المسالة الشرقية وازاماتها

المسالة الشرقية

مفهوم المسالة الشرقية ألمسأله الشرقيه- ظهرت خلال القرن التاسع عشر نتيجة لضعف الدوله العثمانيه وانهيارها , وسميت الدولة العثمانية في هذه الفترة بالرجل المريض , وكان للمسالة الشرقية مفهومين:

المفهوم الاول : كانت الدولة العثمانية قويه وتهدد الدول الاوروبية ,وتنافست الدول الاوروبيه فيما بينها لحماية مصالحها والوقوف في وجه الزحف العثماني .

المفهوم الثاني: عندما اصبحت الدولة العثمانية ضعيفة حيث قررت الدول الاوروبية تقسيم املاك الدولة العثمانية .ونشبت بين الدول الاوروبية صراع حول تقسيم الاملاك ما بين مؤيد للتقسيم ومعارض, وهذا ادى الى حدوث مشاكل وصدمات وصراعات وحروبات وموجهات ومناورات بين الدول الاوروبية ضد الدولة العثمانية. وقد اعتبرت المسالة الشرقية مسأله اوروبيه لان الاختلاف بين الدول الاوروبيه حول تقسيم الدوله العثمانيه مما ادى الى خوض هذه الدول حروب فيما بينها

تخللت المسألة الشرقية عدة حروبات عرفت بإسم أزمات المسألة الشرقية

• حملة نابليون بونابارت على مصر والشرق بين السنوات 1798 وحتى 1801 والمعروفة بإسم الحملة الفرنسية .

• الأزمة اليونانية بين السنوات 1821 وحتى 1929 والمعروفة بإسم حرب التحرير اليونانية.

• أزمة محمد علي باشا بين السنوات 1831 وحتى 1842 والمعروفة أيضا بإسم حملة إبراهيم بن محمد علي باشا على الشام.

• حرب القرم بين روسيا والدولة العثمانية بين السنوات 1853 وحتى 1856 ومؤتمر باريس 1856.

• الحرب الروسية العثمانية بين السنوات 1878 وحتى انعقاد مؤتمر برلين عام 1882.

مواقف الدول الاوروبية من المسالة الشرقية :

بريطانيا: كان موقف بريطانيا من المسالة الشرقية والرجل المريض بحيث عملت على حفاظ املاك الدولة العثمانية وعدم تقسيمها , وعملت بريطانيا كل ما بوسعها لصد ومنع التوسع الروسي .اما الاسباب التي جعلت بريطانيا تقف لجانب الدولة العثمانية هي مصالحها التالية : • المحافظة على الطرق التجارية وتامين الموصلات الى الشرق الاقصى والهند. • المحافظة على ميزان القوى في اوروبا. • تعتبر الدولة العثمانية مركز للمواد الخام ,وتعتبر ايضا الاسواق للمنتوجات البريطانية .

فرنسا: كان الموقف الفرنسي من المسالة الشرقية مشابه للموقف البريطاني ايدت فرنسا الحفاظ على وحدة املاك الدولة العثمانية وعدم تقسيم املاكها وعارضت التوسع الروسي. اما الاسباب التي اعطت فرنسا ان تتبنى فكرة عدم تقسيم الدولة العثمانية هي كالتالي : • الخوف من توسع روسيا نحو الشرق وتهديد مصالحها في المنطقة . • مصالح فرنسا التجارية وخاصة في سوريا ولبنان . • الخوف على مصالحها في البحر الاسود . • حصول فرنسا على حق رعاياها المسيح داخل الاراضي العثمانية .

روسيا : كان الموقف الروسي اتجاه الرجل المريض (الدولة العثمانية) موقفا عدائيا فقد اعتبرت روسيا نفسها الوريث الطبيعي والشرعي الوحيد للدولة البيزنطية التي قضت عليها الدولة العثمانية تبنت روسيا مبدا تقسيم املاك الدولة العثمانية لان ذلك يخدم مصالحها واطماعها وهي كالتالي : • السيطرة على مضيقي البسفور والدردنيل والوصول الى المياه الدافئة ( البحر الابيض المتوسط ). • رادت روسيا السيطرة على منطقة البلقان لتأسيس امبراطورية تضم الشعوب السلافية والطوائف الارثوذكسية المسيحية • أطماع روسيا في حماية الأماكن المقدسة والمسيحيين في الدولة العثمانية . فعلى ضوء ذلك كانت روسيا تفتش عن اية ذريعة لاعلان الحرب على الدولة العثمانية لتحقيق مطامعها الا ان الموقف الروسي لاقى معارضة شديدة من قبل بريطانيا التي رات في الموقف الروسي تهديد لمصالحها.

حمله نابليون على مصر : (1798-1802)

كانت ألحمله على مصر من ابرز أحداث المسالة الشرقية ويرى بعض المؤرخين انها بداية فعلية للمسألة الشرقية حيث أظهرت وللمرة الأولى مدى ضعف الدولة العثمانية مما أدت هذه الحملة إلى فتح باب الصراع بين الدول الأوروبية. أهم الأسباب التي أدت للحملة الفرنسية على مصر ما يلي : • أرادت فرنسا ضرب المصالح البريطانية بعد أن فشلت عسكريا في مهاجمة بريطانيا في أوروبا أو في مستعمراتها مثل الهند وشرق افريقيا وغيرها.

• رغبة فرنسا في بناء امبراطورية فرنسية في الشرق وتكون مصر والسويس قاعدتها لتعويض بعض مستعمرتها التي فقدتها في حربها مع دول اوروبا .

• أرادت فرنسا القضاء على اعتداءات حكام مصر من المماليك وتأديبهم لإعتدءاتهم المتكررة على التجار الفرنسيين في البحر المتوسط.

• اعلنت فرنسا انها تريد ان تساعد المصريين ونقلهم الى الحضارة الاوروبية .

• السيطرة على مصر لخصوبة اراضيها , وموقعها الاستراتيجي , وتعتبر مصر ذات اسواق تجارية , وتحتوي على مواد خام .

• أرادت حكومة فرنسا إبعاد نابليون عن فرنسا , والتخلص منه لزيادة شعبيته بعد انتصاراته المتكررة في اوروبا .

سير الحملة

خرجت ألحمله الفرنسية في 19 أيار عام 1798 من ميناء طولون جنوب فرنسا واتجهت شرق مصر وفي طريقها احتلت جزيرة مالطا ,وتابعت الحملة سيرها نحو مصر وصل الأسطول الفرنسي إلى الاسكندريه وتم احتلال المدينة وفي طريقه احتل بلدة دمنهور ورشيد وتابعت ألحمله سيرها نحو القاهرة فاشتبك الفرنسيون مع المماليك في معركة شهيرة عرفت باسم معركة الأهرامات قرب القاهرة والتي انتهت بانتصار الفرنسيون على المماليك , فهكذا سيطر الفرنسيون على مصر . حيث اتجه الاسطول الفرنسي الى ميناء ابو قير واصطدم بالاسطول البريطاني وهناك حدثت معركة قاسية جدا بين الأسطول البريطاني والفرنسي سميت بمعركة ابو قير وهزم الاسطول الفرنسي, هذه بمثابة الضربة القاسية الأولى التي تلقاها نابليون في هذه الحملة حيث أدت إلى قطع الطريق مع الدولة الفرنسية التي لم يتحمس حكامها تقديم المساعدة لنابليون وحملته خوفا من الدخول في حرب مع بريطانيا صاحبة السيطرة المطلقة على البحار .

نتائج الحملة الفرنسية على مصر

نتائج الحملة العسكرية والسياسية : لم تحقق الحملة الفرنسية الأهداف العسكرية والإستراتيجية والتجارية التي قامت من اجلها ولكنها أدت إلى نتائج هامة منها:

• أثارت اهتمام الأوروبيين بمصر وذلك لأنها كشفت عن تاريخ مصر في العصور القديمة.

• بينت الحملة لبريطانيا مدى أهمية مصر كجسر يربط بين الشرق والغرب .

• أدت الحملة إلى إضعاف قوة المماليك في مصر ومهدت الطريق لظهور محمد علي باشا .

النتائج العلمية والثقافية •

التعرف على الحضارة الفرعونية : حيث احضر نابليون معه علماء بحثوا في مصر في مجالات علمية مثل الطب الكيمياء والفلكيين وبعض الفنانيين والرسامين ووضعوا موسوعة علمية عن حضارة مصر الفرعونية .

• حل الرموز الفرعونية ونجحوا في حل رموز حجر الرشيد .

• انشاء المكتبة التي تحتوي على الكتب التي جلبها الفرنسيون من اوروبا.

• انشاء المطبعة التي احضرها الفرنسيون معهم مطبعة بحروف عربية ومطبعة بحروف فرنسية  النتائج الاجتماعية والاقتصادية

• تعرف المصريين على مبادئ الديمقراطية والمساواة الذي نادت بها الثورة الفرنسية.

• قاموا بانشاء مصانع نسيج , ومصانع للورق , ومصنع لصك النقود ماخوذ عن المصنوعات الفرنسية .

حرب القرم

حرب القرم: سميت بهذا الاسم لوقوعها في شبه جزيرة القرم شمال البحر الاسود. نشبت هذه الحرب بين الدولة العثمانية بمساعدة فرنسا وبريطانيا ضد روسيا, تعتبر حرب القرم من اهم ازمات المسالة الشرقية بحيث بلغت المسالة الشرقية ذروتها في حرب القرم بحيث تحول الصراع في هذه الحرب الى صراع اوروبي .

اسباب حرب القرم

• :قيام روسيا باحتلال منطقتي مولدافيا وفلاخيا ( رومانيا اليوم ) وتدمير الاسطول العثماني في البحر الاسود.

• مطامع روسيا في البلقان كانت لروسيا مطامع في منطقة البلقان بحيث ارادت السيطرة على هذه المنطقة لبناء امبراطورية تضم جميع الطوائف المسيحية في البلقان.

• ارادت روسيا السيطرة على مضيقي البسفور والدردنيل للوصول الى المياه الدافئة ( البحر الابيض المتوسط ).

• السبب المباشر الخلاف بين فرنسا وروسيا في حق حماية المسيحيين الارثوذكس في الدولة العثمانية ,واعتبرت روسيا لها الحق في حماية المسيحيين في الامبراطورية العثمانية وبعثت مبعوث للدولة العثمانية لتطلب انها لها الحق في حماية المسيحيين وامتلاك مفاتيح كنيستي المهد والقيامة الا ان الدولة العثمانية رفضت طلب روسيا.

سير حرب القرم

بدات الحرب عام 1853 بعد احتلال روسيا لرومانيا(مولدافيا وفلاخيا) وهكذا اعلنت الامبراطوريه العثمانيه الحرب على روسيا ثم تدخلت بريطانيا وفرنسا لصالح الدوله العثمانيه لحمايتها , فاعلنت روسيا الحرب على بريطانيا وفرنسا , ثم وجهت النمسا انذار الى روسيا بانها ستعلن الحرب عليها اذا لم تنسحب قواتها من مولدفيا وفلاخيا , فاضطرت روسيا ان تسحب قواتها من المنطقتين , ثم انتقلت القوات الروسية الى جزيرة القرم في البحر الاسود ,حيث هاجم الاسطول الفرنسي وتكبد الطرفان خسائر فادحه واشهر هذه المعارك معركة سواستيبول واستطاعت الدول الثلاثة تدمير الاسطول الروسي وفي هذه الاثناء استلم الحكم اسكندرالثاني مكان ابيه ,على اثر ذالك دعت النمسا الى مؤتمر باريس التي حضرته بريطانيا وفرنسا وروسيا والنمسا والدوله العثمانيه أقر هذا المؤتمر ما يلي :

قرارات مؤتمر باريس 1856

• احترام املاك ووحدة الدولة العثمانية.

• انسحاب القوات الروسية من مولدافيا وفلاخيا واعطاء مولدافيا وفلاخيا استقلالا ذاتيا .

• حل المشاكل بين الدولتين بالطرق السلمية .

• المحافظة على حرية الملاحة في نهر الدانوب وكانت روسيا ترى من مصلحتها السيطرة عليه. • فتح المضائق امام السفن التجارية زمن السلم. اغلاق المضائق العثمانية في وجه السفن الحربية لجميع الدول الاوروبية.

• يتعهد السلطان العثماني بتحسين وضع الرعايا المسيحيين في الدولة العثمانية.

نتائج حرب القرم

• توقيع معاهدة باريس عام 1856 بين الدول المشتركة في الحرب وهي فرنسا بريطانيا روسيا النمسا سردينيا والدولة العثمانية .

• اقامة خط همايون للصلاحات الخيرية عام 1856 ويضمن للطوائف المسيحية احترام حصانتها الجسدية وحرية العبادة وحق ادارة ممتلكاتها والمساواة في الحقوق دون أي عائق .

• ادت حرب القرم الى ضعف اقتصادي تاثرت به الدول الاوروبية وكانت الدولة العثمانية اشد تضررا فتدهورت اوضاعها الاقتصادية واصبح عجز مالي .

• نجحت بريطانيا في الحفاظ على ميزان القوى في القارة الاوروبية ومنع تقسيم الدولة العثمانية والوقوف في وجه الاطماع الروسية.

• نجحت فرنسا في ابقاء حقها في حماية المسيحيين في الشرق وامتلاك مفاتيح الاماكن المقدسة.

الحرب الروسيه العثمانيه

1877

لم تنجح روسيا في تحقيق اهدافها من خلال حرب القرم , وجاءت قرارات مؤتمر باريس مخيبا

امالها , وقيدها هذا المؤتمر بعدم التدخل في شؤون الدولة العثمانية , وبدأت روسيا بالتخلص من قيود هذا المؤتمر , وفتحت لها الفرصة بقيام ثورة في البوسنة والهرسك , وهكذا وجدت روسيا نفسها في حرب مع الدولة العثمانية .

اسباب الحرب الروسية العثمانية

• عدم موافقة روسيا على بنود معاهدة باريس عام 1856 لانها حرمتها من السيطرة على مضيقي البسفور والدردنيل.

• شدة ظلم العثمانيين في البلقان وفرضهم الضرائب الباهظه في البوسنه والهرسك والجبل الاسود وبلغاريا الامر الذي اثار السكان المحليين في هذه الاقاليم فنشبت ثوره عام 1875 ضد الدوله العثمانيه فقامت الدوله العثمانيه باخماد الثوره بقسوه مرتكبه مذابح فظيعه ضد السكان المحليين.

• استغلال روسيا للراي العام الاوروبي المعادي للعثمانيين وعلى اثر ذلك اعلنت الحرب على الدوله العثمانيه.

• السبب المباشر للحرب : رفض السلطان عبد الحميد ومجلس المبعوثان ما اتفق عليه مندبوا الدول الاوروبية على التعديل التي اقترحته في مؤتمر اسطنبول ويمنح الارض للجبل الاسود وتحقيق اصلاحات في البلقان والبوسنة .

سير الحرب الروسية العثمانية

بدات الثورة في البلقان ثورة الفلاحيين المسيحيين في البوسنة والهرسك وبتاييد من اهالي الجبل الاسود وهدفت الى تحسين الاوضاع الاقتصادية وشملت هذه الثورات مذابح ومجازر تكبدها الطرفين حيث قدمت الدول الاوروبية اقتراح التعديل في مؤتمر باريس الا ان السلطان العثماني ومجلس المبعوثان رفضا هذا الاقتراح فاتخذت روسيا هذ الرفض كوسيلة لتعلن الحرب على الدولة العثمانية وصلت الثورة نهر الدانوب وكسح الجيش الروسي الجيش العثماني وانتصر على العثمانيين فوقف السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عاجز أمام التقدم الروسي فاجبر على توقيع على معاهدة سان ستيفانو في آذار 1878 وقد نص على ما يلي:

• حصول رومانيا وصربيا والجبل الاسود على استقلالها عن الدولة العثمانية.

• تفتح المضائق العثمانيه في وجه الاسطول الروسي طيلة ايام السنة.

• انشاء دوله بلغاريه المستقله ذاتيا والتابعه اسميا للدوله العثمانيه. • سيطرت روسيا على شواطئ البحر الاسود ومعظم مناطق ارمينيا الشرقيه.

هكذا خسرت الدوله العثمانيه معظم املاكها في اوروبا الا ان الدول الاوروبيه الكبرى تدخلت عندما رات ان قررات سان ستيفانو مما قد يزيد من النفوذ الروسي في البلقان وبالتالي الاختلال بالتوازن الدولي في اوروبا . فتم عقد مؤتمر دولي باشتراك الدول الاوروبيه الكبرى عرف باسم مؤتمر برلين عام 1878 لقد شاركت في هذا المؤتمر كل من روسيا وفرنسا وايطاليا والنمسا والمانيا وبريطانيا.والهدف منه بحث قرارات صلح سان ستيفانو وعمدت هذه الدول على تجريد روسيا من أمتيازاتها التي حصلت عليها بموجب صلح سان استيفانو .

نتائج الحرب الروسيه العثمانيه

• عقد مؤتمر برلين عام 1878 وبه خسرت الدوله العثمانيه معظم املاكها في البلقان .

• تغيير سياسة بريطانيا وفرنسا بالحفاظ على سلامة الدولة العثمانة وعلى مبدا توازن القوى في اوروبا .

• نجحت بريطانيا وفرنسا بمنع روسيا من تحقيق اطماعها في الدوله العثمانيه. وتجريد روسيا من أمتيازاتها التي حصلت عليها.

• اصبح واضح للدول الاوروبيه ان مساله انهيار وزوال الرجل المريض هي مساله وقت لان الدوله العثمانيه فقدت هيبتها على الساحه الدولية.