ما هو الـ mRNA؟
الـ RNA الرّسول أو المرسال، أو messenger RNA, هو جزيء يحوي تعليمات لإنتاج البروتين. يحوي الـ DNA في نواة خلايا الإنسان تعليمات لإنتاج كلّ البروتينات في الجسم. الـ mRNA هو نسخة عن مقطع الـ DNA -الجين- الّذي يحوي معلومات لإنتاج بروتين معيّن. من ناحية كيميائيّة، تتشابه جزيئات ال DNA و RNA كثيرًا: كلاهما عبارة عن سلسلة طويلة مكوّنة من أربع وحدات بناء تدعى القواعد النّيتروجينيّة أو النوكليوتيدات المرتبطة بجزيء السّكّر.
2
يتكوّن جزيء الـ DNA من النوكليوتيدات أدينين، ثايمين، سيتوزين وغوانين (الّتي يشار إليها بالأحرف:(A،T،C،G)، بينما يُستبدل في جزيء ال RNA النوكليوتيد ثايمين بالأوريدين (U). فرق آخر بينهما هو في جزيء السّكّر، الّذي يحتوي على ذرّة أكسجين واحدة أقلّ في ال DNA مقارنةً بال RNA. هذا الفرق يُكسِب جزيء ال DNA استقرارًا (ثباتًا) أكبر من الـ RNA في الظّروف البيئيّة المختلفة. فرق ثالث هو أنّ ال DNA يتكوّن من سلسلتين طويلتين تلتفّان الواحدة حول الأخرى على هيئة اللّولب المزدوج المعروف، أمّا مبنى الـ RNA فهو ليس كذلك. هناك عدّة أنواع للـ RNA، والـ RNA) mRNA الرّسول) هو واحدٌ منها.
3
يتمّ إنتاج الـ mRNA عادةً في نواة الخليّة من الـ DNA، خارجًا منها إلى السيتوبلازم، حيثما تتمّ ترجمته إلى بروتين بواسطة عضيّة تسمّى بالرّيبوزوم. ينتج من كلّ جزيء RNA عشرات أو مئات النُّسخ من نفس البروتين. عند انتهاء عمل البروتين في الخليّة – وفقًا لحاجات الخليّة لهذا البروتين تحديدًا – تقوم آليّات مختلفة في الخليّة بتحليل الـ mRNA.
4
تقوم الفيروسات، أيضًا، بإنتاج mRNA الّذي يُترجم إلى بروتينات فيروسيّة. تغزو الفيروسات الخلايا من الخارج، وتلزمها على إنتاج البروتينات وفقًا لل mRNA النّاتج عن المادّة الوراثيّة للفيروس. في بعض الأحيان يتمّ إنتاج الـ mRNA في نواة الخليّة، وهذا ما يحدث مع فيروس الإنفلونزا، وفي أحيان أخرى في السيتوبلازم كما هو الحال مع فيروس الكورونا.
5
ما هي لقاحات الـ mRNA ؟
تعتمد اللّقاحات الـ “تقليديّة” على حقن فيروسات مضعّفة أو غير نشطة (معطّلة) للإنسان لتحفيز الاستجابة المناعيّة ضدّها. . في اللّقاح المعتمِد على الـ mRNA لا توجد حاجة لحقن الفيروسات أو بروتينات الفيروس وإنّما يتمّ حقن ال mRNA الّذي يُشفَّر إلى بروتينات فيروسيّة. يدخل ال mRNA إلى الخلايا وهي بدورها تقوم بإنتاج البروتين بكميّات كبيرة، وعرضه/ تقديمه لخلايا جهاز المناعة لإثارة ردّ فعل مناعيّ. لقد شُقّت الطّريق نحو اللّقاحات المتعمِدة على الـ RNA بقيادة الباحثة كاتلين كاريكو (Karikó) وشريكها دارو وايزمان (Weissman). أُعلن سنة 1990 أنّه يمكن حقن mRNA للفئران لتقوم خلاياها بإنتاج البروتين المشفّر عن الـ RNA. يتحلّل ال mRNA بطبيعته بشكل سريع في الجسم، ويحفّز آليّات الدّفاع في الخليّة على العمل الّتي قد تؤدّي إلى التهاب موضعيّ- وليس إلى استجابة مناعيّة ضدّ البروتين المستهدَف. عام 2005، وفي أبحاث لاحقة، وجد كريكو ووايزمان أنّه إذا تمّ إنتاج جزيء RNA مع تعديلات كيميائيّة معينّة، لن تؤدّي الآليات الخلويّة إلى التهاب، سيبقى الـ RNA مستقرًّا لوقت أطول ويتمّ إنتاج البروتين المطلوب بكمّيّة كافية لتحفيز الاستجابة المناعيّة. في الوقت نفسه، أيضًا، أظهر الباحثون الّذين حاولوا علاج الفئران بجزيئات RNA قصيرة ضدّ التهاب الكبد الفيروسيّ من نوع B، في دراسة نُشرت عام 2005، أنّه يمكن تغليف جزيئات ال RNA بفقاعات دهنيّة تسهّل عمليّة دخول الـ RNA إلى الخلايا، وقد تمّت ملاءمة هذه الطّريقة لاحقًا مع الـ mRNA.
6
ما علاقته بالكورونا؟
يحتوي اللّقاحان ضدّ وباء الـ COVID-19 (من تطوير شركتي Pfizer و Moderna) على mRNA معدّل كيميائيًّا ومغلَّف بفقاعات دهنيّة تساعده على دخول الخلايا. يُشفَّر هذا ال mRNA إلى بروتين ال Spike لفيروس SARS-CoV-2. يرتبط هذا البروتين – الموجود على غلاف الفيروس – بمستقبلات على خلايا الإنسان ليمكّن الفيروس من غزو الخليّة. يمكّن هذا البروتين، أيضًا، من دمج غشاء الخليّة مع غشاء الفيروس، إلّا أنّه قادر، أيضًا، على دمج أغشية خلايا مجاورة. قامت كلتا الشّركتين بإدخال طفرة للـ RNA لتزيد من استقرار البروتين وتمنعه من دمج أغشية الخلايا معًا، لأنّ هذا الدّمج من شأنه أن يؤدّي إلى موت الخلايا قبل تحفيز جهاز المناعة ضدّ البروتين الفيروسيّ وحدوث التهاب.
7
قامت شركة Pfizer، أيضًا، بإجراء تجارب على mRNA آخر، الّذي يُترجم (يُشفَّر) إلى جزء من بروتين ال Spike (الجزء الّذي يرتبط بالمستقبلات على الخلايا)، ولكنّه أدّى إلى أعراض مرافقة أكثر خطورة من اللّقاح المعتمِد على البروتين بأكمله، ولذلك تقرّر عدم الاستمرار بتطوير صيغة هذا اللّقاح.
8
11
Published: Feb 6, 2021
Latest Revision: Mar 18, 2021
Ourboox Unique Identifier: OB-1034912
Copyright © 2021