العاصفه
المؤلف:كامل كيلاني
من قصص شكسبير
دار المعارف للنشر
الطبعه السادسه عشر
شخصيات القصه
بروسبرو: بطل المسرحية. دوق ميلانو إلى أن تآمر أخوه عليه وانتزع الحكم منه. أمضى 12 سنة على الجزيرة.
ألونسو: ملك نابولى.
فرديناند: ابن ملك نابولى. وقع في غرام ميراندا عندما رآها أول مرة.
آريل: جني طيب، خادم بروسبيرو الوفي.
كاليبان: مسخ دميم الخلقة.
3
بروسبيرو، دوق ميلانو، رجل مثقف يعيش بين كتبه، ويترك إدارة شئون مملكته إلى أخيه، أنطونيو الذي يثق في إخلاصه. لكن أنطونيو أراد أن يصبح هو نفسه الدوق. لذلك تآمر لكي يقتل أخاه بروسبيرو، بمساعدة ألونسو، ملك نابولي وعدو أخيه.
أخذ رجال أنطونيو بروسبيرو إلى عرض البحر. عندما ابتعدوا عن الشاطئ بعدا كافيا، وضعوه في قارب صغير بدون مجداف أو شراع. ووضعوا معه في القارب ابنته الصغيرة ميراندا التي لم يتجاوز عمرها الثلاث سنوات.
تركوهما في القارب وسط الأمواج المتلاطمة، لكي يواجها مصيرهما المحتوم. بذلك يكون أنطونيو قد حصل على ما يريد، وباتت مملكة ميلانو من حظه ونصيبه.
لكن أحد رجال البلاط المخلصين، اللورد جونزالو، كانا وفيا حقا لسيده بروسبيرو. وضع جونزالو، خفية، في القارب: ماء شرب، ملابس، مؤن، وأيضا ما يحتاجه بروسبيرو من كتب ومخطوطات لا يقدر ثمنها بمال.
بعد مكابدة الأمواج المتلاطمة والأعاصير الشديدة والأمطار الغزيرة لعدة أيام، رسا القارب على جزير نائية مهجورة في عرض البحر المالح. نزل منه بروسبيرو وابنته سالمين وتركا القارب مربوطا على الشاطئ.
هذه الجزيرة المهجورة، ليست ككل الجزر. إنها جزيرة مسحورة. لسنوات عديدة، والجزيرة تحت لعنة الساحرة سيكوراس، التي قامت بسجن كل الجان الطيبين داخل جذوع الأشجار. ثم ماتت الساحرة قبل قدوم بروسبيرو وابنته إلى الجزيرة. رئيس الجان الطيبين هو آريل.
الملك المطرود، بروسبيرو، هو في الواقع ساحر عظيم. كرس وقته كله تقريبا، وقضى سنوات عديدة من عمره في دراسة علوم الكيمياء وفنون السحر وأسراره. بينما كان أخوه، أنطونيو، يقوم بإدارة مملكة ميلانو، ويرعى شئون سكانها.
4
قام بروسبيرو على الفور، باستخدام سحره، لتحرير الجان الطيبة من سجنها داخل جذوع الأشجار. مع مراعاة بقائها وفية له ومطيعة لأوامره، مدة وجوده بالجزيرة.
كان بروسبيرو رؤوفا بالجان، طالما هي رهن إشارته وطوع بنانه، كان استخدامه لسحره معهم، بطريقة حكيمة رحيمة.
وجد بروسبيرو على الجزيرة أيضا المسخ كاليبان. كان على بروسبيرو معاملته بطريقة خشنة. فهو ابن الساحرة الشريرة سيكوراس. كان كاليبان وحشا بشعا مشوه الخلقة، شريرا ذي طباع إجرامية.
كاليبان، الذي قام بروسبيرو بتعليمه الكلام، لا يريد تعلم أي شيء مفيد. لم يكن أمام بروسبيرو سوى استخدامه كخادم أو كعبد يوكل إليه كل الأعمال الشاقة، التي تحتاج قوة بدنية أو أعمال يدوية مرهقة.
رئيس الجان الطيبة، آريل، لم يكن من طبعه فعل الشر إلا عندما كان يقسو على الوحش الشرس كاليبان. عندما كان كاليبان يهمل عمله ويركن للكسل وإضاعة الوقت، كان آريل، الذي لم يكن يُرى إلا لبروسبيرو، يقوم بعقابه، أو يتسبب في وقوعه على الأرض.
كان بروسبيرو يسيطر على كل الجان الخيرة والشريرة في الجزيرة ويجعلها، عن طريق سحره، طوع بنانه. لذلك كان يستطيع التحكم في الأعاصير والأمطار وأمواج البحر
بعد مضي اثنى عشر عاما على الجزيرة، كبرت ميراندا وصارت غادة جميلة رقيقة ذكية. في يوم من الأيام، حدث أن أبحر أنطونيو، الأخ مغتصب السلطة، ومعه صديقه المتآمر ألونسو وابنه وأخوه.
أخو ألونسو اسمه سيباسيان، وابنه اسمه فرديناند. وكان يوجد على ظهر السفينة أيضا اللورد جونزالو، الصديق الوفي للملك المطرود.
شاهد بروسبيرو السفينة وهي تقترب بركابها من جزيرته المسحورة. فأصدر أوامره على الفور إلى الأرواح التي تقوم بخدمته لكي تصنع عاصفة برقية رعدية عاتية، وأمطارا غزيرة، تحيط بالسفينة من كل جانب حتى تغرق كل ركابها.
بينما كانت العاصفة على أشدها تزأر، والرياح تئن وتزمجر، والبرق يلمع ويسطع، والأمواج تعلو وتهبط، والسفينة تكابد الويل وتقاوم الغرق، كان بروسبيرو على الشاطئ يراقب هو وابنته.
عندما علمت ميراندا من أبيها أن السفينة بها ركاب بشر مثلهما، حزنت بشدة وطلبت من أبيها أن يسرع بفعل ما في استطاعته لكي ينقذ ركاب السفينة. أجابها بروسبيرو بأن هذا ما ينوي فعله. ووعدها بإنقاذ كل الركاب.
بعد ذلك، أخبر بروسبيرو ابنته، ولأول مرة، بحكايته من أولها لآخرها وأنه أمر الجان بعمل هذه العاصفة حتى يجعل أنطونيو أخاه المتآمر وألونسو شريكه، يقعان في قبضته وتحت رحمته.
ثم لمس بروسبيرو بعصاه السحرية جبين ابنته فخلدت لنوم عميق. جاء بعد ذلك آريل، رئيس الجان الخيرة وامتثل أمام بروسبيرو لكي يقدم له تقريرا عن سير العاصفة وما قد أحدثته بالسفينة وركابها. الجان، لم تكن تظهر لميراندا، ولم يكن بروسبيرو يحب التحدث معهم أمامها.
6
أخبر آريل بروسبيرو أن فرديناند، ابن ملك نابولي، كان أول من قفزوا إلى البحر، وأن والده ظن أن ابنه قد بلعته الأمواج. لكن الابن في أمان وقد تم إنقاذه. هو الآن يجلس حزينا باكيا في ركن من الجزيرة. يندب حظه وموت أبيه، الذي ظن أنه قد مات غرقا.
“لكن، أين أخي أنطونيو وألونسو ملك نابولي؟” سأل بروسبيرو الروح آريل.
“لقد تركتهما يبحثان في الماء عن فيرديناند”، أجاب آريل. “لم يغرق أحد من ركاب السفينة؛ السفينة بكاملها سليمة ترسو على الشاطئ”.
“أحسنت أداءً يا آريل، لكن سأطلب منك المزيد من الجهد” قال بروسبيرو. “الآن آتنا بالأمير الشاب فرديناند هنا، ابنتي يجب أن تراه.”
“المزيد من العمل يا سيدي؟” تعجب آريل. “دعني أذكرك، بأنك قد وعدتني بالحرية”.
“لم أنس ذلك، يا آريل” أجاب بروسبيرو. “وأنت أيضا لا يجب أن تنسى أنني قد حررتك من لعنة الساحرة الشريرة سيكوراس عندما سجنتك داخل جذع شجرة صنوبر”.
“عفوا سيدي الفاضل” أجاب آريل. “أخشى أن أكون قد أبديت عدم امتناني لك وأظهرت عدم عرفاني بجميلك. لا أبغي سوى رضاك عني، وستجدني دائما في خدمتك.
بعد أن تنجز ما قد أمرتك به. قال بروسبيرو. سأقوم أنا بدوري بإعطائك حريتك على الفور.
طار آريل وهو متقمص شخصية حورية ماء إلى المكان الذي يوجد به فرديناند. أخذ يحوم حوله ويغني له، وهو لا يراه ولكن يسمعه:
“أبوك يا فرديناند قد مات، وهو غريق طواه بحر خضمٌ نائي الشطوط عميق والبحر منذ قديم إلى الهلاك طريق.”
“أبوك يا فرديناند قد مات، وهو غريق ونام نوماً عميقاً فما تراه يفيق عظامه مرجان، وكل عين عقيق”.
“أبوك يا فرديناند قد مات، وهو غريق هوى إلى القاع لما طواه بحر سحيق فاحزن، فأنت عليه بكل حزن خليق”.
حزن فرديناند وقلقه على مصير والده، وخوفه من أن يظل وحيدا على جزيرة مهجورة، جعله يقف ويتبع الصوت الذي يغني أغنية حزينة بصوت جميل، إلى أن وجد نفسه أمام بروسبيرو وابنته ميراندا وهما يجلسان في ظل شجرة كبيرة وارفة الظلال.
8
كل شيء تم على أكمل وجه، وفقا لرغبة وتفكير وتخطيط بروسبيرو المسبق. ميراندا، التي لم يسبق لها أن رأت إنسانا غير والدها من قبل، نظرت إلى الأمير الشاب بإعجاب وحب ملأ شغاف قلبها.
فرديناند، عند رؤيته للجميلة ميراندا في هذا المكان النائي عن العمران، وبعد سماعه لأغنية حب رقيقة تصدح في الفضاء، ظن أنه في الجنة وميراندا إحدى حورياتها.
بروسبيرو، الذي يملأ السرور شغاف قلبه لأن الأمور سارت كما يريد، تظاهر بالغضب وهو يصرخ سائلا فرديناند بصوت مرتفع: “هل أنت جاسوس أتى إلى هنا لكي يجمع معلومات عن الجزيرة وسكانها؟”
ثم زمجر بروسبيرو قائلا: “سوف أضع في يديك ورجليك الأصفاد، وأربط رقبتك بسلسلة حديدية طولها ذراع إلى حائط السجن. وأجعلك تشرب ماء البحر وتأكل قواقع البرك وجذور النباتات. اتبعني”.
“لا، لا” صرخ فرديناند مرعوبا. “هذا لا يمكن” ثم سحب سيفه من غمده وتأهل للدفاع عن نفسه. هنا لوح بروسبيرو بعصاه السحرية نحو فرديناند، فتجمد في مكانه لا يستطيع الحركة كالتمثال.
كانت ميراندا تشاهد ذلك وهي مرعوبة. أخذت ترجو والدها وتطلب منه الرحمة بالأمير الشاب. لكن بروسبيرو كان يرفض، وجعل فيرديناند يتبعه إلى السجن. فرديناند في هذا الوضع، لا يملك سوى الطاعة العمياء.
حاولت ميراندا مساعدة فرديناند، لكنه رفض. ومع هذا، لم يستطع إخفاء حبه لها. سرت ميراندا أيما سرور عندما باح لها الأمير الأسير بحبه. وأخبرته أنها تبادله الحب، ثم وعدته بأن تكون زوجته.
عندما علم بروسبيرو بالحب المتبادل بين ابنته ميراندا وفرديناند، قام بإطلاق سراح فرديناند من الأسر، وبارك عزمهما على الزواج وهو في غاية السرور، فهذا ما كان يبغيه ويريده.
في هذه الأثناء، كان أنطونيو وسيباستيان في جزء آخر من الجزيرة يتآمران لقتل ألونسو ملك نابولي. كانا يعتقدان أن فرديناند ابنه قد لقى حتفه غرقا، وبذلك يمكن أن يعتلى سيباستيان كرسي العرش بعد قتل أخيه الملك.
كانت خطتهم الشريرة، قتل الملك ألونسو أثناء نومه، ولكن الجني آريل قام بإيقاظه وإنقاذه في الوقت المناسب. لقد كان آريل يقظا لمثل هذه المؤامرات الشريرة.
وضع آريل أمامهما مأدبة غذاء فاخرة، وعندما هما لتناول الطعام، ظهر الجني آريل أمامها فجأة، في صورة خفاش ضخم متوحش شرس فاردا جناحيه. وفي نفس اللحظة، اختفت الوليمة من أمامهما.
عندما بدأ الوحش في مخاطبتهما، أصابتهما دهشة بالغة. أخبرهما آريل وهو في صورة الوحش، أنه يعلم نواياهما الخبيثة ويعرف ما قد اقترفاه في حق بروسبيرو، وكيف انتزعاه من ملكه وطرداه من بلده هو وابنته الصغيرة وتركاه في قارب صغير بدون شراع أو مجداف، وسط الأمواج العاتية لكي يواجه مصيره ويلقى حتفه هو وابنته. لهذا، وهذا يكفي، سوف يعاقبان بقسوة.
10
ندم ملك نابولي وأنطونيو أشد الندم على ما قد اقترفاه في حق الملك الطيب بروسبيرو وما فعلاه به وبابنته. وأبلغ آريل بروسبيرو أن ندمهما وتوبتهما كانت جادة وحقيقية. “إذن، دعهما يا آريل، يأتيان إلى هنا” قال بروسبيرو.
عاد آريل ومعه الملك ألونسو، أخوه سيباسيان، أنطونيو واللورد جونزالو. كانوا يتبعون صوت الموسيقى الغامضة التي قادتهم إلى هذا المكان. لم يتعرف أحد منهم في البداية على بروسبيرو فيما عدا جونزالو.
أنطونيو، بالدموع والبكاء، أبدى أسفه وندمه وتوبته، طالبا من أخيه بروسبيرو الصفح والغفران. الملك ألونسو، أبدى ندمه الشديد للاشتراك في هذه المؤامرة الدنيئة. قام بروسبيرو بكل نبل وخلق الملوك، بالصفح عنهم جميعا.
بعد أن وعد المتآمرون بإعادته لكرسي عرش مملكته، قال بروسبيرو لملك نابولي: “لدي هدية عظيمة لك” ثم رفع بروسبيرو الستار لكي يرى خلفها ابنه فرديناند وميراندا وهما يلعبان الشطرنج. ألونسو وابنه كادا يطيران من الفرح، عند رؤية كل منهما الآخر سليما معافى بعد أن نجيا من الغرق.
ذهل ألونسو، ملك نابولي، من جمال ورقة ميراندا. “من تكون هذه الغادة الجميلة؟” تساءل ألونسو. “لا بد أن تكون إلهة الجمال والحب التي جمعتنا سويا.”
“لا، يا مولاي” أجاب فرديناند. “لقد ظننتها أنا أيضا كذلك، عندما رأيتها أول مرة. هي إنسية، ابنة بروسبيرو ملك ميلانو الحقيقي. كنت أسمع الكثير عنه، لكنني لم أره إلا الآن. لقد وهبت لي الحياة مرة أخرى بفضله. وأصبح بمثابة أب ثان لي، عندما وافق على زواجي من ابنته العزيزة.”
“إذن من واجبي أن أعتذر لها أيضا”، قال الملك. “لا داعي لكل هذا”، أجاب بروسبيرو. “ما قد فات قد فات. انسوا أحزان الماضي، وخصوصا عندما تنتهي بنهاية سعيدة.” ثم احتضن أخاه وأكد له عفوه وغفرانه.
أخبر بروسبيرو الملك ورفاقه أن سفينتهم ترسو على الشاطئ سليمة من كل عيب، وأن بحارتها بخير لم يغرق منهم أحد. وبين لهم عزمه على أن يبحر معهم هو وابنته عائدين إلى مملكته في صباح اليوم التالي.
“أما الآن”، قال بروسبيرو، “دعونا نبتهج بهذه المناسبة السعيدة كما يحلو لكم. عندما يأتي المساء، سأقوم بتسليتكم وأحكي لكم قصتي منذ أول يوم وضعت قدمي، أنا وابنتي، على أرض هذه الجزيرة المهجورة.”
ثم نادى بروسبيرو الجني كاليبان لكي يعد لهم الطعام ويرتب مكانا في الكهف لنومهم. وكان الجميع في دهشة بالغة لمنظر كاليبان الوحشي غير المألوف.
في اليوم التالي، فردت السفينة شراعها وأبحرت بركابها متوجهة إلى نابولي، حيث يتم زواج فرديناند من ميراندا. الجني الخيّر آريل، أعطاهم رحلة هادئة بدون عواصف أو أمواج صاخبة.
بعد غياب طويل، عاد بروسبيرو إلى مملكته واعتلى كرسي عرشه. استقبلته الرعية بما يليق به من حفاوة وحب وترحاب.
توقف بروسبيرو عن ممارسة السحر. أمضى باقي سنوات عمره سعيدا، لا لأنه عاد أخيرا إلى مملكته، ولكن لأنه عندما وقع أعداؤه بين يديه وأصبحوا تحت رحمته، لم يقم بالانتقام منهم. إنما صفح عنهم بنبل وكرم بالغين.
بالنسبة لآريل، قام بروسبيرو بإطلاق سراحه وإعطائة حريته لكي يطير ويغني كما يحلو له.
12
Published: Mar 13, 2017
Latest Revision: Mar 13, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-267719
Copyright © 2017