قَرَّرَتْ أَعْضَاءُ الحَوَاسِّ الخَمْسِ فِي الإِنْسَانِ : العَيْنُ و الأُذُنُ و اللِّسَانُ و الأَنْفُ و الجِلْدُ ، أَنْ تَخْتَارَ رَئِيْسًا لَهَا يُسَيِّرُ أُمُورَها ، قَالَتِ العَيْنُ :
أَنَا أَهَمُّ عُضْوٍ عِنْدَ الإِنْسَانِ ، أُرِيْهِ كُلَّ مَا حَوْلَهُ ، فَإِذَا رَأَى خَطَرًا ابْتَعَدَ عَنْهُ .
قَالَ اللِّسَانُ : بَلْ أَنَا أَهَمُّ عُضْوٍ ، فَمِنْ دُونِي لا يَسْتَطِيعُ الإِنْسَانُ أَنْ يَقُولَ مَا يُرِيدُ بِوُضُوحٍ .
قَالَتِ الأُذُنُ : بَلْ أَنَا أَهَمُّ عُضْوٍ، و دَلِيلِي أَنَّ الإِنْسَانَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَفَاهَمَ مَعَ الآخَرِينَ و يَتَحَدَّثَ مَعَهُمْ مِنْ دُونِ نَظَرٍ ، و لا يُمْكِنُهُ التَّفَاهُمُ و التَّوَاصُلُ مَعَ مَنْ حَوْلَهُ مِن دُونِ سَمْعٍ .
قَالَتِ الأَعْضَاءُ مُتَعَجِّبَةً : و هَلْ يَتَكَلَّمُ الإِنْسَانُ مِنْ أُذُنَيْهِ ؟!
قَالَتِ الأُذُنُ : لا، و لَكِنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْمَعْ بِأُذُنَيْهِ فَلَنْ يَتَكَلَّمَ أَبَدًا .
قَالَ اللِّسَانُ : كَلامُكِ صَحِيحٌ أَيَّتُها الأُذُنُ .
قَالَ الأَنْفُ : وهَلْ نَسِيتُمْ فَائِدَتِي فِي حَيَاةِ الإِنْسَانِ ؟ فَأَنَا الذِي أَشَمُّ الرَّوَائِحَ الجَمِيلَةَ لِيَسْعَدَ بِهَا ، و أَشَمُّ الرَّوَائِحَ الكَرِيهَةَ لِيَبْتَعِدَ عَنْها ، و أُشْعِرُهُ بِالغَازِ و غَيْرِهِ ، فَيُسَارِعُ إِلَى إِزَالَةِ الخَطَرِ .
قَالَ الجِلْدُ : أَمَّا أَنَا فَأُسَاعِدُ الإِنْسَانَ عَلَى التَّلاؤُمِ مَعَ الجَوِّ المُحِيطِ بِهِ ؛ البَارِدِ و الحَارِّ ، و أَمْنَعُ دُخُولَ الجَراثِيمِ إِلَى جِسْمِهِ .
قَالَتِ الأُذُنُ : نَحْنُ – أَيُّهَا الإِخْوَةُ – بَعْضُنا يُكْمِلُ بَعْضًا ، و لا يَسْتَغْنِي الإِنْسَانُ بِأَحَدِنَا عَنِ الآخَرِ.
قَالَتِ العَيْنُ : كَلامُكِ صَحِيحٌ أَيَّتُهَا الأُذُنُ الغَالِيَةُ ، و لَكِنْ نُرِيدُ رَئِيسًا لَنَا ، فَمَاذا تَقْتَرِحِينَ ؟
قَالَتِ الأُذُنُ : تَكْتُبُ كُلُّ حَاسَّةٍ مِنَّا رَغْبَتَها فِي وَرَقَةٍ صَغِيرْةٍ ، ثُمَّ نَبْحَثُ المَوْضُوعَ .
قَالَ الأَعْضَاءُ : مُوَافِقُونَ
و عِنْدَمَا أَنْهَتِ الأَعْضَاءُ كِتَابَتَها ، طَلَبَتْ مِنَ اللِّسَانِ أَنْ يُعْلِنَ النَّتِيجَةَ . و بَعْدَ لَحَظَاتٍ قَالَ اللِّسَانُ :
– لَقَدِ اخْتَارَتِ الأَعْضَاءُ بِالإِجْمَاعِ ( الأُذُنَ ) لِتَكُونَ رَئِيسَةَ الحَوَاسِّ الخَمْسِ ، و نَرْجُو لَهَا التَّوْفِيقَ فِي عَمَلِهَا .
فَرِحَتِ الأَعْضَاءُ بِهَذا الرَّأْيِ ، وعَادَتْ إِلَى عَمَلِهَا فِي خِدْمَةِ الإِنْسَانِ بِبَهْجَةٍ و نَشَاطٍ …
Published: Feb 12, 2017
Latest Revision: Feb 12, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-245391
Copyright © 2017