الأشجار في اللوحات الفنية

شجرة الزيتون

هي «شجرة النور» كما يسمّيها الفلاحون. بين شجرة الزيتون وأهل فلسطين علاقة تعجز الكلمات عن وصفها، لعلها تعود إلى ذلك التماهي بين الاثنين: هذه الشجرة خير رمز لفلسطين، فهي تتميّز بقدرتها على الصمود في أصعب الظروف. في «فلسطين وشجرة الزيتون ـ تاريخ من الشغف» ، يستعيد الفنان الفلسطيني ناصر السومي (1948) تاريخ هذه الشجرة.

شجرة الزيتون
من لا يعرف شجرة الزيتون? تلك الشجرة ذات الجذع الثخين الملتوي والأوراق الخضراء الضاربة إلى الرمادي؟ شجرة الزيتون هي شجرة منتشرة جدًا في إسرائيل، وهناك الكثير منها في حدائق “رَماتهنَديف”.

عندما تقفون بالقرب من إحدى أشجار الزيتون في المتنزه، يمكنكم أن تتذكروا القصة التالية:

لماذا جذع شجرة الزيتون فارغ؟
في اليوم الذي توفي به الملك سليمان الحكيم، خيَّم جو من الحزن والأسى على العالم بأسره. وقد حزن الناس وحزنت الحيوانات والنباتات حزنًا شديدًا خاصة وأن الملك سليمان كان يجيد لغتها. إلاّ أن أكثرَ مَن شعر بالحزن كانت الأشجار المثمرة، التي تساقطت أوراقها الخضراء حزنـًا عليه. وشجرة الزيتون كانت الشجرة الوحيدة التي لم تتساقط أوراقها، واستمرت أغصانها في النمو والازدهار.

غضبت الأشجار على شجرة الزيتون وقالت لها: “أنت يا ملكة الأشجار، ألا تحزنين على الملك سليمان، الذي يفوق بحكمته جميع بني البشر؟”.

فأجابت شجرة الزيتون: “أنتم أسقطتم أوراقكم كي يرى الجميع حزنكم، لكن بعد فترة قصيرة ستنمو لكم أوراق جديدة وستعودون إلى حياتكم اليومية. أما أنا، فحزني شديد ومتواصل وقلبي مكسور. وإذا نظرتم إلى داخلي، فسترون أن جذعي فارغ من شدة الحزن والأسى، وهكذا سيبقى إلى الأبد.

الفنان بطرس لوسيا

الفنان التشكيل الفلسطيني “بطرس لوسيا”، عزف في فنه على أوتار النقل المباشر عن صور فنية رسمها فنانين عالميين كبار متناسلين من عصر النهضة الإيطالية، ولم يكن في ذلك متكلفاً أو محرجاً بل مُقلداً عرف حدود خياراته الفنية والتقنية، والتزم خط التعبيري على خطى الرسم الديني المتصل بفنون الأيقونة التي كانت مرغوبة ومعروفة جيداً في فلسطين لدى الطوائف الفلسطينية المسيحية واللاتينية على وجه التخصيص.

نسج علاقات تواصل بصري ومصالحة وجدانية دائمة مع مضامين لوحاته التي تستشرف القيم والخلاق والمثل الدينية العليا، وله كنائس الوطن الفلسطيني عشرات اللوحات والتذكارات، ويُعد بحق رسام من أشهر رسامي اللوحة الدينية في الكنيسة اللاتينية بفلسطين.

لوحة على ضفاف البحيرة

هو من مواليد مدينة شفا عمر عام 1915، عاش حياة مديدة بلغت نحو خمسة وثمانين عاماً حافلة بالعمل، حتى وافته المنية عام في نيسان عام 2000. كان أسير طفولة محرومة من الأبوة، ومتنقلة ما بين مدينتي شفا عمر وحيفا. مكنته من اكتشاف ذاته كطفل مُنحاز للرسم والتعبير الفني العاكس لحالة الفقدان. ساعدته مواهبه الفطرية على دراسة الفن من خلال منحة تعليمية داخلية قدمتها له الجالية الألمانية في مدينة حيفا بفترة الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث كانت للاتجاهات المدرسية الأكاديمية الصارمة سطوتها الجبرية ما بين صفوف الدارسين. تفرض عليه أنماطاً محددة من التعبير الفني والرسم والتصوير النمطي، المُقتصرة على رسم مناظر الطبيعة الصامتة من أواني وأزهار وفخاريات وخضار، وترفل برسوم منقولة مباشرة عن الطبيعة الفلسطينية الخلوية للجبال والبحر والمزروعات وحركة العاملين. والتوجه في نهاية المطاف إلى مساحات التعبير الفني من خلال الأيقونات الدينية ذات الأنماط الشرقية المنحازة للكنيسة اللاتينية بفلسطين. صاغها عبر عمليات النسخ والنقل المُبرر عن أيقونات رسمها كبار فناني العالم الأوربي لأغراض دينية بحتة.

عُرف عنه كرسام ومصور لفن الأيقونة الفلسطينية، ولم يخرج عن قانون الحرفة والصنعة المهنية في مكوناتها النمطية التقليدية، المؤسسة على فن النقل والنسخ عن مناظر ومشاهد مرسومة. ظلّ وفياً ومُحافظاً على خطه الفني، المتكأ على الرسم التعبيري الواقعي لصور وحالات متنوعة للسيد المسيح والسيدة العذراء “مريم” البتول، ومشاهدات من يوميات الفلاح الفلسطيني.

كانت عمليات النقل وتقليد الأعمال الفنية ذات الخصوصية الدينية من أكثر السمات التي واكبت مسيرته الفنية، وترك في كنائس الوطن الفلسطيني المحتل لاسيما في مدينة شفا عمر كنيستي “بطرس وبولس”، وسواها من البلدات والمدن بعضاُ من آثاره الجمالية.ونفذ مجموعة من العمال الفنية المنتمية لفنون النحت الجصي والخشبي والحفر، باعتبارها متمات جمالية تستكمل دورة مواهبه وخبراته.