فهم المقروء – للصف الرابع
مدرسة الحديقة – كابول
الكسَلُ لا يُطْعِمُ العسلَ
كان الجميعُ يعيشُ في قَريةٍ صغيرةٍ هادئةٍ بعيدةٍ عن ضَوْضاءِ المدينَةِ الصَّاخِبَةِ،
كلُّ شَخصٍ يَعْملُ بِجِدِّ ونشاطٍ، وكأنَّهُم أسْرَةٌ واحِدةٌ، هذا يُقَلِّمُ الأشجارَ، هذا يَقْطِفُ الثّمارَ،وهذا يحْفُرُ الأرضَ لِيخرِجَ الْماءَ، وَكانتْ أمّ عدنانَ تَطْبُخُ الطّعامَ، لِتُقَدِّمَهُ لَهُم، بِمُساعَدَةِ أهْلِ الْقَرْيَةِ، وفي نِهايَةِ الْمَوْسِمِ كانوا يَقْتَسِمونَ ما كَسَبوهُ مِن رِزْقٍ حَلالٍ فيما بينَهُم.
كانَ هُناكَ مصطفى شابٌّ كَسولٌ ، يَدَّعي المَرَضَ دائِمًا، يَحْملُ الْعَصا في يَدِهِ كَيْ يَتوَكَّأَ عَليْها، وكأنَّهُ عجوزٌ كَبيرٌ في السِّنِّ، حتّى ملابِسُهُ كانَتْ دائِمًا مُتَّسِخَةً ومُمَزَّقَةً، لأنَّهُ لا يَمْلِكُ المالَ لِشِراءِ ملابِسَ جديدَة، وهوَ يأكُلُ مِمّا يأكُلُ شَبابَ الْقَرْيَةِ مِنْ طَعامِ أمِّ عدنانَ، وَيَسْتَلْقي على الأرضِ تحْتَ ظلِّ الشَّجَرَةِ ، يَنْظُرُ إلى الشّبابِ وهُم يعْمَلونَ، ثمّ يَغُطُّ في نَوْمٍ عَميقٍ، حتّى يأتِيَ بالطّعامِ، فَيوقِظَهُ بعْضُ الشُّبّانِ لِيَأْكُلَ.
تَضايَقَ الشَّبابُ مِن تَصَرُّفِ مُصطفى، وقَرَّروا أنْ يُلَقِنوهُ دَرْسًا لنْ يَنساه أبدًا،
اتَّفقَ الشّبابُ معَ أمِّ عدنانَ أنْ تَضَعَ الطَّعامَ خَلْفَ الْمَنزِلِ بَعيدًا عَن مُصطفى، حتّى لا يَشْعُرَ مصطفى بِقُدومِ الطَّعامِ فَيَسْتَيقِظَ.
انْتهى الشَّبابُ مِن تَناوُلِ الطَّعامِ، واسْتَلْقوا قليلاً لِيَرْتاحوا، ومِن ثُمَّ عاوَدوا نَشاطَهُم مِن جَديدٍ.
اسْتَيقَظَ مُصطفى عِندَ الْمَغيبِ، وَنَظرَ حولَهُ، فَرَأى الشَّبابَ يَعْمَلونَ بِجِدِّ ونَشاطٍ،
شَعَرَ مصطفى بالْجوعِ يَقْرُصُ مَعِدَتَهُ، اقْترَبَ مِن أمِّ عدنان، وهُوَ يَتوَكَّأُ على عَصاهُ، وسَألَها عنِ الطَّعامِ.
تَبسََّمتْ أمُّ عدنانَ، وقالَت:
لقد أكلْنا وشَبِعْنا يا مصطفى، وأنْتَ تغطُّ في النَّومِ الْعَميقِ، ولَمْ يبقَ لدَيَّ طَعامٌ.
غضِبَ مصطفى، ولكنَّهُ لم يسْتَطِع أنْ يَقولَ شَيْئًا، لأنَّ شبابَ القَرْيةِ كَثيرًا ما حَدَّثوهُ عن قيمةِ الْعمَلِ، وأنَّ قيمَةِ الإنْسانِ بالْعَمَلِ، وَلَيْسَ بالرَّاحَةِ والاسْتِرْخاءِ.
عادَ مُصطفى إلى مَكانِهِ، واسْتلقى مرَّةً أخرى، ولكنَّهُ لم يَسْتَطِعِ النَّوْمَ، مِن شِدَّة جوعِهِ، بَقِيَ هكَذا حتّى غَلَبَهُ النُّعاسُ فنامَ، وفي الْيومِ الثّاني حَصَلَ مَعَهُ ما حصَلَ في اليَوْمِ السّابقِ، ولمْ يَجِدْ طَعامًا.
غَضِبَ مُصطفى، وجاءَ إلى أمِّ عدنانَ، وطَلَبَ مِنْها الطّعامَ، فقالت له:
ِ، الطَّعامُ فقط لِمَن يَشْتَغِلُ ويَتْعَبُ، ولَيْسَ لِمن يَنامُ ويَرْتاحُ تَحتَ ظِلِّ الشَّجَرَة
أمْسَكَ مُصطفى مَعِدتَهُ، وأخَذَ يَصيحُ مِنَ الألَمِ، ولكنْ دونَ جَدوى، فالطّعامُ قَدْ نَفَدَ.
في الْيومِ الثّالثِ، جاءَ مُصطفى مُبكِرًا، ولَم يَحمِلْ عصاهُ، بَلْ شَمَّرَ عَنْ ساعِدَيْهِ، وَأخَذَ يَعْمَلُ باجْتِهادٍ، نَظَرَ إلَيْهِ الشّبابُ فَطاروا فَرَحًا، وَعِنْدَ الظَّهيرَةِ اقْتَرَبَتْ أمٌّ عَدْنانَ مِنْهُ، وَقالَتْ لهُ:
هيّا يا مصطفى إلى الطَّعامِ، فأنْت تَعِبْتَ اليومَ كثيرًا، وتحتاجُ إلى الطّعامِ يا عزيزي، هيّا.. هيّا.
Published: Dec 2, 2016
Latest Revision: Dec 2, 2016
Ourboox Unique Identifier: OB-203526
Copyright © 2016