by rima omari
Copyright © 2017
البَتْراءُ
الـمَدينةُ الـوَرْدِيـَّــةُ
هل شاهدْتَ مدينةً بِلَوْن الوردِ مَنْحوتةً بالصَّخْر؟
اذا لم تَكُن شاهدْتِ مِثْلَ هذه الـمدينةِ، فما عليك إلاّ أن تُشارِكَ في رحلةٍ إلى مدينةِ البَتْراء.
إنَّـها مدينةٌ رائعةٌ لا تكادُ تَـجـِد لها مثيلًا في العالم. تَـحْتَضِنُها الـجبالُ الشّامخةُ، وتقعُ على بُعد ثلاثـمئةٍ وخـمسةَ عشرَ كيلومترًا جنوبُ العاصمةِ الأُردنيّةِ عمّان. وهي تُعتبرُ اليومَ منْ عجائبِ الدّنيا.
يصلُ الزّائرُ أولًا إلى مدخلِ المدينةِ الّذي هو بدايةٌ لشقٍّ صخريٍّ يملأُ النّفسَ دهشةً وإعجابًا، ترتفعُ على جانبيه جُدرانٌ صخريّةٌ ذاتُ ألوانٍ بديعةٍ، يتراوحُ ارتفاعُها بين ستّينَ إلى مئةِ متر.
وأوّلُ ما يُطالعُ الزّائرَ الخزنةُ الورديّةُ، وهي أجملُ آثارِ البَتْراء. وبعدَ ذلكَ يَفتحُ الوادي ذراعَيْهِ كأنّهُ يُرحِّبُ بالزّائرينَ، حيثُ يبلُغُ عرضُهُ نحوَ ألفِ مترٍ ـ ويـمتَدُّ ليصِلَ طولُهُ أكثَرَ من كيلومترٍ ونصف.
على مُنحدراتِ هذا الوادي كانت تَقومُ مدينةُ البَتْراءِ القديـمةِ، بـِهياكِلِها وقصورِها وحـَمـّاماتِها ومُدرَّجِها ومنازِلِ سُكّانِـها وشارِعِها الـمُعَبَّدِ الّذي يسيرُ معَ مَـجرى الجدول.
كانتِ البَتْراءُ عاصِمةَ الأنباطِ العربِ الّذين اشتغلوا بالتِّجارةِ. وكوَّنوا دولةً واسعةً وصلتْ إلى حُدودِ منطقةِ دِمَشق. وتُشيرُ الدَّلائِلُ إلى أنـها كنت مَأْهولةً مُنذُ القرن الخامسِ قبلَ الميلاد، وظلَّت مَأْهولةً حتّى القرن الخامسِ بعدَ الميلاد. وقد اكتُشفت فيها آثارٌ تَعودُ إلى عُهودٍ مُتفاوتةٍ في القِدَمِ. وهي اليومَ مِنْ أعظمِ الـمَعالمِ السِّياحيّةِ في الأُردُنّ.
تتفرَّعُ مِنَ الـموقعِ الّذي كانت تقومُ عليهِ الـمدينةُ عِدّةُ أوديةٍ، يستطيعُ الزّائرُ أن يَقْضيَ في شِعابِـها الـضَّيِّقةِ أوقاتًا مُـمْتِعَةً، حيثُ تَنْتَشِرُ على جوانبِ هذه الأوْديةِ الـمتاجرُ والـمَخازنُ والأضْرِحةُ مِن مُـختلِفِ الأشْكال. وفي الشَّارعِ الرَّئيسيِّ داخِلَ مدينةِ الـبَتْراء ِيَتمتَّعُ الزّائرُ بـِمـُشاهدةِ الأعمدةِ الكثيرةِ والرَّصيف الـمُتْقن. ومِنْ أهمِّ آثارِ الـبَتْراءِ بالإضافةِ إلى ما ذُكِر: الهيكلُ الّذي يُرَجَّحُ أنَّهُ أُنشِئَ لِدَفنِ أحَدِ مُلوكِ الأنباطِ، وقد نُحِتَ في الـصَّخْرِ الأصَم؛ والـمكانُ الـمُقدَّسُ الّذي كانَ الأنباطُ يُقَدِّمونَ فيه الـذَّبائِحَ لِآلـهَتِهِم؛ والـمحكمة؛ والـمُدرَّجُ الـمَنحوتُ في الصّخْر؛ وقَوْسُ الـنَّصْر؛ والدَّيْر.
إنَّ القلمَ لا يستطيعُ أنْ يَفِيَ هذه الـمدينةَ الـنَّبَطِيّةَ حقَّها مِنَ الوَصفِ، ولا يستطيعُ الـمَرْءُ أنْ يتصوَّرَ عَظَمةَ هذه المدينةِ ما لم يُشاهِدْها. إنَّـها فريدةٌ في آثارِها ومَوْقِعِها ومَدْخَلِها وطَريقةِ بِنائِها.
Published: Jan 5, 2017
Latest Revision: Jan 5, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-220272
Copyright © 2017