اَلزّرَافَةُ ظَريفَةُ

تَفاجأَتِ الزَّرافاتُ عِنْدَما وُلِدَتْ زَرَافَةٌ غَريبَةٌ، عُنُقُها قَصيرٌ…

بَعْدَ أَيّامٍ عِنْدما ذَهَبَتِ الزَّرافَةُ قَصيرةُ الْعنقِ “ظَريفَة” لِتَلْعَبَ مَعَ أَوْلاد الزَّرافاتِ رَفَضوا اللَّعِبَ مَعَها.  ثُمَّ ذَهَبَتْ لِتَأكلَ بَعْضَ أوْراقِ الأشجارِ، لكنّها لمْ تَسْتطِع الوصولَ إليها بِسببِ عُنُقِها القَصيرِ. ضَحِكَتْ عَلَيْها الزَّرافاتُ فَشَعَرتْ بِحُزْنٍ شَديدٍ.

ِوعِنْدَما طَلَبَتْ “ظَريفَة” الانضمامَ إِلى الزَّرافاتِ الكَبيرات للبَحتِ عَنِ الطّعامِ، قالتْ لَها الزَّعيمةُ: أنْتِ لا تسْتَطعينَ الانضِمامَ إِلينا لأنَّ عُنُقَكِ قَصيرٌ. فَذَهَبَتْ ظّريفَة حّزينَةً إلى أبيها، وسألتهُ: لماذا يَهْرُبُ مِنّي الجَميعُ ولا يريدونَ اللَّعب معي؟

فقال لها: إنَّهم لا يريدونَ اللَّعب مَعَكِ لأنَّكِ صغيرَةٌ، لكنَّهُمْ لا يَعْلمونَ أنَّكِ قَدْ تقومينَ ببعضِ الأشياءِ الّتي لا يستطيعُ الآخرونَ عَمَلَها.

ابْتَسَمتْ ظَريفَة مع أنَّها لم تفهم ما يقصدُ والدها.

وفي ذاتَ يومٍ اشْتَدَّ الحرَّ، فشَعَرَ الجَميعُ بالعَطَشِ وبَدَأُوا يَبْحَثونَ لكنَّهمْ لمْ يَجدوا ماءً. حاوَلوا أَكلَ بَعْضِ أَوْراقِ الأشْجارِ، لكنَّها كانَتْ يابِسةً، فَقرَّروا السَّفرَ إلى الوَعرِ المجاوِرِ للبحثِ عَنِ الماءِ والطَّعامِ.

وَقَفَتْ زَعيمةُ الزَّرافاتِ تُفَكِّرُ بحلٍّ. حاوَلَتْ ظريفَة الاقْترابَ مِنْها، فَمَنَعُوها.

قالتْ لها ظّريفَة: أُريدُ أنْ أُرافقكُمْ فرُبَّما أُساعِدُكمْ.

فَسَأَلتها باسْتِغرابٍ: كيفَ تُنْقذيننا وأنتِ أقْصَرُنا؟

حَزِنَتْ “ظَريفَة” مِنَ السُّؤالِ وَكادتْ تَبْكي.

بَعْدَ قَليلٍ… شاهَدُوا مِنْ بَعيدٍ نَبْعًا فيهِ ماءٌ.

سَاروا إلى الماءِ مَسْرورينَ لِيَشْرَبوا مِنْهُ لأنَّهم كانوا تَعِبينَ، وَكادوا يَسْقُطونَ على الأرضِ مِنْ شِدّّةِ العَطَشِ.

لكنّ، كانَ قَبْلَ النَّبْعِ نَفَقٌ ضَيِّقٌ، فَلَمْ يَسْتَطيعوا الدُّخولَ مِنْهُ لأنَّ أعْناقَهُمْ طَويلَةٌ.

اِقْتَرَبَتْ ظَريفَة إلى النَّفقِ وَدَخَلتْ بِسُهُولَةٍ، فَعُنُقُها القَصيرُ لمْ يَمْنَعْها مِنَ الدُّخولِ.

وَعِنْدَما وَصَلَتْ إلى المياهِ شَرِبَتْ مِنْها، تُمَّ مَلَأَتْ دَلْوًا وَعادَتْ بِهِ إلى أصْدِقائِها لِيَشْرَبوا.

سَأَلَتْها الزَّعيمةُ: لماذا أَحْضَرْتِ لَنا الماءَ مَعَ أنَّنا لَمْ نَلْعَبْ مَعَكِ؟

أَجابَتْها ظَريفَة: لَقَدْ أَحْضَرْتُ الماءَ لأَهْلي وَأَصْدِقائي وَأَحبّائي.

اقْتَرَبَ الجَميعُ مِنْ ظَريفَة وَاعْتَذَروا لَها عَنْ تَعامُلِهِمْ مَعَها، وَشَكَروها لِأنَّها أَنْقَذَتْ حَياتَهُمْ، وَبَدَأَ الجَميعُ يَلْعَبونَ مَعًا.