مادة التاريخ فتم تقسيم المنهاج المعتمد بتخصيص نصف المناهج للتاريخ العربي كما يكتبه ويراه المؤرخين الإسرائيليين والنصف الآخر خصص للتاريخ العبري واليهودي.
تهويد أسماء المواقع الفلسطينية:
لقد عملت الحكومة الإسرائيلية منذ أكثر من 120 عاماً (1878م) على طمس أسماء القرى والمدن الفلسطينية و”عبْرَنَتها”، وأصبح ذلك رسمياً في سنة 1922م، حين شكّلت الوكالة اليهودية لجنة أسماء لإطلاقها على المستوطنات الجديدة والقرى القديمة…ومنذ ذلك التاريخ حتى 1948م، تم تغيير أسماء 216 موقعاً. وفي أول ثلاث سنوات للنكبة قررت لجنة حكومية تغيير أسماء 194 موقعاً آخر. وفي السنتين التاليتين (1951-1953م) وبعد أن أُلحقت اللجنة بديوان رئيس الوزراء وانضم إليها 24 من كبار علماء التاريخ والتوراة، تم تغيير 560 اسماً، وما زالت المحاولات سارية حتى اليوم.
وقد تمت “عبرنة” 7000 اسم لمواقع فلسطينية على الأقل، فضلاً عن الأسماء التاريخية والمواقع الجغرافية (أكثر من 5000 موقع) وأكثر من 1000 مستوطنة. واستكمالاً لمشروعها التهويدي فقد بدلت أسماء المناطق العربية بأسماء إسرائيلية مؤكدة ذلك في المناهج التعليمية، لترسيخ هذه الأسماء في أذهان الناشئة العرب. فكان أن حرفت أسماء المدن الفلسطينية الرئيسية من العربية إلى العبرية فأصبحت كما يلي:
نابلس: شخيم وتعني في العبرية النجد.
الخليل: هبرون وتعني الصعبة.
بيت لحم: بيت لخم وتعني بيت الخبز.
القدس: أورشليـم.
وعملت الحكومة الإسرائيلية على تغيير أسماء بوابات القدس التاريخية بقصد تهويدها، وذلك مُوضَّح في الجدول التالي:
الاسم العربي التاريخيّ |
الاسم العبري بعد التهويد |
باب الخليل |
شاغر يافو (يافا). |
باب الحديد |
شاغر هحداش. |
باب العمود (دمشق) |
شاغر شكيم. |
باب الزاهرة (الساهرة) |
شاغر هورودوس. |
باب ستنا مريم |
شاغر هاريون (الأسود). |
باب المغاربة |
شاغر هأشفا (النفايات). |
باب الرحمة |
شاغر هرحميم. |
باب النبي داود |
شاغر تنسيون (صهيون |
مؤشرات إحصائية حول تهويد القدس
تقوم سلطات الاحتلال بهدم المنازل الفلسطينية ووضع العراقيل والمعوقات لإصدار تراخيص البناء للفلسطينيين وحسب مؤسسة المقدسي فمنذ العام 2000 وحتى 2012 تم هدم نحو 1,124 مبنى في القدس الشرقية (ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمته إسرائيل عنوة بعيد احتلالها للضفة الغربية في عام 1967). مما أسفر عن تشريد ما يقارب 4,966 شخصاً منهم 2,586 طفل و1,311 امرأة، ويشار إلى أن إجمالي الخسائر التي تكبدها الفلسطينيون جراء عمليات الهدم لمبانيهم في القدس قد وصلت نحو ثلاثة ملايين دولار وهي لا تشمل مبالغ المخالفات المالية الطائلة التي تفرض على ما يسمى بمخالفات البناء. وتشير بيانات مؤسسات حقوقية اسرائيلية الى أن سلطات الاحتلال قد قامت بهدم نحو 25 ألف مسكن في فلسطين منذ العام 1967.
وتشير البيانات الى تزايد وتيرة عمليات الهدم الذاتي للمنازل منذ العام 2000 حيث أقدمت سلطات الاحتلال على إجبار 303 مواطناً على هدم منازلهم بأيديهم، وشهد العام 2010 أعلى نسبة هدم ذاتي والتي بلغت 70 عملية هدم، وفي العام 2009 بلغت 49 عملية هدم، وفي العام 2011 هناك 20 عملية هدم ذاتي موثقة، فيما سجل 14 عملية هدم ذاتي في العام 2012.
علما بأن هناك العديد من حالات الهدم الذاتي يتكتم عليها السكان ولا يقومون بإبلاغ الإعلام ومؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني عنها حسب مؤسسة المقدسي. في الوقت الذي يشكل الفلسطينيون 30% من السكان في القدس فإنهم يدفعون 40% من قيمة الضرائب التي تجبيها بلدية الاحتلال وبالمقابل فالبلدية لا تنفق على الخدمات التي تقدمها لهم سوى 8%.
نصف المستعمرين يسكنون في محافظة القدس
بلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية العام 2012 في الضفة الغربية 482 موقعاً، أما عدد المستعمرين في الضفة الغربية فقد بلغ 536,932 مستعمراً نهاية العام 2011. ويتضح من البيانات أن 49.8% من المستعمرين يسكنون في محافظة القدس حيث بلغ عـددهم حوالي 267,643 مستعمراً منهم 199,647 مستعمراً في القدس الشرقية، وتشكل نسبة المستعمرين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 21 مستعمر مقابل كل 100 فلسطيني، في حين بلغت أعلاها في محافظة القدس حوالي 68 مستعمر مقابل كل 100 فلسطيني.
جدار الضم والتوسع يحرم أكثر من 50 ألف من حملة الهوية المقدسية من الإقامة بمدينة القدس:
من المتوقع أن يصل طول جدار الضم والتوسع بناء على بيانات معهد أريج للأبحاث التطبيقية نحو 780 كم، اكتمل منه 61%، وتشير التقديرات حسب مسار الجدار إلى أن مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار والخط الأخضر بلغت حوالي 680 كم2 في العام 2012 أي ما نسبته حوالي 12.0% من مساحة الضفة الغربية، منها حوالي 454 كم2 أراضٍ زراعية ومراعي ومناطق مفتوحة، و117 كم2 مستغلة كمستعمرات وقواعد عسكرية و89 كم2 غابات، بالإضافة إلى 20 كم2 أراضٍ مبنية فلسطينية.
ويعزل الجدار نهائيا حوالي 37 تجمعاً يسكنها ما يزيد على ثلاثمائة ألف نسمة، تتركز أغلب التجمعات في القدس بواقع 24 تجمعا يسكنها ما يزيد على ربع مليون نسمة، كما حرم الجدار أكثر من 50 ألف من حملة هوية القدس من الوصول والإقامة بالقدس، بالإضافة الى ذلك يحاصر الجدار 173 تجمع سكاني يقطنها ما يزيد على 850 الف نسمة وتعتبر مدينة قلقيلية أحد الأمثلة الشاهدة على ذلك.
المصادر:
• محمد باشا، القدس الشريف وخطة التهويد الشريرة.
• السفير محمد بسيوني، القدس بين فرض الأمر الواقع والتهويد.
• القدس، حصاد أربع سنوات من الانتفاضة – الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
• علي بدوان “الخارطة الاستيطانية في القدس والضفة الغربية”.
• د. أحمد رأفت غضية، الإجراءات الإسرائيلية لتهويد القدس وحسم مصيرها، مجلة دراسات باحث، السنة الثالثة، ربيع 2005م.
• أوس داوود يعقوب، دراسة بعنوان تهويد قطاع التعليم في مقدمة المخططات الصهيونية لتهويد القدس الشريف.
• وكالة وفا، حديث مع الباحث هايل صندوقة.
• وديع عواودة، الصهيونية غيرت 90 بالمئة من أسماء المواقع في فلسطين، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، 2005.
• جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني 30/3/3013
مؤسسات فلسطينية أغلقها الاحتلال الإسرائيلي في القدس منذ عام 1967
لم تنج أي مؤسسة من المؤسسات الفلسطينية في مدينة القدس، على اختلاف أنواعها وتسمياتها، من الاقتحام، أو الإغلاق، أو المصادرة، لمحتوياتها، أو المنع من مزاولة العديد من نشاطاتها، أو اعتقال القائمين عليها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ فمنذ عام 1967م، أغلقت سلطات الاحتلال في إطار سياستها الساعية إلى تهويد مدينة القدس والتضييق على سكانها، أكثر من مئة مؤسسة فلسطينية؛ استنادًا إلى قانون الطوارئ الذي سنته سلطات الانتداب البريطاني عام 1945م من جهة، والأوامر العسكرية الإسرائيلية من جهة أخرى؛ فيما أجبرت عشرات المؤسسات على نقل مكاتبها ونشاطاتها إلى مناطق أخرى من الضفة الغربية.
قرارات الإغلاق طالت بعض المؤسسات أكثر من مرة؛ وتراوحت الفترات الزمنية لإغلاقها من ساعات إلى أيام أو أشهر أو سنوات، وفي أغلب الأحيان تجدد على التوالي، أو إغلاقها بشكل نهائي، ومن المؤسسات التي تعرضت للإغلاق؛ منذ عام 1967م وحتى 2017م:
اسم المؤسسة |
تاريخ الإغلاق |
عنوان المؤسسة |
بلدية القدس )أمانة العاصمة ( |
29/6/1967م |
القدس/ البلدة القديمة |
المحاكم العربية ( جميع المحاكم) |
1967م |
القدس |
المصارف والمؤسسات المالية |
1967م |
القدس |
بريد القدس (أصبح مركز للشرطة الإسرائيلية) |
1967م |
القدس/ شارع صلاح الدين |
المستشفى الحكومي |
1967م |
القدس/ حي الشيخ جراح |
مستشفى سبافورد للأطفال |
1970م |
القدس |
مكاتب مديرية الصِّحة العامة |
1973م |
القدس/ حي باب الساهرة |
دائرة الشؤون الاجتماعية |
16/5/1973م |
القدس |
مركز مكافحة السِّل |
1979م |
القدس |
صحيفة البشير |
1980م |
القدس |
مكتب القدس للترجمة والخدمات الصحفية (مجلة العودة) |
13/9/1982م |
القدس |
مجلة الشراع |
1983م |
القدس |
مكتب المنار للصحافة والإعلام والنشر |
9/9/1985م |
القدس |
مستشفى الهوسبيس |
10/5/1985م |
القدس/ البلدة القديمة / طريق الآلام |
بنك الدم |
1985م |
القدس |
صحيفة الميثاق |
1986 |
شارع أبو عبيدة الجراح |
مجلة العهد |
1986م |
شارع أبو عبيدة الجراح |
الدرب |
1986م |
القدس |
31 مدرسة إعدادية وثانوية خاصة |
1988م |
القدس |
جمعية الدراسات العربية |
31/7/1988م |
القدس |
مجمع النقابات المهنيين |
25/8/1988م |
القدس / بيت حنينا |
اتحاد الجمعيات الخيرية |
28/8/1988م |
القدس/ واد الجوز/ شارع اليعقوبي |
مجلة العودة – عربي انجليزي |
30/9/1988م |
القدس |
إدارة جامعة القدس |
10/5/2002م |
القدس/ شارع نور الدين |
مجلس الإسكان الفلسطيني |
10/7/1995م |
القدس/ الشيخ جراح |
دائرة الإحصاء الفلسطيني |
10/7/1995م |
القدس |
المركز الجغرافي الفلسطيني |
25/8/1995م |
القدس |
المؤسسة الفلسطينية للتدريب المهني |
25/8/1995م |
القدس |
دائرة الشباب والرياضة |
25/8/1995م |
القدس |
مركز الصحة الفلسطيني |
28/8/1995م |
القدس |
دائرة تنمية الشباب |
1997م |
القدس |
رابطة أندية القدس |
1997م |
القدس |
مكتب جامعة القدس |
2001م |
القدس/ شارع نور الدين |
بيت الشرق
|
10/8/2001م |
القدس/ شارع أبو عبيدة الجراح |
دائرة الخرائط ونظم المعلومات/ جمعية الدراسات العربية |
10/8/2001م |
القدس |
مركز أبحاث الأراضي/ جمعية الدراسات العربية |
10/8/2001م |
القدس |
مكتب المؤسسات الوطنية |
10/8/2001م |
القدس/ شارع نور الدين |
الغرفة التجارية الصناعية العربية |
10/8/2001م |
القدس/ شارع نور الدين |
نادي الأسير الفلسطيني |
10/8/2001م |
القدس/ شارع أبو عبيدة الجراح |
مركز القدس للتخطيط/ جمعية الدراسات العربية |
10/8/2001م |
القدس/ شارع المسعودية |
دائرة الأسرى والمعتقلين |
10/8/2001م |
القدس/ شارع المسعودية |
دائرة الخدمات الاجتماعية |
10/8/2001م |
القدس/ شارع المسعودية |
جمعية الدراسات العربية |
10/8/2001م |
القدس/ شارع أبو عبيدة الجراح |
مركز تطوير المشاريع الصغيرة |
8/2/2002م |
القدس/ واد الجوز |
المجلس الأعلى للسياحة |
8/2/2002م |
القدس/ واد الجوز |
مركز أبحاث الأراضي |
8/2/2002م |
القدس/ شارع أبو عبيدة الجراح |
اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية الفلسطينية. |
5/6/2002م |
القدس/ باب الساهرة/ شارع الرشيد |
جمعية الرعاية للمرأة العربية |
5/4/2004م |
القدس/ شارع الأصفهاني |
نادي الخريجين العرب |
4/4/2004م |
القدس/ الشيخ جراح |
جمعية أصدقاء الإمارات |
2004م |
القدس/ العيزرية |
جمعية الرفادة لرعاية شؤون المسجد الأقصى |
15/1/2006م |
القدس/ شارع ابن بطوطة |
لجنة زكاة العيزرية |
31/5/2006م |
القدس/ العيزرية |
مركز الدراسات القطاعية |
7/7/2006م |
القدس/ بيت حنينا |
مركز الإخاء الإسلامي المسيحي |
2006م |
القدس/ المصرارة |
جمعية المنتدى الثقافي |
15/4/2007م |
القدس/ صور باهر/ الشارع الرئيسي |
لجنة زكاة الرام |
4/2/2008م |
القدس/ الرام |
مركز صامد للتثقيف المجتمعي |
1/5/2008م |
القدس/ البلدة القديمة/ شارع الواد |
جمعية المنتدى الثقافي |
5/2/2008م |
القدس/ صور باهر/ الشارع الرئيسي |
مجلس الإسكان الفلسطيني |
3/7/2008م |
القدس/ الشيخ جراح |
ومؤسسة “اقرأ” لرعاية الكتاب والسنة |
16/12/2008م |
القدس/ شارع ابن بطوطة |
لجنة زكاة صور باهر |
18/1/2009م |
القدس/ صور باهر/ الشارع الرئيسي |
مركز زيد بن ثابت |
2/2/2009م |
القدس/ صور باهر |
مركز نضال للعمل المجتمعي |
9/7/2009م |
القدس/ البلدة القديمة/ شارع الحسبة |
مسرح الحكواتي للتراث والفنون |
26/4/2011م |
القدس/ شارع أبو عبيدة |
لجنة التراث المقدسية |
22/5/2011م |
القدس / وادي الجوز |
مقر مدرسة أحمد سامح الخالدي |
4/9/2011م |
القدس/ حي الثوري |
جمعية شعاع النسوية |
25/10/2011م |
القدس/ حي شعفاط |
مؤسسة القدس للتنمية |
25/10/2011م |
القدس/ بيت حنينا |
مؤسسة ساعد |
25/10/2011م |
القدس/ كفر عقب |
عمل بلا حدود |
25/10/2011م |
القدس/ كفر عقب |
جمعية سلوان الخيرية |
24/ 1 1/2012م |
القدس/ حي رأس العامود |
مؤسسة القدس للتنمية |
7/11/2013م |
القدس/ بيت حنينا |
مكتب مؤسسة عمارة الأقصى والمقدسات |
7/11/2013م |
القدس/ شارع صلاح الدين |
نادي جبل الزيتون |
6/2/2014م |
القدس/ الطور |
مركز يبوس الثقافي |
27/3/20014م |
القدس/ شارع الزهراء |
مؤسسة “النماء” للخدمات النسوية |
19/6/2014 |
القدس/ بيت صفافا |
جميعة الزكاة والصدقات |
19/6/2014 |
القدس/ صور باهر |
مؤسسة القدس للتنمية |
25/6/2014 |
القدس/ شارع صلاح الدين |
مركز لجان العمل الصحي |
6/5/2015 |
القدس/شعفاط |
مبنى تابع للأوقاف الاسلامية |
12/4/2016 |
القدس/ وادي الجوز |
مؤسسة ساعد للاستشارات التربوية |
8/8/2016 |
القدس |
مطبعة الريان |
20/10/2016 |
القدس/الرام |
نادي القدس |
26/11/2016 |
القدس / شارع الرشيد |
مدرسة النخبة الابتدائية للبنين |
26/2/2017 |
القدس/ صور باهر |
مكتب دائرة الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية |
14/3/2017 |
القدس/بيت حنينا |
وقد أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي هذه المؤسسات، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والقرارات الدولية، ومتحللة من الاتفاقيات التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومتجاهلة رسالة الضمانات التي بعث بها شمعون بيرس إلى وزير الخارجية النرويجي الراحل (هولست)، والتي تعهدت بموجبها إسرائيل بعدم المساس بمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في القدس، وبتمكينها من تقديم خدماتها للمواطنين المقدسيين.
هدم المباني في مدينة القدس منذ عام 1967 حتى 2015
السنة |
عدد المباني |
عدد المشردين |
1967 |
138 |
660 |
1968 |
1 |
8 |
1969 |
8 |
51 |
1970 |
1 |
0 |
1971 |
1 |
9 |
1972 |
2 |
10 |
1973 |
1 |
12 |
1974 |
6 |
20 |
1975 |
0 |
0 |
1976 |
4 |
7 |
1977 |
1 |
6 |
1978 |
2 |
11 |
1979 |
3 |
18 |
1980 |
4 |
26 |
1981 |
2 |
0 |
1982 |
4 |
10 |
1983 |
5 |
36 |
1984 |
8 |
23 |
1985 |
6 |
25 |
1986 |
1 |
4 |
1987 |
4 |
18 |
1988 |
28 |
150 |
1989 |
12 |
58 |
1990 |
36 |
187 |
1991 |
18 |
105 |
1992 |
26 |
96 |
1993 |
14 |
64 |
1994 |
20 |
87 |
1995 |
26 |
175 |
1996 |
27 |
134 |
1997 |
41 |
342 |
1998 |
36 |
243 |
1999 |
28 |
252 |
2000 |
37 |
211 |
2001 |
81 |
567 |
2002 |
50 |
281 |
2003 |
83 |
429 |
2004 |
176 |
786 |
2005 |
111 |
567 |
2006 |
84 |
264 |
2007 |
79 |
378 |
2008 |
96 |
396 |
2009 |
112 |
555 |
2010 |
72 |
130 |
2011 |
46 |
144 |
2012 |
61 |
101 |
2013 |
106 |
453 |
2014 |
112 |
341 |
2015/3 |
20 |
14 |
سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى
يمثل وجود المسجد الأقصى قبلة للمسلمين في كل أنحاء العالم، لما يتمتع به من قدسية تعلي شأن فلسطين عامة ومدينة القدس خاصة في نفوس المسلمين، لهذا أدركت إسرائيل خطورة المسجد الأقصى وأهمية السيطرة عليه وتدميره، متناسية أن القدسية للمكان، وليست للمبنى فقط؛ فقد اعتبر قائد شرطة الاحتلال الإسرائيلي (راف دانينو) المسجد الأقصى “قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت”؛ وذلك في معرض تحذيره أعضاء الكنيست الذين يحاولون جذب الناخبين من خلال استخدام المسجد الأقصى كنوع من الدعاية لحملاتهم الانتخابية للكنيست لعام 2015، بإعلان نيتهم تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى؛ واعتبر أنهم بذلك “يشعلون النار في إسرائيل”، مؤكداً أنهم بهذا “يستفزون مشاعر المسلمين الذين يتخطى تعدداهم المليار مسلم في العالم”.
وقد ابتدعت الحركة الصهيونية والاحتلال عدة أساليب وطرق من أجل تحقيق طموحاتهم بتقسيم المسجد الأقصى، كخطوة على طريق التخلص منه، فزعموا وجود معبد يهودي أسفل منه (الهيكل المزعوم)؛ واستعانوا بفتاوى حاخامية ونصوصًا دينية صممت خصّيصًا لربط يهود العالم بأرض ليس لتاريخهم الحقيقي صلة بها.
وقد اتخذت دولة الاحتلال عدة إجراءات على مدى العقود الماضية التي أعقبت ضم شرقي القدس إلى كيانها عام 1967؛ فشرعت بإصدار سلسلة من القوانين والأنظمة التي طالت كل جوانب المدينة الإسلامية المقدسة ببشرها وحجرها وشجرها ومقابرها ومساجدها ومعالمها، لتغيير الملامح الإسلامية والفلسطينية التي تشكل دلائل دامغة على التاريخ الحقيقي لهذه المدينة؛ سعيًا منها لتهويد المكان وتزوير الحقائق رغم عدم العثور على ما يربط اليهود بها إلا في أدمغة قادة الاحتلال ومتطرفيه وأجياله الحديثة التي ولدت بعد الاحتلال وعايشت ادعاءاته، فسيطر على عقولها التزوير والحلم السادي الذي نسجه غلاة الصهاينة بدهاء محكم.
ومنذ تاريخ وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال الصهيوني في حزيران 1967م، واصل المحتل غيه وسعيه المحموم والحثيث لمحو الخارطة الحضارية والدينية لمدينة القدس عامة والمسجد الأقصى خاصة، في تحد لا يعبأ بمشاعر أبناء الديانتين الإسلامية والمسيحية، ولا يحترم القرارات الدولية التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة، فعبث بمحيط المسجد وباطن أرضه، ونكل بقاصديه والمدافعين عنه، واقتحم ساحاته ودنسها بإقامة حفلات الرقص والمجون؛ ومنع الوصول إليه والصلاة فيه؛ وصار مقصدًا لمن أراد من قادة الاحتلال أن يشحن الأجواء لارتكاب المجازر، كما فعل أرئيل شارون في 28 سبتمبر/أيلول 2000، ما أشعل فتيل الانتفاضة الشعبية التي حملت اسمه.
ومنذ احتلال القدس، والاحتلال يصعد اعتداءاته على المسجد الأقصى المبارك ويحيك الأساليب الحاقدة للتخلص منه. ولم تترك هذه الأساليب حيلة إلا واتبعتها؛ واتخذت أبعادًا رسمية وغير رسمية؛ ففي يوم الخميس21 أغسطس 1969م الموافق 8 جمادى الآخرة 1389ه أقدم رجل أسترالي صهيوني “دينيس مايكل”، وبدعم من العصابات اليهودية المغتصبة، على إحراق المسجد الأقصى؛ فالتهمت النيران جزءًا كبيرًا منه وأتت على منبر نور الدين زنكي. وقد أدان العالم أجمع هذا الحادث الإجرامي، وتأسست على إثره “منظمة المؤتمر الإسلامي” عام 1971.
ولم تكن هذه الجريمة حدثًا عابرًا، بل كانت خطوة على طريق مخادع ممنهج اتخذته سلطات الاحتلال بحق مدينة القدس والمسجد الأقصى؛ فقد شرعت بالحفر سرًا في محيط المسجد الأقصى المبارك؛ ما أدى إلى تخريب العديد من الآثار والأوقاف العربية والإسلامية المحيطة به، ودمرت الطبقات الأرضية التاريخية في المكان؛ فحاصرته بنحو 100 كنيس ومنشأة تهويدية، أقيم بعضها تحت الأرض، لإيهام العالم بصحة الرواية الصهيونية المختلقة. وقد تجاوزت هذه الحفريات أسوار المسجد المبارك، ووصلت إلى سبيل الكأس في ساحاته الجنوبية وأدت إلى حدوث تشققات في السور؛ وسبيل قايتباي في ساحاته الغربية، وأدت إلى هدم جزء كبير التلة الأثرية، واكتشفت غرف تقود إلى داخل المسجد المبارك؛ كما أدت إلى تساقط بعض الأشجار في ساحات المسجد الغربية، ووقوع انهيارات في هذه الساحات، وتصدع منازل المقدسيين المقامة فوقه.
وفرض الاحتلال سياسة منع بمقتضاها أعمال الصيانة الدورية لمباني المسجد المبارك، وتركيب البلاط وأعمدة الإنارة وتجديد شبكة الكهرباء. كما منع تعمير مبانيه وترميمها؛ بعد أن تنبه لنجاح فلسطينيي القدس والداخل الفلسطيني في ترميم أجزاء من التسويات الأرضية الواقعة تحت سطحه، وتحويلها إلى مصليات؛ كإصلاح المصلى المرواني ومصلى الأقصى القديم.
أما الاعتداءات الصهيونية على المصلين، فقد كان أبرزها مذبحة الأقصى الأولى التي حدثت في تمام الساعة 10:30 من صبيحة يوم الاثنين الموافق 10 أكتوبر من عام 1990، قبيل صلاة الظهر؛ إثر قيام متطرفو ما يسمى بـ”جماعة أمناء جبل الهيكل” بوضع حجر الأساس لما يسمى للهيكل الثالث في ساحة المسجد الأقصى؛ ما استثار أهل القدس الذين هبوا لمنع ذلك؛ فتدخل على الفور جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في ساحات المسجد، وأمطروا المصلين بالرصاص دون تمييز؛ ما أدى إلى استشهاد 21 مصلٍ، وإصابة 150 بجروح، واعتقال 270 شخصاً.
تواصلت اقتحامات سلطات الاحتلال والمستوطنين للمسجد الأقصى ومنع المصلين من الوصول اليه، بهدف فرض سيطرة الاحتلال على ما فوق سطح المسجد، فبعد استيلاء سلطات الاحتلال على مفاتيح باب المغاربة، دأبوا على إدخال المستوطنين وغير المسلمين منه إلى ساحات المسجد الأقصى الداخلية، دون إذن دائرة الأوقاف الإسلامية. وقد استمرت هذه الاقتحامات في تصاعد مستمر منذ الاقتحام الذي نفذه أرئيل شارون في 28 سبتمبر 2000م، والذي أدى إلى اندلاع الانتفاضة الثانية.
وتهدف هذه الاقتحامات إلى فرض وجود يهودي في ساحات المسجد الأقصى، تمهيدًا لفصلها عن باقي المسجد المبارك؛ لتقسيمه زمانيًا ومكانيًاعلى غرار ما حدث في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
واستكمالا لمسلسل تهويد مدينة القدس والمسجد الأقصى؛ لم تكتف سلطات الاحتلال بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م بمنع سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من دخول المدينة لأداء طقوسهم الدينية ؛ الا في أوقات ومناسبات نادرة، ووفق شروط وقيود محددة خاصة؛ بل سارعت وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 إلى نصب المزيد من الحواجز في محيط المدينة المقدسة؛ ثم بناء جدار الفصل العنصري عام 2003م؛ لتبعدهم بذلك عن أبرز مقدساتهم تحت حجج وذرائع أمنية واهية؛ مع الاستمرار في خلق زخم داعم لفرض دخول اليهود وغلاة المستوطنين للصلاة في ما يسميه الاحتلال بـ”جبل المعبد”.
ووفق خطة متدحرجة لم تكتف سلطات الاحتلال بإبعاد الفلسطينيين من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة عن المسجد الاقصى؛ بل سارعت إلى منع سكان مدينة القدس وفلسطينيو عام 1948، وقيدت وصولهم للمسجد بشروط وأوقات معينة، كمنع وصول المصلين الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا من الذكور من دخول المسجد لأداء الصلاة فيه؛ لتتسع بذلك دائرة المبعدين عن المسجد الأقصى والممنوعين من الوصل إليه.
وتماشيًا مع أوهام الاحتلال التي تدعمها القوة؛ بدأت سلطات الاحتلال بفرض أوامر إبعاد عن المسجد الأقصى يتم تجديدها أحيانًا، لفترات متفاوتة، بحق بعض الشخصيات الوطنية والدينية، ومنهم الشيخ عكرمة صبري، والشيخ رائد صلاح؛ بالإضافة إلى إبعاد العديد من المواطنين معظمهم من الأطفال والنساء من طلبة مصاطب العلم والمرابطين داخل المسجد الأقصى؛ على خلفية تصديهم للسياسات الاحتلالية، ولمجرد قيامهم بالتكبير أثناء الاقتحامات؛ ودأبت سلطات الاحتلال على إصدار أحكام بحبس العديد من المصلين، وإبعادهم عن المسجد الأقصى، وفرض الغرامات الباهظة عليهم.
وقد صعّدت سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الأعوام 2013 و 2014 من سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى، بتقاسم الأدوار بين ذراعها المتقدم “الشرطة”، والجماعات اليهودية المتطرفة المنضوية في إطار “منظمات الهيكل” المزعوم؛ وبات اتباع سياسة الإبعاد بحق العاملين في الأقصى، وروّاد المسجد سياسة ثابتة تأخذ منحىً تصاعدياً؛ لمعاقبة المرابطين والمرابطات، دون تفريق بين رجل وامرأة؛ وبين كهلٍ طاعن بالسن وشبلٍ قاصر صغير، وبين عاملٍ وحارسٍ ومسؤول.
وفي رمضان عام 2014 بدأت شرطة الاحتلال بفرض قانون “إبعاد جماعي صباحي للنساء” عن المسجد الأقصى، وذلك خلال الساعات التي يتم فيها تنفيذ الاقتحامات للمسجد الأقصى، بحيث بات ما يقارب 500 طالبة من طالبات مصاطب العلم يمنعن يومياً من الدخول إلى المسجد الأقصى.
وقد اتبعت سلطات الاحتلال سياسة إبعاد متدرجة عن المسجد الاقصى، بدأت بإبعاد المرابطات جماعيًا. وحين فشلت بذلك، بدأت بالإبعاد الفردي عن الأقصى أولًا؛ ثم عن محيطه؛ ثم عن البلدة القديمة ذاتها.
وتهدف إسرائيل من هذه الإبعادات الممنهجة إلى إفراغ الأقصى؛ لتهيئة الأجواء للمتطرفين باقتحامه متى أرادوا؛ لتكون لهم فرصة لأداء صلواتهم التلمودية بحراسة من الشرطة الإسرائيلية دون أي مضايقة أو وجود إسلامي فيها.
وتسعى سلطات الاحتلال الى اقتطاع أوقاتٍ زمنية لصالح المستوطنين في الأقصى تمتد من الساعة السابعة والنصف صباحاً، وحتى الـ 11:30 وهو ما يُطلق عليه تسمية “التقسيم الزماني”، والذي يهدف لتفريغ المسجد من المسلمين، لإتاحة الوقت الكافي والراحة للمستوطنين اليهود باقتحام الأقصى، وكأنه خالٍ من المصلين والمسلمين، وذلك لضمان عم الاعتراض على الاقتحامات والاحتجاجات عليها.
وتزداد قرارات سلطات الاحتلال بالإبعاد في فترة الأعياد اليهودية؛ والتي أصبحت موسمًا لإغلاق معظم أبواب المسجد الأقصى المبارك، أو في أعقاب حدوث مواجهات تسميها سلطات الاحتلال “إخلال بالأمن العام”؛ حيث تتراوح فترة الإبعاد من أسبوعين وحتى عدة أشهر. وتشير إحصاءات “مركز معلومات وادي حلوة” في سلوان إلى أن سلطات الاحتلال أبعدت خلال عام 2014 عن المسجد الأقصى 300 فلسطينياً، مع ملاحقة موظفو المسجد الأقصى من الخطباء والحراس، بالإضافة إلى إعتقال طلبة مصاطب العلم بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ وفرض الغرامات المالية عليهم.
وحسب مركز معلومات وادي حلوة: بلغ عدد المبعدين عن المسجد الأقصى خلال شهر شباط 2015 الذين ما زالت قرارات ابعادهم حيز التنفيذ 24 مبعداً ومبعدة، ولفترات تراوحت بين (20 -60 يومًا)، بينهم (23) سيدة وطالبة من طالبات مدارس الأقصى الشرعية.
يذكر أن سلطات الاحتلال تحاول إصدار قانون يحظر ‘الرباط’ في المسجد الأقصى المبارك، ويعتبره خروجًا على القانون!.
أن المتابع للسياسة الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى والمصلين يدرك تماماً أن حقيقة ما ترمي إليه سلطات الاحتلال من الاستهداف الدائم للمسجد الأقصى والمتعبدين هو إحكام السيطرة عليه، وتجريده من طابعه الإسلامي المحض زمانيًا ومكانيًا؛ ويدرك تماماً أن المسجد الأقصى في خطر داهم.
حواجز الاحتلال الإسرائيلي التي تطوق وتعزل مدينة القدس المحتلة
اسم الحاجز |
الموقع |
حاجز قلنديا |
شمال القدس- طريق رام الله القدس |
حاجز حزما |
شمال شرق القدس |
حاجز شعفاط |
شمال شرق القدس – مخيم شعفاط |
حاجز الزعًيم |
شرق الطور |
الزيتونة “العيزرية” |
شرقي القدس – جبل الزيتون |
حاجز السواحرة |
السواحرة الشرقية |
حاجز الشيخ سعد |
الشيخ سعد |
حاجز النعمان |
خلة النعمان – بيت ساحور |
حاجز بيت لحم |
جنوب القدس ويفصلها عن بيت لحم |
حاجز جيلو |
بيت جالا |
حاجز الولجة |
قرية الولجة |
حاجز عوفر |
بيتونيا |
دراسات وتقارير
أبرز اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس خلال 2016
مواجهة الرواية اليهودية حول بناء الهيكل المزعوم
الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات المسيحية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1997 وحتى 2012
المسجد الأقصى “قديما وحديثا” بحث مقدم من الشيخ محمد أحمد حسين
دور الوقف الذري في مقاومة تهويد مدينة القدس
الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين
البؤر الاستيطانية والكنس في القدس 2012
تدنيس وتدمير الأماكن المسيحية المقدسة بين 1967، 2012
مستقبل مدينة القدس في ظل السياسات والإجراءات الإسرائيلية (pdf)
التعليم في القدس، وحدة شؤون القدس في وزارة الإعلام، 17/10/2010
القدس 2010 “مشروع التهويد في ذروته”، مؤسسة القدس الدولية، 16/3/2010 ، (pdf)
الهجمة الإسرائيلية على القدس منذ مؤتمر أنابولس، وحدة دعم المفاوضات لشؤون القدس، 15/3/2009
مؤتمر يوم القدس العاشر، جامعة النجاح الوطنية، 2009
مؤتمر يوم القدس التاسع، جامعة النجاح الوطنية، 2007
مؤتمر يوم القدس الثامن، جامعة النجاح الوطنية، 2006
حائط البراق وليس حائط المبكى، د. عادل غنيم
الاستيطان الجغرافي والديمغرافي وأخطاره في قضية القدس، مجلة رؤية، 2001
السياسات الإسرائيلية تجاه القدس، مجلة رؤية، 2001
واقع التعليم في مدينة القدس، الهيئة العامة للاستعلامات، 2000
تأثير النشاط الاستيطاني على القطاع السياحي في مدينة القدس، د. عبد القادر حماد
الاستيطان اليهودي في القدس إبان الانتداب البريطاني، د. وليد المدلل
المقدسيون وانشطار الهوية من وحي فرانز فانون، اليز اغارزيان، مجلة الدراسات الفلسطينية، 2010
التهجير الصامت الغاء الاقامة الفلسطينية من القدس، هنادي الزغير، الملتقى الفكري العربي، 2007
هدم المنازل في القدس ما بين 1997-2007، هنادي الزغير، الملتقى الفكري العربي، 2007
تاريخ بيت المقدس 3000 قبل الميلاد الى 1099، عواد مجيد الاعظمي، الارشيف الوطني، 2003
مسح المؤسسات الشبابية في القدس، سليمان قوس، مفتاح، 2010
استشراق الواقع الثقافي والحضاري في مدينة القدس2009،خليل عودة،، جامعة النجاح، 2009
دليل المؤسسات الاهلية في القدس 2007، الملتقى الفكري العربي، 2005
الاوضاع الاقتصادية في مدينة القدس عام 1997
مخطوطات فلسطين واقع وطموح /بيت المقدس، فؤاد صالح عبيد، الارشيف الوطني، 2000
لقاء عند بوابة مندلبوم، احمد فوزي عبد الجبار، الارشيف الوطني، 2003
تهويد القدس واغلاق مؤسسة الاقصى، فيوليت داغر، 2009
تهويد القدس واغلاق مؤسسة الاقصى، فيوليت داغر، اللجنة العربية لحقوق الانسان،2009
تم بحمد الله
Published: Apr 27, 2017
Latest Revision: Dec 7, 2018
Ourboox Unique Identifier: OB-298577
Copyright © 2017